• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

استثمار الوقف في شتى المجالات الاقتصادية

استثمار الوقف في شتى المجالات الاقتصادية
الطاهر زياني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/7/2014 ميلادي - 8/9/1435 هجري

الزيارات: 12166

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استثمار الوقف في شتى المجالات الاقتصادية


وبيان أثر ذلك والتوافق فيه

أولاً: في مجال الفلاحة والريّ:

وذلك كمن له قطعة أرض أو بستان أو أشجار وثمار، فيَقِفُها ليُعْمَل فيها بالمزارعة والمساقاة ونحوها ليكون جزء من غلتها للعمال المُضارَبين، والجزء الآخر في سبيل الله تعالى، مما يُسهم في إنعاش الدخل الفردي والقومي وقطاعِ الزراعة في البلد، مع بقاء أصل الأرض في سبيل الله تعالى، كما فعل النبي عليه السلام في بساتين مخيريق السبعة، ثم فعل ذلك بأرض فدك وبني النظير وخيبر حيث أعملها لليهود بشطر مما يخرج منها، كما خرج مسلم في الصحيح (1551) عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع "، - وسيأتي تفصيل ذلك في أدلة المشروعية -.

 

ومن الوقف في الحيوانات:

كمن يقف أنعامه في سبيل الله تعالى، وقد مر أنها تدخل في الوقف لتوالدها وتكاثرها، ويمكن الربح فيها عن طريق بيع ما ينتج منها من صوف أو وبر وجلد وحليب ونحو ذلك، وهل يُباع الحيوان المتوَلّد؟ الله أعلم، لكن يُباع ما خيف عليه من الهلاك كما ذكر العلماء.

 

وقد يدخل في ذلك من يقف حديقةً للحيوانات لأجل النزهة وتكون غلتها في سبيل الله والله أعلم.

 

وأما الاستثمار في قطاع الري والموارد المائية: ففي الاتجار بالماء خلاف، والذي صوّبه الأكثرون جواز ذلك إن صَاحَبَه تصنيع أو جهد بشري كبيع البئر أو الماء المُعلّب، أو الذي تُجريه الدولة في القنوات إلى بيوت الناس، فإنه في مقابل تلكم الأعمال والنقل، وعليه فلا بأس من الوقف الاستثماري في بناء السدود والأنهار والتشارك في ذلك، إن كان على سبيل النقل والجهد والتصنيع والله أعلم.

 

ثانياً وثالثاً: في مجال التجارة والصناعة:

نذكر المعاملات التالية التي توافق العلماء على مشروعيتها في الجملة:

ففي الصناعة: كمن يقف آلاته لصالح المصانع العامة، والمشاريع الخيرية، أو يستثمرها ويجعل خراجها في سبيل الله تعالى، وهكذا من يَقف مصنعا أو مؤسسة ونحوهما في سبيل الله، لتُصرف غلته على جهات الخير، ومن لم يستطع فيُشرع له الشركة في ذلك مع غيره، كما يصح له شراء بعض الأسهم من تلكم المؤسسات ثم يقف ريعها في سبيل الله تعالى، لما تقرر من مشروعية الوقف في المشاع كما سيأتي.

 

وفي مجال التجارة: بشقيها الفردي والجماعي، نذكر المعاملات التالية:

1- البيع والإجارة:

فمن الإجارة أن تُؤجّر مثلا تلكم الأعيان الوقفية أو الدور أو الفنادق أو المتاع أو الأثاث... ثم تُدفع غلتها في مصارف الخير المذكورة التي يُعيّنها الواقف كما ذكر الخصاف في باب مؤاجرة الوقف، أو تباع الغلة - لا رأس المال - ثم تصرف في سبيل الله تعالى.

 

وهكذا كمن يقف وسائل نقله أو آلاته في سبيل الله تعالى، بأن يستثمرها أو يؤجرها على المصانع والمؤسسات ونحوها، أو يُعمِل فيها أجراء، وتُسبّل غلتها، وقس على ذلك.

 

2- الشركة والأسهم:

الشركة في اللغة هي الاختلاط والاجتماع، واصطلاحا هي: اجتماع في استحقاق أو تصرف"، فهي إذًا على نوعين: شركة استحقاق أو أملاك، وشركة عقود أي تصرف.

 

والأصل في المضاربات والشركات الوقفية وأسهمِها ما سيأتي من طريقة معاملته عليه السلام في أرض مخيريق، ثم خيبر وفدك وبني النضير حيث أعملها اليهودَ بشطر مما يخرج منها، إضافة إلى ما قاله البخاري في الصحيح "باب إذا أوقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز"، ثم خرج (2771) عن أنس رضي الله عنه قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد، فقال: "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا"، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله".

 

وبجواز الوقف في المشاعِ مطلقًا أفتى جمهور السلف والخلف وتوافقوا، إلا ما روي عن محمد بن الحسن الحنفي من منعٍ، لكن فيما يَقْبَل القِسْمة فقط، وأما ما لا يقبلها فيجوز، والصواب أن الكل مشروع، لأن المائة سهم التي كانت لعمر بخيبر لم تكن منقسمة، ولتبويب البخاري وإخراجه حديث أنس رضي الله عنه السابق.

 

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/386):

"ويؤخذ منها - هذه الترجمة - جواز وقف المشاع والمخالف فيه محمد بن الحسن لكن خص المنع بما يمكن قسمته".

 

وقال العلامة العَيْني في شرح هذه الترجمة أيضا (14/52):

"أما إذا وَقفَ بَعْضَ ماله فهو وَقْفُ المشاع، فإِنه يجوزُ عند أبي يوسف والشافعي ومالك، لأن القبض ليس بِشَرْط عندهم، وعند محمد لا يجوزُ وَقْفُ المشاع فيما يَقْبَل القِسْمة، لأن القبض شَرْطٌ عنده "، ونرجع الآن إلى أقسام الشركة:

أ- أما شركة الأملاك:

فأن يتملك اثنان فأكثر عينا، إما حتما من غير فعلهما كمن يشتركون في الإرث أو غلة الوقف، وإما أن يشتركا اختيارا كالشراء وقبول الهدية والهبة، على أن كل واحد لا يتصرف في ملك غيره بالعمل ونحوه، فإن عملا بالتجارة أو الاستثمار ونحوها صارت شركة عقود والله أعلم.

 

ب- وأما شركة العقود والتصرف:

فيمكن حدّها بتعريف شامل يدخل فيه الشركة في الوقف وغيره فيقال: "هي اتفاق بين طرفيْن فأكثر للقيام بأي نشاط اقتصادي بغية الربح المشترك المشاع، مع تحمل الخسارة "، وإنما قلنا " طرفين " حتى يدخل في ذلك: شخصان أو جهتان أو جهة مع شخص، وهذا أعم.

 

وتنقسم شركة العقود إلى ثلاثة أقسام: شركة أموال وأعمال ووجوه:

القسم الأول: شركة الأموال:

وتشتمل على ثلاثة أنواع: العنان والمفاوضة والقراض.

 

النوع الأول: المضاربة:

هي عقد شراكةٍ بين طرفين على دفع مالٍ معلوم من أحدهما إلى الآخر على أن يتجر فيه بجزء مشاع معلوم من ربحه "، وسواء أكان الطرفان شخصين معلومين، أو كان أحدهما شخص والثاني جهة معينة كما هو الأمر في الوقف، بحيث تدفع الجهة الناظرة في الوقف إلى شخصٍ معين مالا وقفيا ليتجر به الشخص والربح بينهما، أو العكس بأن يدفع الأشخاصُ أموالهم إلى الشركة الوقفية والمستثمِرَة مثلا لتتجر به، ثم يكون لهم سهم من الربح على حسب رؤوس أموالهم، وبقية الأسهم في سبيل الله تعالى.

 

إلا أنّ الإشكال المطروح هنا: هل تصح المضاربة في الأعيان من عروض وعقار وآليات ومركوبات ونحوها؟ فإن عامة الأوقاف مبينية على هذا الشكل كما بينا؟ أم لا بد من الاقتصار على المضاربة في الأموال النقدية فقط كما هو مشهور من مذهب الجمهور؟

 

والجواب: هو الجواز في الجميع، لأن طائفة من العلماء صحّحوا المضاربةَ في العروض والسلع ونحوها شرط أن تُقوَّم، وذلك من أجل المحافظة على رأس المال ومعرفة ثمنه، ومن ثَم اقتسام الربح فيما زاد عليه، وذلك قياسا على المزارعة والمساقاة، فإن الأرض والأشجار والثمار فيها، هي أعيان وليست نقدا.

 

وعليه: فلا بأس من أن تُعطي الجهة الواقفةُ وسائل نقلها وآلياتها ونحو ذلك، لشخص ليعمل بها والربح بينهما مشاعا، كما يصح لها أن تجعل لذلك أجيرا، كل ذلك على حسب مصلحة الوقف والأنفع له، وقد عقد الخصاف لمسألة المضاربة بالضيعة أو الدار ونحوهما بابا، وكان مما قال فيه (291): "وإن كان فيها فضل عن رأس المال جاز الوقف في حصة رب المال منها، وهو مقدار رأٍس ماله وحصته من الربح".

 

كما يصح العكس: بأن يَدفع الأشخاصُ أعيانهم للمصنع الوقفي مثلا ليَعمل بها على سهم من الربح، كما لهم أن يؤجروا ذلك بثمن معلوم وبالله التوفيق.

 

النوع الثاني: شركة العنان:

أن يشترك شخصان فأكثر في مالَيْهِما المُتحد للاتجار به، مع حرية التصرف فيه، والربح بينهما على حسب المال"، والعنان من عنّ أي ظهر وبدا، أو من عنان الفرس، فكأنك أطلقت العنان لشريكك في أن يتصرف في ما بدا له من الماليْن.

 

كما أنها تكون بإتْيان الطرفين بأي مبلغ مالي لكن متحد الجنس متماثله ليشتركا به، إذ لا يُشترط فيها التساوي في رأس المال ولا في الأسهم.

 

ولم نزد قيد: [بالعمل] لأنه لا يُشترط العمل من كليهما، لكنْ يُنيب من يعمل عنه ويدفع له من حصته.

 

وكل شروطها موجودة في تعريفها، من حرية التصرف، والتشارك بمال متشابه متحد، ولوْ غير متساو، والربح على قدر رأس المال، وحكمها الجواز عند عامة الفقهاء.

 

ويمكن تخريج ما سبق على شركة العنان الوقفية فنقول: هي أن يشترك طرفان - جهتان، أو شخص مع جهة، أو أكثر- في مالَيْهِما المُتحد أو الـمُقوّم للإتجار به، مع حرية التصرف، والربح بينهما على حسب المال"، وعليه فتصلح هذه الشركة في المال المتحد الجنس، وفي حالة ما لوْ أطلق الواقفُ العنانَ لناظر الوقف أو العامل فيه، بأن يجعله حرا في التصرف فيه، بما يناسب مصلحة الوقف ونماءه، أو العكسُ بأن يُطلق الشريكُ العنانَ لناظرِ الوقفِ أو مؤسسته في أن تفعل به ما شاءت.

 

لكن يبقى نفسُ الإشكالِ الذي سبق في مسألة المضاربة من اشتراط النقد في رأس المال، وقد ذكرنا هنالك إباحة جمع من العلماء للشركة والمضاربة في الأعيان والعروض لكن شرط أن تُقَوّم حتى يُعرف رأس المال الأصلي ولا يختلط بالربح، ولذلك زدنا في الحدّ: "أو المُقوّم".

 

وعليه: فيصح أن يشترك شخص لمصلحته، مع جهة وقفية، أو تشترك جهتان وقفيتان أو أكثر -بمالهما ولو لم يتساوَ أو في أعيانهما المتحدة المتشابهة المقومة -، في بناء مصنع أو إنشاء مؤسسة ونحو ذلك على أن يُطلَقَ العنان للعامل حتى يكون حرا في التصرف، لكن بما يناسب مصلحة الوقف ونماءه، ثم تكون الغلة على حسب رأس المال، وإن لم يعمل أحدهما لزمه أن يأتي بعامل على حسابه، ومن نصيبه.

 

النوع الثالث: شركة المفاوضة:

في اللغة هي المساواة أو التفويض، واصطلاحاً: أن يشترك طرفان - شخصان أو جهتان أو جهة وشخص - في ماليهما [ولو المختلف عند مالك] [والمتساوي عند الحنفية] للإتجار به بشروط وحدود، والربح بينهما"،

 

فقد أجاز مالك الشركةَ من ماليْن مختلفين، ولم يشترط خلط المال ومزجه، وأما الحنفية فإنهم اشترطوا فيها المساواة في رأس المال، والمعنى اللغوي يقويه، إلا أن الذي عليه الجمهور أن لها نفس شروط شركة العنان، فما قيل هناك يقال هنا، إلا في شرطِ حريةِ التصرفِ، فإن شركة المفاوضة محددة بشروط.

 

وتصلح في شركة المفاوضة الوقفية فيما لو اشترط الواقف عملا معينا في وقفه، أو بناء مصنع وقفيّ لشيء معين وهكذا، وهنا لا يصح مخالفة شرطه، وحديث عمر في تحبيس أرضه واشتراطه لعدة شروطٍ أصلٌ في ذلك كما سيأتي.

 

القسم الثاني: شركة الأبدان أو الأعمال:

أن يشترك صاحبا صنعتين متوافقتين [لكن في مكان متحد عند المالكية] بأبدانهما على أعمال معينة والربح بينهما مشاعا"، فشروطها مأخوذة من تعريفها.

 

ومثالها: أن يقول خياط لمصمم: هلمّ فلنشترك بيننا في العمل، على أن يكون الربح بيننا مناصفة.

 

وحكمها: الجواز بشرط تبيين العمل مع اتحاد الصنعتين وتوافقهما، كخياط مع مصمم، واشترط أصحابُ مالك اتفاقَ المكانين، ويمكن تخريجها على الوقف بحصرها على الأعمال فقط لا الأبدان فتسمى بـ:

شركة الأعمال الوقفية: ويمكن تعريفها بأنها: "اشتراك طرفين - جهتين أو جهة مع شخص - على عمليْن مختلفين لكن متوافقيْن على ربح مشاع"، فالجهة ربحها في سبيل الله، والشخص ربحه لنفسه.

 

وذلك كأن يقف شخص مصنعا للتصميم وآخر للخياطة ثم يشتركان، أو كمصنع للغزل مع النسيج وهكذا، أو كمنجم لاستخراج المعادن وآخر لتصنيعها وهكذا.

 

وبالجملة فهذه الأنواع من الشركات لا شك من أن فيها تيسيرا على الأمة وخيراً كثيرا، فإن أصحاب الأوقاف إذا اجتمعوا واشتركوا وقسموا الغلات في سبيل الله، ائتلفت القلوب، وتكاملت الوظائف، وحصل نوع من التعاون والتلاحم والتكاتف والتعاطف بين الجميع، وشعر كل منهم أن عمله لأخيه.

 

وهذا ما يؤدي إلى التعاون البناء بين أفراد المجتمع على تنمية أوقافهم وإنعاش اقتصاد بلدهم، وإعانة الفقراء فيه، مع التيسير ورفع الحرج عن الناس.

 

وأما القسم الثالث: شركة الوجوه أو الذمم:

وهي أن يشترك اثنان فأكثر فيما يشتريان بذمتيهما، والعمل منهما، وما ربحا فهو مشاع بينهما"، وسميت بذلك لأنها ليس لها رأس مال، وإنما تبذل فيها الذمم والجاه وثقة التجار بهما، فيشتريان ويبيعان بذلك"، وهذه لا علاقة لها بالأوقاف، والله أعلم.

 

الشركات الحديثة:

ترجع أهميتها وسبب وجودها إلى هذا التطور الكبير الذي توصلت إليه البشرية، إذْ لم يعد بإمكان الخواصِّ من تمويل المشاريع الكبرى بمفردهم، فظهر في هذا العصر شركات كبرى تقوم على التعاون في جمع الأسهم التي يسدد قيمتها الجمّ من الناس، سواء عن طريق الاستثمار الشخصي أو الوقفي في سبيل الله، ومن أهم ميزاتها أنها تعتمد على عنصر الوكالة، بحيث تكون الشركة وكيلاً عنهم في استثمار المال كالمضاربة.

 

بل ومع ذلك فقد تحتاج بعض المشاريع الكبرى إلى الاقتراض، فتلجأ إلى ما يسمى بالسندات.

 

وكل ذلك يطلق عليه اسم: بورصة الأوراق المالية، المتكونة من تلك الأسهم والسندات.

 

فالسندات: هي صكّ مالي ضماني قابل للتداول يُمنح للمقرِض، فإن كان بفائدة فهو ربا.

 

وأما الأسهم: فهي عبارة عن صكوك مقدرة بالنقود، تمثّل حقوق أصحابها، بحيث تكون متساويةَ القيمة غالبا، قابلة للتداول لا للتجزئة (الكسور)، في الشركات التي أسهموا فيها"،

 

ومعنى التداول السماح ببيع السهم، بحيث إذا ارتفعت أرباح الشركة ارتفع ثمن السهم، وإذا خسرت انخفض.

 

ثم إنّ السهم الذي يقفه الشريك للشركة يخرج عن ملكه، ويصبح ملكا لله، تعمل به الشركة كشخص معنوي، وعليه: فمن وقف سهمه فكأنما شارك في عين تلك الشركة أو المصنع أو المؤسسة، وهذا من شرط الوقف، لأنه يكون في الأعيان، ثم تُقوم له تلك المشاركة في الشركة نقدًا فيكون هو سهمه، وهذا مشروع لأمريْن:

أولاهما: القياس على التشارك في بناءِ المسجد ووقف أرضه، كما مر من تبويب البخاري، فإن الناس وإن تشاركوا في المسجد عن طريق النقد، فإن هذا النقدَ يصير بمثابة سهم وعينٍ، لأن مآله في بناء نفس المسجد فيكون وقفا، فكذلك الأمر في أسهم الشركات والمؤسسات ونحوها.

 

والأمر الثاني: أنا قد ذكرنا في شرط المضاربة والعنان بأنها لا تكون إلا نقدا، وأما الوقف فلا يكون إلا عينا، وأنّ بعض العلماء أجازوا الشركة في الأعيان والعروض ونحوها شرط أن تُقوم نقدا، وهذا التقدير حاصل هنا من باب أولى، لأنّ هذا النقدَ المدفوعَ يصير عينا كما ذكرنا، بل قد صارت تلك الأسهم بمنزلة رأس المال الثابت كالعقار ونحوه.

 

ثم إن هذا السهم الموقوف في تلكم المصانع والشركات... قد يرتفع ثمنه بسبب ربح الشركة، ثم تُجعل غلته في سبيل الله تعالى كما يُحدد الواقف، وربما توالد السهمُ أسهما أخرى وتُدووِل بها في سوق المال والأعمال لتباع وتُجعل في سبيل الله أيضا، مع بقاء أصل السهم لا يباع ولا يوهب....

 

قال عبد الوهاب بن إبراهيم في " عناية المسلمين بالوقف خدمة للقرآن الكريم (42):

"ومما استحدث من أنواع المعاملات التجاريةِ، التجارةُ في الأسهم التابعة للشركات، فأصبحت قيمة الأسهم وأرباحها ترتفع حسب نشاط الشركة في سوق المضاربات المالية، يشترى السهم بقيمة محددة في السوق يوم شرائه، وفي نهاية العام المالي للشركة وتصفية الحساب توزع الأرباح فيدفع لأصحاب الأسهم من الأرباح قدر عدد مشاركتهم من الأسهم، أصبح السهم أو الأسهم بمنزلة رأس المال الثابت كالعقار، يدر أرباحاً سنوية مع الاحتفاظ بقيمته إذا قدر الربح.

 

قال: "هذا النوع من المعاملات التجارية فتح آفاقاً جديدة للوقف الإسلامي، بحيث أصبح يمثل بعض الموارد الثابتة للإنفاق على المؤسسات الوقفية الخيرية.

 

هذا وتنقسم الشركات الحديثة إلى ثلاثة أقسام:

شركة أشخاص، وأموال، وتأمين، وكلها ترجع إلى الأقسام التي ذكرها السلف الأولون:

ق1/ شركة الأشخاص:

وهي التي تقوم على شخصية الشركاء - كالوجوه - وتعارفهم والثقة المتبادلة بينهم، بحيث يدفع كل شخص سهما معينا للشركة - كالمضاربة -"، وهي مشتملة على ثلاثة أنواع:

1- شركة التضامن:

وهي الشركة التي يعقدها اثنان متعارفان فأكثر بقصد الاتجار، بحيث يكون المال من جميع الشركاء، والعمل من بعضهم، على أن يكون الشركاء مسؤولون عن بعضهم بعضا بالضمان أو الكفالة أو الالتزام على جميع التزامات الشركة، ولو من مالهم الخاصّ"، وعليه فاشتراط عنصر الضمان وكون كل شريك كفيلاً عن الآخر في التزامات الشركة، مما تتميز به شركة المفاوضة، لكن كون مال أحدهما أكثر من الآخر، مع إطلاق التصرف وكون أحدهما مسؤولاً عن الشركة، والآخر لا، فمن مميزات شركة العنان، وكون المال من جميع الشركاء والعمل من بعضهم فمن سمات المضاربة.

 

2- شركة التوصية البسيطة:

قال وهبة الزحيلي في الفقهِ الإسلاميِّ وأدلته (5/613): "هي الشركة التي تعقد بين شركاء بمالهم، بعضهم متضامنون ومسؤولون عن التزامات الشركة، وبعضهم موصون مقدّمون للمال"، فالمتضامنون: هم المسؤولون بحرية على القيام بأعمال وإدارة الشركة، ومتضامنون فيها، والموصون: يقدمون المال فقط"، فهي إذا من شركة المضاربة التي ذكرنا، وقد تكون من قبيل شركة العنان التي يُطلق فيها العنان للشريك بحرية التصرف، ويصح فيها ترك العمل من أحد الشركاء على أن يأتي بأجير على حسابه.

 

3- شركة المحاصّة:

"هي عقد يلتزم به اثنان فأكثر بتقديم حصة من مال أو عمل في مشروع، والربح بينهم"، إلا أنها تمتاز بخفائها عن الناس إذ ليس لها شركة ولا عنوان، ولا يبرز فيها إلا شريك واحد يتعامل في الظاهر باسمه، فهي إذًا أشبه بشركة العنان أو الأبدان، وقد تُسلم الحصص لأحد الشركاء لاستثمارها، فتكون مضاربة، لكن إذا كان المال من الجميع فهي أشبه بشركة العنان والله أعلم.

 

قال وهبة الزحيلي في الفقهِ الإسلاميِّ وأدلته (5/573):

"إن شركات الأشخاص التجارية في القانون الوضعي، وهي: شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة المحاصة، تعتبر جميعها في الجملة من قبيل شركة المضاربة في الفقه الإسلامي".

 

ق2/شركات الأموال:

قال الزحيلي (5/611): هي المعتمدة في تكوينها على عنصر المال مع إمكان التداول بقطع النظر عن - معرفة - شخصية الشريك، بل قد لا يعرف الشركاء بعضهم بعضاً "، وهي ثلاثة أنواع:

1- شركة المساهمة:

هي التي يقسم فيها رأس المال إلى أسهم صغيرة متساوية، قابلة للتداول لا للتجزئة، ويتحدد الربح والضمان ومسؤولية المساهم كل بقدر أسهمه"، ويعتبر مدير الشركة وعمالها أُجَرَاء عند المساهِمين، سواء أكانوا مساهمين معهم أم لا، فهي أشبه بشركة العنان، لقيامها على أساس التراضي وحرية التصرف من طرف مجلس الإدارة.

 

2- شركة التوصية بالأسهم:

هي التي تُعقد بين شركاء بمالهم بعضهم متضامنون ومسؤولون، وبعضهم مساهمون موصون"، فالمساهمون لهم أسهم متداولة، ومسؤوليتهم في حدود حصصهم فقط، فهي أشبه بشركة المفاوضة من حيث اشتراط التضامن والكفالة بين بعض الشركاء، كما أنها أشبه بالعنان من حيث الإذن بحرية الشريك المتضامن بالتصرف، كما أن عمل المتضامنين في أموال المساهمين خاضع لأحكام شركة المضاربة.

 

3- الشركة ذات المسؤولية المحدودة:

هي الشركة التي يكون رأس مالها غير متداول، بل مملوكا لأقل من خمسين شريكاً، بحيث يكون كل منهم مسؤولاً بقدر حصته فقط"، فهي إذا من شركة المفاوضة المقيدة.

 

ق3/ شركات التأمين:

وهي إما جبرية ممنوعة، وقد تكون ادخارية تعاونية، أو قراضية مشروعة: بحيث يُدفع المال طوعا وبانتظام إلى الصندوق، أو إلى الشركة المؤمّنة لتُضارب به، على أن يستفيد منه من أصابته آفة أو مرض أو ضيق أو كبر"، وقد فصلت القول فيهما في كتاب "البدر التمام في إدارة المال والأعمال في الإسلام"، وبينت أن الضمان التطوعي له صورتان حسنتان: أحدهما تطوعية تكافلية بين العمال، والثانية تِجارية تعاونية عن طريق الشركة أو المضاربة بحيث يبقى رأس مال المؤمّن محفوظا له وينمو لمصلحته ويستفيد منه، وإن وَقَف سهمه لله فإنه ينمو لمصلحة الجهة الموقوف عليها، وله أن يشترط الاستفادة من وقفه لثبوت ذلك من السنة وعن السلف.

 

ومن النماذج العملية على ذلك وفائدته: ما قاله عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان في كتابه عناية المسلمين بالوقف خدمة للقرآن الكريم (42):

"تنبه بعض المحسنين إلى هذه الجوانب الإيجابية في التجارة بالأسهم، وما تمثله من مورد ثابت لمدارس جمعيات تحفيظ القرآن، وقد ظهرت أسماء عدد من المحسنين في التقرير السنوي لعام 1416 ممن تبرعوا ببعض الأسهم في بعض الشركات الوطنية، كما يتبين من القائمة التالية:

• (140) سهماً في شركة النقل الجماعي بمكة المكرمة، تبرع بها الشيخ محمد صالح جمعة.

 

• (10) عشرة أسهم في شركة الأسمدة سافكو، تبرع بها ورثة الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز.

 

• مائة وعشرون سهماً في شركة النقل الجماعي، تبرع بها سعادة الشيخ محمد سعيد الوادي.

 

• (1146) سهماً في شركة كهرباء مكة المكرمة، تبرع بها سعادة الشيخ صدقة عبد الرحمن.

 

• (183) مائة وثلاثة وثمانون سهماً في شركة كهرباء مكة تبرع بها سعادة الشيخ أكرم مندورة.

 

• مائتان وثلاثون سهماً في شركة كهرباء مكة المكرمة، تبرع بها سعادة الشيخ حسين صالح سابق.

 

• (42) اثنان وأربعون سهماً في الشركة الوطنية للتنمية الزراعية (نادك)، تبرع بها سعادة الشيخ محمد فضل الحق، وزوجته عزيزة عبد الرحمن طاشكندي.

 

• (33) ثلاثة وثلاثون سهماً تبرع بها سعادة الشيخ محمد فضل الحق في شركة الفنادق.

 

• (30) ثلاثون سهماً في شركة الجنوب، تبرع بها فاعل خير.

 

انضم إلى هذه المجموعة من الأسهم - كما ورد في التقرير السنوي للجمعية عام 1419هـ‍ واحد وتسعون سهماً في الشركة السعودية الموحدة للكهرباء بالمنطقة الغربية تبرعت بها السيدة نادية"، وستأتي نماذج أخرى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آفاق الوقف والعمل الخيري
  • الوقف صدقة جارية وتنمية اجتماعية
  • الوقف.. وبركته على الفرد والجماعة
  • نظرية المقاصد في فقه الوقف
  • الوقف وأثره في تحقيق التنمية الاجتماعية
  • الوقف في المجال الاقتصادي الاستثماري ( أهميته وأمثلته وآثاره )
  • الوقف في المجال الثقافي والعلمي وأهميته
  • نماذج من الوقف في زمن التابعين وأتباعهم
  • نماذج من الوقف في الجانب الاجتماعي
  • نماذج لتطور الوقف من بعد القرن الثالث إلى نهاية الخلافة العثمانية
  • نماذج من الوقف الاستثماري الديني
  • الوقف في العالم الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • أفضل أنواع الاستثمار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • استثمار أموال الوقف بين الضوابط الشرعية والجدوى الاقتصادية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • نماذج من تطور الوقف الاستثماري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوقف مصدر اقتصادي ومنهج استثماري(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الوقف الصحي أنواعه واستثماراته(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • الشيخ سليمان بن جاسر الجاسر في محاضرة بعنوان (الوقف الصحي-أنواعه واستثماراته)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • من أقسام الوقف : الوقف الاختياري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقسام الوقف : الوقف الاختباري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشراكة في عقار وقفي(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الوقف في العصر الحديث في بلاد الحرمين (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- رائع
رويس الفضلي - اليمن 31-07-2023 02:30 PM

بحث رائع ومعلومات قيمة..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب