• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أقوال العلماء فيما يعفى عنه من النجاسات
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الفقه الميسر (كتاب الطهارة - ما يستحب ويندب له ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    خير الناس أنفعهم للناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حين تغادر قبل أن تكتمل البركات
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    زيارة القبور بين المشروع والممنوع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تفسير: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن فضائل الصحابة رضي ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تخريج حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الوجيز الـمنتقى من سيرة النبي المصطفى عليه الصلاة ...
    شوقي محمد البنا
  •  
    وقفات مع اسم الله الجبار (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    الصارم البتار من شجاعة النبي المختار صلى الله ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    الحديث الثاني عشر: شهادة الزور جريمة كبرى
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الترادف والفروق اللغوية في القرآن الكريم (نماذج ...
    د. ابتهال محمد علي البار
  •  
    تمويل المنشآت الوقفية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    الخشوع (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (1)

سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (1)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/5/2018 ميلادي - 17/9/1439 هجري

الزيارات: 23673

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه عز وجل (1)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ، الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ؛ مَنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالرَّسُولِ وَالْقُرْآنِ، وَهَدَاهُمْ لِلْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، وَعَلَّمَهُمُ الْحِكْمَةَ وَالْبَيَانَ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي عَطَايَا وَهِبَاتٌ، وَلَهُ فِيهَا نَفَحَاتٌ وَرَحَمَاتٌ، فَطُوبَى لِمَنْ تَعَرَّضُ لَهَا، وَجَدَّ فِي طَلَبِهَا، وَبُؤْسًا لِمَنْ أَعْرَضَ عَنْهَا، وَفَرَّطَ فِيهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ «كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» وَكَانَ يَجْتَهِدُ فِيهَا مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا، وَحَسْبُنَا أَنَّهُ قَدْ وَاظَبَ عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهَا يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجِدُّوا فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَاجْتَهِدُوا، وَأَكْثِرُوا التَّضَرُّعَ وَالدُّعَاءَ؛ فَإِنَّكُمْ تَدْعُونَ رَبًّا عَفُوًّا كَرِيمًا رَحِيمًا قَرِيبًا سَمِيعًا بَصِيرًا؛ فَأَلِحُّوا عَلَيْهِ فِي الدُّعَاءِ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ مَرْجُوَّةٌ دَعْوَتُهُ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى إِجَابَتَهُ لِلدُّعَاءِ خِلَالَ آيَاتِ الصِّيَامِ ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَا دُعَاءَ خَيْرًا مِمَّا اخْتَارَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِرُسُلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَهُمْ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَعْلَمُ بِمَا يَسْأَلُونَ بِهِ رَبَّهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَكْثَرُ النَّاسِ أَدَبًا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَمْ مِنْ سَائِلٍ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ يُسِيءُ فِي مَسْأَلَتِهِ وَأَدَبِهِ مَعَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟! وَكَمْ مِنْ دَاعٍ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَدْعُو لَهَا؛ لِجَهْلِهِ بِمَعَانِي الدُّعَاءِ؟! وَكَمْ مِنْ دَاعٍ يَتَعَدَّى فِي دُعَائِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55]، وَمِنَ الِاعْتِدَاءِ: كَوْنُ الْعَبْدِ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مَسَائِلَ لَا تَصْلُحُ لَهُ، أَوْ يَتَنَطَّعُ فِي السُّؤَالِ، أَوْ يُبَالِغُ فِي رَفْعِ صَوْتِهِ بِالدُّعَاءِ، فَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي الِاعْتِدَاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

 

وَلِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَسْئِلَةِ كَانَ يَسْأَلُهَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هِيَ مِنْ أَنْفَعِ الدُّعَاءِ وَأَجْمَعِ السُّؤَالِ، وَهَذِهِ اللَّيَالِي هِيَ لَيَالِي الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، فَنَاسَبَ أَنْ نَسْتَذْكِرَ جُمْلَةً مِنْ سُؤَالَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ فَمَا كَانَ لِيَخْتَارَ إِلَّا أَفْضَلَ الدُّعَاءِ وَأَحْسَنَ السُّؤَالِ.

 

فَمِنْ سُؤَالَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَالْمُرَادُ بِالْهُدَى فِي الْحَدِيثِ الْعِلْمُ، وَكُلُّ إِنْسَانٍ مُؤْمِنٍ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعِلْمِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى بَصِيرَةٍ، وَالْهُدَى إِذَا ذُكِرَ وَحْدَهُ يَشْمَلُ الْعِلْمَ وَالتَّوْفِيقَ لِلْحَقِّ، أَمَّا إِذَا قُرِنَ مَعَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوْفِيقِ لِلْحَقِّ فَإِنَّهُ يُفَسَّرُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَسُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى الْهِدَايَةَ وَالسَّدَادَ مِنْ أَنْفَعِ الْمَسْأَلَةِ وَالدُّعَاءِ. وَالتُّقَى هُوَ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّقْوَى مَحَلُّهَا الْقَلْبُ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُصَرِّفُ الْقُلُوبِ وَمُقَلِّبُهَا، وَيَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، فَإِذَا مُلِئَ قَلْبُ الْعَبْدِ تَقْوَى كَانَ مِنَ الْمُتَّقِينَ، فَسَأَلَ التَّقْوَى مِمَّنْ بِيَدِهِ الْقُلُوبُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الْعَفَافَ، وَهُوَ: أَنْ يَعُفَّ عَنْ كُلِّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْقَصْدِ وَالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَفِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْبَطْشِ وَالْمَشْيِ. وَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغِنَى، وَالْمُرَادُ بِهِ: الْغِنَى عَنِ الْخَلْقِ؛ بِحَيْثُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى أَحَدٍ سِوَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالْإِنْسَانُ إِذَا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الْخَلْقِ صَارَ عَزِيزَ النَّفْسِ غَيْرَ ذَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْخَلْقِ ذُلٌّ وَمَهَانَةٌ، وَالْحَاجَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عِزٌّ وَعِبَادَةٌ.

 

فَجَمَعَ هَذَا السُّؤَالُ الْمُوجَزُ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَانْتَظَمَتْ فِيهِ حَاجَاتُ الْعَبْدِ كُلُّهَا، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْفَاضِلَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الْإِجَابَةِ؛ لِتَصْلُحَ لَهُ أَحْوَالُ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.

 

وَمِنْ سُؤَالَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ دَعَوَاتٍ دَعَا بِهِنَّ فَقَالَ: سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَهَذَا السُّؤَالُ الْعَظِيمُ تَضَمَّنَ أَعْظَمَ الْمَسْأَلَةِ وَأَعْلَاهَا، وَهِيَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِهِ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ وَلَا فِتْنَةٍ؛ وَإِنَّمَا لِمَا عَلِمَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالْكَرَامَةِ لِلْمُؤْمِنِ. وَفِيهِ سُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى خَشْيَتَهُ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَهَذِهِ دَرَجَةُ الْإِحْسَانِ، وَهِيَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، بِأَنْ يُرَاقِبَ اللَّهَ تَعَالَى، وَأَنْ يَعْبُدَهُ سُبْحَانَهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَاهُ. وَفِيهِ سُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَى، وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهِ الْمُؤْمِنُ. وَفِيهِ سُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَمَنِ اقْتَصَدَ فِي الْفَقْرِ قَنِعَ بِرِزْقِهِ فَلَمْ تَمْتَدَّ يَدُهُ إِلَى حَرَامٍ، وَمَنِ اقْتَصَدَ فِي الْغِنَى لَمْ يُسْرِفْ. وَفِيهِ سُؤَالُ نَعِيمٍ لَا يَنْفَدُ، وَهُوَ نَعِيمُ الْجَنَّةِ، وَقُرَّةُ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَهِيَ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِصَلَاحِ الْبَيْتِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَاسْتِقَامَةِ الْحَالِ؛ لِيَتَّصِلَ فَرَحُهُ فِي الدُّنْيَا بِفَرَحِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَا يَجِدُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْكَرَامَةِ. وَفِيهِ سُؤَالُ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَمَنْ رَضِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَلَمْ يَأْسَ عَلَى مَا أَصَابَهُ؛ لِعِلْمِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُقَدِّرُ عَلَيْهِ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ، فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ. وَفِيهِ سُؤَالُ بَرْدِ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ وَذَلِكَ بِرَفْعِ الرُّوحِ إِلَى مَنَازِلِ السُّعَدَاءِ، وَدَرَجَاتِ الْمُقَرَّبِينَ، وَفَسْحِ الْقَبْرِ، وَجَعْلِهِ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَيْشَ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَا يَبْرُدُ لِأَحَدٍ، بَلْ هُوَ مَشُوبٌ بِالنَّكَدِ وَالْكَدَرِ، وَمَمْزُوجٌ بِالْآلَامِ الْبَاطِنَةِ، وَالْأَسْقَامِ الظَّاهِرَةِ. وَفِيهِ سُؤَالُ زِينَةِ الْإِيمَانِ، وَهِيَ زِينَةُ الْبَاطِنِ؛ إِذْ لَا مُعَوَّلَ إِلَّا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ زِينَتَانِ، زِينَةُ الْبَدَنِ، وَزِينَةُ الْقَلْبِ، وَهِيَ أَعْظَمُهَا قَدْرًا، وَإِذَا حَصَلَتْ حَصَلَتْ زِينَةُ الْبَدَنِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ فِي الْآخِرَةِ. وَفِيهِ سُؤَالُ الْهِدَايَةِ وَدَعْوَةُ النَّاسِ إِلَيْهَا فَوَصَفَ الْهُدَاةَ بِالْمُهْتَدِينَ؛ لِأَنَّ الْهَادِيَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُهْتَدِيًا فِي نَفْسِهِ لَمْ يَصْلُحْ هَادِيًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُوقِعُ النَّاسَ فِي الضَّلَالِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. فَهَذَا السُّؤَالُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدْعِيَةِ فِي مَعَانِيهِ، وَمِنْ أَنْفَعِهَا لِلْعَبْدِ، وَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ، وَأَنْ يَتَدَبَّرَ مَعَانِيَهُ، وَأَنْ يُلِحَّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ؛ فَإِنَّهُ دُعَاءٌ نَبَوِيٌّ مُبَارَكٌ، وَاللَّهُ مُجِيبُ الدُّعَاءِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «جَمَعَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ بَيْنَ أَطْيَبِ مَا فِي الدُّنْيَا، وَأَطْيَبِ مَا فِي الْآخِرَةِ».

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْفَاضِلَةِ ﴿ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَلِحُّوا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ، وَكَرِّرُوا الْمَسْأَلَةَ، وَتَضَرَّعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الدَّاعِينَ الْمُلِحِّينَ فِي دُعَائِهِمْ، وَاخْتَارُوا مِنَ الدُّعَاءِ أَجْمَعَهُ، وَأَكْثِرُوا مِنْ أَدْعِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَائِلِهِ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَتَدَبَّرُوا مَعَانِيَهَا؛ فَإِنَّ فِيهَا خَيْرًا عَظِيمًا.

 

وَمِنْ سُؤَالَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَهَذَا السُّؤَالُ النَّبَوِيُّ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُذْنِبٌ، وَعَفْوُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ يَمْحُو أَثَرَ ذَنْبِهِ، فَيَسْلَمُ مِنْ عُقُوبَتَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَسُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى الْعَافِيَةَ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ يَحْفَظُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْفِتْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ، أَوْ يُسَلَّطُ أَحَدٌ عَلَى دُنْيَاهُ فَيَطْمَعُ فِيمَا عِنْدَهُ، أَوْ يُبْتَلَى فِي أَهْلِهِ أَوْ فِي مَالِهِ؛ فَإِذَا حَصَلَتْ لَهُ الْعَافِيَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَسُؤَالُ اللَّهِ تَعَالَى السَّتْرَ مِنْ أَهَمِّ مَا يَكُونُ فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ الْفَضَائِحُ، وَفُتِحَ فِيهَا التَّوَاصُلُ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَضْحَتْ أَجْهِزَةُ التَّجَسُّسِ عَلَى النَّاسِ تُصَاحِبُهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَجُيُوبِهِمْ، بَلْ وَفِي خَلَوَاتِهِمْ عَلَى فُرُشِهِمْ، وَالْفَضِيحَةُ عَارٌ عَلَى الرَّجُلِ وَيَلْحَقُ عَارُهَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَقَرَابَتَهُ.

 

وَسُؤَالُ تَأْمِينِ الرَّوْعَاتِ مُهِمٌّ؛ لِأَنَّنَا فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ مَصَائِبُ الْفَجْأَةِ، وَمَوْتُ الْفَجْأَةِ، وَلِسَانُ حَالِ الْعَبْدِ إِذَا أَصْبَحَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ؛ لِئَلَّا يَفْجَأَهُ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي حُسْبَانِهِ. وَكَذَلِكَ سُؤَالُ الْحِفْظِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَحْتَاجُ إِلَى حِفْظِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ.

 

وَبِهَذَا نَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ السُّؤَالَاتِ النَّبَوِيَّةَ مِنْ أَنْفَعِ السُّؤَالَاتِ، وَأَعْظَمِ الدُّعَاءِ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهِ، وَيُكْثِرَ مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (2)
  • سؤالات النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل (3)

مختارات من الشبكة

  • الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • أربعون فائدة من سؤالات الآجري للإمام أبي داود السجستاني (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • سؤالات المحدثين وقيمتها العلمية لسارة العتيبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سؤالات عن الرجبيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سؤالات ابن القيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد منتقاة من كتاب سؤالات السلمي للدارقطني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأجوبة النبوية السديدة على سؤالات الصحابة المفيدة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود (الجزء الثالث)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي ( الطهارة ) (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • سؤالات ابن وهف لشيخ الإسلام ابن باز (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/5/1447هـ - الساعة: 16:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب