• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

مؤهلات الاستخلاف ودلالاته

مؤهلات الاستخلاف ودلالاته
د. سمير مثنى علي الأبارة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/6/2015 ميلادي - 4/9/1436 هجري

الزيارات: 127058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحياة الدنيا دار استخلاف

"مؤهلات الاستخلاف ودلالاته"


ما كان الله ليستخلفَ الإنسان ويقيمه مقامه في عمل ناءت بحمله الجبال والسماوات والأرض، إلا لما زوّد به هذا الإنسان من خصائص ومميّزات رفعته عن مستوى يكون فيه "مجرّد مسـرح للإبداع" إلى مستوى يجعله "منتِجا للإبداع"، ومن "مَظهَر لدقيق الصنع" إلى "مُظهِر لدقيق الصنع"، تجلّت في عقل" مطلق الإدراك" عبر رحلة التجدد الدائمة، وفي إرادة مطلقة التصـرف من خلال حتميات طبيعية راسخة، وفي "عمل" مطلق الإمكان متراكم الثمرات بمرور الزمان، وفي مقومات متنوعة هي جسور بين الإنسان ومحيطه، تتشكل مع الأيام أشكالاً كثيرة، فكل حي من الأحياء المحسوسة والغيبية له استعداد محدود، وعلم إلهامي محدود، وعمل محدود، وما كان كذلك لا يصلح أن يكون خليفة عن الذي لا حد لعلمه وإرادته... وأما الإنسان، فقد خلقه الله ضعيفاً، ولكنه مع ضعفه يتصـرف في الأقوياء، ومع جهله في نشأته يعلم جميع الأسماء، فالإنسان بهذه القوة غير محدود الاستعداد ولا الرغائب، ولا محدود العلم ولا محدود العمل...".


ولعلك تجد غرابة في إفاضة هذه "المطلقات" على إنسان لشد ما وصم بالضعف، ولكني لا أجد أي تناقض بين الأمرين، ما دام تواردهما على حالين مختلفين، فالإنسان محدود الطاقات كفرد، مطلقها كجنس، نسبي المعرفة في حقبة معينة مطلقها إذا توالت الحقب، واجتمعت التجربة إلى التجربة، وانضافت الخبرة إلى الخبرة، وتضافرت وشدّ بعضها بعضا لتقوم على سوقها بناء متكاملاً هو المطلق في توحده النسبي في تجزئه، فيلتقي المقيد بالمطلق، ويتعانق النسبي والمجرد، لتصل المعرفة الإنسانية بعدها الأقصى في "رؤية الله" يوم القيامة. وأسوق مسألة الرؤية هذه بعيدا عن المزايدات المذهبية، لأقرأها قراءة وظيفية راسخة القدم في الواقع، إذ تمثل - حسب ظني - شهادة بأن الإنسان سيدرك كل شيء في الأرض من" المقيدات "، ذلك ما أفهمه من قوله: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ [1] فتأتي "رؤية الله" في الآخرة تتويجاً للرؤية "الأرضية" التي حصلها الإنسان بعد رحلة طويلة من البحث المتواصل عبر مسالك الخطأ والصواب.


دلالات الاستخلاف:

لا تخفى دلالات الاستخلاف على ذي بصيرة ما يحمل مفهوم الخلافة بين طياته من معنى التكريم المقدم على بساط من المسؤولية: تكريم استشـرفته الملائكة وهي تقول: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [2] أي: ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، ﴿ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30] يحتمل أن معناها: ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة، كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة. قال الله تعالى للملائكة: ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ ﴾ [البقرة: 30] من هذا الخليفة ﴿ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم، وأنا عالم بالظواهر والسـرائر، وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة، أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشـر فلو لم يكن في ذلك، إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين، والشهداء والصالحين، ولتظهر آياته للخلق، ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة، كالجهاد وغيره، وليظهر ما كمن في غرائز بني آدم من الخير والشـر بالامتحان، وليتبين عدوه من وليه، وحزبه من حربه، وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشـر الذي انطوى عليه، واتصف به، فهذه حكم عظيمة، يكفي بعضها في ذلك.


ثم لما كان قول الملائكة عليهم السلام، فيه إشارة إلى فضلهم على الخليفة الذي يجعله الله في الأرض، أراد الله تعالى، أن يبين لهم من فضل آدم، ما يعرفون به فضله، وكمال حكمة الله وعلمه[3]، وقد أثبت القرآن حقيقة التكريم فقال: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [4] يقول تعالى ذكره ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70] بتسليطنا إياهم على غيرهم من الخلق، وتسخيرنا سائر الخلق لهم ﴿ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ ﴾ [الإسراء: 70] على ظهور الدوابّ والمراكب ﴿ وَ ﴾ [الإسراء: 70] في ﴿ وَالْبَحْرِ ﴾ [الإسراء: 70] في الفلك التي سخرناها لهم ﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [الإسراء: 70] يقول: من طيبات المطاعم والمشارب، وهي حلالها ولذيذاتها ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70] ذكر لنا أن ذلك تمكنهم من العمل بأيديهم، وأخذ الأطعمة والأشـربة بها ورفعها بها إلى أفواههم، وذلك غير متيسـر لغيرهم من الخلق[5].


ونطق بها حال الإنسان: من حيث تزويده "بمواهب الخلافة"، ومن حيث تسخير الكون له، مسـرحا لإعمال تلك المواهب، ومجالا لعملية التغيير المرجوة، و"أرض الميعاد" للإبداع الإنساني المنتظر، ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [6] أي: من فضله وإحسانه، وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من الشمس والقمر والكواكب والثوابت والسيارات وأنواع الحيوانات وأصناف الأشجار والثمرات وأجناس المعادن وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ومصالح ما هو من ضروراته، فهذا يوجب عليهم أن يبذلوا غاية جهدهم في شكر نعمته وأن تتغلغل أفكارهم في تدبر آياته وحكمه[7].


ويبلغ التكريم ذروته في سجود الملائكة، إذ هو يتضمن تفضيل المسجود له على الساجد، ومن ثم فالخلافة درجة وجودية عليا بين المخلوقات يؤكدها:

• استشـراف الملائكة لهذا المركز استشـرافا استبطنه قولهم:﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [8] يأمر تعالى رسوله أن يذكر قوله للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة يخلفه في إجراء أحكامه في الأرض، وإن الملائكة تساءلت متخوفة من أن يكون هذا الخليفة ممن يسفك الدماء ويفسد في الأرض بالكفر والمعاصي قياساً على خلق من الجن حصل منهم ما تخوفوه. فأعلمهم ربهم أنه يعلم من الحكم والمصالح ما لا يعلمون.


والمراد من هذا التذكير: المزيد من ذكر الأدلة الدالة على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه وحكمته الموجبة للإيمان به تعالى ولعبادته دون غيره[9].


• الأمر بسجود الملائكة ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [10] سجود تحية وإكرام فسجدوا إلا إبليس تعاظم في نفسه وامتنع عن السجود الذي هو طاعة الله، وتحية آدم. تكبراً وحسداً لآدم في شـرفه فكان بامتناعه عن طاعة الله من الكافرين الفاسقين عن أمر الله. الأمر الذي استوجب ابلاسه طرده[11].


وأما المسؤولية، فلها مستويان:

مسؤولية مع "المستخلِف" هي العبودية، يؤسسها الوحي ويرعاها، وما الرسالات إلا دستور ينظم طريقها. وهذه العبودية بشتى أجزائها ومقوماتها قد صبغت بصبغة الحرية، وعليها انبنت، انطلاقا من الوحي الذي يؤسسها، وانتهاء بالجزاء الذي يتوجها.


فالوحي اعتراف عملي بحرية هذا الإنسان المستخلف، يترسّخ ويتأكد بسمات الخطاب الإلهي في محاورته للعقل البشـري من خلال الإدلاء بالحجة أو المطالبة بها، وتصل بعدها الأسنى في خطب ود الإنسان وتثمين رضاه ﴿ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [12] فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات ﴿ ذَلِكَ ﴾ [البينة: 8] الجزاء الحسن ﴿ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 8] أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته[13].


﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [14] قال: اذكروني، فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي.


وعن سعيد بن جبير[15]: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي، وفي رواية: برحمتي.


وعن ابن عباس في قوله ﴿ فَاذْكُرُونِي ﴾ [البقرة: 152] قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.


وفي الحديث الصحيح: "يقول الله تعالى: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه))[16].


ومسؤولية مع "المستخلَف فيه" استثمار وتغييرا وتطويرا، يرعاها العلم، وتضمنها مقومات الإنسان المتعددة، تعطيه موهبة الحياة على مستويات مختلفة، وتمكنه من تذوق أنواع شتى من كؤوس الوجود ومشاربه، وتكثر من روابطه بالحياة تعميقا لدوره فيها تأثيرا وتأثرا. فالكون كتاب صفحاته الفعل الإنساني، وأحداث روحها عمله الذي لا ينقضي، لا يصلحه إلا التطوير والتغيير كالماء إذا ركد أسن، والإنسان وحده هو المؤهل لذلك بما اختص به من قابلية التغير والتغيير عبر عقل مستفيد وإرادة حرة منطلقة.


محور عملية الخلافة حسن تمثل صفات المستخلف، وذلك عبر مسيرة طويلة من التغير والتغير سعيا إلى الأكمل، يرحل فيها الإنسان من إبداع إلى إبداع، موقعا في التاريخ بأفعال لا يفتر عنها تجاوزا للقائم، لا يضع عصى الترحال بحثا عن الأمثل يحدوه قوله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [17].


أي: هو الذي سخر لكم الأرض وذللها، لتدركوا منها كل ما تعلقت به حاجتكم، من غرس وبناء وحرث، وطرق يتوصل بها إلى الأقطار النائية والبلدان الشاسعة، ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ﴾ [الملك: 15] أي: لطلب الرزق والمكاسب.


﴿ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15] أي: بعد أن تنتقلوا من هذه الدار التي جعلها الله امتحانًا، وبلغة يتبلغ بها إلى الدار الآخرة، تبعثون بعد موتكم، وتحشـرون إلى الله، ليجازيكم بأعمالكم الحسنة والسيئة[18].


فالخلافة صيرورة إنسانية لا تتوقف، تنهل من قاموس التغيير كـ" العمل"، و"البحث" و"الكشف" و" الاختراع"، وغيرها من أخواتها الكثيرات التي جافيناها برهة من الزمن فجافانا التقدم، لما أشهرنا كلمات قاتلة مثل "ليس في الإمكان أبدع مما كان" أو "لم يترك الأول للأخر شيئا". فوقفنا، بل تراجعنا لأنه "لا ثبات" فإما حركة إلى الأمام وإما إلى الوراء، وشهد الزمان وكله عجب، رحلتين متضادتين في الاتجاه، واحدة متسارعة إلى الأمام على وقع القاطرة البخارية، فالطائرة، فالصاروخ... بينما تهوي الأخرى إلى مجاهيل من التعطيل والتخلف، لولا بقية من الذين لم تصبهم تلك الشعارات بـ "العشى"، فراحوا يحاولون كبح جماح "رحلة التراجع" والتقليص من أضرارها، لينجحوا بعد ذلك لأي تغيير في وجهتها، وتنطلق عملية البناء. عملية لم تستلهم إلى الآن على الوجه الأمثل معنى الخلافة في الأرض، فحرموا القوة على "الاندفاع التاريخي".


وأعود إلى تعجب الملائكة من جعل الإنسان خليفة، ذلك التعجب الذي أخفى أمرا كتموه في أنفسهم ألا وهو أحقيتهم بالخلافة، وذلك لما ظنوا أن "مؤهل استحقاق" الخلافة وجوهرها يكمن في الإكثار من الذكر والتسبيح، وهم من هذه الناحية أجدر من الإنسان ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾ [البقرة: 30][19] فتأتيهم إجابة الله حاسمة أنه زوّد آدم بأساس فاق به الملائكة تمثل في قابليته "للعلم"، فكانت بذلك مسيرة علم، هو "تأشيرة" خلافته لربه.

 


[1] سورة البقرة:31

[2] سورة البقرة:30

[3] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(ج1 ـ ص 48).

[4] سورة الإسراء:70

[5] جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (ج 17 ـ ص 501).

[6] سورة الجاثية:13

[7] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(ج1 ـ ص 776).

[8] سورة البقرة:30

[9] أيسـر التفاسير لكلام العلي الكبير (ج1 ـ ص 81).

[10] سورة البقرة:34

[11] أيسـر التفاسير لكلام العلي الكبير (ج1 ـ ص 44).

[12] سورة البينة:8

[13] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(ج1 ـ ص 932).

[14] سورة البقرة:152

[15] سعيد بن جُبَيْر(95 هـ): سعيد بن جبير بن هشام أبو محمد، ويقال أبو عبد الله، الإمام الحافظ المقرئ المفسر، أحد الأعلام، من كبار التابعين. روى عن أبي هريرة وعائشة وابن عباس فأكثر عنه وجود، قتله الحجاج سنة خمس وتسعين، فأهلكه الله بعده بخمسة عشر يوما، وقيل أربعين يوما. تهذيب الكمال (10/ 356-376) البداية والنهاية (9/ 98 - 99).

[16] تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ج1 ـ ص 465).

[17] سورة الملك:15

[18] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(ج1 ـ ص 877).

[19] سورة البقرة:30





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إشارات على طريق الاستخلاف
  • مؤهلات الإبداع الدعوي ومقوماته
  • مؤهلات الرقي
  • النرويج: حصول المهاجرين على وظائف أقل من مؤهلاتهم بسبب التمييز
  • حين نكون له أهلا
  • خطبة: من صور الاستخلاف في الأرض

مختارات من الشبكة

  • الاستفادة من مؤهلات الداعية في العصر الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطيب المؤثر: صفاته ومؤهلاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روسيا: موسكو تستضيف التصفيات المؤهلة لمسابقة القرآن الكريم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • قائمة الجدارات الوظيفية المؤهلة لوظيفة محاسب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أنواع الدلالات وما تدل عليه من معان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أسماء الله كلها حسنى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • دلالة الاقتضاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصباح ودلالاته في بعض المقطوعات الشعرية للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدلالة المركزية والدلالة الهامشية بين اللغويين والبلاغيين(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أثر المقاصد في تحديد دلالة الألفاظ: دلالة الأمر والنهي أنموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب