• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

هل تعلم؟ ( سر في حياة نجيب محفوظ )

حسين بن رشود العفنان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/6/2013 ميلادي - 18/8/1434 هجري

الزيارات: 10236

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل تعلم؟

سرٌّ في حياة نجيب محفوظ

 

غطَّى الجنسُ مساحاتٍ كبيرةً في أدب "نجيب محفوظ" (ت 1427 / 2006 م)، بل هو الركن الظاهر فيه، بعد ركنِه الإلحادي، فهو يحرِصُ بقوة على إبراز المرأة التي خرَجت من (أحباس) البيت، و(كفَرت) بقيمة العفاف، وأصبحت ترى نفسها في (درجة) الرجل، واختلطت به وصادقتَه لكن (بأدب)، وسلَّمت نفسَها له في أول لقاء ثم تزوَّجته، أو أحبته حبًّا (صادقًا)، وهي متزوجة من غيره، أو صارت عاهرة (فاضلة مثقفة)، لا تعرف حرارة الندم، أو فقيرة باعت عِرْضها (دافنة) فقر زوجها الذي (يبارك) عملها، أو طفلة لا تصبر عن الصبيان... إلخ.

 

يصوِّر ذلك تصويرًا طبيعيًّا محبَّبًا بدعوى الواقعية، فلم يحصر الفاحشة - على الأقل - في دُور البغايا، أو في بعض الطبقات المتفكِّكة، بل جعلها منتشرةً في الهواء يمارسها الناس كلهم، مزلزلاً عفَّة القارئ وإيمانه، مالئًا صدره بظلمة الفسق والرذيلة، مشوهًا لون مجتمع مسلم طاهر، ولا تذهبُ إلا حسرةً حين تعلم أن رواياته نُقِلت إلى أكثر من ثلاثين لغة، فهل صنع العدو من أبنائنا مَن يرسمنا صورة كاذبة قبيحة لتراها عيون أخرى شوامت؟

 

عقيدة "نجيب محفوظ" ترى صيانة المرأة وحشمتها ظلمًا وعدوانًا، يقول: (الحقيقة أن وضع المرأة في الفترة التي عشتُها كان سيئًا للغاية، بل وبعيدًا عن العدل والإنصاف)؛ [أنا نجيب محفوظ: سيرة حياة كاملة، من جمع وإعداد إبراهيم عبدالعزيز، ص: 244].

 

لذا فالحمد والثناء لا تستحقُّه سوى المعجَبة بـ (اليهوديات)، البعيدة عن (التزمُّت)، المتحررة من (تقاليد الماضي والعُقَد الشرقية) التي (تعكِّر صفو الحياة) وتقود (إلى الفشل)، كما كان يحرص دائمًا على نثر ذلك في رواياته وعلى ألسنة شخصياته.

 

فـ "عزيزة عبده" في رواية (المرايا) متزوِّجة، وقعت مرَّات في الزنا، ووهبت جسدها أول مرة لأقرب شاب صادفَته، مع أن أمَّها حرَصت على تربيتِها، ولم تعرف الندم لحظةً: (كنت أشعر بالخوف أحيانًا، ولكني لم أشعر بالندم قط)، (آمنت دائمًا بأني نقيَّة مثل الأوكسجين)، ورفضت إجهاض حملِها من عشيقها "يوسف بدران"، وقالت له: (لقد أحببتُك حبًّا لم أحبَّه أحدًا من قبل وسأحتفظ بثمرته)، وهي ناجحة في حياتها، وأم صادقة لابنينِ، مثقفة جدًّا، تُشعِر مَن يراها بقوتها؛ [ المرايا، ص: 293].

 

وفي غَيرة على المرأة حتى يسهِّل خروجها، يقترح حلاًّ لكفِّ النظرة الجنسية التي تخترقُها من عيون الشباب، فيقول: (لا شكَّ أن المرأة هي ضحية لمرحلةِ الانتقال في أي مجتمع، فالرجل يستقبل خروجها للحياة العامة بنظرة الذئب الذي سعَت إليه فريستُه بقدميها، ولن يغيِّر موقفه إلا بعد أن يُصبِح عمل المرأة ظاهرةً عامة لا تلفت النظر...)؛ [ أنا نجيب محفوظ، ص: 246].

 

وبألمٍ يؤكد أنه لا مكان للمرأة، فالمجتمع كله ذكوري ظالم، يقول: (عالمنا كله رجالي، ولا يمكن أن نتصوره غير ذلك... مجتمعنا حتى هذه اللحظة رجالي... المرأة ما زالت تجاهد حتى تصل إلى المشاركة..)؛ [السابق، ص: 245].

 

ويقول جالبًا القلوب له: (وأنا أنظر إلى المرأة نظر إعزاز، وأنا أرى أن الحياة بدونها تصبح ناقصة باهتة لا لون لها...)؛ [السابق، ص: 244].

 

لكن، هل كان "نجيب" يقول الحق؟ هل كان مُصلحًا اجتماعيًّا؟ هل أنصف المرأة وحَمَلها في قلبه وحرَص على حقوقها؟


استمِع إلى اعترافه هذا، واحكم عليه بصدق، يقول: (في الفترة التي سبقت زواجي عشتُ حياة عربدة كاملة، كنت من روَّاد دُور البِغَاء الرسمي والسري، ومن روَّاد الصالات والكباريهات، ومَن يراني في ذلك الوقت لا يمكن أن يتصوَّر أبدًا أن شخصًا يعيش مثل هذه الحياة المضطربة - وتستطيع أن تصفه بأنه حيوان جنسي - يمكن أن يعرفَ الحب أو الزواج، كانت نظرتي للمرأة في ذلك الحين جنسية بحتة، ليس فيها دور للعواطف أو المشاعر...)؛ [نجيب محفوظ صفحات من مذكراته، رجاء النقاش ص: 106].

 

سبحان الله! "حيوان جنسي"، ما أصدق هذا الوصفَ العميق بمحرِّري المرأة ومُفسدِيها في أمسِهم ويومِهم ومستقبلهم! لقد كشف لنا حقيقة حبهم وحرصهم عليها، فيا مَن سُحِرت بدعواتهم ودعاياتهم! أنقذي عفَّتك وجمالك وحريَّتك قبل أن ينبِذوك دمعةً خاضعة تحت أقدامهم!

 

وتظهر الصورة بشعة عارية حين تعلم أنه لم يتزوَّج، وعزف عن الاستقرار حتى قضى شبابه في الحرام، ووصل إلى الثالثة والأربعين من عمره.

 

وذكر سببًا واحدًا عن صدوده عن الحلال ولذَّته، هو خوفه أن يشغله عن الأدب وعن تحقيق غايته فيه، وكتم السبب الرئيس الذي يظهر للمطلع بلا تعبٍ ولا تعسُّر، وهو أن الزاني الذي يتقلَّب من حِضْن إلى حضن تذهب قوته، ويُحرم من التشوق إلى الطيبات، ويزهد في نساء الأرض، ويشكك في صدقهن، ويخشى أن يقع على شريكة ساقطة، فتُظلم نفسه ويكره الحياة.

 

لذا فإن رؤيته لمعالِم العفَّة والاحتجاب تنشر في قلبه الرعب، ولو كانت في نظرة عابرة طفيفة، إنه لا يريد للمجتمع أن يتلذَّذ بالطهر، يريده أن يتدحرج معه في الغَي، يريده أن يذوق حسرات الرذيلة، ﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]، فهو يسارع دائمًا في تنقُّص المحتشمة، وجعلها ضحكةً وسخرية، وصورة مهزوزة متفككة.

 

يقول معجبًا بـ: "سعاد وهبي" الطالبة اليهودية السافرة، خالعًا عليها الكثير من الأوصاف التي يراها مِدْحة، مُقارنًا بينها وبين الطالبات المسلمات:

(كانت الزميلات عام 1930 قلة لا يتَجاوَزْنَ العشر عدًّا، وكان يغلب عليهن طابعُ الحريم، يحتشمن في الثياب، ويتجنبن الزينة، ويجلسن في الصف الأول من قاعة المحاضرات وحدَهن؛ كأنهن بحجرة الحريم بالترام، لا نتبادل تحية ولا كلمة، وإذا دَعَت ضرورة إلى طرح سؤال أو استعارة كراسة تم ذلك في حذر وحياء، ولا يمر بسلام، فسرعان ما يجذب الأنظار ويستثير القيل والقال، ويشن حملة من التعليقات، في ذلك الجو المتزمت المكبوت تألقت "سعاد وهبي" كأنها نجم هبط علينا من الفضاء... وكانت بخلاف زميلاتها غاية في الجرأة، تواجهنا بثقة لا حدَّ لها، ولا تُخفِي إعجابها بنفسها، وتناقش الأساتذة بصوت يسمعه الجميع، وبالجملة تحدت الزمان والمكان)؛ [المرايا، ص: 158].

 

ويقول معجبًا بنظرة "كاميليا زهران" الموظفة الجديدة الجريئة: (وسرَّني أن أطالع في عينيها نظرة مستقيمة وجريئة، جاوزت بشكل ملموس نظرة الحريم المستكينة الخاملة)؛ [السابق: 349].

 

وأما "حسنين" في [بداية ونهاية، ص: 61 - 62] فيغضب من حياءِ "بهية" ويثور، مع أنها لم تحتجب عنه، بل فتحت الباب وقدَّمت الشاي، ويرى ألا حياة إلا في الإباحة، وأن هذا أمر الله - جل جلاله وتقدس وتعالى - (في أوروبا وأمريكا ينشأ الفتيان والفتيات معًا، كما نرى في السينما، هذه هي الحياة، أما هذه، فما أن رأتنا حتى توارت عن الباب، كأننا وحوش تروم التهامها... متى أجد نفسي رجلاً حرًّا؟!... انكحوا ما طاب لكم من النساء، هذا أمرك يا رب، ولكن هذا البلد لم يَعُد يحترم الإسلام...).

 

وأسرة "الموازيني" حين تجلس في البيت، فهي في حبس وعذاب وفراغ: (والنساء مُجبَرات على البقاء في البيت - إلا لضرورة - منعًا للقيل والقال، تحبسهن التقاليد، يجمعهن الحرمان، يعذِّبهن الفراغ، يتسلين بالنقار)؛ [حكايات حارتنا، ص: 90].

 

ويصور في [القاهرة الجديدة، ص: 5 - 6] الشوق الكبير للاختلاط في الجامعة، وسخرية الطلبة من الفتيات اللاتي (يسِرْنَ في خفر ويخلصن نجيًّا)، وأنهن قبيحات، وأن العفة مشقة، والقوي لا يعرفها، فلا علم ولا عمل إلا في أحضان الرجال، فيقول أحدهم: (لا يوجد وجه واحد بينهم يوحِّد الله)، (فقال ثالث وهو يتفحص ظهور الفتيات المهزولات: ولكن الله خلقهن ليكن سفيرات الهوى)، (الجامعة عدو لله لا للطبيعة).

 

• نطقت بالحق، ولا يُؤَيِّسنَّكم قبح هؤلاء الفتيات، فهن دفعة أولى للجنس اللطيف، وسيتبعهن أخريات...

• أتحسب أن فتياتنا يُقبِلن على الجامعة كما أقبَلن على السينما مثلاً؟

• ربَّاه! هل ندرك ذلك العصر السعيد؟!

• وأكثر، وسنرى هنا فتيات على غير هذا المثال السيئ.

• وسيزحمن الشباب بلا رحمة.

• الرحمة هنا رذيلة.

• ولن يكلفن أنفسهن مشاقَّ الحشمة، فالقوي لا يحتشم!

• وربما استَعَرَت بين الجنسين نار!

• ما أجمل هذا...).

 

وهذه "حميدة" في [زقاق المدق ص 45] يمر الشهر والشهران وهي لا تغتسل، والقمل يملأ شعرها، تتطلع بحسرة إلى حياة صاحباتها اللاتي هجرن التقاليد الموروثة، وعملن في المحلات وودَّعن حياة الفقر والقذارة: (ومضين على أثر اليهوديات في العناية في المظهر وتكلف الرشاقة... ولا يتورَّعن عن تأبط الأذرع، والتخبط في الشوارع الغرامية ...).

 

وغير ذلك كثير كثير كثير، مع عدوان كبير على الله وشرعه.

 

• • •

لكن هل تعلم أن "نجيب محفوظ" لا يُؤمِن بكثير من هذه القضايا التي أفسد بها رجالنا ونساءنا، وماءنا وهواءنا، وهدَم شوامخ خيِّرة رفيعة في قلوبنا وعقولنا؟ إنه لا يؤمن بها، إنها فقط لي ولك!

 

لقد نسف كثيرًا من معتقداته وأفكاره التي سكب فيها عمره كله، لقد (سلَّم نفسه للقيود الأبدية)، وتزوج بربة بيت (جاهلة عاطلة) بلا حب (صحي) ولا تعارف، زواجًا (برجوازيًّا عتيقًا)، و(حبسها) في بيته، (وأخضعها) لتصنع له الجو المستقر الذي يريده، وكانت له (السيادة)، فهو (أناني) ينفق عليها، ويهبها مصروف البيت.

 

يقول: (كان زواجي من "عطية الله" زواجًا عمليًّا... ولم تنشأ بيننا قصة حب سابقة على الزواج...)؛ [نجيب محفوظ، صفحات من مذكراته، رجاء النقاش، ص: 106].

 

واعترف بأنه عاش حياة سعيدة معها، وكانت سببًا كبيرًا في دفعه نحو النجاح الأدبي والاجتماعي والنفسي.

 

(زواجي من "عطية الله" حافظ على استقراري... إذ كانت تقوم بكل أعباء المنزل مثلما كانت تفعل والدتي... ظلت تعمل في صمت لراحتي... وإن كان لأحد فضل في المكانة التي وصلت إليها بعد الله - سبحانه وتعالى - فهي زوجتي "عطية الله" التي كانت بالفعل عطية من الله - سبحانه وتعالى - إليَّ... هي نموذج جيد للزوجة الصالحة... حاولَتْ بقدر طاقتها أن تُبعِدني عن كل ما يعطِّلني ويشغل فكري...)؛ [أنا نجيب محفوظ، ص: 250].

 

ويقول: (أنا أعتقد أن المرأة لها حق التعليم والعمل، وهذا موقفي الفكري، أما من الناحية الشخصية والأنانية، فأنا يسعدني أن تكون زوجتي ربة بيت؛ لأنني أعود دائمًا إلى البيت باعتباره شيئًا مهمًّا جدًّا في حياتي، وعندما أعودُ إليه أشم رائحة الورد، وأجد طعامي مجهزًا بشكل طيب، هذه الأمور رغم بساطتها مؤثِّرة للغاية ومهمة جدًّا في الحياة)؛ [السابق: 250].

 

يا الله! ربة بيت! لقد شوَّه صورة ربة البيت العفيفة المستقرة في قلب زوجها وأبنائها، السعيدة في خدمتهم، ووصَفها بأوصاف وضيعة، ينفر الناس منها، وأشهر مثال هو تصويره لـ "أمينة" زوجة "أحمد عبدالجواد" في "الثلاثية" التي جعلها خادمة خاضعة لزوجها، لا رأي لها، ولا وجود، أميَّة جاهلة ضعيفة العقل، لا تخرج من البيت أبدًا، وتجهل كل ما يجري في الحياة، وإن خرَجت فهي لا تتجرأ أن تنظر إلى الطريق؛ لأنها ملفوفة بعباءتها: (تمثل أمينة بهذه المواصفات نموذج المرأة النمطية، وتمثل الأنوثة من حيث الضعف والسذاجة، والسلبية والاستسلام، وهي صفات كلها تتفق مع الدور الذي حدَّده المجتمع للمرأة، وهو خدمة الرجل وإرضاؤه، الأنوثة هي أن تتميز المرأة بصفات الخدم المطيعين المستسلمين الضعفاء...)؛ [راجع، صورة الأم أمينة في ثلاثية نجيب محفوظ، د. صالح مفقودة].

 

والزواج مشوَّه في رواياته، فهذا "فرج إبراهيم" يرغِّب "حميدة"، فيقول: (أريد شريكًا محبوبًا، نقتحم معًا حياة النور والثروة والجاه والسعادة، لا حياة البيت التعسة والحبل والولادة والقذارة، حياة النجوم اللاتي حدثتك عنهن)؛ [زقاق المدق ص: 210].

 

كذلك اعترف بفشل الحب قبل الزواج، مع أنه كان من أكبر المروِّجين له، فقال: (كثير من زملائي الذين تزوَّجوا على أساس الحب الرومانسي فَشِلوا ...)؛ [أنا نجيب محفوظ، ص: 248].

 

بل كان يروِّج للزنا قبل الزواج: (تبادل الحب في جو من الصراحة الصحية خيرٌ من الكبت والتقلُّب بين أذرع البغايا)؛ [ المرايا ص: 351].

 

واعجَب أيضًا فـ "نجيب محفوظ" كان حريصًا على بنتَيه "أم كلثوم وفاطمة"، فالتأخر خارج البيت لا يسمح به، ولا يحب أن يخرج أحد إلا بإذنه، تقول زوجته مثنية عليه: (العلاقة تقوم بيننا جميعًا على الثقة التامة، تركهن يخترن حياتهن بحرية، لا يتدخل في شؤونهن، ولكن كان التدخل الوحيد في مواعيد الخروج والدخول، فلا يحب المبالغة في التأخير خارج البيت...)؛ [أنا نجيب محفوظ، ص: 309].

 

لكنه في روايته (ميرامار) جمَّل لنا (زهرة)، الفلاحة الهاربة من بيتها، بل من قريتها كلها، ووصفها بأنها فتاة جميلة عاقلة، قادرة على حماية نفسها، تنال إعجاب الجميع، (مع أنها فقدت شرفها في نهاية الرواية مع سرحان البحيري، نزيل الفندق الذي تعمل فيه، ثم رفض الزواج منها).

 

وقولها: لا يتدخل في شؤونهن فيه قول، فقد حرَم ابنته "أم كلثوم" من احتراف الرقص، تقول في حديثها نفسه: (كانت أم كلثوم ترقصُ الباليه في طفولتها، موهبة خاصة في البيت، وكان من الممكن أن تصقلها بالدراسة، ولكن "نجيب" رفض، وقال: إنه لا يريد راقصة في الأسرة)؛ [أنا نجيب محفوظ، ص: 310].

 

عجبًا ألَم يدافعْ عن رقص الموظفة الجريئة "كاميليا زهران" في (المرايا):

• لعلك لا تدري أن كاميليا زهران راقصة بارعة؟

فسألته بدهشة: راقصة؟!

• رأيتها في هانوفيل تراقص شابًّا وكانت مندمجة في الرقص بنشوة كأنها نغمة.

فقلت متوثبًا للدفاع:

• لم يَعُد عيبًا ما كان يُعدُّ عيبًا على أيامنا.

• أودُّ أن أتخيل كيف تكون الحياة مع زوجة مثلها؟

• إن نسبة الطلاق في هذه الأيام أقل من نظيرتها على أيامنا، وكذلك نسبة تعدد الزوجات!

• الظاهر أنك رجل عصري رغم كهولتك...)؛ [المرايا، ص: 350].

 

وفعلاً فقد وقعت "كاميليا زهران" في الزنا - عفوًا في (الحب) - مع "صبري جاد" في جو من (الصراحة الصحية)، ثم تزوجته ونجح زواجهما ولم يكن الرقص عائقًا.

 

• • •


أخيرًا: لم يكن "نجيب محفوظ" هو الأوحدَ المتناقض في عالم المُلحِدين والعلمانيين والليبراليين، بل ربما هو طريق معبَّد لكثيرين لبَّسوا على الناس، وأفسدوا عليهم عقائدهم وأعراضهم؛ لكنهم حصَّنوا نساءهم وأولادهم.

 

ولعلنا نذكر زعيمَهم الأكبر "قاسم أمين" (ت 1326 / 1908م)، الذي كانت زوجته محجَّبة لا تختلط بالرجال، بل كان يغار عليها، ويكره أن يقابلها أحد، واعترفت هي بعد وفاته بأنه لم يأمرها يومًا بالسفور.

 

وهذا الصحفي أحمد الصاوي (ت 1409 / 1989م)، رفض أن تنشر صورة زوجته في الصحف؛ لأنه كان متحررًا فقط في كتاباته؛ [راجع مقالة سليمان الخراشي: هل تصدق، زوجة قاسم أمين تغطي وجهها، ودرية شفيق انتحرت؟!].

 

وأيضًا ما زلنا نذكر ما تصاعد في الوسط السعودي أخيرًا من فضوح، تقول إحدى كاتباته:

(ما يزرعونه هو النفاق والالتواء، تجدهم في كل مكان ينظرون ويحلِّلون، وليس أكثر منهم يتحدث عن الحرية، لكنها حرية مغشوشة، يمسكون بسلاح الليبرالية للتأكيد على مدنيتهم وعصريتهم، فيما هم تقليديون حتى النخاع، نساء غالبيتهم ما زلن بالعباءات، نساء غالبيتهم لا يُكشَفن على مخلوق، يحبون الليالي الحمراء، صاروا مشهورين بتلك الليالي)؛ [ العفن الليبرالي السعودي، نادين البدير].

 

وتقول أيضًا: (من السهل الكشف عن أولئك الذين يدَّعون الليبرالية دون أن يؤمنوا بها، أو يطبقوها على أنفسهم، فحياتهم الخاصة مليئة بالمفاجآت التي تعكس ازدواجية الشخصية، هناك الليبرالي الذي ينادي بخروج المرأة واختلاطها بالرجل، مطالَبة واقعية ومنطقية ومفرحة، لكن لنسأله: أين زوجتك أو زوجاتك؟ أين أخواتك؟ أين بناتك؟ هل يخرجن فعلاً ويختلطن بالرجال؟ أين نساء عائلتك عن الندوات التي تعقدها مع غيرك من المثقفين؟ لمن إذًا توجه دعوات التمرد؟ إنها لنساء الغير، لزوجات الغير، وبنات الغير)؛ [الليبرالية السعودية: موضة أم نفاق؟ نادين البدير، نقلاً عن صنم الليبرالية السعودية، ناصر السيف].

 

اللهم أصلح شأننا كله، وارزقنا البصيرة والوعي، وطهِّر قلوبنا وأقلامنا وأدبنا





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تهافت الادعاء بالإسلامية والروحية في أدب نجيب محفوظ
  • تعدي نجيب محفوظ على الله والأنبياء
  • رسالة إلى نجيب محفوظ

مختارات من الشبكة

  • نشرة إثرائية حول التعلم النشط ودمج مهارات التفكير والتعلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • "جي Gee" كيف تعلمنا ألعاب الفيديو بشأن عملية التعلم ومحو الأمية؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعلم الأدب قبل تعلم العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفضل الطرق لتعلم اللغة الإنجليزية تعلما متقنا(استشارة - الاستشارات)
  • نظريات في علم نفس التعلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التعلم التنظيمي وخصائصه(استشارة - الاستشارات)
  • لماذا لا نتعلم؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعلم النحو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نظرية التعلم الاجتماعي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • طريقة التعلم التعاوني(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب