• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هدايا الرزق
    سمر سمير
  •  
    خطبة: لا تحزن
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    خطبة: (بدعة المولد والفساد)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفة تأمل في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    نصير حسين
  •  
    هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟
    حسين البيضاني
  •  
    هل الدعاء يغير القدر؟
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    خطبة: ما خاب من استخار
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن أنواع التوسل (1)
    د. رافع العنزي
  •  
    الرد الجميل المجمل على شبهات المشككين في السنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: أجوبته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مبحث خاص في تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ...
    أحمد بن عبدالله السلمي
  •  
    نصيحة العمر: كن أنت من تنقذ نفسك
    بدر شاشا
  •  
    "ليبطئن"... كلمة تبطئ اللسان وتفضح النية!
    عبدالخالق الزهراوي
  •  
    لطائف من القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    موت الفجأة (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    تعظيم النصوص الشرعية (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أتعجبون من غيرة سعد؟! (خطبة)

أتعجبون من غيرة سعد؟! (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/8/2025 ميلادي - 3/3/1447 هجري

الزيارات: 6467

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أتعجبون من غَيرة سعد؟!

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: تُعَرَّفُ الْغَيْرَةُ: بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ الرَّجُلِ اشْتِرَاكَ غَيْرِهِ فِيمَا هُوَ حَقُّهُ[1]؛ فَهِيَ (‌مُشْتَقَّةٌ ‌مِنْ ‌تَغَيُّرِ ‌الْقَلْبِ، وَهَيَجَانِ الْغَضَبِ بِسَبَبِ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا بِهِ الِاخْتِصَاصُ)[2]. وَهِيَ حَمِيَّةٌ وَأَنَفَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي النُّفُوسِ السَّوِيَّةِ الْأَبِيَّةِ.

 

وَالْغَيْرَةُ لَهَا مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَيَكْفِيهَا شَرَفًا وَفَضْلًا أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّهَا، وَيُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْغَيُورَ، وَمِنْ غَيْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعَبْدِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْمِيَهُ مِمَّا يَضُرُّهُ فِي آخِرَتِهِ؛ لِحُبِّهِ إِيَّاهُ، وَغَيْرَتِهِ عَلَيْهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ يُحِبُّهُ؛ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ؛ تَخَافُونَ عَلَيْهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَصِفَةُ الْغَيْرَةِ لِلَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ صِفَةٌ فِعْلِيَّةٌ تَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، لَا تُشْبِهُ غَيْرَةَ الْمَخْلُوقِ، وَلَا نَدْرِي كَيْفَ هِيَ؛ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشُّورَى: 11]. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تُثْبِتُ غَيْرَةً لِلَّهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَتُثْبِتُ غَيْرَةً لِلْمُؤْمِنِ[3].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. فَمِنْ غَيْرَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

1- غَيْرَتُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عَبْدِهِ: بِأَلَّا يَجْعَلَهُ لِلْخَلْقِ عَبْدًا؛ فَاللَّهُ تَعَالَى يَغَارُ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِقَلْبِهِ أَوْ بِعَمَلِهِ إِلَى رَبٍّ وَمَعْبُودٍ سِوَاهُ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَغَارُ عَلَى قَلْبِ الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ مُعَطَّلًا مِنْ حُبِّهِ، وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ غَيْرُهُ، كَمَا أَنَّهُ تَعَالَى يَغَارُ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ أَنْ يَتَعَطَّلَ مِنْ ذِكْرِهِ، وَيَشْتَغِلَ بِذِكْرِ غَيْرِهِ، وَيَغَارُ عَلَى جَوَارِحِهِ أَنْ تَتَعَطَّلَ مِنْ طَاعَتِهِ، وَتَشْتَغِلَ بِمَعْصِيَتِهِ، كَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَغَارُ عَلَى عَبْدِهِ أَنْ يُضَيِّعَ الْأَنْفَاسَ وَالْأَوْقَاتَ فِيمَا سِوَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ مِنَ الْقِيلِ وَالْقَالِ، وَاللَّهْوِ وَالْعَبَثِ[4].

 

2- غَيْرَتُهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حُدُودِهِ: فَاللَّهُ تَعَالَى يَغَارُ إِذَا انْتُهِكَتْ حُرُمَاتُهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ؛ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ يَغَارُ، وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ؛ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَاللَّهُ تَعَالَى يَغَارُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَآهُ يَقْتَرِفُ مَحَارِمَهُ، وَيُوَاقِعُ مَعَاصِيَهُ.

 

وَمِنْ غَيْرَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ:

1- غَيْرَتُهُ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ: بِأَلَّا يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، وَأَحْوَالِهِ وَأَوْقَاتِهِ، ‌وَأَنْفَاسِهِ ‌لِغَيْرِ ‌رَبِّهِ، وَغَيْرَتُهُ عَلَى أَوْقَاتِهِ الْمُتَصَرِّمَةِ، فَالْوَقْتُ أَعَزُّ شَيْءٍ عَلَى الْمُؤْمِنِ؛ وَلِذَا يَغَارُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقَضِيَ بِلَا فَائِدَةٍ، وَمَنْ كَانَتْ أَنْفَاسُهُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ فَهُوَ فِي غَبْنٍ وَخَسَارَةٍ، وَمَنِ اسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ[5].

 

2- غَيْرَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ: بِأَنْ يَغَارَ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ، وَدِينِهِ وَشَرْعِهِ، فَيَغَارُ إِذَا رَأَى حُرُمَاتِ اللَّهِ تُنْتَهَكُ، أَوْ يُتَطَاوَلُ عَلَيْهَا، أَوْ يُشَكَّكُ فِي مَعَالِمِ الدِّينِ، وَكُلَّمَا كَانَ دِينُ الْمَرْءِ أَعْظَمَ وَأَمْتَنَ كَانَتْ غَيْرَتُهُ أَكْبَرَ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمَ غَيْرَةً مِنْ غَيْرِهِ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَلَى قَدْرِ إِيمَانِ الْعَبْدِ وَمَحَبَّتِهِ لِرَبِّهِ تَكُونُ غَيْرَتُهُ عَلَى دِينِ اللَّهِ، فَإِذَا خَلَا قَلْبُهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ؛ تَأَثَّرَتْ تِلْكَ الْغَيْرَةُ وَاضْمَحَلَّتْ، وَلَرُبَّمَا انْعَدَمَتْ بِالْكُلِّيَّةِ.

 

3- غَيْرَتُهُ عَلَى عِرْضِهِ، وَأَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ: وَأَعْظَمُ النَّاسِ غَيْرَةً عَلَى الْأَعْرَاضِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ مُتَشَبِّهًا بِالْأَنْبِيَاءِ، مُكَمِّلًا لِلْإِيمَانِ، مُسْتَوْفِيًا لِلرُّجُولَةِ؛ كَانَتْ غَيْرَتُهُ أَتَمَّ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَمِلَاكُ الْغَيْرَةِ وَأَعْلَاهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: غَيْرَةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُهُ، وَتُضَيَّعَ حُدُودُهُ. وَغَيْرَتُهُ عَلَى قَلْبِهِ أَنْ يَسْكُنَ إِلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يَأْنَسَ بِسِوَاهُ. وَغَيْرَتُهُ عَلَى حُرْمَتِهِ أَنْ يَتَطَلَّعَ إِلَيْهَا غَيْرُهُ. فَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ دَارَتْ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ)[6].

 

وَمِنْ نَمَاذِجِ الْغَيْرَةِ عِنْدَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:

1- قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ»، قَالَ كَلَّا؛ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ، إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

2- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

3- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَأَقُولُ: أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا؟! فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 51]، قُلْتُ: مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَالْغَيْرَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ هِيَ غَرِيزَةٌ مِنَ الْغَرَائِزِ، تُوجَدُ عِنْدَ الْكَافِرِ الَّذِي لَمْ تَتَدَنَّسْ فِطْرَتُهُ، فَالْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَجَاوَزُوا فِي الْغَيْرَةِ حُدُودَهَا، إِلَى كَرَاهَةِ أَنْ يَلِدُوا الْبَنَاتِ، حَتَّى دَفَنُوهُنَّ أَحْيَاءً! قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 58، 59].

 

وَالْعَرَبُ الْأَسْوِيَاءُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَكُنْ غَيْرَةُ أَحَدِهِمْ قَاصِرَةً عَلَى عِرْضِهِ فَحَسْبُ؛ بَلْ إِنَّهُ يَغَارُ عَلَى عِرْضِ جِيرَانِهِ، وَقَرَابَتِهِ، وَقَبِيلَتِهِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَنْتَرَةُ[7]:

‌وَأَغُضُّ ‌طَرْفِي إِنْ بَدَتْ لِي جَارَتِي
حَتَّى يُوارِيَ جَارَتِي مَأْوَاهَا

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ ضَعْفِ الْغَيْرَةِ وَزَوَالِهَا[8]:

1- ضَعْفُ الْإِيمَانِ، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌أَصْلَ ‌الدِّينِ ‌الْغَيْرَةُ، وَمَنْ لَا غَيْرَةَ لَهُ لَا دِينَ لَهُ؛ فَالْغَيْرَةُ تَحْمِي الْقَلْبَ، فَتَحْمِي لَهُ الْجَوَارِحَ، فَتَدْفَعُ السُّوءَ وَالْفَوَاحِشَ، وَعَدَمُ الْغَيْرَةِ يُمِيتُ الْقَلْبَ، فَتَمُوتُ لَهُ الْجَوَارِحُ؛ فَلَا يَبْقَى عِنْدَهَا دَفْعٌ الْبَتَّةَ. وَمَثَلُ الْغَيْرَةِ فِي الْقَلْبِ مَثَلُ الْقُوَّةِ الَّتِي تَدْفَعُ الْمَرَضَ وَتُقَاوِمُهُ، فَإِذَا ذَهَبَتِ الْقُوَّةُ وَجَدَ الدَّاءُ الْمَحِلَّ قَابِلًا، وَلَمْ يَجِدْ دَافِعًا، فَتَمَكَّنَ، فَكَانَ الْهَلَاكُ)[9].

 

2- كَثْرَةُ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي: قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مِنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ: أَنَّهَا تُطْفِئُ مِنَ الْقَلْبِ ‌نَارَ ‌الْغَيْرَةِ ‌الَّتِي هِيَ لِحَيَاتِهِ وَصَلَاحِهِ كَالْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ لِحَيَاةِ جَمِيعِ الْبَدَنِ. وَكُلَّمَا اشْتَدَّتْ مُلَابَسَةُ الْإِنْسَانِ لِلذُّنُوبِ ‌أَخْرَجَتْ ‌مِنْ ‌قَلْبِهِ الْغَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَعُمُومِ النَّاسِ، وَقَدْ تَضْعُفُ فِي الْقَلْبِ جِدًّا حَتَّى لَا يَسْتَقْبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَبِيحَ لَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ)[10].

 

3- التَّخَلِّي عَنِ الْقِوَامَةِ: فَكُمْ مِنْ رَجُلٍ ضَيَّعَ الْقِوَامَةَ؛ فَصَارَ تَبَعًا لِامْرَأَتِهِ، فَاغْتِيلَتْ غَيْرَتُهُ وَرُجُولَتُهُ.

 

4- التَّقْلِيدُ لِلْكُفَّارِ وَالْمُفْسِدِينَ: وَالتَّأَثُّرُ بِالْمُجْتَمَعَاتِ الْكَافِرَةِ الَّتِي لَا تَعْرِفُ الْغَيْرَةَ.

 

5- وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ الْفَاسِدَةُ: بِشَتَّى أَنْوَاعِهَا، وَصُوَرِهَا الْمُنْحَرِفَةِ.

 

6- انْتِشَارُ الْمُنْكَرَاتِ.

 

7- الثِّقَةُ الزَّائِدَةُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا.

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الْغَيْرَةِ، وَآثَارِهَا الْحَمِيدَةِ[11]:

1- الْغَيْرَةُ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ الْإِيمَانِ.

 

2- الْغَيْرَةُ خَصْلَةٌ يُحِبُّهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَيُحِبُّ أَهْلَهَا، وَهِيَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي يَغَارُ فِي مَحِلِّ الْغَيْرَةِ قَدْ وَافَقَ رَبَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ.

 

3- الْغَيْرَةُ الصَّحِيحَةُ تَحْفَظُ أَعْرَاضَ الْمُسْلِمِينَ، وَدِينَهُمْ، وَتَحْمِيهِمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ.

 

4- هِيَ السِّيَاجُ الْمَعْنَوِيُّ لِحِمَايَةِ الْحِجَابِ، وَدَفْعِ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ وَالِاخْتِلَاطِ.

 

5- هِيَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ الْغَضَبِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُهُ.

 

6- الْغَيْرَةُ تُطَهِّرُ الْمُجْتَمَعَ مِنَ الرَّذَائِلِ.

 

7- الْغَيْرَةُ مِنَ الْأَسْبَابِ الدَّافِعَةِ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ.

 

وَمِنَ الْوَسَائِلِ الْمُعِينَةِ لِتَنْمِيَةِ الْغَيْرَةِ[12]:

1- تَرْبِيَةُ الْبَنَاتِ الصِّغَارِ عَلَى الْحِشْمَةِ وَالْحَيَاءِ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ.

 

2- تَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْغَيْرَةِ.

 

3- مُحَارَبَةُ وَسَائِلِ إِضْعَافِ الْغَيْرَةِ، وَإِخْرَاجُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ مِنَ الْبُيُوتِ.

 

4- الرُّجُوعُ إِلَى قِيَمِ الدِّينِ، وَغَرْسُهَا فِي نُفُوسِ النَّاسِ.

 

5- التَّأْكِيدُ عَلَى دَوْرِ الرَّجُلِ فِي الْقِوَامَةِ.

 

6- تَوْعِيَةُ الْمُجْتَمَعِ بِأَهَمِّيَّةِ الْغَيْرَةِ، وَفَوَائِدِهَا، وَخُطُورَةِ تَرْكِهَا.

 

7- تَعْظِيمُ قَدْرِ الْأَعْرَاضِ، وَتَوْضِيحُ أَنَّ الْمَسَاسَ بِهَا هَلَاكٌ وَضَيَاعٌ.



[1] انظر: الكليات، للكفوي، (671).

[2] فتح الباري، (9/ 320).

[3] انظر: روضة المحبين، (ص295).

[4] انظر: المصدر نفسه، (ص424).

[5] مدارج السالكين، (3/ 54).

[6] روضة المحبين، (437، 438).

[7] ديوان عنترة، (ص308).

[8] انظر: موسوعة الأخلاق الإِسلامية، (1/ 463).

[9] الجواب الكافي، (ص68).

[10] الجواب الكافي، (ص66، 67) بتصرف يسير.

[11] انظر: موسوعة الأخلاق الإِسلامية، (1/ 465).

[12] انظر: المصدر نفسه، (1/ 470).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ازهد في الدنيا يحبك الله (خطبة)
  • فضائل الاستعاذة بالله (خطبة)
  • اليسر في فريضة الصيام (خطبة)
  • ضيق الصدر: آثاره وعلاجه (خطبة)
  • التوكل على الله وفوائده (خطبة)
  • حفظ كرامة الإنسان في الإسلام (خطبة)
  • أثر الإخلاص على الأعمال (خطبة)
  • أقبلت العشر فأكثروا من الذكر (خطبة)
  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)
  • سبيل الإفلاس التجسس على الناس (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أتعجبون من غيرة سعد (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • أتعجبون من دقة ساقيه؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لو امتثلنا أمر ربنا لسعدنا بنشر العدل وسعد الناس أجمعين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سعد سعود (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سعد وأحلام السعد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الداخلون الجنة بغير حساب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب حملة القرآن الكريم في رمضان وغيره (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: لا تحزن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: (بدعة المولد والفساد)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: ما خاب من استخار(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/6/1447هـ - الساعة: 10:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب