• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
  •  
    روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (30) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: شكر النعم
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    فضل ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح والمغرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    شروط الصلاة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    لا بد من اللازم!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (29) «أخبرني ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    الحديث الخامس: خطورة الرياء
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)
    د. مراد باخريصة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

معاملة الله تعالى لعباده بحسب معاملتهم لخلقه (خطبة)

معاملة الله تعالى لعباده بحسب معاملتهم لخلقه (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/1/2023 ميلادي - 12/6/1444 هجري

الزيارات: 35628

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معاملة الله تعالى لعباده بحسب معاملتهم لخلقه


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْأَخْلَاقُ فِي الْإِسْلَامِ قِيَمٌ مُطْلَقَةٌ لَا تُغَيِّرُهَا الْمَصَالِحُ الْمَادِّيَّةُ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَذَاهِبِ الْغَرْبِيَّةِ. فَالصِّدْقُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْعَدْلُ وَالْأَمَانَةُ وَالْكَرَمُ وَالشَّجَاعَةُ وَالرَّحْمَةُ وَالْعَفْوُ وَالسَّمَاحَةُ قِيَمٌ مَحْمُودَةٌ، يُحْمَدُ الْمُتَخَلِّقُ بِهَا، وَيُجْزَى عَلَيْهَا أَجْرًا إِنِ اسْتَحْضَرَ النِّيَّةَ الصَّالِحَةَ فِي التَّخَلُّقِ بِهَا، كَمَا أَنَّ الْكَذِبَ وَالظُّلْمَ وَالْخِيَانَةَ وَالْجُبْنَ وَالْقَسْوَةَ وَالْغِلْظَةَ وَالْبَذَاءَةَ أَخْلَاقٌ مَذْمُومَةٌ، يُذَمُّ الْمُتَّصِفُ بِهَا، وَيَأْثَمُ عَلَى تَخَلُّقِهِ بِهَا.

 

وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 58]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ عَدْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُعَامِلُ أَهْلَ السُّوءِ وَالْأَذَى مِنَ الْبَشَرِ بِمِثْلِ مَا عَامَلُوا بِهِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يُونُسَ: 44]، فَإِنْ أَخَّرَ لَهُمُ الْعَذَابَ كَانَ ذَلِكَ أَشْقَى لَهُمْ؛ ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49].

 

وَمِمَّا وَرَدَ مِنَ النُّصُوصِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَنْ عَيَّرَ النَّاسَ، وَسَعَى فِي فَضِيحَتِهِمْ؛ فَضَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

 

وَمَنْ نَالَ مِنْ عَرْضِ مُسْلِمٍ؛ لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إِلَى ذَوِي جَاهٍ أَوْ مَالٍ نَالَ مِثْلَهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ؛ جَزَاءً وِفَاقًا؛ لِحَدِيثِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً، فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنِ اكْتَسَى بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ثَوْبًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. «يَعْنِي: مَنْ أَظْهَرَ رَجُلًا بِالصَّلَاحِ وَالتَّقْوَى؛ لِيَعْتَقِدَ النَّاسُ فِيهِ اعْتِقَادًا حَسَنًا، وَيُعِزُّونَهُ وَيَخْدِمُونَهُ، وَيَجْعَلَهُ حِبَالًا وَمَصْيَدَةً... لِيَنَالَ بِسَبَبِهِ الْمَالَ وَالْجَاهَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ لَهُ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ؛ بِأَنْ يَأْمُرَ مَلَائِكَتَهُ بِأَنْ يَفْعَلُوا مَعَهُ مِثْلَ فِعْلِهِ، وَيُظْهِرُوا أَنَّهُ كَذَّابٌ».

 

وَمَنْ قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِمُسْلِمٍ أَوِ الْمَشَقَّةَ عَلَيْهِ جُوزِيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ مَا قَصَدَ؛ لِحَدِيثِ أَبِي صِرْمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. «أَيْ: مَنْ قَصَدَ إِيقَاعَ الضَّرَرِ بِأَحَدٍ بِلَا حَقٍّ، أَوْ قَصَدَ إِلْحَاقَ الْمَشَقَّةِ بِأَحَدٍ». وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. «أَيْ: مَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُسْلِمٍ... مَضَرَّةً فِي مَالِهِ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ عِرْضِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، أَيْ: جَازَاهُ مِنْ جِنْسِ فِعْلِهِ، وَأَدْخَلَ عَلَيْهِ الْمَضَرَّةَ. وَالْمُشَاقَّةُ الْمُنَازَعَةُ، أَيْ: مَنْ نَازَعَ مُسْلِمًا ظُلْمًا وَتَعَدِّيًا شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ، أَيْ: أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَشَقَّةَ؛ جَزَاءً وِفَاقًا».

 

وَمَنْ وَلِيَ أَمْرًا لِلنَّاسِ فَاحْتَجَبَ عَنْ حَاجَتِهِمْ عُومِلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِثْلِ فِعْلِهِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي مَرْيَمَ الْأَزْدِيِّ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلَانٍ -وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ- فَقُلْتُ: حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ. قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ عَنْ أُولِي الضَّعَفَةِ وَالْحَاجَةِ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَأَمْوَالُ النَّاسِ مُحْتَرَمَةٌ مُصَانَةٌ لَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَمَنْ غَدَرَ بِالنَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ جُوزِيَ بِسُوءِ مَا صَنَعَ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَدْ يَحْصُلُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ بِالسُّؤَالِ تَكَثُّرًا، فَيُعَاقَبُ بِنَقِيضِ مَا أَرَادَ مِنَ الْغِنَى؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَنِيَ بِخِدَاعِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَيُفْقِرُهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ جَزَاءً لَهُ عَلَى مَا فَعَلَ بِخَلْقِهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَفْتَحُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ...» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ النَّاسَ أَرَاضِيَهُمْ، أَوْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ جُوزِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِظُلْمِهِ؛ لِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ ظَلَمَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَالْمَعْنَى: «أَنَّ مَنْ ظَلَمَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِنَ الْأَرْضِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَشَدِّ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَذَابِ، بِحَيْثُ تَغْلُظُ رَقَبَتُهُ وَتَطُولُ، ثُمَّ يُطَوَّقُ الْأَرْضَ الَّتِي غَصَبَهَا وَمَا تَحْتَهَا إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ؛ جَزَاءً لَهُ عَلَى ظُلْمِهِ صَاحِبَ الْأَرْضِ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شُرُورَ أَنْفُسِنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ تَكَثَّرَ عَلَى النَّاسِ، وَتَزَيَّنَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ؛ لِيُفَاخِرَ عَلَيْهِمْ؛ عُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. «فَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ دَعْوَى يَتَشَبَّعُ بِهَا الْمَرْءُ بِمَا لَمْ يُعْطَ مِنْ مَالٍ يَخْتَالُ فِي التَّجَمُّلِ بِهِ، أَوْ نَسَبٍ يَنْتَمِي إِلَيْهِ، أَوْ عِلْمٍ يَتَحَلَّى بِهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ حَمَلَتِهِ، أَوْ دِينٍ يُظْهِرُهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ؛ فَقَدْ أَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُبَارَكٍ لَهُ فِي دَعْوَاهُ، وَلَا زَاكٍ مَا اكْتَسَبَهُ بِهَا» «وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَا يَمْلِكُ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» فَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ كَاذِبًا فِيمَا ادَّعَاهُ؛ جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَنَقَصَهُ مَا عِنْدَهُ مِنْ صِنْفِ مَا ادَّعَاهُ».

 

وَمَنْ تَعَلَّقَ بِمَخْلُوقٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، فَأَحَاطَ بِهِ الْخِذْلَانُ، وَأُصِيبَ بِالْخُسْرَانِ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَمَنْ عَذَّبَ النَّاسَ عَذَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُعَامِلَ الْخَلْقَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ كَفَّ أَذَاهُ عَنْهُمْ؛ لِئَلَّا يُصِيبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمِثْلِ مَا آذَاهُمْ بِهِ؛ فَإِنَّ حُقُوقَ النَّاسِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، وَهُمْ يُرِيدُونَ حُقُوقَهُمْ كَامِلَةً، وَقَدْ يَدْعُونَ عَلَى مَنْ بَخَسَهُمْ إِيَّاهَا، أَوْ مَنْ آذَاهُمْ فِيهَا، «وَمَنْ عَامَلَ خَلْقَهُ بِصِفَةٍ عَامَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ الصِّفَةِ بِعَيْنِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَاللَّهُ تَعَالَى لِعَبْدِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ لِخَلْقِهِ». وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ لَا يُحْسِنُ فِعْلَ شَيْءٍ لِلنَّاسِ: «كُفَّ أَذَاكَ عَنِ النَّاسِ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بِهَا عَنْ نَفْسِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معاملة الله تعالى لعباده بالفضل

مختارات من الشبكة

  • المسائل المجمع عليها في مواد أهلية المتعاقدين في نظام المعاملات المدنية: جمعا ودراسة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • قضايا مستجدة في المعاملات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أحكام الغبن في نظام المعاملات المدنية السعودي: دراسة فقهية مقارنة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له... )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحبيب الله إلى عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج عبادة وتجارة، دنيا وآخرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • عقد الطفولة(استشارة - الاستشارات)
  • من أقوال السلف في الحسبلة "حسبي الله ونعم الوكيل"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 11:52
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب