• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    البر بالوالدين: وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    حجية خبر الآحاد (PDF)
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    الخرقي وكتابه: "المختصر في الفقه" (PDF)
    نورة بنت إبراهيم بن محمد التويجري
  •  
    وقفات مع بداية العام الدراسي (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    من أقوال السلف في البخل والشح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    وليس أخو علم كمن هو جاهل (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    بر الوالدين (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أسباب البركة في الطعام
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    البراء بن عبدالله بن صالح القرعاوي
  •  
    بركة الرزق (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حديث: أمر رجلا أن يضع يده عند الخامسة على فيه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    طلب العلم وتعليمه عند وقوع النوازل بالمسلمين
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    شروط ما قبل الصلاة
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

وأجملوا في الطلب

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/6/2011 ميلادي - 12/7/1432 هجري

الزيارات: 47281

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وأجملوا في الطلب

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدْرًا ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

الدُّنيَا دَارُ اختِبَارٍ وَمَيدَانُ امتِحَانٍ، وَالمُؤمِنُ فِيهَا مُبتَلًى بِالخَيرِ وَالشَّرِّ، وَاللهُ قَد أَمَرَنَا وَنَهَانَا، وَبَيَّنَ لَنَا في كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا يُصلِحُ شَأنَنَا وَتَكُونُ بِهِ نَجَاتُنَا ﴿ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا ﴾ ﴿ وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا ﴾ أَلا وَإِنَّ الرِّزقَ مِمَّا ابتُلِيَ النَّاسُ بِالتَّفَاوُتِ فِيهِ في هَذِهِ الدُّنيَا، وَقُدِّرَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَظُّهُ مِنهُ وَهُوَ في بَطنِ أُمِّهِ، وَمَعَ هَذَا جَعَلَهُ بَعضُهُم غَايَةً لَهُ وَهَمًّا، يُمسِي وَهُوَ مُنشَعِلٌ بِهِ، وَيُصبِحُ لا يُفَكِّرُ إِلاَّ فِيهِ، يَطلُبُهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنبٍ، وَيَسعَى وَرَاءَهُ فَتىً وَشَابًّا وَشَيخًا، وَلا يَتَوَانى عَنهُ صَحِيحًا أَو سَقِيمًا مُسَافِرًا أَو مُقِيمًا، بَل وَصَلَ الأَمرُ بِكَثِيرِينَ إِلى أَنِ انشَغَلوُا بِهِ عَمَّا خُلِقُوا مِن أَجلِهِ، فَطَرَدُوهُ حَتى تَرَكُوا الصَّلَوَاتِ، وَتَأَخَّرُوا بِسَبَبِهِ عَن إِدرَاكِ الجُمَعِ وَالجَمَاعَاتِ، وَحَمَلَهُمُ ابتِغَاؤُهُ عَلَى أَن يَكذِبُوا وَيَغُشُّوا، وَيَشهَدُوا بِالزُّورِ وَيَحلِفُوا الأَيمَانَ الكَاذِبَةَ، وَمِنهُم مَن دَخَلَ بِسَبَبِهِ في مَعَارِكَ كَلامِيَّةٍ حَادَّةٍ، وَرُبَّمَا تَجَادَلَ فِيهِ إِخوَانٌ وَأَقَارِبُ وَجِيرَانٌ، وَرُبَّمَا تَهَاجَرُوا بَعدَ شَكَاوَى وَطُولِ خِصَامٍ، وَرُبَّمَا لم تُقنِعْهُمُ المَحَاكِمُ الشَّرعِيَّةُ وَلا الأَنظِمَةُ المَرعِيَّةُ، فَطَالَ بهمُ الطَّرِيقُ في أَخذٍ وَعَطَاءٍ وَفَتلٍ وَنَقضٍ. وَهَكَذَا يَضِيعُ مِنَ العُمُرِ أَوقَاتٌ غَالِيَةٌ، وَيُصَابُ المَرءُ بِالأَمرَاضِ وَتُهلِكُهُ الأَوجَاعُ، وَيَتَفَانى وَيُهلِكُ نَفسَهُ في أَمرٍ مَحسُومٍ وَرِزقٍ مَقسُومٍ، فَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ. أَخرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا عَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ: إِنَّ أَحَدَكُم يُجمَعُ خَلقُهُ في بَطنِ أُمِّهِ أَربَعِينَ يَومًا، ثُمَّ يَكُونُ في ذَلِكَ عَلَقَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ في ذَلِكَ مُضغَةً مِثلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرسَلُ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤمَرُ بِأَربَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتبِ رِزقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ..." الحَدِيثَ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّهُ لَيسَ شَيءٌ يُقَرِّبُكُم مِنَ الجَنَّةِ وَيُبَاعِدُكُم مِنَ النَّارِ إِلاَّ قَد أَمَرتُكُم بِهِ، وَلَيسَ شَيءٌ يُقَرِّبُكُم مِنَ النَّارِ وَيُبَاعِدُكُم مِنَ الجَنَّةِ إِلاَّ قَد نَهَيتُكُم عَنهُ، وَإِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ نَفَثَ في رُوعِي أَنَّهُ لَن تَمُوتَ نَفسٌ حَتَّى تَستَوفيَ رِزقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ، وَلا يَحمِلَنَّكُمُ استِبطَاءُ الرِّزقِ أَن تَطلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللهِ، فَإِنَّهُ لا يُدرَكُ مَا عِندَ اللهِ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ " أَخرَجَهُ البَيهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ الرِّزقَ لَيَطلُبُ العَبدَ كَمَا يَطلُبُهُ أَجَلُهُ" رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَغَيرُهُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ.

 

يُقَالُ هَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَنَحنُ نَرَى كُلَّ فَترَةٍ ضَوَائِقَ وأَزَمَاتٍ، يَفتَعِلُهَا تُجَّارٌ جَشِعُونَ، وَيَقَعُ في شِرَاكِهَا مُستَهلِكُونَ مَغَفَّلُونَ، وَإِنَّهُ مَتَى اجتَمَعَ جَشَعُ التُّجَّارِ وَطَمَعُهُم وَحِرصُ المُشتَرِينَ وهَلَعُهُم، في جَوٍّ مِن عَدَمِ التَّقَيُّدِ بِأَحكَامِ الإِسلامِ وَضَبطِ النُّفُوسِ بِآدَابِهِ، لم تَرَ إِلاَّ مَا عَلَيهِ الحَالُ مِن تَقَاطُرِ السَّيَّارَاتِ لِطَلَبِ بَعضِ الحَاجَاتِ، وَتَشَاحُنِ النَّاسِ وَتَنَازُعِهِم، وَرَميِ بَعضِهِم بَعضًا بِالسِّبَابِ وَأَقذَعِ الوَصفِ وَأَفحَشِ الكَلامِ، مِمَّا يَتَرَفَّعُ عَنهُ كُلُّ مُسلِمٍ يَعلَمُ أَنَّ الرِّزقَ بِيَدِ اللهِ، وَأَنَّهُ لَن يَأتِيَهُ إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ. وَلَو أَنَّ التُّجَّارَ كُلَّمَا أَرَادُوا بِالمُشتَرِينَ فِتنَةً دَفَعَهَا المُشتَرُونَ بِالصَّبرِ وَالتَّعَقُّلِ وَعَدَمِ الانصِيَاعِ لخِطَطِهِمُ الشَّيطَانِيَّةِ، لتَأَدَّبَ أُولَئِكَ التُّجَّارُ وَتَرَاجَعُوا، وَلَرَعُوا مَا لإِخوَانِهِم عَلَيهِم مِنَ الحُقُوقِ، لَكِنَّهُم وَجَدُوا أَنَّهُم كُلَّمَا استُخفُّوهُم أَطَاعُوهُم، وَكُلَّمَا أَجلَبُوا عَلَيهِمُ انقَادُوا إِلَيهِم، وَكُلَّمَا كَذَبُوا عَلَيهِم صَدَّقُوا وَانخَدَعُوا، وَمِن ثَمَّ جَعَلُوا لا يَألُونَ جُهدًا في اصطِنَاعِ الأَزَمَاتِ وَنَشرِ الشَّائِعَاتِ، وَالزَّعمِ بِأَنَّ تِلكَ السِّلعَةَ سَتَشِحُّ في السُّوقِ وَسَيَقِلُّ عَرضُهَا مُستَقبَلاً أَو قَد يُقطَعُ استِيرَادُهَا، وَقَد وَجَدُوا في هَذِهِ الخِطَطِ البَغِيضَةِ تَروِيجًا لِبَضَائِعِهِمُ الكَاسِدَةِ وَتَسوِيقًا لِمَعرُوضَاتِهُمُ الفَاسِدَةِ، بَل إِنَّهُم لم يَجِدُوا طَرِيقًا لِلتَخَلُّصِ مِن أَردَأِ مَا لَدَيهِم إِلاَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ المُلتَوِيَةَ، الَّتي يُسَاعِدُهُم عَلَى سُلُوكِهَا الجَهلُ الَّذِي يَتَّصِفُ بِهِ العَامَّةُ، وَلَو أَنَّ النَّاسَ وَثِقُوا فِيمَا عِندَ اللهِ مِنَ الفَرَجِ العَاجِلِ لِمَنِ اتَّقَاهُ، فَقَاطَعُوا أُولَئِكَ التُّجَّارَ وَلَجَؤُوا إِلى رَبِّهِم لُجُوءًا حَقِيقِيًّا، لَتَغَيَّرَتِ الأَحوَالُ وَلَتَحَسَّنَتِ الأَوضَاعُ، وَلَتَأَدَّبَ أَهلُ الطَّمَعِ وَالجَشَعِ بِآدَابِ الإِسلامِ وَتَخَلَّقُوا بِأَخلاقِ أَهلِهِ الكِرَامِ، وَلْنَأخُذْ عَلَى ذَلِكَ مِثَالاً بِأَهلِ المَاشِيَةِ، الَّذِينَ نَرَى مِنِ اهتِمَامِهِم بِتَوَفُّرِ الأَعلافِ وَسُؤَالِهِم عَنهَا مَا لَو بَذَلُوا نِصفَهُ في اللُّجُوءِ إِلى رَبِّهِم وَدُعَائِهِ وَاستِسقَائِهِ، لَوَجَدُوا لِذَلِكَ أَثَرًا عَظِيمًا، وَلَظَفِرُوا مِن رَبِّهِم بِإِجَابَةِ دُعَائِهِم وَتَحقِيقِ رَجَائِهِم، غَيرَ أَنَّكَ تَرَى أَحَدَهُم إِذَا أُعلِنَ عَن شَاحِنَةِ أَعَلافٍ قَد وَصَلَت، قَامَ مِن قَبلِ الفَجرِ مُبَادِرًا، وَأَيقَظَ مَعَهُ عَدَدًا مِن أَبنَائِهِ لِيَأخُذُوا أَمكِنَتَهُم مَعَ المُتَقَاطِرِينَ، وَتَرَاهُ يُنَبِّهُ جِيرَانَهُ وَمَن يُحِبُّ وَيُؤَكِّدُ عَلَيهِم الحُضُورَ لِنَيلِ نَصِيبِهِم وَأَخذِ حِصَّتِهِم مِن لُقمَةٍ غَيرِ سَائِغَةٍ وَلا هَنِيئَةٍ، يَتَنازَعُهَا رِجَالٌ كَأَنَّهُمُ السِّبَاعُ الضَّارِيَةُ، يَتَشَاحُّونَ وَيَتَشَاجَرُونَ، وَيُضَيِّقُ بَعضُهُم عَلَى بَعضٍ وَيَتَدَافَعُونَ، مُتَنَاسِينَ أَنَّ لَهُم أَخلاقًا إِسلامِيَّةً عَظِيمَةً، وَشِيَمًا عَرَبِيَّةً كَرِيمَةً، تَحُثُّ عَلَى الإِيثَارِ وَتَدعُو إِلى السَّمَاحَةِ، وَتَمدَحُ الكَرَمَ وَتُشِيدُ بِسُمُوِّ النَفسِ، وَتُنَفِّرُ مِنَ الأَثَرَةِ وَتَذُمُّ حُبَّ الذَّاتِ. وَتَرَى كَثِيرًا مِن هَؤُلاءِ حِينَ يُدعَى لِصَلاةِ استِسقَاءٍ يَتَباطَؤُونَ وَيَتَأَخَّرُونَ، وَقَد لا يَهتَمُّ بَعضُهُم بها وَلا يَأتُونَ، فَكَأَنَّهُم قَد أَصبَحُوا بما عِندَ المَخلُوقِينَ الضُّعَفَاءِ أَوثَقَ مِنهُم بما عِندَ الخَالِقِ الرَّازِقِ - سُبحَانَهُ - أَلا فَمَا أَحرَى المُسلِمَ أَن يَتَّقِيَ رَبَّهُ وَيُحسِنَ التَّعَامُلَ في كُلِّ مَا يَمُرُّ بِهِ، فَلا يَستَعجِلَ وَلا يَطمَعَ، وَلا يَيأَسَ وَلا يَجزَعَ، بَل يَجعَلُ ثِقَتَهُ بِرَبِّهِ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ، وَطَمَعَهُ بما عِندَ مَولاهُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ، وَرَجَاءَهُ لِتَفرِيجِهِ - تَعَالى - الكُرَبَ وَتَيسِيرِهِ العُسرَ مُهَيمِنًا عَلَيهِ في كُلِّ وَقتٍ، فَهُوَ - سُبحَانَهُ - الَّذِي لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِهِ، وَلا مَانِعَ لما أَعطَى وَلا مُعطِيَ لما مَنَعَ، بِيَدِهِ خَزَائِنُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَلَيسَ لِلعَبدِ إِلاَّ مَا قَضَاهُ لَهُ وَقَدَّرَهُ، وَلَيسَ يَنقُصُ في رِزقِ مَخلُوقٍ تَأنٍّ أَو تَبَاطُؤٌ أَو تُؤَدَةٌ، وَلا يَزِيدُ فِيهِ عَنَاءٌ وَلا سُرعَةٌ وَلا عَجَلَةٌ، وَمَن شَكَّ في هَذَا فَلْيُرَاجَعْ إِيمَانَهُ وَلْيُصَحِّحْ عَقِيدَتَهُ، فَإِنَّ اللهَ - تَعَالى - قَد قَالَ: ﴿ وَفي السَّمَاءِ رِزقُكُم وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ مَا أَنَّكُم تَنطِقُونَ ﴾.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُون:

إِنَّهُ لا يُقَالُ لِلنَّاسِ اجلِسُوا في بُيُوتِكُم مُنتَظِرِينَ ذَهَبًا تُمطِرُ بِهِ السَّمَاءُ، أَوِ اقعُدُوا عَن طَلَبِ أَرزَاقِكُم وتَوَاكَلُوا وَلا تَعمَلُوا، لا وَاللهِ، لا يَقُولُ ذَلِكَ مَن لَهُ مَسكَةُ فِقهٍ وَلا ذَرَّةُ عَقلٍ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلنَّاسِ اعمَلُوا وَابذُلُوا الأَسبَابَ، وَقُومُوا وَاقعُدُوا وَاطرُقُوا الأَبوَابَ، وَامشُوا في مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِزقِهِ ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا في الأَرضِ وَابتَغُوا مِن فَضلِ اللهِ ﴾ وَلَكِنْ ﴿ وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ ﴾ نَعَم، اُذكُرُوهُ كَثِيرًا فَلا تَغفَلُوا بِالانشِغَالِ بما ضَمِنَهُ لَكُم عَمَّا لم يَضمَنْ، اُذكُرُوهُ كَثِيرًا وَاعمَلُوا بما أَمَرَكُم بِهِ وَانتَهُوا عَمَّا نَهَاكُم عَنهُ، اُذكُرُوهُ كَثِيرًا وَقِفُوا عِندَ حُدُودِهِ وَلا تَظلِمُوا أَنفُسَكُم بِتَعَدِّي تِلكَ الحُدُودِ، اُذكُرُوهُ كَثِيرًا وَخُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ، اذكُرُوهُ كَثِيرًا فَلا تَغُشُّوا وَلا تُخدَعُوا، وَبَيِّنُوا وَلا تَكتُمُوا، اُذكُرُوهُ كَثِيرًا فَاحفَظُوا أَيمَانَكُم في بَيعِكُم وَشِرَائِكُم.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ الحِرصَ الزَّائِدَ مُفسِدٌ لِدِينِ المَرءِ مُذهِبٌ لِمُرُوءَتِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَا ذِئبَانِ جَائِعَانِ أُرسِلا في غَنَمٍ بِأَفسَدَ لها مِن حِرصِ المَرءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِنَّ أَشرَافَ الرِّجَالِ وَكُرَمَاءَهُم، لا تَرَاهُم إِلاَّ هَادِئِي البَالِ مُتَّزِنِي الطِّبَاعِ، مُطمَئِنِّي القُلُوبِ مُتَّسِعِي الصُّدُورِ، مُتَّصِفِينَ بِالسَّمَاحَةِ وَالعِفَّةِ، لأَنَّهُم يَعلَمُونَ أَنَّ مَا قُدِّرَ لَهُم فَسَيَأتِيهِم وَلَو لم يَأتُوَا إِلَيهِ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: جَاءَ سَائِلٌ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا تَمرَةٌ عَائِرَةٌ فَأَعطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ: "خُذْهَا، لَو لم تَأتِهَا لأَتَتكَ" وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَربَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلا عَلَيكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنيَا: حِفظُ أَمَانَةٍ، وَصِدقُ حَدِيثٍ، وَحُسنُ خَلِيقَةٍ، وَعِفَّةٌ في طُعمَةٍ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَالطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "رَحِمَ اللهُ عَبدًا سَمحًا إِذَا بَاعَ سَمحًا إِذَا اشتَرَى سَمحًا إِذَا اقتَضَى" رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَأَمَّا أُولَئِكَ المُحتَكِرُونَ المُتَلاعِبُونَ بِأَطعِمَةِ النَّاسِ وَأَطعِمَةِ مَوَاشِيهِم، الَّذِينَ لا يُهِمُّهُم إِلاَّ جَمَعُ المَالِ وَلَو بِطُرُقٍ غَيرِ شَرعِيَّةٍ وَلا مَقبُولَةٍ، فَهُم مُذنِبُونَ مُخطِئُونَ مُتَوَعَّدُونَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَنِ احتَكَرَ طَعَامًا فَهُوَ خَاطِئٌ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "ثَلاثَةٌ لا يَنظُرُ اللهُ إِلَيهِم يَومَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِم وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: المُسبِلُ وَالمَنَّانُ وَالمُنَفِّقُ سِلعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِيَّاكُم وَكَثرَةَ الحَلِفِ في البَيعِ ؛ فَإِنَّهُ يُنَفِّقُ ثُمَّ يَمحَقُ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أين ذهب كتاب (مفاتح الطلب) للعلامة جلال الدين السيوطي؟
  • الإنشاء الطلبي وأنواعه

مختارات من الشبكة

  • البر بالوالدين دين ودين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كن نافعا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مقاربات بيانية إيمانية لسورة الفجر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طوق النجاة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العناية بالأظافر في السنة النبوية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العلم والتقنية؛ أية علاقة؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الاطلاع والانتفاع بما قال فيه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: من استطاع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • همة الطلب في معرفة فضل شهر رجب(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/2/1447هـ - الساعة: 15:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب