• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مصارع العُشَّاق: تشخيص الداء، ووصف الدواء (WORD)
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    الصدقات سبب في نزول البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس الثامن والعشرون: حقوق الزوج على الزوجة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    بناء الإنسان قيمة حضارية (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    أيها الداعي! اعزم مسألتك وعظم رغبتك (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    العام الجديد والتغيير المنشود (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    عام تصرم وعام يتقدم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    فضل صلاة الضحى
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: ﴿ قل يا أهل الكتاب ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    حر الصيف (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    وما خرفة الجنة؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    معنى كلام خديجة رضي الله عنها
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حياة من الجن وجن من الحيات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    تحريم صرف الخشية لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    شروط الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش

فاحشة قوم لوط عليه السلام (4) الإسراف في الفواحش
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/12/2022 ميلادي - 15/5/1444 هجري

الزيارات: 11881

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فاحشة قوم لوط عليه السلام (4)

الإسراف في الفواحش

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ هِدَايَةً لِلنَّاسِ فِي عَقَائِدِهِمْ وَعِبَادَاتِهِمْ، وَتَزْكِيَةً لَهُمْ فِي أَخْلَاقِهِمْ وَسُلُوكِهِمْ، وَمَوْعِظَةً لِقُلُوبِهِمْ ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 2].

 

وَمِمَّا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ خَبَرُ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَوْمِهِ الَّذِينَ فُتِنُوا بِفَاحِشَةٍ لَمْ يُسْبَقُوا إِلَيْهَا، وَشُهِرُوا بِهَا، وَعُذِّبُوا عَلَيْهَا، بَعْدَ أَنْ وَعَظَهُمْ لُوطٌ فَلَمْ يَسْتَمِعُوا لِمَوَاعِظِهِ، وَأَصَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَفَوَاحِشِهِمْ. وَمِنَ اللَّافِتِ فِي قِصَّتِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِالْإِسْرَافِ عَلَى لِسَانِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 80- 81].

 

«وَالْإِسْرَافُ مُجَاوَزَةُ الْعَمَلِ مِقْدَارَ أَمْثَالِهِ فِي نَوْعِهِ، أَيِ: الْمُسْرِفُونَ فِي الْبَاطِلِ وَالْجُرْمِ... أَيْ: أَنْتُمْ قَوْمٌ تَمَكَّنَ مِنْهُمُ الْإِسْرَافُ فِي الشَّهَوَاتِ؛ فَلِذَلِكَ اشْتَهَوْا شَهْوَةً غَرِيبَةً لَمَّا سَئِمُوا الشَّهَوَاتِ الْمُعْتَادَةَ. وَهَذِهِ شَنْشَنَةُ الِاسْتِرْسَالِ فِي الشَّهَوَاتِ حَتَّى يُصْبِحَ الْمَرْءُ لَا يَشْفِي شَهْوَتَهُ شَيْءٌ، وَنَحْوَهُ قَوْلُهُ عَنْهُمْ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 166]. وَوَجْهُ تَسْمِيَةِ هَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ فَاحِشَةً وَإِسْرَافًا أَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ: مِنْهَا اسْتِعْمَالُ الشَّهْوَةِ الْحَيَوَانِيَّةِ الْمَغْرُوزَةِ فِي غَيْرِ مَا غُرِزَتْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِي الْإِنْسَانِ الشَّهْوَةَ الْحَيَوَانِيَّةَ لِإِرَادَةِ بَقَاءِ النَّوْعِ بِقَانُونِ التَّنَاسُلِ، حَتَّى يَكُونَ الدَّاعِي إِلَيْهِ قَهْرِيًّا يَنْسَاقُ إِلَيْهِ الْإِنْسَانُ بِطَبْعِهِ، فَقَضَاءُ تِلْكَ الشَّهْوَةِ فِي غَيْرِ الْغَرَضِ الَّذِي وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَجْلِهِ اعْتِدَاءٌ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَلَى النَّوْعِ... وَلِأَنَّ فِيهِ امْتِهَانًا مَحْضًا لِلْمَفْعُولِ بِهِ؛ إِذْ يُجْعَلُ آلَةً لِقَضَاءِ شَهْوَةِ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ مَا وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي نِظَامِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ مِنْ قَضَاءِ الشَّهْوَتَيْنِ مَعًا؛ وَلِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى قَطْعِ النَّسْلِ أَوْ تَقْلِيلِهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَجْلِبُ أَضْرَارًا لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ؛ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ مَحَلَّيْنِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَا لَهُ».

 

إِنَّ وَصْفَ قَوْمِ لُوطٍ بِالْإِسْرَافِ وَصْفٌ يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ وَيَتَدَبَّرَهُ، وَأَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيْهِ وَيَتَجَاوَزَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِسْرَافَ يُؤَدِّي إِلَى الضَّرَرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى نَهَى الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 141]. قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: «نُهُوا عَنِ الْإِسْرَافِ فِي كُلِّ شَيْءٍ». وَالْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَ قَوْمَ لُوطٍ فِي ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ، وَعَمَلِ الْخَبَائِثِ. وَالْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ هُوَ الَّذِي أَوْصَلَ الْبِلَادَ الْغَرْبِيَّةَ إِلَى مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الِانْحِلَالِ الْأَخْلَاقِيِّ، وَالتَّفَكُّكِ الْأُسَرِيِّ. وَلَا يَقِفُ الْمُسْرِفُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ عِنْدَ حَدٍّ مُعَيَّنٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِالْعَجَائِبِ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تُصَدَّقُ، لَوْلَا أَنَّهَا وَقَعَتْ، ثُمَّ دُوِّنَتْ فِي مَوْسُوعَاتِ الْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ وَالْجِنْسِيَّةِ.

 

وَالْغَرْبُ حِينَ أَسْرَفَ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ انْتَشَرَتْ فِيهِ الْفَوَاحِشُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي السَّالِفِينَ مِنَ الْبَشَرِ. وَبِسَبَبِ الْإِسْرَافِ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ عِنْدَ الْغَرْبِيِّينَ تَقَلَّصَ الزَّوَاجُ وَانْتَشَرَ الزِّنَا، ثُمَّ انْتَقَلُوا مِنَ الزِّنَا الْفَرْدِيِّ إِلَى الزِّنَا الْجَمَاعِيِّ. وَبِسَبَبِ الْإِسْرَافِ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ انْتَقَلُوا مِنَ الزِّنَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ إِلَى زِنَا الْمَحَارِمِ، ثُمَّ إِلَى تَبَادُلِ الزَّوْجَاتِ، ثُمَّ إِلَى فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ، وَتَلَذُّذِ الرِّجَالِ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ بِالنِّسَاءِ، فِي إِبَاحِيَّةٍ مَمْجُوجَةٍ، وَدِيَاثَةٍ مَمْقُوتَةٍ. وَانْتَشَرَ الِاغْتِصَابُ مَعَ أَنَّ الزِّنَا مُيَسَّرٌ وَمُتَاحٌ، وَلَكِنَّ اغْتِصَابَ الضَّحِيَّةِ فَصْلٌ جَدِيدٌ مِنْ فُصُولِ طَلَبِ اللَّذَّةِ. وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْكَبْتَ الْجِنْسِيَّ فِي الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ سَبَبٌ لِلِاغْتِصَابِ أَوْ لِتَفَشِّي فَاحِشَةِ قَوْمِ لُوطٍ؛ إِذْ إِنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْمُمَارَسَاتِ الْجِنْسِيَّةِ مُتَاحَةٌ فِي الْعَالَمِ الْغَرْبِيِّ، وَمَعَ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِيهِ اغْتِصَابُ النِّسَاءِ، وَتَكْثُرُ فِيهِ فَاحِشَةُ قَوْمِ لُوطٍ. وَالسَّبَبُ الْحَقِيقِيُّ لِذَلِكَ هُوَ الْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ.

 

وَإِبَّانَ الثَّوْرَةِ الْجِنْسِيَّةِ الْكُبْرَى الَّتِي كَانَتْ فِي الْغَرْبِ قَبْلَ نَحْوِ سِتَّةِ عُقُودٍ انْتَقَلَ الْغَرْبُ مِنْ مُمَارَسَةِ الْفَاحِشَةِ إِلَى صِنَاعَتِهَا وَتَرْوِيجِهَا عَبْرَ الْأَفْلَامِ الْإِبَاحِيَّةِ الَّتِي تَعْرِضُ الْفَوَاحِشَ بِأَنْوَاعِهَا. وَمَعَ تَطْبِيعِ النَّاسِ فِي الْغَرْبِ عَلَى الْجِنْسِ بِأَنْوَاعِهِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَنَشْرِ ثَقَافَتِهِ وَقِصَصِهِ وَأَخْبَارِهِ فِي أَفْلَامٍ وَمَجَلَّاتٍ؛ أُصِيبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِهَوَسٍ جِنْسِيٍّ لَا حَدَّ لَهُ، فَانْتَقَلَ بَعْضُهُمْ إِلَى اغْتِصَابِ الْعَجَائِزِ، وَإِلَى مُعَاشَرَةِ الْأَطْفَالِ، حَتَّى أَوْصَلَهُمْ إِلَى اشْتِهَاءِ الرُّضَّعِ، وَأَيُّ شَهْوَةٍ فِي الرَّضِيعِ؟ وَيَا لَهُ مِنَ انْتِهَاكٍ صَارِخٍ لِحُقُوقِ الْأَطْفَالِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَتِ الْقَوَانِينُ تَمْنَعُهُ فَإِنَّ صُنَّاعَ اللَّذَّةِ يُوَفِّرُونَهُ لِمَنْ يُرِيدُهُ بِالْمَالِ عَبْرَ اخْتِطَافِ الْأَطْفَالِ، أَوْ شِرَائِهِمْ مِنَ الدُّوَلِ الْفَقِيرَةِ. وَلَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى وَصَلَ الْأَمْرُ بِجَمَاعَاتٍ مِنْهُمْ إِلَى مُعَاشَرَةِ الْحَيَوَانَاتِ، وَصُنِعَتْ أَفْلَامٌ إِبَاحِيَّةٌ تُرَوِّجُ لِكُلِّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مِنَ الْفَوَاحِشِ الْمُسْتَقْذَرَةِ وَالْمُسْتَخْبَثَةِ عِنْدَ الْأَسْوِيَاءِ مِنَ الْبَشَرِ. نَاهِيكُمْ عَمَّا تَعِجُّ بِهِ الْمَوْسُوعَاتُ الْمُتَخَصِّصَةُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ غَرَائِبَ فِي مُمَارَسَةِ الْفَوَاحِشِ؛ كَالسَّادِيَّةِ، وَهِيَ تَعْذِيبُ الضَّحِيَّةِ أَثْنَاءَ الْمُمَارَسَةِ الْجِنْسِيَّةِ، وَتَصِلُ إِلَى الْقَتْلِ، وَكَمْ مِنْ فَتَاةٍ قُتِلَتْ وَمُزِّقَتْ لِإِشْبَاعِ شَهْوَةِ حَيَوَانٍ بَشَرِيٍّ لَا تَكْتَمِلُ لَذَّتُهُ إِلَّا حِينَ يُقَطِّعُ فَتَاةً أَوْ تُقَطَّعُ أَمَامَهُ. وَبَحَثُوا عَنِ اللَّذَّةِ فِي أُمُورٍ مُسْتَقْذَرَةٍ؛ كَمُبَاشَرَةِ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ. وَلَنْ يَنْتَهِيَ بِهِمُ الْإِسْرَافُ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ إِلَى حَدٍّ مُعَيَّنٍ.

 

إِنَّ مَنْ يَكْتَفِي بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ اللَّذَّةِ، فَيَسْتَمْتِعُ بِالزَّوَاجِ، وَلَا يُجَاوِزُهُ إِلَى غَيْرِهِ، يَرْتَاحُ وَيُرِيحُ؛ فَتَسْتَقِرُّ نَفْسُهُ، وَيَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ، وَتَسْتَقِيمُ حَالُهُ، وَيَتَفَرَّغُ ذِهْنُهُ لِمَا يَنْفَعُهُ. بِخِلَافِ مَنْ أَسْرَفَ فِي طَلَبِ اللَّذَّةِ؛ فَإِنَّهُ دَائِمُ الْفِكْرِ فِي الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَتَدْعُوهُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ، وَيُزَيِّنُهَا لَهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَلَا يَكْتَفِي بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الزَّوَاجِ حَتَّى يَقَعَ فِي الْحَرَامِ، وَلَا يَشْبَعُ وَلَوْ عَاشَرَ مِائَةَ امْرَأَةٍ، كَشَارِبِ مَاءِ الْبَحْرِ لَا يُرْوَى أَبَدًا. وَيَظَلُّ يَبْحَثُ عَنِ اللَّذَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ الْفَوَاحِشَ كُلَّهَا. وَكُلَّمَا جَرَّبَ نَوْعًا جَدِيدًا مِنَ اللَّذَّةِ مَهْمَا كَانَ مُسْتَقْبَحًا وَمُسْتَقْذَرًا انْتَقَلَ إِلَى غَيْرِهِ فِي سُعَارٍ شَهْوَانِيٍّ لَا يَنْتَهِي. وَصَدَقَ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ خَاطَبَ قَوْمَ لُوطٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ فَاللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123-124].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْغَرِيزَةُ الْجِنْسِيَّةُ حَاجَةٌ فِطْرِيَّةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ وَالْحَشَرَاتِ، وَسَائِرِ الْأَحْيَاءِ؛ لِلْحِفَاظِ عَلَى النَّسْلِ، وَمَا أَفْسَدَ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كَإِفْسَادِ الْإِنْسَانِ. وَكُلُّ الْخَبَائِثِ الْجِنْسِيَّةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ فُعِلَتْ فِي الْحَضَارَةِ الْمُعَاصِرَةِ، وَأَتَتْ بِجَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ فِي السَّالِفِينَ بِسَبَبِ الْإِسْرَافِ فِي الْبَحْثِ عَنِ اللَّذَّةِ، وَإِشْبَاعِ الشَّهْوَةِ، وَهَذَا الْإِسْرَافُ فِي الْبَحْثِ عَنِ اللَّذَّةِ حَوَّلَ الْعَلَاقَةَ الْجِنْسِيَّةَ إِلَى سِلْعَةٍ اسْتِهْلَاكِيَّةٍ، فَحُوِّلَتْ مَعَهَا الْمَرْأَةُ إِلَى سِلْعَةٍ اسْتِعْرَاضِيَّةٍ اسْتِهْلَاكِيَّةٍ، تَسْتَعْرِضُ مَفَاتِنَهَا، وَتُسْتَغَلُّ مِنْ أَرَاذِلِ الرِّجَالِ. ثُمَّ جَاوَزُوا ذَلِكَ إِلَى السَّعْيِ فِي تَحْوِيلِ الرِّجَالِ إِلَى سِلْعَةٍ اسْتِهْلَاكِيَّةٍ بِنَشْرِ فَوَاحِشِ قَوْمِ لُوطٍ فِي النَّاسِ.

 

وَالسَّبَبُ الْأَهَمُّ لِلْإِسْرَافِ فِي الْبَحْثِ عَنِ اللَّذَّةِ ضَعْفُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْعَيْشُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا. وَهِيَ النَّظْرَةُ الَّتِي سَادَتْ فِي الْغَرْبِ إِبَّانَ إِسْقَاطِ الْكَنِيسَةِ، وَرُكُوبِ الْعَلْمَانِيَّةِ، ثُمَّ تَسَرَّبَتْ مِنْهُ إِلَى بَقِيَّةِ الْعَالَمِ. وَإِلَّا فَإِنَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يَعْلَمُ أَنَّ ثَمَّةَ بَعْثًا وَحِسَابًا وَجَزَاءً، فَيَضْبِطُ شَهْوَتَهُ بِضَابِطِ الشَّرْعِ، وَلَا يَتَجَاوَزُ الْحَلَالَ إِلَى الْحَرَامِ، فَيَسْلَمُ مِنَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. وَإِذَا وَقَعَ فِي فَاحِشَةٍ أَوِ ارْتَكَبَ خَطِيئَةً فَإِنَّهُ لَا يُصِرُّ عَلَيْهَا، وَلَا يَسْتَحِلُّهَا، وَلَا يُشِيعُهَا فِي النَّاسِ. بَلْ يُبَادِرُ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَمَحْوِهَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 135- 136].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (1) عظم المنكر.. وانتكاس الفطرة
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (2) تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (3) من الاستتار والتحريم إلى المجاهرة والتحليل
  • لوط عليه السلام (1)
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (5) الأسرة السوية.. والأسر البديلة
  • خطبة: التحذير من الإسراف في الماء والهدر الغذائي
  • الإسراف ذنب وإتلاف (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مذهب الصحابة رضي الله عنهم قتل من عمل فاحشة عمل قوم لوط(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • مسألة النظر إلى مصطلح (الفاحشة أو الفحشاء أو الفواحش)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {والذين إذا فعلوا فاحشة}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فاحشة الزنا: مفاسدها وأضرارها (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فاحشة الزنا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • جريمة فاحشة اللواط في ضوء الكتاب والسنة(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تفسير آية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الكلام على قوله تعالى ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا ) من سورة الأعراف(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أهمية السنة - فاحشة الزنا(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/1/1447هـ - الساعة: 14:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب