• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ثمار العبودية في رمضان (خطبة)

ثمار العبودية في رمضـــــان (خطبة)
حسان أحمد العماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2024 ميلادي - 3/9/1445 هجري

الزيارات: 12052

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثمار العبودية في رمضان

 

الحمد لله مستحق الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهاب المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب مفرِّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب.

 

ومما زادني شرفًا وتيهًا
وكدتُ بأخمصي أطأ الثُّريا
دخولي تحت قولِكَ يا عبادي
وأن صيَّرتَ أحمدَ لي نبيَّا

 

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذو الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه صلاة تشرق إشراق البدور؛ أما بعـــد:

فعباد الله، ما من مخلوقٍ أو كائن في الأرض ولا في السماء، إلا وهو يقوم لله بالعبودية الحقة، إلا عصاة بني آدم والجن؛ قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18]؟


لذلك عاتب الله نبيًّا من الأنبياء اعتدى على قرية للنمل فأحرَقها، ففي صلى الله عليه وسلم قال: " قرصت نملةٌ نبيًّا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأُحِرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمةً من الأمم تسبح الله"؛ (رواه البخاري3019).


والدواب تشفق من يوم الجمعة وتخاف وتفزَع له، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تطلع الشمس ولا تغرُب على أفضل من يوم الجمعة، وما من دابة إلا وهي تفزَع ليوم الجمعة، إلا هذين الثقلين: الجن والإنس"؛ أخرجه أحمد 2/ 272 وابن خزيمة3/ 114 بسند صحيح).


وإنما تخاف الدواب من يوم الجمعة؛ لأن قيام الساعة سيكون في يوم الجمعة، والدواب تتكلم وتنكر الظلم بلغة خاصة، وقد يُطلع الله من يشاء من عباده على فهم لغتها، فقد تكلم الجمل لما ظلمه صاحبه، ففي سنن أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام دخل حائطًا ـ أي بستانًا ـ لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته إلى سنامه وذِفْراه فسكن، فقال: "من رب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال: ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه"؛ أي: تتعبه؛ (رواه أحمد 1745 وأبو داود 2549).


والديكُ يدعو إلى الصلاة، ولذا فإن من حقه علينا أن نبتعد عن سبه، لما ثبت عند أبي داود زيد بن خالد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة"؛ (رواه أبو داود 5101 وأحمد 21723)؛ كما أن الديك يعرف الملائكة فإذا رآهم صاح؛ لما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار، فتعوَّذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطانًا"؛ (رواه البخاري 3127 ومسلم 2729)= أما البحر فله عبوديات عدة، لكن من أعجبها ما جاء في مسند الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي عن رب العزة: ((ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات، يستأذن الله تعالى أن ينتضح عليهم، فيكفه الله عز وجل))، وفي رواية: ((ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق ابن آدم، والملائكة تعاجله وتهلكه، والرب سبحانه وتعالى يقول: دعوا عبدي))، فيا سبحان الله، البحر يقعر ويغضب، ويستأذن الله في كل ليلة أن يهلك ويغرق الناس، هل تعلمون بسبب ماذا؟ إنه بسبب معاصي ابن آدم، وعدم تحقيق ابن آدم العبودية المطلوبة منهم، فيعظم على البحر أن يرى ابن آدم وهو يعصي الله، فيتألم لذلك ويتمنى هلاك ابن آدم، لكن الله جل وتعالى بحلمه وعطفه ورحمته بنا يقول: دعوا عبدي...

 

فيا عجبًا كيف يَعصي الإله
أم كيف يَجحده الجاحدُ
ولله في كل تحريكةٍ وفي
كل تسكينةٍ شاهد
وفي كل شيء له آيةٌ
تدل على أنه الواحد

 

أيها المؤمنون، عباد الله، والشجر والنبات يعبد الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ [الرحمن:6]. ويحب الأذان والمؤذنين: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوهُ فِي حِجْرِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو سَعِيدٍ: إِذَا كُنْتَ فِي الْبَوَادِي، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالأَذَانِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: (لا يَسْمَعُهُ جِنٌّ، وَلا إِنْسٌ، وَلا شَجَرٌ، وَلا حَجَرٌ، إِلا شَهِدَ لَهُ)؛ (رواه البخاري).


بل إن النبات والشجر يحب المناسك ويفرح بالحجاج وبالملبين في أي مكان، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ: مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تنقطِعَ الأرضُ منْ ها هُنا وهاهُنا)؛ (رواه الترمذي، وصححه الألباني).


إذا كان هذا شأن المخلوقات، فما دورنا نحن؟ وما واجبنا؟ وكيف نجعل من عبوديتنا لله طريق للنصر والفلاح والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة؟ إننا نعيش في عصر تزيَّنت فيه الشهوات، وتنوعت فيه الشبهات، وتزايدت المغريات، وكثرت الملهيات، حتى كادت معها أن تعمي القلوب، وتموت الأرواح، والمسلم اليوم يبحث عن لذة الروح، وخشوع القلب، ودموع العين، فلا يجد من ذلك إلا أقل القليل، فأين قوت القلوب وغذاء الأرواح؟ وأين لذة العبادة، وحلاوة الطاعة؟ وأين ترطيب الألسنة بالأذكار؟ وأين الاستغفار بالأسحار؟ ومن ثم أين صفاء النفوس والسرائر؟ وأين جلاء القلوب والبصائر؟ ومن بعد أين حسن الأقوال وصلاح الأعمال وصدق الأحوال؟


إن أشرف المقامات مقام العبودية؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ولأجل تحقيق هذه الغاية واقعًا في حياة الناس بعث اللهُ الرسل؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وذم سبحانه وتعالى المستكبرين عنها بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، والعبادة لله وظيفة العمر، وهي أعلى المنازل وعندما شرَّف الله تعالى نبيه بالقُرب منه في رحلة الإسراء، فقال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ.. ﴾ [الإسراء: 1].


فوصفه بالعبودية دون غيرها؛ لأنها أشرف المواطن، وعلى الرغم أن العبودية ذُلٌّ، ولكن الذل لله عزَّ وجلَّ مع المحبة هو كمال الشرف، وللعبودية ثمار يَجنيها العبد في الدنيا والآخرة، فمن ذلك تربية الروح وتهذيب النفس، وتحرير ذلك الإنسان من عبودية المال والمنصب والمتاع والشهوات والشبهات إلى عبودية رب الأرض والسموات، ومن الخضوع لغير الله تعالى والاستسلام لغيره إلى عبادته وحده سبحانه وتعالى؛ عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - أنه لَما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرَّ إلى الشام، وكان قد تنصر في الجاهلية، فأُسِرت أخته وجماعة من قومه، ثم منَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته فأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام، وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقه - أي عدي صليب من فضة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية، ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]، قال: فقلت: أنهم لم يعبدوهم، فقال: (بلى، إنهم حرَّموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم)، قال الألباني: حديث حسن؛ غاية المرام في تخريج الحلال والحرام (ص20).


عباد الله، كما أنها سبيل إلى الأمن والأمان والعزة والتمكين والاستخلاف؛ قال الله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55]؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الصافات171-173].


لقد خرج المسلمون ينشرون الخير والعدل إلى بلاد السند وما وراء النهر يوم أن كنا أمة تتشرف بعبوديتها لله، ولا ترضى بالذل والاستعباد، ولا يعتريها الخوف أو الجبن، فلما وصل الجيش إلى مدينة كابول وفيهم محمد بن واسع مجاهدًا في المعركة، وقد كانوا عبَّادًا في المحراب، وخطباء على المنابر، ومفتون في المحافل، وحملة سيفٍ في الجهاد في سبيل الله ونوابغ في شتى العلوم، وكان قائد الجيش قتيبة بن مسلم القائد الشهير، فقال قتيبة قبل المعركة والناس مصطفون للقاء موعود الله، ولمناجزة أعداء الله، قال القائد قتيبة: ابحثوا عن محمد بن واسع، والتمسوه لي، فذهبوا يلتمسونه، فوجدوه قد شخص بطرفه إلى السماء، ورفع سبابته واتكأ على رمحه وهو يقول: يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت! اللهم انصُرنا عليهم، فلما رجعوا وأخبروا قتيبة بن مسلم، قال: نُصرنا وربِّ الكعبة، والله لإصبع محمد بن واسع خيرٌ عندي من ألف سيفٍ شهير، ومن ألف شابٍ طرير، لماذا؟ لأن النصر من عند الله، فلما بدأت المعركة نصر الله جنده على أعدائه؛ لأنهم صدقوا معه، وأخلصوا له الدعاء والإنابة، فأعطاهم ما تَمنَّوا من الشهادة والنصر والتمكين، ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى:17].


فالعبودية الحقة تعني الحركة لا الركود، وتعني الإيجابية لا السلبية، وتعني العدل لا الظلم، وتعني الاتباع لا الابتداع، وتعني الشجاعة والإقدام لا الخوف والجبن والنفاق...

 

كنا جبالًا في الجبال وربما
سرنا على موج البحار بحارَا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا
قبل الكتائب تفتح الأمصارَا
ندعو جهارًا لا إله سوى الذي
صنع الوجود وقدر الأقدارا
ورؤوسنا يا رب فوق أكُفِّنا
نرجو ثوابك مغنمًا وجوارَا
كنا نقدم للسيوف صدورنا
لم نخشَ يومًا غاشمًا جبارَا
وكأن ظل السيف ظلُّ حديقة
خضراء تنبت حولها الأزهارَا
كنا نرى الأصنامَ من ذهبٍ
فنَهدمها ونهدِم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها
كنزًا وصاغ الحُلي والدينارا

 

ومن ثمرات العبادة أنها تدفع صاحبها إلى القيام بالحق، ودفع الظلم ونشر العدل ولو على نفسه؛ لأنه يستشعر عظمة الله ويدرك مسؤوليته والأمانة التي تحملها، والقيم التي بُعث بها محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ويوم أن كنا عباد لله، وكانت أخلاق القرآن هي التي تحكم تصرفاتنا، فتحت لنا قلوب العباد وكثير من البلاد، وسَعِدت المجتمعات والأُمم..

 

ملكنا فكان العدلُ فينا سجيةً
فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ
وحلَّلتم قتل الأسارى وطالَما
غدونا على الأسرى نَمُنُّ ونصفَحُ
فحسبُكم هذا التفاوت بيننا
فكلُّ إناء بالذي فيه ينضحُ

 

فالعبودية لله حياة ونصر وتمكين وسعادة وراحة بال، وهي عدل وأخلاق وعزة، وهي كذلك نجاة من عذاب الله وسخطه، وهي فوز برضاه وجنته.


فاللهم وفِّقنا لعبادتك واستعملنا في طاعتك، قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.


الخطبة الثانية

عباد الله، من ثمرات العبادة أنها سبيل لصلاح المجتمع، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والعلم يزيد الخشية والخوف، والزكاة والصدقة تربي النفوس على التراحم والتعاطف والتكافل، والحج يربي المسلم على الاتباع وحسن العمل، والأخوة والاستعداد للدار الآخرة، وغير ذلك من العبادات والأعمال الصالحة، والصوم يهذب النفوس ويربِّيها على تقوى الله ومخافته؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لعلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)؛ (البخاري).


فإذا لم يُحدث الصيام للإنسان تلك التقوى، فإنه لم يحقق الغرض الذي شرعه الله من أجله، وها هو رمضان قد أقبل علينا وفيه يجد المسلم الكثيرَ من العبادات والطاعات؛ ليزيد من تقواه وخشيته لله، وإن خير زينة يتزين بها العبد لا تكون بملابسه الجميلة وذوقيَّاته الرفيعة، وكلامه الدقيق المنمق الواضح البيِّن، ولكنها التقوى خير زينة وخير لباس؛ قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [لأعراف:26]...

 

إذا المرءُ لم يلبَس ثيابًا من التقى
تقلَّب عريانًا وإن كان كاسيَا
وخيرُ لباس المرء طاعةُ ربه
ولا خير فيمَن كان لله عاصيَا

 

إن رمضان فرصة لتعمير القلوب بالتقوى والعمل الصالح، والمحروم مَن حُرم فيه الخير، ولم يتزوَّد منه ولم يعمل فيه أعمالًا تقرِّبه من ربه، وتسعده في دنياه وآخرته...

 

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
لقد أظلكشهرُ الصبر بعدهما
فلا تصيِّره أيضًا شهرَ عصيانِ

 

وشهر رمضان وغيره من مواسم الطاعات، فُرص يستغلها العباد في تحقيق العبودية لله بالنية الخالصة والعمل الصالح، وهم لا يفرِّطون في هذه المواسم لأهميتها، ولأنها قد لا تعود فتكون الحسرة والندامة، لَما نزل الموت بيزيد الرقاشي أخذ يبكي ويقول: من يصلي لك يا يزيد إذا متَّ؟ ومن يصوم لك؟ ومن يستغفر لك من الذنوب، ثم تشهَّد ومات، ونحن نقول من يصلي لك أيها المسلم ومن يصوم ويزكي، وينفق عنك إذا لم تقم أنت بذلك، وتستغل نفحات الرحمن ورياح الإيمان في شهر رمضان.


فاللهم يا سامع الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا غافر الزلات، اجعلنا من عبادك التائبين، ولا تردَّنا عن بابك مطرودين، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وبلِّغنا رمضان ووفِّقنا للصلاة والصيام والقيام، واكتُب لنا الرِّضوان.


هذا وصلُّوا وسلِّموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب:56].


اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 19/9/1432 هـ - أسرار العبودية في رمضان
  • رمضان جباه ساجدة وأيد منفقة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ثمار الإخلاص اليانعة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ثمار الشهر في ليلة القدر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ثمار الرضا بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقسام العبودية: عبودية الاختيار والانقياد والطاعة والمحبة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من أقسام العبودية: عبودية الغلبة والقهر والملك(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • من ثمار الاعتراف عند الأشراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ندوة علمية بعنوان: ثمار الإيمان بمسجد كوبليك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من ثمار الإنفاق في سبيل الله(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • ثمار الإيمان باليوم الآخر(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ثمار عائدة على ولد مريم عيسى عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب