• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

إخضاع العلوم الإنسانية للشريعة الإسلامية فريضة شرعية

عبدالكريم بن هاشم سلطان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2009 ميلادي - 11/5/1430 هجري

الزيارات: 33190

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إخضاع العلوم الإنسانية للشريعة الإسلامية فريضة شرعية
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم.

أمَّا بعد:
الإسلامُ شريعةُ الله التي أنزلها على نبيِّنا محمد - صلَّى الله عله وسلَّم - ليبلغها إلى البشر؛ ليؤمنوا ويلتزموا بها، فتصلح حياتهم، ويسعدون في الدنيا والآخرة، وهذه الشَّريعة حاكمة على كلِّ شيء في الحياة؛ بمعنى: أنَّه ما من شيء إلاَّ وله حُكْمٌ في الشَّريعة الإسلاميَّة؛ قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 48].

فهي شريعة خاتمة، صالحة لكُلِّ زمان ومكان ولكل إنسان؛ لأنَّها مُتناسبة مع الفِطْرة الإنسانيَّة، والعقل الإنساني، وأيُّ خروجٍ عن هذه الشَّريعة يُعَدُّ خروجًا عن الفطرة السويَّة والعقل الراشد، وأسعدُ النَّاس بالشريعة الإسلاميَّة هم الذين فهموها كما أنزلت، وباللغة التي أنزلت بها، وبنفس الأساليب التي أنزلت بها، ثم فهموها وعملوا بها، وطبَّقوها في واقع حياتهم ومُستجداتِهم، وفي عصرنا الرَّاهن ظهرت مُستجداتٌ جديدة في حياة النَّاس، ومصطلحات غريبة، وبما أنَّ الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، فهذه المصطلحاتُ والمستجدات لها حُكْم في الشَّريعة الإسلاميَّة قطعًا، ومن هذه المستجدات والمصطلحات المعاصرة مصطلح "العلوم الإنسانية".

فماذا يعني هذا المصطلح؟ وما عَلاقته بالشَّريعة الإسلامية؟
1- معنى العلوم الإنسانيَّة: العلوم الإنسانية هي العلوم التي تَهتم بالإنسان فردًا أو مجتمعًا، وتُحاول وَضْعَ الأُطُرِ والقواعد، التي تحكم حياةَ الإنسان في هذه الحياة.

وتُحاول هذه العلوم التي تهتم بالإنسان أنْ تُحقق نجاحاتٍ ملموسةً، كما حققت علوم المادة نجاحات باهرة.

2- أقسام العلوم الإنسانية:
العلوم الإنسانية قسمان:
الأول: علوم إنسانية شرعية.
الثاني: علوم إنسانيَّة وضعيَّة، وهذه تنقسم قسمين:
أ - علوم إنسانية وضعية مُوافقة للشريعة الإسلامية.
ب - علوم إنسانية وضعيَّة مضادة ومحادَّة للشريعة الإسلامية.

أولاً: العلوم الإنسانية الشرعية: وتتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية.
فمِنَ المعلوم أنَّ القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية قد أنزلهما الله لهداية البشر في هذه الحياة، حتَّى يعيشوا حياتَهم الدُّنيا في سَعادة وطمأنينة وإخاء، ثُمَّ ينتقلوا إلى سعادة أعظم في الآخرة؛ قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وقال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16].

والسبب في ذلك: أنَّ الإنسان مَخلوق لله، والقرآن والسنة شرع الله ووحيه وكلامه، والله - عزَّ وجل - أعلمُ بالإنسان من نفسه؛ لأنَّه هو الذي خلقه وأوجده؛ من هنا فشرعُ الله هو الشَّرع المناسب للإنسان في جميع مَجالات حياته؛ {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].

فالخالق أعلمُ بمخلوقاته، والصَّانع أعلم بمصنوعاتِه، فما يشرعه لمخلوقاته هو المناسب والملائم لهم؛ حيثُما كان وأينما كان، فليس بين شرعه - عزَّ وجلَّ - وخلقه أيُّ معارضة أو تضاد؛ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].

ثانيًا: العلوم الإنسانيَّة الوضعيَّة:
وهي علومٌ وضعها الإنسان، وتتمثَّل في علم النَّفس وعلم الاجتماع، وعلم النَّفس موضوعه النَّفس البشرية وطبيعتها، والقواعد التي تحكمها، وعلم الاجتماع موضوعه القواعدُ التي تحكم اجتماع البشر.

وهذه العلوم الوضعية قسمان:
القسم الأول: علوم إنسانيَّة وضعيَّة موافقة للشريعة الإسلامية، مثل الدراسات النفسية والاجتماعيَّة، التي قام بها علماءُ المسلمين الملتزمون بدينهم، الذين لم يتأثَّروا بالغرب، ولم يستوردوا الأفكارَ والمصطلحات الغربيَّة لهذه العلوم، وذلك مثل دراسة ابن خَلْدُون - رحمه الله - عن أحوال اجتماع البشر والسُّنن، والقوانين التي تحكم اجتماعَهم وحياتَهم، وذلك كما في مقدمته للتاريخ.

وهناك كتاباتٌ كثيرة لعلماء المسلمين حول النَّفس البشرية وصلاحها، مستضيئة بكتاب الله وسُنَّة نبيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أمثال ابن القيم في "مدارج السالكين"، و"إغاثة اللهفان"، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله تعالى - وغيرهما من علماءِ المسلمين، الذين أبدعوا في الدِّراسات النفسيَّة والاجتماعيَّة.

القسم الثاني: علوم إنسانية وضعية مُحاربة للشريعة الإسلاميَّة، وهذه تتمثل في الدراسات النفسيَّة والاجتماعيَّة، والقواعد التي ابتدعها علماءُ النفس والاجتماع الغربيين، وأغلبهم من اليهود والملحدين، وتابعهم كثيرٌ من علماء الاجتماع العرب تابعوهم في جميع أطروحاتهم، التي تعارض الإسلام والفطرة والعقل؛ بل صاروا يتفاخرون بالاستدلال بكلام أمثال: "دور كايم"، و"ماكس فيبر"، و"باريتو".

وعُلماء الدِّراسات الإنسانيَّة الاجتماعيَّة في الغرب، وكذلك أتباعهم في الشرق كلهم يكنِّون للدين - خاصَّةً الإسلامَ - عداءً شديدًا، ويحاولون إزالته بكل ما يستطيعون.

نُبذة مُختصرة:
وملخص القصة: أنَّ الدين المحرَّف في أوروبا حَجَر على العلماء والمفكرين أفكارَهم وإبداعهم، فكان كلُّ من يقول: الأرض كروية، أو الأرض تدور - يُشنق أو يُحرق بأمر من الكنيسة، التي كانت تُهيمِن على الناس، وترغمهم على الانصياع للدين النَّصراني المحرَّف، فنشأ بسبب ذلك رَدُّ فعل من المجتمع، أدَّى إلى الإطاحة بطواغيت الدِّين المحرَّف، الذي كانوا يتمصْلَحُون من ورائه.

وقامت الثَّورات في جميع بُلدان أوروبا، وسقط الدِّين المُحرَّف ورجالُه ودهاقينه، وبسبب بُغض الناس للدِّين المحرَّف في أوروبا؛ لأنَّه كبتهم وظلمهم، نشأ ردُّ فعل يُعادي الأديان ويقدِّس العلم، ويظُنُّ ويعتقد أنَّ الدين ضِدَّ العلم، وأنَّه لا يُمكن أن يتَّفق العلم مع الدين، وصار دينهم هو العلم، وصاروا يعتقدون أنَّ العلم الماديَّ هو كلُّ شيء، وأنَّه كما نجحت العلوم المادية نجاحًا كبيرًا، فإنَّ العلوم الإنسانيَّة سوف تنجح كذلك نجاحًا كبيرًا، ولن يعودَ النَّاسُ بحاجة إلى دين طالما أنَّ علمَ الاجتماع قد وضع لهم النظريَّات، التي تحكُم حياتَهم.

فظهرت من جرَّاء ذلك نظريات علم الاجتماع الإلحادية، التي تنكر الإله والرُّسل وجميع تعاليم الدين، وترك الناسُ في أوروبا الدين المحرف وألحدوا، وفُصل الدِّينُ عن العلم؛ بل فصل الدين عن الحياة، ثمَّ إنَّ علماء الاجتماع الغربيين لم يكتفوا بذلك، بل عمَّموا هذا الأَمْرَ على جميع الأديان - ومنها الإسلام - فظهرت مقولات مثل: "الدين أفيون الشُّعوب"، وهكذا صار شعارُ علماءِ الاجتماع الغربيين وأتباعهم العرب الشرقيين - محاربةَ الدين عامَّة والإسلام خاصة.

يقول ماكس فيبر - وهو أحد كبار علماء الاجتماع الغربيين، وقد صُنِّف من قبل علماء الاجتماع كفيلسوف وجودي -: "إنَّ الطبيعةَ كما يفسرها العلم، وكما تعالجها التكنولوجيا - ليس فيها مُتَّسَع لسحر الدِّين وأساطيره القديمة، يجب أن ينسحبَ الإيمانُ ليعيش في عزلة مع الضمير"؛ "اعترافات علماء الاجتماع"، (ص: 17).

يقول علي الكنز - أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر -: "فهل يُمكن لنا أن ندلِيَ بأنَّ الوعي الديني أو التشبُّث بالدين هو مُزامن للفترات التراجعيَّة والمراحل المتقهقرة، وأنَّ الفكر العقلاني يُزامن الفترات التصاعدية أو المتطورة، ونقول: إنَّ ذلك هو تطبيقٌ للقانون التاريخي، وعليه فإنَّ الدِّين هو بمثابة تعبير عن الحزن، ومِن هنا فهو انعكاس لبؤس العالم وشقائه، وعكس ذلك اعتبار الفكر العقلاني بمثابة تعبير عن حيوية الوعي الجماعي، الذي يعكس هذه المرة تطوُّر العالم وازدهاره"؛ "الإسلام والهوية"، (ص: 99)، لعلي الكنز.

لكن نظريَّات علم الاجتماع المحاربة للإسلام لم تنجح في مُواجهة الإسلام، فتمسَّك الناس بالإسلام، وازدادوا به تمسكًا، ولم يبقَ إلاَّ رجال علم الاجتماع وحدَهم، ينعقون بنظريات الغرب التي نقلوها من البيئة الغربيَّة، وأرادوا تعميمها على الإسلام والمسلمين.

يقول علي الكنز، متحسِّرًا على رجوع المسلمين إلى الالتزام بدينهم: "كنَّا نعتقد ببساطة أنَّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعيَّة المعروفة، وأنَّ المهام المعقدة للتنمية - سوف تُقلِّص تدريجيًّا من مكانة الدين في الضَّمير الجمعي؛ ليُصبح في النهاية قضية شخصية بحتة تمامًا، مثلما حدث في مُجتمعات أخرى، خاصَّة الغربَ البرجوازي، غَيْرَ أنَّنا نَحن اليوم أمام هذا النموذج الكلياتي، وهو يستعيد حيويَّته، ويستهدف فرضَ هيمنته على جميع جوانب الحياة"؛ علي الكنز، "الإسلام والهوية"، (ص: 96).
فلمَّا فَشِلَت نظريَّاتُ علم الاجتماع في جلب السَّعادة للناس، وأقبل الناس على دين الله أفواجًا، لجأت بيوتُ الأفكار في الغرب ومَن تبعهم في الشَّرق إلى الحرب على الحيلة، وهي خلخلة الإسلام من الدَّاخل، عن طريق تطويع الإسلام لنظريَّات علم الاجتماع الغربية، وسمَّوْا هذا الإسلامَ المطيع لنظريَّات الغرب: الإسلامَ المعتدل، وأصحابَه ومعتنقيه هم المسلمون المعتدلون، وكلُّ مَن رفض هذا الإسلامَ الجديد سمَّوْه متشدِّدًا أصوليًّا، وهذا واضح في تقرير "راند"، الصادر في الولايات المتحدة الأمريكيَّة عام 2007م، فأصبحَ علماءُ الاجتماع العرب، الذين كانوا بالأمس يسخرون من الإسلام وتعاليمه - إذا بهم اليوم يحملون السبح، ويتكلمون باسم الإسلام، ويحاولون تفسيره وفهمه كما يريدون.

بل صاروا اليوم يتكلَّمون في أحكامه، ويدَّعون أنَّهم يفهمونه الفهم الصحيح، وما عداهم لا يفهمه، كلُّ هذا من أجلِ تطويع الإسلام وتحريفه من الداخل، حتَّى يتحقق ما يريده الغربُ، وحتَّى يتحوَّل الإسلامُ دينُ الله إلى فرعٍ من فروع علم الاجتماع الغربي، فيفقد قيمته ونوره الإلهي، ويصبح علمًا بشريًّا وتعليمات بشرية، خاضعًا لتعاليم البشر القاصرة المنحرفة.

يقول سمير نعيم أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس: "شهدت مصر منذ (تشرين) الأول - أكتوبر 1972 ما يُمكن أنْ نطلقَ عليه تلازُمًا بين ما سَمَّوه بالصَّحوة الإسلامية والتنظيمات الإسلامية العلنية والسرية، وبين غياب القضيَّة العامة التي تلتف حولها الجماهير أو المشروع الحضاري أو التنموي"؛ سمير نعيم، "الدين في المجتمع العربي: المحددات الاقتصادية والاجتماعية للتطرف الديني"، (ص: 231).

هذا؛ وقد اعترف كبارُ علماء الاجتماع العرب بفشل نظريَّاتِهم في مُواجهة الإسلام، وبعجز قوانينهم وتعاليمهم عن إسعاد الناس، وأقرُّوا بأنَّه لا ضرورةَ لتدريس علم الاجتماع في بلدان المسلمين.

أقَرَّ سعدُ الدين إبراهيم الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة بأنَّه "لو افترض أنِ اختفى كلُّ علماء الاجتماع العرب فجأةً، فإنَّه لا شيءَ مُمكن أن يحدث للمجتمع سلبًا أو إيجابًا"، وأقر أيضًا بأن "الرغبة - وليس الضرورة - هي مُبرر ظهور علم الاجتماع وعلماء الاجتماع، وهي مُبرر وجوده ووجودهم، واستمراره واستمرارهم"؛ راجع: "نحو علم اجتماع عربي"، (ص: 343 – 344).

ويقول محمد عزت حجازي - الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعيَّة والجنائيَّة بالقاهرة -: "إنَّنا لا ننتج علمًا حقيقيًّا، وإنَّما نستورد ونستهلك بدون تبصر، ونخلط في ذلك بين ما يُمكن أن يفيد وما لا غناء فيه"؛ "نحو علم اجتماع عربي"، (ص: 15).

وقال أيضًا: "تَحوَّل معظمُ المشتغلين بعلم الاجتماع إلى مفكرين بأجرٍ، يبحثون ويدرسون ويكتبون في حدود ما يُطلَب منهم، ويؤجرون عليه، وتردَّى بعضٌ منهم في الغفلة بدون قصد، وتمادى آخرون في السير في طريق الانتهازية والوصوليَّة"؛ "نحو علم اجتماع عربي"، (ص: 18).

وقال عزت حجازي عن كتابات ما يُسمَّى بعلم الاجتماع الإسلامي: "ولكن معظم ما يكتب في هذا الاتجاه تغلب عليه الضَّحالة، ويكشف عن شيء غير قليل من السطحيَّة والغفلة، ولا يخلو الأمرُ في بعض الأحيان من الانتهازيَّة، وتملُّق مشاعر الجماهير، بل والمشاركة الواعية في تزييف الوعي"؛ راجع: "نحو علم اجتماع عربي"، (ص: 23).

ونخلص إلى أن نقول: إنَّ علمَ الاجتماع بمعناه الغربي مضادٌّ للشريعة الإسلاميَّة؛ لأنَّه من وضع أشخاص مُتعصِّبين يكرهون الأديان؛ لوجود عُقَد في قلوبهم بسبب الدِّين المحرف، الذي حجر عليهم، وكذلك ليس لهذا العلم أيُّ فائدة تذكر في مَجالات الحياةِ المختلفة، ومن ثَمَّ فالواجب الشرعي يحتِّم إخضاع علم الاجتماع - الذي يدرسه شبابُ المسلمين في المدارس والجامعات - للشريعة الإسلامية، وتصفيته من جميعِ الشَّوائب والنظريَّات والأفكار والشخصيَّات، التي تضاد وتحاد الإسلام، أو تسخر وتستهزئ بالإسلام، والعودة مُباشرة إلى أصول الشَّريعة الإسلاميَّة؛ لاستنباطِ الهداية للنَّاس في جميع مناحي الحياة، فهذا يعتبر فريضة شرعيَّة، وضرورة حتمية إذا أردنا الحياة الحقيقيَّة فعلاً.

والله الموفِّق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • واجب السبت
  • خواطر عن الحجاب
  • إنها زوجتي!!
  • انحسار
  • الرائد لا يكذب أهله
  • فقه منازعة الفقر بالإبداع
  • الغزو الإيديولوجي، والتطبيع الثقافي
  • حكمتي إليكِ
  • ثورة الشك
  • الوقف: شِرْعة ومفخرة
  • الكبائر وحكم مرتكبها
  • ديمقراطية أبناء الصحراء
  • عام تحت الحصار
  • ضيف على الرصيف، ولا من مُضيف! (قصة قصيرة)
  • هكذا أدبتني شريعة الحياة
  • أنجح الزوجات أفضلهن تدبيرًا لمملكتها
  • الصداقة.. ما لها وما عليها
  • جزيرة الحب
  • لا أعرف
  • الحوار الحضاري
  • حكاية قدوة (أنا والفجر)
  • أدب الحوار
  • ابدئي في التغيير الآن
  • نحو عرب مسلمين جدد
  • لغة "الضاد" على مائدة "شامبليون"
  • الإرجاف
  • الآثار المترتبة على تخلي المرأة عن موقعها
  • العبادة وأثرها في إصلاح الفرد والمجتمع
  • إدارة المشكلات والخلافات وآليات الحل
  • قصة شعب
  • تحرير البناء الفكري للشخصية من سلطان الطباع
  • أفرأيتم الماء الذي تشربون؟!
  • ترتيب أولوياتك أعظم أسباب نجاحك
  • تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار (قصة)
  • نظرة حول الحكايات الساخرة
  • نخلة في بلاد بعيدة (قصيدة)
  • فنجان قهوة (قصة)
  • دعوتي وبريدي
  • الوظيفة الكونية والحضارية للعقل في الإسلام
  • الأسرة في التصور الإنساني
  • كنز الكتب (قصة)
  • عرض كتاب: (الفساد والاقتصاد العالمي)
  • خواطر نفس
  • بين الاستثناء والوصف والبدلية
  • اتجاهات الأدب الفرنكوفوني في المغرب العربي
  • يوم عرسي (قصة قصيرة)
  • حرب الحجاب.. والقابضات على الجمر
  • التعليم وتحديات عصر جديد
  • أيهما نورث أولادنا
  • رهين الضنى والسهاد (قصة)
  • النية روح العبادة
  • ثورة الجمل (قصة)
  • إبحار في قلب المؤمن
  • العقيدة أساس الإيمان ولبه
  • موازنات شعرية في الشعر السعودي الحديث
  • المعلوم من الدين بالضرورة
  • ركن الجوار: الفن التعبيري في خدمة التنمية
  • منظمة تعيد البشرية إلى عصور الرق والعبودية!
  • الكلاب اللاعقة
  • الإرجاف
  • المجلة الزيتونية، مجلة أقدم الجامعات الإسلامية
  • الطريق إلى حسن التبعل وسعادة الزوجين
  • ليل الحقيقة (قصيدة)
  • الأديب
  • ملاك بكف الموت (قصيدة)
  • فتيلنا المنتهك حرمته
  • حوار النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصغار
  • منظومة "تحفة الخطباء"
  • فضل المعلِّم (قصيدة)
  • طفل وحجر (قصيدة)
  • ضحولة مفرطة لآمال مغرقة
  • إلى بابا الفاتيكان "بندكت 16" (قصيدة)
  • العلوم بين النظريات الافتراضية والتجارب المعملية
  • من مظاهر يسر الشريعة .. الانسجام التام بين تكوين الإنسان وشريعة الإسلام
  • قالوا عن الأسباب الإصلاحية للشريعة الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • أستراليا: إخضاع الطلاب المسلمين للمراقبة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مطالب بإخضاع السلع المحتكرة لأحكام التنظيم التمويني(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الثقافة الإسلامية تخصص علمي في العلوم الإنسانية(مقالة - موقع د. تيسير بن سعد بن راشد أبو حيمد)
  • المشترك المقاصدي بين العلوم الإسلامية والمعارف الإنسانية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوسائل الإسلامية لحفظ النفس الإنسانية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإنسانية الإسلامية أخلاق الحرب في الإسلام (نموذجا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء بالنفس الإنسانية (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء بالنفس الإنسانية (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بين الطبيعة الإنسانية الإسلامية والطبيعة الصهيونية والصليبية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • الطبيعة الإنسانية الدولية للمبادئ الإسلامية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)

 


تعليقات الزوار
1- نقد التعريف
د.عبد المجيد المرواني - السعودية 02-10-2014 11:52 AM

العبارة الأصح أن نقول :"علوم إنسانية شرعية متمثلة في العلوم المستخرجة على القرآن والسنة بمعنى أن أصلها شرعي في القرآن والسنة ولكن استنباطها وتفسيرها وتفصيلها إنساني.."

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب