• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل حلق الذكر والاجتماع عليه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحياة مع القرآن
    د. مرضي بن مشوح العنزي
  •  
    فوائــد وأحكــام من قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    مرتكزات منهج التيسير في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    ومضة: ولا تعجز... فالله يرى عزمك
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (2): الإسراف في حياتنا ...
    حسان أحمد العماري
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    أهمية العمل وضرورته
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    تفسير: (قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الحديث السابع: تفسير الحياء من الإيمان
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    تخريج حديث: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

إذا بقي الدين فليذهب المال (خطبة)

إذا بقي الدين فليذهب المال (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/1/2016 ميلادي - 22/3/1437 هجري

الزيارات: 14840

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إذا بقي الدين فليذهب المال

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الأَمنُ في الأَوطَانِ، وَالعَافِيَةُ في الأَبدَانِ، وَسِعَةُ الرِّزقِ وَتَيَسُّرُ العَيشِ، كَانَت وَمَا زَالَت هَاجِسًا يَشغَلُ المُجتَمَعَاتِ وَالأَفرَادَ. وَإِذَا حَصَلَت مُجتَمِعَةً لأُمَّةٍ أَو بِلادٍ فَهِيَ في أَعلَى مَا يُوصَلُ إِلَيهِ مِن لَذَّاتِ الدُّنيَا، يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَولُهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن أَصبَحَ مِنكُم آمِنًا في سِربِهِ، مُعَافىً في جَسَدِهِ، عِندَهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَت لَهُ الدُّنيَا بِحَذَافِيرِهَا " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَكَثِيرًا مَا تَعَلَّقَ النَّاسُ في تَحصِيلِ هَذِهِ المُقَوِّمَاتِ بِالأَسبَابِ المَادِّيَّةِ البَحتَةِ، وَرَبَطُوا بِتِلكَ الأَسبَابِ الوَاقِعَ الَّذِي يَعِيشُونَهُ، فَنَسَبُوهُ كُلَّهُ إِلَيهَا، مَدحًا لها وَتَعَلُّقًا بها في حَالِ السَّرَّاءِ وَالرَّخَاءِ، وَذَمًّا لها وَزُهدًا فِيهَا في وَقتِ الشِّدَّةِ وَالضَّرَّاءِ، في حِينِ غَفَلُوا أَو تَغَافَلُوا عَن أَنَّ ثَمَّةَ أَسبَابًا شَرعِيَّةً وَسُنَنًا كَونِيَّةً، جَعَلَهَا اللهُ بِأَمرِهِ وَقُدرَتِهِ مُهَيمِنَةً عَلَى تِلكَ الأَسبَابِ المَادِّيَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَكَانَ مِنَ الوَاجِبِ أَن تَعِيَهَا القُلُوبُ وَتَتَنَبَّهَ لها العُقُولُ، فَتُبذَلَ لِتَحصِيلِ الخَيرِ وَتُجتَنَبَ لاتِّقَاءِ الشَّرِّ.


نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَيسَ أَمنُ بَلَدٍ وَلا غِنى دَولَةٍ، وَلا رَاحَةُ شَعبٍ وَلا استِقرَارُ مَعِيشَةٍ، بِأَمرٍ يَملِكُهُ فَردٌ أَو أَفرَادٌ، أَو تَتَحَكَّمُ فِيهِ مُنَظَّمَاتٌ أَو حُكُومَاتٌ، أَو يُحَتِّمُهُ وَاقِعٌ اقتِصَادِيٌّ أَو تَفرِضُهُ هَيمَنَةٌ سِيَاسِيَّةُ، بِقَدرِ مَا هُوَ قَبلَ ذَلِكَ تَوفِيقٌ مِن رَبِّ العَالَمِينَ لِمَن أَذعَنَ لَهُ وَأَطَاعَهُ وَشَكَرَهُ، أَو خُذلانٌ مِنَ العَزِيزِ الحَكِيمِ لِمَن خَالَفَ أَمرَهُ وَعَصَاهُ وَكَفَرَ نِعمَتَهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3، 4] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [النحل: 112 - 114] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7] وَقَالَ- تَعَالى -: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16] إِنَّ في مَجمُوعِ هَذِهِ الآيَاتِ وَأَمثَالِهَا مِمَّا وَرَدَ في قَصَصِ القُرآنِ مِن حِكَايَةٍ لأَحوَالِ الأُمَمِ المَاضِيَةِ، لَبَيَانًا شَافِيًا كَافِيًا، لِسُنَنٍ رَبَّانِيَّةٍ كَونِيَّةٍ، لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ ولا تَتَخَلَّفُ، فَمَصدَرُ الأَمنِ وَسَبِيلُ البَرَكَةِ هُوَ الإِيمَانُ وَالتَّقوَى، وَأَقوَمُ طَرِيقٍ لِلزِّيَادَةِ هُوَ الاعتِرَافُ بِالمُنعِمِ وَدَوَامُ شُكرِهِ، وَمَن ظَلَمَ وَتَجَاوَزَ بِشِركٍ أَو تَكذِيبٍ أَو طُغيَانٍ أَو عِصيَانٍ، أَو كَفَرَ بِالنِّعَمِ وَجَحَدَ المُنعِمَ المُتَفَضِّلَ، فَقَد استَوجَبَ الأَخذَ الشَّدِيدَ وَالعَذَابَ الأَلِيمَ، وَاستَحَقَّ رَفعَ النِّعَمِ وَحُلُولَ النِّقمِ، وَالابتِلاءَ بِالجُوعِ وَالخَوفِ، وَمَا مِن فَسَادٍ لِلمَعَايِشِ أَو نَقصٍ في الأَرزَاقِ، أَو غَورٍ لِلمِيَاهِ وَتَلَفٍ لِلزُّرُوعِ وَالثَّمَرَاتِ، إِلاَّ وَهُوَ بِكَسبٍ مِن بَني آدَمَ.


وَمَعَ هَذِهِ الآيَاتِ القُرآنِيَّةِ المَبثُوثَةِ في كِتَابِ اللهِ، وَالمُقَرِّرَةِ لِلسُّنَنِ الكَونِيَّةِ الَّتي خَلَقَهَا العَزِيزُ الحَكِيمُ، فَلا يُخطِئُ البَصَرَ وَالبَصِيرَةَ، وَلا يَغِيبُ عَنِ العُقُولِ المُتَفَكِّرَةِ المُستَنِيرَةِ، مَا مَرَّ بِهِ أَفرَادٌ وَمُجتَمَعَاتٌ وَعَانَتهُ دُوَلٌ وَشُعُوبٌ مِن أَحوَالٍ مُختَلِفَةٍ وَأَوضَاعٍ مُتَبَايِنَةٍ، بِسَبَبِ مَا كَسَبَتهُ أَيدِيهِم مِن خَيرٍ أَو شَرٍّ، فَكَم مِن عَزِيزٍ ذَلَّ، وَكَم مِن ذَلِيلٍ ارتَقَى! وَلَرُبَّمَا كَانَت بِلادٌ غَنِيَّةً تُرسِلُ زَكَوَاتِهَا إِلى بِلادٍ أُخرَى فَقِيرَةٍ، فَافتَقَرَت تِلكَ وَاغتَنَت هَذِهِ، وَصَارَ الأَمرُ بِالعَكسِ في سَنَوَاتٍ مَعدُودَاتٍ أَو عُقُودٍ قَلِيلَةٍ، وَمَن قَرَأَ التَّأرِيخَ وَاستَقرَأَ الأَحدَاثَ وَاستَنطَقَ الدَّهرَ وَاستَلهَمَ العِبَرَ، وَجَدَ أَمثِلَةً لِذَلِكَ كَثِيرَةً، قَرِيبًا وَبَعِيدًا، وَقَدِيمًا وَحَدِيثًا.. وَ..

مَا بَينَ غَمضَةٍ عَينٍ وَانتِبَاهَتِهَا ♦♦♦ يُغَيِّرُ اللهُ مِن حَالٍ إِلى حَالِ


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مَا تُعَانِيهِ المُجتَمَعَاتُ اليَومَ مِن ضِيقٍ في الأَرزَاقِ وَنَكَبَاتٍ وَقِلَّةٍ في البَرَكَاتِ، وَزِيَادَةٍ في الأَسعَارِ وَغَلاءٍ وَخَوفٍ وَبُؤسٍ، إِنَّهُ لأَثَرٌ مِن آثَارِ مَا تَرَاكَمَ فِيهَا مِن طُغيَانٍ وَاستِكبَارٍ بِغَيرِ الحَقِّ، وَتَهَاوُنٍ بِمَعَاصٍ وَاستِمرَاءٍ لِمُنكَرَاتٍ، وَكَم يَنتَشِرُ في العَالَمِ شَرقِهِ وَغَربِهِ وَشِمَالِهِ وَجَنُوبِهِ مِن دَجَلٍ وَكَذِبٍ، وَتَغيِيرِ حَقَائِقَ وَتَزوِيرِ مُسَمَّيَاتٍ، وَتَظَالُمٍ بَينَ العِبَادِ وَهَضمٍ لِلحقُوقِ، وَبَخسِ النَّاسِ أَشيَاءَهُم وَأَكلٍ لأَموَالِهِم بِالبَاطِلِ، في شُحٍّ أُلقِيَ في النُّفُوسِ وَمَلأَ الجَوَانِحَ وَامتَلَكَ القُلُوبَ، حَتى جَعَلَ الإِنسَانُ يَحمِلُ عَلَى أَقرَبِ النَّاسِ إِلَيهِ وَأَولاهُم بِرِفدِهِ وَعَطَائِهِ وَعَونِهِ، سَوَاءٌ عَلَى مُستَوَى السَّيَاسَاتِ الدَّولِيَّةِ العَامَّةِ، أَو بَينَ الشُّعُوبِ وَالحُكُومَاتِ، أَو عَلَى مُستَوَى المُجتَمَعَاتِ الصَّغِيرَةِ وَالأَفرَادِ، وَلا وَاللهِ يَزُولُ ذَلِكُمُ المَحقُ في البَرَكَاتِ، وَلا يَذهَبُ الضِّيقُ في الأَرزَاقِ، وَلا يُرفَعُ غَلاءٌ وَلا يَزُولُ خَوفٌ وبُؤسٌ، حَتى يَرجِعَ كُلُّ حَقٍّ إِلى نِصَابِهِ، وَيَأخُذَ كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَيُؤمَرَ بِالمَعرُوفِ وَيُنهَى عَنِ المُنكَرِ، وَيُؤخَذَ عَلَى يَدِ كُلِّ سَفِيهٍ فَيُردَعَ عَن سَفَهِهِ، وَتُصَانَ النِّعَمُ وَتُحفَظَ، وَانظُرُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - إِلى مَا صَحَّ في الحَدِيثِ عَن فِتَنِ آخِرِ الزَّمَانِ، إِذْ يَخرُجُ الدَّجَالُ فَيَعِيثُ في الأَرضِ يَمِينًا وَشِمَالاً، وَتُفتَحُ يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في حِكَايَةِ ذَلِكَ: " وَيُحصَرُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأسُ الثَّورِ لأَحَدِهِم خَيرًا مِن مِئَةِ دينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ، فَيَرغَبُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى وأصحَابُهُ إلى اللهِ - تَعَالَى -، فَيُرسِلُ اللهُ - تَعَالَى - عَلَيهِمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِم، فَيُصبِحُونَ فَرْسَى كَمَوتِ نَفسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهبِطُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى وأصحَابُهُ إلى الأرضِ، فَلا يَجِدُونَ في الأرضِ مَوضِعَ شِبرٍ إِلاَّ مَلأَهُ زَهَمُهُم وَنَتَنُهُم، فَيَرغَبُ نَبيُّ اللهِ عِيسَى وَأصحَابُهُ إلى اللهِ - تَعَالَى -، فَيُرسِلُ اللهُ - تَعَالَى - طَيرًا كَأَعنَاقِ البُختِ، فَتَحمِلُهُم فَتَطرَحُهُم حَيثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُرسِلُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَطَرًا لا يُكِنُّ مِنهُ بَيتُ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ، فَيَغسِلُ الأَرضَ حَتَّى يَترُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأرضِ: أَنبِتي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئِذٍ تَأكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَستَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ حَتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ؛ وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَانظُرُوا كَيفَ يَكُونُ وُجُودُ الدَّجَالِ وَتِلكَ الأُمَّةِ المُفسِدَةِ وَهُم يَأجُوجُ وَمَأجُوجُ، كَيفَ يَكُونُ وُجُودُهُم مُفسِدًا عَلَى النَّاسِ مَعَايِشَهُم، مُضَيِّقًا عَلَيهِم في أَرزَاقِهِم، حَاصِرًا لهم وَمُرعِبًا، ثم حِينَمَا يَأذَنُ اللهُ بِهَلاكِهِم وَتَخلِيصِ الأَرضِ مِنهُم وَتَطهِيرِهَا مِن نَتَنِهِم، تَعُودُ إِلَيهَا بَرَكَاتٌ لا تَكَادُ تُصَدَّقُ، فَوَاللهِ إِنَّ مَا يَحصُلُ في العَالَمِ اليَومَ، مِن هَذِهِ الحُرُوبِ الَّتي تَشتَعِلُ في كُلِّ مَكَانٍ، وَهَذَا القَتلِ الَّذِي لا يُعرَفُ سَبَبُهُ وَلا يُتَبَيَّنُ وَجهُهُ، وَذَاكَ التَّظَالُمِ وَالتَّشَاحِّ، مَعَ كُفرِ النِّعَمِ وَالغَفلَةِ عَن شُكرِ المُنعِمِ، وَظُهُورِ المُنكَرَاتِ وَقِلَّةِ المُنكِرِ، وَتَركِ الصَّلَوَاتِ وَهَجرِ الجَمَاعَاتِ، وَتَضيِيعِ الأَمَانَاتِ وَإِهمَالِ المَسؤُولِيَّاتِ، إِنَّهُ لَصُورَةٌ مُصَغَّرَةٌ مِمَّا عَادَ قَرِيبًا حُصُولُهُ وَظُهُورُهُ في زَمَنِ الدَّجَّالِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أُمَّةَ الإِسلامِ - فَقَد ظَهَرَ في عَصرِنَا أُمُورٌ مِمَّا يُعَذَّبُ بِهِ في الدُّنيَا مَن ضَلَّ عَنِ السَّبِيلِ، ذَكَرَهَا نَبِيُّنَا مُحَذِّرًا مِنهَا، فِيمَا رَوَاهُ ابنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: أَقبَلَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا مَعشَرَ المُهَاجِرِينَ، خَمسُ خِصَالٍ إِذَا ابتُلِيتُم بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللهِ أَن تُدرِكُوهُنَّ: لم تَظهَرِ الفَاحِشَةُ في قَومٍ قَطُّ حَتى يُعلِنُوا بها إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوجَاعُ الَّتي لم تَكُنْ مَضَت في أَسلافِهِم الَّذِينَ مَضَوا، وَلم يَنقُصُوا المِكيَالَ وَالمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ المُؤنَةِ وَجَورِ السُّلطَانِ عَلَيهِم، وَلم يَمنَعُوا زَكَاةَ أَموَالِهِم إِلاَّ مُنِعُوا القَطرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَولا البَهَائِمُ لم يُمطَرُوا، وَلم يَنقُضُوا عَهدَ اللهِ وَعَهدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن غَيرِهِم فَأَخَذُوا بَعضَ مَا في أَيدِيهِم، وَمَا لم تَحكُمْ أَئِمَّتُهُم بِكِتَابِ اللهِ - تَعَالى - وَيَتَخَيَّرُوا فِيمَا أَنزَلَ اللهُ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأسَهُم بَينَهُم " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ.

• • •

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في بِدَايَةِ عَامٍ مَاليٍّ وَنِهَايَةِ آخَرَ، يَضَعُ كَثِيرُونَ أَيدِيَهُم عَلَى قُلُوبِهِم مُتَرَقِّبِينَ، يَنتَظِرُونَ الإِعلانَ عَنِ المُوَازَنَةِ، لِيَقرَؤُوا بَيَانَاتِهَا وَيُحَلِّلُوهَا، وَيَعرِفُوا كَم بَلَغَت وَارِدَاتُهَا وَمَا المُتَوَقَّعُ أَن تَكُونَ؟! وَهَل سَتَفِي بِالمَصرُوفَاتِ أَم تَعجَزُ؟! وَحَالَمَا يُعلَنُ عَنهَا وَتُذَاعُ، تَقرَأُ النَّتَائِجَ في الوُجُوهِ وَالأَسَارِيرِ، اِنفِرَاجًا وَابتِهَاجًا، أَوِ انقِبَاضًا وَتَجَهُّمًا، وَمَهمَا يَكُنْ ذَلِكَ طَبعًا لِلإِنسَانِ وَجُزءًا مِن فِطرَتِهِ، إِلاَّ أَنَّ لِلمُؤمِنِ في هَذِهِ الحَيَاةِ شَأنًا آخَرَ، وَتَعَامُلاً مُختَلِفًا مَعَ مُعطَيَاتِهَا مِنَ الأَمنِ وَالعَافِيَةِ وَالرِّزقِ، وَسِوَاهَا مِن مُقَوِّمَاتِ العَيشِ. المُؤمِنُ يُوقِنُ أَنَّهُ في هَذِهِ الدُّنيَا مُبتَلًى بِالشَّرِّ وَالخَيرِ، مُمتَحَنٌ بِالضَّرَّاءِ وَالسَّرَّاءِ، وَأَنَّ لَهُ مَعَ كُلِّ حَالٍ وَظِيفَةً وَوَاجِبًا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " عَجَبًا لأَمرِ المُؤمِنِ، إِنَّ أَمرَهُ لَهُ كُلُّهُ خَيرٌ وَلَيسَ ذَلِكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلمُؤمِنِ، إِن أَصَابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ، وَإِن أَصَابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيرًا لَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ المُؤمِنَ مُوقِنٌ بِأَنَّ الأَيَّامَ دُوَلٌ، وَأَنَّ دَوَامَ الحَالِ مِنَ المُحَالِ، وَأَنَّهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ مُتَقَلِّبٌ بَينَ عَطَاءٍ وَمَنعٍ، وَعَافِيَةٍ وَبَلاءٍ، وَغَلاءٍ وَرُخصٍ، وَزِيَادَةٍ وَنَقصٍ، وَأَمنٍ وَخَوفٍ " وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ "


وَحِينَ يَبقَى لِلمُؤمِنِ صَفَاءُ عَقِيدَتِهِ وَرُسُوخُ إِيمَانِهِ، وَيَنتَصِرُ مَبدَؤُهُ وَيَثبُتُ عَلَى مَنهَجِهِ، وَيَظهَرُ في الأَرضِ الهُدَى وَدِينُ الحَقِّ، فَلْيَذهَبْ مِنَ المَالِ مَا ذَهَبَ، وَلْيَفنَ مِنَ الدُّنيَا مَا فَنِيَ، وَعِزَّةُ الأُمَّةِ وَعُلُوُّهَا عَلَى أُمَمِ الكُفرِ وَتَغَلُّبُهَا عَلَى الأَعدَاءِ البَاطِنِيِّينَ، تَستَحِقُّ أَن يَذهَبَ في سَبِيلِهَا كُلُّ شَيءٍ حَتى الأَنفُسُ وَالدِّمَاءُ، نَاهِيكُم عَنِ الأَموَالِ وَحُطَامِ الدُّنيَا الفَاني، وَالَّذِي نَعلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ لَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتى تَستَكمِلَ نَصِيبَهَا مِنهُ..

يَهُونُ عَلَينَا أَن يَبِيدَ أَثَاثُنَا ♦♦♦ وَتَبقَى عَلَينَا المَكرُمَاتُ الأَثَائِثُ


اللَّهُمَّ آمِنَّا في دُورِنَا، وَأَصلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةِ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقتَنَا، اللَّهُمَّ اكفِنَا بِحَلالِكَ عَن حَرَامِكَ وَأَغنِنَا بِفَضلِكَ عَمَّن سِوَاكَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أسباب الثبات على دين الله (خطبة)
  • نعمة العافية (خطبة)
  • طلب الولايات (خطبة)
  • سفينة النجاة (خطبة)
  • نسائم المعروف (خطبة)
  • صيحة نذير (خطبة)
  • شرح حديث: اليد العليا خير من اليد السفلى

مختارات من الشبكة

  • القيم النبوية في إدارة المال والأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الدين النصيحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة آفات على الطريق (2): الإسراف في حياتنا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 7:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب