• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سورة البقرة (1) الفضل والأثر

سورة البقرة (1) الفضل والأثر
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/9/2020 ميلادي - 12/2/1442 هجري

الزيارات: 40388

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (1)

الفضل والأثر

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هِدَايَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَحَدَّى الْبَشَرَ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ كَلَامِهِ فَحَاوَلُوا وَعَجَزُوا وَانْقَطَعُوا ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 23]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ لَا خَيْرَ إِلَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا حَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَالْزَمُوا كِتَابَهُ الْكَرِيمَ؛ فَإِنَّهُ الْهَادِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وَالطَّرِيقُ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا هُوَ أَصْوَبُ ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 9- 10].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَطْوَلُ سُوَرِ الْقُرْآنِ، وَأَكْثَرُهَا تَفْصِيلًا لِلْأَحْكَامِ، وَمَحْشُوَّةٌ بِالتَّذْكِيرِ وَالْعِظَاتِ، فَلَا عَجَبَ أَنْ يَمْكُثَ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَعَلُّمِهَا ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ؛ لِأَنَّهُ «كَانَ يَتَعَلَّمُهَا بِأَحْكَامِهَا وَمَعَانِيهَا وَأَخْبَارِهَا، فَكَذَلِكَ طَالَ مُكْثُهُ فِيهَا».

 

وَلِهَذِهِ السُّورَةِ الْعَظِيمَةِ فَضَائِلُ كَثِيرَةٌ، وَأَثَرُهَا عَلَى قَارِئِهَا عَظِيمٌ:

فَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّهَا تَحْوِي أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255]. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقِرَاءَتُهَا بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّهَا تَقِي قَارِئَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ الشَّيْطَانِ، وَفِيهِ قَالَ: «إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّ آخِرَ آيَتَيْنِ مِنْهَا تَكْفِي قَارِئَهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «قِيلَ: مَعْنَاهُ: كَفَتَاهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقِيلَ: مِنَ الْآفَاتِ، وَيَحْتَمِلُ مِنَ الْجَمِيعِ»، وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّهَا تَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ مِنَ الْبُيُوتِ الَّتِي تُقْرَأُ فِيهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «... إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّهَا تَشْفَعُ لِقَارِئِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ؛ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَثَوَابُ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِصَاحِبِهِ مِثْلَ الْغَيْمَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ، أَوْ مِثْلَ فَرِيقَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنَ الطُّيُورِ، مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ الثَّوَابِ وَعِظَمِهِ؛ وَذَلِكَ لِلْمُحَاجَّةِ عَنْ قَارِئِهِمَا.

 

وَخَصَّ الْبَقَرَةَ بِجُمْلَةٍ مِنَ الْخَصَائِصِ الْعَظِيمَةِ فَقَالَ:

«اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ»: أَيْ: تَحُلُّ الْبَرَكَةُ عَلَى قَارِئِهَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَكُلِّ شُئُونِهِ، كَمَا أَنَّ الْحَسْرَةَ تُحِيطُ بِتَارِكِهَا وَهَاجِرِهَا، وَهَذَا مِمَّا يُحَفِّزُ الْعَبْدَ لِكَثْرَةِ قِرَاءَتِهَا.

 

«وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ»: فَسَّرَ رَاوِي الْحَدِيثِ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَامٍ «الْبَطَلَةَ» هُنَا بِالسَّحَرَةِ، فَقَارِئُهَا قَدْ حَصَّنَ نَفْسَهُ مِنَ السِّحْرِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَنَّ الْمَسْحُورَ وَالْمَعْيُونَ وَالْمَمْسُوسَ إِذَا دَاوَمُوا عَلَى قِرَاءَتِهَا ذَهَبَ مَا بِهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّهَا سَنَامُ الْقُرْآنِ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ حَضَرَتْ مَنْ قَرَأَهَا وَاسْتَمَعَتْ إِلَيْهِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ، إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ، فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لَا أَرَاهَا، قَالَ: وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ، وَوَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَيَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَهَا وَقْعٌ خَاصٌّ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَكَانُوا يَتَشَرَّفُونَ بِالِانْتِسَابِ لَهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسِبُهُمْ لَهَا، وَيَنْخَاهُمْ فِي الْحَرْبِ بِهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ الصَّحَابَةُ يَنْتَخُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِهَا؛ كَمَا وَقَعَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ؛ إِذْ كَانَ عَبَّاسٌ وَأَبُو سُفْيَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَخَطَبَهُمْ، وَقَالَ: الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ، وَقَالَ: نَادِ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَدْ قِيلَ: خَصَّهَا بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ السُّوَرِ؛ لِمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ آيَاتِ التَّثْبِيتِ وَالنَّصْرِ، وَوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ. وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «كَانَ شِعَارُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقْرَةِ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

 

وَقَرَأَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: قَرُبَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ، فَقَالَ: لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

 

وَإِزَاءَ هَذِهِ الْفَضَائِلِ الْكَثِيرَةِ لِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَأَثَرِهَا الْعَظِيمِ فِي حَيَاةِ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ هَجْرُهَا، بَلْ يُدِيمُ قِرَاءَتَهَا وَتَدَبُّرَهَا وَفَهْمَ مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ حَسَبَ اسْتِطَاعَتِهِ؛ لِتَكُونَ حِصْنًا لَهُ وَلِبَيْتِهِ وَأَهْلِهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَبَرَكَةً عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَلِتَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَثْقُلَ بِهَا مَوَازِينُهُ، وَتَكْثُرَ بِهَا حَسَنَاتُهُ؛ فَإِنَّ بِكُلِّ حِرَفٍ حَسَنَةً، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ.

 

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَعْرِفُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ إِلَّا مِنَ الْحَوْلِ إِلَى الْحَوْلِ، حِينَ يَقْرَؤُهَا فِي رَمَضَانَ، وَهَذَا مِنْ هِجْرَانِهَا وَهِجْرَانِ الْقُرْآنِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وِرْدٌ يَوْمِيٌّ يُحَافِظُ عَلَيْهِ مَهْمَا كَانَتْ مَشَاغِلُهُ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ رَبِيعُ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنِيسُهُ فِي قَبْرِهِ، وَحُجَّتُهُ يَوْمَ نَشْرِهِ، وَثِقَلُهُ فِي مِيزَانِهِ، إِذَا قَرَأَهُ وَتَدَبَّرَهُ وَعَمِلَ بِهِ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة للحافظ ابن حجر من فتح الباري
  • اقتران الأسماء الحسنى في أواخر الآيات من سورة البقرة حصرها، معانيها، مناسباتها
  • الهداية في القرآن من خلال سورة البقرة
  • الكتم في سورة البقرة وأثره في الأمانة
  • التوبة في سورة البقرة وأثرها في الإيمان
  • هدايات تربوية من سورة البقرة
  • سورة البقرة وقصة الامتحانات
  • رمزية معركة البقرة الوحشية وفناء الوعل في القصيدة القديمة
  • سورة البقرة (2) أقسام الناس
  • موضوعات سورة البقرة (1)
  • سورة البقرة (3) قصة الخلق والابتلاء
  • سورة البقرة (4) الإسلام والإيمان والإحسان
  • سورة البقرة (6) تقرير الألوهية
  • سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • إجازة أهل الفضل لأهل الفضل(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تفسير ابن باز لسورة البقرة الآيات: 1 – 10(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مناسبة سورة الأنفال لسورتي البقرة وآل عمران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خواطر حول سورة الفتح (2) فضل سورة الفتح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى السورة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصَّل ( 13 ) فضل سورة الإخلاص(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 12 ) سور المعوذات ما هي وما فضلها(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • نسبة الفضل لله {ذلك من فضل الله علينا}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب