• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: مخاطر إدمان السوشيال ميديا على الشباب
    السيد مراد سلامة
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الله البصير (خطبة) - باللغة البنغالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أحي والداك؟.. ففيهما فجاهد (خطبة)

أحي والداك؟.. ففيهما فجاهد (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/12/2024 ميلادي - 14/6/1446 هجري

الزيارات: 3939

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحيٌ والداك؟.. ففيهما فجاهد

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حِينَمَا يُحَثُّ عَلَى أَمرٍ في مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَتِهِ وَعُلُوِّ شَأنِهِ، كَيفَ إِذَا جَاءَ الحَثُّ عَلَيهِ مَقرُونًا بِالأَمرِ بِتَوحِيدِ اللهِ وَالنَّهيِ عَنِ الشِّركِ بِهِ؟! وَقُرِنَ رِضَا اللهِ عَنِ العَبدِ بِفِعلِهِ؟! وَفُضِّلَ مِن بَعضِ الوُجُوهِ عَلَى الجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ؟! وَجَاءَ الأَمرُ بِهِ بَعدَ الأَمرِ بِالصَّلاةِ؟! قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الأنعام: 151]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 14، 15].

 

وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَن أَحَقُّ بِحُسنِ صَحَابَتي؟! قَالَ: " أُمُّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَن؟! قَالَ: "أُمُّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَن؟! قَالَ: "أُمُّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَن؟! قَالَ: "أَبُوكَ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَعَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَأَلتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم: أَيُّ الأَعمَالِ أَحَبُّ إِلى اللهِ؟ قَالَ: "الصَّلاةُ لِوَقتِهَا"، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "بِرُّ الوَالِدَينِ"، قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ"؛ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وَعَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "رَغِمَ أَنفُهُ رَغِمَ أَنفُهُ رَغِمَ أَنفُهُ"، قِيلَ: مَن يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: "مَن أَدرَكَ وَالِدَيهِ عِندَ الكِبَرِ أَحَدُهُمَا أَو كِلاهُمَا، ثَمَّ لم يَدخُلِ الجَنَّةَ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "رِضَا الرَّبِّ في رِضَا الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ في سَخَطِ الوَالِدِ"؛ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ، وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

يَا لَهَا مِن نُصُوصٍ مَا أَعظَمَهَا وَأَكرَمَهَا، وَأَحَقَّهَا بِأَن تُفهَمَ وَتُلتَزَمَ، وَيَعمَلَ الأَبنَاءُ بِمَا أَرشَدَت إِلَيهِ عَمَلَ المُستَقِيمِ عَلَى الصِّرَاطِ، المُتَمَسِّكِ بِالأُصُولِ الثَّابِتِ عَلَى المَبَادِئِ، الرَّاجِي لِمَا عِندَ رَبِّهِ مِن أَجرِ البِرِّ، الخَائِفِ مِن عَاقِبَةِ العُقُوقِ وَالصُّدُودِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا البِرَّ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، فَضلًا عَن كَونِهِ عِبَادَةً وَقُربَةً، فَهُوَ عَمَلٌ نَبِيلٌ جُبِلَت عَلَيهِ الفِطَرُ السَّوِيَّةُ وَالنُّفُوسُ السَّلِيمَةُ، بِهِ تَستَمتِعُ، وَلِلَذَّتِهِ تَستَطعِمُ، وَبِالاستِمرَارِ عَلَيهِ تَفتَخِرُ، وَبِكُلِّ خَطوَةٍ فِيهِ تَجِدُ قِيمَةَ الوَفَاءِ، وَتَعلَمُ مَعنى حِفظِ العَهدِ وَرَدِّ الجَمِيلِ، فَإِذَا هِيَ تَرَكَتهُ وَغَفَلَت عَنهُ، شَعَرَت بِالضِّيقِ وَالحَرَجِ، وَلم تَجِدْ لِمَلَذَّاتِ الحَيَاةِ طَعمًا وَإِن هِيَ انغَمَسَت فِيهَا.

 

إِنَّ وُجُودَ الوَالِدَينِ نِعمَةٌ كَبِيرَةٌ، بِهَا تَطِيبُ حَيَاةُ الأَبنَاءِ وَيَستَقِرُّ عَيشُهُم، إِذْ يَعِيشُونَ في كَنَفِهِمَا مُجتَمِعِينَ مُتَآلِفِينَ، وَيَستَمتِعُونَ بِرُؤيَتِهِمَا وَيَستَظِلُّونَ بِظِلِّهِمَا، وَيَستَرشِدُونَ بِنُصحِهِمَا وَيَستَنِيرُونَ بِخِبرَاتِهِمَا، فَتَصلُحُ أَحوَالُهُم وَتُحَلُّ مُشكِلاتُهُم، فَإِذَا فَارَقَا الحَيَاةَ وَرَحَلا عَنِ الوُجُودِ، تَغَيَّرَ وَجهُ الحَيَاةِ وَاكفَهَرَّ، وَانطَفَأَت مَصَابِيحُ البَهجَةِ، وَغَابَت كَثِيرٌ مِن مَعَاني السَّعَادَةِ، وَهُجِرَت مَنَازِلُ كَانَت عَامِرَةً، وَاستَوحَشَت دِيَارٌ كَانَت مَأنُوسَةً، وَذَهَبُ سُرُورُ الأَبنَاءِ، وَتَكَدَّرَ مِنهُمُ الصَّفَاءُ، وَبَدَأَ بَينَهُمُ النُّفُورُ وَالجَفَاءُ، وَحَدَثت في حَيَاتِهِم صُدُوعٌ وَظَهَرَت شُقُوقٌ.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ بَقَاءَ الوَالِدِ وَوُجُودَ الوَالِدَةِ، نَبعٌ مِن يَنَابِيعِ السَّعَادَةِ الصَّافِيَةِ، وَنَهرٌ مِن أَنهَارِ الحَسَنَاتِ الجَارِيَةِ، وَلا وَاللهِ مَا فَقَدَ إِنسَانٌ كَوَالِدٍ أَو وَالِدَةٍ كَانَا لَهُ حَنَانًا وَعَطفًا، وَرَحمَةً وَشَفَقَةً وَأُنسًا، وَسَكِينَةً وَرَاحَةً وَعَطَاءً.

 

وَمَعَ كُلِّ هَذَا وَمَعَ تَكَرُّرِ الحَثِّ عَلَى بِرِّ الوَالِدَينِ وَالإِحسَانِ إِلَيهِمَا، وَمَعَ مَا يُرَدَّدُ مِن مَوَاعِظِ الخُطَبَاءِ وَأَحَادِيثِ العُقَلاءِ وَنُصحِ الأُمَنَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ قَد يَغفُلُونَ أَو يَتَغَافَلُونَ في مَطلَعِ الشَّبَابِ وَقِمَّةِ الفُتُوَّةِ، فَتَضِيعُ عَلَى أَحَدِهِم فُرَصُ الخَيرُ وَيَفُوتُهُ أَجرُ البِرِّ، حَتى إِذَا صَحَا مِن سَكرَتِهِ وَأَفَاقَ مِن غَيبُوبَتِهِ، نَدِمَ أَشَدَّ النَّدَمِ عَلَى أَنَّهُ ضَيَّعَ وَفَرَّطَ.

 

وَعَلَى هَذَا أَيُّهَا المُوَفَّقُونَ، فَإِنَّ بِرَّ الوَالِدَينِ وَالإِحسَانَ إِلَيهِمَا، مُسَابَقَةٌ لِلزَّمَانِ قَبلَ أَن يَرحَلَ بِهِمَا، وَمُسَارَعَةٌ لِلوَفَاءِ لَهُمَا قَبلَ فِرَاقِهِمَا، وَاستِثمَارٌ لِوُجُودِهِمَا لِرَدِّ جَمِيلِهِمَا، وَاهتِبَالٌ لِلفُرَصِ لإِسعَادِهِمَا وَإِدخَالِ السُّرُورِ عَلَيهِمَا، إِنَّهُ حُضُورٌ بَينَ أَيدِيهِمَا وَمُجَالَسَةٌ، وَقُربٌ مِنهُمَا وَمُؤَانَسَةٌ، وَرِفقٌ بِهِمَا وَمُدَارَاةٌ لِخَواطِرِهِمَا، وَبَسطُ وَجهٍ لَهُمَا وتَوَدُّدٌ وتَوَاضُعٌ، وَعُذُوبَةُ قَولٍ ومُلاطَفَةٌ وَلِينُ جَانِبٍ، وَوَفاءٌ وَعَطَاءٌ وَإِحسَانٌ، وَصِدقُ مَوَدَّةٍ وَصَبرٌ وَتَحَمُّلٌ، وَتَضحِيَةٌ بِكُلِّ هَوًى وَرَغبَةٍ تُخَالِفُ هَوَاهُمَا وَمُرَادَهُمَا أَو تُكَدِّرُ صَفوَهُمَا، أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ ابنٍ حَيٍّ وَالِدَاهُ، وَلْيَغتَنِمِ التِّجَارَةَ في سُوقِ الآخِرَةِ، وَلْيَأخُذْ أَوفَرَ نَصِيبٍ مِنَ البَرَكَةِ وَالتَّوفِيقِ، فَإِنَّهُ وَاللهِ ثُمَّ وَاللهِ ثُمَّ وَاللهِ، لا يَحِقُّ لِتِجَارَةٍ مَهمَا كَبُرَت، وَلا لأَموَالٍ مَهمَا كَثُرَت، وَلا لِصُحبَةٍ وَإِن صَفَت، وَلا لأَعمَالٍ مَهمَا شَقَّت، وَلا لأَيِّ شَيءٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ القَصِيرَةِ الحَقِيرَةِ، أَن يَشغَلَ ابنًا عَن أُمِّهِ وَأَبِيهِ، عَن عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَاستَأذَنَهُ في الجِهَادِ، فَقَالَ: "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟"، قَالَ: نَعَم، قَالَ: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَعِندَ مُسلِمٍ عَنهُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَقبَلَ رَجُلٌ إِلى نَبيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجرَةِ وَالجِهَادِ أَبتَغي الأَجرَ مِنَ اللهِ؛ قَالَ: "فَهَل مِن وَالِدَيكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟"، قَالَ: نَعَم، بَل كِلاهُمَا؛ قَالَ: "فَتَبتَغِي الأَجرَ مِنَ اللهِ؟ "قَالَ: نَعَم، قَالَ: "فَارجِعْ إِلى وَالِدَيكَ فَأَحسِنْ صُحبَتَهُمَا".

 

هَذَا هُوَ الجِهَادُ لِمَن أَرَادَهُ، وَهَذِهِ هِيَ التِّجَارَةُ لِمَن رَغِبَ فِيهَا، وَهَذَا هُوَ الذِّكرُ الحَسَنُ لِمَن طَلَبَهُ، إِنَّهُ جِهَادُ النَّفسِ في بِرِّ الوَالِدَينِ، وَاحتِسَابُ الأَجرِ في حُسنِ صُحبَتِهِمَا، فَهَنِيئًا لِمَن أَدرَكَ وَالدَيهِ، فَخَفَضَ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ وَرَحِمَهُمَا وَأَطَاعَهُمَا، وَبَرَّهُمَا بِنَفسٍ طَيِّبَةٍ وَخَاطِرٍ مُنشَرِحٍ، وَكَانَ في حَاجَاتِهِمَا دُون تَضَجُّرٍ وَلا تَسَخُّطٍ، فَإِنَّ الوَلَدَ قَد يَلقَى في طَرِيقِ البِرِّ شِدَّةَ طَبعٍ مِن وَالِدٍ أَو سَلاطَةَ لِسَانٍ، أَو عَدَمَ اتِّفَاقٍ بَينَ وَالِدَينِ أَو تَشَتُّتَ أُسرَةٍ، أَو حَاجَةً لِعِنَايَةٍ خَاصَّةٍ في شِدَّةِ مَرَضٍ، وَبِمِثلِ هَذَا يَتَبَيَّنُ البَارُّ الوَاصِلُ مِنَ العَاقِّ القَاطِعِ، وَيَظهَرُ المُحسِنُ الوَافي مِنَ المُسِيءِ الجَافي، فَرَحِمَ اللهُ وَلَدًا رَحِمَ ضَعفَ وَالِدَيهِ فَرَعَاهُمَا، وَسَرَّهُمَا بِصَلاحِهِ وَاستِقَامَتِهِ، وَقَالَ في دُعَائِهِ وَرَدَّدَ كَثِيرًا: ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ وَإِن كَانَ بَعضُنَا قَد رَحَلَ وَالِدَاهُ وَخَلَّفَاهُ، فَإِنَّ بَابَ البِرِّ مَا زَالَ مَفتُوحًا، بِالدُّعَاءِ لَهُمَا بِالمَغفِرَةِ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيهِمَا وَالصَّدَقَةِ عَنهُمَا، وَوَصلِ أَقَارِبِهِمَا وَأَهلِ وُدِّهِمَا؛ قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انقَطَعَ عَنهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِن ثَلاثَةٍ: إِلاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ بِهِ، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَفي البُخَارِيِّ أَنَّ سَعدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَت وَأَنَا غَائِبٌ عَنهَا، أَيَنفَعُهَا شَيءٌ إِنْ تَصَدَّقتُ بِهِ عَنهَا؟ قالَ: "نَعَم"، قَالَ: فَإِنِّي أُشهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ المِخرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيهَا"؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

وَعِندَ مُسلِمٍ عَن عَبدِاللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: "إِنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعدَ أَن يُوَلِّيَ"؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحج على من استطاع
  • لا تغضب ولك الجنة
  • معلم مخلص ومتعلم جاد (خطبة)
  • القدوة القدوة أيها الآباء
  • خطبة: بهيمة الأنام
  • عمار المساجد هم المهتدون (خطبة)
  • خطبة: (يا عباد الله فاثبتوا)
  • قد بين الله لكم فلا تضلوا (خطبة)
  • لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: ففيهما فجاهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بر الوالدين... ففيهما فجاهد(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا ينتشر الإلحاد؟؟..(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحيا أرضا ميتة فهي له(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • خطبة: { فكأنما أحيا الناس جميعا }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث عائشة: كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحيا ليله بآية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • فكأنما أحيا الناس جميعا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باسمك اللهم أموت وأحيا (بطاقة)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/5/1447هـ - الساعة: 12:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب