• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية القرآنية (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    حكم سواك الصائم بعد الزوال
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / تربية الأولاد
علامة باركود

تربية النبي صلى الله عليه وسلم للشباب (خطبة)

تربية النبي صلى الله عليه وسلم للشباب (خطبة)
أبو سلمان راجح الحنق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/11/2024 ميلادي - 11/5/1446 هجري

الزيارات: 10117

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تربية النبي صلى الله عليه وسلم للشباب

 

أيها الناس، إن الشباب هم أمل هذه الأمة بعد الله تعالى، وهم من يحرك نهضتها، إنهم الطاقة المتجددة التي تدفع عجلة التطور والتقدم.

 

لذلك؛ فإن الاهتمام بتربية الشباب، وتأهيلهم هو استثمار في مستقبل زاهر ومشرق لأمة الإسلام.

 

أيها المسلمون، إن تربية الشباب على القيم والأخلاق من أهم الأمور في هذا العصر، بل من الواجبات المُلحة في هذا الزمن، فعلينا جميعًا أن نستشعر هذه المسؤولية، وأن نسعى جاهدين إلى غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس الشباب، وأن نسعى في ذلك سعيًا حثيثًا وجادًّا، كي يتحمل الشباب مسؤولياتهم، وليشاركوا مشاركة فعَّالة في بناء المجتمعات، ورفع مستوى الوعي الديني والحضاري في أمتهم.

 

أيها الناس، إن تربية الشباب تتطلب منا جميعًا تضافر الجهود بدءًا من البيت والأسرة، والمسجد والمدرسة، والإعلام والمجتمع ككل، فالكل عليه واجب ودور هام وفعَّال في عملية التربية.

 

وخاصة في مثل هذا العصر؛ عصر الانفتاح والعولمة، وضعف الرقابة، وغياب الشعور بالمسؤولية نحو الشباب، وضعف الوازع الديني، وكثرة وسهولة الشهوات، وانتشار الشبهات، ومحاربة الخير، والعزوف عن العلم الشرعي؛ علم الكتاب والسنة، فهذا عصر اختلت فيه كثير من القيم والأخلاق عند شريحة كثيرة من الشباب، فقد ظهرت أشكال وألوان من الأخلاقيات المشينة، فترى التفلُّت عند بعض الشباب، والبعد عن الصلاة، وهجر المساجد، والاضطراب في السلوك والأخلاق، وضياع الأعمار والأوقات في هوايات وأعمال تافهة، وصحبة سيئة ربما تؤدي بالشاب إلى الهاوية من مجالس اللهو، وسلوك منحرف، وأخلاق ينكرها صاحب الفطرة السليمة، فهل تلاحظون ذلك أيها الأفاضل، من انحرافات خطيرة تغزو الشباب؟

 

أيها المسلمون، إن الكثير من الشباب ابتعد عن محاضن الخير والتربية والتزكية الحقيقية التي مصدرها الكتاب والسنة المطهرة، وها نحن نرى عزوف كثير من الشباب عن الصلوات وبُعدهم عن المساجد، وبُعدهم عن حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وجهلهم بسنة وأخلاق وآداب سيد المرسلين، مع تدنٍ في الأخلاق، وجهل بكثير من الآداب الإسلامية، وربما ظهرت عند بعض الشباب والفتيان بعض السلوكيات المشينة التي يستنكرها الشرع المطهر، وتأباها الفِطر السليمة، وربما تصبح تلك الأعمال والأخلاق السيئة ظاهرة، وربما تستفحل، وعندها قد يعجز الأب والأسرة والمجتمع عن العلاج ومحاصرة تلك الظواهر، فعندها قد تغرق سفينة المجتمع.

 

أيها المسلمون، فهل من تفكير جادٍّ، ووثبة صادقة، وتضافر للجهود للسعي إلى تربية الشباب على القيم والأخلاق، وعلى التربية النبوية، وعلى الأخلاق الإسلامية، وأن يكون المنطلق في التربية هو الرجوع الصادق إلى طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربية شباب الصحابة، وكذلك تربية الصحابة لأبنائهم على هذا المنهج المعصوم؛ كتاب الله تعالى وسنة رسول الله؟

 

أيها المسلمون، وها نحن نرى وننظر في المجتمع وخاصة في شريحة الشباب من المشاكل والظواهر السيئة من استخفاف بالقيم، وضياعٍ لكثير من الأخلاق، وممارسة بعض الظواهر السيئة، وهناك بعض الحركات التي لا تليق بشابٍّ مسلم يعيش في وسط مجتمع محافظ مسلم.

 

أيها المسلمون، فلنسارع جميعًا، ولتتضافر جهود الجميع في التربية وإنقاذ الشباب، وأن نصلهم بكتاب الله تعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبسيرة الجيل الفريد من الصحابة والتابعين وأهل القرون المفضَّلة من السلف الصالح.

 

أيها الناس، إن الله تعالى بعث رسوله محمدًا صلوات الله وسلامه عليه معلمًا وهاديًا، ومبشرًا ونذيرًا.

 

ورسالته عليه الصلاة والسلام رسالة رحمة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فهو صلوات الله وسلامه عليه الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن الظلم إلى العدل.

 

كان العرب قبل مبعثه أمة مشتتة وممزقة، القوي يأكل الضعيف، يعبدون اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، ويشربون الخمور، ويئدون البنات أحياء خوفَ العار، وأما شباب العرب قبل الإسلام لا دور لهم يُذكر، ولا توجد أهداف يعيشون من أجلها، إلا السلب والنهب، وأن يُغير بعضهم على بعض، كانوا يتفاخرون بمآثر الآباء والأجداد، ويتناقلون في ذلك القصائد والأشعار، همُّ شبابهم، كيف يكون له صولة وجولة في قبيلته وبين بني قومه بحقٍّ أو بباطل، وهكذا كانت حياتهم في الغالب، لهوًا ولعبًا، وسلبًا ونهبًا، وغاراتٍ، ومجالس لهو وضياع.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله نظر إلى الناس عربهم وعجمهم فمقتهم، إلا بقايا من أهل الكتاب))، أو كما قال رسول الله.

 

أيها الناس، ثم أذِن الله تعالى بفجر جديد، ونور يضيء، فاختار الله لهذه الأمة رسولًا منها يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فالكتاب كلام الله تعالى القرآن الكريم، والحكمة سنة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

فكانت الرسالة وكانت الدعوة، وتحرك القدوة عليه الصلاة والسلام في قومه داعيًا وناصحًا، وموجهًا ومرغبًا ومحذرًا، فمن كتب الله له الهداية، أسلم وآمن، واتبع خير الرسل وأفضل الخلق نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومن كتب الله عليه الشقاء والتعاسة، وقف حجر عثرة أمام دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يؤمن بهذه الرسالة وتلك الدعوة، وخاصة كبار السن من قريش، فإنهم وقفوا من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفَ المعارض والمعاند والمكابر، أما صنف الشباب، فإنهم سرعان ما استجابوا لهذه الدعوة، وبذلوا من أجلها الغالي والنفيس، وتحملوا المصاعب والأذى، كل ذلك في ذات الله واستجابة لدعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكيف تحملوا ذلك؟ وكيف خرجوا عن عادات أقوامهم؟ وكيف تركوا ما يعبده الآباء والأجداد، وتنكروا لماضي أقوامهم؟ كل ذلك حصل بفضل الله وتوفيقه لهم بالهداية، واختياره تعالى لهم من بين سائر الناس، فتعالَوا بنا - أيها الناس - لننظر كيف ربَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم شباب الصحابة، وكيف جعل منهم السادة والقادة، وكيف أصبحوا قادة للجيوش والأمم بعد أن كانوا رعاةَ الإبل والغنم، والذي يطالع سيرة نبينا وحبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، وكيف كان مع صغار وشباب الصحابة رضي عنهم، يرى أعظم سيرة على وجه الأرض لهذا الرسول الذي أرسله الله رحمةً للعالمين؛ حيث تواضع لهم، وجالسهم، وزارهم، وعلَّمهم، ورفع من هِممهم، فخرج منهم أعظمَ جيل على وجه الأرض.

 

أيها الناس، لقد جعل الله تعالى في الحياة قوة بين ضعفين، وتلك القوة هي العماد في الحياة، والثمرة في الآخرة، وسن الشباب هو القوة بعد الضعف، فيه توقُّد العزيمة وعلو الهمة، ونفعهم عبر العصور كبير؛ قال قوم إبراهيم عليه السلام عنه: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60]، وقال عن يحيى عليه السلام: ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾ [مريم: 12]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أي: الفهم والعلم، والجِد والعزم، والإقبال على الخير والإكباب عليه، والاجتهاد فيه وهو صغير حدث السن"، وقال تعالى عن أصحاب الكهف: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13].

 

قال ابن كثير: "ذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ؛ ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله شبابًا، ((ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة شاب نشأ في عبادة الله))؛ [متفق عليه]".

 

أيها الناس، فمن تتبع السنة المطهرة، والسيرة العطرة لرسولنا عليه الصلاة والسلام، يرَ اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام بتربية شباب الصحابة، والعناية بهم، وبأخلاقهم، فمن ذلك تواضعه عليه الصلاة والسلام؛ فكان ((إذا مرَّ بصبيان سلَّم عليهم))؛ [مسلم].

 

قال ابن بطال رحمه الله: "سلام النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان من خلقه العظيم، وأدبه الشريف وتواضعه".

 

وكان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على تعليمهم؛ قال جندب بن عبدالله رضي الله عنه: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتية حزاورة - أي قاربنا البلوغ - فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا))؛ [ابن ماجه].

 

وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يغرس العقيدة في نفوس شباب الصحابة رضي الله عنهم؛ قال ابن عباس رضي الله عنه: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله...))؛ [رواه الترمذي].

 

فانظر أخي المسلم، أخي المعلم، أخي المربي، أخي المدرس، إلى هذه التربية الفريدة، والتربية الصالحة، والتربية التي يحبها الله، والتربية الصالحة التي غرسها رسول الله عليه الصلاة والسلام في قلوب الشباب؛ ألم نسمع قوله عليه الصلاة والسلام لابن عباس: ((يا غلام))؟ حيث يوحي هذا النداء بالعناية بالشباب ورعايتهم، وتوجيههم، وتربيتهم على المنهج الحق، وعلى العقيدة الصافية الصحيحة؛ الكتاب والسنة.

 

أيها الناس، وهذا موقف آخر في تربية النبي صلى الله عليه وسلم للشباب؛ حيث كان يتلطف في تعليم شباب الصحابة رضي الله عنهم، وذلك بتنوع طرقه، فأحيانًا يأخذ بأيديهم؛ قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ((أخذ رسول الله عليه الصلاة والسلام بيدي، فقال: إني أحبك وعلَّمه أن يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك))؛ [البخاري].

 

أيها الناس، وأحيانًا يأخذ بمناكبهم، قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه: ((أخذ رسول الله عليه الصلاة والسلام بمَنكِبي وقال: كُن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))؛ [البخاري].

 

إنه التوجيه لشباب الصحابة رضي الله عنهم نحو ما ينفعهم، فيكون لهم نبراسًا في حياتهم، ونورًا يستضيئون به في مسيرهم إلى الله والدار الآخرة.

 

أيها الناس، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يأكل معهم ويعلمهم آداب الطعام؛ قال عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: ((كنت غلامًا في حِجر رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله عليه الصلاة والسلام: يا غلام، سمِّ الله، وكُل بيمينك، وكل مما يليك))؛ [متفق عليه].

 

أيها الناس، وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يهتم بقدرات الشباب، وهواياتهم، وما يحسنون، ويوجههم نحو ما يعود على أمتهم بالخير والنفع العميم، لما قدِم رسول الله عليه الصلاة والسلام المدينة، رأى زيد بن ثابت رضي الله عنه، وهو دون الخامسة عشرة وكان يُحسن الكتابة، فجعله من كتَّاب الوحي، وأبصر فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام ذكاءً عجيبًا، فطلب منه تعلم لغة اليهود ليترجم له رسائلهم، وحث على تعلم كلام الله تعالى من صغار أصحابه؛ فقال: ((خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد - أي: من ابن مسعود - ومعاذ بن جبل، وأُبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة))؛ [متفق عليه].

 

هكذا أثمرت تلك التربية النبوية للشباب، وأصبح شباب الصحابة هم حفظةَ هذا الدين، وهم روَّاد العلم والمعرفة، وهم صنَّاع الحضارة الإسلامية، وهم مشاعل الهدى والنور في كل عصر ومصر، وهم حماة الدين والعقيدة، وحملة راية الكتاب والسنة، وهم من علَّم العالَم العدلَ والتحضر، والتمدن، وهم من نشر العدل، وهم من دحر أعداء الدين والعقيدة، وطارت بسيرتهم الركبان، وتحدث عنهم الشعراء والكتَّاب، ودخل هذا الدين إلى المدن والقرى، والهِضاب والوديان، كل ذلك بفضل الله تعالى، ثم بحسن تربية النبي صلى الله عليه وسلم لشباب الصحابة رضي الله عنهم.

 

﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

قلت ما سمعتم، واستغفروا الله؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدًا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

 

أيها الناس، من أراد أن يبني الأجيال، وأن يكون الشباب هم من يتحقق على أياديهم - بإذن الله تعالى - النصر والظفر والتمكين، فليسعَ في تربيتهم التربيةَ النبوية الإسلامية الصحيحة، على وفق المنهج الحق الذي ارتضاه الله تعالى، وبه أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ كتاب الله تعالى والسنة المطهرة، وعلى ما كان عليه الصحابة وأهل القرون المفضَّلة، عندها ستفرح الأمة بنصر الله؛ ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 4، 5]، ويحصل لهذه الأمة التمكين في الأرض: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41].

 

أيها الناس، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُثني على من يستحق الثناء؛ لنبوغه وعلمه، وفقهه وتميزه، سمع رسول الله عليه الصلاة والسلام قراءة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه، وهو غلام صغير حسن الصوت بالقرآن؛ فقال: ((الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا))؛ [ابن ماجه].

 

ورأى من معاذ بن جبل رضي الله عنه فقهًا فقال: ((أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل))؛ [أحمد].

 

وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يدعو لصغار الصحابة رضي الله عنهم بخيري الدنيا والآخرة؛ محبةً لهم وإكرامًا؛ قال ابن عباس رضي الله عنه: ضمَّني رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال: ((اللهم علِّمه الكتاب))؛ [البخاري].

 

وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يستشير صغارهم فيما يخصه من الأمور العِظام؛ ففي حادثة الإفك ((أرسل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأسامة بن زيد رضي الله عنه، حين تأخر الوحي، يستشيرهما))؛ [متفق عليه].

 

وتربيته عليه الصلاة والسلام أثمرت تلك التضحيات من الصحابة رضي الله عنهم، فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، في حادثة الهجرة، وهذا مصعب بن عمير رضي الله عنه يُرسله رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى المدينة قبل هجرته، داعيًا إلى الله وهو شاب.

 

أيها الناس، كلما علَت أخلاق العظماء تواضعت للصبيان، والصغير مجبولٌ على محبة من دنا منه وعلَّمه، أما احتقارهم والإعراض عنهم، ذلك لا يوافق شِيم العقلاء.

 

أيها الناس، هديُ رسول الله عليه الصلاة والسلام، أكمل الهدي، وطريقته أكمل الطرق، وسُنته هي من الذكر الحكيم، ومعاملته عليه الصلاة والسلام أرفع المعاملة، وصغار اليوم هم أملُ الأمة وعمادها، ومن أراد الخير للشباب وللناشئة، فليلزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولتكن دراستهم وتعليمهم على وفق المنهج الحق؛ كتاب الله تعالى وسُنة رسوله عليه الصلاة والسلام.

 

فبتربيته عليه الصلاة والسلام لشباب الصحابة رضي الله عنهم، آل إليهم العلم، وانتفعت بهم الأمة.

 

وإذا أراد الله بشخص خيرًا وفَّقه لسنة سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، ووفَّقه للعلم النافع والعمل الصالح: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

أيها الناس، حافظوا على فلذات أكبادكم، وعلى مهج قلوبكم، أبنائكم وبناتكم، المغريات كثيرة، والشبهات تحاصرهم من كل مكان، والشهوات متنوعة وعديدة، والضعف في التدين حاصل، والتوجيه والنصح قليل من قليل، وأعداء الإسلام والمسلمين من يهود ونصارى، ومنافقين وأهل الشر والضلال، وأهل الأهواء، كل هؤلاء يعملون جاهدين مع الشيطان الرجيم، في إبعاد الشباب عن دينهم وأخلاقهم، وعن عقيدتهم، وعن كتاب ربهم، وعن سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، فما أنتم فاعلون؟

 

حصِّنوا أولادكم وبناتكم وشباب أمتكم من الشبهات والشهوات: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128].

 

ألَا وصلُّوا وسلِّموا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تربية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه
  • تربية النبي صلى الله عليه وسلم لبناته (خطبة)
  • إرهاصات نبوته - صلى الله عليه وسلم - ونزول الوحي
  • أهمية العمل للشباب
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التربية الحديثة وتكريس الاتكالية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كيف أعد نفسي للتربية الإسلامية؟(استشارة - الاستشارات)
  • خمسون قاعدة في تربية الأبناء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دور الآباء في تربية الأبناء في ضوء الكتاب والسنة النبوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أساليب التربية في ضوء القرآن والتربية الحديثة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قواعد قرآنية في تربية الأبناء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غياب الشورى.. وأثره في تفكك البيوت وضعف المجتمعات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآباء سند في الحياة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كلنا رجال تربية وتعليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية القرآنية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/3/1447هـ - الساعة: 4:22
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب