• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

متى نظهر لهم تبرؤنا منهم؟

د. أحمد مصطفى نصير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/9/2013 ميلادي - 14/11/1434 هجري

الزيارات: 10186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دلالات تربوية على سورة الكافرون

متى نظهر لهم تبرؤنا منهم؟

 

قال تعالى ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾.

 

الآية (1) قوله تعالى

﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾

إعلان المخاصمة لتحصين عقيدة الإسلام من الفتنة

لم يخاطب القرآن الكريم الكفار خطابا شرعيا بوصفهم كذلك إلا في هذه السورة، حيث كان يخاطبهم في إطار خطابه للبشرية جميعا ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ ﴿ يَا قَوْمِ ﴾ أو بصدد وصفهم بأفضل ما تخلقوا به واتصفوا به قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في قوله لهم ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ﴾ أو بأفضل نسب ينتسبون إليه وأفضل شرف بانتسابهم لبني الله إسرائيل (يَعْقُوبَ) ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾، أما أن يخاطبهم بما يتصفون به من الكفر فلم تنزل آية في كتاب الله تعالى تصفهم بهذا الوصف غير هذه الآية، وقد عدد العلماء أوجه الخطاب القرآني، وعدوا منها خطاب الذم نحو ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ﴾، ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾، قال السيوطي: (ولتضمنه الإهانة لم يقع في القرآن في غير هذين الموضعين وأكثر الخطاب بـ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ على المواجهة، وفي جانب الكفار جيء بلفظ الغيبة إعراضا عنهم كقوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾، ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [1].

 

وسبب ذلك أنها نزلت في مجال مفاصلة بين الحق والباطل، قال الواحدي: (نزلت في رهط من قريش قالوا: يا محمد هلم - اتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يدك قد شركت في أمرنا وأخذت بحظك، فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره) [2]، ولذلك ناسب أن يخاطبهم على هذا النحو لما حاولوا أن يساوموه على الحق، لأن أمور الاعتقاد لا تقبل المساومة، قال تعالى ﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ (يونس/ 41).

 

الآية (2) قوله تعالى

﴿ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾

إظهار التبرؤ من العبادات الشركية

كثر النفي في هذه السورة ﴿ لَا أَعْبُدُ ﴾، ﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ ﴾، ﴿ وَلَا أَنَا عَابِدٌ ﴾، ﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ ﴾، وكلها نفي للعبادة الشركية عن دين الإسلام، والتبرؤ من المشركين ومن عبادتهم بصورة ظاهرة، بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استيقظ لصلاة الفجر بدأ بركعتي سنة الفجر، وكان يخفف في قراءتهما، ويصلي بسورتين (الكافرون) و(الإخلاص)، لأنهما تخصان العقيدة الإسلامية، فأحدهما تنفي عن هذه العقيدة أي صورة من صورة الاشتراك مع أصحاب العقائد الأخرى الكفرية والشركية، وتؤكد تميز عقيدة الإسلام عن غيرها من العبادات الشركية، قال تعالى ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [الممتحنة: 4]، والسورة الأخرى تؤصل مقامات التوحيد والإخلاص في نفوس وصدور المؤمنين، وبهما تكتمل في المؤمن عقيدة الولاء والبراء، فعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾[3]، وعن ابن عمر: قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ تعدل ثلث القرآن و ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾ تعدل ربع القرآن" وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر [4]، ذلك أن سورة الكافرون نزلت والكافرون قد أعرضوا عن الإسلام وتولوا عنه، بل ورفضوه رفضا قاطعا، وهنا إذا انعدم الحوار بين أهل الدعوة وأهل الكفر أو أضحى الأمر أمر مساومة في أمور الاعتقاد والعبادة، يقف الإسلام وقفة واضحة معلنا ضرورة تمييز عقيدة الإسلام عن سائر العبادات الشركية، ودون أن يعترف لهم بعقيداتهم الباطلة، فسماها عبادات- في مقام النفي والتبرؤ - ولم يسمها عقائد أو ديانات.

 

الآية (3) قوله تعالى

﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾

الإسلام لا يقبل المساومة في أمور العقيدة

يتميز الإسلام عن سائر العبادات التي يدين بها الكافرون، حيث تعلن سورة الكافرون في صراحة ووضوح أنه لا يجوز التفاوض أو المساومة أو التصالح أو التنازل في أمور العقيدة، فلا شأن للسياسة بهذا الأمر، كما تعلن في خطاب مباشر للكافرين أن العقيدة منطقة حساسة لا يجوز الاقتراب منها بسوء، ولا يجوز أن يخطر ببال أعداء الإسلام أن المسلمين يمكن أن يجاملونهم في هذا المجال أو يقبلوا التفاوض والحديث في شأن الاعتقاد، وكأن أمور الاعتقاد تقبل التفاوض أو المساومة السياسية، وذلك سواء في الحاضر أو المستقبل، فهذه السورة تُيئِس المشركين والكافرين منا، نحن المسلمون، يقول سبحانه ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120].

 

فإن قيل أن الإسلام تدرج مع الصحابة في أمور العبادات والحلال والحرام، فلماذا لم يتدرج مع الكفار والمشركين في أمور الاعتقاد؟ وقد يحاج في ذلك بقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا) [5]، يجاب على ذلك بأن الإسلام راعي التطبع البشري في كل جديد في أمور الخُلُق والعادات والعبادات، فإذا جاز التدرج في أمور الحل والتحريم، فإن أمور العقيدة لا تقبل التدرج أبدا، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا قبول الإسلام جملة واحدة، أو رفضه جملة واحدة، ولا يجوز التدرج، ولا تسوغ المساومة في أمور الاعتقاد البتة.

 

مع مراعاة أن من الإسلام قد بني على أركان، فمن هدمها هدم الدين كله، ومن أقامها فقد أقام الدين، ومن هذا نعلم أن أركان الإسلام تدخل في باب الاعتقاد، فعن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم فاشترطوا عليه أن لا يحشروا [6]ولا يعشروا [7]ولا يجبوا [8]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع [9]، نعم رضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم أن لا يستعملهم في جهاد، وأن لا يستعجل عليهم في الصدقات أو دفع التزامات مالية للدولة كالضرائب، ذلك أنهم لا يزالون لا يعرفون شيئا عن الإسلام إلا اسمه، ورغم ذلك لم يقبل منهم أن يتركوا الصلاة التي هي رأس الإسلام وعموده، إذ لا خير في عبادة لا ركوع فيها، فإذا خلا الدين من العبادة فقد هدم، والمعنى الذي نريد التركيز عليهم في هذا الصدد هو اشتراطهم عليه ألا يطلب منهم ذلك، إذ لم يتركوها تكاسلا أو جهلا بحقها، وإنما نكرانا لأن يتضمن الدين هذا التكليف.

 

الآية (4) قوله تعالى

﴿ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴾

الاحتراز من عبادة الكافرين

فعن بن عباس رضي الله عنه: أن قريشا دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يضعون مالا فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجونه ما أراد من النساء ويطأون عقبه، فقالوا هذا لك عندنا يا محمد وكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بشر، فإن بغضت فإنا نفرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلاح، قال وما هي قال تعبد إلهنا سنة اللات والعزى ونعبد إلهك سنة، قال حتى أنظر ما يأتيني من ربي، فجاء الوحي من عند الله عز وجل من اللوح المحفوظ، ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ السورة، وأنزل الله تعالى ﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ ﴾ [10].

 

وعليه وجب على المسلم أن ينأى بنفسه عن أي عبادة ليست لله تعالى، فعليه الاحتراز من أن يوجه قصده لغير الله أو أن يتقرب إلى الله تعالى بغير ما شرع، ولا أن يتقرب إلى الله تعالى بعبادة غير الله، ولو كان المعبود دون الله تعالى مقربا إلى الله، يقول سبحانه ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾ [الزمر: 2 -3]، وقد اتخذ الإسلام إجراءات احترازية كثيرة للوقاية من الوقوع في الشرك أو الضلال في العبادات، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها) [11]، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي مات فيه لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا، قالت ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجدا [12].

 

الآية (5) قوله تعالى

﴿ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴾

الكفر كله ملة واحدة

يقول سبحانه ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، فمهما حاول أولئك الكفار أن يتزلفوا للمسلمين فلن يُلحقهم الله تعالى بالمسلمين، ومهما ألبسوا الحق بالباطل فلا تزال عقيدتهم بخلاف عقيدتنا، ودينهم بخلاف ديننا، قال تعالى ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 71]، إذن الكفار يعلمون مسبقا أنهم على الباطل، ولكنهم يحاولون دائما أن يلبسوا الحق بالباطل ليصرفوا الناس عن الحق، حيث تتمثل الخطة الإبليسية بأن يدين الكفار بدين غير دين الإسلام، ويكفروا بالإسلام كما يكفروا بالإلحاد، إذ لو ظلوا على باطلهم وإلحادهم، ولم يخترعوا دينا أو يبتدعوا عبادة شيطانية، فإن الأمر سوف يؤول إلى أن يجد الناس الإسلام وإزاءه الإلحاد، فيقتربوا من الإسلام ويتركوا الإلحاد، ومن ثم ينتشر الإسلام بينهم رويدا رويدا، ولا يميلون إلى الإلحاد أبدا، لأنه لا يستقيم مع فطرة البشر، وأن لكل صنعة صانع ولكل مخلوق خالق، وبذلك ينجحون بالتدين بدين غير دين الإسلام بأن ينئوا بأنفسهم وأولادهم عن الدخول في الإسلام، رغم علمهم مقدما أنهم على الباطل وأن الإسلام هو دين الحق.

 

وحتى يضمنوا أن عقيدتهم الفاسدة سوف تستمر يربطون هذه العقيدة بتنظيم كهنوتي يترأس فيه أحد البشر مجموعة من الناس يدينون إليه بالاعتراف والولاء، وهو ما أنكره عليهم الإسلام، فقال سبحانه ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31]، لذلك نفى عنهم الإسلام صحة عبادتهم لله تعالى، وبين لهم أنهم ضلوا بهذه العبادة عن صراط الله المستقيم.

 

الآية (6) قوله تعالى

﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾

لا ضمان لحرية الاعتقاد إلا بوضع حدود فاصلة بين الإسلام وغيره من أديان

الظاهر من قوله تعالى ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ ﴾ أن الإسلام يخول للكافرين مكنة ممارسة شعائرهم ويكفل لهم حرية اعتقاد ما يعتقدون من الكفر باعتبار أن حرية العقيدة من الأمور التي لا يجوز أن يجبر شخص على اعتقاد يخالف معتقده الذي يدين به، لقوله تعالى ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، فحرية الاعتقاد من الحريات الشخصية واللصيقة بالإنسان، ولذلك لا سلطان للدولة على حمل الناس على معتقد معين، يقول سبحانه ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 99].

 

إلا أن لهذا الاعتقاد آداب و أخلاق، فلا ينبغي لغير المسلم أن يعتقد دينا هو مزيج بين دينين أو يخلط بين عبادتين، مثل أن يصوم الفريضة في غير رمضان زاعما أنه مسلم، لأن في ذلك ازدراء للأديان، وذلك ليس ضمن صور حرية الاعتقاد، و إنما يسمى ذلك زندقة، وهو فعل مجرم سواء في الإسلام أو القوانين الوضعية كذلك.

 

و لذلك نلاحظ أن سورة الكافرون قبل أن تعترف لأولئك الكفار بدينهم اهتمت بنفي الشرك و العبادات الكفرية عن الإسلام، لذا كان الخطاب موجها لأولئك الكافرين بأننا لا نعبد إلا الله، وأنهم لا يعبدون الله تعالى الذي نعبده، فكان كل واحد منا مستقل بعبادته وبدينه حيث لا يتداخلان، وأننا لن نتدخل فيما يستقبل في أمور عبادتهم طالما لم تمس الإسلام بسوء، فأمور العقيدة من الأمور الراسخة الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الزمان و المكان ولا الأشخاص.

 

فهو سبحانه قبل أن يشرع لنا الإقرار لهم بحرية الاعتقاد أعاد التأكيد مرة أخرى عليهم بأنهم حينما يعتقدون ما يعتقدون فإنه يجب أن يتميزوا عن دين الإسلام لا أن يخترعوا دينا مزيجا بين دينين، مثل البهائية أو الشيعة النصيرية أو العلوية أو القلدانيين....الخ، فإذا التزم الكفار هذا القيد كان لهم الحق في أن يعتقدوا ما يعتقدون، أما من يخترع دينا يزعم به أنه نزل علي نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - يأمره بالصلاة و الصوم و الحج لكن بكيفية خلاف الكيفية التي أمر بها الإسلام فإنه و إن كان يدعي لنفسه الحق في حرية الاعتقاد فإنه قد مس باعتقاده هذا اعتقاد الإسلام و أراد أن يشوه صورته، لذا كان محاربته واجبة، كما حارب الصحابة رضوان الله عليهم (مسيلمة الكذاب) عندما ادعى النبوة و أتباعه، أما إن كتم ما يعتقده ولم يعلن به فهنا لا يتدخل الإسلام فيما يعتقد طالما أنه لم يمس الإسلام و المسلمين بأي تشويه أو إيذاء أو إساءة، تأمل كيف كان غضب الصديق رضي الله عنه على من أنكر الزكاة في دين الله فقال (والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها) [13].

 

ومن جهة أخرى يتعين أن ننوه إلى أن الإسلام لا يقف موقفا سلبيا بالنسبة للديانات الأخرى، إذ قد فهم البعض – على سبيل الخطأ أو الجهل - من قوله تعالى ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ أن الإسلام لا يقر الدعوة إليه، و إنما ترك أمور العقيدة للحرية الشخصية وفقط، والحق أن الإسلام ولئن كفل حرية الاعتقاد للجميع، فإنه كذلك أوجب الدعوة إليه، ذلك أن الله أمر أن ندعو أهل الكتاب لعبادته وحده سبحانه، وأمرهم بأن يتركوا ألهتهم وشركهم بالله ليعبدوه وحده بعبادة الإسلام، قال سبحانه ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

 

وإنما المغزى من قوله سبحانه ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6] هو جذب الذين كفروا من أقصى مجال انحرفت فيه البشرية في الضلال و التيه إلى مقابله، ذلك الرقي السامق من الهدى والنور، (دون ترقيع، ولا أنصاف حلول، ولا التقاء في منتصف الطريق.. مهما تزيت الجاهلية بزي الإسلام أو ادعت هذا العنوان!) [14]، فالإسلام يظل متميزا عنها بعقيدته الراسخة وتوحيده الخالص لله تعالى وعباداته الصحيحة وآدابه وأخلاقه السامية، يقول صاحب الظلال (أنا هنا وأنتم هناك، ولا معبر ولا جسر ولا طريق!!! مفاصلة كاملة شاملة، وتميز واضح دقيق..)[15].



[1] الإمام السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج2 ص 89.

[2] (الواحدي) أبي الحسن علي بن أحمد النيسابوري: أسباب نزول الآيات ج1 ص 307 الناشر مؤسسة الحلبي وشركاه.

[3] رواه مسلم ج4 ص 62 رقم 1195.

[4] رواه الطبراني في المعجم الكبير ج 12 ص 405 رقم 13527 وقال الألباني حسن لغيره، صحيح الترغيب والترهيب ج2 ص 92 رقم 1477، وذكره في السلسلة الصحيحة ج2 ص 131 رقم 586 وقال عنه (حسن).

[5] رواه البخاري ج 4 ص 1910 رقم 4707.

[6] (أَنْ لَا يُحْشَرُوا): بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ لَا يُنْدَبُونَ إِلَى الْغَزْو وَلَا تُضْرَب عَلَيْهِمْ الْبُعُوث، وَقِيلَ لَا يُحْشَرُونَ إِلَى عَامِل الزَّكَاة بَلْ يَأْخُذ صَدَقَاتهمْ فِي أَمَاكِنهمْ كَذَا فِي الْمَجْمَع، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ الْحَشْر فِي الْجِهَاد وَالنَّفِير لَهُ.

[7] (وَلَا يُعْشَرُوا): بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ لَا يُؤْخَذ عُشْر أَمْوَالهمْ، وَقِيلَ أَرَادُوا الصَّدَقَة الْوَاجِبَة.

[8] (وَلاَ يُجَبُّوا) أصل التَّجْبِيَة: أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل هو أن يَضَع يديه على رُكْبَتَيْه وهو قائم. وقيل: هو السُّجود. والمراد بقولهم لا يُجَبُّوا أنهم لا يُصَلُّون).

انظر: عون المعبود(7/7)، النهاية في غريب الأثر(1/675)، غريب الحديث للخطابي (1/502).

[9] رواه أبو داود ج 8 ص 262 رقم 2631.

[10] المعجم الصغير ج 2 ص 44 رقم 751.

انظر صحيح السيرة النبوية للشيخ الألباني ج 1 ص 150.

[11] رواه مسلم ج5 ص 94 رقم 1613.

[12] رواه البخاري ج5 ص 99 رقم 1244.

[13] رواه البخاري ج 2 ص 507 رقم 1335.

[14] في ظلال القرآن القرآن للشيخ سيد قطب تفسير سورة الكافرون.

[15] المرجع السابق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكفر والكافرون في القرآن الكريم
  • تأملات بيانية في سورة الكافرون
  • قراءة بلاغية في سورة الكافرون (1)
  • قراءة بلاغية في سورة الكافرون (2)

مختارات من الشبكة

  • أنواع أخذ متى يكون الفعل أخذ من أخوات كاد ومتى لا يكون ؟ تعلم الإعراب بسهولة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • متى.. متى؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • متى تبدأ كلمتك ومتى تنهيها ؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فهم المقاصد ووجوب الاجتهاد في اللغة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متى يغدو العراق عراق أهلي (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • إلى متى؟ (شعر)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • متى تعود يا أبي!؟ (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • شخصية الباحث (4)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أمنية ( قصيدة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • متى ستحقق ما تتمنى؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب