• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد ...
    إيلاف بنت فهد البشر
  •  
    أثر البركة والبركات محقها بالسيئات وللحصول عليها ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    التسبيح مكفر للخطايا
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    دعاء الأنبياء عليهم السلام على الكفار
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    وعد الآخرة
    محمد حباش
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    كفى بالموت واعظا (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    متى ينال البر؟
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    فقه العمل الصالح (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    علة حديث: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة))
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    شرح حديث دعوات المكروب
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    وجعلت قرة عيني في الصلاة (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التيسير على الناس وذم الجشع (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    نعمة الأمن ووحدة الصف (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    {ليس عليكم جناح}: رفع الحرج وتيسير الشريعة
    بدر شاشا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

شيئًا مما يحبه الله ليحبك الناس

شيئًا مما يحبه الله ليحبك الناس
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/12/2011 ميلادي - 18/1/1433 هجري

الزيارات: 19491

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شيئًا مما يحبه الله ليحبك الناس

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

ممَّا تَرغَبُهُ نَفسُ كُلِّ أَحَدٍ وَتَتَطَلَّعُ إِلَيهِ، أَن يَكُونَ مَحبُوبًا لَدَى الآخَرِينَ مَأنُوسًا بِهِ، غَيرَ مَكرُوهٍ وَلا مُجَانَبٍ وَلا مُستَوحَشٍ مِنهُ، وَلا شَكَّ أَنَّ المَرءَ لا يُولَدُ مِن بَطنِ أُمِّهِ مَحبُوبًا أَو مَكرُوهًا، وَلَكِنَّهُ بِنَفسِهِ إِمَّا أَن يُمَارِسَ أَفعَالاً مَحمُودَةً وَيَتَحَلَّى بِصِفَاتٍ طَيِّبَةٍ، فَيَكُونَ قَرِيبًا مِنَ الآخَرِينَ وَيَدفَعَهُم إِلى حُبِّهِ وَالرَّغبَةِ فِيهِ، وَإِمَّا أن يَرتَكِبَ أَفعَالاً قَبِيحَةً وَيَتَلَبَّسَ بِصِفَاتٍ مَمقُوتَةٍ فَيُصبِحَ بَعِيدًا عَنهُم وَيَضطَرَّهُم إِلى كُرهِهِ وَالنُّفُورِ مِنهُ.

 

وَإِنَّهُ لا يَخفَى عَلَى عَاقِلٍ أَنَّ ثَمَّةَ صِفَاتٍ حَسَنَةً تُورِثُ مَحَبَّةَ النَّاسِ لِلمَرءِ، مِنهَا صِفَاتٌ وَرَدَ في الشَّرعِ الحَثُّ عَلَيهَا وَمَدحُ أَهلِهَا، وَالتَّحذِيرُ مِن أَضدَادِهَا وَذَمُّ مُرتَكِبِيهَا، وَأُخرَى اتَّفَقَت عَلَى حُسنِهَا العُقُولُ وَتَوَارَثَتهَا الأَجيَالُ وَرَغِبَت فِيهَا المُجتَمَعَاتُ، غَيرَ أَنَّ الفَارِقَ بَينَ إِنسَانٍ نَاجِحٍ في عِلاقَتِهِ بِالآخَرِينَ وَآخَرَ فَاشِلٍ في هَذَا المَجَالِ هُوَ التَّطبِيقُ، إِذْ إِنَّ تَطبِيقَ امرِئٍ لِكُلِّ مَا يَعلَمُهُ مِن خَيرٍ يَجعَلُهُ خَيِّرًا مَحبُوبًا، وَعَدَمَ تَطبِيقِ آخَرَ لِمَا يَعلَمُ وَإِصرَارَهُ عَلَى اتِّبَاعِ هَوَى نَفسِهِ وَسَيرَهُ على مَا يُملِيهِ عَلَيهِ شَيطَانُهُ، يَجعَلُ مِنهُ شَيطَانًا مَرِيدًا وَشَبَحًا مَمقُوتًا، لا يُحِبُّ النَّاسَ قُربَهُ وَلا يَأنَسُونَ بِمُجَالَسَتِهِ، وَلا يُطِيقُونَ مُقَابَلَتَهُ وَلا يَرتَاحُونَ لِلتَّعَامُلِ مَعَهُ، وَصَدَقَ اللهُ - تَعَالى - إِذْ قَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفعَلُونَ * كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفعَلُونَ ﴾.

 

وَمَتى مَقَتَ اللهُ العَبدَ وَأَبعَدَهُ وَأَبغَضَهُ، فَلَن يَكُونَ في أَعيُنِ النَّاسِ كَبِيرًا وَهُوَ عِندَ اللهِ صَغِيرٌ حَقِيرٌ، ذَلِكُم أَنَّ اللهُ - تَعَالى - هُوَ الَّذِي يُعطِي وَيَمنَعُ، وَهُوَ الَّذِي يَخفِضُ وَيَرفَعُ، وَهُوَ الَّذِي يَجعَلُ لِمَن يَشَاءُ مَحَبَّةً في قُلُوبِ عِبَادِهِ وَمَوَدَّةً في صُدُورِهِم، وَيُبَغِّضُ إِلَيهِم مَن يَشَاءُ وَيُنَفِّرُهُم مِنهُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمَنُ وُدًّا ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَقَالَ: إِني أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ. قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبرِيلُ ثم يُنَادِي في السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهلُ السَّمَاءِ، ثم يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأَرضِ. وَإِذَا أَبغَضَ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَيَقُولُ: إِني أُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضْهُ. فَيُبغِضُهُ جِبرِيلُ ثم يُنَادِي في أَهلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُبغِضُ فُلانًا فَأَبغِضُوهُ. قَالَ: فَيُبغِضُونَهُ. ثم يُوضَعُ لَهُ البَغَضَاءُ في الأَرضِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ أَوَّلاً وَقَبلَ أَن يُفَكِّرَ في مَحَبَّةِ النَّاسِ لَهُ، أَن يَتَحَبَّبَ إِلى رَبِّهِ - تَعَالى - بِطَاعَتِهِ وَحُسنِ عِبَادَتِهِ، وَالإِخبَاتِ إِلَيهِ وَالانكِسَارِ بَينَ يَدَيهِ، وَالعَمَلِ بِمَا يُحِبُّهُ - سُبحَانَهُ - وَتَركِ مَا يَكرَهُهُ وَيُبغِضُهُ، ثُمَّ يَحرِصَ عَلَى الاتِّصَافِ بما أُدِّبَ بِهِ المُؤمِنُونَ مِن آدَابٍ تَضبِطُ تَعَامُلَهُم مَعَ بَعضِهِم، مِنَ العَفوِ وَالتَّسَامُحِ، وَالوَفَاءِ بِالعَهدِ وَالحَذَرِ مِنَ الخِيَانَةِ، وَالرِّفقِ بِالنَّاسِ وَالإِحسَانِ إِلَيهِم وَالعَدلِ في الحُكمِ عَلَيهِم، وَإِعطَائِهِم حُقُوقَهُم وَعَدَمِ الاعتِدَاءِ عَلَيهِم، وَالتَّوَاضُعِ وَالانبِسَاطِ لهم وَالتَّبَسُّمِ في وُجُوهِهِم، وَتَركِ التَّكَبُّرِ وَصِيَانَةِ اللِّسَانِ عَنِ الفُحشِ وَالسَّبِّ وَالتَّعيِيرِ، وَالسَّمَاحَةِ في البَيعِ وَالشِّرَاءِ وَالأَخذِ وَالعَطَاءِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: " فَاعفُ عَنهُم وَاصفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِنْ حَكَمتَ فَاحكُمْ بَينَهُم بِالقِسطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطِينَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ بَلَى مَن أَوفى بِعَهدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ ﴾ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدِينَ ﴾ وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُختَالاً فَخُورًا ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخَائِنِينَ ﴾ وَقَالَ - عَزَّ مِن قَائِلٍ -: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى - ﴿ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمشِ في الأَرضِ مَرَحًا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ ﴾ وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَاليَ الأُمُورِ وَأَشرَافَهَا وَيَكرَهُ سَفسَافَهَا" رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ وَيُعطِي عَلَى الرِّفقِ مَا لا يُعطِي عَلَى العُنفِ وَمَا لا يُعطِي عَلَى مَا سِوَاهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ سَمحَ البَيعِ سَمحَ الشِّرَاءِ سَمحَ القَضَاءِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ العُقُوقَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ فَاحِشٍ مُتَفَحِّشٍ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تَسُبَّنَّ أَحدًا، وَلا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئًا وَلَو أَن تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنتَ مُنبَسِطٌ إِلَيهِ وَجهُكَ، إِنَّ ذَلِكَ مِنَ المَعرُوفِ، وَارفَعْ إِزَارَكَ إِلى نِصفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيتَ فَإِلى الكَعبَينِ، وَإِيَّاكَ وَإِسبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهُ مِنَ المَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المَخِيلَةِ، وَإِنِ امرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بما يَعلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بما تَعلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيهِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي ذَرِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - رَفَعَهُ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ ثَلاثَةً وَيُبغِضُ ثَلاثَةً " فَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ: قُلتُ: فَمَنِ الثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُبغِضُهُم اللهُ ؟ قَالَ: " المُختَالُ الفَخُورُ، وَأَنتُم تَجِدُونَهُ في كِتَابِ اللهِ المُنَزَّلُ " إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ وَالبَخِيلُ المَنَّانُ، وَالتَّاجِرُ أَوِ البَائِعُ الحَلاَّفُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَالنَّسائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا شَيءٌ أَثقَلُ في مِيزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيَامَةِ مِن خُلُقٍ حَسَنٍ، فَإِنَّ اللهَ - تَعَالى - يُبغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ - تَعَالى - إِذَا أَنعَمَ عَلَى عَبدٍ نِعمَةً يُحِبُّ أَن يَرَى أَثَرَ النِّعمَةِ عَلَيهِ، وَيَكرَهُ البُؤسَ وَالتَّبَاؤُسَ، وَيُبغِضُ السَّائِلَ المُلحِفَ، وَيُحِبُّ الحَيِيَّ العَفِيفَ المُتَعَفِّفَ " أَخرَجَهُ البَيهَقِيُّ في الشُّعَبِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَحَلَّوا بما يُحِبُّهُ وَاحذَرُوا مَا يُبغِضُهُ، وَاجعَلُوا ذَلِكَ مَنهَجًا عَمَلِيًّا تَطبِيقِيًّا وَاقِعِيًّا، ومُمَارَسَاتٍ فِعلِيَّةً ظَاهِرَةً، تَحتَسِبُونَ الأَجرَ في الثَّبَاتِ عَلَيهَا وَإِنْ زَهِدَ فِيهَا مَن زَهِدَ أَو تَخَلَّى عَنهَا مَن تَخَلَّى، وَاعلَمُوا أَنَّ الأُمَّةَ الآنَ لا تَعِيشُ أَزمَةً كَمِثلِ فَقدِ القُدُوَاتِ الصَّالِحِينَ.

 

وَإِنَّهُ لَو تَحَدَّثَ النَّاسُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ في مَعَاني الفَضَائِلِ وَوَسَائِلِهَا، أَو وَضَعُوا في مَحَاسِنِ الأَخلاقِ مِئَاتِ الكُتُبِ، أَو أَقَامُوا لِذَلِكَ عَشَرَاتِ الدَّورَاتِ، ثُمَّ رَأَوا رَجُلاً فَاضِلاً بِأَصدَقِ مَعَاني الفَضِيلَةِ وَخَالَطُوهُ وَصَحِبُوهُ، لَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَحدَهُ أَكبَرَ مِن كُلِّ فَائِدَةٍ في كِتَابٍ أَو نَصِيحَةٍ عَلَى مِنبَرٍ أَو تَطبِيقٍ في دَورَةٍ. فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَجعَلْ مِن أَوَامِرِ دِينِنَا الحَنِيفِ وَنَوَاهِيهِ ضَابِطًا لأَخلاقِنَا وَمِيزَانًا لِمُعَامَلاتِنَا، وَلْنَكُنْ قُدوَةً حَسَنَةً لأَبنَائِنَا وَمَن حَولَنَا، وَلْنُرَبِّ عَلَى الخَيرِ مَن بَعدَنَا، فَإِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ يُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيرَ، وَلْنُعَامِلِ النَّاسَ بِالحُسنى وَلْنَصبِرْ عَلَى أَذَاهُم وَإنْ أَخطَؤُوا ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ بَابٌ وَاسِعٌ مِن أَبوَابِ الجَنَّةِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

مِمَّا يَجعَلُ بَعضَ النَّاسِ يُخفِقُ في عِلاقَاتِهِ مَعَ النَّاسِ، فَيَعتَزِلُهُم وَيَبتَعِدُ عَن مُخَالَطَتِهِم، كَونُهُ ذَا قَلبٍ رَقِيقٍ وَشُعُورٍ مُرهَفٍ وَطَبعٍ حَسَّاسٍ، فَهُوَ لهذا لا يَصبِرُ عَلَى مَا قَد يَصدُرُ عَنهُم في حَقِّهِ، وَلَو أَنَّهُ صَبَرَ قَلِيلاً وَقَوَّى قَلبَهُ، لَعَلِمَ أَنَّهُ لا بُدَّ لِمُخَالِطِ النَّاسِ مِن نَوعٍ مِنَ الأَذَى، وَأَنَّهُ لا بُدَّ مِن تَجَرُّعِ مَرَارَةِ الصَّبرِ وَتَعوِيدِ النَّفسِ التَّحَمُّلَ، فَهَذَا هُوَ طَرِيقُ الخَيرِيَّةِ المَوصُوفِ بها المُؤمِنُ في قَولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المُؤمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم خَيرٌ مِنَ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِنَّ المَرءَ حِينَ يَعتَزِلُ النَّاسَ ظَانًّا أَنَّهُ أَطهَرُ مِنهُم رُوحًا أَو أَطيَبُ قَلبًا، أَو أَوسَعُ مِنهُم صَدرًا أَو أَرحَبُ نَفسًا، أَو أَزكَى عَقلاً أَو أَنضَجُ تَفكِيرًا، إِنَّهُ بِهَذَا لَن يَكُونَ قَد صَنَعَ في الحَيَاةِ شَيئًا كَبِيرًا، لا وَاللهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِهَذَا قَدِ اختَارَ لِنَفسِهِ الهُرُوبَ مِنَ الوَاقِعِ وَالعَيشَ عَلَى هَامِشِ الحَيَاةِ، في حِينِ أَنَّ العَظَمَةَ الحَقِيقِيَّةَ أَن يَفعَلَ كَمَا فَعَلَ نَبِيُّهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -، فَيُخَالِطَ النَّاسَ وَيُعَامِلَهُم بِأَخلاقِ العُظَمَاءِ، فَيَعفُوَ عَن مُسِيئِهِم وَيُسَامِحَ مُتَجَاوِزَهُم، وَيَعطِفَ عَلَى ضَعِيفِهِم وَيَجبُرَ مَكسُورَهُم، وَيُكمِلَ نَقصَهُم وَيُصَوِّبَ خَطَأَهُم، قَاصِدًا إِصلاحَهُم وَتَطهِيرَهُم وَتَعلِيمَهُمُ الخَيرَ، جَاعِلاً نُصبَ عَينَيهِ رَفعَ مُستَوَاهُم إِلى كُلِّ خُلُقٍ سَامٍ وَتَحَلِّيهِم بِكُلِّ قِيمَةٍ عُليَا.

 

وَإِنَّ هَذَا النَّوعَ مِنَ التَّوَاصُلِ مَعَ النَّاسِ سَهلٌ وَمُتَيَسِّرٌ وَللهِ الحَمدُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَبَسُّمٌ وَطَلاقَةُ وَجهٍ وَسَمَاحَةُ مُحَيَّا، وَإِلقَاءُ سَلامٍ وَبَذلُ نَدًى وَتَعَامُلٌ بِإِرِيحِيَّةٍ وَمَوَدَّةٍ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تَبَسُّمُكَ في وَجهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وَعَنِ ابنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلا أُخبِرُكُم بِمَن تَحرُمُ عَلَيهِ النَّارُ ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " عَلَى كُلِّ هَينٍ لَينٍ قَرِيبٍ سَهلٍ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاحذَرُوا ممَّا بُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ، إِذْ جَمَعُوا إِلى عَدَمِ الاتِّصَافِ بِصِفَاتِ الخَيرِ، مُطَالَبَتَهُمُ الآخَرِينَ أَن يَكُونُوا لَهُم كَمَا يُحِبُّونَ وَيَشتَهُونَ، مُكثِرِينَ مِنِ انتِقَادِهِم وَلَومِهِم، مُندَفِعَينَ في الاستِهزَاءِ بهم وَتَعيِيرِهِم، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ لِكُلِّ فَردٍ كِيَانًا مَستَقِلاًّ وَشَخصِيَّةً مُنفَرِدَةً، لا يَجُوزُ المِسَاسُ بها وَلا الإِسَاءَةُ إِلَيهَا أَوِ انتِقَاصُهَا دُونَ سَبَبٍ وَجِيهٍ، وَأَنَّ المَرءَ كَمَا يُدِينُ يُدَانُ، وَأَنَّ مَن يَزرَعُ الخَيرَ يَحصُدُهُ، وَمَن يَغرِسُ الشَّرَّ لا يَجني إِلاَّ أَمَرَّ الثِّمَارِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مما يحبه الله تعالى (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (31) «ازهد في الدنيا يحبك الله...» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو عرفوك لأحبوك وما سبوك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إطلالة على أنوار من النبوة(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • لا تطلب الأبدية من دنيا فانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الاستجرار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم قول ما شاء الله وشئت أو ما شاء الله وشاء فلان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن أعمال ترفع الدرجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماضي زوجتي كله علاقات(استشارة - الاستشارات)
  • كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/4/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب