• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

حكمة إدالة الكافرين (خطبة)

حكمة إدالة الكافرين (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2023 ميلادي - 13/4/1445 هجري

الزيارات: 9906

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حِكمة إدالة الكافرين

 

الحمدُ للهِ ناصرِ المؤمنين، وماحقِ الكافرين، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ مخلصاً له الدينَ، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.

 

أما بعدُ، فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، ﴿ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]...

 

أيها المؤمنون!

مداولةُ الحقِّ والباطلِ، وتقليبُ النصرِ والهزيمةِ بينهما سنةٌ ربانيةٌ لا تتخلَّفُ، كما قال -تعالى-: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140].

 

فيومٌ ‌لنا ويومٌ علينا
ويومٌ نُساءُ ويومٌ نُسَرّ

هذا، وإنّ من أشقِّ مواطنِ امتحانِ الإيمانِ، وأشدِّها وَقْعاً على النفسِ فتنةَ إدالةِ الكافرين على المؤمنين، وظهورِهم عليهم، وتسلطِهم عليهم بالقتلِ والتهجيرِ والتشريدِ والاحتلالِ ونَهْبِ الثرواتِ ومصادرةِ الحقوقِ، ومشاهدِ المظالمِ من أشلاءِ الأطفالِ والأبرياءِ ودموعِ المستضعَفين مع قلةِ الحيلةِ والهوانِ على الناسِ؛ مما يَجْلِبُ الشيطانُ به على المؤمنِ شدةَ الحزنِ واليأسِ، والتشكيكَ في وعدِ اللهِ بنصرِ المؤمنين وعدمِ جعْلِه للكافرين سبيلاً عليهم، ويتخذُها الكفارُ ذريعةً لإظهارِ أحقيةِ باطلِهم وإبطالِ حقِّ المؤمنين، كما فسّرَ مجاهدٌ دعاءَ إبراهيمَ -عليه السلامُ- وأتباعِه الواردَ في قولِه -تعالى-: ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الممتحنة: 5] أي: " لا تعذِّبْنا بأيديهم، فيقولون: لو كان هؤلاءِ على الحقِّ ما أصابَهم هذا ". وذلك ما يدعو إلى بيانِ حكمةِ اللهِ البالغةِ من إدالةِ الكافرين، وفقِهها، وأنّ تلك الإدالةَ إرهاصٌ بين يديْ مَقْدَمِ النصرِ المبينِ، والألمُ الذي لا بدَّ من تجرُّعِه في تِرْياقِ المعالجةِ، والجراحةُ التي يستوجبُها تطهيرُ فسادِ الجُرْحِ. وقد أبانَ اللهُ تلك الحكمةَ في آياتِ سورةِ آلِ عمرانَ التي عالجتْ أزمةَ الهزيمةِ التي مُنِيَ بها المسلمونَ في غزوةِ أُحدٍ، وواستْ جراحَهم، وأنارتْ بصيرتَهم لرؤيةِ الوجهِ المُشْرِقِ للبلاءِ؛ لتكونَ بصيرةً للمؤمنين في فتنةِ إدالةِ الكافرين الدهرَ كلَّه؛ يقولُ -سبحانه-: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 140-141]؛ بإدراكِ هذه الغاياتِ الأربعِ؛ تمييزِ الصفِّ الإيمانيِّ، واصطفاءِ الشهداءِ، وتنقيةِ القلوبِ والذنوبِ، ومَحْقِ الكافرين- يفقهُ المؤمنُ حكمةَ الحكيمِ العليمِ من إدالةِ الكافرين، ويطمئِنُّ لما يطويه هذا البلاءُ العظيمُ من خيرٍ عظيمٍ؛ إذ ذاك تقديرُ العزيزِ الحكيمِ، ومَن بيدِه مقاليدُ الأمورِ، وإليه عاقبتُها، القائلِ: ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4].

 

عبادَ اللهِ!

إنّ من شأنِ إدالةِ الكافرين تبيُّنَ العدوِّ من الوليِّ؛ ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [آل عمران: 140]؛ وذلك بتنقيةِ الصفِّ المؤمنِ من شوائبِ دُخلاءِ النفاقِ الذين طالما اندسُّوا في سَوادِ المؤمنين واتخذوا الدِّينَ مُسُوحاً وتاجروا في قضاياه وهمْ ألدُّ أعدائه؛ عقابيلُ نصرٍ، وأدواتُ تخذيلٍ وإرجافٍ، وعينُ العدوِّ، والمُعِينُ له. واللهُ -سبحانه- يَعْلَمُ المؤمنين والمنافقين، ولكنّ الأحداثَ ومداولةَ الأيامِ بين الناسِ تكشفُ المخْبوءَ، وتجعلُه واقعاً في حياةِ الناسِ، وتحوِّلُ الإيمانَ إلى عملٍ ظاهرٍ، وتحوِّلُ النفاقَ كذلك إلى تصرفٍ ظاهرٍ، كما قال -تعالى-: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ﴾ [آل عمران: 166، 167]، وقال: ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ [آل عمران: 179]. قال ابنُ تيميةَ: " فمِن الحِكمِ تمييزُ المؤمنِ عن غيرِه؛ فإنهم إذا كانوا دائماٍ منصورين لم يَظهرْ لهم وليُّهم وعدوُّهم؛ إذِ الجميعُ يُظْهِرون الموالاةَ، فإذا غُلِبوا ظهرَ عدوُّهم ". قال بعضُ السلفِ: " الفتنُ ‌حصادُ ‌المنافقين". وبتمييزِ الصفِّ وتنقيتِه تتأهَّلُ الأمةُ لنيلِ كرامةِ الخيريةِ من اللهِ، وتغدو أهلاً لنزولِ نصرِه، والائتمانِ على رسالتِه؛ وذلك من أعلى مقاماتِ الاصطفاءِ.

 

عبادَ اللهِ!

واصطفاءُ الشهداءِ من غاياتِ إدالةِ الكافرين؛ ﴿ وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ﴾ [آل عمران: 140]؛ إذ من شأنِ ظهورِ الكافرين تسلطُهم على المؤمنين بالقتلِ؛ إذ هم لا يَرْقُبون في مؤمنٍ إلَّاٍ ولا ذمةً، والشهادةُ في سبيلِ اللهِ أشرفُ الميتاتِ ذاتِ النُّزُلِ العليِّ؛ ولذا عبَّرَ اللهُ عنها بالاتخاذِ الذي يَحوي في معانيه الاجتباءَ والرضا والمحبةَ وأنه من خاصةِ الشأنِ؛ فقد جعلَ لها من الفضلِ ما جعلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتمنى حصولَها له مراتٍ لو أمكنَه ذلك؛ لعظيمِ كرامتِها: " لَوَدِدْتُ أَنِّي أقتَل فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثمَّ أُحْيَا ‌ثمَّ ‌أقتَل، ثمَّ أُحْيَا ‌ثمَّ ‌أقتَل، ثمَّ أُحْيَا ‌ثمَّ ‌أقتَل " رواه البخاريُّ. فمِن تُحَفِ الشهيدِ حياةُ الكرامةِ ونعيمُ الفرحِ في البرزخِ الذي لا يكونُ إلا له، ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 - 171]. وسِتٌّ من تحفِ الشهيدِ جلّاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقولِه: " ‌لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ ‌سِتُّ ‌خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ، اليَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الحُورِ العِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ": رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. ومنزلُ الشهيدِ في الجنةِ في أعلى المنازلِ مع النبيين والصديقين: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]. فما قدْرُ البقاءِ في الدنيا وهذه التحفُ تنتظرُ الشهيدَ؟ وما عند اللهِ خيرٌ للأبرارِ. سيِّما وأنّ مِيتةَ الشهيدِ أخفُّ المِيتاتِ ألماً، يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "ما يجدُ الشهيدُ من مسِّ القتلِ، إلا كما يجدُ أحدُكم من مسِّ القرْصةِ" رواه الترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ.

 

أيها المسلمون!

وتمحيصُ الإيمانِ وتجليةُ حقائقِه في القلوبِ، وتطهيرُ المؤمنِ من الذنوبِ من حِكم إدالةِ الكافرين؛ ﴿ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [آل عمران: 141]؛ فالتمحيصُ منزلةُ تنقيةٍ أخرى تكونُ مع تنقيةِ الصفِّ وتمييزِه. ومن شأنِ هذا التمحيصِ والتطهيرِ ثباتُ الإيمانِ في القلبِ، وظهورُ حقائقِه في الواقعِ؛ بحصولِ الانكسارِ بين يديِ اللهِ، وإظهارِ الافتقارِ إليه، وقوةِ التعلقِ به، وموالاةِ المؤمنين لبعضِهم، وحَدَبِهم على بعضٍ، وانتصارِهم لبعضٍ بالدعاءِ والتوجُّعِ وسائرِ وجوهِ النصرةِ الممكنةِ، وبغضِهم لأعادائهم، وجهادِهم؛ وذاك من أجلِّ مقاصدِ إدالةِ الكافرين التي يغيّر اللهُ بها الحالَ؛ إذ لو دامَ النصرُ لأهلِ الإيمانِ لحصلَ لهم من الطغيانِ وضعفِ الإيمانِ ما يُوجِبُ لهم العقوبةَ والهوانَ، كما قال -تعالى-: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7]. وذاك التمحيصُ من أعجلِ ما يُنزِلُ اللهُ به جبْرَه ونصرَه، ويجيبُ به الدعاءَ. قال ابنُ تيميةَ: " وقد شهدنا أنّ العسكرَ إذا انكسرَ؛ خشعَ للهِ وذلَّ، وتابَ إلى اللهِ من الذنوبِ، وطلبَ النصرَ من اللهِ، وبرئَ من حولِه وقوتِه متوكلاً على اللهِ ". قال ابنُ القيمِ: " لَمَّا انْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ أُرْسِلَتْ إِلَيْهَا خِلَعُ الْجَبْرِ مَعَ بَرِيدِ النَّصْرِ، ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 26]، وَقَدِ اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ أَنَّ خِلَعَ النَّصْرِ وَجَوَائِزَهُ إِنَّمَا تَفِيضُ عَلَى أَهْلِ ‌الِانْكِسَارِ، ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5-6]".

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.

أما بعدُ. فاعلموا أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...

أيها المؤمنون!

واستطالةُ الكفارِ بالإدالةِ من أسبابِ محقِهم وفنائِهم؛ وذاك من مقاصدِ إدالتِهم على المؤمنين ؛ ﴿ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 141] محقاً يبدأُ -غالباً- بالنقصِ منهم شيئاً فشيئاً حتى تَحِقَّ عليهم كلمةُ العذابِ؛ فيعذِّبَهمُ اللهُ بعذابٍ من عنده أو بأيدي المؤمنين؛ فيكونَ هلاكُهم، وتمامُ الهَلَكةِ حين يُصْلَونَ في نارِ الجحيمِ خالدين فيها أبداً، وذلك الخزيُ العظيمُ. وقد ذكر ابنُ القيمِ: " أَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- إذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ أَعْدَاءَهُ وَيَمْحَقَهُمْ قَيَّضَ لَهُمُ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا هَلَاكَهُمْ وَمَحْقَهُمْ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا -بَعْدَ كُفْرِهِمْ- بَغْيُهُمْ وَطُغْيَانُهُمْ، وَمُبَالَغَتُهُمْ فِي أَذَى أَوْلِيَائِهِ، وَمُحَارَبَتِهِمْ وَقِتَالِهِمْ وَالتَّسَلُّطِ عَلَيْهِمْ، فَيَتَمَحَّصُ بِذَلِكَ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَعُيُوبِهِمْ، وَيَزْدَادُ بِذَلِكَ أَعْدَاؤُهُ مِنْ أَسْبَابِ مَحْقِهِمْ وَهَلَاكِهِمْ ". وبعدُ -أيها المؤمنون-؛ فإنّ سُنَّةَ الإدالةِ سنةٌ مطَّردةٌ مع الأنبياءِ قاطبةً؛ عُقباها انتصارُ الحقِّ وظهورُه، وزهوقُ الباطلِ وهلاكُه، كما سألَ هرقلُ أبا سفيانَ: عن محاربتِهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم ومسالمتِهم، فأخبرَه أنه في الحربِ تارةً يَغلبُ وتارةً يُغلبُ، فقال لهم: وسألتُكم: كيف الحربُ بينكم وبينه؟ فقلتم: إنّها دُوَلٌ؛ يُدالُ علينا المرَّةَ، ونُدال عليه الأخرى؛ وكذلك الرسلُ تُبتلى وتكونُ العاقبةُ لها (رواه البخاري). وقد أبانَ اللهُ -سبحانه- حكمتَه منها بهذه الغاياتِ الأربعِ؛ فما على المؤمنِ إلا اليقينُ بحكمةِ اللهِ؛ ليَكشِفَ له نورُ هذا اليقينِ حقائقَ الخيرِ التي انطوى عليها هذا القدَر وإن بدا ظاهرُه مؤلِماً، ويُبَصّرَه بطريقِ النجاةِ من تسلطِ الكافرين. قال ابنُ البقَّالِ: " كنتُ بمصرَ، فبلغني ما وقعَ من القتلِ الذَّريعِ ببغدادَ في فتنةِ التَّتارِ، فأنكرتُ في قلبي وقلتُ: يا ربِّ، كيف هذا وفيهمُ الأطفالُ ومن لا ذنبَ له؟! فرأيتُ في المنامِ رجلاً وفي يدِه كتابٌ، فأخذتُه فقرأتُه، فإذا فيه هذه الأبياتُ، فيها الإنكارُ عليَّ:

دعِ الاعتراضَ فما الأمرُ لك
ولا الحُكْمُ في حركاتِ الفلك
ولا تسألِ اللهَ عن فعلِه
فمَن خاضَ لُجَّةَ بحرٍ هلك
إليه تصيرُ أمورُ العباد
دعِ الاعتراضَ فما أجهلَك

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيد الكافرين (خطبة)
  • البراءة من الكافرين

مختارات من الشبكة

  • درس في حكم موالاة الكافرين (WORD)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • رسالة في حكم الاحتفال والتهنئة بأعياد الكافرين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم من لم يكفر الكافر وحكم تكفير المعين وغيره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم دخول العمالة الكافرة إلى المساجد، وحكم إعطاء الكافر من زكاة المال(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أول يوم في القبر حسرة وندامة على الكافرين وسرور وبشر للمؤمنين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكمة من بعض أنواع النسخ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا لا يعاقب الله الكافرين والظالمين فورا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب