• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

تراثنا ... والمثقفون

إبراهيم بن عبدالله المديهش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/1/2014 ميلادي - 3/3/1435 هجري

الزيارات: 7415

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تراثنا ... والمثقفون

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فالحديث عن "التراث" و"الثقافة" حديث ذو شجون...

 

ومَن أكونُ حتى أتحدَّث عن كلمتين خفيفتين على اللسان، حبيبتين إلى الجَنَانِ، ثقيلتين في البيان؟!

 

لهذا اتكأتُ كثيرًا على عمالقة الثقافة، وقاماتِ البيان والإبداع، ومَن أحال على مليءٍ فلْيُتَّبَعْ.

 

لا ريب أن مكتبتنا العربية، أعني: (المؤلفة باللغة العربية)، ثرةٌ غنية، مَوردًا ورِيًّا، تبُزُّ الأمم الأخرى؛ كثرةً، وجَودةً، وتنوعًا، فليس لأُمةٍ من الأُمَمِ مَا لأهلِ الإِسلامِ مِنْ تَنوعِ العُلُومِ والمعارف، والتفننِ في التصنيف والتأليف، وتقريبِ المعلومات، فلا يخلو بابٌ من المعرفة إلا وضرَبوا فيه بِسَهْمٍ وافرٍ، أحكموا فيه صنعه، نظمه، ونثره.

 

قال القَلْقَشَندي (ت 821 هـ) رحمه الله: "واعلَم أن الكُتبَ المصنفةَ أكثرُ مِن أنْ تُحصر، لا سِيما الكتب المُصنفة في المِلةِ الإسلامِية؛ فإنها لم يُصنف مِثلُها في مِلةٍ من المِلَل، ولا قام بنظيرها أمةٌ من الأُمم"[1].

 

إن ضخامةَ تراثنا لا يمكن أن تُحصر؛ فخزائنُ الكتب في بلاد الإسلام أعجزت الأوَّلينَ عن تدوين عناوينها، فكيف بحَملها وجَمْعها في مكتبة واحدة[2].

 

ولكثرتها تفنَّنوا في التأليف، وابتكَروا فيه طرائق قِددًا؛ لتحريك الذِّهن، وشَحْذِ الهمم[3].

 

قال الأديب الكبير: أحمد الزيات المصري، صاحب "مجلة الرسالة" (ت 1388هـ) رحمه الله: (إنكم لتُكْبِرونَ ما بذَله العرب من الجهود الجبَّارة في سبيل المدنية والعلم[4]، إذا قِسْتموه بما خلفوه من البحوث، وما ألَّفوه من الكتب، فقد تناولوا أصولَ المعارف الإنسانية بالتقصِّي الدقيق، والغَوص العميق حتى فرَّعوها إلى ثلاثمائة عِلم، أحصاها طاش كبرى زاده في كتابه: "مفتاح السعادة"، ثم استنزفوا الأيامَ في معاناة التأليف؛ على صعوبةِ النَّسخ، وكثرة المَؤونة، وقلة الجَدْوى، فتركوا للعالَم ذلك التراث الضخم الذي اشتملت عليه مكاتبُهم في الشرق والغرب؛ فقد ذكر (جيبون) في كتابه عن الدولة الرومانية أنه كان في طرابلس على عهد الفاطميين مكتبةٌ تحتوي على ثلاثةِ ملايين مجلد، أحرَقها الفرنج (سنة 502هـ).

 

ونقل الزيات أخبارًا نحوَ هذا عن المقريزي... وفيه ملايين المجلدات.

 

ثم قال: (على أن تواليَ الفِتَن والمِحَن على العالم الإسلامي، لم يُبْقِ للعصر الحديث من هذا الكنزِ المذخور والمجد المسطور إلا ثلاثين ألفًا، وُزِّعت على مكاتبِ العالم)[5].

 

والقصد من ذلك: الإشارة اليسيرة إلى غناء تراثِنا، وتميُّزه، ومنه تبعًا الكتب القيمة للمتأخرين والمعاصرين، خاصةً أنه مستمدٌّ من دين قويم، وفهمٍ له مستقيم، ورجالٍ بذلوا في خدمة الدين ولغته ما لم يبذُلْه أحدٌ من الأمم الأخرى، رحلات تجُوب الأقطار، ونَسخ متصلٌ بالليل والنهار، ودقة تعجز عن مثلها "الحاسوب"، فهل بعد هذه المحصلة البديعة الجامعة المنوعة يذهَبُ محبُّ الثقافة والاطلاع فضلاً عن العلم - إلى القراءةِ، أو حصر القراءة في الكتب الأجنبية المترجمة، التي يضع مؤلِّفوها الورقةَ في عشر ورقات ببيانٍ هزيل[6]، وتمثيلٍ تأباه شريعتُنا، فضلاً عن عاداتٍ لا توافق عاداتِنا، ولا ذائقتَنا؟!

 

قال الأديب: إبراهيم المويلحي رحمه الله (ت 1324هـ): (ومن عجيبِ ما ورد في التقليد الأعمى أننا لا ننتبهُ إلى محاسنِ صنائعِنا، وجميلِ استعمالِها، إلا بعد أن يأخُذَها الأجنبي عنا، فيدعونا تقليدُه إياه إلى الرجوعِ إليها، فصِرْنا لا نهتدي إلى ما عندنا إلا بعدَ أن ينتقل إلى الغربي؛ لنكونَ وراءَه حتى فيما يعترفُ بتقدُّمِنا عليه فيه...)[7].

 

قال العلامةُ علي الطنطاوي رحمه الله عن تاريخنا: (إنه أخصبُ تاريخٍ في الدنيا، وأحفَلُه بالعُظَماء، ولكن عيبَنا أننا لا نعرفُ تاريخنا، ولا نقدِّرُ عظماءَنا، ونتسابق إلى اقتناءِ الزُّجاج من عند غيرنا، ونزهدُ بالألماس الذي تفيضُ به خزائنُنا.

 

فيا أيها الشباب، لا يخدَعكم زُجاج غيرِكم، عن حُرِّ جواهرِكم)[8].

 

وقد رأيتُ كثيرًا ممن يتتبَّع الآدابَ الأجنبية، وتواريخَها، وفلسفتها، إذا سألتُه عن يسيرٍ من تراثنا الماتع، نفى عِلمَه بشيء منه، قصاراه عن العربِ كتبُ بعضِ المعاصرين!

 

لو كان انبعاثُه للمترجمات بعد الامتلاء من كتبِنا، وتحصينِ نفسه بالمسلَّمات وحرمها، ثم اتَّجه لِما يغلِبُ تميُّزُه، ويقلُّ وجودُه في تراثنا - لكان لفعلته مَحملٌ[9]، لكنه قام بذلك ولما يُقِم أودَه الثقافي، وعليه ستُردِي فكْرَهُ أرضًا، أو تحملُه إلى مكان سحيق، وهو يحسَبُ أنه يُحسِنُ صُنْعًا[10].

 

ويُمثَّلُ لِما سبق بما صنَعه العالم الفقيه المفسِّر النجدي الشيخ: عبدالرحمن السعدي (ت 1376هـ) رحمه الله حينما رأى في بيروت كتاَب ديل كارنيجي: "دعِ القلق وابدأ الحياة"، رآه صدفة ولم يقصِدْ إليه، قرَأَه فاستحسنه، ورأى أنه لم يُكتب عندنا ببَسْط كما في الكتاب المذكور، وأن أسسَه ومبادئه موجودةٌ وزيادة في الكتاب والسنَّة، فعمَد إلى زُبدة أفكار الكتاب، وعرَضها بلسانٍ عربي مبين، لا حشوَ فيها ولا منغِّصات كما في المترجمات، ثم استدلَّ لها بما في الوحيَيْنِ الشريفين، فكان كتابًا خفيفَ المحمل بحجم الكفِّ، سهلَ العبارة، لطيفَ البيان، وسماه: "الوسائل المفيدة في الحياة السعيدة".

 

قال العلامة: محمود شاكر رحمه الله: (إن العارَ أن يقضيَ الشابُّ من أول نشأته إلى آخر خروجِه من دراسته أعوامًا طوالاً، يدرُسُ في أثنائه تاريخ "نابليون" وأمته، وفلانًا وفلانًا من أفذاذِ الأمم الغربية، وهو لا يعرف من ماضي أمته العربية إلا نُتفًا تذهَب مع الأيام، هذا الماضي الذي يصوره الذين يتعرضون للتاريخ من مستشرقين يقولون غيرَ ما لا يعلمون[11]، أو يقولون فيما لا يعلمون، أو عربٍ قد فسَدت قلوبُهم على تاريخهم؛ فهم يتقيَّدون لآراء عن تاريخهم كلها بهتانٌ وتدليس، هذا الماضي الذي يصوِّرون في صورة مَسخٍ تاريخي هائل، قد خرج على الدنيا كما يخرج الوباء، ثم انقشع عنها، فأعقبَها صحةً وعافية، أو كما يقولون!)[12].

 

وأفاد البشير الإبراهيمي الجزائري (ت 1385هـ) رحمه الله: أن الغربَ يملأ عقولَ أبنائنا ونفوسَهم بعلومهم وتاريخهم، حتى لا يبقى فيها متَّسعٌ لذِكريات ماضينا وأسلافنا، وإن الواحدَ من هذا الصنف من أبنائِنا لَيعرِفُ الكثير عن " نابليون"، ولا يعرفُ شيئًا عن "عمر" رضي الله عنه، ويحفظ تاريخ "جان دارك" عن ظهرِ قلب، ولا يحفَظُ كلمةً عن "عائشة" و"خديجة" رضي الله عنهما)[13].

 

أقول: وغنيٌّ عن البيانِ لِمَن يُلقي البصرَ وهو شهيد، أن حضارتَنا العلمية أثَّرت في الأوربيين، وعليها بنَوْا حضارتَهم، وزادوها، وأنتجوها عملاً متواصلاً أفاد الإنسانية جمعًا.

 

وقال الإبراهيمي أيضًا: (إن كثيرًا من العلوم التي بُنِيَت عليها الحضارةُ الغربية لم تصِلْها إلا عن طريق اللغةِ العربية بإجماعِ الباحثين منا ومنهم، وإن المُنصِفين منهم لَيعترفون للغة العربية بهذا الفضلِ على العِلم والمدنيَّة، ويوفونها حقَّها من التمجيد والاحترام، ويعترفون لعلماء الإسلام بأنهم أساتذتهم في هذه العلوم، عنهم أخذوها، وعن لغتِهم ترجموها، وإنهم لَيحمَدون للدهر أنْ هيَّأ لهم مجاورة المسلمين بالأندلس، وصقلية، وشمال إفريقيا، وثغور الشام؛ حتى أخَذوا عنهم ما أخذوا، واقتبَسوا عنهم ما اقتبسوا، ولا زال هؤلاء المُنصِفون يذكُرون فَضْلَ معاهد الأندلس العربية، ومعاهد شمال إفريقيا، ومعاهد الشام على الحضارةِ القائمة، ولا يزالون ينتهِجون بعضَ المناهج الدراسيَّة الأندلسية في معاهدِهم إلى الآن، ولا يزالون يرُدُّون كلَّ شيءٍ إلى أصله، ويعترفونَ لكل فاضلٍ بفَضلِه)[14].

 

"لقد اضطلع الأدب العربي بتغيير ذوقِ الأوربيين في فترةِ العصر الوسيط، كما اضطلعت العلومُ العربية بتغيير عقليتِهم، ويتفق مؤرِّخو الأدب الأوربي عامةً على التأثير الحاكم الذي أحدَثه الأدبُ الأندلسي في تطورِ القصة الأوربية في العصرِ الوسيط، فلم يعرفِ الغربُ الأوربي من فنون الآداب قبل احتكاكِه بالعرب إلا القصصَ الخرافية، والملاحم الحماسية..."[15].

 

من المؤلم حقًّا أننا نشاهدُ في كثير من الفعاليات الثقافية افتتانَ مثقَّفينا بالثقافة الأجنبية، خاصة فيمن يحصر اهتمامَه فيها، متجاهلاً خلف ظَهره ألوانًا من الإبداعِ والجمال في ثقافتنا الثَّرَّة.

 

وقبل أكثرَ من ستين سنة أشار الدكتور: محمد محمد حسين رحمه الله إلى أن الانكبابَ المُشاهَد مَظهَرٌ من مظاهرِ الاستيلاء الغربي على الثقافة وتغلغلها في صفوف المسلمين؛ ليحدثَ التغيير من الداخل في قولبة الإسلام وَفْقَ الأهدافِ والرَّغبات الغربية[16].

 

وأسوأ ما يدَّعيه أولئك المثقفون المستغربون: التجديد في الثقافة! وليتهم عرَفوا الثقافة ليجدِّدوها، مع أن تجديدَهم يقوم على أمرين: (هدم "القديم"، وبناء ما يتوهمونه من "الجديد"[17]، وهم ماضُون في الهدم، لا يُرضيهم إلا أن يأتوا على بُنياننا من القواعدِ بما يتضمَّنُه من دينٍ، وتقاليدَ، وفنون، وآداب، ولكنهم سوف يعجِزون عن البناء، سيهدمون مجتمعَنا، ثم يتركونه وسط أنقاضِ نظامِه القديم فَوْضى، لا سكَن فيه ولا قرار.

 

وبوادرُ هذه الفوضى وأعراضُها ظاهرةٌ لكل ذي عينين؛ ذلك لأن المجتمعاتِ لا تُبنى في يومٍ وليلة، ولكنها تُبنى في مئات السِّنين، ولا تبنى في صُحفٍ منشَّرة أو قاعات مغلقة، ولكنها عملية معقَّدة أشد التعقيد، تتفاعلُ فيها قوى المجتمع كله، ويستمر هذا التفاعلُ أجيالاً تتمخض عن هذه القواعدِ وهذه الأشكال، بما تتضمَّنه من التقاليد، والقوانين، وأساليب الذوق والتفكير)[18].

 

وقد حذَّر البشير الإبراهيمي من ظاهرة التجديدِ في الأدب لأجل التجديد، وإنما العناية بالحقائق... وذكَر أن من الأهداف الخفيَّة للاستعمار: إفسادَ الأدب وتمييعَه، وتحطيم خصائصه، وهدم قواعده[19].

 

أيها القارئ، إن من الحقائقِ التي تدارى مِن لَدُنْ بعض الكتاب، وقد يُضربُ عليها بالقلم وبالقلم فقط أنه: لا غِنى للمسلم عن تراثه، فكما أنه لا انفكاك بين المسلم ودِينه، فإنه أيضًا لا انفكاك بينه وبين علوم دِينه، ولغته، وتاريخه، وآدابه، وحضارة أمته....، وكلها تراث عظيم؛ لعظمةِ الدِّين، وحملته، والمهتمين بلغته وآدابه، وتاريخه، وسائر علومه.

 

وقد نقَل العلامة: محمود شاكر عن أحد الغربيين كلمة جيدة، وأيَّده عليها، قال: (إن ثقافةَ الشعب، ودِين الشعب، مَظهرانِ لشيءٍ واحد؛ وإن الثقافةَ في جوهرها تجسيدٌ لدِين الشعب)[20].

 

ألقى البشير الإبراهيمي الجزائري (ت 1385هـ) رحمه الله خطابًا ارتجاليًّا عميقًا في ثقافته وإدراكِه وبيانه، ومما قال: (يقول المستعمرون عنَّا: إننا خياليُّون، وإننا حين نعتزُّ بأسلافنا نعيشُ في الخيال، ونعتمدُ على الماضي، ونتَّكلُ على الموتى، يقولون هذا عنا في معرِضِ الاستهزاء بنا، أو في معرِضِ النُّصح لنا، وأنا لا أدري متى كان إبليسُ مُذكِّرًا؟!

 

ما يرمون إليه أنهم يُريدون أن ننسى ماضيَنا، فنعيشَ بلا ماضٍ، حتى إذا استيقَظْنا من نومنا أو من تنويمِهم لنا، لم نجِدْ ماضيًا نبني عليه حاضرَنا! وهو كلُّ ما يرمُون إليه، وسلوهم... هل نسُوا ماضيَهم؟

 

إنهم يبنُون حاضرَهم على ماضيهم، إنهم يعتزُّون بآبائهم وأجدادهم، إنهم يخلِّدون عُظَماءهم في الفكر، والأدب، والفلسفة، والحرب، والفن، إنهم لا ينسَوْن الجنديَّ ذا الأثر، فضلاً عن القائدِ الفاتح، وهذه تماثيلهم تشهد، وهذه متاحفهم تردِّد الشهادة.....) إلى آخرِ كلامه الأخَّاذ، والمُبكي رحمه الله[21].

 

قال العلامةُ: محمود شاكر رحمه الله: (ثقافةُ كل أمة وكل لغة هي حصيلةُ أبنائها المثقفين، بقدرٍ مشترك من أصولٍ وفروع، كلها مغموس في الدِّين المتلقَّى عند النشأة؛ فهو لذلك صاحبُ السلطان المطلق الخفي على اللغة وعلى النَّفْس وعلى العقل جميعًا، سلطان لا يُنكِرُه إلا مَن لا يبالي بالتفكُّرِ في المنابع الأُول التي تجعَلُ الإنسان ناطقًا وعاقلاً ومُبِينًا عن نفسِه، ومستبينًا عن غيرِه.

 

فثقافةُ كل أمةٍ مرآةٌ جامعةٌ في حيزِها المحدود كلَّ ما تشعَّثَ وتشتت وتباعد من ثقافة كلِّ فرد من أبنائها على اختلاف مقاديرهم ومشارِبِهم ومذاهبهم ومداخِلِهم ومخارجهم في الحياة.

 

وجوهر هذه المرآة هو "اللغة"، و" اللغةُ" و" الدين" كما أسلفتُ متداخلانِ تداخلاً غيرَ قابل للفصل ألبتة.

 

فباطلٌ كل البطلان أن يكونَ في هذه الدنيا على ما هي عليه، " ثقافة" يمكن أن تكون "ثقافة عالمية"؛ أي ثقافة واحدة يشترك فيها البشرُ جميعًا، ويمتزجون على اختلاف لغاتِهم ومِلَلهم ونِحَلهم وأجناسهم وأوطانهم، فهذا تدليسٌ كبيرٌ، وإنما يُراد بشُيوع هذه المقولةِ بين الناس والأمم هدفٌ آخرُ يتعلق بفرض سيطرة أمةٍ غالبة على أممٍ مغلوبة، لتبقى تَبَعًا لها؛ فالثقافاتُ متعددة بتعدُّد "الملل"، ومتميزة بتميُّز "الملل"، ولكل ثقافة أسلوبٌ في التفكير والنظر والاستدلال مُنتزَعٌ من "الدِّين" الذي تدِين به لا محالةَ.

 

فالثقافات المتباينة تتحاور، وتتناظر، وتتناقش، ولكن لا تتداخل تداخُلاً يُفضي إلى الامتزاجِ ألبتة، ولا يأخُذ بعضُها عن بعض شيئًا، إلا بعد عَرْضه على أسلوبها في التفكير والنظر والاستدلال، فإن استجاب للأسلوب أخذتْهُ وعدَّلتْهُ وخلَّصتْهُ من الشوائب، وإن استعصى نبذتْهُ واطَّرحتْهُ، وهذا باب واسع جدًّا، ليس هذا مكان بيانه، ولكني لا أفارقه حتى أُنبِّهك لشيء مهمٍّ جدًّا، هو أنْ تفصلَ فصْلاً حاسمًا بين ما يُسمى "ثقافة" وبين ما يسمى " علمًا"، أعني: العلوم البحتة[22]؛ لأن لكلٍّ منهما طبيعةً مباينةً للآخر؛ فالثقافةُ مقصورةٌ على أمةٍ واحدةٍ تَدِين بدِين واحد، والعلم مشاعٌ بين خَلْق الله جميعًا، يشتركون فيه اشتراكًا واحدًا مهما اختلفت المِلَلُ والعقائد[23].

 

قلتُ: والناظر في حياتِنا اليوم، يجد الانكبابَ التام على الكُتب الغربية الأدبية والتاريخية، بل والعقَدية والفلسفية، هذا في جانب القرَّاء.

 

وأما في جانب الغالبية التي تتابع "اللهو" و"اللعب"، فأصبح اهتمامُهم بفِرَقِ الغرب الكُرَوية، ومسلسلاتهم، وبرامجهم الحوارية - أمرًا يُنذِرُ بخطرٍ.

 

وهذا غاية مَطمَعِ الكفَّار في استحواذِهم على عقول المسلمين، وتفريغها من ثوابتها، وتاريخها، وعُظَمائها، وملئها بهذه التفاهات المخالفة لديننا في كثيرٍ منها، والمنافية لقِيَمنا ولُغَتنا وثقافتنا، فإلى الله المشتكى، وهو حسبُنا ونعم الوكيل.

 

قال العلامة: عبدالسلام هارون رحمه الله: (أي انفكاك بين المرء وتراثه، أو بين المرء ووطنه، يخلُقُ منه أمرًا تتجاذبه أطرافُ الضياع وفقدان النَّفْس، وضياعُ النَّفْس مَدْعاة إلى التفكُّك والتخلخل، والشعور بالبؤس والمذلة اللتين لا تطيبُ معهما الحياة.

 

وإذا ذهبت في المقابلة بين جيلنا الذي نشأنا فيه، وبين هذا الجيل الذي يعيشُه أبناؤنا، وجَدْنا الفَرقَ شاسعًا بين شعورنا بكياننا العزيز الوثيق، وكيان بعض أبنائنا الذين انفصَلوا عن المتعة بالتراثِ العربي متمثلاً في ضروبِه المختلفة)[24].

 

قلت: كلامُه هذا قبل (27 سنة تقريبًا)، (نشر بتاريخ 1987م)، وللعلامة الشيخ: محمد الخضر حسين كلامٌ نحوُ هذا قبل (60 سنة)، وللأديب: محمد عبدالله عنان، كلامٌ رائعٌ قبل (80 سنة)! وبعدهم للإبراهيمي الجزائري، ولمحمود شاكر، وغيرهم.

 

رحِم اللهُ أولئك الأعلامَ الكبار، وأعظَم مثوبتهم؛ وإنك لتعجَبُ: إذا كانت وقفتُهم بهذه القوة، ووصفهم للبدايات بهذه الشناعة، فكيف لو رأَوْا زماننا هذا؟؟ وما فيه من التهافُت العجيب، والصدوف عن التراث، بل ودعوة العامة إلى النهل من كتب الفلسفة الأوربية، والروايات الأجنبية، والمذكرات الفارغة! نسأل اللهَ العفوَ والعافية، والسلامة في الدِّين والدنيا والآخرة.

 

قال الأستاذ: ناصر الدين الأسد: (إن تراثَ الأُمَّة هو روحُها، ومقوماتها، وتاريخها، والأمَّة التي تتخلَّى عن تراثها تُميتُ روحَها، وتهدمُ مقوِّماتِها، وتعيش بلا تاريخ.

 

والأممُ كلها - مهما تكن فلسفتها الاجتماعية والاقتصادية - تحرصُ أشدَّ الحرص على تراثِها، وتبذل جهودًا كبيرةً لإحيائه ونشرِه، وبثِّه في نفوس أبنائها، بل إن بعضَ الأمم الحديثة تفتعل لنفسها تراثًا تجمِّعُ أجزاءه تجميعًا، وتنفُخ فيه نفخًا؛ لتتم له صورةٌ تَفِيءُ إليها الأُمَّةُ، وتنطلق منها.

 

فليس صحيحًا أن الأخذَ بأسباب الحضارة يستلزم هدمَ التراث، وقد انخدعت بعضُ الأمم بهذه الدعوى، فأصبحت كالمُنْبَتِّ لا أرضًا قطَع، ولا ظَهْرًا أبقى!

 

وإنما الصحيحُ أن تقدُّمَ الأمة حين تبدأ الحياةُ تنسابُ فيها إنما يكون من داخِلِ نفسِها، وينطلق من تراثِها[25].

 

والحديثُ عن ضوابط النقل والاستفادة من ثقافة الأجانب، والجواب عن إشكالية التوهُّمِ في التناقض بين الاستفادة من صناعاتِهم المتطورة[26]، وترك آدابهم وتاريخهم، كل هذا تجِدُه مبسوطًا في كتابٍ لطيف متين، عنوانه: "الانفتاح الفكري، حقيقتُه وضوابطه" د. عبدالرحيم بن صمايل السلمي، جزاه اللهُ خيرًا.

 

أخيرًا، أشعر بأني لم أقلْ شيئًا! هيبةً للموضوع، وتعجُّبًا من توضيحِ الواضحات!

 

الموضوع مستبحر، يُتعِبُ فيه الإيجاز، وتمد فيه المباحث فصولاً، والفصول أبوابًا، ومن كل باب كتابًا، ويبقى حقُّ تُراث الأمَّة ديْنًا على الخَلَفِ، ومن لا تاريخَ له، لا حاضِرَ له.

 

واللهُ تعالى أعلم، وصلَّى اللهُ وسلم وبارَك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] "صبح الأعشى" (1/467).

[2] ينظر: "الكتاب في الحضارة الإسلامية" د. يحيى الجبوري (ص 169 - 244)، "قطوف أدبية" لعبدالسلام هارون (ص31)، "الذخائر الشـرقية" لكوركيس عواد العراقي (5/360)، "الفكر السامي" للحَجَوي (2/ 45 - 48)، "المكتبات في الإسلام" د. محمد ماهر حمادة.

[3] ينظر: "كناشة النوادر" لعبدالسلام هارون (ص 148).

[4] فائدة: ردَّ البشيرُ الإبراهيمي الجزائري (ت 1385هـ) على من اتهم العرَبَ فيما نقلوه عن غيرهم أنهم مجرَّدُ نَقَلة، لم يبذلوا جهدًا في التمحيص، والتنقيح، والنقد، والإضافة، ينظر في "آثاره" (1/ 377).

[5] "في أصول الأدب" لأحمد الزيات (ص 86).

[6] ثم وقفتُ على العبارة التالية: قال إبراهيم المويلحي (ت 1324هـ): (والصحيفةُ الواحدة في اللغة العربية تكونُ ترجمتُها إلى اللغات الغربية في صحيفتين أو ثلاث)؛ "الشـرق والغرب" (ص 40).

[7] "الشرق والغرب" (ص66)، وانظر: "من وَحْي القلم" للرافعي (2/ 41).

[8] "ذكريات الطنطاوي" (2/ 216).

[9] قال الجاحظ في كتاب "الحيوان" (3/268): (وقَلَّ معنًى سمِعْناه في باب معرفة الحيوان من الفلاسفة، وقرأناه في كتب الأطباء والمتكلِّمين، إلا ونحن قد وجَدْناه أو قريبًا منه في أشعار العرب والأعراب، وفي معرفة أهلِ لُغَتنا وملتنا).

[10] ينظر في ملابسات الاتصال بالثقافة الغربية: "المذاهب الأدبية الغربية" د. وليد قصاب (ص 18).

[11] ينظر في الهدف من كتابات المستشرقين: "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لمحمود شاكر (ص59).

[12] مقالة كتبها عام (1353هـ/ 1935م)، في مجلة المقتطف، وهي ضمن "جمهرة مقالاته" (2/700).

[13] "آثاره" (2/468).

[14] " آثاره" (1/ 377)، وانظر: "تقرير عن شؤون التعليم والقضاء" لأحمد شاكر (ص41 - 42).

[15] " حركة الترجمة من اللغات الشرقية إلى اللغة اللاتينية" د. إيمان سقيو (ص297)، وقد أحالت إلى: "المدنية الإسلامية" لسعيد عاشور (ص77)، و"أثر الأدب الأوربي على القصة الفرنسية في العصر الوسيط" للشوباشي (ص70)، و"بحوث في تاريخ وحضارة الإسلام" للسيد عبدالعزيز (ص309).

[16] " الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر" د. محمد محمد حسين (2/207، 209).

[17] وانظر: "مقالات الطناحي" (2/ 689)، و"تحت راية القُرآن" للرافعي.

[18] "حصوننا مهدَّدة من الداخل" د. محمد محمد حسين - ط. الأولى سنة 1387هـ (ص101)، وانظر كلامًا رائعًا لمحمود شاكر في كتابيه: "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لمحمود شاكر (ص154- 159)، و"المتنبي" (22 - 23)، ولناصر الدِّين الأسد في بحثه "التراث والمجتمع الجديد"، وقد نشَره في كتابه: "تحقيقات في اللغة والأدب" (ص187، 190).

[19] ينظر: "آثار الإبراهيمي" (5/ 213).

[20] " جمهرة مقالات محمود شاكر" (2/ 1083)، وانظر " أباطيل وأسمار" (ص497، 500، 504، 518).

وانظر في بيان أن المذاهب الأدبية عند جميع الأمم مرتبطةٌ بعقائدها، وليست آراءً أدبية مجردة؛ "المذاهب الأدبية الغربية رؤية فكرية وفنية" د. وليد القصاب (ص 271 وما بعدها).

[21] "آثاره" (2/467 - 472).

[22] ينظر: "من وَحْي القلم" للرافعي (3/ 155).

[23] "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لمحمود شاكر (ص74 - 75)، وانظر (ص31).

[24] "قطوف أدبية" للعلامة: عبدالسلام هارون (ص79)، وانظر: "من وَحْي القلم" للرافعي (3/ 393 - 394).

[25] "تحقيقات في اللغة والأدب" (ص 187 - 188).

[26] فائدة: انظر مقالة رائعة حول "موقفنا من الحضارة الغربية" للطنطاوي، نشرها في "مجلة الرسالة"، (العدد الثالث/ شوال/ 1356هـ)، ثم نُشِرت في كتاب: "صور وخواطر" (ص56) ضمن رسالته إلى أخيه المبتعث إلى باريس، وذكر جزءًا منها في" الذكريات" (4/ 109)، وانظر: "التقليد والتبعية" د. العقل (ص37)، "رسائل الإصلاح" للخضر حسين (1/ 150)، وللدكتور: محمد محمد حسين كتابٌ من أجودِ الكتب في موضوعه: "الإسلام والحضارة الغربية".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حضارتنا.. ثقافتنا.. تراثنا!!
  • أمن البيئة في تراثنا الإسلامي
  • تراثنا الإسلامي والعربي بين البعث والضياع
  • تراثنا، ماذا صنعنا به؟!
  • ماذا جنى المثقفون؟
  • نحن.. وتراثنا
  • المثقفون والدين
  • المثقف العربي وبناء الوعي الجماهيري

مختارات من الشبكة

  • أخبار التراث والمخطوطات (5)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • التراث العلمي عند الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • المناهج والأطر التأليفية في تراثنا (PDF)(كتاب - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • عقوق الوالدين.. قصيدتان من تراثنا الأدبي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدينة حلب في تراثنا العلمي والأدبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • علماؤنا وتراث الأمم – القوس العذراء وقراءة التراث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخليل.. في المعقول من تراثنا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تراثنا الخالد في عالمنا المعاصر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فرنسا: المساجد تعرض التراث الإسلامي في يوم التراث الأوروبي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الألفاظ الدالة على الخلق في التراث اللغوي العبري والتراث اللغوي العربي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب