• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه

العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2020 ميلادي - 17/4/1442 هجري

الزيارات: 14253

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم بالله تعالى (3)

دلائل ربوبيته سبحانه

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: شَرَفُ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ، كَمَا أَنَّ ضِعَةَ الْعِلْمِ بِضِعَةِ الْمَعْلُومِ، وَمِنَ الضَّيَاعِ فِي الدُّنْيَا، وَالْخُسْرَانِ فِي الْآخِرَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ مِنَ الْعُلُومِ مَا لَا يَنْفَعُهُ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، وَمَا لَا نَفْعَ فِيهِ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ. بَلْ يَضُرُّهُ وَيُضِلُّهُ. وَلَمَّا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَخَالِقُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَلَهُ التَّصْرِيفُ وَالتَّقْدِيرُ وَالتَّدْبِيرُ، وَإِلَيْهِ الْمَآبُ وَالْمَرْجِعُ وَالْمَصِيرُ؛ كَانَ الْعِلْمُ بِهِ سُبْحَانَهُ أَشْرَفَ الْعُلُومِ وَأَعْلَاهَا وَأَنْفَعَهَا؛ فَلَا عِلْمَ أَشْرَفُ مِنَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِمُرَادِهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا عِلْمَ أَنْفَعُ لِلْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ الْعِلْمِ؛ فَكُلُّ عُلُومِ الدُّنْيَا مَهْمَا عَلَتْ وَنَفَعَتْ فَهِيَ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا وَعُلُومَهَا إِلَى زَوَالٍ، وَالْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَبْقَى نَفْعُهُ وَأَثَرُهُ وَلَا يَزُولُ ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزُّمَرِ: 9].

 

وَرُبُوبِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ أَثْبَتَهَا سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ بِكُلِّ طَرَائِقِ الِاسْتِدْلَالِ، بَلْ غَرَسَهَا فِي فِطَرِهِمْ لِيَنْشَئُوا عَلَيْهَا، وَوَهَبَ لَهُمُ الْعُقُولَ لِيَعْقِلُوهَا وَيَفْهَمُوا بَرَاهِينَهَا، وَأَرَاهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي الْآفَاقِ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَلَيْسَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا الْجُحُودُ وَالْعِنَادُ وَالِاسْتِكْبَارُ:

فَأَمَّا دَلَائِلُ الْفِطْرَةِ: فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صَبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 138]، قَالَ مُجَاهِدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «صِبْغَةَ اللَّهِ: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا». وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الرُّومِ: 30]، قَالَ الطَّبَرِيُّ: «صَنْعَةَ اللَّهِ الَّتِي خَلَقَ النَّاسَ عَلَيْهَا». وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 172]، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: «أَقَرَّتِ الْأَرْوَاحُ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ أَجْسَادُهَا». وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ آثَارِ الْفِطْرَةِ عَلَى الرُّبُوبِيَّةِ: أَنَّهَا تَظْهَرُ فِي الشَّدَائِدِ، فَيُقِرُّ الْإِنْسَانُ فِي شَدَائِدِهِ وَمَصَائِبِهِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَلْجَأُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَلَوْ كَانَ يَجْحَدُهَا فِي رَخَائِهِ وَعَافِيَتِهِ، وَيَدْعُوهُ بِقَلْبِهِ وَلَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ عُلُوًّا وَاسْتِكْبَارًا، وَيُقَلِّبُ نَظَرَهُ فِي السَّمَاءِ يَنْتَظِرُ الْفَرَجَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا ﴾ [يُونُسَ: 12]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾ [الرُّومِ: 33]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ﴾ [الزُّمَرِ: 8]. فَالْإِخْبَارُ فِي الْآيَاتِ عَنِ الْإِنْسَانِ وَعَنِ النَّاسِ، وَهَذَا يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْمُلْحِدَ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْبَشَرِ يَلْجَئُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقُلُوبِهِمْ فِي شَدَائِدِهِمْ، وَلَوْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَهِيَ ضَرُورَةٌ بَشَرِيَّةٌ فِطْرِيَّةٌ دَلَّ عَلَيْهَا النَّصُّ وَالْوَاقِعُ. وَكَانَ أَحَدُ مَلَاحِدَةِ الْعَرَبِ قَدِ اصْطَنَعَ فِي مَقَالَاتِهِ وَقَصَائِدِهِ وَكُتُبِهِ خُصُومَةً مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَجَّدَ الشَّيْطَانَ لِعِصْيَانِهِ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَفَضْهِ السُّجُودَ لِآدَمَ، وَلَكِنَّ هَذَا الْبَائِسَ حِينَ نَهَشَهُ السَّرَطَانُ؛ عَادَ إِلَى فِطْرَتِهِ مُقِرًّا بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَدَوَّنَتْ زَوْجَتُهُ سِيرَتَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَمِمَّا ذَكَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُودُهُ إِلَى غُرْفَةِ الْعَمَلِيَّاتِ، وَهُوَ يُتَمْتِمُ بِالشَّهَادَتَيْنِ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)، قَالَتْ زَوْجَتُهُ: ضَحِكْتُ، وَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ أَمْسَكْتُكَ مُتَلَبِّسًا بِالْإِيمَانِ، ابْتَسَمَ فِي هُدُوءٍ مُرَدِّدًا فِي هَمْسِ خَائِفٍ: أَخْشَى أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيَّ الْبَنْجُ. فَعَادَتِ الْفِطْرَةُ فِي الشِّدَّةِ، وَتَلَاشَى الْعُتُوُّ وَالِاسْتِكْبَارُ فِي حَالَةِ الضَّعْفِ؛ لِيُقِرَّ الْعَبْدُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ كَانَ مِنْ قَبْلُ يَجْحَدُهُ.

 

وَأَمَّا دَلَائِلُ الْحِسِّ عَلَى الرُّبُوبِيَّةِ: فَمَا يَجِدُهُ الْعَبْدُ مِنْ يُسْرٍ بَعْدَ عُسْرٍ، وَمِنْ فَرَجٍ بَعْدَ كَرْبٍ، وَمِنْ رَخَاءٍ بَعْدَ شِدَّةٍ. وَفِي الْغَالِبِ أَنَّ حَالَةَ الضَّعْفِ الْبَشَرِيِّ تَقُودُ الْعَبْدَ إِلَى الدُّعَاءِ وَلَوْ كَانَ مِنْ قَبْلُ مُعَانِدًا مُسْتَكْبِرًا، وَقَدْ قَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 134]. وَهُوَ مِنْ قَبْلُ قَدِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَالْأُلُوهِيَّةَ؛ وَلِذَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ [النَّمْلِ: 14]، وَمَا مِنْ عَبْدٍ دَعَا رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَهُوَ مَكْرُوبٌ إِلَّا وَجَدَ أَثَرَ ذَلِكَ الدُّعَاءِ وَلَوْ كَانَ مِنْ قَبْلُ مُشْرِكًا أَوْ مُلْحِدًا مُسْتَكْبِرًا، وَهَذَا مِنْ دَلَائِلِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ جَعَلَ دُعَاءَ الْمَكْرُوبِ مُجَابًا وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ أَوِ الْجُحُودِ وَالِاسْتِكْبَارِ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 62]. وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى مَلَاحِدَةٌ دُهْرِيُّونَ، يَجْحَدُونَ الْخَالِقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيُنْكِرُونَ الْبَعْثَ وَالنُّشُورَ ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 24]، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ إِذَا دَعَوُا اللَّهَ تَعَالَى فِي كَرْبِهِمْ أَجَابَ دُعَاءَهُمْ، وَفَرَّجَ كَرْبَهُمْ؛ لِعَظِيمِ حَقِّ الْمَكْرُوبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِذَا لَجَأَ إِلَيْهِ ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 65].

 

اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَاسْتَعْمِلْنَا فِي طَاعَتِكَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: دَلَائِلُ الْكَوْنِ وَالْخَلْقِ عَلَى الرُّبُوبِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَهِيَ آيَاتٌ يَرَاهَا النَّاسُ بِأَعْيُنِهِمْ، وَيُعَايِشُونَهَا فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ؛ وَلِذَا جَاءَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ كَثِيرَةٍ؛ لِلَفْتِ الْأَنْظَارِ إِلَيْهَا، وَعَدَمِ الْغَفْلَةِ عَنْهَا، وَهَاكُمْ جُمْلَةً مِنْهَا: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ﴾ [الرُّومِ: 20-25]، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾ [فُصِّلَتْ: 37]، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فُصِّلَتْ: 39]، ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فُصِّلَتْ: 53]، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ﴾ [الشُّورَى: 29]، ﴿ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 3 - 6]، ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 6 - 8]، ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 20- 21].

 

وَقَدْ عَاشَ الْإِنْسَانُ مَا عَاشَ مِنْ عُمْرِهِ فَلَمْ يَرَ فِي حَيَاتِهِ حَرَكَةً بِلَا مُحَرِّكٍ، وَلَا صَنْعَةً بِلَا صَانِعٍ، وَلَا عِلَّةً بِلَا مَعْلُولٍ، وَلَا سَبَبًا بِلَا مُسَبِّبٍ؛ وَلِذَا أَلْجَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَاحِدَةَ بِهَذِهِ الْأَسْئِلَةِ الْقُرْآنِيَّةِ الْعَظِيمَةِ: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ﴾ [الطُّورِ: 35 - 37]، فَلَا خَلَقُوا أَنْفُسَهُمْ، وَلَا خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ خَالِقٍ. بَلْ خَلَقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُبْتَلِيهِمْ، وَإِلَيْهِ مَرْجِعُهُمْ وَمَآبُهُمْ، وَعَلَيْهِ حِسَابُهُمْ وَجَزَاؤُهُمْ. فَاحْفَظُوا إِيمَانَكُمْ، وَزِيدُوا أَعْمَالَكُمْ؛ فَإِنَّ السَّعِيدَ مَنْ وَافَى بِإِيمَانٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ، وَالشَّقِيَّ مَنْ فَارَقَ الْإِيمَانَ وَتَرَكَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم بالله تعالى (1) شرفه ولذته
  • العلم بالله تعالى (2) العلم بربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (4) من مظاهر ربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (5) الأساليب القرآنية في إثبات الربوبية (خطبة)
  • العلم بالله تعالى (6) لوازم العلم بربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية
  • العلم بالله تعالى (9) الربوبية العامة.. والربوبية الخاصة
  • العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طبيعة العلم من المنظور الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • نصائح مهمة للمبتدئين في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرف العلم وفضيلته في القرآن الكريم ودلالته الدينية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في أهمية السؤال وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العلم الإلهي أو العلم بالله عند ابن تيمية (مقدمة)(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات - الثاني: العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انطلاق دورة (العلم قوة العلم نجاح) للطلاب المسلمين في زينيتسا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب