• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أفشوا السلام
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خشية الله تعالى بالغيب

خشية الله تعالى بالغيب
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2022 ميلادي - 29/4/1444 هجري

الزيارات: 32757

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خشية الله تعالى بالغيب

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: إِذَا عَمَرَ قَلْبُ الْعَبْدِ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ؛ فَإِنَّ مُرَاقَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَخَوْفَهُ وَخَشْيَتَهُ تَكُونُ حَاضِرَةً فِي حَيَاتِهِ جَمِيعِهَا، وَتَحْكُمُ تَصَرُّفَاتِهِ كُلَّهَا، كَبِيرَهَا وَصَغِيرَهَا، جَلِيلَهَا وَحَقِيرَهَا، كَثِيرَهَا وَقَلِيلَهَا. وَيَبْلُغُ صَاحِبُهَا أَعْلَى دَرَجَاتِ الدِّينِ، وَهِيَ دَرَجَةُ الْإِحْسَانِ وَهُوَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ عِدَّةٌ تَزْرَعُ مُرَاقَبَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَخَشْيَتَهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْمِنُ بِالْغَيْبِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهِ رَقِيبٌ. وَالْخَشْيَةُ هِيَ: «تَأَلُّمُ الْقَلْبِ بِسَبَبِ تَوَقُّعِ مَكْرُوهٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، يَكُونُ تَارَةً بِكَثْرَةِ الْجِنَايَةِ مِنَ الْعَبْدِ، وَتَارَةً بِمَعْرِفَةِ جَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَيْبَتِهِ».

 

وَمَنْ خَشِيَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْغَيْبِ فَقَدْ حَقَّقَ كَمَالَ الْإِيمَانِ وَكَمَالَ التَّقْوَى، وَانْتَفَعَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النُّورِ والْهُدَى ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 48-49]. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «الْإِيمَانُ إِيمَانُ مَنْ خَشِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِالْغَيْبِ، وَرَغِبَ فِيمَا رَغَّبَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ، وَتَرَكَ مَا يُسْخِطُ اللَّهَ تَعَالَى، ثُمَّ تَلَا الْحَسَنُ: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فَاطِرٍ: 28]».

 

وَالَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْغَيْبِ هُمُ الْوَاعُونَ لِآيَاتِ الْإِنْذَارِ، الْمُجْتَنِبُونَ مَوَاضِعَ السُّخْطِ وَالْعَذَابِ؛ ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ﴾ [فَاطِرٍ: 18]، وَهُمُ الْمَوْعُودُونَ بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ؛ ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ* وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 13-14]، وَهُمُ الْمُبَشَّرُونَ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَجْرِهِ؛ ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [يس: 11]، وَأَجْرُهُمْ كَبِيرٌ عَظِيمٌ؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الْمُلْكِ: 12]، وَهُمُ الْأَوَّابُونَ الْمُنِيبُونَ، وَقَدْ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لَهُمْ؛ ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 31 - 33]، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَنَّتَانِ، هِيَ أَعْلَى الْجِنَانِ، كَمَا وَصَفَهَا الرَّحْمَنُ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 46]، إِلَى أَنْ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرَّحْمَنِ: 60]. وَعَلَامَتُهُمْ أَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَهْوَائِهِمْ، وَلَا يَنْتَهِكُونَ حُرُمَاتِهِ فِي خَلَوَاتِهِمْ؛ ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النَّازِعَاتِ: 40-41]. فَإِيمَانُهُمْ بِالْغَيْبِ دَفَعَهُمْ إِلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبِ، وَخَشْيَتِهِ بِالْغَيْبِ. وَإِلَّا فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَسْتَحْيُونَ مِنْ مُقَارَفَةِ الْمَعَاصِي أَمَامَ النَّاسِ، لَكِنَّ الشَّأْنَ شَأْنُ الْعَافِّينَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْخَلَوَاتِ، قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ: «اتَّقِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَهْوَنَ النَّاظِرِينَ إِلَيْكَ». وَفِي الدُّعَاءِ الصَّحِيحِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ». قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «فَأَمَّا خَشْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَالْمَعْنِيُّ بِهَا أَنَّ الْعَبْدَ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى سِرًّا وَإِعْلَانًا، وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَرَى أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى فِي الْعَلَانِيَةِ وَفِي الشَّهَادَةِ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْغَيْبِ إِذَا غَابَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ».

 

وَمَنْ خَشِيَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْغَيْبِ؛ صَانَ نَفْسَهُ عَنِ الْعَيْبِ، وَبَاعَدَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَوَاطِنِ الذُّلِّ، وَحَفِظَ لَهَا قَدْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ الْخَلْقِ، قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصِيبُ الذَّنْبَ فِي السِّرِّ فَيُصْبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّةٌ».

 

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «لِيَكُنِ اسْتِحْيَاؤُكَ مِنْ نَفْسِكَ أَكْثَرَ مِنَ اسْتِحْيَائِكَ مِنْ غَيْرِكَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ عَمِلَ فِي السِّرِّ عَمَلًا يَسْتَحِي مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عِنْدَهُ قَدْرٌ».

 

وَإِنَّمَا أَنْقَصَ قَدْرَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يُوجِبُ سُخْطَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإِذَا سَخِطَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ أَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ، وَأَسْقَطَ قَدْرَهُ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَلَا يَمْلِكُ الْقُلُوبَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضْهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، قَالَ: فَيُبْغِضُونَهُ، ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الْأَرْضِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «حَذَرَ امْرُؤٌ أَنْ تُبْغِضَهُ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ»، فَسَأَلَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ دَاوُدَ بْنَ مِهْرَانَ فَقَالَ: «أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: الْعَبْدُ يَخْلُو بِمَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيُلْقِي اللَّهُ تَعَالَى بُغْضَهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ».

 

وَكَتَبَ ابْنُ السَّمَّاكِ نَصِيحَةً لِأَخٍ لَهُ فَكَانَ مِمَّا قَالَ فِيهَا: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ نَجِيُّكَ فِي سَرِيرَتِكَ، وَرَقِيبُكَ فِي عَلَانِيَتِكَ، فَاجْعَلِ اللَّهَ تَعَالَى فِي بَالِكَ عَلَى حَالِكَ، فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ، وَحِبَّ اللَّهَ تَعَالَى بِقَدْرِ قُرْبِهِ مِنْكَ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْكَ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ بِعَيْنِهِ لَيْسَ تَخْرُجُ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَى سُلْطَانِ غَيْرِهِ، وَلَا مِنْ مُلْكِهِ إِلَى مُلْكِ غَيْرِهِ؛ فَلْيَعْظُمْ مِنْهُ حَذَرُكَ، وَلْيَكْثُرْ مِنْهُ وَجَلُكَ».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا خَشْيَتَهُ بِالْغَيْبِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يَخَافُ مَقَامَهُ، وَنَعُوذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ مُوجِبَاتِ سَخَطِهِ وَعُقُوبَتِهِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةٍ، فَإِمَّا أَنْ يَتَشَرَّفَ بِخَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَيُرَاقِبَهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ؛ فَيُعِزَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَرْفَعَ شَأْنَهُ، وَيُعْلِيَ مَقَامَهُ، وَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ. وَإِمَّا أَنْ يَسْتَنْكِفَ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيُذِلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَحُطَّ مَكَانَهُ، وَيُسَلِّطَ عَلَيْهِ خَلْقًا يَخْشَاهُمْ؛ وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ عَنْ خَشْيَةِ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ أَوْ نَتِيجَةٌ لِعَدَمِ خَشْيَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 3]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 13]، وَأَخْبَرَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ﴾ [النِّسَاءِ: 77]. وَلِأَنَّ مَقَامَ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَقَامٌ عَلِيٌّ يَتَحَقَّقُ بِهِ الْإِحْسَانُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الدِّينِ؛ كَانَ عَسِرًا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النُّفُوسِ الْمَيَّالَةِ لِلْمَعَاصِي فِي الْخَلَوَاتِ، قَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: «أَشَدُّ الْأَعْمَالِ ثَلَاثَةٌ: الْجُودُ فِي الْقِلَّةِ، وَالْوَرَعُ فِي الْخَلْوَةِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ عِنْدَ مَنْ يُخَافُ مِنْهُ وَيُرْجَى».

 

وَمِمَّا يُعِينُ الْمُؤْمِنَ عَلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبِ: «قُوَّةُ الْإِيمَانِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ... وَالنَّظَرُ فِي شِدَّةِ بَطْشِهِ وَانْتِقَامِهِ وَقُوَّتِهِ وَقَهْرِهِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ لِلْعَبْدِ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لِمُخَالَفَتِهِ، كَمَا قَالَ الْحَسَنُ: «ابْنَ آدَمَ، هَلْ لَكَ طَاقَةٌ بِمُحَارَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ مَنْ عَصَاهُ فَقَدْ حَارَبَهُ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «عَجِبْتُ مِنْ ضَعِيفٍ يَعْصِي قَوِيًّا». وَمِنْهَا: قُوَّةُ الْمُرَاقَبَةِ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَرَقِيبٌ عَلَى قُلُوبِ عِبَادِهِ وَأَعْمَالِهِمْ، وَأَنَّهُ مَعَ عِبَادِهِ حَيْثُ كَانُوا، كَمَا دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 108]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الْحَدِيدِ: 4]، فَيُوجِبُ ذَلِكَ الْحَيَاءَ مِنْهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ».

 

وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبِ: الْعِلْمُ بِأَنَّ ثِقَلَ الطَّاعَاتِ، وَالْكَسَلَ عَنِ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، وَضَعْفَ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ؛ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ ذُنُوبِ الْخَلَوَاتِ. وَلَوْ تَرَكَهَا الْعَبْدُ لَوَجَدَ مِنْ حَلَاوَةِ تَرْكِهَا أَضْعَافَ مَا قَدْ يَجِدُ مِنْ لَذَّتِهَا، مَعَ مَا يَجِدُهُ مِنْ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ، وَلَذَّةِ الْعِبَادَةِ، وَالنَّشَاطِ فِيهَا.

 

وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْغَيْبِ: أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ الْمَوْتَ قَدْ يُفَاجِئُهُ وَهُوَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِسُوءِ عَمَلِهِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ بُعِثَ عَلَيْهِ. وَأَنْ يَتَذَكَّرَ أَنَّ أَيَّ شَهْوَةٍ تُغْرِي الْعَبْدَ فَإِنَّهَا تَزُولُ سَرِيعًا وَيَبْقَى إِثْمُهَا. بَلِ الدُّنْيَا كُلُّهَا بِشَهَوَاتِهَا وَزَخَارِفِهَا إِلَى زَوَالٍ، وَأَنَّهَا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 185].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البكاء من خشية الله
  • عين بكت من خشية الله
  • بكاء عائشة رضي الله عنها من خشية الله
  • لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله
  • رأس العلم خشية الله جل جلاله
  • خشية الله والخوف منه (خطبة)
  • فضل البكاء من خشية الله وذكر الموت

مختارات من الشبكة

  • ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ممارسة العادة على الإنترنت(استشارة - الاستشارات)
  • وقفات مع وباء كورونا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الذنوب والمعاصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذب عن عرض المسلم بالغيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سر اليقين بين الحسيات والإيمان بالغيب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليعلم الله من يخافه بالغيب(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ليعلم الله من يخافه بالغيب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { الذين يؤمنون بالغيب }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذين يخشون ربهم بالغيب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 1:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب