• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

آفاق جديدة تكشف عنها تجربة البنوك الإسلامية

آفاق جديدة تكشف عنها تجربة البنوك الإسلامية
أ. عبد الرحيم محمود حمدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2016 ميلادي - 12/4/1437 هجري

الزيارات: 5642

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آفاق جديدة تكشف عنها تجربة البنوك الإسلامية


تحدثنا حتى الآن عن تجربة البنوك الإسلامية باعتبارها نموذجًا اقتصاديًّا جديدًا أثبت فعالية ونجاحًا، وأخذ ينتشر في هذا الإطار، وبمقياس النجاح التسويقي للسلع أو الخدمات الجديدة يمكن للتجربة أن تتوقف عند هذا الحد، وتشرع في استثمار أرباحها، وتوسيع قاعدتها مثلها مثل أي سلعة أو ميكانزم جديد للتعامل.

 

ولكن الممارسة العملية لتجربة البنوك الإسلامية - كما كشفت عنها تجربة بنك فيصل الإسلامي - بدأت تلفت النظر بشدة إلى ميزات جديدة تتمتع بها التجربة سواء باعتبارها "ميكانزم" للعمل، أو باعتبارها دالة على أفكار اقتصادية ذات محتوى معين هو المحتوى الإسلامي.

 

وتبشر الممارسة بأن تطوير هذه الميزات في إطار فكري وعملي موحد، قد تفتح آفاقًا لإمكانيات حلول فكرية وعملية لبعض أهم المشكلات الاقتصادية الحالية التي أفرزها عجز النموذجين الليبرالي الرأسمالي والاشتراكي.

 

وستتعرض فيما يلي بإيجاز ما كشفت عنه التجربة في مختلف المجالات.

 

في مجال السياسة التمويلية:

ألزم بنك فيصل الإسلامي نفسه بأن تكون نسبة الأرباح التي يقتطعها لنفسه - بالاتفاق المسبق طبعًا - من حصص الربح العام المتحقق عن مشاركاته في حدود الأرباح القانونية التي تحددها الدولة - (يطبق السودان نظام الأرباح القانونية للسلع) - والتوسع في تطبيق هذا المبدأ - والمنطلق من التزام اجتماعي - بمعنى تطبيقه كنظام لكل الجهاز المصرفي، سيؤدي في تقديرنا إلى نتائج هامة جدًّا نوجزها فيما يلي:

1 - التزام أفضل بتطبيق الأسعار القانونية التي قد ترى الدولة ضرورة تطبيقها؛ وذلك لأن أي عميل أو شريك سيجد نفسه مضطرًّا للالتزام بشروط التمويل المقدم من البنك الذي يتعامل معه؛ ومنها: الالتزام بالبيع في حدود الأسعار القانونية، وإلا فإنه سيفقد تمويله إذا ثبت تلاعبه، ولن يجد فُرَصًا للتعامل مع أي بنك آخر، والرادع المتمثل في احتمال فِقدان التمويل هو أقوى بكثير من أي رادع قانوني واقتصادي آخر مستعمل الآن؛ لأنه يعني انقطاع الحبل السري بين المستثمر أو رجل الأعمال، وبين الجهاز التمويلي للمجتمع، ولعل الدراسين لاقتصاديات البلاد الغربية التي فشلت محاولاتها مرارًا لمعالجة التضخم بفرض سياسات تجميد الأجور مقابل تجميد الأسعار STATUTARY LHOCOME & PRICES POLICY يجدون في أسلوب المشاركة حلا لهذه المشكلة الجافة، وتتضح أهمية هذا الأمر بمقارنة معدلات زيادات الأسعار (والأرباح) في البلاد الغربية - وهو يتراوح بين 3% و10%، وبين ما يجري في العديد من بلادنا الإسلامية والعربية اليوم؛ حيث تقاس الزيادة في الأسعار (بفعل المغالاة في فرض الأرباح إلى حد كبير) بما لا يقل عن 30%. ويرتفع إلى 120% في بعض البلاد.

 

2 - يؤدي نظام تمويل البنوك الإسلامية - سواء عن طريق المشاركة أو المضاربة - إلى أن تتمكن الدولة بصورة أكثر فعالية من توجيه التمويل المصرفي للمناشط التي ترى أهميتها أكثر من غيرها، ويرجع ذلك إلى أن البنك الإسلامي أقدر على توجيه تمويله إلى المنشط المطلوب أكثر من البنك الربوي الذي يعطى العميل تسهيلاً بالسحب على المكشوف، ولا يستطيع أن يتحكم في الوجه التي يوجه إليها العميل تسهيلاته، بينما يستطيع البنك الإسلامي ذلك بصورة دقيقة؛ لأنه يدخل معه مشاركة في عملية محددة ومعينة، أو يرفض الدخول إذا رغب منذ البداية، وفي البلاد التي تعطي أهمية عملية أو فكرية لتوجيه اقتصادها أو قطاعات معينة منه، فإن نظام المشاركة عن طريق الجهاز المصرفي هو وسيلة فعالة للمساعدة في هذا الاتجاه.

 

3 - لقد أوضحت لنا الممارسة العملية أن صيغ التمويل الإسلامي أكثر كفاءة وفعالية وعملية لتحقيق هدف تدوير موارد البنك بين القطاعات ذات الربحية العالية، والأخرى ضئيلة الربحية.

 

فهوامش الربحية التي يتقاضاها البنك على عمليات المرابحة للآمر بالشراء، تبدأ من 4/ 1% بالنسبة لسلع كسلعة السكر - (حيث إن هامش ربحيتها القانوني لا يتحمل أكثر من ذلك) - إلى مستوى 2% و3% على بعض السلع التموينية الأساسية الأخرى التي موَّلها البنك للجمعيات التعاونية، ويرتفع تدريجيًّا إلى 5% على تمويل البترول للمؤسسة العامة للبترول، ثم إلى 7% لسلعة الدواء، ويتراوح بين 3% إلى 8% لمختلف السلع في عمليات التجارة المحلية، ويرتفع بعد ذلك إلى 15% على بعض السلع التي تبلغ هوامش ربحيتها القانونية 40% إلى 60%، ويعني هذا عمومًا أن البنك يكتفي بربح المورد، وقد يشارك أحيانًا في ربح تاجر الجملة[1]، وفي كل الأحوال فهي تشكل 4/ 1 إلى 3/ 1 الأرباح القانونية المسموح بها قانونيًّا.

 

وبالنسبة لعمليات المشاركة، فإن الربح يختلف بالطبع حسب أداء كل شراكة، وقد يتراوح أداء مصنع معين بين سنة وأخرى؛ بحيث يختلف العائد على استثمار البنك من تمويله لهذا المصنع بين 8% إلى 21%، عاكسًا بذلك الظروف الطبيعية للإنتاج في كل حالة.

 

ويدل هذا المدى الواسع من هوامش الأرباح والذي يعكس تداخل عوامل اجتماعية وسياسية اقتصادية، على مرونة التمويل الإسلامي أولاً، ويدل ثانيًا على أن هذا النوع من التمويل أكثر عدالة في معاملة كل قطاع أو فئة أو سلعة من الناحية الاقتصادية، فهو بهذا يقدم طريقة فعالة لتدوير الموارد بين القطاعات ذات الربحية العالية والأخرى التي لا تتحمل ربحية عالية، مُحققًا بذلك أهدافًا اجتماعية عليا وضرورية للتوازن الاجتماعي.

 

ورب قائل: إن ثمت إمكانية لتحقيق أمر مماثل عن طريق تحديد أسعار فائدة مميزة لتمويل قطاعات أو فئات اجتماعية معينة، ولكننا نزعم أن درجة المرونة والخصوصية SPECIVITY التي تميز التمويل الإسلامي، والذي يستطيع أن يحدد لكل عملية على حِدَة فئاتها المعينة من الأرباح، هو أقدر على تحقيق هذا الهدف، ونضيف أن التمويل الإسلامي يستطيع إضافة لهذا أن يوضح الأداء الحقيقي - متمثلاً في معيار الربح بالنسبة لكل عميل أو فئة أو قطاع على حدة - فيكشف مباشرة عمن يستحق التمويل ويستطيع استغلاله بكفاءة لصالحه وصالح المجتمع، وعمن يفشل في ذلك - ولكن سعر الفائدة يخفي هذه الحقيقة؛ لأن الخسارة تتراكم على الطرف الثاني، حتى يعجز، فينهار بالتفليس أو غيره - فيخسر المجتمع موارد كان أحق أن تحول في الوقت المناسب لمن يستطيع استغلالها بصورة أحسن نيابة عن المجتمع.

 

4 - وكشفت لنا الممارسة العملية أن المجتمع التجاري يمكن أن يستجيب لقبوله تكلفة أعلى للتمويل في السلع والقطاعات التي تشجع هوامش ربحيتها بذلك، طالما كانت هذه التكلفة في حدود المعقول، وهذا يعني أن الصيغة الإسلامية للتمويل هي أيضًا «ميكانزم» جيد لتطبيق نظرية العقد الاجتماعي تطبيقًا عمليًّا.

 

5 - إن الصيغة الإسلامية للتمويل هي التي يمكن أن تحقق ربحًا أعلى لأصحاب الودائع في المجتمع، (فتساعد بذلك على تجميع المدخرات وتحقيق التراكم الرأسمالي المساعد للتنمية)؛ لأنها تقوم على مبدأ المتاجرة - سرعة وكفاءة تدوير الموارد - ومشاركة المودع في أن نسبة ربح متحققة مستحقة له.

 

ويقابل ذلك الصيغة الربوية التي تعاني من تناقض خطير، فإن هي أرادت إغراء المودعين برفع نسبة الفائدة، أحجم المستثمرون وعم الركود وانتشرت العطالة، وإن خفضت سعر الفائدة لتشجع المستثمرين، أحجم المودعون وانحرفوا لقطاعات الربحية السريعة (سوق الأوراق المالية) التي لا تضيف شيئًا حقيقيًّا لإنتاج المجتمع.

 

ويشوب الصيغة الربوية أيضًا عيب أساسي لا يشعر به المودعون، فهم محرومون من تلقي نصيبهم الحقيقي من الأرباح العائدة على ودائعهم، فعدم وجود علاقة تعاقدية بينهم وبين البنك - (كصيغة المضاربة ورب المال التي تحكم علاقة المودع بالبنك الإسلامي) - تعطي البنوك الربوية سلطة وحق تحديد النصيب الذي يتلقاه المودعون في عائد أرباح البنك لقرار إداري لا يعكس بالضرورة الأرباح الحقيقية التي كان يجب أن يتقاضاها المودعون.

 

في مجال السياسة المالية:

السياسات المالية تستخدمها الدول الآن للتحكم في حركة السوق والأسعار وغيرها عن طريق قرارات ووسائل إدارية.

وقد كشفت لنا الممارسة أن طريقة البنك الإسلامي في التمويل أنسب لتطبيق أو تنفيذ السياسة المالية للدولة.

 

إذا أرادت الدولة التحكم مثلاً في حجم الواردات كوسيلة لتحسين عجز ميزان المدفوعات لجأت - كما هو الحال في السودان - للسيطرة على إدخال السلع عن طريق إصدار التراخيص وحصص الاستيراد إلخ، وبما أن البنك الإسلامي لا يستطيع إلا المشاركة بتمويل شراء وبيع السلع، فإنه يجد نفسه عاجزًا تمامًا عن الحركة إذا توقفت الدولة عن إصدار تلك التراخيص، ولكن البنك الربوي يستطيع في نفس الوقت الاستمرار في التسليف، وبهذا يمكن أن يستغل ذوو النفوس الضعيفة التسهيلات المصرفية لتمويل التهريب وللمضاربة في أسعار العملات الأجنبية في سوق العملات الحرة.

 

في مجال السياسة النقدية:

أبرزت الممارسة أيضًا أن صيغ التمويل الإسلامي - وبالأخص صيغتي المشاركة والمضاربة (أو القراض) - هي من أكثر الوسائل فاعلية لضبط حجم واتجاهات التمويل، وبالتالي محاربة التضخم، فالتمويل الإسلامي في حالتي المشاركة والمضاربة لا يقدم للعميل حجمًا متاحًا من النقود يتصرف فيه كما يشاء، ولكن يقدم كوسيلة لإدخال سلع أو خدمات معينة لشراكة نشأت بين البنك وشريكه، ويستطيع البنك ضبط عدة عوامل أساسية؛ منها: سعر البيع والشراء، ونوع السلعة، وتكلفة العمليات المختلفة عند مرحلة التعاقد، ويستطيع متابعة التنفيذ بدقة أثناء سير الشراكة، فيرفض مثلاً مشتريات بأعلى من التكلفة المتفق عليها، أو اعتماد نفقات تزيد عن المعدل السائد، ما لم يكن هناك مبرر معقول لذلك، ويستطيع في حدود معقولة أن يراقب التزام الشريك بالبيع وفق الأسعار المحددة للشراكة[2]، ويستطيع البنك أيضًا متابعة سير التنفيذ حسب الجدول الزمني المنتفق ليمنع حبس السلعة عن السوق - (أي احتكارها بصورة غير مشروعة) - مما يؤدي إلى ارتفاع سعرها.

 

وهكذا فإن ميكانيكية إدارة الشراكة ومتابعتها تعني أن البنك يملك السلطة والقدرة الفعلية على منع تمويله من أن يستغل في غير الوجهة المقصودة لها، أو أن يستغل للمضاربة الضارة (بمعنى SPECGULATION) لرفع الأسعار، أو للتخزين وحبس السلع عن الدورة الاقتصادية لخلق ندرة اصطناعية تستغل أيضًا لرفع الأسعار، وهذه كلها عوامل مساعدة على التضخم، على أننا نبادر إلى القول: إن السبب الرئيس للتضخم يكون في اختلال وظيفة النقود وتحويلها من مجرد مخزن للقمة ووحدة للقياس لمساعدة التبادل، إلى سلعة ذات قيمة يحق لها أن تكسب لمجرد حيازة المرء لها، وما لم يتغير هذا المفهوم، وتُلغى وتحرم الوسائل التي تؤدي إلى هذه الغاية - كسعر الفائدة، وقيام أسواق المتاجرة بالعملات إلخ - فإن التضخم سيستمر في تهديد العملية الإنتاجية كلها بالتوقف، كما بدأ يظهر في العالم الغربي اليوم.

 

في مجال التنمية:

كشفت التجربة العملية لبنك فيصل الإسلامي عن عدة ظواهر تؤدي في مجموعها إلى حقيقة رئيسية، وهي أن البنك الإسلامي هو الأنسب والأقدر على التنمية:

1 - تنطلق صيغة التحويل الإسلامي من قاعدة نظرية أساسية هي أن العمل أو الجهد البشري وحده هو الذي يستحق الجزاء المالي، وأن المال لا يستحق الكسب شرعًا ما لم يخالطه عمل حقيقي.

 

إن التزام القائمين على أمر البنوك الإسلامية بهذه النظرية، يدفعهم إلى التعامل مع قطاعات في المجتمع (تمثل الغالبية العددية في الواقع)، ظلت محرومة من التمويل المصرفي الربوي تمامًا لعدم استيفائها لشروطه، ومنها: أن تكون ابتداءً مالكة لموارد وأصول تضمن للبنك استعادة قروض.

 

وقد حقق بنك فيصل الإسلامي السوداني هذا المفهوم بصورة واضحة منذ البداية عندما جرب التعامل مع قطاع الحرفيين منذ العام الثاني لإنشائه، فصمم تمويلاً ميسرًا لهم يمكنهم بحد أدنى من الضمان - (في معظم الحالات يكون هو الضمان الشخصي من طرف ثالث أو ضمان تسجيل العدة موضع التمويل لاسم البنك) - من الحصول على احتياجاتهم من المعدات، والماكينات والعربات واللواري، وعربات الأجرة، والمواد الخام بأقساط تمتد حتى ثلاث سنوات بمقدم دفع يبدأ من 15% من قيمة الأقساط.

 

وقد دلت التجربة العملية أن هذه القطاعات تمارس عملها وسداد التزاماتها بمسؤولية كاملة عكس ما كان يتوقع، والسبب واضح جدًّا، وهو أن هذه الفئات - وقد حرك فيها التمويل الإسلامي شعور العزة بكدحها وكفاحها - أخذت تدرك ما يفرض هذا الشعور من مسؤولية مقابلة، انعكس أثرها في التزامها الممتاز بسداد التزاماتها المالية للبنك وبالتالي للمجتمع.

 

وهكذا تظهر التجربة أن هذا الطرف من المجتمع - (كما سبق أن أظهرت استعداد طبقة رجال الأعمال قبول تكلفة أعلى للتمويل الإسلامي) - مستعد أيضًا للتضحية في سبيل المجتمع، وهذا هو الوجه الآخر للعقد الاجتماعي، لقد أبرز التمويل الإسلامي المغزى الرائع للحديث النبوي الشريف: ((المسلم للمسلم كالبُنيان يشد بعضه بعضًا)).

 

ومغزى هذا أن التحويل الإسلامي القائم على إعلاء قيمة العمل يُحرك فئات كانت راكدة ومحرومة في المجتمع، فيمكنها من المساهمة والإضافة الحقيقية للمجتمع، أو كما جرى العرف الاقتصادي الحديث على القول، فإنه يستوعب INVOLVES أساسية في عملية التنمية، فيضعها في مسارها الصحيح، وهو: التنمية من أجل الانسان.

 

2 - وصيغة التمويل الإسلامي تجبر البنك على إعطاء أهمية أكبر لدراسة استثماراته ومتابعتها، والمساعدة على حسن تنفيذها؛ أي: إنها تسخر إمكانيات البنك الفنية لإتاحة عنصر الإدارة الحديثة لشركائه، وقد دلت دراسات التنمية أن الإدارة هي إحدى العناصر الحرجة في عملية التنمية.

 

3 - ودلت التجربة أيضًا على أن قيام البنوك الإسلامية يجذب فعلاً إلى الدورة الاقتصادية الحديثة أموالاً ومواردَ كانت محبوسة عنها في أيدي المتورعين عن التعامل بالربا مع البنوك القائمة، أو الذين يشككون في استغلال البنوك الربوية لأموالهم مقابل سعر فائدة بسيط لا يعكس قيمتها لاقتصادية، فيظنون بها ويحبسونها في صور عقيمة من الادخار والاكتناز لا يفيد المجتمع، وقد سبقت الإشارة إلى أن ودائع بنك فيصل الإسلامي السوداني زادت في نفس الوقت الذي زادت فيه ودائع البنوك السودانية زيادة كبيرة؛ مما يعني أن الإضافة التي حققتها ودائع بنك فيصل الإسلامي - على محدودية انتشاره وقِصَر عمره - هي زيادة حقيقية بلغت حوالي 13%.

 

ويعني هذا أن البنوك الإسلامية أكثر قدرة على تجميع مدخرات الإنسان البسيط؛ لأنها تعده باستغلال أحسن لها.

 

ومن الناحية الأخرى - ناحية المستثمر - فإن طريقة التمويل الإسلامي هي أكثر طمأنة له؛ لأن المال المقدم له كله رأسمال مخاطر، فهو يعرف أن البنك سيخسر معه إذا خسر المشروع - (وغالبًا ما تكون خسارة البنك هي الأكبر) - ولهذا يقوم المستثمر على طرق مختلفة المجالات، وفي هذا تشجيع واضح أيضًا للاستثمار والبنك الإسلامي غير مخير في قبول هذا المنحى؛ لأنه لا يكسب ولا يستثمر بدون الاستثمار، ويبقى التحدي أمام البنك هو كيفية «تجويد» استثماراته؛ ليحقق لمودعيه ومستثمريه ومؤسسيه أحسن عائد، فهو إذًا بنك «ديناميكي» لا يكتفي فقط بلعب دور الوسيط الذي تتراكم لديه أموال المودعين فيقرضها - لقاء ضمانات قوية - للمستلفين، ويتقاضى فائدة عنها يمرر جزءًا منها للمودعين.

 

فالبنك الإسلامي هو بنك تنمية شاء أم أبى.

 

4 - وقد أظهرت طريقة التمويل الإسلامي قدرتها على كشف الأداء الحقيقي للشريك المستفيد من التمويل، فبقدر ما يبذل من الجهد يزيد العائد على الشراكة، فيزيد ربحه وربح البنك، وبالتالي ربح المودع، والمجتمع من وراء ذلك كله والعكس صحيح، وقد دلت التجربة العملية أن بعض التسهيلات الممنوحة لتمويل عمليات شراكة أو قروض تمويلية بدون فائدة، قد تَم تدويرها - بمعدل 5 إلى 7 محلات خلال العام الواحد، وهذه كفاءة عالية في إدارة الموارد، وحتى في حالة العمليات ذات الطبيعة الموسمية، فإن التسهيلات الممنوحة ضوعف استغلالها مرتين أو ثلاثًا.

 

وهناك أكثر من مغزى لهذه الحقيقة:

أ- معرفة البنك للشركاء الممتازين والمترسين، وتساعد على ترشيد موارد المجتمع، وإعطاء من يستطيع استغلال ودائعه أحسن من غيره فرصة أكبر، فيزيد بهذا العائد على المجتمع، ولا يَعني هذا حرمان الضعفاء وقليلي الخبرة، بل يعني أن يعطوا على قدر إمكانياتهم، ثم يُساعَدُوا فنيًّا وإداريًّا؛ حتى لا يَحبسوا مالاً كان يمكن أن ينتج أحسن في يد آخرين.

 

ب- أن التمويل الإسلامي يستطيع أن يقتنع بهامش ربح بسيط للعملية الواحدة على أن يتكرر هذا الهامش، عن طريق كفاءة الاستعمال لينتج ربحًا معقولاً لصاحبه.

 

جـ- إن ميكانيكية التمويل الإسلامي تستفيد أيضًا من عامل الربح؛ لتحقق مستوى عاليًا من الكفاءة في إدارة الموارد، وفي هذا رد على الذين يقولون: إن سعر الفائدة هو الأداة الوحيدة القادرة على تحقق إدارة الأموال والموارد بكفاءة.

 

إن الظواهر الخمسة المذكورة أعلاه كلها ترمي بثقل واضح في اتجاه التنمية، وتقود المرء للقول: إن البنك الإسلامي هو وسيلة ممتازة لتحقيق أهداف التنمية ولتنفيذها أيضًا.

 

من بحث منشور في المؤتمر الأول لجماعة الفكر والثقافة الإسلامية

الخرطوم، السودان 29 محرم - 2 صفر 1403هـ

 


[1] هوامش الرخية القانونية في السودان مقسمة بين المورد وتاجر الجملة وتاجر القطاعي.

[2] يستطيع بعض الشركاء بالطبع التلاعب في أسعار البيع، ولكن انكشاف أمرهم سيؤدي مستقبلاً إلى حرمانهم من التعامل مع الجهاز المصرفي، على افتراض أن الجهاز كله ملتزم إسلاميًّا وأخلاقيًّا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تجربة البنوك الإسلامية في مرحلة الثبات
  • العوامل التي ساعدت على نجاح تجربة البنوك الإسلامية
  • تجربة البنوك الإسلامية والامتيازات
  • صهر الكذب المسبوك لتحليل فوائد البنوك

مختارات من الشبكة

  • الشيخ شايع بن حمد العمار في لقاء بعنوان ( آفاق الدعوة الإسلامية بين الأقليات المسلمة )(مقالة - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)
  • آفاق الترجمة المعرفية والآلية واللسانية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • واقع استعمال اللغة العربية في وسائل التواصل الاجتماعي: آفاق مجهولة ورهانات مأمولة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • انفتاح مجالات الترجمة: آفاق مستقبلية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • في آفاق التربية وأفياء التعليم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آفاق في القصدية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آفاق فكرية وشجون تربوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أفق قد أفاق الراقدون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آفاق السيرة النبوية (24) المدينة دار الهجرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • آفاق نشر العربية(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب