• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة (2)
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (13)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد
علامة باركود

الاعتماد الاقتصادي المتبادل

الاعتماد الاقتصادي المتبادل
أ. د. محمد أحمد علي مفتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/6/2014 ميلادي - 15/8/1435 هجري

الزيارات: 28593

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاعتماد الاقتصادي المتبادل

تأليف الدكتور: لويد جنسن

ترجمة

الدكتور محمد بن أحمد مفتي

الدكتور محمد السيد سليم

 

لا شك أن العالَمَ قد أصبح أقلَّ حجمًا وأكثَرَ ترابطًا في السنوات الأخيرة؛ فقد أصبَح من الممكنِ في الوقت الراهن - من خلال الأقمار الصناعيةِ في الفضاء الخارجي - الاتصالُ بشكل فوري مع شعوب العالم الأخرى، كما أن تطورَ وسائل السفر بالطائرات قد جعَل أعدادًا كبيرة من الأفراد تستطيعُ زيارة أماكن نائية، وازداد حجمُ ومعدل زيادة المعاملات الاقتصادية بما تتضمَّنُه من مبادلاتٍ تجارية، وإنشاء فروع خارجية للشركات والبنوك، ويوضِّحُ أحدُ التقديرات أن التجارةَ العالمية ازدادت بمعدَّلٍ يزيد على 7% خلال السنوات التالية للحرب العالمية الثانية، كما أن الاستثمارَ الأجنبي المباشر، والإنتاج فيما وراء البحار، قد ازداد بمعدلٍ أكبرَ[1]، ورغم الكسادِ الذي شهِده الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، فإن الدولَ لم تلجأ - إلا فيما ندر - إلى سياساتِ الحماية التجارية التي سادت العالَمَ خلال الثلاثينيات، ممَّا أدَّى إلى امتداد الكساد من دولةٍ إلى أخرى.

 

ويترتَّبُ على ظاهرة الاعتماد الاقتصادي المتبادل عددٌ من النتائج الإيجابية، فمن ناحية أولى، يؤدي الاعتمادُ المتبادل - في نظرِ البعض - إلى الإقلالِ من الصراعات بين الدول؛ فالدول تتردَّدُ في دخول صراعات، خشيةَ تجميد أرصدتها الخارجية، أو توقُّف معاملاتها الاقتصادية الخارجية، وكلما ازداد حجمُ استثمار الدول في دولة أخرى، وازداد حجمُ تجارتها معها، أصبحت أكثرَ اعتمادًا على الاستقرار السياسي والاقتصادي في تلك الدولة، ولا شك أن أحدَ القيود الكبرى التي تحدُّ من رغبة دول منظمة الأوبك في زيادة أسعار البترول هو وجودُ أرصدةٍ دولارية طائلة لتلك الدولِ في الدول الغربية - وأهمها الولايات المتحدة؛ فدولُ منظمة الأوبك تخشى أن تُضعِفَ زيادةُ أسعار البترول من اقتصادياتِ وقيمةِ عملةِ الدول التي تستثمر فيها أرصدتها، مما يؤدي إلى فِقدان دولِ المنظمة ذاتِها - وغيرها من المستثمرين المحليين والأجنبيين - جزءًا كبيرًا من قيمةِ تلك الأرصدة، كذلك، فإن الشركاتِ التي لها استثمارات أجنبية ضخمة تعمَلُ على ضبط السلوك الصراعي للدولة الأم تجاه الدول المستقبلة للاستثمارات، خشية أن يؤديَ انفلاتُ سلوك الدولة الأم الصراعي إلى تأميمِ استثمارات تلك الشركات، أو سحب الامتيازات الخاصة الممنوحة لها في الدولِ المستقبلة للاستثمارات، ناهيك عن احتمالِ فقدان أحدِ مصادر المواد الخام اللازمة لتلك الشركات، ومن ثَم فإن الدولَ التي تهدف إلى حماية مصالحِها الاقتصادية في الخارج تحرِصُ على الابتعاد عن التدخل العسكري المكشوف لحماية تلك الاستثمارات، وتفضِّلُ اللجوء إلى الأدوات المستترة.

 

ويتصور أنصار مبدأ حرية التجارة أن التخصصَ الاقتصادي، بما يتضمنه من تخصُّص كل دولة في إنتاج السِّلَع والخدمات التي تتمتعُ فيها بميزة نسبية، سيؤدِّي إلى زيادةِ الاستقرار الاقتصادي العالمي؛ فالتخصُّص الاقتصادي في نظرهم سيحقِّق مصلحةَ جميع الدول، كما أنه سيحقق نوعًا من الاعتماد المتبادل بينها، مما يؤدِّي إلى الإقلال من حجم صراعاتها؛ لأنها تخشى من أن تؤديَ تلك الصراعاتُ إلى وقف وارداتها من منتجات الدول الأخرى، ففي عالم متخصص ومترابط اقتصاديًّا ستعمَل المصالح الاقتصادية كعنصرٍ ضاغط على الحكومات من أجلِ المحافظة على السلام الدولي.

 

كذلك، فقد تصوَّر الوظيفيون، والوظيفيون الجُدد، أن الاعتمادَ الاقتصادي المتبادل سيدفَعُ صانعي السياسة الخارجية في الدول إلى استبدالِ ولاءاتهم الوطنية المحدودة بولاءات أكثرَ عالمية وأكثر اتساعًا؛ فالمشاركةُ في إدارة المعاملات الاقتصادية بين الدول - طبقًا للنظرية الوظيفية - تؤدِّي إلى تطوير أنماط مشتركة لتحليل المشكلات بين المشاركين، وخَلْق ولاءات جديدة أساسها الاهتمام بالمصالح المشتركة بين الدول.

 

ويمكِنُ أن نجدَ أمثلة لتلك الولاءات الوظيفية بين رجال الأعمال في مختلف الدول، وبين الجماعات العمَّالية الدولية المختلفة، وفي غمارِ هذا التحول، ربما تتغيَّرُ ولاءات صانعي السياسة الخارجية بالتدرُّج من التركيز على الدولة إلى الاهتمامِ بالشركات المتعدِّدة الجنسية وبالمؤسسات العالمية، ومن ثَم فإن النظريةَ الوظيفية ترى أن الشركاتِ المتعددة الجنسية هي أداةٌ لتحقيق التكاملِ بين الدول المختلفة؛ لأنها تخلُقُ قضايا مشتركة بين تلك الدول، وسيؤدي ذلك كلُّه بالتالي إلى تطوير تصوراتٍ دولية مشتركة بين مَن يشاركون في الأنشطةِ الدولية.

 

وعلى الرغم من كلِّ هذه النتائج التي يرتِّبُها الوظيفيون، والوظيفيون الجُدد على الانخراط في أنشطة الشركاتِ المتعددة الجنسية والأنشطة الاقتصادية الدولية بصفة عامة - فإن هذا الانخراطَ لم يؤدِّ من الناحية العملية إلى تلك النتائج، ففي إحدى الدراسات التي أجريت على 2766 استمارة أجاب عليها رجالُ الأعمال الألمان - بهدف التعرُّفِ على أثَرِ العمل في الشركات المتعددة الجنسية على الاتجاهات الدولية للأفراد العاملين بها - استخلص مينيس وسوفان أنه لا يوجَدُ ارتباطٌ بين المتغيرين[2]، وقد توصل باور، وبول، وديكستر إلى نتيجة مشابهة؛ حيث تبين لهم أن مشاركةَ نُخَبِ رجال الأعمال في الأنشطة الدولية لم يغيِّرْ كثيرًا من اتجاهاتهم الأساسية إزاء التشريعات المتعلِّقة بالتجارة الخارجية[3].

 

وقد يؤدِّي الاعتمادُ الاقتصادي المتبادل إلى تخفيف حدَّةِ الصراع الدولي بصورة أخرى؛ ذلك أن المنافعَ التي تعود على الدول الداخلة في عملية الاعتماد الاقتصادي المتبادل تؤدِّي بها إلى التمسُّكِ بتلك العملية، حتى ولو اتبعت الدولُ الأخرى بعضَ السياسات الضارة بعضًا من الوقت؛ فالمشاركون في عمليةِ الاعتماد المتبادل يميلون إلى قَبولِ فكرة أنهم قد لا يحقِّقون مكاسبَ في كل معاملةٍ من المعاملات التي تحدُث، وإلى قَبول الحلول الوسطى على أساسِ توقُّع أن الآخرينَ سينهجون النهجَ ذاتَه في المستقبل.

 

وأخيرًا، ينبغي ملاحظةُ أن حاجةَ الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية إلى التقنية، والائتمان، والتجارة الخارجية التي يمكنُ أن توفِّرَها الدولةُ الغربية قد أسهم في خَلْقِ مناخ الانفراج وتطبيع العلاقات مع الغرب؛ فالصين الشعبيةُ أصبحت على استعدادٍ للتخلي عن المفهوم "الماوي" للاعتماد على الذاتِ من أجل التحديث، كما أنه قُبيل التدخُّل السوفيتي في أفغانستان كان الاتحادُ السوفيتي أكثرَ ميلاً إلى قَبول الحلول التوفيقية مع الغرب فيما يتعلَّقُ بعدد من القضايا تتراوحُ ما بين محادثات الحدِّ من الأسلحة الإستراتيجية إلى قضيةِ اليهود السوفييت.

 

ولا يوجَدُ اتفاقٌ عامٌّ بين الباحثين فيما يتعلَّق بالمزايا التي تترتَّبُ على فرضية التجارة والتفاعل الاقتصادي كأداةٍ من أدوات زيادة الاعتماد المتبادل ورفاهية مختلف شعوب العالم، فقد انتقد البعض - وبالذات الاقتصادي الأمريكي اللاتيني راؤول بريبيش - عدمَ تكافؤِ هيكل التجارة بين الدول المتقدمة والدول النامية[4]، فيرى بريبيش أن حريةَ التجارة تعُودُ بالمنافع على الدول المتقدمة أكثرَ مما تعود على الدول النامية بحُكم الاختلافات الاقتصادية الهيكلية بين تلك الدول والتي تمُرُّ بمراحلَ متفاوتة من التطور الاقتصادي؛ فالدولُ النامية تصدِّرُ المواد الأولية بصفة رئيسة، كما أنها تستورد الموادَّ المصنَّعة، وبما أن أسعارَ المواد الأولية قد تدهورت مقارنةً بأسعار المواد المصنعة، فإن تلك الدولَ تواجه عجزًا دائمًا في موازينها التجارية، ويرجعُ إلى ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية:

1- نظرًا لقوة الاتحادات العمَّالية في الدول المتقدمة، وقدرة تلك الاتحادات على المطالبة بأجور أعلى، فإن أسعارَ الموادِّ المصنَّعة في الدول المتقدمة تزدادُ باستمرارٍ مقارنةً بأسعار المواد الأوَّلية.

 

2- يتميز الطلبُ على المواد المصنعة بعدم المرونة مقارنة بالطلب على المواد الأولية، فهناك حدٌّ معيَّن لقدرة البشر على استهلاك المواد الأولية، مما يعني أن زيادةَ إنتاجية تلك المواد - كالغذاء والطاقة - ستؤدِّي إلى انخفاض أسعار الوَحدة الواحدة منها، هذا بخلاف الكثير من المواد المصنَّعة التي لم يتشبَّعْ بها السوق العالمي بعد.

 

3- أدى إنتاجُ البدائل التركيبية المصنَّعة لكثير من المواد الأولية إلى تدهورِ قيمة المواد الأولية.

 

بَيْدَ أنَّ بعض الاقتصاديين لا يتفق مع مقولة بريبيش التي تؤكدُ أن أسعار المواد الأولية تتدهور مقارنةً بأسعار المواد المصنعة؛ ذلك أن خبرةَ منظمة الدول المنتجة للبترول (الأوبك) في زيادة أسعار البترول إلى أربعة أمثاله عامي 1973 - 1974م، تبرهنُ على نقيض مقولة بريبيش؛ ولذلك فقد لاحظ فيرنون أن الدراساتِ الحديثةَ توضح أنه لا توجَدُ علاقة ثابتة بين أسعار المواد الأولية وأسعار المواد المصنَّعة، وأنه ربما يمكن القول: إن أسعارَ المواد المصنَّعة قد تدهورت مقارنة بأسعار المواد الأولية[5].

 

كذلك، فقد أشار جالتونج إلى عدمِ التكافؤ الهيكلي الذي يجبِرُ الدول النامية - أو دول الهامش كما يسميها - إلى التخصصِ في إنتاج الموادِّ الأولية للتصدير[6]، وهذا يعني حرمان الدول النامية من القيمة المضافة الناشئة عن تصنيع موادها الأولية، وإجبارَها على تحمل تكاليف نقل المواد المصنعة، ويؤكد منظرو التبعية - وهو الاسم الذي يُطلَق على أمثال هؤلاء الدارسين - أن الدولَ المتقدِّمة تعمَلُ على إبقاء النامية عند وضع الاعتماد على التجارة الخارجية من خلال استعمال أدوات مختلفة كالمعونة الخارجية، والسياسات الاستثمارية التي تعرقل تراكمَ رأس المال الداخلي، وسياسة النمو غير المتوازن لمختلف قطاعات الاقتصاد المحلي.

 

وقد حاولَتْ بعضُ الدراسات أن تختبر بعض مقولات نظرية التبعية، بَيْدَ أنَّ نتائجَ تلك الدراسات لم تكُنْ حاسمة؛ فقد انتهى واليري - من واقعِ تحليله لثمان وثمانين دولة خلال الستينات - إلى أنه كلما ازداد اعتمادُ الدولة على التجارة الخارجية، قلَّ مستوى تطورِها الاقتصادي[7]، وقد وجَد أن حوالي 48% من التباين في مستوى التطور الاقتصادي لسنة 1970م قد تأثَّر بثلاثةٍ من مؤشرات التبعية التجارية التي استخدمها لسنة 1960م، ومن ناحية أخرى، توصَّلت الدراسات الإمبيريقية المتعلقة بأمريكا اللاتينية وإفريقيا في منتصف الستينيات إلى أن التبعيةَ الاقتصادية قد أدَّت في الواقع إلى زيادةِ النمو الاقتصادي[8].

 

ويرى بعض الدارسين أن الدول النامية مضطرةٌ إلى البقاء عند حالة التبعية وعدم القدرة على تحقيقِ التراكم الرأسمالي اللازم للتصنيع، إلا إن أعطيت بعض الامتيازات التجارية، ففي المراحل الأولى من التصنيع، يصعُبُ على الصناعات الناشئة في الدول النامية أن تتنافَسَ مع الصناعات المتطورة في الدول المتقدمة، ولكي تستطيعَ تلك الصناعاتُ أن تنموَ، فإنه يلزم أن توفر لها الحماية الجمركية وغيرها من الامتيازات التي تمكِّنُها من زيادةِ قدرتها التنافسية، كذلك اقترح البعضُ الربطَ بين أسعار المواد الأولية وأسعار المواد المصنَّعة حتى يتحقَّقَ التكافؤ النسبي بين ما تحصُل عليه الدول النامية من تصدير المواد الأولية، وبين ما تدفَعُه لاستيراد المواد المصنَّعة، بَيْدَ أنَّ نظامًا من هذا النوع لن يحقِّقَ الهدف المرجوَّ منه؛ لأن الدولَ المتقدمة تصدِّرُ المواد الأولية أيضًا[9].

 

ويؤثر عدم التكافؤ الهيكلي في النِّظام التِّجاريِّ الدولي بين الدول النامية والدول المتقدِّمة على السياسة الخارجية للدول النامية بشكل مباشر، وقد حاولت الدولُ النامية أن تُحدِثَ تغييرات هيكلية في نظام التِّجارة الدولية من خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتِّجارة والتنمية، كما أنها مارست ضغوطًا من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة لبناء نظامٍ اقتصادي عالَمي جديد، وقد أثمرت هذه الضغوطُ بعض النتائج؛ فقد تبنَّت اليابان وبعضُ الدول الأوروبية نظامًا تفضيليًّا للتجارة مع الدول النامية عام 1971م ما لبثت أن تبنَّتْه الولاياتُ المتحدة عام 1976م.

 

ويعتبر نجاح منظمة الدول المنتجة للبترول (الأوبك) في زيادة أسعار البترول في العالم مؤشِّرًا مهمًّا لتحسُّن القدرة النسبية لدول العامل الثالث في الحصول على أنصبةٍ متزايدة من الأرباح الناشئة عن بيع موادِّها الأولية، وقد كونت الدولُ النامية كارتلات مشابهة لكارتيل الأوبيك فيما يتعلَّق ببعض المواد الأولية كالبوكسيت والبن، واستطاعت أن ترفَعَ أسعارَ تلك المواد. كذلك، فقد استطاعت الدولُ النامية المعتمدة على تصدير المواد الأولية أن تعيدَ فتح باب التفاوض حول عقود امتياز استغلال تلك المواد، وتحصل من جراءِ ذلك على مزايا جديدة.

 

ومن ناحية أخرى، فإنه يمكن القولُ: إن الاعتمادَ الاقتصادي المتبادل يؤدِّي إلى زيادة الصراعات الدولية، فمع ازديادِ الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول يزدادُ عدد القضايا الخلافية بين تلك الدول؛ ذلك أنه كلما قلَّ التفاعلُ بين الدول، قلَّت الصراعات بينها، وكلما ازداد حجمُ عملية الاعتماد الاقتصادي المتبادَل بين الدول، ازدادت التناقضات بينها، خاصة إن كانت إحدى الدول تشعُر بالغَبْنِ الاقتصادي نتيجة لتلك العملية، وعلى سبيل المثال، فإن الاعتمادَ الاقتصادي المتبادلَ بين كندا والولايات المتحدة قد أدَّى إلى زيادةِ قوة القومية الكندية؛ فازديادُ الاستثمارات الأمريكية في كندا أدَّى إلى تخوُّف الكثيرين من احتمالات الهيمنة الاقتصادية والسياسية والثقافية الأمريكية على كندا، وقد استخلص أحدُ الدارسين - من واقعِ تحليله حوالي أربعين صراعًا دوليًّا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بلَغ حجم الخسائر البشرية فيها أكثرَ من مائة نسمة - أن احتمالَ دخول الدول التي تنتمي إلى المجموعة التِّجارية نفسِها في صراعات يمثِّلُ ضِعف احتمال دخول الدول التي تنتمي إلى مجموعات تجارية مختلفة أو لا تنتمي إلى مجموعات تِجارية أصلاً[10]، كذلك فقد اكتشفت دراسةٌ أخرى أنه خلال القرنين التاسع عشر والعشرين كان احتمالُ دخول الشركاء التِّجاريين بعضهم مع بعض في حرب، أكبرَ من احتمالِ دخول الشركاء غير التِّجاريين في حرب بينهم[11]، وفي الوقت نفسه، انتهت دراسةٌ مبنيَّة على الإحصاءات التِّجارية لثلاثين دولة إلى أن الدولَ التي تتميَّزُ بارتفاع مستوى التعامل التجاري بين تلك الدول تتميَّزُ بانخفاض مستوى العداء بينها، وأن مضاعفةَ حجم التعامل التجاري بين تلك الدول يؤدِّي إلى انخفاض مستوى العداء بينها بنسبة 20% في المتوسط، وأن العلاقةَ بين التعامل التجاري وتخفيض الصراع هي علاقةٌ سببية أساسًا[12].

 

ومما يؤيِّدُ مقولةَ العلاقة بين زيادة عملية الاعتماد الاقتصادي المتبادل وبين زيادة حجم الصراع أن عمليةَ الاعتماد الاقتصادي المتبادل تزيدُ من قابليَّة الدولة للتأثير بالأزمات الناشئة من الدول الأخرى المشتركة معها في تلك العملية، فإذا كانت إحدى الدول تعتمد على تدفُّق الاستثمارات، وعلى التجارة والمواد الأولية لتحقيق رفاهيتها الاقتصادية، فإنها تنزع إلى التدخُّل في الصراعات الدولية التي قد تؤثِّرُ على هذه المصالح، وقد يؤدي الاعتمادُ الاقتصادي المتبادل من ناحية أخرى إلى زيادةِ حدَّة الصراع عن طريق تشجيع القوى الخارجية على استغلال الصراع لصالحها، وقد يؤدِّي كذلك إلى الإقلال من حدة الصراع عن طريق زيادة مصداقية الردع، فقد انتهى رسيت من واقع تحليله سبعة عشر صراعًا دوليًّا في الفترة (1935-1961م) إلى أن الاعتمادَ الاقتصادي المتبادل قد يكون من الشروط اللازمةِ لنجاح الرَّدع[13].

 

فالاعتماد الاقتصادي المتبادل بين دولتين من شأنه أن يردَعَ القوى الخارجية؛ حيث إن كِلاَ الدولتين ستهبَّان للدفاع عن الأخرى في حالة الاعتداء عليها من أيٍّ من تلك القوى الخارجية.

 

الخاتمة

أوضح التحليلُ السالف أن هناك اختلافًا جوهريًّا بين المنظرين المحافظين والراديكاليين فيما يتعلَّقُ بتحديد دور العوامل الاقتصادية في صُنع السياسة الخارجية؛ فالمنظرون الراديكاليون يرون أن العواملَ الاقتصادية تؤثِّرُ في السياسة الخارجية بشكل حاسم، وأن تلك العوامل تستتر خلف معظم الصراعات الدولية، تفريعًا على ذلك يرى المنظرون الراديكاليون أن هناك علاقةً بين الرأسمالية والاستعمار، وأن هناك تحالفًا بين الشركات المتعددة الجنسية والحكومات الرأسمالية فيما يتعلَّقُ بالإنفاق العسكري في الدول الرأسمالية، وبالمعونة الاقتصادية الخارجية، والتجارة الخارجية، كذلك يعتقِدُ المنظرون الردايكاليون أن الدولَ المتقدمة تستغل الدول النامية لكي تحتفظ بها عند وضعِ التبعية الاقتصادية، ويتصوَّرون أنه ما لَم تحدُثْ ثورة حقيقية في الدول النامية، فإن الأمور ستزداد سوءًا في تلك الدول.

 

ومن ناحية أخرى، يتحدى المنظرون المحافظون معظمَ مقولات المنظرين الراديكاليين؛ فيرَوْنَ أن الاستعمار سابقٌ على الرأسمالية، وأن مجموعةً محدودة من رجال الأعمال هي التي استفادت من الحروب الاستعمارية؛ ولذلك فإن المنظِّرين المحافظين يرون أن هناك اعتمادًا اقتصاديًّا متبادلاً متزايدًا بين الدول سيؤدِّي إلى ظهور عالَمٍ أكثرَ تكاملاً وانسجامًا، كذلك يرى المنظِّرون المحافظون أن المعونةَ الخارجية والاستثمارات الأجنبية الآتية إلى الدول النامية تعُودُ على تلك الدولِ بمنافعَ إيجابية، لعل أهمَّها الإسراعُ في عملية التصنيع، وهي العملية التي استغرق تحقيقُها في الدولِ المتقدمة قرونًا عديدة.

 

كذلك، فقد أوضَح استعراضُنا للمتغيرات الاقتصادية أن توافُرَ الموارد يؤثِّرُ في قدرةِ الدولة على اتباع سياسة خارجية نشيطة؛ لأن الدولةَ ذات الموارد المحدودة لا تستطيعُ أن تتبع سياسة خارجية عالمية، ولم تتوصلِ الدراساتُ المتعلقة بتحديد ما إن كانت الدولُ المتقدمة أكثرَ ميلاً من الدول النامية إلى الدخول في صراعات دولية، أم العكس، إلى نتيجة حاسمة، ولكن من الواضحِ أن معظمَ أشكال العنف الدولي التي شهِدها العالَم في أعقاب الحرب العالمية الثانية قد حدثت في الدول النامية، كذلك يجبُ الربطُ بين توافُر الموارد والسكان؛ لأن السكَّانَ قد يكونون عبئًا على قوة الدولة، أو رصيدًا من أرصدة تلك القوة، بَيْدَ أنَّ الدراسات الإحصائية الحديثة تدحَضُ النظرية المالتوسية القائلة بأن اكتظاظ السكان عاملٌ رئيس محدد للحرب.

 

ويرى كثيرٌ من الدارسين أن الاعتمادَ الاقتصادي المتبادل بين الدول يؤدِّي إلى التخفيف من حدَّة الصراع بينها، غيرَ أنه يمكنُ القول من ناحية أخرى، بما أن الاعتمادَ المتبادل يؤدِّي إلى زيادة التفاعل بين الدول، فإنه يؤدِّي إلى توسُّع نطاق قضايا الخلاف بينها، كذلك يبدو أن العلاقةَ بين الاعتماد المتبادل والصراع تأخُذُ شكل المنحنى؛ فالصراع يبلُغُ أدناه بين الدول غير المعتمد بعضها على بعض، وبين الدول الشديد اعتماد بعضها على بعض؛ ففي الحالة الأخيرة يُصبِحُ الصراع أحدَ العوامل التي تهدِّدُ رفاهية تلك الدول، ولا تؤدي عملية الاعتماد الاقتصادي المتبادل إلى التوتر في العلاقات بين الدول إلا حينما تشعُرُ بعضُ الدول بأنها لا تستفيدُ من تلك العملية بالقدر الذي تستفيده دولٌ أخرى، كما هو الحال في الخلاف بين الشمال والجنوب.

 

وبالرغم من أنه لا يمكن تقديمُ إجابات نهائية على الأسئلة المطروحة في هذا الفصل، فإنه من الواضحِ أن العواملَ الاقتصادية تؤثِّرُ على السياسة الخارجية بأشكال مختلفة، وربما كان أهمُّ تأثيرات تلك العوامل هو تأثيرها الحاسم في مقدارِ القوة التي يمكن أن تمارسَها الدولة في النَّسَق الدولي، وسيكونُ ذلك هو موضوع الفصل التالي.



[1] Robert O. Keohane and Joseph S. Nye, Power and Interdependence (Boston: Little, Brown, 1977), p. 39.

[2] Bernard Mennis and karl P. Suvant, Emerging Forms of Transational Community (Lexington, Mass،: D.C, Heath, 1976), p. 116.

[3] Bernard Mennis and karl P. Suvant، Emerging Forms of Transational Community (Lexington, Mass,: D.C, Heath, 1976), p. 116.

[4] Raul Prebisch, Towards a New Trade Policy for Development (Geneva: United Nations, 1964).

[5] Vernon, Storm over the Multinationals, p. 152.

[6] Johan Galtung, "A Structural Theory of Integration," Journal of Peace Research، 5, no. 4 (1968), 375-95.

[7] R. Dan Walleri, "Trade Dependence and Underdevelopment," Comparative Political Studies, 11 (April 1978), 94-127.

[8] Robert, R. Kaufman et al., "A Preliminary Test of the Theory of Dependence," Comparative Politics, 7 (April 1975)< 303-30, Patrick J. McGowan and Dale L. Smith "Economic Dependence in Black Africa: An Analysis of Competing Theories," International Organizqtion, 32 (Winter 1978), 179-325.

[9] Raymond Aron, "Europe and the United States," in David S. Landes, ed, Western Europe: The Trials of Partnership (Lexington, Madd.: D.C. Heath, 1977), p. 50.

[10] Bruce M. Russett, International Regions and the International System (Chicago: Rand McNally, 1967), pp. 198-99.

[11] Charles S. Gochman, "military Confrontation and the Likelihood of War: The Major Powers, 1820-1970," paper Delivered at the Annual Conference of the North American Peace Science Society (International), Cambridge, Mass, 1975.

[12] Solomon William Polachek, "Conflict and Trade," Jorunal of Conflict Resolution, 24 (March 1980), 97-109.

[13] Bruce M. Russett, "The Calculus of Deterrence," Journal of conflict Resolution, 7 (June 1963), 67-109.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القوة الاقتصادية

مختارات من الشبكة

  • الاعتماد على غير أبناء المجتمع في الرقي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتماد على الله وحده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتماد على الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتماد في تصحيح الأحاديث على سكوت المؤلفين عن الأحاديث في مصنفاتهم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الاعتماد على النفس (بطاقة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أستراليا: كثرة المنتجات الحلال بالأسواق وارتفاع أرباح شهادات الاعتماد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ضرورة الاعتماد على اللغات الكونية في تعليم العلوم(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حكم الاعتماد على الإذاعة في الصوم والإفطار(مقالة - ملفات خاصة)
  • مفهوم الانطلاق الاقتصادي وسمات النمو الاقتصادي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • منع صحفية مسلمة من دخول البرلمان الأوروبي(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/12/1446هـ - الساعة: 23:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب