• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آفات اللسان (3) الكذب (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    خطبة: الإيجابية.. خصلة المؤمنين
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    المضاف إلى الله
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة عن الرياء
    د. رافع العنزي
  •  
    خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    أكبر مشايخ الإمام البخاري سنا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    بطاعة الله ورسوله نفوز بمرافقة الحبيب (صلى الله ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: نعمة تترتب عليها قوامة الدين والدنيا
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن الصمت
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    يا محزون القلب، أبشر
    تهاني سليمان
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

موقف المسلم من الفتن

موقف المسلم من الفتن
الشيخ عبدالله الجار الله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2012 ميلادي - 20/4/1433 هجري

الزيارات: 101167

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

موقف المسلم من الفتن

 

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ؛ فَإِنَّ فِي تَقْوَاهُ عَزَّ وَجَلَّ عِصْمَةً مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَسَلاَمَةً مِنَ الْغِوَايَةِ، وَأَمْناً مِنَ الْمَخَاوِفِ، وَنَجَاةً مِنَ الْمَهَالِكِ، وَمَنْ حَقَّقَ التَّقْوَى آتَاهُ اللهُ نُوراً وَضِيَاءً، يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الضَّلاَلَةِ وَالْهُدَى.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا الْمُوَحِّدُونَ:

تَعَوَّذُوا بِاللهِ جَلَّ وَعَلاَ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَتَعَوَّذُ بِاللهِ كَثِيراً مِنَ الْفِتَنِ، وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُحَذِّرُ مِنَ الْفِتَنِ: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ".

 

إِنَّ النَّاظِرَ فِي حَالِ الْعَالَمِ الْيَوْمَ، وَخَاصَّةً فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى مُسْتَوَى أَفْرَادِهِمْ وَمُجْتَمَعَاتِهِمْ يَجِدُ أَنَّهُمْ يَمُرُّونَ بِفِتَنٍ عَظِيمَةٍ، وَمِحَنٍ جَسِيمَةٍ، تَعَاظَمَ خَطَرُهَا، وَتَطَايَرَ شَرَرُهَا، تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُهَا وَاخْتَلَفَتْ مَوْضُوعَاتُهَا؛ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فِي الْعُقُولِ وَالأَنْفُسِ، فِي الأَعْرَاضِ وَالأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ، تَتَضَمَّنُ فِي طَيَّاتِهَا تَحْسِينَ الْقَبِيحِ، وَتَقْبِيحَ الْحَسَنِ، وَلأَِجْلِ هَذَا فَقَدْ جَاءَ الشَّارِعُ الْحَكِيمُ بِالتَّحْذِيرِ مِنْ غَوَائِلِ الْفِتَنِ وَشُرُورِهَا وَمُدْلَهِمَّاتِهَا، وَقَدْ وَصَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه الْفِتَنَ بِقَوْلِهِ: ((تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ، وَتَؤُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ، فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ، وَتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلاَمَةٍ، وَتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا،مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْهُ، وَمَنْ سَارَ فِيهَا حَطَمَتْهُ)  ثُمَّ يُوَجِّهُ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى اجْتِنَابِ الْفِتَنِ فَيَقُولُ: ((فَلاَ تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ، وَأَعْلاَمَ الْبِدَعِ، وَالْزَمُوا مَا عُقِدَ عَلَيْهِ حَبْلُ الْجَمَاعَةِ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ أَرْكَانُ الطَّاعَةِ، وَأقْدَمُوا عَلَى اللهِ مَظْلُومِينَ، وَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ظَالِمِينَ)) انْتَهَى كَلاَمُهُ رضي الله عنه.

 

إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:

إِنَّ مِنْ دَلاَئِلِ التَّوْفِيقِ أَنْ يَسْتَقِيمَ الْمَرْءُ عَلَى دِينِ اللهِ، وَيَثْبُتَ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالاَتِهِ: فِي حَالِ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَفِي حَالِ الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، فَيَكُونَ عَابِداً شَاكِراً للهِ فِي حَالِ السَّرَّاءِ، وَصَابِراً مُحْتَسِباً فِي حَالِ الضَّرَّاءِ، مُلْتَزِماً نَهْجَ رَسُولِ الْهُدَى عليه الصلاة والسلام، الَّذِي سَارَ عَلَيْهِ، وَوَجَّهَ أُمَّتَهُ إِلَيْهِ، إِذْ مَا مِنْ خَيْرٍ إِلاَّ دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلاَ شَرٍّ إِلاَّ حَذَّرَهَا مِنْهُ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عليه الصلاة والسلام إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى حَتَّى أَكْمَلَ اللهُ تَعَالَى بِهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ حَتَّى تَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، الْوَاضِحَةِ لِلسَّالِكِينَ، كَمَا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدْ أَخْبَرَ بِمَا يَكُونُ فِي الأُمَّةِ بَعَدَهُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ مِنْ تَفَرُّقٍ وَاخْتِلاَفٍ، وَنِزَاعٍ وَشِقَاقٍ، يَنْشَأُ عَنْهُ فِتَنٌ عُظْمَى، وَمِحَنٌ كُبْرَى، يُوقِدُ نَارَهَا وَيُذْكِي جَذْوَتَهَا أَعْدَاءٌ مُتَرَبِّصُونَ، وَكَفَرَةٌ حَاقِدُونَ، أَوْ جَهَلَةٌ قَاصِرُونَ، مُنْحَرِفُونَ عَنْ مَنْهَجِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ، فَتَتَأَجَّجُ نَارُ الْفِتَنِ فِي الأُمَّةِ، وَتَشْتَدُّ ضَرَاوَتُهَا، وَيَسْتَشْرِي ضَرَرُهَا، وَيَتَفَاقَمُ خَطَرُهَا، وَتَلْتَبِسُ عِنْدَئِذٍ كَثِيرٌ مِنَ الْحَقَائِقِ، وَتَخْتَلِطُ كَثِيرٌ مِنَ الْمَفَاهِيمِ، وَتَخْتَلُّ الْمَوَازِينُ، وَيَهْلِكُ بِسَبَبِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَيَحَارُ جَرَّاءَهَا ذَوُو الْعُقُولِ وَالْبَصَائِرِ، وَهَكَذَا شَأْنُ الْفِتَنِ إِذَا عَظُمَتْ فِي الأُمَّةِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لاَ شَكَّ أَنَّ الإِسْلاَمَ قَدْ أَرْشَدَ الْمُسْلِمَ إِلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يَجْتَنِبُ بِهَا الْوُقَوعَ فِي الْفِتَنِ، مِنْهَا:

التَّعَوُّذُ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ؛ فَدُعَاءُ اللهِ - تَعَالَى- خَيْرُ وِقَايَةٍ مِنَ الْفِتَنِ قَبْلَ وُقُوعِهَا، فَالْمُسْلِمُ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يُكْثِرَ الدُّعَاءَ لِتَجْنِيبِهِ الْفِتَنَ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ النَّبَوِيِّ الْكَرِيمِ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي وَتَتُوبَ عَلَيَّ، وَإِنْ أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ)) [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]. وَأَرْشَدَ الرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام أَمَّتَهُ إِلَى الاِلْتِجَاءِ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الْفِتَنِ، فَقَالَ: ((تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

 

وَمِنْ مَوَاقِفِ الْمُسْلِمِ الْعَظِيمَةِ قَبْلَ الْفِتَنِ وَأَثْنَاءَهَا: تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ الْخَالِصِ للهِ، وَاعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ مَا يُصِيبُ الإِنْسَانَ مِنْ فِتْنَةٍ وَبَلاَءٍ إِنَّمَا هُوَ بِقَدَرِ اللهِ وَقَضَائِهِ؛)مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).

 

وَمِنْ أَسْبَابِ الْوِقَايَةِ مِنَ الْفِتَنِ؛ الْوَحْدَةُ وَالاِئْتِلاَفُ، وَتَرْكُ التَّنَازُعِ وَالاِخْتِلاَفِ، وَالاِعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ ولزوم الجماعة، فَبِالْوَحْدَةِ تَقْوَى الشَّوْكَةُ، وَيَعِزُّ الدِّينُ، وَيَذِلُّ الْكُفْرُ، يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].

 

وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: ((تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ)) [رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْحَاكِمُ].

 

وَمِنَ الأُمُورِ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا الْمُسْلِمُ الْفِتَنَ أَيْضاً؛ الْحِرْصُ عَلَى الْعِبَادَةِ أَيَّامَ الْفِتَنِ، وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ عليه الصلاة والسلام فَضْلَ الْعِبَادَةِ أَيَّامَ الْهَرْجِ وَالْقَتْلِ وَاخْتِلاَفِ الأُمُورِ، فَقَالَ: ((الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، هَكَذَا فَلْيَكُنِ الْمُسْلِمُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ؛ قَوِيَّ الصِّلَةِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام حَاثّاً أُمَّتَهُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ، ((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِراً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِراً ..)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَقَالَ أَيْضاً: ((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ خِصَالاً سِتّاً: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَبَيْعَ الْحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافًا بِالدَّمِ، وَنَشْئًا يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ وَلاَ أَعْلَمِهِمْ؛ مَا يُقَدِّمُونَهُ إِلاَّ لِيُغَنِّيَهُمْ))  [أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَابِسٍ الْغِفَارِيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي السِّلْسَلَةِ الصَّحِيحَةِ].

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ بِحِكْمَتِهِ مِنْ دَقِيقِ الأَمْرِ وَجِلِّهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

 

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ حِفْظَ اللِّسَانِ وَقْتَ الْفِتَنِ خَاصَّةً: دَلِيلُ كَمَالِ الإِيمَانِ، وَحُسْنِ الإِسْلاَمِ، وَفِيهِ السَّلاَمَةُ مِنَ الْعَطَبِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْمُرُوءَةِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَطَهَارَةِ النَّفْسِ، فَالْحَدِيثُ عَنِ الآخَرِينَ وَتَتَبُّعُ سَقَطَاتِهِمْ وَإِشَاعَتُهَا، وَالْفَرَحُ بِهَا مِنْ أَقْبَحِ الْمَعَاصِي أَثَراً، وَأَكْثَرِهَا إِثْماً، وَلاَ يَمُوتُ مُقْتَرِفُهَا حَتَّى يُبْلَى بِهَا، ((وَكُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

 

فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مَسَائِلَ خِلاَفٍ بِلاَ هُدىً، وَنَوَازِعَ طَيْشٍ عَلَى هَوىً، وَحُبَّ غَلَبَةٍ وَرَغْبَةَ اسْتِعْلاَءٍ، وَإِرَادَةَ خَفْضٍ لِلآخَرِينَ؟! فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ غِيبَةً لأَِهْلِ الْخَيْرِ، وَتَحْرِيشًا خَفِيًّا أَوْ جَلِيًّا بِالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَأَهْلِ الصَّلاَحِ، وَتَصْنِيفًا ظَالِماً بَلاَ بُرْهَانٍ وَلاَ بَيِّنَةٍ، وَغَمْزًا، وَلَمْزًا، وَسُخْرِيَّةً، وَاتِّهَاماً لِلْعَقَائِدِ وَالنِّيَّاتِ؟!

 

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [الانفطار: 10، 11] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: ((أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ)) [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ].

 

عباد الله:

فَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟! قَالَ: ((نَعَمْ)) قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا)) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: ((هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا)) قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟! قَالَ: ((تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ)). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ! قَالَ: ((فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ)) [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

 

إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:

إِنَّ السَّلاَمَةَ لاَ يَعْدِلُهَا شَيْءٌ، وَالسَّعِيدُ مَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ.

اللهم جنبنا الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرْك والمشركين، واحْمِ حَوْزَة الدين، وانصر عبادك المؤمنين اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين يا رب العالمين اللهم اشفي مرضانا ومرضاهم واغفر لموتانا وموتاهم واهدي ضالهم وألف بين قلوبهم يا ارحم الراحمين اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.

 

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وفجأة نقمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك.

 

اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمَنْ خافك واتَّقاك واتَّبع رضاك يا رب العالمين.

 

اللهم يا رافع السموات، ويا مجيب الدعوات، ويا كاشف الكربات أنج المستضعفين من المؤمنين في بلاد الشام، اللهم اكشف كربهم، وقو عزمهم، وثبت أقدامهم، واربط على قلوبهم، وانصرهم على النصيرين والبعثيين..

 

اللهم إنا نستغيث بك لهم، ونستنصر بك فانصرهم، ونتوسل إليك أن تنجدهم، وأن تقهر عدوهم.. اللهم أمدهم بجندك، وأنزل عليهم سحائب نصرك، يا قوي يا عزيز. اللهم تقبل قتلاهم في الشهداء، واشف جرحاهم، وفك حصارهم، وكن للأرامل واليتامى والفقراء والضعفاء.

 

اللهم عليك بالنصيري الباطني وأعوانه، اللهم امنح إخواننا أكتافهم، ومكنهم من رقابهم، واشف صدور المؤمنين منهم..

 

اللهم إنهم قد آذونا في إخواننا، وأدموا قلوبنا بهتك أعراض حرائرنا، واستباحوا حرماتك، وتجرءوا على ربوبيتك، وألّهوا زعيمهم من دونك.. فأرنا فيهم بطشك وانتقامك، يا قوي يا عزيز  يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

 

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

 

فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الفتن في الأموال والأزواج والأولاد والأسماع
  • ظهور الفتن
  • حديث: فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر

مختارات من الشبكة

  • خطبة: موقف المسلم من فتن أعداء الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من الديون (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • دور المسلم في محيطه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مطوية زاد المسلم في أذكار النوم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المسلم لا يهاب الفقر ولا يرضى به(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخلاق البائع المسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زاد المسلم في حلية طالب العلم(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ما لا يسع المسلم جهله في الفقه والأخلاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/6/1447هـ - الساعة: 16:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب