• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

حديث الكتاب المقدس عن اللبنة أو حجر الزاوية

د. محمد بن عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/6/2013 ميلادي - 20/8/1434 هجري

الزيارات: 114919

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث الكتاب المقدس عن اللبنة أو حجر الزاوية


أنا اللَّبِنَة وأنا خاتم النبيِّين:

يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن مثَلى ومثَل الأنبياء مِن قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسَنه وأجمله، إلا موضع لبنة مِن زاوية، فجعل الناس يطوفون بالبيت ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)) [1].


هذا الحديث يجعل النبي في ختامه للرسالات ومكانته بين الأنبياء مثل حجَر الزاوية أو اللبنَة الأساسية التي لا يَكتمل البناء ولا يتمُّ حسنه وجماله إلا بها.


ما الذي يقوله الكتاب المقدس عن هذه اللبنة أو حجر الزاوية؟

ورد في إنجيل متى الإصحاح (21- 42: 43): "قال لهم يسوع: أما قرأتُم قط في الكتب الحجر الذي رفَضه البناؤون، هو قد صار رأس الزاوية من قِبَل الرب، كان هذا وهو عجيب في أعيننا؛ لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله يُنزَع منكم، ويُعطى لأمة تعمل أثمارَه، ومَن سقَط على هذا الحجر يترضَّض، ومَن سقط هو عليه يَسحَقه".


وهذه الكلمات قالها المسيح - عليه السلام - لجماعة من اليهود بعدما وبَّخهم على قتْل الأنبياء - عليهم السلام - وإنكار الرسالات.


والنص يوضِّح إخبار المسيح - عليه السلام - لليهود باستبدال الله بهم أمة أخرى، تَحُل محلَّهم في القيام بأمر الدين وأداء رسالته: "لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله يُنزع منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره"، ويُخبِرهم المسيح - عليه السلام - أيضًا عن ذلك الحجر الذي سيصير رأس الزاوية: "الحجر الذي رفَضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية".


ويواصِل المسيح - عليه السلام - كلامَه عن ذلك الحجر الذي سيصير رأس الزاوية، فيقول: "ومَن سقَط على هذا الحجر يترضض، ومَن سقط هو عليه يَسحَقه"، واستخدام لفظَي (يترضَّض) و(يَسحقه)، يؤكِّد أن الكلام يُشير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أيَّده الله بالقوة المادية، وخاض العديد من الحروب حتى أَظهر الله تعالى به الدينَ، وسحَق به كل أعدائه.


ولا يمكن حمْل هذا الكلام على المسيح وأُمته؛ لأن المسيح نفسه من أمة بني إسرائيل، كما أن المسيح - عليه السلام - يقول: "وهو عجيب في أعيننا"، مما يدل على أنه يتكلَّم عن شخص آخر غيره.


فمن هو المقصود إذًا بحجر الزاوية غير محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي قال عن نفسه: ((أنا اللَّبِنة، وأنا خاتم النبيين))؟!


وما هي الأمة الأخرى التي أعطاها الله ملكوته بعد أن نزَعه من بني إسرائيل سوى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم؟!


وجاءت البِشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - في الأناجيل أوضح إشارة منها في التوراة، ولنضرِب بذلك بعض الأمثال:

جاء في الإصحاح (23) من إنجيل متى على لسان المسيح يُخاطب بني إسرائيل: "هو ذا بيتكم يُترك لكم خرابًا؛ لأني أقول لكم: إنكم لا تَرونني من الآن حتى تقولوا: مبارك الآتي باسم الرب"، فهو يدل على أن هناك مَن يأتي بعده مباركًا باسم الرب، ولم يأتِ بعده إلا محمد - صلى الله عليه وسلم.


وفي الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا مع الكهنة في اللاويين إذ سألوه: "مَن أنت؟ فاعترف، ولم يُنكِر، قال: إني لست أنا المسيح، إذًا ماذا، أأنت إيليا؟ فقال: لا، قالوا: أأنت النبي؟ فأجاب: لا، فقالوا له: من أنت لنُعطي جوابًا لمن أرسلونا، ماذا تقول عن نفسك؟ قال: أنا صوتٌ صارخ في البرية".


فهل يعني ذلك إلا أنه نبوءة عن نبيٍّ سيأتي فيما بعد؟ فمَن يكون هذا النبي غير محمد - صلى الله عليه وسلم؟

 

فلنولينك قِبْلة ترضاها:

يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 144].


وهناك نصوصٌ موجودة للآن بين نصوص الكتاب المقدَّس، تحتوي على صفات لشخصٍ يأتي بعد المسيح، وتلك الصفات لم تَخُص أحدًا من العالمين سوى النبي - صلى الله عليه وسلم.


منها ما جاء في رؤيا يوحنا (19- 16:1): فخررتُ أمام رجليه لأسجد له، فقال لي: انظر لا تفعل أنا عبد معك، ومع إخوتك الذين عندهم شهادة يسوع، اسجد لله، فإن شهادة يسوع هي رُوح النبوة، ثم رأيتُ السماء مفتوحةً، وإذا فرسٌ أبيض والجالس عليه يُدعى أمينًا وصادقًا! وبالعدل يحكم ويُحارِب، وعيناه لهيب نار، وعلى رأسه تيجان كثيرة، وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو، وهو مُتسربِل بقميص مغموس بدمٍ، ويُدعى اسمه كلمة الله، والأجناد الذين في السماء كانوا يَتَّبِعونه على خيل بيض، لابسين بزًّا أبيض ونقيًّا، ومن فمه يخرج سيف ماضٍ ليضرب به الأمم، وهو سيرعاهم بعصا من حديد، وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء، وله ثوبه، وعلى فَخِذه اسم مكتوب مَلِك الملوك، ورب الأرباب".


فهل يكون ذلك من قبيل المصادفة أيضًا أن يكون ذلك الذي رآه يوحنا في الرؤيا يلقَّب بالصادق الأمين؟!!


ويجلس على فرس أبيض! وبالعدل يحكم ويُحارب! والنص يوضِّح أن الصادق الأمين ليس مجرد صفة، وإنما لقب يُدعى به: "والجالس عليه يُدعى صادقًا وأمينًا".


وهل من قبيل المصادفة أيضًا أن من صفاته السيف الذي سيضرب به الأمم المتمرِّدة على ربها، ويرعاها بعصا من حديد؟!


وأما اسمه الذي لا يعرفه غيره؛ فلأنه ليس من قومهم، ولا لغته هي لغتهم، وأحسب أن المقصود بالتيجان الكثيرة هو ميراثه لأُمم الأرض، واستعلاؤه عليها جميعًا، وكذلك المقصود بمَلك الملوك ورب الأرباب هنا، هو إشارة إلى امتداد مُلْكه وعظمة حُكمه، فالأرض لم تشهد قطُّ حاكمًا في عظمة نبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم - كما أنها إشارة إلى أنه سيكون النبي الخاتَم إمام الأنبياء جميعًا، ولا يمكن أن تشير إلى الله نفسه؛ لأن الكلام من البداية عن شخص يركب فرسًا أبيض، ويُدعى صادقًا وأمينًا، وأنه سيُحارِب ويُحاكِم بالعدل، وسوف يكون وسيلة الله للتعبير عن سخَطه وغضبه على الأمم؛ وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شيء.


وليُخبرنا من عنده عِلم الكتاب عن شخص أتى بعد المسيح - عليه السلام - أو حتى قبله، كان يلقَّب بالصادق الأمين، واجتمعت له صفات الحق والعدل، ومحاربة الأمم المتمرِّدة على ربها، غير رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم!


ومن بعض الصفات التي وردت في الكتاب المقدس أيضًا، والتي تنطبِق على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما جاء في سفر نشيد الإنشاد (5: 9)؛ حيث تَصِف أنثى لصاحباتها أوصاف مَن تحبه، وتستفيض في شرْح هذه الصفات التي لا يَنطبِق الكثير منها إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي مما وُصِف به في كُتُب الحديث؛ مثل: صحيح البخاري وغيره، فتقول: "حبيبي أبيض وأحمر، معلم بين رَبوة - عشرة آلاف في النسخة الإنجليزية - رأسه ذهب إبريز، قصصه مسترسِلة، حالكة كالغراب، يداه حلقتان من ذهب مرصعتان بالزبرجد، بطنه عاج أبيض، مغلَّف بالياقوت الأزرق، حَلْقه حلاوة، وكله مشهيات، هذا حبيبي، وهذا خليلي يا بنات أورشليم".


واللافت للنظر هنا ليس فقط تلك الصفات الواردة في النص، والتي وردت أيضًا في كتب الحديث في وصْف الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكن اللافت للنظر أيضًا هو أن كلمة (كله مشتهيات)، والتي جاءت قبل عبارة (هذا هو حبيبي، وهذا هو خليلي)، والتي يُتوقَّع أن يُذكَر اسم الشخص المقصود قبلها - هي في النسخة العبرية (محمديم)، وتلك الزيادة المضافة لكلمة (محمد) تُستخدم للتعظيم في اللغة العبرية؛ مما يدل على أن المقصود اسم وليس صفة، والجملة كما وردت في النسخة الإنجليزية هكذا:

He is (altogether lovely) (machmadim) this is my beloved and this is my friend o daughters of Jerusalem.


وكلمة (machmad) في العبرية بدون الزيادة التي تُستخدَم للتعظيم (im) تتألَّف من حروف (ميم حيت ميم داليت)، وهي نفس الحروف التي تُكوِّن كلمة (محمد) في العربية، وتُترجَم إلى الحمد أحيانًا، وإلى الاشتهاء - كما جاءت في النص - أحيانًا، وإلى معانٍ قريبة من ذلك أحيانًا أخرى، إلا أن زيادة التعظيم، كما قلنا وموضِع الكلمة من الكلام يؤكِّد أنها اسم الشخص وليست صفة، وهل الأنسب أن يُقال: "إنه المشتهى العظيم هذا هو حبيبي، وهذا هو خليلي"، أم أن يُقال: "إنه محمد العظيم، هذا هو حبيبي، وهذا هو خليلي"؟


فهل ذلك من المصادفة أيضًا أن تأتي كلمة (محمديم) تحديدًا في الموضع الذي يتوقَّع ذِكر اسم الشخص المقصود فيه؟!


ومن النصوص التي لا تزال توجَد للآن في الكتاب المقدَّس، وذُكِر بها اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحًا، هو ما وردَ في سفر حجي (2- 6: 9): "لأنه هكذا قال رب الجنود: هي مرة بعد قليل، فأزلزل السموات والأرض والبحر واليابسة، وأُزلزِل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجدًا، قال رب الجنود: لي الفضة ولي الذهب، يقول رب الجنود: مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول، قال رب الجنود: وفي هذا المكان أُعطي السلام، قال رب الجنود".


وكلمة مشتهى التي وردت في النص هي ترجمة لكلمة (HEMDA) حمدًا في العبرية، وحروفها أيضًا هي نفس الحروف التي يُشتَق منه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعربية؛ والعجيب أن النصارى قالوا: "إن (HEMDA) هو المسيح - عليه السلام - وليس محمدًا - صلى الله عليه وسلم!


وأحسَب أن أيَّ مُنصِف عندما يقرأ النص السابق لن يُجادِل في أن البيت المذكور بالنص هو البيت الحرام بمكة، وأن الإسلام وأن (HEMDA) ليس أي واحد سوى محمد - صلى الله عليه وسلم.


ولست أدري من أجل مَن يُعبث بآيات الله - عز وجل - وكُتبه هكذا؟!


من أجل مَن يُترجَم الإسلام إلى السلام والسلامة، ومحمديم وحمدًا إلى المشتهى، والأمميون إلى الأمم، وبكة إلى البكاء؟!!


أمن أجل الله - عز وجل؟!


أم محمد - صلى الله عليه وسلم؟!! أم المسيح - عليه السلام؟!


فليفرح إبليس اللعين إذًا، وليسعد قلبه؛ فمن أجل عيونه يُعصى الله، وتبدَّل كتبه، ويكذَّب رسله!


وليهنأ الحقد والهوى، وليهنأ التعصب الأعمى؛ فمن أجله تُشترى الدنيا بالآخرة، والعذاب بالمغفرة، ونيران الجحيم بجنات النعيم!


ولله دَرّ النجاشي ملك الحبشة زمان بعثة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والذي كان على عِلم بالكتاب المقدس، قال حين سمِع القرآن: "إن هذا وما أَتى به المسيح ليَخرُجان من مشكاة واحدة".


كان ما سبق بيانًا لبعض نصوص الكتاب المقدس التي تتحدَّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الإسلام بصفته خاتَم الرسالات وجامع الوحي الإلهي، ولقد اخترنا النصوصَ السابقة من بين عشرات النصوص التي لا تزال موجودة إلى الآن في الكتاب المقدس لم يطرأ عليها تحريفٌ ولا تغيير، وقنعنا بما ذكرنا؛ لأن المقام لا يتَّسِع لأكثر من ذلك، ومَن أراد المزيد فالمراجع في ذلك كثيرة جدًّا ومتوفَّرة لمن أراد.


إذا نظرنا إلى العالم وأحواله قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وما ساد فيه بين البشر من الظلم وسفْك الدماء، وانتشار الباطل والفساد، نجد الحاجة ماسَّة إلى النجاة، فكانت بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الضروريات الكونية لإفشاء العدل والسلام، ونشْر نور الإسلام في رُبوع الدنيا.


وإنه من الفائدة أن ننقُل هنا في هذا المقام بعضًا من جُهْد العالم الفاضل اللواء م/ أحمد عبدالوهاب - رحمه الله رحمة واسعة - وذلك لبيان بعض صورِ التحريف للكتاب المقدس[2].

 

تحريف بشارة محمد - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب المقدس في ترجمة إنجليزية:

يقول الكتاب المقدس للبروتستانت على لسان موسى: "قال لي الرب: قد أحسَنوا فيما تكلَّموا، أُقيم لهم نبيًّا من وسط أخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه فيُكلّمهم بكل ما أوصيه به، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلَّم به باسمي، أنا أطالبه" [3].


لكن ترجمة إنجليزية اليوم حرَّفت عبارة: (نبيًّا من وسط إخوتهم)، لتكون (نبيًّا من وسطهم)، لماذا؟!


لأن نبيًّا من وسطهم تعني: من بني إسرائيل، أما من وسط إخوتهم؛ فتعني: من أقربائهم، وبالذات عمومتهم، وهم بنو إسماعيل؛ فلقد شاع استخدام لفْظ الإخوة في أسفار العهد القديم ليعني هذا؛ كما في قوله: "أرسل موسى رسلاً من قادش إلى ملك أدوم هكذا يقول أخوك إسرائيل قد عرفت كل المشقة التي أصابتنا"[4].


فالمقصود بإسرائيل هنا هم الشعبُ الإسرائيلي الذي كان يقوده موسى، وهؤلاء كانوا أحفاد أحفاد إسرائيل (يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)، كما كان ملك أدوم وشعبه أحفاد أحفاد عيسو أخي إسرائيل، علاوة على كون الأدوميين من ذرية إسماعيل بن إبراهيم؛ ذلك أن عيسو بن إسحاق هذا قد ذهب إلى عمه إسماعيل، وأخذ محلةَ بنت إسماعيل بن إبراهيم أخت نبايوت زوجة له[5].


وتكرَّر نفس المعني في قول الرب لموسى: "أنتم اليوم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير" [6].


فلغة العهد القديم تُقرِّر أن ذريةَ الأحفاد يعتبرون إخوة لذرية الأحفاد الذين يشترِكون معهم في الجد الأكبر، وهو هنا إبراهيم، ومن الواضح أن ترجمة إنجليزية اليوم قد حَرَّفت هذه البِشارة التي لا تزال موجودة في تَراجم أخرى مِثل:

 

الكتاب المقدس للبروتستانت ترجمة الملك جيمس، والتي تقول: "من وسط إخوتهم".

الترجمة القياسية المراجعة التي تقول: "من وسط إخوتهم".

الترجمة الفرنسية المسكونية التي تقول: "من وسط إخوتهم".

 

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [هود: 18، 19].


وفيما يتعلَّق بقوله: (مثلك) في هذه النبوءة، فمن المؤكَّد أنه يَنطبِق على محمد صلى - الله عليه وسلم - قول هذه النبوءة: "نبيًّا مثلك".

 

ومن المعلوم أن أول الوحي إلى محمد - خاتم النبيين - قد فاجأه وحيدًا في غار حراء؛ إذ جاءه المَلَك جبريل فجلس أمامه قائلاً: اقرأ، قال: ((ما أنا بقارئ)).

 

وتكرَّر ذلك مرتين أخريين، حتى إذا ما أرسَله المَلك في المرة الأخيرة، بدأ يقرأ عليه القرآن مبتدئًا بقول الحق: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].


فرجع بها رسول الله يُعاني رَوعًا ورهبةً من هول المفاجأة وشدة الوحي، ولقد سبَق أن بشَّر النبي أشعياء بحادثة بَدء الوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتَم النبيين على هذه الصورة، فقال: "يدفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة، ويقال له: اقرأ هذا فيقول: لا أعرف القراءة"[7].

 

لكن هذا النص نجده في الترجمة العربية حسَب الكتاب المقدَّس للبروتستانت، وحسَب الكتاب المقدس للكاثوليك قد حُرِّف بالعكس؛ حيث وضِعت كلمة (الكتابة) بدلاً من كلمة (القراءة)، وهو ما يجعل هذه العبارة المحرَّفة تُناقِض نفسها، فبعد دفْع الكتاب لذلك الإنسان (يقال له: اقرأ هذا)، ويكون الرد المنطقي (لا أعرف القراءة)، وليس (لا أعرف الكتابة)، كما تزعم الترجمة العربية المحرَّفة.


ومن هنا جاءت أحدث ترجمة عربية للكاثوليك، والمنقولة عن الترجمة الفرنسية المسكونية والتي ظهرت تحت اسم (كُتُب الشريعة الخمسة) لتُصحِّح ذلك الانحراف، وبمقارنة هذه التراجم العربية المحرَّفتين والصحيحة، يتَّضِح لنا كيف يَعبَث هؤلاء القوم بكلمة الله! كما تقدِّم لنا مقارنة التراجم غير العربية برهانًا أكيدًا على تحريف تلكما الترجمتين العربيتين، فالترجمة القياسية المُراجَعة تذكُر (القراءة) وليس الكتابة.


فهي تقول: "ثم يدفع الكتاب لمن لا يعرف القراءة، ويقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف هذا"، وكذلك الترجمة الفرنسية المسكونية التي تذكُر القراءةَ وليس الكتابة، وكذلك ترجمة (مارتن لوثر كينج) التي تذكُر القراءة وليس الكتابة.


وبعد:

فهذا جُهْد حُرِص فيه على الاختصار وعدم التفصيل، مع محاولة التبسيط في العرض، وهي إشارات عابرة لبعض الأمثلة من التوراة والإنجيل.


كما أنه يَجدُر الإشارة إلى أن هذه البِشارات لم تتوقَّف على التوراة والإنجيل وحسب، بل وردت فيما بينهما في المزامير، وكذلك عن داود وسليمان - عليهما السلام - وغيرهما من الأنبياء من بني إسرائيل، ليس ذلك فقط، بل إن البِشارات بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد وردت قبل ذلك، حيث وردت في كتب البراهمة، وكتابهم يعرف بالـ (فيدا)، وكذلك في كتب الزرادشتية.

 

والمقام لا يتَّسع للتفصيل والعرض إلا أن له مراجع مُتخصِّصة، نذكر منها ما يلي:

1- إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم؛ أبو الحسن أحمد بن الحسن الزيدي.

2- بين الإسلام والمسيحية؛ أبو عبيد الخزرجي.

3- محاضرات في مقارنة الأديان؛ إبراهيم خليل أحمد.

4- الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح؛ شيخ الإسلام ابن تيميَّة.

5- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى؛ ابن القيم.

6- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان؛ ابن القيم.

7- البرهان الصحيح في بشائر النبي والمسيح.

8- ما يقوله الكتاب المقدس عن محمد؛ أحمد ديدات.

9- نبوءة محمد - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب المقدس؛ د/ أحمد حجازي السقا.

10- النبوة والأنبياء؛ لواء مهندس أحمد عبدالوهاب.

11- إظهار الحق؛ رحمة الله الهندي.

12- مطلع النور؛ العقاد.

13- المعجزة العلمية؛ عبدالمجيد الزنداني.

14- خاتَم النبيين؛ الإمام محمد أبو زهرة.

15- محمد في بِشارات الأنبياء؛ محمد الشرقاوي.

16- القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم؛ موريس بوكاي.

17- نبي أرض الجنوب؛ ع. م جمال الدين الشرقاوي.

18- محمد - صلى الله عليه وسلم - بين التوراة والإنجيل؛ د. محمد عبدالخالق شريبة.

19- البشارات؛ عبدالمجيد الزنداني.


إلا أن هذا الكلام له تفصيلات واستفاضات طويلة وعديدة، وكلها مستندة للمراجع الرسمية والمعتبَرة لدى أهل الكتاب، ومَن أراد التفصيل والبيان فليُراجع هذه المراجع.



[1] رواه البخاري (3535)، ومسلم (2286- 2287) عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

[2] اللواء مهندس/ أحمد عبدالوهاب قد أثرى المكتبة العربية بكتاباته القيّمة، والتي امتازت بالتوثيق ودقة المصادر وبيان المراجع؛ بعيدًا عن العواطف والانفعالات، ومن مؤلفاته: العلوم الذرية الحديثة في التراث الإسلامي، المسيح في مصادر العقائد المسيحية، الوحي والملائكة في اليهودية والمسيحية والإسلام، النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام، طائفة الموحِّدين من المسيحيين عبر القرون، إسرائيل حرَّفت الأناجيل، وغيرها الكثير، وقد قام - رحمه الله - بالعديد من المناظرات، والتي أقام من خلالها الحُجَّة على مناظريه، وكان من ثمرات هذه المناظرات أن دخل الكثيرون من المناظِرين وغيرهم في الإسلام إثر هذه المناظرات.

[3] سفر التثنية 18- 18: 19.

[4] سفر العدد 20- 14.

[5] سفر التكوين 28- 9.

[6] سفر التثنية 2- 4.

[7] سفر أشعياء 29- 12.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البشارة بالنبي عليه الصلاة والسلام في العهد القديم ( التوراة )
  • البشارة بالنبي عليه الصلاة والسلام في العهد الجديد ( الإنجيل )
  • الرد على من زعم بشهادة القرآن لصحة الكتاب المقدس (1)
  • الكتاب المخربش

مختارات من الشبكة

  • عرض كتاب: صناعة الكتاب المدرسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تلخيص كتاب "ماذا خسر العالم بوجود الكتاب المقدس؟"(مقالة - ملفات خاصة)
  • صدر حديثاً طبعة جديدة لكتاب (الجامع والتركيز لحفظة الكتاب العزيز) للمقرئ طاهر الرحيمي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • صدر حديثاً كتاب (الكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد) للحافظ المنتجب الهمذاني (ت643)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهل الكتاب وشمولية الانتساب إلى الكتاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيفية دعوة أهل الكتاب إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيفية دعوة أهل الكتاب إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منهج كتاب الأربعين النووية ومميزاته(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب