• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر / الاستشراق والمستشرقون – دراسات ومقالات
علامة باركود

من مجالات الدراسات الاستشراقية .. النبي محمد - صلى الله عليه وسلم

من مجالات الدراسات الاستشراقية .. النبي محمد - صلى الله عليه وسلم
د. أنور محمود زناتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/4/2013 ميلادي - 11/6/1434 هجري

الزيارات: 28563

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من مجالات الدراسات الاستشراقية

النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -


لقد تدفَّقت جهود المستشرقين في دراسة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونبوته منذ فترة مبكرة في تاريخ الاستشراق، ثم تواصلتْ هذه الجهود حتى اليوم.

 

والدراسة المتأنِّية لكتابات المستشرقين منذ البذور الأولى للاستشراق وحتى الآن لتؤكِّدُ غلبة موقفهم المهاجم والمعادي من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن القرآن الكريم، وقد تأثَّرت دراساتهم بكثير من العوامل؛ كالكذب والافتراء - خاصةً في السنوات التي سبقت وواكبت الحروب الصليبية - ثم استمرَّ الأمر كذلك إلى العصر الحديث، وظلَّت هذه الدراسات سجينةَ مواصفات العقل الغربي، الذي تشكل من خلال الرواسب الدينية للعصور الوسطى، والنزعة العلمانية الثائرة على الكنيسة، والاعتماد على المسلَّمات المادية الوضعية للأشياء التي لا تؤمن إلا بالمحسوس العياني، ولا قيمة لما سواها من الظواهر الدينية الغيبية والأخلاقية القيمية، بل ذهب الغرور العلمي ببعض الدارسين الغربيين والمستشرقين إلى حد الاعتقاد بأنه في الإمكان فهم المسائل الغيبية بالوسائل العلمية النسبية؛ فظهرت العلوم الإنسانية التي وإن استطاعت أن تتوصل إلى نتائج مهمة على مستوى الحياة الاجتماعية في عَلاقاتها المختلفة، إلا أن دراستها للأديان كانت بعيدةً عن أي نجاح أو تقدم، واستعصى عليها اختراقُ حجب عالَم الغيب الذي يعلو على كلِّ بحثٍ علمي مجرَّد، ويستحيل تلمسه بالعين المجرَّدة تحت مجهر المختبرات؛ بحيث وقفتْ دراساتهم عند حدود ظواهر الأشياء، ولم تستشفَّ ما وراء هذه الظواهر[1]، وهذا ما نلمحه على سبيل المثال في كتاب تاريخ الإسلام، الذي أصدرتْه جامعة "كمبردج"، وهو كتاب ضخم اشترك في تأليفِه عددٌ كبير من المستشرقين، صدر في جزأين سنة 1970 يردِّد ما يزعمه جميع المستشرقين منذ نشأةِ الاستشراق حتى اليوم، وهو أن الإسلام مزيج ثقافي مستعارٌ من عدة ثقافات أخرى: يهودية، ونصرانية، ويونانية، وفارسية، بالإضافة إلى ثقافة بيئته الأصلية، وهي البيئة الجاهلية، وأن الرسول محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو واضع القرآن الكريم[2]، وأن الإسلام مقتبَس من اليهودية والنصرانية نتيجةً لتلقي الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - من علم التوراة على يد الراهب بحيرى[3]، ويحمل القرآن تناقضات كثيرة.

 

وعن دعوى استقاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التوراة، يقول المستشرق "هورفتز حت" - في مادة "التوراة" من "دائرة المعارف الإسلامية" -: "وفي القرآن إلى جانب مثل هذه الإشارات البيِّنة إلى التوراة قصصٌ وأحكام استقاها منها، ورددها في مواضع كثيرة دون أن يذكر المصدر الذي نقل عنه، وقد ساق أغلب هذا القصص في صيغته الهجائيَّة، وحوَّر بعضه بحيث يلائم أغراض محمد - صلى الله عليه وسلم - الخاصة".

 

وقد ذهب بعضهم في معرضِ هجومهم على الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى اتهامه بالصرع والجنون؛ للتشكيك في الدين الإسلامي ككل، وأن ما جاء به ليس وحي الله، ولا يعدو سوى حالة من حالات الصرع تنتابه، وهكذا نلمح أن آراء ثُلَّة من المستشرقين اتسمتْ بالجهل المتعمَّد بالإسلام ورسوله الكريم، والخلط الغريب بينه وبين غيره من الأديان، والرغبة العارمة في مقاومة ما يُمكِن أن يكون لهذا الدين من تأثيرٍ؛ فمحمد - فيما كتبه هؤلاء - ساحرٌ هدَم الكنيسة في إفريقيا وفي الشرق، عن طريق السحر والخديعة، وضمِن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسية، والمسلمون يعبدون ثلاثين إلهًا، والقرآن يمزج على غير نظام بين تعاليم العهدين القديم والجديد، أو بين التوراة والإنجيل... إلخ.

 

تلك الأفكار الحاقدة الفاسدة المستمدة من الأوهام، وآراء العوام، والكتاب المقدس، لا عَلاقة لها بمصدر علمي أو موضوعية وأمانة.

 

ووقف المفكِّر "ر.ف. بودلي" موقفًا مفنِّدًا هذه الترهات والأراجيف، دافعًا هذه الادعاءات المغرِضة، بالنظرة العلمية الدقيقة والواعية، يقول في كتابه: "الرسول، حياة محمد":

"يذكر الأطباء أن المصاب بالصرع، لا يُفِيق منه إلا وقد ذخر عقلُه بأفكار لامعة، وأنه لا يصاب بالصرع مَن كان في مثل الصحة التي يتمتَّع بها محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حتى قبل مماتِه بأسبوعٍ واحد، وما كان الصرع يجعل من أحد نبيًّا أو مشرِّعًا، وما رفع الصرع أحدًا إلى مركز التقدير والسلطان يومًا، وكان مَن تنتابه مثلُ هذه الحالات في الأزمنة الغابرة يعتبر مجنونًا أو به مسٌّ من الجن، ولو كان هناك مَن يوصف بالعقل ورجاحته، فهو محمد - صلى الله عليه وسلم".

 

ويقول "ول ديورانت" في كتابه: "قصة الحضارة":

"ولكننا لا نسمع أنه عضَّ في خلالها لسانه، أو حدث ارتخاء في عضلاته كما يحدث عادة في نوبات الصرع، وليس في تاريخ محمد - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على انحطاط قوة العقل، التي يؤدي إليها الصرعُ عادة، بل نراه على الكفَّار يزداد ذهنُه صفاءً، ويزدادُ قدرةً على التفكير، وثقةً بالنفس، وقوة في الجسم والروح والزعامة، كلما تقدَّمت به السن حتى بلغ الستين من العمر، وقصارى القول: إنا لا نجد دليلاً قاطعًا على أن ما كان يحدث للنبيِّ كان من قَبيل الصرع"[4].

 

والمستشرق الألماني "كارل هينرش بيكر" ( 1876 -1937 ) مؤسِّس مجلة العالم الإسلامي، الذي شهر عنه محبتُه لعالمي العروبة والإسلام، قد وقف موقفًا نزيهًا في الدفاع عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مسخفًا مَن اتَّهمه بالسحر والدجل، ورأى في الرسول رجلاً عظيمًا، جديرًا بكل محبة وتَجِلَّة وتعظيم للمبادئ السامية التي نشرها، والتي هي قَمِينة بأن تتبع، يقول في كتابه: "الشرقيون": "لقد أخطأ مَن قال: إن نبي العرب دجَّال أو ساحر؛ لأنه لم يفهم مبدأه السامي، إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - جديرٌ بالتقدير، ومبدؤه حريٌّ بالاتباع، وليس لنا أن نحكمَ قبل أن نعلم، وإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خير رجل جاء إلى العالم بدين الهدى والكمال، كما أننا لا نرى أن الديانة الإسلامية بعيدة عن الديانة المسيحية".

 

وأمام إنكار بعض المستشرقين نبوَّة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - يَقِف المستشرق الفرنسي القس "لوزون" في كتابه: "الشرق"، مؤكدًا أن محمدًا نبيٌّ مرسَل من الله، حمل رسالة الإسلام رسالة الحياة... يقول: "إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بلا التباسٍ ولا نكران كان من النبيِّين والصدِّيقين، وهو رسولُ الله القادرِ على كلِّ شيء، بل إنه نَبِيٌّ جليل القدر، ومهما تحدَّثنا عنه، فليس بالكثير في حقه؛ لأنه جاء إلى العالَم بدينٍ جمع فيه كل ما يصلح للحياة".


ويقول المستشرق الألماني "ديسون" في كتابه: "الحياة والشرائع":

"وليس يزعم أحدٌ اليوم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - راح يزوِّر دينًا، وأنه كاذبٌ في دعواه، أفَّاك في دعوته إذا عرف محمدًا ودرس سيرته، وأشرف على ما يتمتَّع به دينه من تشريعات تصلح أن تظل مع الزمن مهما طال، وكل مَن يكتب عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ودينه ما لا يجوز؛ فإنما هو من قلة التدبر وضعف الاطلاع".

 

وبطبيعة الحال، نحن لا نسخر من هؤلاء المهاجمين، وإنما نرثي لهم؛ لأنهم يفتقرون إلى أدنى مراتب التفكير، (وما يبخسون حق الإسلام، ولكن كانوا أنفسهم يبخسون)، خاصة وأن بحثَهم في السيرة لا يحمل عناصر اكتماله منذ البداية "إلا قليلاً منهم"؛ وذلك لأن المستشرقين يريدون أن يدرسوا سيرة الرسول وَفْق حالتين تجعلانِ من الصعب توصلهم إلى الفهم الصحيح لها، فكما ذكرنا من قبل، فالمستشرق بين أن يكون علمانيًّا ماديًّا لا يؤمن بالغيب، وبين أن يكون يهوديًّا أو نصرانيًّا لا يؤمن بصدق الرسالة[5]، ولكن يقع اللوم علينا - نحن أهل الإسلام - لأننا كنا على طول الخطِّ متلقِّين فقط، بل ونصفق لما يقولون؛ فكان ذلك إقرارًا ضمنيًّا بصحة ما يقولونه؛ فالاستشراق لكي نحكم عليه تمامًا يفترض أن نضعَه ضمن سياقه التاريخي، وعبر هذه الرؤية نجد أنه احتوى على تيارين اثنين:

الأول: هو تحامل مغرِض لا يروم الحقيقة، بل التشويه المريع الذي يصل لحد السباب، وأَخْذُ موقف الإنكار للرسالة والتكذيب للرسول - صلى الله عليه وسلم - وإثارة الشبهات حوله، ومن هذه الأكاذيب والافتراءات - على سبيل المثال لا الحصر - قولُ "وليم موير": "إن سيف محمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن هما أكثر أعداء الحضارة والحرية والحقيقة الذين عَرَفهم العالَم حتى الآن عنادًا"[6]، ورغم ذلك نجد "موير" يناقض نفسه، فيقول في كتابه: "حياة محمد": "إن من صفات محمد - صلى الله عليه وسلم - الجديرة بالتنويه: الرقة والاحترام اللذين كانا يعامل بهما أتباعه، حتى أقلهم شأنًا، وكان في ممارسته للحكم عادلاً رحيمًا رفيقًا حتى بأعدائه"؛ مما يدل على وجود أمر ما في نفسه يحرِّكه ويُبعده عن رُوح الإنصاف التامة.

 

أما التيار الثاني فوجدنا أصحابَه ذوي الاتجاهات الموضوعية، كتبوا بروح غربية، لكن كانوا أقرب إلى الموضوعية والنزاهة العلمية في بحثهم، وقد امتلكوا العقل الحر القادر على إنتاج القيم والأحكام الحرة، غير المرتبطة بمصالح شخصية، أو دينية، أو سياسية، أو اقتصادية، فقدَّموا صورًا رائعة أعطتْ كلَّ ذي حق حقه.

 

ولعل "بولانفيلييه" (1658 - 1722)[7] كان أول مَن تجرأ على وصف محمد - صلى الله عليه وسلم - بأوصاف إيجابية؛ إذ قال: إنه أداة الله التي قضى بها على العبادة الباطلة، وأحلَّ محلها العبادة الحقة[8]، ويأخذ عليه المتعصبون أنه يتحدَّث عن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - باعتباره رسولاً للعناية الإلهية، ونجد أيضًا العالِم الهولندي "هادريان ريلاند" من أوائل الأحرار الذين عَمِلوا على رد الاعتبار للرسول الكريم في كتابه: "الديانة المحمدية"، وكذلك المستشرق الفرنسي "أرنست جانيه" E. Gagnier صاحب كتاب: "حياة محمد"، وقد نقل فيه إلى اللاتينية سيرةَ النبي عن المؤرِّخ "أبو الفداء"، ولا شك أن اعتماده على مصادر جديدة غير المصادر المتحاملة على الاسلام والنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - دليلٌ على ترفُّعه عن التعصب الأعمى[9].

 

ويرجع الفضل إلى "ميشيل بودييه"[10] في أنه أوَّل مَن قام بوضعِ وصفٍ شامل لحياة محمد - صلى الله عليه وسلم - بدلاً من الكتابات الجدلية الكنسية، وقد كان "بودييه" بالنسبة لعصره مؤرخًا منصفًا، وقد كان لكتابه تأثير كبير في الفرنسيين ونظرتهم إلى الرسول الكريم، وجاء من بعده كتابات: "إدوارد بوكوك" و"هنرش هوتنجر"، وعندما جاء عصر التنوير ظهرت كتاباتٌ لمفكري هذا العصر عن الرسول - صلى الله عليه وسلم، وقد مُجِّد محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بصفة عامة، وقد وصفه "فولتير" بأنه رجلٌ عظيم، جمع في شخصه بين الفاتح والمشرِّع، والحاكم، والواعظ، ولعب أعظم الأدوار التي يُمكِن أن يقوم بها إنسان على ظهر الأرض.

 

أما التنوير الألماني، فقد كان يرى في محمد - صلى الله عليه وسلم - داعيه إلى الدين الطبيعي، وفي القرن التاسع عشر بدأ عصر المؤلَّفات التي توصف بأنها نقدية، وكان جوستاف فايل أول من قام بمحاولة في هذا الصدد واعتمد على مصادر عربية، وراح يبحثها بحثًا نقديًّا، وقام بجمع كل المؤلفات الأوروبية حول السيرة.

 

أما "فولتير"، فعندما نشر "هنري دي بولانفيلييه" في سنة 1720 كتابه: "سيرة حياة محمد"، وفيه دفاع عن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وردَّ على المطاعن والانتقاصات السابقة من شخصيته، موضحًا أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - مبدعٌ ديني عقلي، يستحق التقدير حتى في الغرب، وهذا الكتاب صدر في لندن بعد وفاة المؤلف، وأثَّر هذا الكتاب في تفكير فولتير؛ إذ ألف كتابه: (بحث في العادات) سنة 1765، فمدح به الإسلام، وأشاد بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبالقرآن، وقد نعت محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بأنه مع "كونفوشيوس" و"زرادشت" أعظم مشرِّعي العالَم، ومن الجدير بالتنويه في هذا الصدد أن كتاب "فولتير" هذا يعكس تبدل آراء هذا المفكر الفرنسي الكبير السابقة عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم.

 

وفي ألمانيا برز في تلك الحقبة علماء كبار ومفكِّرون عقليون؛ مثل: "هردر"، و"ليبنتز"، و"ليسينج"؛ فصوروا وأوضحوا ما في الإسلام من مبادئ إنسانية عادلة، وفضائل خلقية وفكرية.

 

فـ"ليسينج" في روايتِه "ناثان الحكيم" يمثِّل التفكير المتسامح في قضايا الدين، وفي كتابه: "إنقاذ كاردانوس" أوضح أن الإسلام دين طبيعي.

 

كما أن "هيردر" عزَّز هذه الآراء والنظرة المتسامحة بكتابه: "أفكار حول فلسفة تاريخ الإنسانية"، وفي هذا الكتاب القيم أشاد المؤلِّف العلامة بشخصية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وحماسه العالي لفكرة "وحدة الله"، وحكمة عبادته بواسطة الطهارة، والتأمل، والعمل الصالح.

 

وقد ردَّ "هردر" على التقاليد اليهودية والمسيحية البالية، وأشاد بسيرة محمد - صلى الله عليه وسلم - والثقافة الإسلامية، وأطرى تعاليم الدين الإسلامي التي حثَّت على تحريم الخمر والربا والقِمار والمَيْسر، وبيَّن أن تأثيرات العبادة اليومية وأفكار الرحمة والطاعة لإرادة الله، التي نص عليها القرآن؛ تمنح المسلمين اطمئنانهم النفسي.

 

وكذلك ظهر كتاب جوستاف فايل: "محمد الرسول: حياته وتعاليمه" عام 1843م.

 

ومن أشهر الكتب التي كتبها المستشرقون عنه: "حياة محمد"؛ لجانيه، و"حياة محمد وتعاليمه"؛ لشبرنجر، وكتاب: "محمد"؛ لجريميه، و"محمد رسول الله"؛ لأتين دينيه، وغيرها الكثير؛ منها: (الأبطال، محمد في مكة، ومحمد في المدينة، وشروح السيرة، وحياة محمد ودعوته، وسيرة النبي العربى).

 

أما كتاب نورمان دانيال "الإسلام والغرب"، فيستمد أهميتَه من كونه أولَ كتابٍ يعرض - بأسلوب موضوعي - تاريخ المطاعن الغربية في الإسلام منذ العصور المبكرة وحتى عصرنا هذا.

 

وقد اهتم الاستشراق بكل ما يتصل بشخصية الرسول الكريم، وحياته، ونبوته، وسياسته، وعَلاقاته العامة والخاصة، وأخلاقه، ومعاركه، وأحاديثه، وخطبه، وقد بدأت الرؤية الاستشراقية تجاه النبي الكريم في التكون منذ احتكاك المسلمين بالغرب في الأندلس، وبعد هزيمة الأتراك أمام أسوار فيينا (سنة 1683م) تغيرت الأحوال؛ فصار الأوروبيون ينظرون إلى الأتراك (ولفظ أتراك هنا كثيرًا ما كان يشمل العالم العربي - الإسلامي أيضًا) على أنهم خصم مهزوم.

 

ومن ناحية أخرى تغيَّرت صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المثقفين في غرب أوروبا؛ ففي القرن الثامن عشر اعتبر محمد - صلى الله عليه وسلم - من قِبَل "فولتير" مثلاً شخصية تقدمية، ومثلاً روحانيًّا أعلى، وبعد ذلك بقرن من الزمان بدأ التحول السلبي - حسب تفسير مكسيم رودنسون - فقد ازداد تغلغل الغرب في العالم العربي الإسلامي بصورة قوية، وخاصة من خلال الاستعمار الفرنسي والبريطاني، وتطور في الغرب - حسب رودنسون - موقف عدائي تجاه العرب والمسلمين، وانتهى الحديث عن المساواة والاحترام، وصار العرب والمسلمون أهدافًا للتوسع الغربي، وأصبحوا يُستخدَمون كمنفِّذين للمصالح الغربية العسكرية والاقتصادية، أو يحاربهم الغرب إذا أعاقوا تحقيق مصالحة الغربية العسكرية والاقتصادية.



[1] انظر: أحمد نصري: منهج المستشرقين في دراسة السيرة النبوية، مجلة الوعي الإسلامي، العدد رقم: 484، 22-2-2006.

[2] دائرة المعارف الإسلامية: 4/244.

[3] انظر: كارل بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلامية ص34-70-71، جولد تسيهر: العقيدة والشريعة في الإسلام.

[4] ول ديورانت: قصة الحضارة، ج13، ص 26.

[5] عماد الدين خليل: المستشرقون والسيرة النبوية، "مناهج المستشرقين"؛ المنظمة العربية، ج1، ص119.

[6] إدوارد سعيد: المرجع السابق ص 168، ولمزيد من التفاصيل انظر: شوقي أبو خليل: الإسقاط، عبدالعظيم إبراهيم: افتراءات المستشرقين.

[7] هنري دي بولانفلييه: مؤرخ فرنسي، لم يكن يعرف العربية، لكنه كتب كتابًا بعنوان "حياة محمد" عام 1730، ويتناول حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى الهجرة مبديًا إعجابًا شديدًا بالنبي والإسلام.

[8] محمود حمدي زقزوق: الإسلام في تصورات الغرب، مكتبة وهبه 1987، ص80.

[9] عبدالرحمن صدقي: الشرق والإسلام في أدب "جوته"، دار القلم، القاهرة (المكتبة الثقافية10) ص21.

[10] زقزوق: المرجع السابق، ص132.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من مجالات الدراسات الاستشراقية .. القرآن الكريم
  • من مجالات الدراسات الاستشراقية .. الحديث الشريف والسنة
  • من مجالات الدراسات الاستشراقية .. اللغة العربية وآدابها
  • من مجالات الدراسات الاستشراقية .. الدراسات الإقليمية
  • من مجالات الدراسات الاستشراقية .. العقيدة الإسلامية
  • من مجالات الدراسات الاستشراقية .. الفقه الإسلامي
  • منهج استشراقي في تزييف حقائق التاريخ الإسلامي
  • مراكز الأبحاث والدراسات الغربية امتداد للمؤسسة الاستشراقية

مختارات من الشبكة

  • مجالات وأولويات دراسات العمل الخيري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خصائص الدراسات الاستشراقية ووسائلها(مقالة - ملفات خاصة)
  • صورة الإسلام في الدراسات الاستشراقية القديمة(مقالة - ملفات خاصة)
  • أهداف الدراسات الاستشراقية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدراسات الاستشراقية في خدمة القرآن الكريم(مقالة - ملفات خاصة)
  • متابعة ندوة ( القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية) 16-18 /10/1427هـ(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • المسلمون الغربيون من مجالات التأثر والتأثير بين الثقافات المثاقفة بين شرق وغرب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الوجود الإسلامي من مجالات التأثر والتأثير بين الثقافات المثاقفة بين شرق وغرب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • البعثات التعليمية من مجالات التأثر والتأثير بين الثقافات المثاقفة بين شرق وغرب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من مجالات الصدق(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب