• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة (خطبة)

أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة (خطبة)
أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/8/2024 ميلادي - 9/2/1446 هجري

الزيارات: 1562

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أفضل الأعمال في عشر ذي الحِجَّة

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

 

يقول الله جل جلاله في محكم التنزيل:

﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]، فيختار ربنا سبحانه وتعالى من خَلْقِهِ وأمره ما يفضله لحكمة يعلمها هو سبحانه وتعالى، قد يخبرنا سبحانه وتعالى بها، وقد لا يخبرنا بها، لكن أفعال ربنا سبحانه وتعالى وأوامره كلها من حكمة عظيمة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]، ويقول ربنا عز وجل: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 22، 23]، فلا يُسأَلُ سبحانه وتعالى عما يفعل.

 

يختار ربنا سبحانه وتعالى من خلقه رُسُلًا؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75]، فكان منهم من أعلمنا الله سبحانه وتعالى منهم، ومن لم يُعلمنا منهم: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 163 - 165].

 

واصطفى من البشر طائفة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 33، 34].

 

واختار من البشر رسلًا، واختار منهم أولي العزم من الرسل: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35].

 

واختار منهم نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون سيد ولد آدم؛ أخرج مسلم في "صحيحه" (2278)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا ‌سيد ‌ولدِ آدمَ يومَ القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مُشفَّع))، وأخرج البخاري في "صحيحه" (335)، عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أُعطيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحد قبلي: نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر، وجُعِلَت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجلٍ من أُمَّتي أدركَتْهُ الصلاة فلْيُصَلِّ، وأُحِلَّت ليَ المغانم ولم تُحَلَّ لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصةً، وبُعثت إلى الناس عامةً))، وأخرج البخاري في "صحيحه" (7013)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بُعثتُ بجوامع الكَلِمِ، ونُصرت بالرعب، وبينا أنا نائم أُتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوُضعت في يدي))، وأخرج الترمذي في "جامعه" (3605)، عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى من ولد إبراهيمَ إسماعيلَ، واصطفى من ولد إسماعيلَ بني كِنانةَ، واصطفى من بني كنانةَ قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشمٍ، واصطفاني من بني هاشم)).

 

واختار الله سبحانه وتعالى خير البشر بعد الأنبياء ليكونوا أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ أخرج أبو داود الطيالسي في "مسنده" (243)، وأحمد في "مسنده" (3600)، ط. الرسالة، واللفظ له، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ‌"إن ‌الله ‌نَظَرَ ‌في ‌قلوب ‌العباد، فوجد قلبَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوبَ أصحابه خيرَ قلوب العباد، فجعلهم وزراءَ نبيِّه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئًا، فهو عند الله سيئ".

 

واختار الله سبحانه وتعالى من أصحاب الأنبياء ومن الملائكة أهلَ بدر؛ ليكونوا من أفضل الصحابة، ومن أفضل الملائكة؛ أخرج البخاري في "صحيحه" (3992)، عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أبيه، وكان أبوه من أهل بدر، قال: ((جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ‌ما ‌تعُدُّون ‌أهل ‌بدر ‌فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين، أو كلمةً نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة)).

 

واختار الله سبحانه وتعالى مكة لتكون البلد الحرام، ويكون فيها البيت الحرام، ولتكون أم القرى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96، 97]، وأخرج البخاري في "صحيحه" (112)، عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن خزاعةَ قتلوا رجلًا من بني ليث عامَ فتح مكة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فركب راحلته، فخطب، فقال: إن الله حبس عن مكة القتلَ - أو الفيل؛ شكَّ أبو عبدالله - وسلَّط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، ألَا وإنها لم تُحَلَّ لأحد قبلي، ولم تُحَلَّ لأحد بعدي، ‌ألَا ‌وإنها ‌حُلَّت ‌لي ‌ساعةً ‌من ‌نهار، ألَا وإنها ساعتي هذه حرام...))؛ [الحديث].

 

واختار من الملائكة جبريل عليه السلام ليكون قويًّا أمينًا على الوحي، مكلفًا ببلاغ الرسالة من الله سبحانه وتعالى إلى الأنبياء والرسل: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 - 195]، وقال عنه الله سبحانه وتعالى: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ [النجم: 5، 6].

 

واختار الله سبحانه وتعالى من الأيام يومَ الجمعة ليكون خير يوم طلعت فيه الشمس؛ أخرج مسلم في "صحيحه" (854)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خُلِق آدم، وفيه أُدخِل الجنة، وفيه أُخرِج منها)).

 

واختار ربنا سبحانه وتعالى القرآن الكريم ليكون خير الكتب المنزلة: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48]، ونزل بشريعةِ يُسْرٍ وتخفيف: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157]، وحديث المعراج في تخفيف عدد الصلوات مع حفظ أجرها ليس منا ببعيد.

 

واختار ربنا سبحانه وتعالى من الشهور شهرَ رمضان لينزل فيه القرآن الكريم، ويأمرنا سبحانه وتعالى بصيام هذا الشهر الكريم: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

 

واختار ربنا سبحانه وتعالى ليلة في شهر رمضان لتكون خيرًا من ألف شهر: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].

 

واختار ربنا سبحانه وتعالى أيامًا معلوماتٍ، ومنها أيامًا معدوداتٍ، ليكون العمل الصالح فيها أفضل من العمل الصالح فيما سواها: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28]، ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203].

 

أخرج أحمد في "مسنده" (14511)، ط. الرسالة، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر))، ونُقِلَ مثلُ هذا عن ابن عباس رضي الله عنه موقوفًا.

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (969)، عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما ‌العمل ‌في ‌أيام ‌العشر ‌أفضل ‌من ‌العمل ‌في ‌هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء))، وهذه الأيام هي الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحِجَّة.

 

وقد أكرمنا ربنا سبحانه وتعالى برحمته؛ لأنه علِم أن فينا ضعفًا، ولأنه علم أن أعمارنا قصيرة، أما عن ضعفنا؛ فقد قال ربنا سبحانه وتعالى: ﴿ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ﴾ [الأنفال: 66].

 

أخرج البخاري في "صحيحه" (7517)، في حديث المعراج الطويل، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، إلى أن قال: ((فقال - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - يا رب إن أمتي ضعفاء؛ أجسادهم وقلوبهم، وأسماعهم وأبدانهم، فخفِّف عنا، فقال الجبار: يا محمد، قال: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يُبدَّل القول لديَّ، كما فرضت عليك في أم الكتاب، قال: فكل حسنة بعشر أمثالها، ‌فهي ‌خمسون ‌في ‌أم ‌الكتاب، وهي خمس عليك)).

 

وأخرج البخاري في "صحيحه" (3459)، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أجَلُكم في أجَلِ من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مَثَلُكم ومَثَلُ اليهود والنصارى كرجل استعمل عمَّالًا، فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعمِلتِ اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ فعمِلت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألَا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين، ألَا لكم الأجر مرتين، فغضِبت اليهود والنصارى، فقالوا: نحن أكثر عملًا وأقل عطاءً، قال الله: هل ظلمتكم من حقِّكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أُعطيه من شئت)).

 

وأخرج البخاري في "صحيحه" (3124)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((غزا نبيٌّ من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجلٌ مَلَكَ بُضْعَ امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولمَّا يبنِ بها، ولا أحد بنى بيوتًا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنمًا أو خَلِفات، وهو ينتظر وِلادَها، فغزا، فدنا من القرية صلاة العصر، أو قريبًا من ذلك، فقال للشمس: إنكِ مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحُبست حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم، فجاءت - يعني النار - لتأكلها فلم تَطْعَمْها، فقال: إن فيكم غُلُولًا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فَلَزَقَتْ يدُ رجلٍ بيده، فقال: فيكم الغُلُول، فليبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغُلُول، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب، فوضعوها، فجاءت النار فأكلتها، ثم أحلَّ الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا، فأحلَّها لنا)).

 

وأما عن قصر الأعمار؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 14]، وتأمل أن نوحًا عليه السلام مكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، فبالتأكيد كان عمره أطول من هذا، وأما عن أعمار أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فقد أخرج الترمذي في "جامعه" (2331) و(3550)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين))، فالحمد لله الذي رحم ضعفنا، ويسَّر لنا أوقاتًا فاضلة، تُضاعَف فيها الأعمال لتتضاعف فيها الحسنات والبركات؛ فقَولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ‌العمل ‌في ‌أيام ‌العشر ‌أفضل ‌من ‌العمل ‌في ‌هذه))، دليل على أن ركعتين في هذه الأيام خير من ركعتين في أيٍّ من الأيام الأخرى.

 

وقد تنوعت أقوال العلماء في أسباب تفضيل هذه الأيام، فكان من أجود ما قيل فيها أن الله سبحانه وتعالى لم يجمع بين صنوف متنوعة من العبادة؛ من الصلاة والصيام، والزكاة والصدقة، والجهاد مع الحج، سوى في هذه الأيام، فيمكننا القيام بسائر الأعمال المذكورة في سائر أيام العام، أما الحج، فلا يكون إلا في هذه الأيام.

 

وأما عن مقارنة عشر ذي الحِجَّة مع عشر رمضان، فقد تفاوتت أقوال أهل العلم على أضرُبٍ ثلاث؛ من أشهرها جواب شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى لما سُئل عن عشر ذي الحِجَّة والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟ فأجاب بأن أيام عشر ذي الحِجَّة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحِجَّة؛ قال ابن القيم: "وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب، وجده شافيًا كافيًا، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحِجَّة؛ وفيها: يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر، فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يُدلِيَ بحُجَّة صحيحة".

 

وقد يفهم البعض من هذا الجواب الاهتمامَ بنهار أيام العشر من ذي الحِجَّة، ويغفُل عن ليلها، وهذا خطأ جسيم، فبعد أن تأكد أن نهارها يقينًا أفضل أيام العام، وأن العمل فيه أفضل من العمل في سائر الأيام، يجب أن نعلم أن من أهل العلم من قال بأفضلية الليل والنهار في عشر ذي الحِجَّة عن عشر رمضان، ولم يستثنِ سوى ليلة القدر، فلا يجب على المسلم العاقل اللبيب الأريب أن يفرط في ليالي عشر ذي الحِجَّة أو نهارها.

 

إذًا فبعد أن استشعرنا رحمة الله سبحانه وتعالى ولطفه وكرمه بنا، بأن جعلنا مسلمين، ولله الحمد، دون استحقاق منا، وبعد أن اصطفانا لنكون من أمة النبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد أن أكرمنا بأن مدَّ في أعمارنا حتى شهِدنا بفضله هذه الأيام المباركات، وبعد أن علمنا أنه رحِم ضعفَنا وقِصَرَ أعمارنا، وبعد أن علمنا أن العمل الصالح في هذه الأيام المعلومات القليلات خير من العمل فيما سواها، ألَا يجب على المسلم العاقل أن يغتنم هذه الأيام؟ تعالَوا بنا لنتعرف على بعض مما يجب علينا التركيز عليه في هذه الأيام في خطبتنا الثانية، أقول ما تسمعون، وإني أستغفر الله، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه غفور رحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله سبحانه وتعالى عنه في محكم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلم وزِدْ وبارك على النبي الحبيب محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى؛ يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 109]، في هذه الآية الكريمة توجيهٌ ربانيٌّ هامٌّ بالاهتمام بأساس البنيان قبل تشييده؛ لضمان سلامة البنيان والاستفادة منه؛ يقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية المباركة: "ثم فاضَلَ بين المساجد بحسب مقاصد أهلها وموافقتها لرضاه؛ فقال‏:‏ ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 109]؛‏ أي‏:‏ على نية صالحة وإخلاص، ﴿ وَرِضْوَانٍ ﴾ [التوبة: 109] بأن كان موافقًا لأمره، فجمع في عمله بين الإخلاص والمتابعة، ﴿ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا ﴾ [التوبة: 109]؛ أي‏:‏ على طرف ﴿ جُرُفٍ هَارٍ ﴾ [التوبة: 109]؛‏ أي‏:‏ بال، قد تداعى للانهدام، ‏﴿ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [التوبة: 109] لِما فيه مصالح دينهم ودنياهم‏".

 

فقبل أن نتكلم عن فضائل الأعمال في عشر ذي الحِجَّة، وقبل الخوض في النوافل، لا بد أولًا من بيان الفروض ومراجعة النفس فيها، لتستقيم لنا إن شاء الله النوافلُ؛ فتأمل معي قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]؛ يقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية المباركة: "هذه الغاية التي خلق الله الجن والإنس لها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها؛ وهي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلَّفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم"؛ ا.ه، وذكر ابن جرير الطبري شيخ المفسرين في تفسير هذه الآية: "وأولَى القولين في ذلك بالصواب القولُ الذي ذكرنا عن ابن عباس؛ وهو: ما خلقت الجن والإنس إلا لعبادتنا، والتذلل لأمرنا"؛ ا.ه، وذكر القرطبي في تفسيرها: "والمعنى: وما خلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلا ليوحِّدونِ، ثم ذكر فيها عن علي رضي الله عنه أنه قال: أي: وما خلقت الجن والأنس إلا لآمُرَهم بالعبادة، ثم قال رحمه الله: والتعبيد الاستعباد، وهو أن يتخذه عبدًا، وكذلك الاعتباد، والعبادة: الطاعة، والتعبد التنسك، فمعنى ﴿ لِيَعْبُدُونِ ﴾ ليذلوا ويخضعوا ويعبدوا"؛ ا.ه.

 

وتأمل أسلوب القصر في الآية الكريمة، وهو أسلوب من الأساليب الخبرية في اللغة العربية، والقصر معناه الحصر، فهو يسمى حصرًا، ويسمى قصرًا؛ لأن الحصر قصرُ شيء على آخر، فهما بمعنًى واحد، وكلاهما في عرف اللغويين يعنيان: الحبس والإلزام، وفي عرف البلاغيين: تخصيص شيء بشيء، أو تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص، والقصر أسلوب يفيد التوكيد، ويوجز الكلام، ويمكِّنه من الذهن، وينفي عن الفكر كل إنكار وشكٍّ؛ ومنه قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ﴾ [آل عمران: 144]، ومنه قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، فتأمل الغاية التي خلقنا الله سبحانه وتعالى من أجلها.

 

وتأمل معي قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: "﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]؛ أي: ذبحي، وذلك لشرف هاتين العبادتين وفضلهما، ودلالتهما على محبة الله تعالى، وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب واللسان، والجوارح، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال، لما هو أحب إليها؛ وهو الله تعالى، ومن أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله، وقوله: ﴿ وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي ﴾ [الأنعام: 162]؛ أي: ما آتيه في حياتي، وما يجريه الله عليَّ، وما يقدر عليَّ في مماتي، الجميع ﴿ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]"؛ ا.ه، وقال ابن جرير الطبري شيخ المفسرين رحمه الله في تفسير هذه الآية: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثانَ والأصنام، الذين يسألونك أن تتبع أهواءهم على الباطل، من عبادة الآلهة والأوثان: ﴿ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ﴾ [الأنعام: 162]، يقول: وذبحي، ﴿ وَمَحْيَايَ ﴾ [الأنعام: 162]، يقول: وحياتي، ﴿ وَمَمَاتِي ﴾ [الأنعام: 162]، يقول: ووفاتي، ﴿ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]؛ يعني: أن ذلك كله له خالصًا دون ما أشركتم به أيها المشركون من الأوثان، ﴿ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 163] في شيء من ذلك من خلقه، ولا لشيء منهم فيه نصيب؛ لأنه لا ينبغي أن يكون ذلك إلا له خالصًا، ﴿ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ﴾ [الأنعام: 163]، يقول: وبذلك أمرني ربى، ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 163]، يقول: وأنا أول من أَقرَّ وأذعن وخضع من هذه الأمة لربه بأن ذلك كذلك، وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل"؛ ا.ه.

 

نقف اليوم - إن شاء الله - وقفتين يسيرتين مع حديثين من جوامع كَلِمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما الأول، فهو ما أخرجه الشيخان؛ البخاري ومسلم (8)، واللفظ له، عن عمر بن الخطاب قال: ((بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فَخِذَيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيمَ الصلاة، وتؤتيَ الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: صدقت، قال: فعجِبنا له، يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر، خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمَارتِها، قال: أن تَلِدَ الأَمَةُ ربَّتها، وأن ترى الحفاة العُراة العالة رِعاءَ الشاءِ يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق، فلبثت مليًّا ثم قال لي: يا عمر، أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم)).

 

وأما الحديث الثاني، فهو ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (6502)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قال: من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب، ‌وما ‌تقرب ‌إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه، فإذا أحببتُه، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأُعطِيَنَّه، ولئن استعاذني لأُعيذَنَّه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت وأنا أكره مساءته)).

 

ويجب علينا أيضًا في هذا المقام الانتباهُ لِمُحْبطات العمل؛ أخرج البخاري في "صحيحه" (3606) و(7048)، عن أبي إدريس الخولاني: أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: "كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، ‌وكنت ‌أسأله ‌عن ‌الشر؛ ‌مخافةَ ‌أن ‌يدركني..."؛ [الحديث].

 

وتشمل: الشرك بفرعيه الأكبر والأصغر (ومنه الرياء)، والبدعة بنوعيها الأصلية والإضافية، وقطيعة الرحم، والجهل.

 

اللهم إنا عبيدك، بنو عبيدك، بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همِّنا وغمِّنا.

 

اللهم من كان من والدينا حيًّا، فأطِلْ عمره في طاعتك، ومُنَّ عليه بالصحة والعافية وحسن الخاتمة، واجعل قوته الوارث منه، ومن سبقنا منهم إليك، فاغفر له ذنبه، ووسِّع له في قبره مدَّ بصره، وآنس وحدته ووحشته.

 

اللهم ربِّ لنا أبناءنا، وأصلح نساءنا، واهْدِ بناتِنا، وارزقهن العفاف، ووفِّق المسلمين لكل خير وبرٍّ.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل عشر ذي الحجة ووجوب الحج
  • فضل عشر ذي الحجة ووجوب الحج
  • فضل أيام عشر ذي الحجة
  • فضل أيام عشر ذي الحجة
  • خطبة: عشر ذي الحجة
  • من فضائل عشر ذي الحجة وفضل العمل الصالح فيها
  • الأعمال الأسهل أداء والأعظم جزاء (خطبة)
  • الحكيم: أبعاد ودلالات في سياق القرآن الكريم والتأصيل الشرعي

مختارات من الشبكة

  • تنبيهان حول تخير أفضل الأعمال الصالحة في العشر والحذر من موانع قبول العمل(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أفضل الأعمال في أفضل الأيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأعمال العشر لعشر ذي الحجة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أفضل أيام الدنيا عشر ذي الحجة وشرف العمل الصالح فيها(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا وفضل العمل الصالح فيها(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • كيف تستفيد من العشر الأواخر من رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا اجتهادنا في العشر الأول من ذي الحجة أقل منه في العشر الأواخر من رمضان؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة أفضل أيام الدنيا (فضل عشر ذي الحجة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسابقة أفضل طبق وأفضل أكلة(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • أفضل سور القرآن وأفضل آياته(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب