• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خير المواعظ ما نفع

خير المواعظ ما نفع
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/9/2023 ميلادي - 21/2/1445 هجري

الزيارات: 14282

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خير المواعظ ما نفع

 

الحمدُ للهِ الذي كان بعباده خبيرًا بصيرًا، و﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: 1-2]، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾ [الإسراء: 44]، والصَّلاةُ والسَّلامُ على من بَعثهُ اللهُ تباركَ وتعالى هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا منيرًا، ﷺ وباركَ وأنعمَ عليه، وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبْرارِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:

فاتقوا الله عباد اللهِ، اتقوا الله، فلا عزَّ أرفعَ من التقوى، ولا زينَ أجملَ من العقل، ولا كنزَ أنفعَ من العلم، ولا عيبَ أسوءَ منَ الكَذِب، ولا حافظَ أسلمَ من الصمتِ، ولا غائبَ أقربَ من الموت، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282].

 

خيرُ الكلامِ آياتُ القرآن، وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ عليه الصلاة والسلام، وخيرُ المواعظِ ما نفع، ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: 55].

 

أيها المسلمون:

الدُّنْيا أَمَدٌ قَصير، والآخِرةُ أَبدٌ طَويْل، والْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ، واللياليَ والأيام، تَنتَقصُ الأَعْمارَ، وتقربُ الآجالَ، وإنَّما أنت أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ ذَهَبَ بَعْضُك.. فالكيِّسُ من دانَ نفسهُ وعمِلَ لما بعدَ الموت، والعاجزُ من اتبعَ نفسهُ هواها، وتمنَّى على الله الأماني، ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [غافر: 39-40].

 

مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ أَحَبَّهُ، ومَنْ تَذَكَّر نِعَمَهُ استحى مِنه، وَمَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الدُّنْيَا زَهِدَ فِيهَا، ومَنْ آمَنَ بِالآخِرةِ اسْتَعَدَّ لَها، ومن تابَ وأناب، تابَ اللهُ عليه، ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11].

 

أحبتي في الله: الزمانُ وأوقاته، ومواهبُ الأنسانِ وطاقاته.. هبةُ الله لعباده، لينظرَ كيفَ تعملون، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك: 2].

 

من تعلقَ بزخرف الدنيا، فقَدَ لذةَ المناجاة، ومن كثرت في الدنيا آماله، ضعُفَ شوقهُ إلى الجنة.. والمرءُ حيثُ يجعلُ نفسهُ، فإنْ رفعها ارتفعتْ، وإنْ وضعها اتَّضَعتْ.. والعاقلُ لا يرى لنفسه ثمنًا دونَ الجنةِ.. ومن عرفَ ما يطلب، هانَ عليه ما يبذل، ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46].

 

صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ.. وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ.. وتعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ.. وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.. ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾ [القصص: 77]، ﴿ومَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40].. و﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام: 160].

 

وما لم تكن قد وهبتَ نفسكَ لغايةٍ عظيمةٍ، فحياتُك لم تبدأَ بعدُ.. وكم هي خسارةٌ عظيمةٌ، أن يُسخِّرَ المرءُ مواهبهُ وقدراته الغالية، من أجل اهتماماتٍ تافهة، ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 122].

 

وَمَنْ أيقنَ أَنَّ حَصَادَ لِسانهِ، وحصيلةَ كلامهِ، هو أَعظَمُ ما يُوضعُ يومَ القيامةِ في مِيزانَه، فسيكونُ للسانِه حَافِظًا، وَلَهُ مراعيًا ومراقبًا، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: 10]، وفي الحديث الصحيح: "وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم".. و«مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».. وَوالله ما نالَ كَرِيمٌ بَيْنَ الأنامِ كرامَةً، ولا حظيَ بين الناسِ بجميل مكانةٍ، إلا وكانَ لِسانهُ من أعظم الأسباب.. فطوبي لكل لسانٍ طيب.

 

ويا أهل الجوالات: الجوالُ نِعمَةٌ أو نِقمةٌ، فاتقوا الله في جوالاتكم، فَما مِنْ كَاتِبٍ إِلا سَيَفنَى.. ويُبْقِي الدَهرُ ما كَتَبتَ يَداهُ.. فَلا تَكتُب بِكَفِّكَ غَيرَ شَيءٍ.. يَسُرُّكَ فِيْ القِيامةِ أَنْ تَراهُ، ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: 29].

 

أيها المؤمنون:

أعزُّ ما على المؤمن سلامةُ دينِه، وثباتهُ على الإيمان، ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف: 43].. وما من شيءٍ أخطرَ على الدين من الفتن، في الحديث الصحيح: إنَّ السعيدَ لمن جُنّب الفتن.. وفي محكم التنزيل: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [القصص: 55].

 

من تواضعَ لله رفعَهُ، ومن تكبرَ على الله وضعَهُ، ومن كان مع الله، كان اللهُ معَهُ.. وإذا أردت أن تعرفَ قدرك عندَ اللهِ ومقامَك، فانظر فيما شغلَك وأقامك، ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: 48].

 

ثم اعلموا أنَّ الانسانَ لن ينتصرَ على نفسه، ولن يغيرها للأفضل، إلا بحُسن الخلق، فعليكم به.. فأكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا.. وما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ.. و ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]، ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34].. وإذا كنت ذا رأيٍ فكُنْ ذا عَزيمةٍ.. فإنًّ فَسادَ الرأيِ أنْ تَتردَّدا.. وفي الحديث الصحيح: "المؤمِنُ القويُ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضعِيفِ، وفي كُلٍّ خيرٍ".. فخُذ قرارك، واعزم عزيمةً جادة، واجعل نيتكَ في الخير حاضرة ودائمة، فنيةُ المؤمنِ خيرٌ من عمله.. ومن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كُتبت له حسنةٌ كاملة، ومن عمِلها كُتبت له حسنةٌ مضاعفة.. ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].

 

من نظرَ في العواقب نجا، ومن أطاعَ النفسَ والهوى، تردى وهوى، وضلَّ وغوى.. ومن سلكَ طريقًا يلتمسُ فيه علمًا سهّل الله لهُ به طريقًا إلى الجنة، وخيركم من تعلّمَ القرآنَ وعلَّمه.. وأحبُّ الأعمالِ إلى الله أدوَمُها وإن قلّ.

 

فاستبقوا الخيرات قبل فواتها، وحاسبوا أنفسكم على زلاتها، وأخلصوا عملكم للحي القيوم، وسدِّدوا وقاربوا، والقصدَ القصدَ تبلغوا، ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾.. ﴿ومَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80].

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 100].. اتقوا الله وكونوا مع الصادقين، وأحسنوا إنَّ اللهَ يحبُّ المحسنين، ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال: 21]..

 

معاشر المؤمنين الكرام:

سيقفُ كلٌّ مِنَّا أمامَ ربهِ عاريًا حافيًا.. يُختمُ على فمهِ، وتتكلَّمُ جوارحهُ، فتهيأ يا عبدالله لهذا الموقفِ العصيب، فالسعِيدُ الموفق، من استعدَ للقاءِ ربِّهِ ومولاهُ، وجدَّ في مُحاسَبةِ نفسِهِ، وإصلاحِ ما اجْترَحتهُ يَدَاه، والعَاجِزُ مَن انساقَ مع نفسهِ وهَواه، وانقَادَ لهما وللشيطانِ فاردياهُ، ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ [الزمر: 56]..

 

احْرِصْ يا عبدالله علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، فوالله إِنَّهُ لتَوفِيقٌ عظيمٌ، وفضلٌ كبير، أن يهبَ اللهِ تعالى لعبده المؤمن أُذُنًا تعي وتَسمَعُ، وَقَلبًا يَخشَى وَيَخشَعُ، ونفسًا ترعوي وتُقلِع.. تأمَّل قوله جَلَّ وَعَلا: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر:17- 18]..

 

اجتهدوا يا عباد اللهِ في إخلاص العملِ لله.. فالإخلاص: هو ما لا يعلمهُ ملَكٌ فيكتبَه، ولا عدوٌ فيفسِدَه، ولا مُعجبٌ فيمدحَه.. واعلموا أنَّ عظيمَ الهمةٍ لا يُفكرُ بملءِ وقتهِ بالحسناتِ فقط، بل وبأنْ لا تتوقفَ حسناتهُ من بعد موتهِ.. جاءَ في صحيح مُسلمٍ قال ﷺ: إذا ماتَ ابن آدمَ انقطعَ عملهُ إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له..

 

وإذا علمتَ يا عبد الله، أنك محاسَبٌ على أوقاتِك، مُسجلةٌ عليكَ جميعُ أقوالِك وأفعالِك، فاحرص على ما ينفعُك، واترك ما لا يعنيك، ودعْ ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك، ففي الحديث الصحيح: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا"..

 

وثَق يا عبدالله بربك، فما مَنعك إلا ليُعطِيك، ولا ابتلاك إلا ليُعافِيك، ولا امتحنك إلا ليَصطفِيك.. وأعلم أنَّك لن تنالَ ما تُحبَّ، إلا بترك ما تشتهي، ولن تُدرك ما تؤمِّل، إلا بالصبر على ما تكره، ولن تنالَ ما عند اللهِ، إلا بطاعته جلَّ في علاه، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96]..

 

أخي المبارك: عِمَارةُ القلبِ بالذكرِ والخشيةِ، وخرابهُ بالأمن والغفلةِ.. وإن استطعَت أن تلقَى ربَّك سليمًا من حقوق الناس فافعَل، فذلك والله فوزٌ عظيم، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 52].

 

وإذا سمعتَ الكلمةَ تؤذيك فطأطئ لها حتى تتخطاك.. وإذا أردت أن تكون مُنصفًا: فأَحبِب لغيرِكَ ما تُحبُّ لنفسِك، واكره لهُ ما تكرهَهُ لها.. وبقدر ما يصغرُ الذنبُ عندك، يعظمُ عند الله، وبقدر ما يعظمُ الذنبُ عِندك، يصغرُ عند الله.. ومن منعَ نفسهُ هواها، سلِمَ من الدنيا وبلاياها.. ومن اشتغلَ بعيب نفسهِ، شُغلَ عن عيبِ غيره.. ومن لانت كلمتهُ، وجبت محبّتهُ.. وعلى قدرِ نيةِ العبدِ وهمَّتهِ، يكونُ توفيقُ اللهِ لهُ وإعانتهُ.. ومن عابَ أخاهُ بذنبٍ، لم يمُت حتى يفعلَهُ.. ومن طالَ أملهُ ساءَ عمله، ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب﴾ [ص: 26].

اصبرْ على حُلو القضاء ومرّه
واعلم بأنَّ الله بالغُ أمرهِ
وتجنبِ الفحشاءَ لا تنطِق بها
من قالَ شيئًا قِيلَ فيهِ بمثلهِ
في محكم التنزيلِ بيَّنَ ربُنا
من يعمل المعروفَ يُجزَ بمثله

 

وقال تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [القصص: 84].

 

وتذكر أيها المبارك: أنك لن تأخذَ معك سوى عملُك، ولن يبقى مِنك إلا سمعتُك وذكرُك.. فاجتهد في إصلاح عملِك، وتحسينِ خُلقِك.. واشتغل بذِكْر الله؛ فإنَّهُ خيرُ الأعمال، والْزَم الصِّدْقَ، فإنّ الله مع الصادقين، واحذر الكَذِبَ فإن المؤمنَ لا يكذب، وصِل رحمك، وأحسِن إلى جيرانك، تكُن مِن المحسنين، الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97].

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أدب الوصايا والمواعظ
  • المواعظ القرآنية
  • مواعظ القرآن الكريم أعظم المواعظ
  • الزلازل من أعظم المواعظ
  • مواعظ ومواقف

مختارات من الشبكة

  • خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف الوعظ والموعظة وضابطها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دوام الخير بعد شهر الخير (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خير الزاد إلى يوم المعاد من غير الفريضة على هدي خير العباد (باللغة التركية PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خيركم خيركم لأهله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: "خيركم خيركم لأهله"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختموا شهر الخير بخير ما تجدون (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يا باغي الخير.. بادر بالخير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب