• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

من أسباب الطلاق (4)

من أسباب الطلاق (4)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2020 ميلادي - 11/11/1441 هجري

الزيارات: 15498

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أسباب الطلاق (4)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مَبْنَى الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرُّومِ: 21]. وَكُلُّ مَا يُعَكِّرُ الْحَيَاةَ الزَّوْجِيَّةَ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يُوصِدُ الْأَبْوَابَ دُونَهُ، وَيَقْطَعُ الطُّرُقَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَيْهِ؛ لِتَسْتَمِرَّ حَيَاةُ الزَّوْجَيْنِ فِي تَفَاهُمٍ وَمَحَبَّةٍ وَوِئَامٍ، فَيَنْتِجُ عَنْهَا الْأُسْرَةُ السَّوِيَّةُ مِنْ أَوْلَادٍ وَأَحْفَادٍ.

 

وَالطَّلَاقُ أَمْرُهُ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ هَدْمٌ لِبَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ، وَكَسْرٌ لِلْمَرْأَةِ، وَتَفْرِيقٌ لِلْأُسْرَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ كَالضِّلَعِ، إِذَا ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنْ تَرَكْتَهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَأَسْبَابُ الطَّلَاقِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا أَسْبَابٌ تَعُودُ لِلزَّوْجِ، وَمِنْهَا أَسْبَابٌ تَعُودُ لِلزَّوْجَةِ، وَمِنْهَا أَسْبَابٌ تَعُودُ لِأَهْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَهْلِ الزَّوْجَةِ، وَمِنْهَا أَسْبَابٌ تَعُودُ لِنِظَامِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ -وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ لَدَيْهِمْ أَوْلَادٌ- أَنْ يُضَيِّقُوا مِسَاحَةَ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا، وَيُضْعِفُوا فُرَصَ الطَّلَاقِ الَّتِي يَنْفُخُ فِيهَا الشَّيْطَانُ لِيُكَبِّرَهَا وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَكَمْ مِنْ زَوْجَةٍ كَرِهَتْ فِي زَوْجِهَا أَشْيَاءَ فَصَبَرَتْ فَتَبَدَّلَ حَالُهُ حَتَّى أَحَبَّتْهُ، وَكَمْ مِنْ زَوْجٍ كَرِهَ خُلُقًا فِي زَوْجَتِهِ فَصَبَرَ حَتَّى عَدَّلَتْهُ فَأَحَبَّهَا، وَاسْتَقَامَتِ الْحَيَاةُ بَيْنَهُمَا، وَصَدَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: عَدَمُ رِضَا الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَنْ حَيَاتِهِ مَعَ الْآخَرِ؛ فَالرَّجُلُ يُرِيدُ أَجْمَلَ مِنْ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمْهَرَ مِنْهَا فِي عَمَلِ الْبَيْتِ وَصُنْعِ الطَّعَامِ. وَكَثِيرًا مَا يُقَارِنُ الرِّجَالُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِمْ وَبَيْنَ مَنْ يَرَوْنَهُنَّ فِي الشَّاشَاتِ الْفَضَائِيَّةِ، وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ، وَهُنَّ فِي غَايَةِ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ، مَعَ أَنَّ كَثِيرَاتٍ مِنْهُنَّ لَوْ أُزِيلَتْ عَنْهَا الْأَصْبَاغُ وَالْمُحَسِّنَاتُ لَمَا رَضِيَهَا مَنْ يُقَارِنُهَا بِزَوْجَتِهِ؛ فَهُوَ يَرَاهَا فِي أَحْسَنِ حَالَاتِهَا، وَيَرَى زَوْجَتَهُ فِي حَالَتِهَا الْعَادِيَّةِ، فَيَعْقِدُ الْمُقَارَنَةَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا مِنَ الظُّلْمِ الْعَظِيمِ.

 

وَكَذَلِكَ مِنَ الزَّوْجَاتِ مَنْ تُقَارِنُ زَوْجَهَا بِمَنْ تَرَاهُمْ فِي الشَّاشَاتِ وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ، أَوْ تُقَارِنُهُ بِأَزْوَاجِ صَدِيقَاتِهَا، فِي الْوَسَامَةِ أَوْ فِي الْأَنَاقَةِ أَوْ فِي حُسْنِ التَّعَامُلِ وَالْعِشْرَةِ. وَكَثِيرًا مَا تَكْذِبُ النِّسَاءُ فِي نَقْلِ حَالَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا، فَلَا تَنْقُلُ لِصَدِيقَاتِهَا إِلَّا أَحْسَنَ مَا فِيهِ، وَلَوْ عَلِمْنَ سَيِّئَاتِهِ لَحَمِدْنِ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ.

 

وَكَثِيرًا مَا تَعَافُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُسَافِرْ بِهَا، أَوْ لَمْ يُحْضِرْ لَهَا مَا تُرِيدُ مِنَ الْهَدَايَا؛ لِعَدَمِ مَقْدِرَتِهِ، مَعَ أَنَّهُ يُحِبُّهَا وَيَحْتَرِمُهَا وَيُحْسِنُ عِشْرَتَهَا، وَلَا تَرْضَى مِنْهُ بِذَلِكَ وَهُوَ أَهَمُّ مِنَ الْمَادِّيَّاتِ مَهْمَا بَلَغَتْ.

 

وَلَا نِعْمَةَ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَالْعَافِيَةِ أَعْظَمُ مِنَ الرِّضَا، فَمَنْ عَاشَ رَاضِيًا، مَاتَ رَاضِيًا، وَفَازَ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى، فَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ مُقَدِّرُ الْأَقْدَارِ، وَهُوَ مُزَوِّجُ الْأَزْوَاجِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُسَخِّرُ مَنْ يَشَاءُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَيَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فَقَدْ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ سَخِطَ عَلَى رِزْقِهِ سَخِطَ عَلَى رَازِقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: تَزْيِينُهُ لِلرِّجَالِ وَلِلنِّسَاءِ؛ فَالرِّجَالُ الْمُطَلِّقُونَ يُزَيِّنُونَ الطَّلَاقَ لِأَصْحَابِهِمْ، وَيُصَوِّرُونَ لَهُمْ جَمِيلَ حَيَاتِهِمْ بَعْدَ تَخَلُّصِهِمْ مِنْ مَسْئُولِيَّاتِ الزَّوَاجِ، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي مَشَاكِلَ مَعَ زَوْجَاتِهِمْ، وَلَمْ يَقُومُوا بِمَسْئُولِيَّاتِهِمْ. وَكَذَلِكَ الْمُطَلَّقَاتُ مِنَ النِّسَاءِ يُزَيِّنَّ الطَّلَاقَ لِلْمُتَزَوِّجَاتِ حَتَّى لِمَنْ هُنَّ سَعِيدَاتٌ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ.

 

وَثَمَّةَ ظَاهِرَةٌ عَجِيبَةٌ بَيْنَ زَمِيلَاتِ الْعَمَلِ؛ إِذْ يُغْرِينَ الْمُتَزَوِّجَاتِ مِنْهُنَّ بِخَلْعِ أَزْوَاجِهِنَّ إِنْ رَفَضُوا طَلَاقَهُنَّ، لَا لِشَيْءٍ إِلَّا لِلتَّحَرُّرِ مِنْ مَسْئُولِيَّةِ الزَّوَاجِ وَالْبَيْتِ، وَتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ. وَيَخْتَرْنَ لِمَنْ تُطِيعُهُنَّ هَدْمَ بَيْتِهَا، وَتَشْتِيتَ أُسْرَتِهَا مِنْ أَجْلِ نَزَوَاتٍ عَابِرَةٍ؛ كَالسَّفَرِ مَعَ الصَّدِيقَاتِ، وَالِاجْتِمَاعِ بِهِنَّ فِي الِاسْتِرَاحَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. عَلَى غِرَارِ مَا يَفْعَلُ قُرَنَاءُ السُّوءِ بِالْأَزْوَاجِ، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ ظَاهِرَةً تَخُصُّ الرِّجَالَ فَقَطْ، فَأَصْبَحَ النِّسَاءُ يُنَافِسْنَ فِيهَا الرِّجَالَ، وَيَحْتَفِلْنَ بِطَلَاقِهِنَّ أَوْ خَلْعِهِنَّ مَعَ أَنَّهُ كَسْرٌ لَهُنَّ، وَهَدْمٌ لِبُيُوتِهِنَّ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ تَأْثِيرِ الْفِكْرِ النِّسْوِيِّ عَلَى الزَّوْجَاتِ. وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُنْتَزِعَاتُ وَالْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» فَلَا يَحِلُّ لِلْمُتَزَوِّجَةِ أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ لِمُجَرَّدِ أَنَّهَا لَا تُرِيدُ الْحَيَاةَ الزَّوْجِيَّةَ، وَلَا مَسْئُولِيَّةَ الزَّوْجِ وَالْبَيْتِ وَالْأَوْلَادِ، وَإِنَّمَا تَطْلُبُ الطَّلَاقَ أَوْ تَخْتَلِعُ لِعُذْرٍ صَحِيحٍ لَا يُمْكِنُ بِسَبَبِهِ الْبَقَاءُ مَعَ الزَّوْجِ. وَكَثِيرٌ مِنْ مُطَلَّقَاتِ الْيَوْمِ يُثْنِينَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، وَلَمْ يَعْتِبْنَ عَلَيْهِمْ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنَّهُنَّ يُرِدْنَ التَّغْيِيرَ، وَالتَّحَرُّرَ مِنَ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالِانْتِقَالَ إِلَى الْفَرْدِيَّةِ، وَحَرِيٌّ بِمَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ أَنْ يَتَنَاوَلَهَا هَذَا الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ؛ لِأَنَّهَا طَلَبَتِ الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ.

 

وَلْيَتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى رِجَالٌ يُحَرِّضُونَ أَصْدِقَاءَهُمْ عَلَى طَلَاقِ نِسَائِهِنَّ، وَلْيَتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى نِسَاءٌ يُحَرِّضْنَ صَدِيقَاتِهِنَّ عَلَى طَلَبِ الطَّلَاقِ أَوِ الْخُلْعِ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ، فَهَذَا مِنْ إِفْسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ تَحْلِقُ الدِّينَ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ مِنَّا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ، وَصَلَاحَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ وَالْبُيُوتِ، كَمَا نَسْأَلُهُ أَنْ يُزَوِّجَ كُلَّ شَابٍّ وَفَتَاةٍ، وَأَنْ يُؤَلِّفَ بَيْنَ قُلُوبِ الْأَزْوَاجِ، وَيَجْعَلَ حَيَاتَهُمْ سَعَادَةً وَهَنَاءً بِطَاعَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 123].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ تُبْنَى عَلَى الْوَاقِعِيَّةِ، وَلَا تُبْنَى عَلَى الْأَحْلَامِ وَالْأَوْهَامِ الَّتِي يَسْتَقِيهَا الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنَ الرِّوَايَاتِ وَالْمُسَلْسَلَاتِ وَالْأَفْلَامِ الَّتِي تَنْقُلُ مُشَاهِدِيهَا مِنْ عَالَمِ الْوَاقِعِ إِلَى عَالَمِ الْخَيَالِ. وَلَوْ كَانَتْ تَنْفَعُ مُشَاهِدِيهَا شَيْئًا فِي حَيَاتِهِمُ الزَّوْجِيَّةِ لَنَفَعَتِ الْمُمَثِّلِينَ وَالْمُمَثِّلَاتِ؛ فَالطَّلَاقُ فِيهِمْ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سِيَرُهُمْ وَأَحْوَالُهُمْ، وَأُسَرُهُمْ أَتْعَسُ الْأُسَرِ وَأَكْثَرُهَا تَفَرُّقًا وَتَشَتُّتًا رَغْمَ الشُّهْرَةِ وَالْأَضْوَاءِ وَالثَّرَاءِ الْفَاحِشِ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: الْمَلَلُ الَّذِي يُصِيبُ الزَّوْجَيْنِ بِسَبَبِ الْحَيَاةِ الرَّتِيبَةِ الَّتِي لَا تَغْيِيرَ فِيهَا؛ وَلِكَسْرِ هَذَا الْمَلَلِ يَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِالتَّرْوِيحِ عَنْ أُسْرَتِهِ؛ وَذَلِكَ يَكُونُ بِنُزْهَةٍ قَصِيرَةٍ، أَوْ سَفَرٍ طَوِيلٍ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ سَفَرَ طَاعَةٍ؛ كَعُمْرَةٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ فِي الْمَدِينَةِ، أَوْ سَفَرًا مُبَاحًا لَا إِثْمَ فِيهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُجَدِّدُ الْحَيَاةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَيُزِيلُ الْمَلَلَ وَالسَّأَمَ.

 

وَيَنْبَغِي لِلزَّوْجَةِ كَذَلِكَ أَنْ تُنَوِّعَ فِي لُبْسِهَا وَهَيْئَتِهَا وَطَبْخِهَا لِلزَّوْجِ؛ لِتَكُونَ مُتَجَدِّدَةً فِي نَفْسِهِ، وَتَمْلِكَ قَلْبَهُ، فَلَا يَمَلُّ مِنْهَا؛ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النِّسَاءِ: 19]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 228]، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَنْظَلِيُّ: «أَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَخَرَجَ إِلَيَّ فِي مِلْحَفَةٍ حَمْرَاءَ وَلِحْيَتُهُ تَقْطُرُ مِنَ الْغَالِيَةِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْمِلْحَفَةَ أَلْقَتْهَا عَلَيَّ امْرَأَتِي وَدَهَنَتْنِي بِالطِّيبِ، وَإِنَّهُنَّ يَشْتَهِينَ مِنَّا مَا نَشْتَهِيهِ مِنْهُنَّ».

 

وَحَرِيٌّ بِالزَّوْجَيْنِ إِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا أَنْ يَتَرَوَّى الزَّوْجُ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا يَتَّخِذَ قَرَارَهُ فِي حَالِ الْغَضَبِ فَيَنْدَمَ؛ فَإِنَّهُ الْقَوَّامُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَالْمَسْئُولِيَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ. وَعَلَى ذَوِي الزَّوْجَيْنِ التَّدَخُّلُ لِلصُّلْحِ وَإِزَالَةِ أَسْبَابِ الْخِلَافِ؛ لِلْحِفَاظِ عَلَى الْأُسْرَةِ مِنَ التَّصَدُّعِ وَالِانْهِيَارِ؛ فَإِنَّ انْهِيَارَ الْأُسْرَةِ يَعُودُ عَلَى الْجَمِيعِ بِالضَّرَرِ ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 35].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب الطلاق (1)
  • من أسباب الطلاق (2)
  • من أسباب الطلاق (3)

مختارات من الشبكة

  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صدقة السر سبب من أسباب حب الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر سبب من أسباب رضى الله عنك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلة الرحم سبب عظيم من أسباب الرزق(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • قيام الليل سبب من أسباب دخول الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضل بناء المساجد: بناء المساجد سبب من أسباب دخول الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب فضل ترديد الأذان: التهليل بعد الأذان سبب من أسباب مغفرة الذنوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الوضوء قبل النوم: النوم على وضوء سبب من أسباب استجابة الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب