• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

مراجعات في الفكر والدعوة والحركة

مراجعات في الفكر والدعوة والحركة
د. خالد النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2024 ميلادي - 11/3/1446 هجري

الزيارات: 693

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مراجعات في الفكر والدعوة والحركة

 

في كتابه الماتع «مراجعات في الفكر والدعوة والحركة» يُسهب الأستاذ (عمر عبيد حسنة) في استعراض مظاهر أزمة الأمة الإسلامية المعاصرة، ويتوغَّل بعمق في إخفاقاتها الفكرية والتربوية، والمنهجية والعملية، مرورًا بخُطط الاستشراق ودور الإعلام، وما ينبغي أن نتفطَّنَ له من مطبَّات وكمائنَ تَعُوق الطريق والهدف المنشود.

 

وفي الحقيقة الكتابُ وصفيٌّ لأزمة الأمة أكثر منه طرحيٌّ لطرق التغلب على هذه العوائق، إلا أنه محطة فكرية رائعة رأيت أن أقتبس من دُرَرِها البعضَ اللافت فيها، سائلًا المولى القَبولَ وأجرَ نشر العلم، في سلسلة أقوم عليها بعنوان «قرأتُ لك»، وعلى الله قصد السبيل:

 

• شاءت الإرادة الإلهية لهذا الدين أن يحتلَّ من مراتب الشرف أعلاها، ومن معاني الخير والحق أسماها، يتسامى على حدود الزمان والمكان، ويستعصي على التحريف أو الاندثار، ويمتلك الإمكان الحضاري، والقدرة على التجدد والنهوض.

 

• «التاريخ العام» هو المصدر الأساسي للفقه الحضاري، والمختبر الحقيقي لصواب الفعل البشري؛ قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [الروم: 9]، فاكتشاف سنن السقوط والنهوض من لوازم البناء الحضاري، وإن شئت فَقُلْ: من لوازم الشهادة على الناس، والتأهُّل لقيادتهم، والقدرة على اختيار وتمثل الموقع المتوسط: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

• السُّنَن في مجال المادة والكون هي أشبه ما تكون بقضبان الحديد التي يسير عليها القطار، وتحكم وِجهته بصرامة؛ حيث لا يستطيع أن يعدِلَ عنها، أو يخرج عليها، فإذا حاد عنها تعرض للخطر، بينما السنن التي تحكم قضايا الإنسان هي أقرب لحركة السيارة التي تحدِّد الاتجاه والهدف، ويمتلك السائق معها حرية الحركة أكثر في الوصول إلى غايته، وكل محكوم باتجاه وإن اختلف طبيعة ومدى حركته.

 

إن المميزات التي اختصت بها الأمة المسلمة، تؤكد على أن السنن التي تحكم الحياة والأحياء لا تتصف بالصرامة واليقينية التي تخضع لها المادة، وحتى الجانب المادي في الإنسان أيضًا، تلمح ذلك في:

• مواثيق الله، وما بيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم من أن تسليط الأعداء على الأمة المسلمة ليس تسليطَ استئصال، وأن إصابتهم للمسلمين وإضرارهم بهم ما هو إلا أذًى، وليس إنهاءً لهم؛ لأنهم أمة الرسالة الخالدة، والخاتِمة؛ ففي مسند أحمد قال صلى الله عليه وسلم: ((وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ لَا يُهْلِكُ أُمَّتِي بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَلَّا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا فَيُهْلِكَهُمْ بِعَامَّةٍ)).

 

والشواهد التاريخية دليل ذلك، فالأمة المسلمة تمرض وتضعُف، لكنها تستعصي على الموت الذي لحِق بالكثير من الحضارات السابقة لها، واللاحقة عليها.

 

• وأن الأمة المسلمة لا تجتمع على الخطأ والضلالة، فلا تزال عصمة الأمة بعمومها قائمة ومستمرة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

 

• وأن هناك طائفة من الأمة لا تزال قائمة على الحق، تحرسه وتَحُول دون الانحراف عنه، وتضمن سلامة التواصل الثقافي بين الأجيال، لا يضرها من يخالفها حتى يوم الدين، وتشكل خميرة النهوض والإمكان الحضاري في كل حين.

 

• وأن العشرين الصابرين من المؤمنين المقاتلين يغلبون مائتين، وذلك حتى بعد التخفيف.

 

• وأن الاستمساك بالإيمان واقٍ من آثار الهزيمة، وما تُورثه من الوَهَن والحزن، وداعٍ إلى الاستعلاء وعدم السقوط، والمعاودة للشهود الحضاري بعد الانكسار، إلى جانب عدم انطباق قانون الدورات الحضارية الذي انتهى إليه علماء التاريخ والحضارة والاجتماع على الأمة المسلمة، وهذه القضية يمكن اعتبارها من خصائص أمة الرسالة الخاتِمة.

 

• لقد ربط القرآن كثيرًا من النتائج المحصلة من إعمال هذه السنن بالتقوى؛ فمثلًا: ربط بين التقوى وما تؤدي إليه من بصيرة في النظر للأمور، والحكم عليها بالحق والباطل، والصواب والخطأ؛ يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

• وهناك ارتباط بين الإيمان والتقوى، وبين اكتشاف سنن التسخير وزيادة الرزق: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

• وهناك ربط بين الإيمان والصبر الإيجابي، وبين تجاوز المحن: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155].

 

• وربط أيضًا بين الاستغفار والتوبة، وبين نزول المطر وتحقيق الخير: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52].

 

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

 

• وهناك ربط بين الانتصار في ميدان المبادئ، والانتصار على الشهوات، وبين الانتصار على العدو.

 

• وهناك أيضًا الربط بين الظلم الاجتماعي ومنع الفقراء حقوقَهم، وبين فُقدان الثروة.

 

• وهناك أيضًا الربط بين الفسق والتَّرَف، وبين الهلاك: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 45، 46].

 

• وهناك أيضًا ربط بين غياب العدل، وبين انقراض الأمم والحضارات؛ ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 84]، ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [الزخرف: 25].

 

﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ * فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ * وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ * كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان: 22 - 29].

 

ونحن بسبيل الحديث عن سنن الله في الأنفس والآفاق، ومدى خضوع الحياة والأحياء لها، لا بد أن نوضِّح أنها قَدَرٌ من قدر الله سبحانه وتعالى، فهو الذي شرعها وسنَّها، وناط تكليف الإنسان بها، وربط جزاء الإنسان وقيمة إنجازه بمقدار ما يكشف منها، ويلتزم بها، فالقيام بأمانة الاستخلاف الإنساني لا تتم إلا بالتعرف عليها؛ لأن أمر تسخير الكون مرتبط إلى حد كبير بحسن إدراكها؛ ذلك أن التعرُّف عليها لا يمنح الإنسان القدرة على تسخير الكون فحسب، وإنما يمنحه قدرًا كبيرًا من التحكم بالنتائج، والتخفيف من الآثار السلبية، ومغالبة قَدَرٍ بقَدَرٍ، والفرار من قدر إلى قدر، وفي ذلك انفساح هائل أمام طاقات الإنسان غير المتناهية، وتحكُّم في الكون الذي خلق الله الإنسان سيدًا له، وجعله محل تسخيره.

 

• الغياب الحضاري أو الأزمة الحضارية التي نعاني منها ليست بسبب الفقر في القِيَمِ التي أكملها الله تعالى، وتعهَّد بحفظها في الكتاب والسنة، الأمر الذي تستلزمه خاصيتا الخلود والخاتمية في الرسالة الإسلامية، وبتعبير آخر: ليست المشكلة التي يعاني منها العقل المسلم اليوم مشكلةَ قِيَمٍ، أو أزمة قيم، وإنما المشكلة في العجز عن التعامل مع القيم؛ لذلك من الأبجديات الأولى الضرورية لقراءة المسلم اليوم: إزالة الخلط بين المبادئ المحفوظة، والبرامج المطلوبة، بين القيم الثابتة، والأفكار الغائبة التي تبسُط تلك القيم على الواقع المعاصر، وتقوم بها.

 

• قد يكون من الصعوبة بمكانٍ وَضْعُ حدودٍ فاصلة وواضحة بين الاستشراق، والتبشير، والاستعمار.

 

والذين يجهدون أنفسهم في التفريق بين الاستشراق، والتبشير، والاستعمار؛ ليُقيموا بذلك الجسور الثقافية الغربية إلى الداخل الإسلامي، كالذين حاولوا - ولا يزالون - إيجاد الفوارق بين الصهيونية واليهودية، وكم تكون مأساتنا كبيرة إذا اكتشفنا أن هذا التفريق في النهاية ليس من اختراعنا واكتشافنا، وإنما هو من جملة الفِخاخ الثقافية التي نقع فيها!

 

نعود إلى القول: إن الاستشراق بدأ خطواته الأولى باتجاه العقل الأوروبي ليَحُول بينه وبين اعتناق الإسلام، فكانت الترجمات الأوروبية المبكرة لمعاني القرآن الكريم، والسِّيرة، ومن ثَمَّ بدأت الدراسات التاريخية والاجتماعية والتراثية بعامة، في المعاهد والجامعات والمراكز العلمية، التي أُنشئت لتخريج القناصل والسفراء، والكَتَبة، والجواسيس، لتأمين مصالح بلادهم، وتوفير المعلومات عن بلاد العالم الإسلامي، وإقامة مراكز الدراسة لهذه المعلومات، وتحليلها، لتكون بمثابة دليلٍ للاستعمار، في شِعاب الشرق وأوديته؛ من أجل فرض السيطرة الاستعمارية عليه، وإخضاع شعوبه، وإذلالها، وارتهانها للثقافة الغربية، والوصول بها إلى مرحلة العمالة الثقافية؛ لذلك لم يقتصر الاستشراق على مخاطبة العقل الأوروبي، كما لم تقتصر كتابات المستشرقين ودراساتهم على حماية الأوروبي من اعتناق الدين الإسلامي، وإن كان ذلك هو الهدف الأول، وإنما تجاوزت إلى محاولة إلغاء النسق الفكريِّ الإسلاميِّ، ومحاولة تشكيل العقل المسلم، وَفْقَ النسق الغربي الأوروبي، وإنجاب تلامذة من أبناء العالم الإسلامي لممارسة هذا النور والتقدم باتجاه الجامعات والمعاهد ومراكز الدراسات، والإعلام، والتربية في العالم الإسلامي؛ لجَعْلِ الفكر الغربي والنسق الغربي هو المنهج، والمرجع، والمصدر، والكتاب، والمدرس، في كثير من الأحيان.

 

لذلك نرى أن علماء الاجتماع، والنفس، والتربية، هم الذين يمثِّلون الصورة الأحدث للمستشرقين، في الوقت الذي يمارس فيه الخبراء الذين يستوردون إلى عالمنا التسويقَ الثقافيَّ، فالصورة التي ترسمها وسائل الإعلام اليوم، والقرارات التي يتخذها أصحاب السلطان، التي تخص العالم الإسلامي، هي من صناعة علماء الاجتماع، وتسويق الخبراء، لقد تطورت أهداف وأساليب الاستشراق تطورًا مذهلًا.

 

وللوصول إلى إعادة التشكيل الثقافي، وَفْقَ النمط الغربي، كان لا بد أيضًا من إلغاء عملية التواصل الفكري والثقافي بين الأجيال، ومحاولة فصل الحاضر عن الميراث الثقافي، وذلك بالتقليل من قيمته، والقيام بعملية التقطيع والتجزيء، أو قراءته بأبجدية النسق الغربي، وتفسيره تفسيرًا مذهبيًّا، لا تفسيرًا منهجيًّا من خلال قِيَمِهِ التي صدر عنها، أو القيام بعملية الانتقاء من التراث الفكري، والأدبي، للمواضع التي تهُزُّ ثقة المسلم بتراثه، والاقتصار على إبراز النقاط السود، والتضخيم لحركات الرفض والخروج، والعناية بفكرها وطروحاتها، أو بمحاولة محاصرة اللغة العربية، التي تعتبر من أهم أدوات التوصيل والنقل التراثي، وذلك بتسييد العامية، والتشجيع عليها، إلى درجة الكتابة بها، وإلغاء الحرف العربي من لغات شعوب العالم الإسلامي، الذي يشكل حلقة التواصل الأساسية مع الموروث الثقافي والحضاري؛ لقطع الجيل عن ماضيه، وعزل اللغة العربية عن المعاهد، والمدارس، والجامعات، وتدريس العلوم باللغات الأوروبية، في محاولة ماكرة للتفريق بين لغة العلم - وهي طبعًا الأوروبية؛ لأنها لغة المنجزات العلمية الحديثة في الهندسة، والطب، والعلوم، والحاسبات الإلكترونية، فالكتب المدرسية والمصادر والمراجع لا تتحقق إلا بها - وبين لغة الدين، وهي العربية التي يجب أن تُحاصَر في المساجد والمعابد، وأداء المناسك والشعائر.

 

وترسيب القناعة بأن العربية هي من أسباب التخلف العلمي في العالم الإسلامي، وحتى تتم التنمية، ويحصل النهوض، لا بد من لغة للمعهد؛ وهي الأوروبية، وأخرى للمعبد؛ وهي العربية، وبذلك تكون الأوروبية لغة العلم، وتنتهي العربية إلى ألفاظ عبادية تفتقد معانيها شيئًا فشيئًا؛ لقلة الاستعمال، وتنزوي في المعابد، شأنها شأن اللغات القديمة كالسريانية وغيرها، التي اقتصرت في نهاية المطاف على رجال الدين، وبعض زوَّار المعابد الذين يرددونها بلا فهم ولا إدراك.

 

والمشكلة أن هذه المحاولة الماكرة بدأت تتسرب إلى رأس كثير من الذين يشغلون مناصب مؤثرة في صنع القرار التربوي والسياسي في العالم الإسلامي، ولعلها في مغرب العالم الإسلامي أكثر وضوحًا وبروزًا منها في مشرقه.

 

يُضاف إلى ذلك تشجيع النماذج والأعمال الفكرية التي تسير وفق النمط العربي، أو تحاكي مناهج الغرب، وتغادر أصولها المنهجية، ونسقها الثقافي، باسم الحداثة والتجديد، والتخلص من قواعد اللغة، التي تحبِس بزعمهم انطلاق المعاني، وعمود الشعر التقليدي الذي يحول دون الدفقة الشعورية، والترويج لأصحاب هذا اللون من الإنتاج الفكري، واعتبارهم طلائعَ التحرر والتقدم والتنوير.

 

• لعل قضية الإعلام اليوم والمدى الذي وصل إليه من التحكم والاختراق، ومن ثَمَّ الاحتواء - باتت من أخطر القضايا الثقافية، وأبعدها تأثيرًا في تشكيل الأفراد والجماعات؛ ذلك أن الارتهان الإعلاميَّ هو الصورة الأحدث التي تطور إليها الاستعمار، فالإعلام هو الذي يحضر الأمم، ويُنشئ عندها القابلية للعمالة الثقافية والحضارية، ويُفقدها ذواتها دون أن تدري أنها لا تملك أمرها.

 

إنها حالة من التضليل الثقافي والغزو الفكري، أو التشويش والشغب الإعلامي الذي كان عنوانه ولا يزال ما حكاه القرآن: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26].

 

وقد لا نغالي إذا قلنا: إننا نعيش اليوم مرحلة «الدولة الإعلامية الواحدة» التي ألغت الحدود، وأزالت السدود، واختزلت المسافات والأزمان، اختصرت التاريخ، وتكاد تُلغي الجغرافيا، حتى بات الإنسان يرى العالم ويسمعه من مَقْعَدِه، ولم يقتصر على اختراق الحدود السياسية، والسدود الأمنية، وإنما بدأ يتجاوز إلى إلغاء الحدود الثقافية، ويتدخل في الخصائص النفسية، وتشكيل القناعات العقدية، فيعيد بناءها وفق الخطط المرسومة لصاحب الخطاب الأكثر تأثيرًا، والبيان الأكثر سحرًا، والتحكم الأكثر تقنية.

 

وبالإمكان القول: إن المعركة الحقيقية المستمرة والفاصلة اليوم هي معركة الإعلام، بعد أن سكتت أصوات المدافع وتوارى أصحابها.

 

هذا الإعلام الذي جعلت له بعض الدول نصيبًا من الدعم المالي، الذي يفوق الدعمَ الغذائيَّ الذي به قِوامُ الحياة.

 

• من المهم التأكيد على أهمية شخصية المسلم المعاصر، الذي يجسِّد القيم الإسلامية في واقع عملي، ويُبرهن على خلود الرسالة الخاتِمة، وصلاحيتها لكل زمان ومكان، إنما يتمثل في قدرتها على إنجاب الأنموذج المطلوب، وتقديم الحلول الحضارية للمشكلات البشرية الكبرى، وأن معجزة الرسالة إنما هي معجزة تكليفية، تتحقق من خلال إرادات البشر وقدراتهم، وتسير طبقًا للسنن والقوانين والأسباب الجارية في الكون والأنفس والآفاق، التي قدرها الله وسخرها للإنسان، وأن خلافته وعبوديته إنما تنجح بمقدار ما يُبصر هذه السنن ويفقهها، ويحسن التعامل معها.

 

وليست هي المعجزة المادية التي تجري على السنن الخارقة، التي أقل ما يُقال فيها: إنها تُلغي الأسباب، وتُعطل الإنسان، وتحمله إلى مواقع التعجب والانفعال، بدل أن تمنحه القدرة على الفعل، وإمكانية الإنتاج، وفي ذلك ما فيه من إعطاء الإنسان أمداء من الإرادة، والقدرة، والحرية، وقابلية التعلم، والتحكم في تسخير الكون، والارتقاء بذاته ليكون في مستوى الأمانة المنوطة به، فيما استخلفه الله فيه، بعد أن عرضها على السماوات والأرض والجبال فأبَينَ أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان؛ فالأمانة تكليف بحمل مهمة ومسؤولية أداء، وتشريف بأهلية واختيار.

 

إن تلك المعجزات يقف معها المرء عاجزًا عن أي فعل، ومؤمنًا بأن ما جاء به النبي عليه السلام ليس من فعل بشر وقدرته، إن أقل ما يُقال عن تلك المعجزات: إنها موقوتة ومرتبطة بأزمان وأشخاص، والإيمان بها – إلى جانب أنه ركن في عقيدة المسلم - يبقى ذا قيمة تاريخية، فهو إيمان بالغيب، متولِّد من خبر الوحي الصادق.

 

أما معجزة الرسالة الإسلامية، فهي معجزة مجردة، بيانية، برهانية، تسير وفق السنن الجارية، تتحقق من خلال عزمات البشر وإراداتهم، وهذا يعني عدم إصابة الأمة بالعجز، والعطالة، وانطفاء الفاعلية، وإلغاء التكاليف، والاكتفاء بالإيمان السلبي، وانتظار الخوارق، وإلغاء إرادة الفرد وقدرته.

 

ولا بد لنا من الاعتراف أنه كان من المفروض والمنطقي أن تبدأ الكتابات الفكرية الإسلامية بطرح المسألة التربوية، جنبًا إلى جنب مع المسألة الثقافية، إن لم تكن المسألة التربوية هي الأسبق والأولى؛ ذلك أن الثقافة المطلوبة في الحقيقة، هي المحصلة النهائية للعملية التربوية والتعليمية، والهدف منها.

 

فالتربية هي الرَّحِمُ الذي تتخلق فيه الأجنة بكل طاقاتها، وقدراتها، بشكل سليم، وهي الْمِحْضَنُ والْمُناخ الذي يوفر الشروط لرعاية القابليات، وتنمية كل القدرات والطاقات التي تتوزع وظائف الحياة الاجتماعية، واكتشافها، وتوجيهها، وتشكل النسيج الاجتماعيَّ للأمة وفق تخطيط تربوي صحيح.

 

وقد نستغرب كثيرًا أن أمريكا التي تنفرد بقيادة العالم اليوم، عندما سُبِقت إلى ارتياد الفضاء من قِبل الاتحاد السوفيتي، اعتبرت السبب: «فساد النظام التربوي التعليمي، وعجزه عن إخراج المبدعين»، فشكَّلت اللجان المتنوعة والمتخصصة لإنقاذ ما أسمته بـ«الأمة المعرَّضة للخطر» بسبب فساد نظامها التعليمي، وأن الرئيس جورج بوش قال مرارًا في حملته الانتخابية: إنه سيكون رئيس التربية والتعليم، بل إن روبرت د. هورمانس - وهو خبير ومسؤول اقتصادي أمريكي كبير تقلَّد مناصبَ تنفيذية عديدة - عندما سُئِل عن أهم مشاكل الاقتصاد الأمريكي، وصف من بينها: نظام التعليم الذي لم يلقَ اهتمامًا كافيًا، أما البروفيسور آلان بلوم، الأستاذ في جامعة شيكاغو، فقد تحدث في أحد فصول كتابه الواسع الانتشار: «إغلاق العقل الأمريكي» الذي أحدث عام 1988م ضجة في الأوساط الأكاديمية الأمريكية، عن إخفاق التعليم العالي في مجال الحرية، وعن فشل المدارس والجامعات في بث الثقافة الأساسية لدى الطلبة، وقال: إن معاهد الدراسة أُصيبت بداء الكسل الفكري، فأنتجت جيلًا يفتقر إلى مقومات الحس الحضاري.

 

إن غياب عقلية التخطيط، وغياب عقلية التخصص، وغياب عقلية النقد والمراجعة، ووجود الفراغ، والقابلية للغزو الثقافي، والاستلاب الحضاري، وانطفاء الفاعلية، وغياب القلق الحضاري، الذي يحرك الأمة صوب أهدافها، بإرادة جازمة وقدرة مبصرة، والاغتراب التاريخي، والاغتراب المعاصر، والتراجعات الحضارية الإسلامية في شتى المجالات، معناه: أن العطب لحِق بأجهزة العملية التربوية والتعليمية، فأصابها بالعقم وعدم الإنتاج، وأعجزها عن استقراء المشكلات التي تعاني منها الأمة، وأفقدها القدرة على وضع الأُطُر التربوية التي تمكِّنها من استئناف دورها، وتصويب خُطاها، وتنشئة المواطن، وتوجيه طاقاته، ورعاية قابلياته، وميوله، وحسن توجيهه إلى الموقع الفاعل، وملء الثغر المفتوح.

 

فالتربية الحقيقية هي التي تكون قادرة على تشكيل الإرادات، واكتشاف الطاقات، والتعرف على القابليات والميول، والتزويد بالمهارات التي تجعل الإنسان قادرًا على التعامل مع الواقع، والنهوض به إلى مستويات المثل الأعلى والأهداف الممكنة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المراجعات ضرورة واجبة
  • مراجعات في التصحيح اللغوي
  • الأعلام للزركلي مراجعات وتصحيحات
  • مراجعات طالب علم
  • المآخذ العامة على المصرفية الإسلامية والأسباب الداعية للمراجعات التصحيحية

مختارات من الشبكة

  • مراجعات في نقد الفكر الاستشراقي حول الإسلام والقرآن والرسالة (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • مراجعات غربية لفلسفات الحركة النسوية (2 - 2) الغرب يعترف بتدمير القيم المجتمعية(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • مراجعات مع زهير الشاويش (4)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مراجعات مع زهير الشاويش (3)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مراجعات مع زهير الشاويش (2)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مراجعات مع زهير الشاويش (1)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مراجعات ابن كثير ونقده لمتون مرويات السيرة النبوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف تراجع كتابا (نموذج مقترح لمراجعة كتاب)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قيمنا في موازين الفضائيات العربية دعوة للمراجعة والتأمل (PDF)(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • قيمنا في موازين الفضائيات العربية دعوة للمراجعة والتأمل(word)(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب