• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

لماذا يدرس الغرب تطبيق النظام المالي الإسلامي؟

محمد محمد عتريس إبراهيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/8/2015 ميلادي - 21/10/1436 هجري

الزيارات: 8045

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لماذا يدرس الغرب تطبيق النظام المالي الإسلامي؟


نشرت صحيفة "الإيكونوميست"[1] اللندنية العالمية، ذائعة الصيت، دراسةً تحليلية عن الربا[2] منذ بداياته، وحتى يومنا هذا.

 

وتترك الدراسة في نفس القارئ انطباعًا عامًّا بأن الربا كان - دومًا - شيئًا كريهًا مقزِّزًا ومدمِّرًا، وأن المرابين كانوا - ولا يزالون - في كل العصور ظلمة، ومستغلين، ومنعدمي الشفقة.

 

ولنقتبس جملتين مما أوردته المجلة في وصفهم: "إنهم يأخذون شيئًا في مقابل لا شيء، والشعور بالاشمئزاز من الإقراض بفائدة، الذي أحسته كل المجتمعات في الماضي، والذي تحسُّه كثير من المجتمعات اليوم، هذا الشعور ما زال بعضه قائمًا في الغرب".

 

لقد لاقى مقرضو المال - بصرف النظر عن الحاجة إليهم - احتقارًا واسعَ النطاق؛ ففي العصور الوسطى كان الناس لا يقتربون منهم إلا بحرص وحذر؛ إذ كانوا يفزعون منهم ويلعنونهم؛ لأنهم يقومون بعمل الشيطان، إنهم يفعلون شيئًا يتعارض مع صالح المجتمع - إنهم يتقاضون الفائدة ثمنًا لإقراض المال!

 

في عام 1311 أصدر مجلس فيينا الكنسي مرسومًا، كانت له آثاره البعيدة؛ إذ وصف أيَّ استحلال للربا بالهرطقة والضلال، وفي القرن السابع عشر حرَّمتْه بريطانيا، وفي القرن الثامن عشر ربط الخيال الشعبي بين العمل المصرفي وبين التبذير الحكومي، والضرائب المرتفعة، والفساد، وفي أوائل القرن التاسع عشر أدان المتدينون الثروة العقيمة غير المنتجة لرجال المال في بريطانيا، ووقفوا إلى جانب قيم العمل؛ ففيها الإنتاج والثمرة.

 

وعلينا أن نلاحظ وصف ثروة رجال المال بأنها "عقيمة وغير منتجة"؛ فهذه تمثل واحدة من أقوى الحجج ضد الربا؛ فالمرابون يجمعون الثروات من غير جهد يبذلونه.

 

وتواصل "الإيكونومسيت" دراستها التحليلية وتقول: "وعندما وقع الكساد العظيم الذي أعقب الانهيار الاقتصادي الأمريكي عام 1929 أنحت أمريكا باللائمة على البنوك، بحسبانها في ذلك الكساد، ونتيجة لذلك انهمرت على هذه البنوك التشريعات المقيدة لأنشطتها، وحتى اليوم لا يزال العديد من الولايات الأمريكية يطبق قوانين الربا التي تُحِدُّ من أسعار الفائدة.

 

وفي وقتنا الحاضر لا يزال البعض على قناعته بأن رجال المصارف - وفي مقدمتهم اليهود والماسونيون - يتآمرون للسيطرة على العالم".

 

وتضيف المجلة: إن الأديان السماوية (اليهودية والمسيحية والإسلام) حرَّمت الربا، والحجج التي ساقتها ضد الربا هي:

1- المرابون يأخذون شيئًا مقابل لاشيء.

2- الواجب على الإنسان أن يساعد أخاه من غير أن يرجو كسبًا من وراء ذلك.

3- إنه لمن الأمور المنافية للطبيعة أن يُكثر المرء أمواله بتقاضي فائدة عليها.

 

"إن الربا أكثر الأعمال منافاة لروح الإخاء والمودة، وباتت العناكب والضفادع وكل المخلوقات الشيطانية استعارات يُكنى بها عن المرابي".

 

وعلى امتداد القرون حفلت الثقافة الأوروبية بعداءٍ لا يلين ولا يهدأ تجاه المرابين عمومًا، واليهود خصوصًا.

 

ولا يمكن أن يكون هناك ذكر للرِّبا دون الإشارة إلى عبادة اليهود للمال، ونهمهم لإقراض المال بأسعار فائدة باهظة فادحة، لا أثر فيها لوازع من خلق أو ضمير.

 

وتورد مجلة "الإيكونوميست" هذا المقتطف من الفصل 23 من السفر الخامس[3] من الكتاب المقدس: "... لك أن تقرض الأجانب بفائدة، لكن لا تقرض أخاك بفائدة"، وتصف المجلة هذا التوجيه بأنه نذير شؤم وكوارث؛ ذلك أنه يوجه اليهود صراحة إلى أن يمارسوا التفرقة العنصرية مع غير اليهود.

 

يُضاف إلى هذا مشاعر الانتقام المتأججة في نفوسهم، هذه السمات الشريرة يُجسِّدها شكسبير في شخص "شايلوك " المرابي اليهودي، بطل مسرحيته الشهيرة: "تاجر البندقية"؛ فحبُّه الطاغي للمال ملك عليه كل مشاعره وحياته، إلى حد أن المعيار الخلقي عنده أصبح معيارًا ماليًّا؛ فهو يكره أنطونيو، تاجر البندقية؛ لأنه نصراني[4]، ويكرهه أكثر؛ لأنه يقرض المال بدون فائدة، ويتسبب بذلك في خفض سعر الفائدة على إقراض المال عندنا في البندقية".

 

لقد دمر شرَهُ اليهودي وحبه للمال كلَّ المشاعر الإنسانية، بل لقد دمر في داخله مشاعر الأبوة تجاه ابنته.

 

ما قالته الإيكونوميست عن الإسلام والربا:

1- لا يزال الأمر مختلطًا في الأذهان حول الإجابة عن هذا السؤال: هل إقراض المال بفائدة خطأ أم صواب؟ (أي: إن المسألة لم تُحسَمْ بعدُ في الغرب، فلا يزال الربا يحوك[5] في النفوس وفي العقول).

 

2- النظرة إلى المعادن المستخدمة كوسائط نقدية لتبادل السلع على أنها خاملة وجامدة، ومن غير الطبيعي تكثيرها وزيادتها بتقاضي فائدة عليها، (الذهب لا يلد ذهبًا، والفضة لا تلد فضة).

 

3- سلكت المجتمعات الإسلامية دربًا أيسرَ، واتبع كثير من المسلمين الأوامر المحددة التي جاءت في القرآن الكريم تحرم الربا، وتنبع هذه الأوامر من مبدأ إسلامي أكبر، هو: أن عنصر المخاطرة يجب أن يكون قسمة بين المقترض والمقرض[6]؛ (أي لا بد وأن يشارك فيه الاثنان).

 

4- العقود المالية المشابهة لتلك التي أقرها الإسلام كانت تقوم على أساس الفكرة القائلة بالمشاركة في المخاطرة، ففي هذه العقود لا يأخذ المقرض الفائدة إلا كثمن لمشاركته في المخاطر التي يتعرض لها المشروع التجاري.

 

5- تأسست عشرات البنوك الإسلامية على امتداد المسافة من الأردن شمالاً إلى جنوب إفريقيا، وهي تتمتع بفضل مبدأ المشاركة في المخاطرة، بمكانة اجتماعية أسمى بكثير من المؤسسات المنافسة لها، إلى حد أن البنوك الغربية تدرس حاليًّا النظامَ الماليَّ الإسلامي، وتفكر بإمعان في إمكانية تطبيقه، وهذا نص العبارة:

Western banks are ponering the applicability of Islamic finance.

 

(ولربما جاء الإسلام من الغرب:

﴿ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 142].

إنه لا مناص للبشرية من أن ترجع إلى الإسلام وتعاليمه؛ كي يتحقق لها الخلاص مما تعانيه من ويلات وعذابات.

 

لماذا يحارب الإسلام الربا؟

الصدقة والزكاة تمثلان العون والرحمة، والسماحة والنقاء، والتعاون والتضامن؛ فهما نزول عن المال بلا عوض ولا رد.

 

بينما يمثل الربا الشحَّ والبخل، والأنانية وحبَّ الذات؛ ذلك أن الربا استرداد للدَّين ومعه زيادة غير مشروعة مستقطعة من جهد المدين إذا حقق كسبًا، ومن لحمه إذا لم يربح، أو إذا خسر.

 

وجاء القرآن الكريم يحث على الإيثار، ويحذر من الشح:

﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

 

فالإيثار على النفس مع الحاجة قيمة عليا، وقد بلغ إليها الأنصار بما لم تشهد البشرية له نظيرًا.

 

أما شحُّ النفس فهو المعوق عن كل خير؛ لأن الخير بذلٌ؛ بَذْلُك المال، وبَذْلُك العاطفة، وبَذْلُك الجهد.

 

وما يمكن أن يصنع الخيرَ شحيحٌ يهتم دائمًا أن يأخذ، ولا يهتم مرة أن يعطي.

 

ولقد رسم الإسلام للمرابين أشنع صورة:

﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ [البقرة: 275].

 

هم يعيشون في قلق وتوتر دائمين، ويفتقدون دائمًا راحة البال وطمأنينة النفس، أما وعيد الله لهم فهو شر وأعظم:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278، 279].

 

ومن يتدبر حكمة الله يرى البشرية الضالة التي تأكل الربا، وقد انصبت عليها البلايا: في أخلاقها، وصحتها، واقتصادها، وتتلقى حربًا من الله: حربًا على الأعصاب والقلوب، وعلى البركة والرخاء، وعلى السعادة والطمأنينة، وأخيرًا حرب السلاح بين الأمم والجيوش؛ فالمرابون أصحاب رؤوس الأموال العالية، هم الذين يوقدون هذه الحروب بطرق مباشرة وغير مباشرة، وهم يلقون شباكهم فتقع فيها الشركات والصناعات، ثم تقع فيها الشعوب والحكومات، ثم يتزاحمون على الفرائس فتقوم الحرب، أو يقل عبء الضرائب والتكاليف لسداد فوائد ديونهم؛ فيعم الفقر، والسخط بين الكادحين، فيفتحون قلوبهم للدعوات الهدَّامة فتقوم الحرب[7].

 

والإسلام يقيم نظامه الاقتصادي على أساس أن الله هو خالق الكون، وأنه المالك لكل الموارد والثروات والغذاء والطاقة ... إلخ، وأنه استخلف الإنسان على الأرض بشرط أن يكون هناك تضافر وتضامن بين المؤمنين به سبحانه: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7].

 

فالله جعل بني الإنسان خلفاء في الأرض، متصرفين فيها بأمره، وهم يُدعَوْن إلى الإنفاق، ومع الدعوة لمسة موحية: فهم لا ينفقون من عند أنفسهم، إنما ينفقون مما استخلفهم الله فيه من ملكه، وهو الذي ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 107]، وهو الذي ﴿ يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [الأعراف: 158]؛ فهو الذي استخلفهم جيلاً بعد جيل.

 

فهذه الدعوة تقوم بدورها في استثارة الحياء والخجل من الله، فماذا هم قائلون حين يدعوهم إلى إنفاق شيء مما استخلفهم فيه ومما أعطاهم؟ وتقوم بدورها في نهنهة[8] النفوس عن الشح، والله هو المعطي، ولا نفاد لما عنده، فماذا يمسكهم عن البذل والعطاء وما في أيديهم رهن بعطاء الله؟ فالأثرياء عليهم أن يعطوا جزءًا من ثروتهم للفقراء، والفريقان مأموران بأن يعملا بأقصى الجهد في سبيل الرزق، على ألا يكون هناك إسراف أو إفراط في الإنفاق أو الاستمتاع.

 

وتنمية الثروة يجب أن تكون بوسائل مشروعة تنطوي على ضرر أو أذى للغير، ولا تعوق دوران رأس المال؛ يقول تعالى في الآية السابعة من سورة (الحشر):

﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾ [الحشر: 7].

 

فهذه الآية تضع قاعدة كبرى من قواعد التنظيم الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع الإسلامي، وهي: "كيلا يكون دُولة[9] بين الأغنياء، ويتعاوروه، فلا يناله أحد من الفقراء".

 

فالملكية الفردية معترف بها في الإسلام، ولكنها محددة بهذه القاعدة: قاعدة ألا يكون المال دولة بين الأغنياء وحدهم دون الفقراء.

 

وكل وضع ينتهي إلى ذلك يخالف النظرية الاقتصادية الإسلامية، كما يخالف هدفًا من أهداف التنظيم الاجتماعي كله.

 

وجميع المعاملات في المجتمع الإسلامي يجب أن تنظم بحيث لا تخلق مثل هذا الوضع، أو تبقى عليه إن وُجد.

 

ولقد أقام الإسلام - بالفعل - نظامه على أساس هذه القاعدة؛ ففرض الزكاة[10]، وحرَّم الاحتكار والربا، وهما الوسيلتان الرئيستان لجعل المال دولة بين الأغنياء[11].

 

أما الربا: فيقوم على أساس أنه لا صلة بين إرادة الله وحياة الإنسان، وأن الفرد حر في أن يسلك ما يشاء من السبل لجمع المال، والتمتع به، دونما اكتراث بمصالح الآخرين؛ فالمال هدفه الأول والأخير، وفي النهاية يقيم الربا نظامًا يسحق البشرية، أفرادًا وجماعات ودولاً، لصالح حفنةٍ من المرابين يسيطرون على كل بني البشر.

 

فالمرابون يملكون - إلى جانب المال - النفوذَ والسلطان، يستخدمونهما في تحقيق المزيد من استغلال الآخرين، وأسهل الطرق لزيادة ثرواتهم هي المشروعات التي تدمر الأخلاقيات، وتلقي بالبشرية في مستنقع الشهوات، والإثارة الجنسية، التي يضيع عليها الكثيرُ كلَّ ممتلكاتهم.

 

وقد لاحظ علماء الاقتصاد في الغرب أن الربا نظام اقتصادي فاسد ومعيب؛ ففي عام 1935 قال دكتور شاخت عضو مجلس الإدارة المنتدب لبنك الرايخ الألماني: إن كل النقود في كوكبنا الأرضي سوف تذهب إلى جيوب عدد قليل جدًّا من المرابين.

 

فالمرابي الدائن يكسب في كل عملية، بينما المدين يخضع لمبدأ الربح والخسارة، وعلى هذا ستذهب كل الأموال في نهاية المطاف إلى أولئك الذين يربحون طوال الوقت.

 

أما المقترضون من ملاك الأراضي، وأصحاب المصانع، وغيرهم من الموظفين - فهم لا يزيدون على كونهم مجردَ أُجَراء لدى المرابين.

 

وأما المستهلكون فيدفعون ضريبة غير مباشرة للمرابين؛ فالفوائد التي تتقاضاها البنوك لا يدفعها المقترضون، وإنما يدفعها المستهلكون؛ لأن أسعار السلع تزداد بما يغطي تلك الفوائد على الديون.

 

حقائق أساسية حول إدانة الإسلام للنظام الربوي:

1- لا إسلام مع قيام نظام ربوي في مكان؛ فالإسلام والربا متعارضان، ولا يمكن أن يتعايشا.

 

2- النظام الربوي كارثة على الإنسانية: في إيمانها، وأخلاقها، وفي صميم اقتصادها وحياتها.

 

3- العَلاقة وثيقة في ظل الإسلام بين الأخلاق والحياة العملية، ولا يمكن أن يقوم اقتصاد ناجح بغير أخلاق.

 

4- لا يمكن للمعاملات الربوية إلا أن تفسد ضمير الفرد وحياة الجماعة؛ لأنها تنشر روح الجشع والخداع، والأنانية والمقامرة، وهي توجه رؤوس الأموال لتستثمر في مجالات الرذيلة: الأفلام والمطبوعات الإباحية، والنوادي الليلية، والمراقص والقوادة ... إلخ)؛ حيث الأرباح مضمونة تمامًا وعالية جدًّا؛ وذلك كي يتبقَّى جزء منها للمدينين بعد دفع الفائدة.

 

5- عندما ينظم الإسلام حياة البشر - طبقًا لمنهجه - ويقوم بإلغاء المعاملات الربوية، فإنه لن يقوم بإلغاء المؤسسات الاقتصادية اللازمة، وإنما سينقِّيها من دَنَسِ الربا، ويضع القواعد السليمة لإدارتها.

 

6- على المسلم أن يعتقد اعتقادًا راسخًا بأن الله - جلت قدرته - لا يحرم شيئًا لازمًا لقيام الحياة وتقدمها، وأن الخبائث لا يمكن أن تكون لازمة لقيام الحياة وتقدمها، ولنأخذ المثل من أكثر البلاد رخاء وتقدمًا: من أمريكا، ومن السويد، فالناس هناك ليسوا سعداء، القلق يطلُّ من عيونهم - وهم أغنياء - والملل يأكل حياتهم - وهم مستغرقون في الإنتاج - وهم يفرقون هذا الملل في العربدة والصخب تارة، وفي "التقاليع" الغريبة الشاذة تارة، وفي الشذوذ الجنسي والنفسي تارة، ثم يحسون بالحاجة إلى الهرب، الهرب من أنفسهم، من الخواء الذي يعشش فيها، ومن الشقاء الذي ليس له سبب ظاهر؛ فيهربون بالانتحار، وبالجنون وبالشذوذ، لكن شبح القلق والخواء لا يدعهم يستريحون أبدًا!

 

لماذا؟ السبب هو أن هذه الأرواح الضالة المعذَّبة خاويةٌ من زاد الإيمان، ومن الاطمئنان إلى الله، وخالية كذلك من الأهداف الإنسانية الكبيرة النبيلة، التي ينشئها الإيمان بالله، وخلافة الله في الأرض، وفق عهده وشروطه، وبسبب هذا البلاء الكبير، (بلاء الربا)، لا ينمو الاقتصاد نموًّا سويًّا مستقيمًا، تتوزع به خيرات نموه على البشرية كلها، وإنما ينمو مائلاً جانحًا إلى حَفْنة الممولين المرابين.

 

وماذا عن المُعْسِر الذي لا يستطيع سداد ما عليه من دين؟

خص الله - سبحانه - بعض الناس بالأموال دون بعض، نعمة منه عليهم، وجعل شكر ذلك منهم إخراج سَهم (نصيب) يؤدونه إلى من لا مال له، بتكليف منه سبحانه:

﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، وهي تبين مصارف[12] الصدقات.

 

وقد تولَّى سبحانه أمرها بنفسه، ولم يَكِل قسمَها لأحد غيره، فجزَّأها ثمانية أصناف، وقدَّم الفقراء على البقية؛ لأنهم أحوج من غيرهم على المشهور؛ كما جاء في تفسير ابن كثير، ويأتي بعدهم المساكين، ثم العاملون عليها، وهم السعاة الجُباة الذين يبعثهم الإمام لتحصيل الزكاة، أما المؤلفة قلوبهم فمنهم من يُعطَى ليُسْلِم، ومنهم من يُعطى ليَحسُن إسلامُه، ويثبت قلبه، ومنهم من يُعطى لِما يرجى من إسلام نظرائه.

 

أما المصرف الخامس ففي الرقاب؛ أي: في فك الرقاب، قال القرطبي: يجوز للإمام أن يشتري رقابًا من مال الصدقة يعتقها عن المسلمين، ويكون ولاؤهم للمسلمين، وإن اشتراهم صاحب الزكاة وأعتقهم جاز.

 

والمصرف السادس "الغارمون"، جمع غارم[13]، وهو الذي عليه دَيْن؛ فالغارمون المستحقون للزكاة هم الذين ركبهم الدَّين، ولا وفاء عندهم به، اللهم إلا من ادَّان في سفاهة، فإنه لا يعطى منها، ولا من غيرها، إلا أن يتوب.

 

وأما في سبيل الله: فهم الغزاة، وموضع الرِّباط، وهو قول أكثر العلماء، وأضاف بعضهم الحُجَّاج والعُمَّار.

 

أما ابن السبيل: فهو المسافر المجتاز في بلد ليس معه شيء يستعين به على سفره، فيعطى من الصدقات ما يكفيه إلى بلده.

 

فالمدين المعسر له حق في الزكاة؛ كما قضى الله في آية سورة التوبة، أما الآية رقم 280 من سورة البقرة، التي أتت في ختام الحديث عن آيات الربا، فتبين الحكم الخاص بالدَّين في حالة الإعسار، فليس السبيل هو ربا النسيئة؛ أي: (تأجيل السداد مقابل الزيادة في الفائدة على الدين)، ولكن السبيل هو: إمهال المدين إلى حين ميسرة.

 

بل خطا الإسلام خطوةً أبعد؛ فحبَّب في التصدق بالدَّيْن: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].

 

إنها السماحة النَّدِيَّة التي يحملها الإسلام للبشرية، إنه الظلُّ الظليل الذي تأوي إليه البشرية المتعَبة في هجير الأثَرَة، والشحِّ، والطمع، والتكالب، والسعار.

 

روى الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن سرَّه أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فلُيَيسِّر على معسر، أو ليضع عنه))[14].

 

وروى الإمام أحمد عن أبي قتادة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن نفَّس[15] عن غريمه، أو مَحَا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة)).

 

وروى الإمام أحمد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أراد أن تُستجاب دعوته، وأن تكشف كربتُه، فليُفرِّج عن مُعسر)).

 

وفي الحديث عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أُتي الله بعبد من عبيده يوم القيامة قال: ماذا عملت لي في الدنيا؟ فقال: ما عملت لك يا رب مثقال ذرة في الدنيا أرجوك بها - قالها ثلاث مرات - قال العبد عند آخرها: يا رب، إنك كنت أعطيتني فضلَ مال[16]، وكنت رجلاً أبايع الناس، وكان خلقي الجواز[17]، فكنت أُيسِّر على الموسر، وأنظر[18] المُعسِر، قال: فيقول الله عز وجل: أنا أحق مَن يُيَسِّر، ادخل الجنة)).

 

ورُوِي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه؛ لعل الله يتجاوز عنا؛ فتجاوز الله عنه)).



[1] 29 ديسمبر 1993 - 7 يناير 1994.

[2] استخدمت المجلة المصطلح الإسلامي "ربا" مكتوبًا بحروف لاتينية - فالمصطلح الإسلامي فرض نفسه في الغرب.

[3] يحوي القوانين الموسوية وحكايات قصصية.

[4] لم يفت شيكسبير أن يشير إلى ما يكنه اليهودي من عداء وكراهية للنصراني.

يقول شيولك: "لو ظفرت يومًا بهذا النصراني - أنطونيو - فلسوف أشفي إلى حد التخمة غليل حقدي القديم عليه".

[5] يرجع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم: ((والإثم ما حاك في صدرك، وكرهتَ أن يطلع عليه الناس)).

[6] لعل المجلة تقصد نظام المضاربة.

[7] وأيسر ما يقع، إن لم يقع هذا كله، هو: خراب النفوس، وانهيار الأخلاق، وانطلاق سعار الشهوات، وتدمير الكيان البشري بما لا تبلغه أفظع الحروب الذرية.

[8] نهنه فلانًا عن الشيء: كفَّه عنه وزجره.

[9] دَالَ يدول دولًا: دار وانتقل من حال إلى حال، أدال الشيء: جعله متداولاً، والدُّولة: الشيء المتداول من مال ونحوه.

[10] يمكن الرجوع إلى مقادير الزكاة وأنصبتها في مظانِّها من المراجع الفقهية.

[11] انظر: كتاب: "العدالة الاجتماعية في الإسلام".

[12] جمع مصْرِف، وهو مكان الصَّرف والإنفاق.

[13] والفعل غرم غرمًا وغرامة، ويدور معنى المادة على الملازمة.

والملاصقة، والغُرم: أداء شيء يلزم كالدين، والذي له الدَّين غريم؛ للزومه وإلحاحه على صاحبه.

[14] وَضَع يضع عن غريمه: نقص مما له عليه شيئًا.

[15] نفَّس عنه كربته: فَرَّجها وكشفها.

[16] فَضَلَ الشيء يفضُل فَضْلاً: زاد على الحاجة، يقال: أنفِقْ من مَالِك ما فَضَلَ.

[17] الذي أراه: ما يُعطاه المدين المعسر من مهلة حتى يتيسر له السداد، وقد جاء في "لسان العرب" تجاوز الله عنه: أي: عفا.

وقولهم: اللهم تجوَّز عني، وتجاوز عني، بمعنى.

وفي الحديث: ((كنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز))؛ أي: التساهل والتسامح في البيع والاقتضاء.

[18] أنظر الدين: أخره وأمهله، ويقال: أنظرتُ الدين، وأنظرته الدين، والنَّظِرة: الانتظار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاقتصاد الإسلامي يتقدم لإنقاذ العالم
  • أسبقية الاقتصاد الإسلامي
  • الاقتصاد الإسلامي الواقع والتحديات
  • دراسة عن مستقبل الاقتصاد الإسلامي في فرنسا
  • في الاقتصاد الإسلامي
  • العقلية التي ينظر بها الغرب للمسلمين (فرنسا أنموذجا)

مختارات من الشبكة

  • ملخص بحث: العلاقة بين النظام السياسي الإسلامي والنظام السياسي الديمقراطي دراسة تحليلية مقارنة(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: مقارنة بين النظام السياسي الإسلامي والنظام الغربي(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: البناء السياسي بين النظام الإسلامي والنظام الديموقراطي(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • سريلانكا: دورة في النظام المالي الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • لماذا لا أدري لكن لماذا؟(استشارة - الاستشارات)
  • فقه النظام المالي وأهمية مدارسته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النظام المالي المحاسبي ودوره في تفعيل نشاط بورصة الجزائر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (العلمنة - النظام التربوي)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • لمـاذا؟!(مقالة - موقع الدكتور وليد قصاب)
  • خبير إيطالي يدعو لإيجاد بدائل إسلامية للأنظمة الاقتصادية الربوية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب