• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خالق الناس بخلق حسن (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    فضل زيارة المسجد الحرام والمسجد النبوي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مدينة أشباح
    سمر سمير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { قل آمنا بالله وما أنزل علينا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    خطبة: فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الحرص على الوقت (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    خاطرة تربوية: على ضفاف حالة
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    تحريم الحلف بالله تعالى كذبا
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الاستبشار بنزول الأمطار (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    اتباع الحق معيار للأدب
    شعيب ناصري
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

خطبة: ذكر الله تعالى في آيات الحج

خطبة: ذكر الله تعالى في آيات الحج
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2019 ميلادي - 2/12/1440 هجري

الزيارات: 19595

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذكر الله تعالى في آيات الحج

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 2 - 5]، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ شَرَعَ الْمَنَاسِكَ لِعِبَادِهِ، وَأَمَرَ بِالْحَجِّ إِلَى بَيْتِهِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ دِينِهِ، وَمِنْ مَوَاطِنِ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ وَذِكْرِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، حَثَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِدًا بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَشَمِّرُوا عَنْ سَوَاعِدِ الْجِدِّ وَالْعَمَلِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ هَذَا الْمَوْسِمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّ رَأْسَ مَالِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ عَمَلُهُ الصَّالِحُ، حِينَ يَجِدُ ثَوَابَهُ مُدَّخَرًا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 102 - 104].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: هَذِهِ الْأَيَّامُ هِيَ أَيَّامُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالشَّعَائِرُ الَّتِي فِيهَا مِنَ الْحَجِّ وَمَنَاسِكِهِ وَمَشَاعِرِهِ، وَمِنَ التَّكْبِيرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةِ إِنَّمَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَمَنْ تَأَمَّلَ آيَاتِ الْمَنَاسِكِ وَجَدَ فِيهَا تَعْلِيلًا لِلْمَنَاسِكِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْظَمَ حِكْمَةٍ لِلْحَجِّ وَأَعْمَالِهِ هِيَ كَثْرَةُ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِعْلَانُ بِذَلِكَ؛ لِيَكُونَ الذِّكْرُ شِعَارَ أَفْضَلِ أَيَّامِ الْعَامِ.

 

وَمِنْ آيَاتِ الْحَجِّ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الْحَجِّ: 28]. وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ هِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَهِيَ مَأْمُورٌ فِيهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهُ التَّسْمِيَةُ عَلَى ذَبْحِ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا؛ تَوْحِيدًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَمُبَايَنَةً لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ لِأَصْنَامِهِمْ وَبِاسْمِهَا.

 

وَفِي مَقَامٍ آخَرَ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198]. فَأَمَرَ سُبْحَانَهُ بِذِكْرِهِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَهُوَ مَشْعَرُ مُزْدَلِفَةَ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّلْبِيَةَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّكْبِيرَ وَالثَّنَاءَ وَالدُّعَاءَ، كَمَا يَتَضَمَّنُ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي مُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِهَا قَبْلَ الدَّفْعِ مِنْهَا؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَعْظَمِ الذِّكْرِ. وَالذِّكْرُ فِي مَشْعَرِ مُزْدَلِفَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الْإِسْفَارِ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ، وَذَلِكُمُ الذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ مَظِنَّةُ الْقَبُولِ وَالْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَكَاهُ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي وَصْفِ حَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «... حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «... ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِي يُتَبَرَّرُ فِيهِ، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، وَأَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا، ثُمَّ أَفِيضُوا فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ... » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا الْأَمْرَ بِالذِّكْرِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198].

 

وَالْخِطَابُ فِي الْآيَةِ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلِعُمُومِ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. أَمَّا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكَانُوا قَبْلَ الْبِعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَضَلَالٍ وَظُلْمَةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعِلْمِ وَالْهُدَى وَالنُّورِ وَالْخَيْرِ، فَوَحَّدُوا اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ شِرْكِهِمْ، وَعَبَدُوهُ عَلَى بَصِيرَةٍ بَعْدَ جَهْلِهِمْ، وَالْتَزَمُوا الْعَدْلَ بَعْدَ أَنْ تَلَطَّخُوا بِظُلْمِهِمْ، وَحَسُنَتْ أَخْلَاقُهُمْ بَعْدَ سُوئِهَا، وَوَجَدُوا لَذَّةَ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ وَالْعِبَادَةِ بَعْدَ وَحْشَةِ الشِّرْكِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَكُلُّ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ نِعْمَةِ الْهِدَايَةِ فَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ ذِكْرُهُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، وَدَلِيلًا عَلَى شُكْرِهِمْ. وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّهُمْ تَفَيَّؤوا ظِلَالَ الْإِيمَانِ، وَعَاشُوا فِي دَوْحَةِ التَّوْحِيدِ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الشِّرْكَ، فَكَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى نِعْمَةِ الْإِيمَانِ. وَلَنْ يَعْرِفَ حَسْرَةَ الشِّرْكِ وَظُلْمَتَهُ إِلَّا مَنْ ذَاقَ مَرَارَتَهُ، عِيَاذًا بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ؛ وَهَذَا يُفَسِّرُ فَرَحَ الْمُسْلِمِينَ الْجُدُدِ بِالْإِيمَانِ، وَبُكَاءَهُمْ عِنْدَ نُطْقِهِمْ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَالْتِزَامَهُمْ بِأَحْكَامِ الدِّينِ أَكْثَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ. وَذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ شُكْرِهِ. وَكَانَ هَذَا الذِّكْرُ مَأْمُورًا بِهِ فِي الْمَنَاسِكِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الشَّعَائِرِ.

 

وَفِي الْآيَةِ الَّتِي عَقِبَهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 199]، وَالِاسْتِغْفَارُ ذِكْرٌ «وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْإِفَاضَةُ يُقْصَدُ بِهَا رَمْيُ الْجِمَارِ، وَذَبْحُ الْهَدَايَا، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْيُ، وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ، وَتَكْمِيلُ بَاقِي الْمَنَاسِكِ، وَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ هِيَ آخِرُ الْمَنَاسِكِ؛ أَمَرَ تَعَالَى عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِاسْتِغْفَارِهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِهِ، فَالِاسْتِغْفَارُ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ مِنَ الْعَبْدِ فِي أَدَاءِ عِبَادَتِهِ وَتَقْصِيرِهِ فِيهَا، وَذِكْرُ اللَّهِ شُكْرُ اللَّهِ عَلَى إِنْعَامِهِ عَلَيْهِ بِالتَّوْفِيقِ لِهَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْمِنَّةِ الْجَسِيمَةِ. وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ، كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عِبَادَةٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ مِنَ التَّقْصِيرِ، وَيَشْكُرَهُ عَلَى التَّوْفِيقِ، لَا كَمَنْ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ الْعِبَادَةَ، وَمَنَّ بِهَا عَلَى رَبِّهِ، وَجَعَلَتْ لَهُ مَحَلًّا وَمَنْزِلَةً رَفِيعَةً، فَهَذَا حَقِيقٌ بِالْمَقْتِ، وَرَدِّ الْفِعْلِ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ حَقِيقٌ بِالْقَبُولِ وَالتَّوْفِيقِ لِأَعْمَالٍ أُخَرَ».

 

ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ عَقِبَهَا: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [الْبَقَرَةِ: 200]. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُونَ فِي الْمَوْسِمِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ: كَانَ أَبِي يُطْعِمُ وَيَحْمِلُ الْحِمَالَاتِ وَيَحْمِلُ الدِّيَاتِ، لَيْسَ لَهُمْ ذِكْرٌ غَيْرُ فِعَالِ آبَائِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ ﴾ يَعْنِي: ذِكْرَهُمْ آبَاءَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ﴿ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾».

 

وَبَعْدَهَا بِآيَاتٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 203]. وَهَذِهِ هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ التَّالِيَةُ لِيَوْمِ الْعِيدِ، وَقَدْ أُمِرُوا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا، وَمِنَ الذِّكْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِيهَا التَّكْبِيرُ. «وَيَدْخُلُ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا، ذِكْرُهُ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَعِنْدَ الذَّبْحِ، وَالذِّكْرُ الْمُقَيَّدُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ» وَكَذَلِكَ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَقَدْ جَاءَ فِي التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ مِنًى آثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَتَدَبَّرُوا مَا فِي آيَاتِ الْمَنَاسِكِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَمْرِ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِيَعْلَمُوا أَنَّ الْعِبَادَاتِ وَمِنْهَا الْمَنَاسِكُ مَا شُرِعَتْ إِلَّا لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِأَهْلِ الْمَوْسِمِ، بَلِ الَّذِينَ لَمْ يَحُجُّوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِذَلِكَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّكُمْ مَأْمُورُونَ بِذَلِكَ، وَتَأَمَّلُوا كَثَافَةَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي آيَاتِ سُورَةِ الْحَجِّ الَّتِي عَرَضَتْ لِلْمَنَاسِكِ وَلِلضَّحَايَا، فَقَدْ جَاءَ فِيهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الْحَجِّ: 34]، وَجَاءَ فِيهَا: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْحَجِّ: 34-35]، وَجَاءَ فِيهَا: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ﴾ [الْحَجِّ: 36]، وَجَاءَ فِيهَا: ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [الْحَجِّ: 37]. كُلُّهَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ تُؤَكِّدُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتُكَرِّرُهُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ؛ لِيَتَّضِحَ بِهَا أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ الْعَظِيمَةَ يَتَأَكَّدُ فِيهَا الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرِهِ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ.

 

وَذَبْحُ الْأَضَاحِيِّ وَالْهَدْيِ تَقَرُّبًا لِلَّهِ تَعَالَى مِمَّا يُشْرَعُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لَهُ، وَلَا تُذْبَحُ الْأَضَاحِيُّ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْتَارَ أَطْيَبَهَا وَأَسْمَنَهَا؛ لِأَنَّهَا قُرْبَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَجِبُ اجْتِنَابُ الْعُيُوبِ الَّتِي تَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ بِهَا وَهِيَ: الْعَوَرُ وَالْعَرَجُ وَالْكَسْرُ وَالْمَرَضُ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ.

 

وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَهُوَ مُكَفِّرٌ لِذُنُوبِ سَنَتَيْنِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَلْنَجِدَّ وَلْنَجْتَهِدْ -عِبَادَ اللَّهِ- فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلْنَسْتَثْمِرْ مَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَلْنُكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا سِيَّمَا التَّكْبِيرُ؛ فَإِنَّهُ شِعَارُ هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَلْنَسْأَلِ اللَّهَ تَعَالَى الْقَبُولَ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّمَا الْمُعَوَّلُ عَلَى الْقَبُولِ ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات مع آيات الحج (1)
  • وقفات مع آيات الحج (2)
  • التقوى في آيات الحج
  • التوحيد في آيات الحج

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ماذا بعد الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خالق الناس بخلق حسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرص على الوقت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وعبر من قصة قارون (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الاستبشار بنزول الأمطار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبرة اليقين في صدقة أبي الدحداح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين دين ودين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (32) «لا ضرر ولا ضرار» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مصعب بن عمير باع دنياه لآخرته(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/2/1447هـ - الساعة: 18:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب