• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإلحاد جفاف معنوي.. وإفلاس روحي
    نايف عبوش
  •  
    الاحتكار
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    البهائم تلعن عصاة بني آدم
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    زاد الداعية (10): التوحيد أولا وقبل كل شيء
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ذلكم وصاكم به (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    المحبة تاج الإيمان (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (31) «ازهد في ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    التحقيق في كون سورة الكوثر مكية لا مدنية
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فضل ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الأمر بإكرامه صلى الله عليه وسلم وتوقيره وإعزازه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    ما ورد من استغفار الأنبياء عليهم السلام في القرآن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مفهوم اليسر
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ففروا إلى الله (خطبة)

ففروا إلى الله (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2025 ميلادي - 6/2/1447 هجري

الزيارات: 15582

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ففروا إلى الله


إِنَّ ‌الْحَمْدَ ‌لِلَّهِ ‌نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: الدُّنْيَا فَتَّانَةٌ غَرَّارَةٌ، وَالْفِتَنُ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، وَالنَّفْسُ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، وَالشَّيْطَانُ مُتَرَبِّصٌ بِالْمُؤْمِنِينَ؛ لِذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفِرَارِ إِلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْفِتَنِ؛ فَتْنَةِ الشِّرْكِ، وَفِتْنَةِ النِّفَاقِ، وَفِتْنَةِ الْابْتِدَاعِ فِي الدِّينِ، وَفِتْنَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، وَفِتْنَةِ النِّسَاءِ، وَفِتْنَةِ الْجَاهِ وَحُبِّ الرِّئَاسَةِ، وَفِتْنَةِ الْمَعَاصِي وَفُشُوِّ الْمُنْكَرَاتِ، وَفِتْنَةِ الْاخْتِلَافِ وَالْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِتْنَةِ التَّحَاسُدِ عَلَى الدُّنْيَا، وَفِتْنَةِ التَّعَصُّبِ لِآرَاءِ الرِّجَالِ وَالتَّقْلِيدِ الْأَعْمَى، وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَجَمِيعِ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ - فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 50][1] ؛ أَيِ: اهْرُبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، وَالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ[2]، وَاهْرُبُوا مِمَّا يُوجِبُ الْعِقَابَ- مِنَ الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ، إِلَى مَا يُوجِبُ الثَّوَابَ- مِنَ الطَّاعَةِ وَالْإِيمَانِ[3]، وَفِرُّوا ‌إِلَى ‌اللَّهِ مِنْ سِجْنِ الْهَوَى، وَطَاعَةِ الشَّيْطَانِ، وَرُفَقَاءِ السُّوءِ، وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ[4].

 

عِبَادَ اللَّهِ.. يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَفِرَّ مِمَّا يَكْرَهُهُ اللَّهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ إِلَى مَا يُحِبُّهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ فَنَفِرُّمِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ، وَمِنَ الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَمِنَ الْبِدْعَةِ إِلَى السُّنَّةِ، وَمِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ، وَمِنَ الْغَفْلَةِ إِلَى الذِّكْرِ، وَنَفِرُّ مِنْ أَسْبَابِ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ إِلَى أَسْبَابِ رَحْمَتِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمُعَافَاةِ، وَنَفِرُّ مِنَ الْفِتَنِ وَمُضِلَّاتِهَا. وَنَفِرُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ بِتَوْحِيدِهِ، وَالسَّعْيِ إِلَى مَرْضَاتِهِ، وَجَنَّتِهِ، هَرَبًا مِنْ سَخَطِهِ وَعُقُوبَتِهِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ هِجْرَتَانِ: هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ بِالطَّلَبِ وَالْمَحَبَّةِ، وَالْعُبُودِيَّةِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْإِنَابَةِ، وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، وَصِدْقِ اللُّجْأِ وَالِافْتِقَارِ فِي كُلِّ نَفَسٍ إِلَيْهِ. وَهِجْرَةٍ إِلَى رَسُولِهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، بِحَيْثُ تَكُونُ مُوَافِقَةً لِشَرْعِهِ الَّذِي هُوَ تَفْصِيلُ مَحَابِّ اللَّهِ وَمَرْضَاتِهِ)[5].

 

وَمِنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَى الْفِرَارِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَاللُّجُوءِ إِلَيْهِ:

1-قَوْلُهُ تَعَالَى– عَنِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ﴾ [التَّوْبَةِ: 118].

 

2-قَوْلُهُ تَعَالَى– عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 26].

 

3-قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 133].

 

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَى الْفِرَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَاللُّجُوءِ إِلَيْهِ:

1-قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمَعْنَى: (مَا ‌اسْتَعَذْتُ ‌إِلَّا ‌بِكَ، وَلَا اسْتَعَذْتُ إِلَّا مِنْكَ. وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُنَجِّي مِنْ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، وَيُعِيذُ مِنْ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ.

 

وَكَذَلِكَ الْفِرَارُ؛ يَفِرُّ عَبْدُهُ مِنْهُ إِلَيْهِ. وَهَذَا كُلُّهُ تَحْقِيقٌ لِلتَّوْحِيدِ وَالْقَدَرِ، وَأَنَّهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَخْلُوقُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، وَلَا مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا، بَلِ الْأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ سِوَاهُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى- لِأَكْرَمِ خَلْقِهِ عَلَيْهِ، وَأَحَبِّهِمْ إِلَيْهِ: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 128].

 

فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَفِرَّ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَاجْعَلْ لُجْأَكَ مِنْهُ إِلَيْهِ؛ فَالْأَمْرُ كُلُّهُ لَهُ، لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مَعَهُ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَذْهَبُ بِالسَّيِّئَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يَضُرُّ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ وَلَا شَيْطَانٌ وَلَا حَيَوَانٌ وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمَشِيئَتِهِ، يُصِيبُ بِذَلِكَ مَنْ يَشَاءُ، وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ.

 

فَأَعْرَفُ الْخَلْقِ بِهِ وَأَقْوَمُهُمْ بِتَوْحِيدِهِ مَنْ قَالَ - فِي دُعَائِهِ: «وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ»، فَلَيْسَ لِلْخَلْقِ مَعَاذٌ سِوَاهُ، وَلَا مُسْتَعَاذٌ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ رَبُّهُ، وَخَالِقُهُ وَمَلِيكُهُ، وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ)[6].

 

2- قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ؛ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾:

1- نَفِرُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يَكْرَهُهُ اللَّهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِلَى مَا يُحِبُّهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا: فَنَفِرُّ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ، وَمِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ، وَمِنَ الْغَفْلَةِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ؛ فَمَنِ اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الْأُمُورَ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الدِّينَ كُلَّهُ، وَزَالَ عَنْهُ الْمَرْهُوبُ، وَحَصَلَ لَهُ نِهَايَةُ الْمُرَادِ وَالْمَطْلُوبِ[7].

 

2- كُلُّ مَنْ خِفْتَ مِنْهُ فَرَرْتَ مِنْهُ بَعِيدًا، إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى لَا تَهْرُبْ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ: فَإِنَّهُ بِحَسَبِ الْخَوْفِ مِنْهُ يَكُونُ الْفِرَارُ إِلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍِ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ﴾ [الشُّورَى: 47].

 

3- سَمَّى اللَّهُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ: فِرَارًا: لِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ لِغَيْرِهِ أَنْوَاعَ الْمَخَاوِفِ وَالْمَكَارِهِ، وَفِي الرُّجُوعِ إِلَيْهِ أَنْوَاعُ الْمَحَابِّ، وَالْأَمْنُ وَالسُّرُورِ، وَالسَّعَادَةُ وَالْفَوْزُ[8].

 

4- لَا يُنَجِّي الْإِنْسَانَ مِنَ الْمِحَنِ وَالْمَصَائِبِ، وَالْأَمْرَاضِ وَالِابْتِلَاءَاتِ؛ إِلَّا الْفِرَارُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

 

5- يَفِرُّ الْإِنْسَانُ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ: فَيَفِرُّ مِنَ الْأَمْرَاضِ بِمُعَالَجَتِهَا، وَمِنَ الْمَصَائِبِ بِمُقَاوَمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَاضَ هُوَ قَدَّرَهَا، وَالْأَدْوِيَةُ هُوَ وَضَعَهَا، وَدَعَا الْعِبَادَ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا، وَالتَّعَالُجِ بِهَا، فَكُلُّهَا مِنْهُ بِقَدَرِهِ، فَلَا يَفِرُّ النَّاسُ مِنْ قَدَرِهِ إِلَّا إِلَى قَدَرِهِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – فِي قِصَّةِ الْوَبَاءِ: «أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟! فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ! نَعَمْ؛ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَيَفِرُّ الْعَبْدُ مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ إِلَى قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وَيَكُونُ الْفِرَارُ أَيْضًا مِنْ شَرٍّ فِي مَخْلُوقٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، يَرْجُو مِنْهُ الْخَيْرَ فِي غَيْرِهِ[9].

 

6- الْعَبْدُ لَا يَعْصِمُهُ مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إِنْ أَرَادَ بِهِ سُوءًا، أَوْ أَرَادَ بِهِ رَحْمَةً: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 17]. فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ، فَأَيْنَ نَفِرُّ مِنْ أَمْرِهِ وَحُكْمِهِ، وَلَا مَلْجَأَ إِلَّا إِلَيْهِ؟![10].

 

7- لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفِرَارِ مِنَ الدُّنْيَا تَرْكَ السَّعْيِ فِيهَا وَالْعَمَلِ؛ بَلِ الْمَطْلُوبُ الْفِرَارُ مِنْ شُرُورِ الدُّنْيَا، وَفِتَنِهَا: وَلَا بُدَّ مِنَ اتِّخَاذِ الْأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ لِتَحْصِيلِ الرِّزْقِ، وَرَغَدِ الْعَيْشِ، وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى الْأَهْلِ[11].

 

8- هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ فِرَارِ السُّعَدَاءِ، وَفِرَارِ الْأَشْقِيَاءِ: فَفِرَارُ السُّعَدَاءِ: الْفِرَارُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِرَارُ الْأَشْقِيَاءِ: الْفِرَارُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ[12].

 

9- قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 50، 51]. وَالشَّاهِدُ: ﴿ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ﴾ فَهَذَا فِرَارٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ هُوَ أَصْلُ الْفِرَارِ إِلَيْهِ: بِأَنْ يَفِرَّ الْعَبْدُ مِنَ اتِّخَاذِ آلِهَةٍ غَيْرِ اللَّهِ؛ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَنْدَادِ وَالْقُبُورِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَيُخْلِصَ الْعَبْدُ لِرَبِّهِ الْعِبَادَةَ، وَالْخَوْفَ وَالرَّجَاءَ، وَالدُّعَاءَ، وَالْإِنَابَةَ[13].

 

10- مَنْ فَرَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا؛ أَمَّنَهُ اللَّهُ فِي الْآخِرَةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عَبَسَ: 34-37].



[1] حَقِيقَةُ الْفِرَارِ: الْهَرَبُ مِنْ شَيْءٍ إِِلَى شَيْءٍ. يُقَال: فر إِِلَيْهِ، أي: لَجأ إِليه. انظر: المعجم الوسيط، ((2/ 680)؛ مدارج السالكين، (2/ 114).

[2] انظر: تفسير الطبري، (21/ 5498)؛ تفسير القرطبي، (17/ 53)؛ تفسير ابن كثير، (7/ 424).

[3] انظر: زاد المسير، لابن الجوزي (4/ 173).

[4] انظر: التبصرة، لا بن الجوزي (1/ 50).

[5] طريق الهجرتين وباب السعادتين، (ص21).

[6] شفاء العليل، (2/ 354، 355) بتصرف يسير.

[7] انظر: تفسير السعدي، (ص812).

[8] انظر: المصدر نفسه، (ص811).

[9] انظر: تفسير ابن باديس، (ص362).

[10] انظر: جامع الرسائل، لابن تيمية (2/ 336).

[11] انظر: تفسير ابن باديس، (ص362).

[12] انظر: مدارج السالكين، (1/ 466).

[13] انظر: تفسير السعدي، (ص812).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
  • خطورة إنكار البعث (خطبة)
  • رجل يداين ويسامح (خطبة)
  • ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين

مختارات من الشبكة

  • رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذلكم وصاكم به (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحبة تاج الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالكبار.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتبار بالأمم السابقة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/3/1447هـ - الساعة: 2:4
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب