• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}

أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/3/2025 ميلادي - 12/9/1446 هجري

الزيارات: 4373

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوصاف القرآن الكريم (17)

﴿ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ ﴿ نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 1]، وَتَبَارَكَ ﴿ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 61]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، وَيَقُولَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَثْمِرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَقَدْ تَصَرَّمَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ، وَمَا بَقِيَ خَيْرٌ مِمَّا مَضَى؛ إِذْ فِيمَا بَقِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [الْقَدْرِ: 2-5].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ أَوْصَافِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ مُتَشَابِهٌ مَثَانٍ، فَآيَاتُهُ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيُكَمِّلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَا تَنَافُرَ بَيْنَهَا وَلَا تَنَاقُضَ، وَهُوَ كَذَلِكَ مَثَانٍ «لِأَنَّهُ مُكَرَّرُ الْأَغْرَاضِ»، فَتُكَرَّرُ فِيهِ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي، وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ، وَالْقَصَصُ وَالْأَخْبَارُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ؛ لِتَرْسِيخِ مَعَانِيهَا فِي عُقُولِ قُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَتَكْرَارُهَا يَكُونُ بِصِيَغٍ عِدَّةٍ، وَتَفْصِيلَاتٍ جَدِيدَةٍ، وَمَعَانٍ غَزِيرَةٍ؛ كَمَا سُمِّيَتِ الْفَاتِحَةُ السَّبْعَ الْمَثَانِيَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ﴾ [الْحِجْرِ: 87]، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ هِيَ ‌السَّبْعُ ‌الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ ‌السَّبْعُ ‌الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَسُمِّيَتِ الْفَاتِحَةُ بِالْمَثَانِي؛ لِأَنَّهَا تُكَرَّرُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَمَلُّ الْمُصَلِّي مِنْ تَكْرَارِهَا، وَهَذَا مِنْ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ.

 

إِنَّ مَنْ نَظَرَ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ وَجَدَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَخْبَارِهِ وَقَصَصِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ تَكْرَارًا، لَكِنَّهُ بِسِيَاقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، تُحَاصِرُ ذِهْنَ قَارِئِ الْقُرْآنِ فِيمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ؛ لِيَتَأَثَّرَ بِالْقُرْآنِ وَيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ:

فَمِنَ الْمَثَانِي فِي الْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ: قَصَصُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ؛ آدَمَ وَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرِهِمْ، فَثُنِّيَتْ فِي سُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ، تَارَةً بِاخْتِصَارٍ، وَتَارَةً بِإِسْهَابٍ، وَفِي كُلِّ تَكْرَارٍ مَعَانٍ جَدِيدَةٌ، بِحَيْثُ تَكْمُلُ الْقِصَّةُ فِي مَجْمُوعِهَا، وَهِيَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ تُعْطِي مَعْنًى كَامِلًا؛ فَمَثَلًا قِصَّةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ تَجِدُهَا مُقْتَضَبَةً فِي بِضْعِ آيَاتٍ مِنْ سُورَتَيِ الذَّارِيَاتِ وَالنَّازِعَاتِ، وَتَجِدُ قِصَّةَ وِلَادَتِهِ وَإِرْضَاعِهِ وَخَوْفِ أُمِّهِ عَلَيْهِ مِنَ الْقَتْلِ، وَحِيلَةَ نَجَاتِهِ فِي سُورَتَيْ طَهَ وَالْقَصَصِ، وَتَجِدُ قِصَّةَ دَعْوَتِهِ لِفِرْعُونَ وَمُنَاظَرَتِهِ وَهَزِيمَتِهِ وَغَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ فِي سُوَرِ الْأَعْرَافِ وَالشُّعَرَاءِ وَطَهَ.

 

وَمِنَ الْمَثَانِي فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ: وَصْفُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ فَإِنَّهُمَا وُصِفَتَا فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَسُوَرٍ عَدِيدَةٍ، مُجْتَمِعَتَيْنِ وَمُتَفَرِّقَتَيْنِ، بِأَسَالِيبَ مُتَعَدِّدَةٍ؛ لِتَرْغِيبِ قَارِئِ الْقُرْآنِ فِي الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، وَتَرْهِيبِهِ مِنَ النَّارِ وَعَذَابِهَا، وَكَذَلِكَ وَصْفُ الْقِيَامَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ السُّوَرِ كَالْحَاقَّةِ وَالزَّلْزَلَةِ وَالْقَارِعَةِ، وَالتَّكْوِيرِ وَالِانْفِطَارِ وَالِانْشِقَاقِ وَغَيْرِهَا.

 

وَمِنَ الْأَوَامِرِ الْمُكَرَّرَةِ كَثِيرًا فِي الْقُرْآنِ بِأَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ: الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ، كَالْأَمْرِ بِإِقَامَتِهَا: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 43]، وَالْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [الْبَقَرَةِ: 238]، وَالْأَمْرِ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهَا: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 45]، وَالْوَصِيَّةِ بِهَا: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 31]، وَالدُّعَاءِ لِلنَّفْسِ وَالذُّرِّيَّةِ بِإِقَامَتِهَا: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 40]، وَالْأَمْرِ بِالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا وَالصَّبْرِ فِي ذَلِكَ: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، وَالثَّنَاءِ عَلَى مَنْ يَأْمُرُ بِهَا: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 55]، وَبَيَانِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ فِيهَا؛ لِيَفْزَعَ الْمُؤْمِنُ فِي نَوَائِبِهِ إِلَيْهَا: ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 39]، وَالثَّنَاءِ عَلَى التَّاجِرِ الْمُحَافِظِ عَلَيْهَا: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ [النُّورِ: 37]، وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الْكَسَلِ فِي الْقِيَامِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾ [النِّسَاءِ: 142]، وَذَمِّ مَنْ ضَيَّعَهَا وَتَوَعُّدِهِ بِالْعَذَابِ: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 59]، وَآيَاتٌ غَيْرُهَا كَثِيرَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ فِي سِيَاقَاتٍ أُخْرَى يَطُولُ الْمَقَامُ بِذِكْرِهَا.

 

وَمِنَ النَّوَاهِي الْمُثَنَّاةِ فِي الْقُرْآنِ: أَيِ: الْمُكَرَّرَةِ بِأَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ؛ النَّهْيُ عَنِ الزِّنَا، وَبِدَايَاتِهِ؛ بِبَيَانِ ضَعْفِ الرَّجُلِ أَمَامَ شَهْوَتِهِ لِلنِّسَاءِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ بِهِ الْخَيْرَ فِي تَشْرِيعَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ لِإِغْلَاقِ أَبْوَابِ الْفَوَاحِشِ: ﴿ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النِّسَاءِ: 27-28]، وَالْأَمْرُ بِغَضِّ الْبَصَرِ، وَحِفْظِ الْفَرْجِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ بَرِيدُ الْقَلْبِ؛ فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ حَفِظَ فَرْجَهُ: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ [النُّورِ: 30]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى يَأْمُرُ النِّسَاءَ بِذَلِكَ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِإِخْفَاءِ زِينَتِهِنَّ: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النُّورِ: 31]، وَضَبْطُ حُرْمَةِ الْبُيُوتِ لِئَلَّا تَقَعَ الْأَبْصَارُ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَوْرَاتِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ [النُّورِ: 27]، وَالْأَمْرُ بِالزَّوَاجِ لِأَجْلِ الْعَفَافِ: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾ [النُّورِ: 32]، وَالثَّنَاءُ عَلَى مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ، وَذَمُّ مَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 5-7]، وَالنَّهِيُ عَنْ مُجَرَّدِ قُرْبَانِ الزِّنَا وَذَمُّهُ: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 32]، وَتَبْشِيعُ الزِّنَا وَتَقْبِيحُهُ وَتَحْرِيمُهُ: ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النُّورِ: 3]، وَبَيَانُ عُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا لِلتَّنْفِيرِ مِنْهُ: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النُّورِ: 2]، وَآيَاتٌ سِوَاهَا فِي سِيَاقَاتٍ أُخْرَى يَطُولُ الْمَقَامُ بِذِكْرِهَا.

 

فَالْقَضَايَا الْمُهِمَّةُ لِلْبَشَرِيَّةِ مُثَنَّاةٌ فِي الْقُرْآنِ؛ أَيْ: مُكَرَّرَةٌ؛ لِتَكُونَ عَلَى الدَّوَامِ مَعَ قَارِئِ الْقُرْآنِ فَلَا يَغْفُلُ عَنْهَا، وَقُرَّاءُ الْقُرْآنِ فِيهِمْ عَوَامُّ وَأُمِّيُّونَ لَا يَقْرَؤُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ، وَلَا يَحْفَظُونَ إِلَّا قِصَارَ السُّوَرِ؛ فَيَجِدُونَ فِيهَا أَوَامِرَ وَنَوَاهِيَ، وَوَعْدًا وَوَعِيدًا، وَإِشَارَةً إِلَى قَصَصٍ وَأَخْبَارٍ؛ لِئَلَّا يُحْرَمُوا مِنْ مَوْضُوعَاتِ الْقُرْآنِ الْكُبْرَى الَّتِي فِيهَا صَلَاحُ حَيَاتِهِمْ وَمَعَادِهِمْ.

 

هَذَا؛ وَإِنَّ انْتِفَاعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقُرْآنِ بِحَسَبِ مَا يُعْطِيهِ مِنْ وَقْتِهِ وَجُهْدِهِ وَعَقْلِهِ وَعَمَلِهِ؛ ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 82].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّكُمْ فِي لَيَالٍ عَظِيمَةٍ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقُرْآنِ فِي التَّرَاوِيحِ، وَتَتْلُونَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَتَفَكَّرُوا فِيهِ وَتَدَبَّرُوا، وَأَصْلِحُوا بِهِ قُلُوبَكُمْ، وَزَكُّوا بِهِ أَعْمَالَكُمْ؛ فَإِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّكُمْ حِينَ تَتْلُونَهُ أَوْ تُنْصِتُونَ لَهُ؛ فَإِنَّكُمْ تُنَاجُونَ بِهِ رَبَّكُمْ سُبْحَانَهُ.

 

وَبَعْدَ لَيَالٍ مَعْدُودَةٍ تَدْخُلُ عَلَيْكُمْ عَشْرُ رَمَضَانَ الْأَخِيرَةُ، الَّتِي فُضِّلَتْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِيهَا يَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ الْعَظِيمَةَ، وَكَانَ يَجِدُّ وَيَجْتَهِدُ فِيهَا مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»، فَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا تَجِدُوا خَيْرًا.

 

وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِاعْتِكَافِ فَنِعِمَّا هِيَ؛ امْتِثَالًا لِلسُّنَّةِ، وَالْتِمَاسًا لِتِلْكَ اللَّيْلَةِ، قَالَ الْإِمَامُ الزُّهْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ تَرَكُوا الِاعْتِكَافَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، كُلَّ عَامٍ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى»، وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: «مَثَلُ الْمُعْتَكِفِ كَمَثَلِ عَبْدٍ أَلْقَى نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ، ثُمَّ قَالَ: رَبِّ لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَغْفِرَ لِي، رَبِّ لَا أَبْرَحُ حَتَّى تَرْحَمَنِي».

 

وَمَنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الِاعْتِكَافُ فَلْيُحَافِظْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلْيَجْتَهِدْ فِي الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِنَّ الرِّبْحَ فِيهَا كَثِيرٌ، وَالْفَوْزَ بِهَا عَظِيمٌ، وَالْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ فِيهَا.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أوصاف القرآن الكريم (1)
  • أوصاف القرآن الكريم (2)
  • أوصاف القرآن الكريم (3)
  • أوصاف القرآن الكريم (4)
  • أوصاف القرآن الكريم (5)
  • أوصاف القرآن الكريم (6)
  • أوصاف القرآن الكريم (7)
  • (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) أوصاف القرآن الكريم (9)
  • أوصاف القرآن الكريم (1)
  • أوصاف القرآن الكريم (2)
  • أوصاف القرآن الكريم (12) (والقرآن المجيد)
  • أوصاف القرآن الكريم (13) (والكتاب المبين)
  • أوصاف القرآن الكريم (14): ﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم ﴾ (خطبة)
  • أوصاف القرآن الكريم (15) { الله نزل أحسن الحديث }
  • خطبة: أوصاف القرآن الكريم (16): {تلك آيات الكتاب}

مختارات من الشبكة

  • وإنه لكتاب عزيز (أوصاف القرآن الكريم 11)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن (3) الكريم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أوصاف القرآن الكريم: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أسماء القرآن وأوصافه في القرآن الكريم " جمع ودراسة "(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • من طرق استثارة المعاني والأفكار(مقالة - حضارة الكلمة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (2) أسس حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (1) مدخل إلى حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم وسياسة الأمة في القرآن الكريم (7) الحاكم والمحكوم في القرآن الكريم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب