• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

شبابنا والتيارات الوافدة

محمود الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2015 ميلادي - 7/8/1436 هجري

الزيارات: 7056

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شبابنا والتيارات الوافدة


في العالم اليومَ تيَّاراتٌ فكريَّة تَنشَط وتتحرَّك وتغزو، وتنبثق عن هذه التيارات نظمٌ اجتماعية وسياسية، واقتصادية وتربوية، وهذه التيارات الفكرية التي نشَأت في الغرب كلٌّ منها يكوِّن مذهبًا أو فلسفة، أو اتجاهًا عقائديًّا.

 

ولقد نشأَت هذه المذاهب الفكريَّة في أوربا، بعد أن نشأَت فيها الحضارة العلميَّة الحديثة.

 

ومن الثابت أن الحضارة الأوربية نشأَت بفضل اتِّصال أوربَّا بالحضارة الإسلاميَّة؛ عن طريق الأندلس وصقلية؛ يقول (بريفولت) مؤلِّف كتاب "بناء الإنسانيَّة": "لقد كان العِلم أهمَّ ما جاءت به الحضارة العرَبية على العالم الحديث، ولكن ثماره كانت بطيئةَ النُّضج، إن العبقرية التي ولدتها ثقافة العرَب في إسبانيا لم تنهَض في عنفُوانها إلا بعد مضيِّ وقت طويل على اختفاء تلك الحضارة وراء سُحب الظلام، ولم يكن العِلم وحده هو الذي أعاد إلى أوربا الحياة، بل إن هناك مؤثِّرات أخرى كثيرة من مؤثرات الحضارة الإسلامية بعثَت باكورةَ أشعَّتِها إلى الحياة الأوربية؛ فإنه على الرغم من أنه ليس ثمة ناحيةٌ واحدة من نواحي الازدِهار الأوربي إلا ويمكن إرجاعها وإرجاع أصلها إلى مؤثِّرات الثقافة الإسلاميَّة بصورة قاطعة، فإنَّ هذه المؤثرات توجَد - أوضحَ ما تكون، وأهمَّ ما تكون - في نشأة تلك الطاقة التي تكونت للعالم الحديث من قوة متمايزة ثابتة، وفي المصدر القويِّ لازدهاره؛ أي: في العلوم الطبيعيَّة، وروح البحث العلمي".

 

ثم يقول: "إنَّ ما يَدين به عِلمنا لعلم العرَب ليس فيما قدَّموه إلينا من كشوف مدهِشة لنظريات مبتكَرة، بل يَدين هذا العلمُ إلى الثقافة العربيَّة بأكثرَ من هذا؛ إنه يَدين لها بوجوده نفسِه؛ فالعالَم القديم لم يكن للعِلم فيه وجودٌ، وعلم النجوم عند اليونان ورياضيَّاتهم كانت علومًا أجنبية استجلَبوها من خارج بلادهم وأخَذوها عن سِواهم، تأقلمَت في يوم ما، ثم امتزجَت امتزاجًا كليًّا بالثقافة اليونانيَّة.

 

وقد نظم اليونان المذاهبَ وعمَّموا الأحكام، ووضعوا النظريات، ولكن أساليب البحث في دأبٍ وأَناة، وجمع المعلومات الإيجابية وتركيزها، والمناهج التفصيليَّة للعلم، والملاحظة الدقيقة المستمرَّة والبحث التجريبي... كل ذلك كان غريبًا عن المزاج اليوناني، أما ما نَدعوه العلم فقد ظهَر في أوربا نتيجةً لروح من البحث جديدة، ولطرُقٍ من الاستقصاء مستحدَثة؛ من طرق التجربة والملاحظة والمقاييس، والتطور في الرِّياضيات إلى صورة لم يَعرفها اليونان، وهذه الروح وتلك المناهج العِلميَّة أدخلَها العرب إلى العالم الأوربي"[1].

 

ويقول "دريير" الأستاذ بجامعة نيويورك في كتابه "النزاع بين العلم والدِّين": "تحقَّق علماء المسلمين من أنَّ الأسلوب العقلي النظري لا يؤدِّي إلى التقدم، وأن الأمل في وِجدان الحقيقة يجب أن يكون معقودًا بمشاهَدة الحوادث ذاتها، ومن هنا كان شِعارهم في أبحاثهم الأسلوب التجريبي، والدستور العَملي الحسِّي.

 

إن نتائج هذه الحركة العلميَّة تظهر جليَّة في التقدم الباهر الذي نالته الصَّنائع في عصرهم، وإننا لنَدهَش حين نَرى في مؤلَّفاتهم من الآراء العِلمية ما كنا نظنُّه من نتائج العلم في هذا العصر، ومن ذلك مذهبُ النُّشوء والارتقاء للكائنات العضويَّة الذي يعتبر مذهبًا حديثًا كان يدرس في مدارسهم، وقد ذهبوا فيه إلى مدًى أبعدَ مما وصَلنا إليه؛ وذلك بتطبيقه على الجوامد والمَعادن، وقد استخدَموا علمَ الكيمياء في الطِّب، ووصَلوا في علم (الميكانيكا) إلى أنَّهم عرفوا وحدَّدوا سقوط الأجسام، وكانوا عارفين كلَّ المعرفة بعِلم الحركة، ووصَلوا في نظريات الضوء والإبصار إلى أن غيَّروا الرأي اليونانيَّ القائل بأن الإبصار يحصل بسبب وصول شعاع من البصَر إلى الجسم المرئيِّ، وقالوا بالعكس!

 

وكانوا يعرِفون نظريَّات انعكاس الأشعة وانكسارها، وقد اكتشف الحسَن بنُ الهيثم، وهو واحدٌ من علماء المسلمين الذين عاشوا في القرن الرَّابع الهجري، له من المؤلَّفات ما يَزيد على مائتي مؤلَّف في الرِّياضة والطبيعة، وغيرهما، وترجَم كتابَه "المناظر" إلى اللاتينيَّة في القرن السَّادس عشرَ الميلادي.

 

لقد اكتشَف الحسنُ بن الهيثم الشكل المنحنِيَ الذي يأخذُه الشعاع في سَيره في الجو، وأثبتَ بذلك أنَّنا نرى القمر والشمسَ قبل أن يَظهَرا حقيقةً في الأفق، وكذلك في المغرِب بعدَ أن يَغيبا بقليل"[2].

 

بعد كلِّ هذه النصوص والشواهد من أقوالِ علماء الغرب، وربما لأنه لم يكن بدعًا من القول أن نَحكم - نحن العربَ - بأن الحضارة الأوربيَّة الحديثة قامت على أسُس ودعائمَ من حضارة الإسلام ونهضة العرب؛ فإنَّ أوربا حينما استقَت من المَعين الإسلامي والمنهَل الحضاري العرَبي أخذَت الجانب الماديَّ العقلي من الحضارة الإسلاميَّة، وتركَت الجانب الروحيَّ العقَدي، وعجزت الديانة النصرانيَّة - ديانة الغَرب - عن أن تَملأ الفراغ العقَدي الأوربي؛ لأن الله سبحانه لم يجعَلها عقيدةً عامة خالدة، بل كانت لأمةٍ معينة.

 

فضلاً عن أن التحريف والتشويه جعَل منها بعد ذلك بقايا باهتةً ضعيفة، لا تَشفي الغلة، ولا تُطفئ الأُوارَ الروحي، فاخترع الأوربي نظمًا وتقاليدَ من عِنديَّاته، بعيدةً عن المثل والنظم الإلهيَّة، واتخذ العقل أساسًا للحكم على الحقائق الحسِّية والعينيَّة، فكان الاتِّجاه العقليُّ المادي الطبيعي، والفلسفة العقلانية المادية.

 

وقد أدى هذا الاتجاهُ فيما بعد إلى نهضة علميَّة عقلية لا تُصاحبها نهضة خلقيَّة وجدانية، وأعقبت النهضة العلمية نهضةٌ صناعية مادية اتَّخذت الرفاهية المادية وإشباع رغبات الإنسان غايةً للإنسان! وبدأ الدين بمعتقَداته وقِيَمه ينحَسِر ويَضعُف، حتى خَلا مكانُ الروحيَّة والخلُقِ المحمود.

 

وقد كان هذا المذهب العقلي الماديُّ بشُعَبه الفكريَّة والأخلاقية والسياسيَّة أولَ المذاهب الفاسدة اتِّصالاً بالشعوب الإسلاميَّة وتأثيرًا فيها، فتسلَّل المذهب العقلي الماديُّ إلى عقول الطبَقة المتعلِّمة، وإلى الطبقة السياسية الحاكمة، فكانت النتيجة إقصاء الإسلام وعزلَه عن توجيه الحياة الفكريَّة والسياسية.

 

ولكن تم ذلك العزلُ برِفق ولطفٍ ولين، وبقي الدِّين في عديدٍ من بلاد الإسلام عاداتٍ وتقاليدَ عند العامة ومظاهرَ في المجال السياسي؛ لمجاملة الجمهور في الحفلات والأعياد والمناسبات، ثم اتَّضحَت الرؤية اليوم، فعُدنا ندرك خطورةَ هذه الأفكار الوافِدة، والمبادئ المستورَدة.

 

وبعد تجرِبةٍ ومُعايَشة دامت أكثر من قرن ونصف، ظهَر أثر هذه الفلسفة المادية الفاسدة في مجالات الأخلاق والاقتصاد، والفكر والسياسة... ثم هبَّ على الأمة الإسلامية تيارُ القوميَّة، ذلك التيار الذي يُبعد "الفرديَّة"، ويجعل الأمَّة أساسًا ومَثلاً أعلى، وهدفًا للحياة وغايةً للوجود، وفي سبيلها وحدَها تكون التَّضحية، وفي سبيل مَجدِها وعظَمتِها وإعلائها فوق كلِّ شيء وكلِّ موجود يكون الكفاح، فالخلود للأمَّة وخصائصها، وليس الفردُ إلا خادمًا مطيعًا لها، وجنديًّا في سبيلها، وهي تَفرِض عليه خصائصَها التي تتجسَّد في أبطالها وزُعمائها، فلا مجال للحرية والاختيار؛ فالعلم والفلسفَة، والأدب والفنُّ كلُّها في خدمة القوميَّة، أما الدِّين ومثُله وقيمه، فليست إلا جانبًا من جوانب القوميَّة، هذا إذا كان متَّصلَ النسب بها، غيرَ غريب عنها، منسجمًا مع خصائصها واتجاهاتها، أما إذا لم يحقِّق هذه الشروط فلا مكانَ له فيها.

 

وعن تأثُّر الشعوب الإسلامية بالفلسفة القوميَّة يقول المغفور له الأستاذ محمد المبارك في كتابه "المجتمع الإسلامي المعاصر": "لا شكَّ أن شعور الإنسان بالانتماء إلى قومه شعورٌ فطري طبيعي، وهو في الإنسان كشعورِ الارتِباط في الحيوان بالقَطيع من جنسه، لكن هذا الشعور في الإنسان يَرتقي ويتهذَّب كلما تقدَّم الإنسان، فتتَّسِع دائرته فيصبح إنسانًا ويَسمو هدفُه، فيصبح أخلاقيًّا مثاليًّا.

 

وللأديان وتعاليمها الإلهيةِ أثرٌ كبير في ترقية هذا الشعور الذي نقَل البشر عن عصبيَّات القطيع إلى الشعور الإنسانيِّ وإلى التعارف والتعاون.

 

وكان للإسلام في تكوين هذا الشعور، وفي إقامة حضارة على أساسِه يتَعاون فيها البشر، ويلتَقون على مبادئ الحقِّ والخير - كان للإسلامِ في ذلك الفضلُ الأكبر، وهذا هو الاتجاه السليمُ في تقدُّم الحضارة في مجال الحقوق الإنسانيَّة، وفي جمال الأخلاق والقيم الخلقيَّة التي يَشترك بها البشَر، بل إن هذه الخطوةَ في الانتقال من مرحلة القبَليَّة والقوميَّة إلى مرحلة الإنسانية والتعاون الإنساني هو أعظمُ خطوةٍ في تاريخ البشرية والحضارة، لا يُماثلها أيُّ تقدُّم عِلمي أو اختراع صناعي، بل إن كلَّ تقدم علميٍّ أو صناعي دونها ليس له جَدوى، بل قد يكون أداؤه يُعين على التنازع والقتال بين الأقوام إذا لم ينشَأ الشعور الإنساني والتعاون المتولِّد عنه.

 

وفي النِّهاية يَقول: إن تأثُّر المسلمين بالفكرة القوميَّة وبروز الشعور القوميِّ في حياتهم في العصر الحديث مرَّ بمراحل متعددة، واتَّخذ صيغًا وأشكالاً مختلفة، كان بعضها في الحدود التي لا يتعارض فيها مع الإسلام، وبلغ بعضُها درجَة المزاحمة للإسلام؛ على أنه عقيدة تتعارض تعارضًا جذريًّا مع الشعور القومي.

 

إن تيَّار الفكرة القوميَّة كانت مهمَّته تفريغَ القضية السياسيَّة والاجتماعية بوجهٍ عامٍّ من المحتوى الإسلاميِّ وإحلال فلسفة أخرى وعقيدةٍ أخرى محلَّ عقيدته، واستبدال رابطة أخرى برابطته؛ بعزل الشعوب الإسلامية بعضِها عن بعض عزلاً نهائيًّا، بحيث تكون صِلةُ بعضِها ببعض كصِلتِها بأي شعب من الشعوب الأخرى التي تَدين بالوثنيَّة أو الماركسية، أو غيرهما، وبذلك تنسف الجذور التي تصل بين الشعوب الإسلامية"[3].

 

وكان هناك التيار الماركسي الشيوعي، الذي هو وليدُ الصِّهيونية، والذي تسلَّل لدى بعض الشعوب الإسلامية نتيجةً للفراغ الروحي الذي كانت تُعانيه هذه الشعوب، والذي تقدَّم في صورة الصديق المعين الذي يمد يده لهذه الشعوب؛ لينقذها من المفاسد والمظالم الاجتماعية! وتحت هذا الستار الخادع استطاع أن يمكِّن لنفسه، وأن يثبِّت أقدامه في تلك البقاع، محاولاً نشر مبادئه الهدامة في أصقاع أخرى.

 

وأبهَر هذا الدين الزائف أنظارَ بعض شبابنا المسلم، فأعماه عن طريق الحق، وأطفأ نور الإيمان في أعماقه، فأصبح حربًا على العقيدة والأخلاق!

 

إلا أنني أقول: إن الشباب الإسلامي - مع ذلك كلِّه - بخير؛ فمن خلال هذه السُّحُب القاتمة القائمة حول شبابنا، ومن موجات التَّشاؤم، ومن ثَنايا الحملات والاتهامات، من خلال ذلك كلِّه فالتفاؤل يَنشر لواءه.

 

ولا يسَع المنصِفَ إلا أن يقرِّر أن جلَّ شبابنا بخير، وأن انحراف القليل منهم ليس نابعًا من طبيعتهم، بل تبِعَتُه إنما تقَع على أولياء أمورهم الذين يزرَعون الجُبن في نفوس الصِّغار، ويربُّونهم على (الإمَّعية) وضعف الرأي، والصِّغار، ويرضعونهم لبان الخوف من أنفسهم، ومن مجتمعهم، ويقودونهم إلى الاستخفاف بالقيم والمثُل.

 

إنني لا أُدافع عن الشبيبة المانعة، ولا عن أشباه الرجال؛ إذ هناك - وذلك حقٌّ - ثلَّة من شبابنا الذين بهَرهم الغرب ببريقه، وسحَرهم بزيفِ مذاهبه، فاستَشرى فيهم الفسادُ وساد والتهَب، حتى التهَم مقوِّماتِهم ومثلهم، ثم التَهم في النهاية عقيدتَهم!

 

ولكنهم على الرغم من ذلك كله فهم قلَّة ليست مقياسًا للحكم؛ فغالبية شبابنا الإسلامي - كما قُلت - بخير، والكثرة الكاثرة منهم نقيَّة الضمير، صادقة الإيمان، قوية العقيدة.

 

ويقول الأستاذ/ أحمد عبدالغفور عطار[4]: "إنَّ البلد الوحيد الذي تموت في أراضيه الطاهرة جرثومةُ الشيوعيَّة بمجرَّد أن تهبط فيه بلدنا المقدَّس مهبِط الوحي، ومَشرِق النور المحمَّدي، فلا وجودَ لنشاط شيوعيٍّ في أرض السعودية، ولا تَصدُر فيها نشرات ولا صحف شيوعيَّة، بل لا يمكن أن توزع فيها، وإن كانت الحكومة السعوديَّة لا تمنع الباحثين والمفكِّرين من الاطِّلاع على كتب الشيوعية وأكاذيبها ومَزاعمها؛ لأنها واثقةٌ أن المسلم الحقَّ لا يمكن أن يرضى، ولو بعض الرِّضا، عن أي جانبٍ من جوانب الشيوعية".

 

وبقي تساؤلٌ يقول: كيف نُعيد الثِّقة والإيمان إلى الشباب الضالِّ المنحرف؟

وأقول: إن نشر المفاهيم الإسلامية الأصيلة وتحريرها من آثار التشويه والانحرافات، والخلافات الجزئيَّة الضارة، بالإضافة إلى تنقية وسائل الإعلام مما ساد فيها من فساد، وبالإضافة كذلك، إلى أن نوجد وعيًا ذاتيًّا إسلاميًّا مُقامًا على أسس من كتاب الله تعالى، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

هذا الوعي يكون عاملاً فعالاً في إعادة المسلم المنحرف إلى جادَّة الحق وطريق الصواب، وسيترك بصماته القويَّة على ذاتية ذلك الشاب المسلم، وعلى شخصيته الإيمانية.

 

ثم إن هذا الوعي الإسلاميَّ المبنيَّ على الفكر، وعلى الثقافة الإسلامية سيحلُّ محل التبعيَّة الفكرية الأجنبيَّة، بل سيَقضي عليها، ويمكن للشابِّ المسلم وللمجتمع المسلم أن يَشعر بالكيان الذاتي، والإيمان الإيجابي، ويدفعه للقيام بدوره الحضاري الإنساني الإسلامي.

 

إن هذا الوعي بركائزه وأسسه يشكِّل المؤمن، ويكون حضارته، ويلون اتِّجاهه العلميَّ والروحي، والوعي الذاتي النابع من أصول الدين إذا ما استقرَّ في قلوب الشباب، فستَجِد لدينا شببيةً من طراز واعٍ مستنير، شببية تقدم أروع المثل في الفداء التضحية والأقدام، تحارب الباطل وتناصر الحق، شببية من هذا الطراز الذي وصَفه أبو حمزة الخارجيُّ حينما قال:

تعيِّرونني بأصحابي، وتقولون: إنهم شباب؟ وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شبابًا؟ شباب والله، مُكتهِلون في شبابهم، عَمِيَةٌ عن الشر أعينُهم، بعيدة عن الباطل أرجلُهم، قد نظر الله إليهم في جوف الليل منثنيةً أصلابُهم بمعاني القرآن، إذا مرَّ أحدهم بآية فيها ذِكر الجنة بكى شوقًا إليها، وإذا مر بآية فيها ذِكر النار شهِق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه!

 

قد وصلَوا كَلال ليلهم بكَلال نهارهم، وقد أكلَت الأرض جباههم وأبدانهم من كثرة السُّجود، ناحلة أجسامهم من كثرة الصيام وطول القيام، مستقلُّون ذلك في جنب الله، موفُون بعهد الله حتى إذا رأَوا سهام العدو قد فوَّقَتـ، ورماحه قد شرعت، وسيوفه قد انتُضِيَت، وبرقت الكتيبة بصواعقِ الموت - استهانوا بوعيدِ الكتيبة لوعيد الله، فمَضى الشاب منهم قدُمًا حتى اختلفَت رِجلاه على عنق فرَسِه، قد زملَت الدماء محاسنَ وجهه، وعقر الثَّرى جبينه، وأسرعت إليه سباعُ الأرض.

 

فكم من عينٍ في منقار طير طالَما بكى صاحبها في جوف الليل من خشية الله!

 

وكم من كفٍّ بانت عن معصمها، طالَما اعتمد عليها صاحبها في سجوده! إلى آخر ما جاء في وصف هذا اللون من الشباب المؤمن المثقَّف الواعي الداعي إلى الله، المحارب في سبيل الله، ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].



[1] عن كتاب "تجديد التفكير الديني في الإسلام"؛ تأليف الفيلسوف الباكستاني محمد إقبال، ترجمة الأستاذ عباس محمود العقَّاد.

[2] من كتاب: "الإسلام دين عام خالد"؛ للفيلسوف المسلم المعاصر محمد فريد وجدي، ص 233.

[3] صفحة 115 من كتاب "المجتمع الإسلامي المعاصر".

[4] في كتابه "الشيوعية والإسلام".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شبابنا.. إلى أين؟
  • شبابنا والإيمو
  • شبابنا.. القوة الضاربة
  • شبابنا والإعلام
  • شبابنا والمدنية
  • شبابنا .. يد القوة
  • سيسأل الوالي عن شبابنا: فيم أفناه ؟
  • شبابنا والمواقع الإباحية (1)
  • شبابنا وشبابهم
  • واجبنا نحو شبابنا

مختارات من الشبكة

  • الشباب أمل الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشباب والتيارات المعاصرة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مرحلة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شباب بدر وشبابنا (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل - ساوباولو - لجنة شباب الأمريكتين(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أنشطة إسلامية في فعاليات كأس الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل ( شباب مجتمعون للإسلام )(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ماذا يصنع سن الشباب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجب الشباب المسلم تجاه التيارات المعاصرة(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري)
  • الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد تحديات العصر؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة القرآن بشبه جزيرة القرم(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب