• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
  •  
    خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سورة البقرة (6) تقرير الألوهية

سورة البقرة (6) تقرير الألوهية
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/8/2022 ميلادي - 4/2/1444 هجري

الزيارات: 13792

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (6)

تقرير الألوهية


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: إِذَا وُفِّقَ الْعَبْدُ لِلُزُومِ الْقُرْآنِ قِرَاءَةً وَحِفْظًا وَتَدَبُّرًا وَعَمَلًا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْخَيْرِ كُلُّهَا، وَأَصَابَتْهُ بَرَكَةُ الْقُرْآنِ؛ فَهُوَ كِتَابٌ مُبَارَكٌ. وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَهِيَ أَطْوَلُ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَأَكْثَرُهَا فِي عَدَدِ الْآيَاتِ، وَتَفْصِيلِ الْأَحْكَامِ، مَعَ مَا فِيهَا مِنْ قِصَصٍ وَأَخْبَارٍ لِلْمَوْعِظَةِ وَالِاعْتِبَارِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ تَقْرِيرُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا خَلَقَ الْخَلْقَ إِلَّا لِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهَذَا الْمَقْصِدُ الْعَظِيمُ حَاضِرٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا.

 

فَفِي أَوَّلِ آيَاتِ السُّورَةِ تَنْوِيهٌ بِكِتَابِ التَّوْحِيدِ -وَهُوَ الْقُرْآنُ- وَصِفَاتِ الْمُوَحِّدِينَ الْمُهْتَدِينَ بِهِ ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 1-5].

 

وَبَعْدَهَا بِآيَاتٍ خِطَابٌ لِعُمُومِ النَّاسِ يَأْمُرُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْأَنْدَادِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 21-22].

 

وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَهِيَ أَفْضَلُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَصُدِّرَتْ بِتَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255]، أَيْ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِلَّا فَإِنَّ الْمَعْبُودَاتِ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى كَثِيرَةٌ، وَلَكِنَّهَا بَاطِلَةٌ.

 

وَالتَّوْحِيدُ هُوَ دِينُ الرُّسُلِ جَمِيعًا، وَهُوَ مِلَّةُ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَوَصِيَّةُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِبَنِيهِ، فَلَا يُعْرِضُ عَنِ التَّوْحِيدِ إِلَّا مَنْ جَهِلَ قَدْرَ نَفْسِهِ، وَلَمْ يُفَكِّرْ فِي الْحِكْمَةِ مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا هُوَ الضَّيَاعُ وَالسَّفَهُ ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 130-133].

 

وَخُتِمَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ بِالثَّنَاءِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالرُّسُلِ جَمِيعًا، وَلَا يَكْفُرُونَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ؛ إِذْ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضٍ وَيَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ، وَيُفَرِّقُونَ الدِّينَ وَالشَّرَائِعَ، ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 285].

 

وَفِي السُّورَةِ عَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ تَجْزِئَةَ دِينِهِمْ، وَتَفْرِقَةَ كُتُبِهِمْ، وَالِانْتِقَاءَ مِنْهَا حَسَبَ أَهْوَائِهِمْ؛ تَحْذِيرًا لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ أَنْ يَسْلُكُوا مَسْلَكَهُمْ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا زَوَالَ التَّوْحِيدِ، وَالْوُقُوعَ فِي الشِّرْكِ ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 85- 86].

 

وَفِي سِيَاقِ تَقْرِيرِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَوُجُوبِ إِفْرَادِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ؛ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ أَهْلَ التَّنْدِيدِ يَتَبَرَّؤُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ إِذْ مَصِيرُهُمُ الْخُلْدُ فِي النَّارِ عِيَاذًا بِاللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 165- 167].

 

وَصَلَاحُ الْعَمَلِ وَقَبُولُهُ يَقُومُ عِنْدَ الْمُوَحِّدِينَ عَلَى رُكْنَيْنِ عَظِيمَيْنِ؛ هُمَا الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمُتَابَعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ يَعْمَلْ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَحْبِطْ عَمَلُهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ بِغَيْرِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَلُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ جُمِعَ هَذَانِ الرُّكْنَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112] فَإِسْلَامُ الْوَجْهِ لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ الْإِخْلَاصُ، وَالْإِحْسَانُ هُوَ مُتَابَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَالرِّيَاءُ يَقْدَحُ فِي الْعُبُودِيَّةِ، وَيُبْطِلُ الْعَمَلَ الَّذِي دَاخَلَهُ؛ وَلِذَا حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءً النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 264].

 

وَلِأَهَمِّيَّةِ تَوْحِيدِ الْعِبَادَةِ أَخَذَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَبِلَوَازِمِهِ الْمِيثَاقَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 83].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: شَيَاطِينُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَيُزَيِّنُونَ لَهُمُ الْكُفْرَ وَالشِّرْكَ، وَيُحَاوِلُونَ إِخْرَاجَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ إِيمَانِهِمْ، وَهُوَ مَا جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ عِدَّةٍ مِنَ السُّورَةِ:

مِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَذَّرَ مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْقُلُ الْعَبْدَ مِنَ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ، فَإِذَا أَطَاعَهُ أَرْدَاهُ فِي النِّفَاقِ أَوِ الْكُفْرِ أَوِ الشِّرْكِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 168-169].

 

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالدُّخُولِ الْكَامِلِ فِي الْإِسْلَامِ، وَعَدَمِ الِانْتِقَاءِ مِنْهُ أَوِ اجْتِزَائِهِ، ثُمَّ حَذَّرَ مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَهَا سَبَبٌ فِي تَفْرِقَةِ النَّاسِ لِدِينِهِمْ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 208].

 

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ الَّذِينَ يَصْرِفُونَ النَّاسَ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى إِلَى عُبُودِيَّةِ غَيْرِهِ، وَجَاءَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ عِدَّةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 135-136]. وَبَعْدَهَا بِآيَةٍ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ دِينَهُ أَحْسَنُ الدِّينِ، وَشَرِيعَتَهُ أَحْسَنُ الشَّرَائِعِ ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صَبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 138].

 

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ الْحَسَدَ دَفَعَ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ لِصَرْفِ النَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 109].

 

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيْنَ أَنَّهُمْ لَنْ يَرْضَوْا عَنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ حَتَّى يُخْرِجُوهُمْ مِنْ إِيمَانِهِمْ وَتَوْحِيدِهِمْ إِلَى الْكُفْرِ وَالْجُحُودِ وَالشِّرْكِ ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 120].

 

كُلُّ هَذَا التَّعْظِيمِ لِجَنَابِ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَحِمَايَةِ الْعَبْدِ مِنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَمِنْ لُصُوصِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْ دِينِهِمْ؛ حَوَتْهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ بِأَوْضَحِ بَيَانٍ، وَأَحْسَنِ تَفْصِيلٍ، فَمَا عَلَى قَارِئِهَا إِلَّا أَنْ يَتَدَبَّرَهَا وَهُوَ يَقْرَؤُهَا لِيَرَى كَثَافَةَ مَا فِيهَا مِنْ مَعَانِي الْأُلُوهِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيَسْتَقِيمَ عَلَى أَمْرِهِ، وَيُخْلِصَ فِي عِبَادَتِهِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سورة البقرة (1) الفضل والأثر
  • سورة البقرة (2) أقسام الناس
  • سورة البقرة (3) قصة الخلق والابتلاء
  • سورة البقرة (4) الإسلام والإيمان والإحسان
  • سورة البقرة (5) تقرير الربوبية
  • سورة البقرة (7) آيات الصلاة
  • سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)
  • سورة البقرة (10) تطهير البيت وبناؤه
  • سورة البقرة (11) آيات الحج (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مائدة التفسير: سورة الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تدبر سورة العصر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أستراليا: مظاهرة مناهضة لبناء مسجد تنتهي بوضع رأس خنزير على سوره(مقالة - المسلمون في العالم)
  • شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوحيد في القرآن الكريم (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسألة تلبس الجان بالإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قواعد قرآنية في تقوية الحياة الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • معاني فواتح السور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التمييز والتمايز في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب