• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

من أسباب الطلاق (3)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/6/2019 ميلادي - 15/10/1440 هجري

الزيارات: 11063

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أسباب الطلاق (3)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النِّسَاء: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ آيَاتُهُ فِي الْآفَاقِ وَفِي الْأَنْفُسِ تَدْعُو الْخَلْقَ إِلَى التَّعَلُّقِ بِهِ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لَهُ دُونَ سِوَاهُ ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرُّوم: 21]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ خَيْرَهُمْ لِزَوْجِهِ، وَ«كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْرِفُوا مَا عَلَيْكُمْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ فَأَدُّوهَا، وَمَا لَكُمْ مِنَ الْحُقُوقِ فَلَا تَتَجَاوَزُوهَا؛ فَإِنَّ الْأَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ وَ«إِنَّ الْمُفْلِسَ مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ: أَكْثَرُ الْحُقُوقِ بَيْنَ النَّاسِ تَضْيِيعًا حُقُوقُ مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ؛ كَحُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَ تِلْكَ الْحُقُوقَ، وَفِي تَضْيِيعِهَا ظُلْمُ الزَّوْجَاتِ، وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَتَشَتُّتُ الْأَوْلَادِ. وَقَدْ كَثُرَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي عَصْرِنَا هَذَا، وَصَارَ ظَاهِرَةً يَجِبُ أَنْ يَتَدَاعَى لِحَلِّهَا الْعُقَلَاءُ؛ حِفَاظًا عَلَى بِنَاءِ الْأُسْرَةِ مِنَ التَّصَدُّعِ وَالِانْهِيَارِ.

 

وَلِلطَّلَاقِ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا مَا يَعُودُ لِلزَّوْجِ، وَمِنْهَا مَا يَعُودُ لِلزَّوْجَةِ، وَمِنْهَا مَا يَعُودُ لِلْمُحِيطِينَ بِالزَّوْجَيْنِ مِنْ قَرَابَةٍ فِي تَدَخُّلَاتِهِمْ وَتَحْرِيضِهِمُ الزَّوْجَ عَلَى زَوْجَتِهِ، أَوْ تَخْبِيبِهِمُ الزَّوْجَةَ عَلَى زَوْجِهَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا...».

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: ضَعْفُ الدَّخْلِ الْمَادِّيِّ لِلْأُسْرَةِ، فَقَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ كَسُولًا لَا يَعْمَلُ، أَوْ لَا يَسْعَى فِي زِيَادَةِ دَخْلِهِ، أَوْ يُبَعْثِرُ مَالَهُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، كَأَسْفَارٍ لَا حَاجَةَ لَهَا، أَوِ اشْتِرَاكٍ فِي اسْتِرَاحَاتٍ مَعَ الْأَصْحَابِ لِلتَّرْوِيحِ، أَوَ غَيْرِ ذَلِكَ. وَكَمْ مِنْ زَوْجٍ يَجْمَعُ رَوَاتِبَهُ لِلسَّفَرِ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَزَوْجَتُهُ وَأَطْفَالُهُ يَفْتَقِدُونَ الضَّرُورِيَّ مِنْ حَاجَاتِهِمْ، حَتَّى يَقُومَ أَهْلُ الزَّوْجَةِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا، أَوْ تَتَكَفَّفُ مَنْ تَعْرِفُ مِنْ صَدِيقَاتِهَا، وَهَذَا عَارٌ وَإِثْمٌ يَحْمِلُهُ الزَّوْجُ فِي رَقَبَتِهِ، حِينَ ضَيَّعَ مَنْ يَعُولُ لِحِسَابِ رَفَاهِيَتِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ».

 

وَقَدْ يَكُونُ الْبَلَاءُ مِنَ الزَّوْجَةِ فَتَكُونُ مُتَطَلِّبَةً لَا يَسُدُّ عَيْنَهَا شَيْءٌ، تَنْظُرُ إِلَى إِنْفَاقِ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ فَتُرِيدُ مِثْلَهُنَّ، وَالزَّوْجُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَلْبِيَةِ طَلَبَاتِهَا، فَيَقَعُ الشِّقَاقُ الْمُؤَدِّي إِلَى الْفِرَاقِ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطَّلَاق: 7]، وَكَمْ مِنْ مُعْسِرٍ أَيْسَرَ، وَكَمْ مِنْ زَوْجَةٍ صَبَرَتْ فَظَفِرَتْ، وَكَمْ مِنْ زَوْجٍ فَرَّطَ فِي زَوْجَتِهِ حَتَّى فَارَقَتْهُ فَلَمْ يَجِدْ مِثْلَهَا، وَكَمْ مِنْ زَوْجَةٍ نَدِمَتْ عَلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا لَهَا بِسَبَبِ تَذَمُّرِهَا مِنْ حَالِهِ الْمَادِّيَّةِ، وَكَثْرَةِ طَلَبَاتِهَا.

 

وَالْوَاجِبُ عَلَى الْأَزْوَاجِ تَوْفِيرُ النَّفَقَةِ لِلزَّوْجَاتِ بِمَا يَسْتَطِيعُونَ، كَمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَاتِ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ مِنَ الْأَزْوَاجِ. وَالرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْمُخْلِصُ لِأَهْلِهِ هُوَ مَنْ يَجْعَلُ تَوْفِيرَ ضَرُورِيَّاتِهِمْ وَحَاجَاتِهِمْ مِنْ أَوْلَوِيَّاتِهِ، وَالْمَرْأَةُ الْعَاقِلَةُ هِيَ الَّتِي تُوَاسِي زَوْجَهَا فِي عُسْرِهِ، وَلَا تُشْعِرُهُ بِمَا يَنْقُصُهُمْ مِنْ حَاجَاتِهِمْ، وَبِهَذَا تَدُومُ الْحَيَاةُ عَلَى أَحْسَنِ حَالٍ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: نُفْرَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الْآخَرِ بِسَبَبِ رَائِحَتِهِ، أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي نَظَافَتِهِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمُعَاشَرَةِ. فَتَتَرَاكَمُ النُّفْرَةُ مَعَ الْأَيَّامِ حَتَّى تَتَحَوَّلَ إِلَى صُدُودٍ وَكَرَاهِيَةٍ، فَيَطْلُبُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَتَصُدُّهُ، أَوْ تَتَقَرَّبُ الْمَرْأَةُ إِلَى زَوْجِهَا فَيُعْرِضُ عَنْهَا. وَمِنَ الْخَطَأِ كِتْمَانُ مَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ إِمَّا حَيَاءً وَإِمَّا لِعَدَمِ إِحْرَاجِ الْآخَرِ، وَالْوَاجِبُ الْمُكَاشَفَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِتَلَافِيهَا؛ لِأَنَّ مَنْ وَقَعَ فِيمَا يُنَفِّرُ صَاحِبَهُ مِنْهُ قَدْ لَا يَشْعُرُ بِذَلِكَ، وَلَا يَشْعُرُ بِأَنَّ صُدُودَ الْآخَرِ عَنْهُ هُوَ بِسَبَبِهِ، وَلَوْ كُشِفَ وَعُولِجَ لَاسْتَقَامَتِ الْحَيَاةُ بَيْنَهُمَا. وَكَثِيرًا مَا تَشْتَكِي الزَّوْجَةُ مِنْ رَائِحَةِ زَوْجِهَا الْمُدَخِّنِ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي الْإِقْلَاعِ عَنِ التَّدْخِينِ؛ مَرْضَاةً لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَحِفْظًا لِصِحَّتِهِ، وَإِحْسَانًا لعِشْرَةِ زَوْجَتِهِ. فَإِنْ ضَعُفَ فِي ذَلِكَ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُزِيلَ رَائِحَةَ الدُّخَّانِ مِنْهُ حَالَ الْمُعَاشَرَةِ، وَيَعْتَنِي بِذَلِكَ؛ فَلِزَوْجَتِهِ حَقٌّ أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رَائِحَةً طَيِّبَةً، وَكَمَا أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَجِدَ مِنْهَا رِيحًا مُنْتِنَةً فَهِيَ أَيْضًا تَكْرَهُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّ لِلرَّائِحَةِ تَأْثِيرًا كَبِيرًا فِي نَجَاحِ الْمُعَاشَرَةِ أَوْ فَشَلِهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ، كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [الْبَقَرَةِ: 228]» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: حَلِفُ الْأَيْمَانِ بِهِ، وَهَذَا يَكْثُرُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَإِذَا أَرَادَ التَّأْكِيدَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ مَنْعِهِ، أَوْ دَعْوَةِ أَحَدٍ إِلَى وَلِيمَتِهِ حَلَفَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ، حَتَّى يَأْلَفَ ذَلِكَ. ثُمَّ مَنْ حَلَفَ عَلَيْهِ بِمَا يُرِيدُ قَدْ يَضْطَرُّهُ لِلْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ، ثُمَّ يَظُنُّ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِهَذِهِ الْيَمِينِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْحُمْقِ وَالْجَهْلِ وَسُوءِ التَّصَرُّفِ، وَتَكُونُ زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ ضَحِيَّةً لِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَصُونَ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى -وَالطَّلَاقُ مِنْهَا- عَنْ مِثْلِ هَذَا، فَلَا يَحْلِفُ بِهِ أَبَدًا، وَلَا يُعَلِّقُ أَيَّ أَمْرٍ عَلَيْهِ ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ [الْبَقَرَةِ: 231]، بَلِ الْوَاجِبُ حِفْظُ نَفْسِهِ عَنِ الْيَمِينِ إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الْبَقَرَةِ: 224]. وَمِنْ مَعَانِيهَا؛ أَيْ: لَا تَجْعَلُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُعَرَّضًا لِأَيْمَانِكُمْ فَتَبْتَذِلُوا الْقَسَمَ بِاللَّهِ بِكَثْرَةِ الْحَلِفِ؛ وَذَلِكَ لِكَيْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يُكْثِرُ الْحَلِفَ يَكُونُ مَهِينًا بَيْنَ النَّاس.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: سَلَاطَةُ اللِّسَانِ، وَسُوءُ الْأَخْلَاقِ، وَإِسَاءَةُ الْعِشْرَةِ، وَهَذَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ؛ فَيَكُونُ الرَّجُلُ سَلِيطَ اللِّسَانِ، كَثِيرَ الِانْتِقَادِ، قَلِيلَ الشُّكْرِ، لَا تَقَعُ عَيْنُهُ إِلَّا عَلَى الْمَعَايِبِ، وَلَا يَرَى الْمَحَاسِنَ. يَظُنُّ أَنَّهُ إِنْ أَثْنَى عَلَى زَوْجَتِهِ بِمَحَاسِنِهَا شَمَخَتْ عَلَيْهِ، وَيَظُنُّ أَنَّ كَسْرَهَا بِاسْتِمْرَارٍ يَزِيدُ مِنْ خُضُوعِهَا لَهُ، يُعَامِلُهَا وَكَأَنَّهَا جَارِيَةٌ أَوْ خَادِمَةٌ، وَلَا يُعَامِلُهَا عَلَى أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَشَرِيكَةٌ وَأُمُّ أَوْلَادِهِ؛ فَإِمَّا كَرِهَتْهُ وَخَافَتْهُ وَصَبَرَتْ لِأَجْلِ وَلَدِهَا. وَإِمَّا كَرِهَتْهُ وَوَاجَهَتْهُ وَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ فِي النِّسَاءِ سَلِيطَاتُ اللِّسَانِ، كَفَّارَاتُ الْعَشِيرِ، فَإِمَّا تَحَمَّلَهَا زَوْجُهَا وَصَبَرَ عَلَى سَلَاطَتِهَا، وَإِمَّا طَلَّقَهَا لِيَتَخَلَّصَ مِنْ لِسَانِهَا.

 

وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْعِشْرَةِ، وَتَجَنُّبُ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَالْعَيْبِ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ مِمَّا لَا يَحْسُنُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَحْسِنُوا عِشْرَةَ مَنْ تُعَاشِرُونَ؛ فَلَنْ يَبْقَى لِلْعَبْدِ مِنْ بَعْدِهِ فِي دُنْيَاهُ إِلَّا السِّيرَةُ الْحَسَنَةُ، وَالذِّكْرُ الطَّيِّبُ، وَالدُّعَاءُ لَهُ مِمَّنْ يَذْكُرُهُ، وَذَلِكَ لَا يُسْتَجْلَبُ إِلَّا بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَطِيبِ الْمَعْشَرِ، وَالْبُيُوتُ السَّعِيدَةُ النَّاجِحَةُ تُبْنَى الْعَلَاقَاتُ فِيهَا بِالْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّفَاهُمِ، وَالْبُيُوتُ التَّعِيسَةُ الْفَاشِلَةُ تُبْنَى الْعَلَاقَاتُ فِيهَا بِالْعُنْفِ وَالرُّعْبِ وَالْقُوَّةِ وَالْإِخْضَاعِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ، أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ، اتِّقَاءَ فُحْشِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ: نُشُوزُ الزَّوْجَةِ، وَهُوَ عِصْيَانُهَا وَتَمَرُّدُهَا عَلَى طَاعَةِ زَوْجِهَا، وَعِلَاجُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النِّسَاء: 34- 35]، وَالْأَصْلُ فِي الْمَرْأَةِ الضَّعْفُ وَالْخُضُوعُ وَالطَّاعَةُ؛ وَلِذَا فَهِيَ تُحِبُّ الرَّجُلَ الْقَوِيَّ الرَّحِيمَ. كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّجُلِ الْقُوَّةُ وَالْقِوَامَةُ؛ وَلِذَا فَهُوَ يُحِبُّ الْمَرْأَةَ الْخَاضِعَةَ الْمُطِيعَةَ، وَبِذَلِكَ تَسْتَقِيمُ الْحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ. فَإِذَا تَمَرَّدَتِ الْمَرْأَةُ وَنَشَزَتْ فَهِيَ تُخَالِفُ فِطْرَتَهَا بِاسْتِرْجَالِهَا، وَتَهْدِمُ أُسْرَتَهَا بِسُوءِ أَفْعَالِهَا، وَلَنْ يُطِيقَ الرَّجُلُ السَّوِيُّ عَيْشًا مَعَهَا؛ وَلِذَا تَجِدُ هَذَا النَّوْعَ مِنَ النِّسَاءِ كَثِيرَاتِ الطَّلَاقِ، فَتُطَلَّقُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، حَتَّى تَبْقَى وَحِيدَةً.

 

وَظَاهِرَةُ تَمَرُّدِ النِّسَاءِ وَنُشُوزِهِنَّ زَادَتْ فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ بِسَبَبِ نَشَاطِ الْحَرَكَاتِ النِّسْوِيَّةِ فِي إِفْسَادِ الْبَنَاتِ، وَحَثِّهِنَّ عَلَى التَّمَرُّدِ عَلَى دِينِهِنَّ وَأُسَرِهِنَّ وَمُجْتَمَعَاتِهِنَّ، وَهِيَ حَرَكَاتٌ إِلْحَادِيَّةٌ تُرِيدُ الْوُصُولَ بِالْمُجْتَمَعَاتِ إِلَى حَدِّ إِلْغَاءِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَإِبَاحَةِ الشُّذُوذِ وَالْفَوَاحِشِ، وَالْمُسَاوَاةِ الْمُطْلَقَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، مُخَالِفِينَ بِذَلِكَ الدِّينَ وَالْعَقْلَ وَالْفِطْرَةَ، وَصَدَقَ الْمَوْلَى جَلَّتْ قُدْرَتُهُ حِينَ حَكَى عَنْ إِبْلِيسَ أَنَّهُ قَالَ فِي وَعِيدِهِ بِإِغْوَاءِ الْبَشَرِ: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النِّسَاء: 119]، وَالْحَرَكَاتُ النِّسْوِيَّةُ الْغَرْبِيَّةُ شُغْلُهَا الشَّاغِلُ تَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا أَكْثَرَ الْمَخْدُوعَاتِ بِهِنَّ وَبِأُطْرُوحَاتِهِنَّ مِنْ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ.

 

وَإِذَا عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ فَأَدَّاهَا، وَمَا لَهُ مِنَ الْحُقُوقِ فَلَمْ يَتَجَاوَزْهَا؛ نَعِمَتِ الْبُيُوتُ بِالسَّعَادَةِ وَالْهَنَاءِ، وَنَتَجَ عَنْهَا أَوْلَادٌ أَسْوِيَاءُ يَنْفَعُونَ أَنْفُسَهُمْ وَوَالِدِيهِمْ وَأُمَّتَهُمْ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب الطلاق (1)
  • من أسباب الطلاق (2)
  • من أسباب الطلاق (4)

مختارات من الشبكة

  • الطلاق وآثاره على الفرد والمجتمع (2)(مقالة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • خطبة: أسباب الطلاق ومخاطره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب الطلاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كثرة الطلاق في المجتمع: أسباب وحلول(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الطلاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب ليس لها نهاية (الطلاق)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أسباب الطلاق وخطورة التساهل فيه(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • إعلان محاضرة أسباب الطلاق وخطورة التساهل فيه(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب