• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

العدل وحقوق الرعية في ظل الإسلام

العدل وحقوق الرعية في ظل الإسلام
د. عبدالجبار فتحي زيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/6/2014 ميلادي - 9/8/1435 هجري

الزيارات: 18503

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العدل وحقوق الرعية في ظل الإسلام

 

لما تولَّى عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - الخلافة أخذ يُنادِي رعيته: أنه مَن كانت له مظلمة في عهد الخليفة السابق - سليمان بن عبدالملك - فليرفعها إليَّ، فجاء إليه المظلومون، فردَّ إليهم مظلماتهم مظلمةً مظلمةً، ولم يكتفِ عمرُ بن عبدالعزيز بإعادة الحقوق إلى أهلها، بل قيل له: إن جدك عمر بن الخطاب كان يأخذُ من بيت المال من أموال الفيء، درهمين كل يوم يسد بهما رمقه ويُعِيل بهما نفسه وعياله، فخذ أنت ما كان يأخذ، وهذا شرع أحله الله ورسوله لمن يترك عمله ويتولَّى أمور المسلمين، فأبى أن يأخذ شيئًا، ثم قال: إن جدي عمر بن الخطاب لم يكن له مال، وأنا عندي من المال الخاص بي ما يكفيني.

 

وكانت غسَّان قبيلةً عربية عميلة للروم، حيث كانت متاخمة لحدودها، وكان جَبَلة بن الأيهم آخرَ ملوك هذه القبيلة، أسلم جبلة في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقد أراد أن يلتحقَ بالعرب أبناء قومه، فبعث عمر بن الخطاب برسالة إليه: أن اقدم إلينا، ولك ما لنا من الحقوق، وعليك ما علينا من الواجبات، فجاء جبلة إلى الحجاز ومعه خمسُمائة فارسٍ تبدو عليهم آثار الأبَّهة والترف بلباسهم المنسوج بالذهب والفضة.

 

حضر جبلة موسم الحج، فداس رجلٌ من فزارة على إزارِ جبلة، فغضب جبلة ولطم الفزاريَّ لطمة قوية هشمت أنفه، فذهب الفزاري إلى عمر يشتكي إليه؛ ليأخذ حقَّه من ملك الغساسنة الذي أسلم حديثًا، فبعث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى جبلة ملك غسان برسالة يقول له فيها: ما الذي دعاك إلى أن تلطم أخاك هذه اللطمة المؤلمة؟! فلما قرأ جبلة الرسالة وسمع هذا السؤال من خليفة المسلمين، عجب من مضمونها، وأخذتْه العزَّة بالإثم، وشعر بأنه قد أُهِينت كرامته حين علم بأنه - وهو المَلِك - يُحاسَب؛ لأنه لطم أعرابيًّا من البادية، ثم قال: لولا حرمة هذا البيت لقتلتُ من داس إزاري، فقال له عمر في رسالة بعثها إليه: إما أن تُرضِيَه وإلا اقتصصتُ له منك، عاقبتك بمثل ما عاقبته، فدُهش جبلة، وردَّ بقوله مستفهمًا مستنكرًا: أتقتصُّ له منِّي وأنا ملك وهو من سوقة الناس؟! فقال له عمر: إن الإسلام ساوى بينكما، قال جبلة المَلِك: إني رجوتُ أن أكون بعد إسلامي أعزَّ مما كنتُ عليه قبل إسلامي، فكرَّر عمر قوله: الإسلام ساوى بينكما، فقال جبلة: إذًا أتنصَّر وأترك الإسلام وأعود نصرانيًّا، فقال عمر: إذًا أضرِبُ عنقَك، وتناحر قوم جبلة وقوم فزارة، وأوشكت أن تشتعل بينهم فتنة، فطلب جبلة من عمر أن يمهله إلى غدٍ، فوافق عمر وأجَّل القضية إلى غد، فخرج جبلة من المدينة هاربًا متخفِّيًا ومتسترًا بظلام الليل، ثم التحق بقيصر ملك الروم، فأكرمه هرقل وأغدق عليه الأموال!

 

هذه العدالة ونحوها لا تتحقَّق كاملة وبأسمى معانيها إلا في ظل الإسلام؛ لأنه الدين الوحيد في هذه الدنيا الذي يتَّسِم بأنه دينُ الله كما أنزله الوحي على رسول الله، لم يَعْتَرِه أيُّ تحريف وأي تبديل كان، ولأنه الدين الوحيد الذي سَمَت وعظُمَت تربيتُه لأتباعه، ففي خلافة عمر - رضي الله عنه - رفع إليه جنديٌّ من جنود المسلمين شكوى مفادُها بأن قائده أبا موسى الأشعري الصحابي الجليل قد ضربه وحلق شعره، لعمل لا يستحق هذه العقوبةَ، فبعث عمر - رضي الله عنه - برسالة إلى أبي موسى الأشعري قائد الجيش، تتضمَّن هذه الرسالة: أنْ يا أبا موسى، إن كنتَ قد عاقبتَ جنديَّك أمام حشد من الناس، فاقعُدْ له في حشد من الناس ليقتصَّ منك، ليصنع بك ما صنعتَه به، وإن كنتَ فعلتَ ذلك به بعيدًا عن أعين الناس، فاقعد له ليقتص منك في مكان بعيد عن الناس، ثم جلس القائدُ أبو موسى الأشعري ليقتصَّ الجندي منه، فلما رآه الجندي جالسًا بين يديه ليأخذ حقه منه، رفع رأسه إلى السماء، ثم قال: اللهم إني قد عفوتُ عنه.

 

ووقف غداةَ يومٍ على باب الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نفرٌ من المسلمين؛ من بينهم: أبو سفيان بن حرب سيِّد قريش في الجاهلية وأفضلُهم نسبًا، وبلال الحبشي، وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، وقد استأذنوه جميعًا للدخول عليه، فأذِن لبلال بالدخول، ثم لصهيب، ثم لسلمان، وأبو سفيان واقفٌ، ثم أذِن عمر لغيرهم، ثم أذن بعد ذلك لأبي سفيان، فدخل أبو سفيان وهو غضبانُ من تقديمهم عليه بالإذن، فنهره عمر وزجره، وقال له: تقدَّموك في الإسلام، فلا جرم أن يتقدموك في الإذن.

 

وقال إياس بن سلمة: مرَّ عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - في السوق ومعه الدِّرَّة (السَّوط) فضربني بها ضربة أصاب بها طرف ثوبي، وقال لي: ابتعِدْ عن الطريق، فلما كان في العام المقبل لقيني، فقال يا سلمة: أتريد الحج؟ فقلتُ: نعم، فأخذ بيدي وذهب بي إلى منزله فأعطاني ستَّمائة درهم من دراهمه الخاصة لا من بيت المال، وقال: استعِنْ بها على حجك، واعلم أنها جزاء الضربة التي كنت قد ضربتك، قلتُ: يا أمير المؤمنين إني لا أتذكَّرها، فقال عمر: وأنا ما نسيتُها.

 

جاء رجلٌ من أقباط مصر إلى المدينة يشتكي للخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من ابنِ حاكمِ مصر، وهو ابن الوالي عمرو بن العاص، فقال: يا أمير المؤمنين، جئتُ أشتكي إليك، فقال عمر: ما شأنك؟ فقال الرجل: تسابق فرسي وفرس محمد بن الوالي عمرو بن العاص، فسبقتْ فرسي فرسه، إلا أن هذا الفوز لفرسي لم يُعجِبه فاغتاظ وضربني بالسوط، وهو يقول: خذها وأنا ابن الأكرمين.

 

فكتب عمر - رضي الله عنه - إلى والي مصر عمرو، فقال: من أمير المؤمنين إلى العاصي بن العاصي، إذا جاءك كتابي هذا فأقبل إليَّ ومعك ابنك محمد.

 

فدعا عمرو ابنه، وقال له: أأحدثتَ شيئًا؟ أجنَيْتَ جناية؟ قال: لا، فقدما المدينة، فلمَّا رآهما عمر - رضي الله عنه - نادى: أين الرجل المصري؟ فقال: هأنذا، فقال عمر للرجل: خذ الدرة واضرب بها ابن الأكرمين كما ضربك، فضربه الرجل المصري حتى اقتص منه، ثم قال له عمر: اجعل هذه الدرة على صلعة أبيه الوالي عمرو بن العاص، فوالله ما ضربك إلا بجاه سلطانه، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، لقد ضربتُ مَن ضربني، وفي هذا المقام قال عمر قولته المشهورة: أيا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!

 

ولم ينسَ الإسلام غيرَ المسلمين، فقد جعل من حقوقهم عدمَ إكراهِهم على ترك دينهم واعتناق الإسلام، بل دُوِّنتْ حقوقهم في الكتاب والسنة، لهم ما للمسلمين من حقوق، وعليهم ما على المسلمين من واجبات، باستثناء الواجبات الدينية، فلا يُكَلَّف الأغنياء من اليهود والنَّصارى بتأدية الزكاة؛ لأن الزكاة شعيرة إسلامية، والإسلام لا يُكرِه غيرَ المسلم على تطبيق فرضٍ من فرائض الإسلام، وقد أوصى الإسلام بحمايتهم ما داموا في دار الإسلام ولم تظهر منهم عداوة صريحة، فقد روى نافع عن عمر قال: كان آخر ما تكلَّم به النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((احفظوني في ذمتي))، ويقصد بالذمة ذمةَ غير المسلمين من أهل الكتاب، كما رُوِي عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: ((مَن آذى ذميًّا (يهوديًّا أو نصرانيًّا) أو معاهدًا، فأنا خصمه يوم القيامة))، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن آذى لي ذميًّا، فقد آذاني)).

 

ومن الحقوق التي يتمتَّع بها الذمِّيُّ رعايتُه من الناحية المالية، فقد لقي عمر - رضي الله عنه - يهوديًّا كبير السن يسأل الناس، فسأله: لِمَ يشحذ؟ فقال: الجزية والعجز عن العمل، وليس عندي مَن يُعِيلني، فأرسل عمر - رضي الله عنه - إلى خازن بيت المال، وقال له: انظر هذا وضرباءه فاجعَلْ له ولأمثاله راتبًا كافيًا ليُعِيلوا به أنفسهم، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبتَه ثم نخذلُه عند الهرم.

 

وقد كان الوليد بن عبدالملك قد هدم جزءًا كبيرًا من كنيسةِ يوحنا بدمشق، ليقيم عليه امتداد المسجد الأموي، وحين وُلِّي عمر بن عبدالعزيز الخلافة - رحمه الله - أحسَّ نصارى دمشق بعدل عمر، فشكوا إليه ما حدث لكنيستهم، وجد عمر - رحمه الله - أن الجزء الذي اغتصبه الوليد قد دخل في المسجد الأموي وصار جزءًا منه، إن غاية ما يستطيع أن يفعله حاكم عادل في مثل هذه الحالة يريد إنصاف من اغتُصِب حقه، أن يُعوِّض له حقه المغتصَب من الناحية المالية، إلا أن عمر بن عبدالعزيز نظر إلى هذه القضية نظرة إسلامية ووزنها بميزان إسلامي، فأصدر - رحمه الله - أمرًا يقضي بهدم ذلك الجزء الكبير من المسجد، وإعادة الأرض التي اغتُصِبت من الكنيسة إلى الكنيسة.

 

في هذه الأثناء احتج كثيرٌ من علماء دمشق المسلمين، كيف يهدِمُ أمير المؤمنين جزءًا من المسجد ليردَّه للنصارى، وأرسلوا وفدًا لأمير المؤمنين لإقناعه بالعدول عن قراره، ولكن أمير المؤمنين لم يوافق، وأصدر أمرًا جديدًا يُحدِّد فيه اليوم الذي يجب أن يتم فيه الهدم، وميعاد تسليم قطعة الأرض للنصارى، فلما رأى علماء دمشق إصرار أمير المؤمنين على موقفه المستوحى من وحي الإسلام، عقدوا اجتماعًا مع زعماء الكنيسة وتفاوضوا معهم وتنازلوا عن قطعة الأرض.

 

ويُروَى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً من الأنصار يُدعَى طعمة بن أُبَيرِق من بني ظفر بن الحارث سرق درعًا من جارٍ له يقال له: قتادة بن النعمان، وكانت الدرع في جراب فيه نخالة، فخرق الجراب فكانت النُّخَالة تتناثر منه طوال الطريق، فجاء به عند دار رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين وتركه على بابه، وحمل الدرع إلى بيته، فلما أصبح صاحب الدرع جاء على أثر النُّخَالة إلى دار اليهودي، فهمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقطع يد زيد اليهودي، وقبل أن يعاقبه تبيَّن أن السارق هو طعمة؛ حيث التمست عنده في داره فجاء بنو ظفر وهم قوم طعمة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسألوه أن يجادل عن صاحبهم، وقالوا له: إن لم تفعل افتُضِح صاحبُنا، فأنزل الله قرآنًا من فوق سبع سماواته يُبرِّئ اليهودي ويدافع عنه، قال الله -تعالى-: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105].

 

لم يُعْنَ الإسلامُ بحقوق الناس فحسب من المسلمين وغير المسلمين، بل تجاوز ذلك إلى حقوق البهائم، لما بلغ الخليفةَ عمر بن عبدالعزيز وهو في دمشق أن أصحاب العرباتِ والجمَّالين بمصر يحملون على ظهور الإبل (الجمال) فوق ما تُطِيق، كتب للوالي الذي يحكم مصر الخطاب الآتي: أما بعد، فقد بلغني أن الجمَّالين في مصر يحملون على ظهور الإبل فوق ما تطيق، فإذا جاءك كتابي هذا، فامنع أن يحمل على البعير (الجمل) أكثر من كذا رطل.

 

وتأتيه يومًا سلَّتان كبيرتان مملوءتان من رُطَب الأُرْدُنِّ، فيسأل: ما هذا؟ فيقال: هذا رُطَبٌ بعث به أمير الأردنِّ إليك، ويعود يسأل: وكيف جيء به؟ فيقال: له: على دوابِّ البعير، فيهز رأسه ويقول: لقد حملتموها فوق طاقاتها، ثم يأمر ببيع الرطب: وأن يشترى بثمنه علفًا لدوابِّ البعير التي حملته.

 

وفي إحدى جولاته بدمشق يُبصِرُ أناسًا يحملون مقارع في أسفلها حديدة مدبَّبة ينخسون بها دوابهم، فما كان من عمر إلا أن أصدر قرارًا يُحرِّم فيه استخدام هذه المقارع.

 

وكان لعمر بن عبدالعزيز غلامٌ يعمل على بغلٍ له يأتيه بدرهمٍ كل يوم فجاءه في يومٍ ما بدرهم ونصف، فقال للغلام: ما بالك؟ لِمَ زاد الأجر؟ قال: طفتُ به السوق، قال: لا ولكنك أتعبتَ البغل، أرِحْه ثلاثة أيام.

 

وقد كان لأبي الدرداء جمل يقال له: (دمون)، فكان إذا استعاروه منه يوصيهم: لا تحملوا عليه إلا كذا وكذا، فإنه لا يطيق أكثر من ذلك، فلما حضرت أبا الدرداء الوفاة قال: يا دمون، لا تخاصمني غدًا عند ربي، فإني لم أكن أحمل عليك إلا ما تطيق؛ رواه ابن عساكر.

 

وعن المسيب بن دارم قال: رأيتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يضرب جمَّالاً وهو يقول له: حمَّلتَ جملَك ما لا يُطِيق.

 

وحسنُ هذه المعاملة الموجَّهة للبهائم جاءت من الامتثالِ لتعاليم الإسلام ومبادئه السامية، جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما معناه: "إن مَن قتل عصفورًا عمدًا، عجَّ إلى الله يوم القيامة يشكو إليه من قتله بغير حق، ويقول: ربِّ سَلْ هذا لِمَ قتلني؟".

 

وقد رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يمشي مع أصحابه عصفورةً تزقزق وترفرف وتحوم فوق رأسه -صلى الله عليه وسلم- فنادى في أصحابه: ((مَن فجع هذه في فراخها؟ أعيدوا إليها فراخها)).

 

وأخبرنا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح أن امرأة بغيًّا - تمتهن الزنا - من بني إسرائيل كانت تمشي في فلاةٍ، فاشتد بها العطش فرأت بئرًا قريبًا منها فنزلت وشرِبَت وارتوت، فلما خرجتْ من البئر رأت كلبًا يلهث يكاد يموت من شدة العطش، فقالت في نفسها: إن ما أصاب هذا الكلب مثل الذي أصابني، فحنَّتْ عليه فنزعت مُوقَها؛ أي: خلعتْ خُفَّها الذي كانت تنتعلُه، فنزلتْ البئر فملأته بالماء وسقتْ به الكلب، فغفر الله لها جزاءَ إحسانها لهذا الكلب.

 

وبلغ من رفقِ الإسلام بالحيوان أنه حرَّم على المسلم أن يحمل حيوانين أن يقاتل بعضهما بعضًا، وإذا كان الإسلام قد حرَّم هذا بين الحيوانات قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، فإن الدول الأوروبية اليوم باسم الحضارة والمدنية قد أباحته رسميًّا بين البشر فيما يُسمى بالمصارعة الحرة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بين العدل والاستقرار
  • قيمة العدل ولعبة الجلاد والضحية
  • واو الحال وصاحب الجملة الحالية

مختارات من الشبكة

  • العدل بين الأبناء من أهم عوامل التربية الصحيحة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العدل بين الزوجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العدل بين الأولاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وهن العدل والمساواة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص الجزاء في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لوحات جمالية: العدل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة عن وجوب العدل في كل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما لا يراه الشاطبي شرطا للاجتهاد (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قضاة الإسلام: (الماوردي والتنظيم القضائي في عصره)(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • العدل بين الأولاد في العطية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب