• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

إنسان الإسلام .. واحد

إنسان الإسلام.. واحد
إبراهيم عوضين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/5/2015 ميلادي - 16/7/1436 هجري

الزيارات: 3956

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنسان الإسلام.. واحد


إنسان الإسلام - إلى أنه مِزاج من الروح والجسد، وحر، وإيجابي، ومسؤول - هو كذلك واحد، ووحدَته ليست وحدة عددية، ولكنها وحدة جنسية.

 

وهذه الوحدة بينها وبين مسؤولية الإنسان تلازم يتضح بالنظر إليهما معًا؛ فإنسان الإسلام مسؤول عن غيره؛ لأن هذا الغير أخوه، وواضحٌ أن الأخُوة تقتضي وحدة الجنس، ومن ناحية أخرى فإن إنسان الإسلام، الذي يعرف عَلاقته بمن يعيش معه من بني الإنسان، ويظهر له أن هذه العلاقة إن هي إلا علاقة إخوة توالدوا من ذكر وأنثى، وُجدا في الأصل، عندئذٍ يشعر بأنه مسؤول عن أخيه هذا، مسؤولية متبادلة تضمن للجميع السيادة والسعادة.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

 

فتعدد الإنسان شعوبًا وقبائل طريقٌ مرسوم، خطَّه خالقُ الكون بما فيه ومَن فيه، وهو تعدد لا يلغي حقيقةَ وحدة ذلك الإنسان؛ لأن هذا التعدد من لوازم الحياة الإنسانية في الأرض؛ إذ بواسطة هذا التعدد يتم بين الإنسان التعارف، تعارفه على أسرار الأرض وكنوزها؛ لأن تعدد الشعوب والقبائل يعدِّد الأعمالَ والمساعي، ويعدد الأفكارَ والحيل، للوصول إلى ما تحتويه الأرض من خيرات، تختلف من مكان إلى مكان، ومن بيئة إلى بيئة، فينشأ عن ذلك تعدُّد الحضارات، واختلاف الثقافات، من كل ما يدعو إلى التسابق والتنافس.

 

وعندئذٍ تزداد الإنسانيةُ معرفةً بأسرارِ خَلْقِها، وعرفانًا بخالقها، بل وتزداد اقترابًا فيما بينها، تضطر إليه اضطرارًا لما تحسه من تشَابك منافعها، وسريان الضرر من قاصيها إلى قاصيها.

 

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22].

 

فهي وحدة أصيلة، وتعدُّد مقصود، لهدف مقصود؛ ﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [يونس: 19]، ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [المائدة: 48].

 

ولقد خدع الإنسانُ نفسَه قرونًا في علاقته بغيره من الأناسي، فاصطنع الحدودَ، وأقام الفواصلَ، وميَّز جماعة عن جماعة، وفضَّل واحدة على ما عداها، متوهمًا أنه بذلك يضمن السعادة، ويحوز الاستقرار.

 

ومِن أول من وقع في ذلك الوهم فلاسفةُ اليونان وحكماؤها، فادَّعوا أن اليونانيِّين أرقى الأجناس، ومَن عَدَاهم أقل منهم رقيًّا؛ مما أغراهم باستعباد كلِّ مَن عداهم واستذلالهم، متى تمكَّنوا من ذلك، حتى إن أفلاطون أقر الاسترقاق؛ لأن لبعض الناس عقولاً ممتازة.

 

والناس ذوو العقول الممتازة - في رأي أفلاطون - هم أهل أثينا، وزاد أرسطو على ذلك فاعتبر الرَّقيق آلة، تحتاج إليها الحضارة التي يبنيها أبناءُ اليونان؛ ولذلك فالرقُّ ضرورة تدفع إليها حاجةُ الإنسان.

 

ومِن ثَم قامت السفنُ اليونانية بأبشع عملية استرقاقٍ عرفها الإنسان، فكانت تجوب البحارَ لتخطف من تصادفه في طريقها في البحر أو على الشاطئ؛ كي توفر للجنس الأَرقى - كما توهم فلاسفتهم - رفاهية وإسعادًا.

 

وكذلك وقع في ذلك الوهم رجالُ الدين اليهودي، فزيَّفوا كتابهم المقدس، وأدخلوا عليه ما يثبت امتيازهم وأفضلية عنصرهم وسيادته، فهم - على ما صوَّره لهم الوَهم - شعب الله المختار، فقد حاكوا في سبيل ذلك قصةً، ضمَّنوها سِفْرَ التكوين في العهد القديم، تقر في أذهان عامتهم أنهم جنس آخر، يَفضل من عداهم من الأجناس.

 

يقولون: إنه بعد أن بلعت الأرضُ مياه الطُّوفان، وامتنعت السماءُ عن الأمطار، واستوت السفينة على الجُودِيِّ، عند ذلك "ابتدأ نوح يكون فلاحًا، وشرب من الخمر فسكر وتعرَّى داخل خبائه، فأبصر حَام أبو كنعان عورةَ أبيه، وأخبر أخويه خارجًا، فأخذ سام ويافث الرِّداء ووضعاه على أكتافهما، ومشيا إلى الوراء، فلم يبصرا عَورة أبيهما، فلما استيقظ نوح مِن خمره عَلِم ما فعل به ابنُه الصغير، فقال: ملعون كَنعان، عبد العبيد يكون لإخوته".

 

ولقد أشار القرآنُ الكريم إلى ذلك التحريف، وردَّ على مفترياتهم، بما لا يدع فرصة لواهم؛ ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: 18].

 

وانساق في ذلك الوهم - كذلك - فرعونُ، فنسي حقيقة نفسه أو تناساها ﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24].

 

ولم يَسلم من ذلك العرب، فقد ظنوا أنهم سلالة تختلف عن غيرها، واعتقدوا أنهم يَفضلون الآخرين؛ فأرادوا أن يختصوا في الحج بأماكن غير أماكن سائر الناس، ولكن القرآن لم يقبل ذلك، وجابههم بالحقيقة دون تردد أو مواربة فقال: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199].

 

والإسلام - كما عمل على رد هؤلاء المغرورين عن غرورهم - عمل على رد المخدوعين إلى حقيقتهم، فلفَت أنظارهم إلى أن لكل إنسان أجرَ ما عمل، ولن تنفع إنسانًا في ذلك شفاعةُ شافع؛ ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 48].

 

وصوَّر لهم حال الأكابر والأصاغر أمام الخالق الأعظم؛ حيث يقف الأتباع الأصاغر حيارَى ندامى حين وضحت الحقيقة، وظهرت خفايا المتبوعين، حين طلب المتبوعون النجاة فتبرؤوا من تابعيهم في جرَاءة لطمَت وجوههم، وأدارت رؤوسهم، وأذهلَت تفكيرهم، فزاغت منهم الأبصار، وتمنَّوا لو يتحقق - من أجل انتقامهم - المستحيل.

 

﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 166، 167].

 

ويمعن القرآنُ في تحذير إنسانه من الانهيار إلى ذلك الدرك، فيرسم صورةَ الهرب في وضوح أكثر، ويكشف عن خفايا النفوس البشرية، عندما يظهر لها كيف كانت تعيش في ضَلال التَّبَع، وظلام الانحراف والزيغ.

 

﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 38، 39].

 

وهذه الوحدة ليست مقصورة على الرجال فيما بينهم، ولكنها تشمل الوحدة بين الرجل والمرأة كذلك، فالمرأة - كالرجل تمامًا - إنسان.. ومن ثَمَّ فإنسان الإسلام يشمل المرأة والرجل، كما شمل الغني والفقير، والسيد والعبد، فليس هناك امتياز بالذات، ولا تفاضل بأصل التكوين؛ إذ يلتقي الجميع عند أصل واحد صدروا عنه جميعًا.

 

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾ [القيامة: 36 - 39].

 

وإنما الامتياز والتفاضل قائم - في الإسلام - على العمل كيفًا وكمًّا؛ لأنه هو الطريق الأفضل لتحقيق الترقي والتطور، وهذا يعني حتميَّة مثل ذلك التفاضل، ويؤكد أنه ضرورة إنسانية؛ إذ الهدف منه إنساني عام محض، على العكس من التفاضل بالذات، أو بأصل التكوين، فهذا الأخير يشف عن سذاجة تفكير، وبدائية نظر.

 

﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195].

 

﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124].

 

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

وهي وحدة - من هذه الوجهة - مقررة ثابتة في الإسلام، كشأنها من الوجهة العامة؛ ولذلك فمِن العَبَث النصُّ - تفصيلاً - على ما يلزم على تلك الوحدة من حقوق، وإنما عُني الإسلام بالنص - تفصيلاً - على ما تحتاجه تلك الحقوق من صيانة ومتابعة، فقد اعتدت الأممُ السابقة مجيءَ الإسلام - وما زالت تعتدي حتى يومنا هذا - على حقوق المرأة، حتى انفلتَت من رابط الوحدة، وأصبحت تشكل كيانًا منفصلاً، ووجودًا معزولاً، فمنعوها التعليم في حين أطلقوا إباحته للرجل، وعاملوها معاملة الرَّقيق، فنزعوا منها - باسم القانون تارة وباسم الدين تارة أخرى - صفةَ الأهلية في كثير من الشؤون المدنية.

 

تنص المادة السابعة عشرة بعد المائتين من القانون المدني الفرنسي: أن "المرأة المتزوجة - حتى ولو كان زواجها قائمًا على أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها - لا يجوز لها أن تهب، ولا أن تنقل ملكيتها، ولا أن ترهن، ولا أن تملك بعِوض أو من غير عِوض بدون إشراك زوجها في العقد، أو موافقته عليه موافقة كتابية".

 

ويؤكد هذا الرِّقَّ المدني المفروض على المرأة غير المسلِمة المتزوجة: ما تقرره قوانينهم وأعرافهم؛ من أن المرأة - بمجرد زواجها - تفقد اسمها واسم أسرتها، وتنقل إلى أسرة زوجها ولقبه، وهذا إشارة إلى فقدان الشخصية المدنية للزوجة.

 

وفي مواجهة ذلك عمِل الإسلامُ على إعادة الأمر إلى نِصابه، فقرر لها كيانها، وأكد أهليتها في التملك والتعاقد، وتحمُّل الالتزامات، واحتفظ لها بحقوقها كاملة دون نقص؛ فلا يجوز للزوج أن يأخذ شيئًا من مالها إلا بإذنها ورضاها.

 

﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 20، 21]، ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾ [البقرة: 229]، ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4].

 

فالإسلام لا يقف - مع الإنسان - عند حدِّ توضيح علاقته بالله، ولكنه - مع ذلك - يلم شعث الإنسانية من جديد، ويوضح لها مكانها في هذا الكون، ومع من تتعامل.

 

فهو يرد الإنسانية جَمعاء إلى جهة واحدة تتعامل معها، وتلتقي بها في شؤونها، وتصدر عن رغبتها، وتعمل بمقتضى مشيئتها وإرادتها؛ حتى تخلِّص الإنسان من حَيرة الغرور، وظلمة الخداع والزيف، فالعقيدة التي يدور إنسان الإسلام في محورها تتجه صراحة إلى إله واحد منفرد، وحين تتجمع الإنسانية على هذا النحو، فتصبح في خير حالاتها؛ لأنها تكون - حينئذٍ - في حالة "الوحدة" التي هي طابع الحقيقة في كلِّ مجالاتها.

 

والإسلام إنما يريد لإنسانه أن يكون في الوضع الذي يطابق الحقيقةَ في كل مجالاتها؛ لأن الإنسان - عند ذلك - يكون في أَوج قوته الذاتية، ويكون في أوج تناسقه - كذلك - مع حقيقة هذا الكون الذي يعيش فيه، ويتعامل معه، ومع حقيقة كل شيء في هذا الوجود.

 

والإسلام يريد لإنسانه أن يكون في ذلك الحال دائمًا.

 

ومن ثم عمد الإسلام إلى إنسانه - قبل أن يكلِّفه بشيء - فعمل على تخليصه من كل ما يعطله عن تحقيق غايته في الحياة، ليس في الكون فحسب؛ وإنما في علاقة الإنسان بالإنسان أيضًا، فليس هناك قوة يحق للإنسان الخضوع لها، أو الاستكانة لأوامرها والعمل بها، إلا أن يكون الله الواحد، صانع الإنسان، وموجد الحياة.

 

ومن ثَم فإن الإنسان يبدأ مع الإسلام حياةً جديدة كل الجدة، تتغير على أساسِها أفكارُه وعقائده ونظراته إلى الأشياء ونظرته إلى الآخرين من بني البشر؛ حيث يستقيم بعد اعوجاج، ويتحرك بعد جمود، ويلتقي بعد انفلات، ويجد ذاته بعد ضياع.

 

وهكذا يحيا إنسان الإسلام حياة سليمة من الهزَّات والأرجحات، خالية من الإذلال والاستعباد، بعيدة عن القَهر والاستكانة، يحيا متزنًا حرًّا، ذا فاعلية، بقدر وجوده، ويشعر بمسؤوليته عن ذلك الوجود، فيسير في وحدة متناسقة، يحدوه قول الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حجة الوداع: ((أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر - فضلٌ إلا بالتقوى... ألا هل بلَّغتُ؟ اللهم فاشهد، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب)).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في حاجة الإنسانية إلى الإسلام
  • حقوق الإنسان في الإسلام
  • الإسلام ورابطة الإنسانية
  • الإسلام.. دين الذوق والرقي والحضارة

مختارات من الشبكة

  • الأحاديث التي اتفق الشيخان على إخراجها من طريق واحد عن شيخ واحد بلفظ واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأحاديث المروية في الصحيحين من طريق واحد عن شيخ واحد ولم تتطابق متونها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنسان القرن الواحد والعشرين ( قصص قصيرة جدا )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ما يفعل الإنسان بالإنسان؟ (بطاقة أدبية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ظلم الإنسان لأخيه الإنسان(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير: (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تحول نفسك من إنسان سلبي إلى إنسان إيجابي؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من أنت أيها الإنسان؟ (2) بداية خلق الإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب