• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
  •  
    روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (30) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: شكر النعم
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    فضل ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح والمغرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    شروط الصلاة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    لا بد من اللازم!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (29) «أخبرني ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ما يستثنى من الآنية وثياب الكفار والميتة من كتاب ...
    مشعل بن عبدالرحمن الشارخ
  •  
    الحديث الخامس: خطورة الرياء
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

حديث اختصام الملأ الأعلى (خطبة)

حديث اختصام الملأ الأعلى (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2019 ميلادي - 1/4/1441 هجري

الزيارات: 38309

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من هدايات السنة النبوية (19)

حديث اختصام الملأ الأعلى


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ مَعِينٌ لَا يَنْضُبُ، وَهِدَايَةٌ لَا تَنْقَطِعُ، وَعِلْمٌ يَتَجَدَّدُ، فَمَنْ وَعَاهَا وَعَمِلَ بِهَا اهْتَدَى وَاقْتَفَى، وَمَنْ جَهِلَهَا فَاتَهُ مِنَ الْخَيْرِ بِقَدْرِ مَا جَهِلَ مِنْهَا، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا أَوْ رَدَّهَا ضَلَّ وَغَوَى.

 

وَهَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ فِيهِ عِلْمٌ غَزِيرٌ يَرْوِيهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَيَقُولُ: «احْتُبِسَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى عَيْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ سَرِيعًا فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَا بِصَوْتِهِ فَقَالَ لَنَا: عَلَى مَصَافِّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ، ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمُ الْغَدَاةَ: أَنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأْتُ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي، فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي فَاسْتَثْقَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي رَبِّ، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الْكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ، قَالَ: ثُمَّ فِيمَ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَالَ: سَلْ. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَزَادَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ: «وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَمَنْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

 

وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمٌ فِيهِ عِلْمٌ غَزِيرٌ:

فَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَلَمَّا احْتُبِسَ عَنْهُمْ وَتَأَخَّرَ بَيَّنَ عُذْرَهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَأَهَمِّيَّتِهَا.

 

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ رَأَى رُؤْيَا تَسُرُّهُ فِي تَهَجُّدِهِ فَهِيَ بِشَارَةٌ، فَيَقُصُّهَا عَلَى مَنْ يَثِقُ بِمَحَبَّتِهِ وَمَحَبَّةِ الْخَيْرِ لَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَصَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا الْعَظِيمَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

 

وَفِيهِ فَضْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَرَى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَلَّى لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ وَعَرَفْتُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «فَعَلِمْتُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أُعْطِيَ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مَفَاتِحَ الْغَيْبِ».

 

وَفِي الْحَدِيثِ شَرَفُ الْمُؤْمِنِينَ، وَفَضْلُ مَا يَعْمَلُونَ مِنْ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ؛ حَتَّى إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَخْتَصِمُونَ وَيَتَرَاجَعُونَ الْقَوْلَ بَيْنَهُمْ فِي أَيِّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَفْضَلُ، وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ -وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ- أَنْ يُكْثِرَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ. وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ الَّتِي اخْتَصَمَ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ، وَتَرَاجَعُوا الْقَوْلَ فِيهَا ثَلَاثَةٌ؛ وَهِيَ: «مَشْيُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ» وَجَاءَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي تَكْفِيرِ الْخَطَايَا بِالْوُضُوءِ، وَفَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ.

 

وَمَعْنَى: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ؛ أَيْ: فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَاءُ بَارِدًا، وَذَلِكَ لَا يُطْلَبُ وَلَا يُقْصَدُ مِنْ أَجْلِ تَكْفِيرِ الْخَطَايَا، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُضُوءِ؛ كَمَا لَوْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ كَانَ فِي مَكَانٍ لَا يَجِدُ فِيهِ مَاءً دَافِئًا، أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ. كَمَا أَنَّ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ مَعَ كَثْرَةِ الْمَلَابِسِ وَثِقَلِهَا أَعْسَرُ مِنَ الْوُضُوءِ مَعَ قِلَّتِهَا وَخِفَّتِهَا؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ فِي كُلِّ حَالٍ، لِيَنَالَ الْأَجْرَ الْعَظِيمَ، مَعَ تَكْفِيرِ الذُّنُوبِ.

 

وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ الْحَقَّ لَيَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حِينَ يُحَاوِرُ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَيَخْتَصِمُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ لِعَظَمَتِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ هُوَ يُقَصِّرُ فِيهَا؛ فَلَا يُسْبِغُ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يُبَكِّرُ إِلَى الصَّلَاةِ فَيَمْشِي إِلَيْهَا بِسَكِينَةٍ، وَلَا يَنْتَظِرُ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا، بَلْ يَأْتِي عَلَى إِقَامَتِهَا، وَلَرُبَّمَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْضِيهَا وَيَنْصَرِفُ مِنْ فَوْرِهِ. فَيَا مَنْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ فَرْضٍ، وَيَا مَنْ يَنَامُونَ عَنِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ نَبِيَّهُ بِهَذِهِ الثَّلَاثِ، وَأَنَّ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ اخْتَصَمُوا فِيهَا. فَاحْرِصُوا عَلَى الْوُضُوءِ بِإِسْبَاغِهِ، وَعَلَى الصَّلَاةِ بِالْمَشْيِ إِلَيْهَا، وَالتَّبْكِيرِ لَهَا، وَعَلَى الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ؛ وَلَاسِيَّمَا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ شُغْلٍ أَوْ حَاجَةٍ؛ لِتَنَالُوا الْكَفَّارَاتِ، وَتَفُوزُوا بِأَعْظَمِ الدَّرَجَاتِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الرِّبَاطِ.

 

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 223].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: جَاءَ فِي حَدِيثِ اخْتِصَامِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى أَنَّهُمُ اخْتَصَمُوا فِي ثَلَاثٍ أُخْرَى وَهُنَّ: «إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الْكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ». فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ مُعَامَلَةُ الْعَبْدِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْجَائِعِينَ، وَلِينُ الْكَلَامِ مُعَامَلَتُهُ مَعَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَصَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ صِلَتُهُ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلَانَ الْكَلَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَفِي الْحَدِيثِ دَعَا بِدَعَوَاتٍ هُنَّ مِنْ جَوَامِعِ الدُّعَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ».

 

فَسُؤَالُهُ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ: يَتَضَمَّنُ طَلَبَ كُلِّ خَيْرٍ وَتَرْكَ كُلِّ شَرٍّ، فَإِنَّ الْخَيْرَاتِ تَجْمَعُ كُلَّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُقَرِّبُ مِنْهُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ، مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ، وَالْمُنْكَرَاتِ تَشْمَلُ كُلَّ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُبَاعِدُ مِنْهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، فَمَنْ حَصَلَ لَهُ هَذَا الْمَطْلُوبُ فَقَدْ جَمَعَ خَيْرَي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ سُؤَالَ حُبِّ الْمَسَاكِينِ: وَهُوَ أَصْلُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَا يُوجِبُ مَحَبَّتَهُمْ لِأَجْلِهِ، فَلَا يُحَبُّونَ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ.

 

وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ سُؤَالَ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ: فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا غُفِرَ لَهُ وَرُحِمَ نَجَا مِنْ آفَاتِ الدُّنْيَا وَكَوَارِثِهَا، كَمَا يَنْجُو مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ.

 

وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ سُؤَالَ الْمَوْتِ قَبْلَ الْفِتْنَةِ: وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ سَلَامَةُ الْعَبْدِ مِنْ فِتَنِ الدُّنْيَا مُدَّةَ حَيَاتِهِ، فَإِنْ قَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ فِتْنَةً قَبَضَ عَبْدَهُ إِلَيْهِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَهَذَا مِنْ أَهَمِّ الْأَدْعِيَةِ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا عَاشَ سَلِيمًا مِنَ الْفِتَنِ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَضَيَاعِ النَّاسِ فِيهَا؛ كَانَ فِي ذَلِكَ نَجَاةً لَهُ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ.

 

وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ سُؤَالَ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحُبِّ مَا يُحِبُّهُ: وَهَذَا الدُّعَاءُ يَجْمَعُ كُلَّ خَيْرٍ، فَإِنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ مِنَ الْعِبَادِ إِنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ مَحَبَّةٍ وَإِرَادَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى ثَابِتَةً فِي قَلْبِ الْعَبْدِ أَحَبَّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ كُلِّهَا، فَفَعَلَ حِينَئِذٍ الْخَيْرَاتِ كُلَّهَا، وَتَرَكَ الْمُنْكَرَاتِ كُلَّهَا، وَأَحَبَّ مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا الدُّعَاءُ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَدْعُونَ بِهِ.

 

وَبِهَذَا نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ، يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْفَظَهُ وَيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ؛ لِيَجْمَعَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِهِ: «إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نقلة إلى الملأ الأعلى
  • اختصام الملأ الأعلى في الكفارات والدرجات
  • فوائد من اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى لابن رجب
  • تفسير: (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون)
  • خطبة: اختصام الملأ الأعلى
  • الصحابي الذي ذكره الله تعالى في الملأ الأعلى

مختارات من الشبكة

  • الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما هو بضعة منك": دراسة حديثية فقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من حديث اختصام الملأ الأعلى(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فوائد وأحكام من حديث: اختصام الملأ الأعلى(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • إتحاف الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (32) «لا ضرر ولا ضرار» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (27) «البر حسن الخلق» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- بارك الله فيك
عمر قطب الشريف - جمهورية مصر العربية 02/12/2019 08:01 AM

جعله الله في موازين حسناتك

1- خطيب متكامل
أحمد البسيقي - مصري مقيم بالسعودية 28/11/2019 07:46 PM

أتابع خطبك أقتبس معظمها لحسن اختيار الموضوع وترتيب العناصر وتسلسل الأدلة والبساطة في الأسلوب والموضوعية في الطرح وعدم الإسهاب والإطالة .بارك الله فيك وزادك من فضله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/3/1447هـ - الساعة: 13:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب