• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بيع وشراء رباع مكة ودورها
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    كيف يرضى الله عنك؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    لطائف من القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    تفسير قوله تعالى: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    من أخطاء المصلين (4)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    بركة التحصين النبوي عند الجماع
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: تجرده صلى الله ...
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    التلاعب بالمواريث (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صفة المحبة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    رعاية الله تعالى للخليل عليه السلام وكفايته
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عندما تصاب بخيبة الأمل
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / رجالات الإسلام
علامة باركود

الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)

الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/11/2025 ميلادي - 29/5/1447 هجري

الزيارات: 295

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإمام محمد بن إدريس الشافعي

 

أيها المؤمنون: قال الله عز وجل: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111]، وحين ذكر القرآن لنا نماذجَ مُشرقة من قصص الأنبياء والمرسلين، فإننا نحتاج أن نسلِّط الأضواء على نماذج من القدوات المضيئة عبر الأزمان، لعلنا نقتدي بهم فنزداد همة؛ فيكون لنا أثر لا أقول فريد، وإن كنا نطمح إلى التميز، ولكن أقول: لعلنا نستطيع أن نجد بيئةً خصبةً يصلح فيها أبناؤنا، فيكونوا صالحين تقر بهم الأعين، وتشرف بهم الأوطان، وتنشرح بهم الصدور.

 

الإمام الشافعي محمد بن إدريس بن العباس الشافعي، وُلد في القرن الثاني من الهجرة، الإمام، عالم العصر، ناصر الحديث، فقيه الملة، صاحب أحد المذاهب الفقهية الأربعة التي اعتمدتها الأمة المحمدية، وُلد الإمام بغزة فلسطين، ومات أبوه إدريس شابًّا، فنشأ محمد يتيمًا في حِجر أمه، فخافت عليه الضَّيعة، فتحولت به إلى مكة وهو ابن عامين، فنشأ بها، وأقبل على الرمي، حتى فاق فيه الأقران، وصار يصيب من عشرة أسهم تسعةً، ثم أقبل على العربية والشرع، فبرع في ذلك، وتقدم، ثم حبِّب إليه الفقه، فساد أهل زمانه، وأخذ العلم عن مفتي مكة وبعض التابعين، وارتحل وهو ابن نيف وعشرين سنةً - وقد أفتى وتأهل للإمامة – إلى المدينة، فحمل عن مالك بن أنس (المـوطأ)، عرضه مِن حفظه، وطلب العلم في اليمن وبغداد، وصنف التصانيف، ودوَّن العلم، وردَّ على الأئمة متبعًا الأثر، وصنَّف في أصول الفقه وفروعه، وبعُد صيته، وتكاثر عليه الطلبة، وممن حدث عنه الإمام أحمد بن حنبل؛ قال الشافعي رحمه الله تعالى:

"حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت (الموطأ) وأنا ابن عشر"، تلقَّى الأحاديث والآثار النبوية وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم في المدينة، وسافر إلى العراق فاستنار هنالك فكرُه بأهل الرأي المهرة في الفقه والقياس والاستنباط، فجمع بين الحُسنَيين: أهل الأثر وأهل الرأي.

 

زكَّاه إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل فقال عنه: "ما رأيت أحدًا أفقه في كتاب الله من هذا الفتى"، نتمنى أن نستمع إلى سيرة هؤلاء العظماء، ونتفاءل بأننا يمكننا أن نخرج من أبنائنا بالتربية والرعاية والحكمة رجالًا أمثالهم.

 

لن أستطيع أن أسرد حياته كاملة لأربعة وخمسين عامًا من طلب العلم وتعليم الناس؛ فقد طلب العلم في مكة والمدينة والعراق واليمن ومصر، ومع ذلك كان ماهرًا في الفروسية والرمي والأنساب، والنحو والفراسة، والشعر والأدب، حتى تميز بالفصاحة والنباهة.

 

دعونا نتأمل في هذه اللحظات بعضًا من أقواله، وبعضًا من مواقفه؛ لعلنا نلتمس فيها مواعظَ وعِبرًا؛ فمن أقواله رحمه الله تعالى: "لأن يلقى الله العبد بكل ذنب إلا الشرك، خير من أن يلقاه بشيء من الأهواء"؛ مصداقًا لقول الله عز وجل: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50]، فما أضل الناس إلا هوى النفس، وقد حذر رحمه الله تعالى من آفات الكلام فقال: "لو علِم الناس ما في الكلام من الأهواء لفرُّوا منه، كما يفرون من الأسد"؛ مصداقًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ((وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم))، قال يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا، وإن لم نتفق في مسألة"، فكما كانوا حريصين على الحق والجِد والعبادة، كانوا أيضًا حريصين على الأخلاق والمعاملة الحسنة، ومن أقواله التي تحمل بُعدًا فقهيًّا قوله رحمه الله تعالى: "قراءة الحديث خير من صلاة التطوع، وقال: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة"؛ مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، فبالعلم يقرب الإنسان من ربه ويرتفع درجاتٍ؛ كما قال رب البريات: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].

 

انظروا إلى الشغف الذي يعيشه، والهمة التي يسعى لها، والحياة التي يتجمل بها؛ حيث قال رحمه الله تعالى: "من تعلم القرآن، عظمت قيمته، ومن تكلم في الفقه، نما قدره، ومن كتب الحديث، قوِيت حجته، ومن ناظر في اللغة، رقَّ طبعه، ومن نظر في الحساب، جزل رأيه، ومن لم يصُن نفسه، لم ينفعه علمه"؛ قال عليه السلام: ((دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يريبك)).

 

قد رشحوك لأمرٍ إن فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ

وقل لي من تصادق، ومن تعاشر، ومن تجالس، أقُل لك: من أنت، ومن يجالس النجوم ليس كمن يجالس السافلين التافهين.

 

ومن أقواله رحمه الله تعالى: "تجاوز الله عما في القلوب، وكتب على الناس الأفعال والأقاويل"؛ مقتبسًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا أو يتكلموا)).

 

ومن أقواله فيمن يتكابر عن قبول الحق: "ما كابرني أحد على الحق ودافع، إلا سقط من عيني، ولا قبِله إلا هِبته، واعتقدت مودته".

 

الإمام الشافعي - أيها المؤمنون - بلغ من العلم مبلغه، ولا يزال الناس يسترشدون به عبر العصور بمذهبه، وهو الذي قال تواضعًا منه وتمسكًا بالحق: "كل ما قلته فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صحَّ، فهو أولى، ولا تقلدوني إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بها، ودعوا ما قلته".

 

وسمعته يقول وقد قال له رجل: "تأخذ بهذا الحديث يا أبا عبدالله؟ فقال: متى رويت عن رسول الله حديثًا صحيحًا ولم آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب".

 

وقال الحميدي: روى الشافعي يومًا حديثًا، فقلت: أتأخذ به؟ فقال: رأيتني خرجت من كنيسة، أو عليَّ زنَّار، حتى إذا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لا أقول به، وهو الذي قال: "أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا فلم أقل به"، ومن أقواله: "كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني"، ويُروى أنه قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا صح الحديث، فاضربوا بقولي الحائط".

 

كان الشافعي قد جزَّأ الليل: فثلثه الأول يكتب في تأليف العلم، والثاني يصلي، والثالث ينام.

 

قلت: أفعاله الثلاثة عبادة بالنية.

 

قال حسين الكرابيسي: "بِتُّ مع الشافعي ليلةً، فكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آيةً، فإذا أكثر فمائة آية، وكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا تعوَّذ، وكأنما جمع له الرجاء والرهبة جميعًا".

 

كان رحمه الله تعالى إذا أكل لا يشبع؛ حيث قال عن نفسه: "ما شبعت منذ ست عشرة سنةً إلا مرةً، فأدخلت يدي فتقيأتها، وعلَّل عن ذلك بقوله: لأن الشبع يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف عن العبادة".

 

الزبير بن عبدالواحد أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن مطر، سمعت الربيع، قال لي الشافعي: "عليك بالزهد، فإن الزهد على الزاهد أحسن من الحلي على المرأة الناهد".

 

من أخلاقه العالية وتعظيمه لله عز وجل قوله: "ما حلفت بالله صادقًا ولا كاذبًا"، فكان يتجنب اليمين الغموس، ويمين اللغو واليمين المنعقدة في كلامه؛ إجلالًا لله جل جلاله.

 

وكان رحمه الله تعالى كريمًا سخيًّا جوادًا: قلما كان يمسك الشافعي الشيء من سماحته، وكان أسخى الناس على الدينار والدرهم والطعام.

 

ومن نماذج كرمه قال الربيع: تزوجت، فسألني الشافعي كم أصدقتها؟ قلت: ثلاثين دينارًا، عجلت منها ستةً، فأعطاني أربعةً وعشرين دينارًا ليسد به بقية دَينه.

 

من أقواله رحمه الله تعالى: "أصل العلم: التثبيت، وثمرته: السلامة، وأصل الورع: القناعة، وثمرته: الراحة، وأصل الصبر: الحزم، وثمرته: الظَّفَر، وأصل العمل: التوفيق، وثمرته: النجح، وغاية كل أمر: الصدق".

 

وعن الشافعي: "بئس الزاد إلى المَعاد العدوانُ على العباد"، "إذا خفت على عملك العجب، فاذكر رضا من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب، فمن فكر في ذلك، صغر عنده عمله"؛ قال الشافعي:

يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهةً فأزيد حِلمًا
كعود زاده الإحراقُ طيبا

 

وقال أيضًا:

إذا نطق السفيه فلا تُجبه
فخير من إجابته السكوتُ
فإن كلمته فرجت عنه
وإن خلَّيته كمدًا يموتُ

 

حدثنا عبدالله بن أحمد، قلت لأبي: أي رجل كان الشافعي، فإني سمعتك تكثر من الدعاء له؟ قال: "يا بني، كان كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فهل لهذين من خلف، أو منهما عوض؟".

 

قال أحمد بن حنبل من طرق عنه: "إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب، قال: فنظرنا، فإذا في رأس المائة عمر بن عبدالعزيز، وفي رأس المائتين الشافعي".

 

عباد الله: رحم الله علماء المسلمين، وأخرج منا من يتمثل الدين عبادةً وخلقًا، واستغفروا ربكم وتوبوا إليه؛ فإنه كان غفارًا.

 

أنفع الذخائر التقوى، وأضرها العدوان.

 

ما كان الشافعي إلا ساحرًا، ما كنا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله، كأن ألفاظه سُكر، وكان قد أُوتي عذوبةَ منطقٍ، وحسن بلاغة، وفرط ذكاء، وسيلانَ ذهنٍ، وكمال فصاحة، وحضور حُجة.

 

قال محمد بن عبدالله بن عبدالحكم: "ما رأيت أحدًا أقل صبًّا للماء في تمام التطهر من الشافعي".

 

قال أبو ثور: سمعت الشافعي يقول: "ينبغي للفقيه أن يضع التراب على رأسه تواضعًا لله، وشكرًا لله".

 

قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: "وددت أن كل علم أعلمه، تعلمه الناس، أوجر عليه ولا يحمدوني".

 

حدثنا الربيع، قال الشافعي: "المحدثات من الأمور ضربان: ما أُحدث يخالف كتابًا، أو سنةً، أو أثرًا، أو إجماعًا، فهذه البدعة ضلالة، وما أُحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه مُحدثة غير مذمومة، قد قال عمر في قيام رمضان: نعمت البدعة هذه، يعني: أنها محدثة لم تكن، وإذ كانت فليس فيها ردٌّ لِما مضى؛ مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)).

 

حدثنا المزني، قال: دخلت على الشافعي في مرضه الذي مات فيه، فقلت: يا أبا عبدالله، كيف أصبحت؟ فرفع رأسه، وقال: أصبحت من الدنيا راحلًا، ولإخواني مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، وعلى الله واردًا، ما أدري روحي تصير إلى جنة فأهنيها، أو إلى نار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
جعلت رجائي دون عفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلتَ ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجود وتعفو منةً وتكرما
فإن تنتقم مني فلست بآيسٍ
ولو دخلت نفسي بجرمي جهنما
ولولاك لم يغوَ بإبليس عابد
فكيف وقد أغوى صفيك آدما
وإني لآتي الذنب أعرف قدره
وأعلم أن الله يعفو ترحما

 

وقال لي: "رضا الناس غاية لا تُدرك، وليس إلى السلامة منهم سبيل، فعليك بما ينفعك، فالزمه".

 

وعن الشافعي: "العلم ما نفع، ليس العلم ما حفظ".

 

وعنه: "اللبيب العاقل، هو الفطن المتغافل".

 

وبلغنا عن الإمام الشافعي ألفاظ قد لا تثبت، ولكنها حِكم؛ فمنها:

ما أفلح من طلب العلم إلا بالقلة.

 

وعنه، قال: من لم تُعزَّه التقوى، فلا عزَّ له.

 

وعنه: ما فزعت من الفقر قط، طلب فضول الدنيا عقوبة عاقَب بها الله أهل التوحيد.

 

وقيل له: ما لك تُكثر من إمساك العصا، ولستَ بضعيف؟

 

قال: لأذكر أني مسافر.

 

وقال: من لزم الشهوات، لزمته عبودية أبناء الدنيا.

 

وقال: خير الدنيا والآخرة في خمس خصال: غِنى النفس، وكفُّ الأذى، وكسب الحلال، ولِباس التقوى، والثقة بالله في كل حال.

 

وعنه: أنفع الذخائر التقوى، وأضرها العدوان.

 

وعنه: اجتناب المعاصي، وتَرْكُ ما لا يعنيك، ينوِّر القلب، عليك بالخلوة، وقلة الأكل، إياك ومخالطةَ السفهاء، ومن لا ينصفك، إذا تكلمت فيما لا يعنيك، ملكتك الكلمة، ولم تملكها.

 

وعنه: لو أوصى رجل بشيء لأعقل الناس، صرف إلى الزَّهَّاد.

 

وعنه: سياسة الناس أشد من سياسة الدواب.

 

وعنه: العاقل من عقلَه عقلُه عن كل مذموم.

 

وعنه: للمروءة أركان أربعة: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك.

 

وعنه: ليس بأخيك من احتجتَ إلى مداراته.

 

وعنه: علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقًا.

 

وعنه: من نمَّ لك، نمَّ عليك.

 

وعنه، قال: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام، التواضع يورث المحبة، والقناعة تورث الراحة.

 

وقال: أرفع الناس قدرًا، من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلًا، من لا يرى فضله.

 

وقال: ما ضحِك من خطأ رجلٍ، إلا ثبت صوابه في قلبه.

 

أشد الأعمال ثلاثة: الجود في قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يُرجى ويُخاف.

 

أُصيب رحمه الله تعالى في آخر عمره بالبواسير، استمر معه المرض أربع سنوات، وفيها ترك من آلاف الأوراق من تآلِيفِهِ، ولم يعُقْهُ المرض من مواصلة الدروس والأبحاث، والمناظرات والمطالعات في الليل والنهار، وكأن هذا الدأب والنشاط في العلم والبحث هو داوؤه الوحيد الشافي.

 

الإمام الشافعي هو أول من صنَّف في علم أصول الفقه، وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه.

 

محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، الإمام، عالم العصر، ناصر الحديث، فقيه الملة، أبو عبدالله القرشي، ثم المطلبي، الشافعي، المكي، الغزي المولد، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، فالمطلب هو أخو هاشم والد عبدالمطلب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)
  • آداب المساجد (خطبة)
  • التوسل إلى الله بصالح الأعمال (خطبة)
  • المحافظة على المال العام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • براءة الإمام محمد بن عبدالوهاب عما ينسب إليه أهل الحيرة والارتياب(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب بر الوالدين - تأليف: الإمام أبي عبدالله محمد بن اسماعيل البخاري 256 هـ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العقيدة الطحاوية للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي المتوفى سنة 321 هـ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بشارة أولي الفهم بنظم زغل العلم للإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • جمع الجوامع في الأحاديث اللوامع لعلاء الدين محمد بن محمد الإيجي (880هـ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح الأصول الثلاثة: للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرسالة في فقه الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى - تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي (المتوفى سنة 376 هـ) رحمه الله تعالى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام والمختار من الوجهين عن أصحابه العرانين الكرام، تأليف محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء الحنبلي البغدادي الشهير بالقاضي أبي الحسين ابن شيخ المذهب القاضي أبي يعلى المتوفى سنة 526 هـ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تهذيب كتاب: أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه للإمام الحافظ: أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف بأبي الشيخ الأصبهاني المتوفى سنة 369 هـ -رحمه الله تعالى - (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإمام الفقيه محمد بن إدريس الشافعي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/5/1447هـ - الساعة: 20:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب