• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

دور الهدي الإسلامي في معالجة الظواهر الاجتماعية السلبية داخل الأسرة المسلمة

عزيز سرغيني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/12/2015 ميلادي - 16/3/1437 هجري

الزيارات: 20307

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دور الهدي الإسلامي

في معالجة الظواهر الاجتماعية السلبية داخل الأسرة المسلمة

(ظاهرة الانتحار المتولدة عن اليأس والإحباط نموذجًا)


محاور المقال العلمي:

♦ ظاهِرة الانتحار بين عَقيدة الإيمان بالقدَر وهواجس الفراغ الروحي.

♦ ظاهرة الانتحار بين المسؤوليَّة الفردية والاجتماعية.

♦ حلول شرعيَّة للقضاء على عوامل اليأس والإحباط التي تهدِّد أسرنا.

• • •


1 - ظاهرة الانتحار بين عقيدة الإيمان بالقدر وهواجس الفراغ الروحي:

الحمد لله واهب الحياة، المتفضِّل على الخلق بالنِّعَم والآلاء قبل الممات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيِّد المخلوقات.

 

وبعد:

تمهيد:

لقد خَلق الله الإنسانَ مكرمًا معزَّزًا، ومَنحه حقَّ الحياة، واعتبر حماية النَّفس من مقاصده الكبرى، وحرَّم الاعتداء عليها، ووضع حدًّا لحياتها بالقتل.

 

وإذا كانت النَّفس الإنسانيَّة قد تتصوَّر قتل إنسان لإنسان بدافع حبِّ البقاء - وهذا غير جائز - فإنَّها تستبعد كثيرًا أن يضع المرء حدًّا لحياته بنَفسه مهما عظمَت الأسباب، وهو فِعلٌ يَأباه عالَم الحيوان غير النَّاطق، فكيف بعالَم الإنسان العاقل؟

 

من أجل ذلك أعرَضَت نصوصُ تحريم الانتحار عن بيان الحكم كصَنيعها مع قَتل الغير، وركزَت على العقوبة استبعادًا للفعل، وتشنيعًا على الفاعل.

 

إنَّ المؤمن الذي رَضِي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وباليوم الآخر مصيرًّا - لا يفكِّر في هَدم بنيان الله، ولا في وَضع حدٍّ لمشروع حياةٍ أراد له الخالقُ سبحانه أن يستمرَّ إلى حين؛ لكونه يعلم أولًا: أنَّ نفس الإنسان مِلك للخالق، وحق التصرف المعطى له لا يخول له إعدامها.

 

ولأنَّه يعلم ثانيًا أنَّ الانتحار ليس حلًّا بمنطق الدنيا والدين؛ فهو انسحابٌ سَلبي من الحياة، وخسران لدارٍ هي الحياة: ﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].

 

إذًا، فلا يُقبِل على الانتحار إلَّا مَن فَقد وجهتَه في الحياة، وكان يعيش بعيدًا عن واهب الحياة جلَّ جلاله.

 

إنَّ المؤمن حقًّا يَعشق الحياة ويَعمرها بصالح الأعمال، وأقصى ما يتصوَّر في المسلم إذا كثرَت عليه الخطوب والهموم أن يَطلب من الله حُسن الاختيار، لا أن يَختار بنفسه المصيرَ المجهول.

 

أخرج البخاريُّ ومسلم عن أنسٍ رضي الله عنه قوله عليه السلام: ((لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت لضرٍّ نزَل به؛ فإما محسنًا فعسى أن يزداد، وإمَّا مسيئًا فعسى أن يتوب))[1].

 

وفي حديث آخر: ((فإن كان لا محالة، فليقل: اللهمَّ أحيِني ما علمتَ الحياة خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي))[2]، بل ورد أنَّ ((خير النَّاس من طال عمرُه وحَسن عملُه))[3].


لذلك كله حرَّم الإسلام قتلَ النَّفس بغير حقٍّ، واعتبر قتلَ الإنسان نفسه في الجرم والبشاعة أَعظم، وعدَّ القتل في الحالين كبيرة من الكبائر وجريمة من أَعظم الجرائم، وأوعد على ذلك بالعقاب الأليم.

 

وموضوع الانتحار أيُّها الإخوة الكرام يمكن النَّظر إليه من جانبين:

الجانب الأول: وصول الحالَة المرَضيَّة إلى مستوى الذروة حين يَفقد المريض وعيَه، فهنا يَسقط عنه التكليف، والمسؤوليَّة يتحمَّلها أهل المريض مراقبة وتمريضًا بعَرضه على الطبيب الاختصاصي، وكثيرًا ما يخطئ أقارب المريض مرضًا نفسيًّا، فيعاملونه معاملة الأصحَّاء وهو غير صحيح، ما دام مرَضه غير مشاهد؛ لأنَّه يتعلَّق بوجدانه ومشاعره وأحاسيسه، فلا بدَّ هنا من الصَّبر على تمريض المريض؛ فإن كان صَبره صبر اضطرار، فصبر الأهل صبر اختيار، ومن ثمَّ يُضاعف لهم الأجرُ والثواب.

 

والحقيقة أيها الإخوة أنَّ الأشد ألمًا من المرض على المريض لا مبالاة أهله وتبرُّمهم منه.

 

وقديمًا شكا الشاعرُ العربي زوجتَه (سليمى) حين لم تَصبر على مرضه:

وقالت: "لا حي فيُرجى، ولا ميت فيُنسى"، في حين صبرَت عليه أمُّه فأصدر هذا الحكم المعمم:

أرى أمَّ عمرو لم تمل ولم تضِق
وملَّت سُليمى مَضجعي ومكاني
فأي امرئٍ ساوى بأمٍّ حليلةً
فلا عاش إلَّا في أسًى وهوانِ
لعمري لقد نَبَّهتِ مَن كان نائمًا
وأسمعتِ مَن كانت له أذنانِ

 

الجانب الثاني: حالة الإنسان السَّوي الذي يفكِّر في الانتحار إثر تدافُع أسباب متعددة جعلَته يعيش حالةَ اليأس والاكتئاب؛ وهذه الحالة هي التي ينفع معها الكلام، ويتركَّز فيها الخطاب، فلنبدأ بعرض آيات وأحاديث تحريم الانتحار وبيان عقوبته:

♦ من القرآن الكريم: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195].

 

♦ من الحديث: أخرج البخاريُّ ومسلم برواية أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قتل نفسه بحديدة، فحديدتُه في يده يتوجَّأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومن شرب سُمًّا فقَتل نفسَه فهو يتحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومن تَردَّى من جبل فقَتل نفسه فهو يتردَّى في نار جهنَّم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا)).

 

وفي حديث آخر: ((... ومَن قتَل نفسَه بشيء عذَّبه الله به في نار جهنَّم))[4].

 

وعند البخاري ومسلم وغيرهما من رواية سهل بن سعد الساعدي ما ملخصه:

جمع رسولَ الله بالمشركين قتالٌ، فأبلى رجلٌ من المسلمين بلاءً حسنًا، أثنى عليه أصحابه ثناء جميلًا، فقال عليه السلام: ((أما إنَّه من أهل النار))، فتعجَّب الصَّحابة، وتبِعَه واحدٌ منهم فلاحَظ بعينيه مصداقَ خبر المعصوم؛ لم يصبر الرجل على جرحٍ شديد أصابَه، فاستعجل الموت، فوضع نصلَ سيفه بالأرض وذبابَه بين ثدييه، ثمَّ تحامَل على سيفه فقَتل نفسَه، فعاد الصحابيُّ الذي تبِعه يقول: أشهد أنَّك رسول الله، فأخبرهم حقيقة ما رأى، فأعظَمَ الناسُ الخبرَ، فقال عليه السلام عند ذلك: ((إنَّ الرجل ليَعمل عمل أهل الجنَّة فيما يَبدو للناس وهو من أهل النَّار، وإنَّ الرجل ليَعمل عمل أهل النَّار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنَّة))، نسأل اللهَ حُسن الخاتمة.

 

وفي حديث آخر: ((كان برجل جراحٌ فقتل نفسَه، فقال الله عزَّ وجلَّ: بدَرَني عبدي بنفسه، حرَّمتُ عليه الجنَّة))[5].

 

"المستفاد من مَجموع هذه النُّصوص التحريم الشَّنيع لظاهرة الانتِحار، وتَرتيب العِقاب الأخروي عليها؛ المتمثل في نَيله العذاب في الآخرة من جِنس ما قَتل به نفسَه، مع تحريم الجنَّة عليه، وتخليده في النار"[6].

 

وهكذا يحارِب الإسلام هذه الجريمة؛ بمحاربة الدَّوافع والأسباب المتعدِّدة التي تُلجئ المنتحِر إلى الانتحار، كعادة هذا الدِّين العظيم في تَطبيبه للدَّاء وقائيًّا قَبل استفحاله وتعذُّر العلاج أو استعصائه، وفي هذا الصَّدد نقترح الحلول التالية:

الحلول:

لا شك أنَّ للفكر والتصور أثرًا أساسيًّا في توجيه السلوك؛ فالإنسان الذي يَعيش الحيرةَ والشكَّ، ويحيا بلا هدف - قد يَرتكب حماقات، ويقدم على سلوكيَّات يكون فيها حَتفه، في حين نَجد المؤمن يَحيا حياته بهدفيَّة؛ يَعرف من أين جاء، ولماذا جاء، وإلى أين سيذهب بعد انتهاء رِحلة الحياة، راضٍ بقضاء الله وقَدَره، لا يعيش بين (لو) و(لَيتَ)، حريصٌ على ما يَنفعه، يعلم يقينًا أنَّ دوام الحال من المُحال، وأنَّ هذه الحياة فيها أفراح وأتراح، وأتراحها أكثر من أفراحها.

جُبلَت على كَدرٍ وأنتَ تريدُها
صفوًا من الآلامِ والأكدارِ
ومكلِّفُ الأيام ضدَّ طباعِها
متطلِّبٌ في الماء جذوةَ نارِ

 

هذا الإيمان يَصنع منه إنسانًا لا يخاف على رزقه أو أجَله.

 

حالُ لسانه:

توكَّلتُ في رزقي على الله خالِقي
وأَيقَنتُ أنَّ الله لا شكَّ رازقي
وما يكُ من رزقي فليس يَفوتني
ولو كان في قاع البحارِ الغوامقِ
سيأتي به اللهُ العظيمُ بفضلِه
ولو لم يكنْ منِّي اللِّسان بناطقِ
ففي أيِّ شيء تذهب النَّفس حسرةً
وقد قسم الرحمنُ رزقَ الخلائقِ

 

إنَّ إنسانًا هذا تصوُّره، وهذا تفكيره - لا يَعيش الأمراض النفسيَّة أو العصبيَّة، لا يتطرَّق إليه اكتئاب ولا همٌّ أو غمٌّ؛ وإنَّما يعيش جنَّةَ الدنيا قبل جنَّة الآخرة، عامرًا دنياه بذِكر الله والعمل الصالح، وتلاوةِ كتاب الله وتطبيق الصلاة، والإكثارِ من الدعاء بالأسحار، فهذه مقوِّمات السعادة الطاردة لشَبَح التعاسة، مصداق ذلك هذه التوجيهات الربَّانية:

♦ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

♦ ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 28، 29].

 

بهذا المنهج يَربح المرء صحَّتَه النفسيَّة، ويَقنع بما قسم الله، ويتأكَّد أنَّ عين السعادة ليسَت في كثرة الأموال بقَدر ما هي في القناعة التي تَنبعث من القلب: ((مَن أَصبح آمنًا في سِربه، معافًى في جسده، عنده قُوتُ يومه، فكأنَّما حِيزَت له الدنيا بحذافيرها))[7].

 

ونظام الصلاة في الإسلام نظامٌ عجيب في علاج الأمراض النفسيَّة المتطورة إلى حالات الانتحار، يقول تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45]، ويقول المصطفى عليه السلام: ((وجُعلَت قرَّةُ عَيني في الصَّلاة))[8]، وكان كلَّما أحاطَت به الهموم، نادى بلالًا: ((أرِحنا بها يا بِلال))[9].

 

ولا يمكن للطِّبِّ أن يخالِف هديَ الإسلام في هذه القضية، وبشهادة علماء كبار فإنَّ الصَّلاة لها أثرٌ كبير في علاج الظواهر النفسية السلبية؛ وكمثال على ذلك: ما قاله د. ألكسيس كاريل مؤلِّف كتاب "الإنسان ذلك المجهول": "لعلَّ الصَّلاة هي أعظم طاقةٍ مولِّدة للنَّشاط عُرفَت ليومنا هذا، وقد رأيتُ - بوصفي طبيبًا - كثيرًا من المرضى فشلَت العقاقيرُ في علاجهم، فلمَّا رَفع الطبُّ يديه عجزًا وتسليمًا، تدخَّلَت الصلاةُ فأبرأَتهم من عِلَلهم"، وبغضِّ النظر عن أيِّ صلاة يَقصد، فإنَّ الصلاة في الإسلام بما فيها من مناجاة هي المثال الكامِل لإنتاج الإنسان السَّوي، المرتبط بالخالِق العلي.

 

وبالإضافة إلى الصلاة وباقي العبادات؛ من صدَقات، ومواساة للضُّعفاء التي تلين القلوب، ولا سيما الدعاء (مخُّ العبادة)؛ فإنَّ أخلاق الإسلام أكبر ضمان للصحَّة النفسيَّة المتوازنة، يَظهر ذلك في نَهي الإسلام عن الغَضب وأخْذ الحذر من عواقبه، والأمرِ بالصَّبر الذي تكرَّر في القرآن الكريم حوالي 100 مرَّة...

 

مع محاربة الإسلام لباقي الأَسباب التي تؤدِّي إلى الانتحار؛ كالمخدرات والمسكِراتِ، والدَّعوة إلى اختيار الصُّحبة الخيِّرة، وتجنُّب رفقاء السوء.

 

ومن الحلول العمليَّة بالإضافة إلى ما ذَكرنا في كيفيَّة التعامل مع هموم الحياة - التركيز على ما يلي:

♦ تذكر النعم الباقية بدل التركيز على النعم الزائلة: (قصَّة عروة بن الزبير الذي بُتِرَت إحدى ساقيه، ومات أحدُ أولاده، فرَضِي بقضاء الله وقدَرِه، ورأى في ذلك نعمةَ الله في ما بقي من أطرافٍ وأولاد).

 

♦ الحياة اختبار وابتلاء: اقتداء بالأنبياء والصَّالحين، والمؤمن مَأجور على كلِّ حال؛ ((إن أصابَته سرَّاء شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابَته ضرَّاء صبَر، فكان خيرًا له))، والإنسان السَّويُّ هو الذي يفلسِف البلاء؛ فيستخرج منه نِعَمًا يَغفل عنها وعن شكرها الكثير من النَّاس، فقد قال بعض السَّلَف: "ما أُصبتُ في دنياي بمصيبة إلَّا رأيتُ لله فيها ثلاث نِعم:

1 - أنَّها لم تكن في ديني، 2 - لم تكن أكبر منها، 3 - أرجو ثوابَ الله عليها"، وهكذا فإنَّ بعض الشرِّ أَهوَن من بعض، ومَن نَظر لبلوى الناس هانَت عليه بَلواه.


♦ تحمُّل المسؤولية الفرديَّة بتحقيق التوكُّل الحقيقي القاضي بأَخذ الأسباب، والإيمان بقَضاء الله وقدَره دون الاحتجاج به على فِعل المعاصي؛ ﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165].


♦ المؤمن يغلب أملُه يأسَه؛ ذلك أنَّ من لوازم الإيمان القويِّ بالله وباقي أركان الإيمان إنتاجَ إنسانٍ لا يَعرف اليأسَ والقنوط والإحباط، ولا يشعر بعقدة الإثم؛ بل يَحيا بأملٍ، ويبادِر إلى التَّوبة والعمل، شعاعه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

ذلك أنَّ الإسلام يَعتبر اليأسَ قرين الكُفر والضَّلال، قال تعالى في قصَّة يعقوب عليه السلام مع يوسف: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، وقال على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56].

 

وفي الباب يقول الشاعر المسلِم:

يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنفرِجٌ
أبشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارِجَ اللهُ
اليَأسُ يَقطع أحيانًا بصاحبِهِ
لا تيأسنَّ فإنَّ الكافِيَ اللهُ
اللهُ يُحدِثُ بعد العُسر مَيسرةً
إنَّ الذي يَكشِفُ البلوى هو اللهُ
واللهِ ما لَكَ غير الله من أحدٍ
فحَسْبك اللهُ في كلٍّ لك اللهُ

 


 

[1] الشيخان برواية أنس.

[2] الشيخان برواية أنس.

[3] أحمد وغيره عن أبي بكر بإسناد صحيح.

[4] أخرجه البخاري ومسلم.

[5] "مسألة الانتحار وقضية الأجل"، المقصود بالمبادرة الواردة في الحديث: التسبُّب والقصد والاختيار، واستحق المعاقبة لأنَّ الله تعالى لم يُطلعه على انقضاء أجله، فاختار هو قَتل نفسه، فاستحقَّ المعاقبة لعصيانه. وقال القاضي أبو بكر بن العربي المعافري: "قضاءُ الله مطلَق ومقيَّد بصِفة؛ فالمطلَق يمضي على الوجه بلا صارِف، والمقيَّد على الوجهين، مثاله: أن يقدَّر لواحدٍ أن يعيش عشرين سنة إن قَتل نفسَه، وثلاثين سنة إن لم يَقتل، وهذا بالنِّسبة إلى ما يَعلم به المخلوق؛ كملك الموت مثلًا، وأمَّا بالنسبة إلى علم الله؛ فإنَّه لا يَقع إلَّا ما علمه، ونظير ذلك الواجب المخيَّر، فالواقع منه مَعلوم عند الله، والعبدُ مخيَّر في أي الخصال يفعل، والله أعلم"؛ (ص: 85) "جامع المهلكات من الكبائر والمحرمات"؛ الشيخ عرفان بن سليم العشا حسونة الدمشقي.

[6] مسألة الموحِّد المرتكب للكبيرة والخلود في النار: المعروف عند أهل السنة والجماعة أنَّ الكبائر لا يُكفَّر بها ولا يخلَّد صاحبها في النَّار، وتوجيه الخلود الوارد في الآيات والأحاديث يُفهم وفق الأقوال الآتية:

1- استحقَّ الخلود لاستحلاله القتل فصار كافرًا.

2- كان كافرًا في الأصل وعوقِب بهذه المعصية زيادة على كُفره.

3- المراد أنَّ الجنَّة حرمَت عليه في وقتٍ ما؛ كالوقت الذي يدخل فيه السابقون، أو الوقت الذي يُعذَّب فيه الموحدون في النار ثمَّ يخرجون.

4- المراد: تحريم جنَّة معيَّنة؛ كالفردوس مثلًا.

5-  المراد: ورود ذلك على سبيل التَّغليظ والتخويف، وظاهره غير مراد؛ (فقدان الوعي).

6- التقدير: حرَّمتُ عليه الجنة إن شئتُ استمرار ذلك، أو المراد بالخلود المكثُ الطويل.

7- قال النووي: يحتمل أن يكون ذلك شَرع مَن مضى أنَّ أصحاب الكبائر يكفرون بفعلها؛ والله أعلم بالمراد؛ (ص: 85، 86) في "جامع المهلكات من الكبائر والحرمات"؛ لعرفان حسونة الدمشقي.

[7] رواه البخاري في الأدب المفرد، والترمذي في السنن؛ وهو حديث حسن.

[8] "رواه النسائي" (ج 1 / ص 78).

[9] "أبو داود" (ج 1 / ص 296).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إليكِ أيتها الأسرة المسلمة
  • الأسرة المسلمة في الحج
  • الأسرة المسلمة التي ننشدها
  • تربية الأسرة المسلمة في بلاد الغرب
  • المسابقات التربوية داخل الأسرة
  • لنا الظواهر والمظاهر والله يتولى السرائر

مختارات من الشبكة

  • سنان باشا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مسؤولية الطالب الجامعي.. رؤية في واقع(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ندوة بعنوان دور المرأة المسلمة في الحفاظ على الأسرة والمجتمع(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مظاهر الأزمة في الفكر الإسلامي ودور الوعي المنهجي في معالجتها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • القيم الوطنية في الفكر الإسلامي ودورها في تحصين المجتمع (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • معهد التمويل يثمن دور التمويل الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: رغبة روسية في تقليص دور التمويل الإسلامي وتأثيره(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الفن الإسلامي ودوره في التواصل الحضاري بين الشعوب (الفن المعماري الإسباني نموذجا)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • ثقافة المسلم ودورها في تعزيز الانتماء للدين الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور الاقتصاد الإسلامي في تعزيز نظم الاقتصاد العالمية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب