• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

المال ظل زائل وعارية مستردة (خطبة)

المال ظل زائل وعارية مستردة (خطبة)
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/2/2022 ميلادي - 25/7/1443 هجري

الزيارات: 12763

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المال ظل زائل وعارية مستردة[1][2]


تشرف بإلقاء هذه الخطبة: خالد بن حسن المالكي في يوم الجمعة 9/3/1443هـ، بمسجد الإمام الذهبي بمدينة جدة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 – 71].

 

أما بعد:

فقد أمرنا الله تعالى بالسعي في طلب الرزق الحلال، ويسَّر طلب الرزق لعباده، قال سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].

 

وأمر الله تعالى باختيار الطيب مما في الأرض، فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].

 

والمال نعمة عظيمة إن أحسن المسلم كسبه وإنفاقه، فعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ عَلَيَّ ثِيَابِي وَسِلَاحِي، ثُمَّ آتِيهِ، ففعلتْ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَصَعَّدَ إِلَيَّ الْبَصَرَ ثُمَّ طَأْطَأَ، ثُمَّ قَالَ: " يَا عَمْرُو! إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ، فيغنمُك اللَّهُ وَأَرْغَبُ لَكَ رَغْبَةً مِنَ الْمَالِ صَالِحَةً". قُلْتُ: إِنِّي لَمْ أُسلم رَغْبَةً فِي الْمَالِ، إِنَّمَا أسلمتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ فَأَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم. فقال: "يَا عَمْرُو! نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحِ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ "؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد"، وصححه الألباني.

 

ونحن أيها الأحبة مسؤولون عن نعمة المال من جهتين، من جهة كسبه، ومن جهة إنفاقه، فعن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ »؛ أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

 

أيها الأحبة الكرام، لقد تساهل كثير من الناس في الكسب وأخذ المال من غير حلِّه دون مبالاة ولا خوف من الله تعالى، حتى ظن بعض الناس أن الحلال ما حل في أيديهم، فيأكل الحرام وربما يطعم أبناءه من المال الحرام عياذًا بالله، ولقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ، أَمِنَ الحَلاَلِ أَمْ مِنَ الحَرَامِ»؛ رواه البخاري في صحيحه.

 

وفيما يلي جملة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من الكسب المحرم:

عن كعب بن عجرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعيذُكَ باللَّهِ يا كعبُ بنَ عُجرةَ من أمراءَ يَكونونَ من بعدي فمن غشِيَ أبوابَهم فصدَّقَهم في كذبِهم وأعانَهم على ظُلمِهم فليسَ منِّي ولستُ منهُ ولا يرِدُ عليَّ الحوضَ ومن غشيَ أبوابَهم أو لم يغشَ ولم يصدِّقهم في كذبِهم ولم يُعِنهم على ظلمِهم فَهوَ منِّي وأنا منهُ وسيَرِدُ عليَّ الحوضَ يا كعبُ بنَ عُجرةَ الصَّلاةُ برهانٌ والصَّومُ جنَّةٌ حصينةٌ والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النَّارَ يا كعبُ بنَ عُجرةَ إنَّهُ لا يربو لحمٌ نبتَ من سحتٍ إلَّا كانتِ النَّارُ أولى بِهِ؛ أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

 

وعن جُنْدَبٍ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللهُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالُوا: أَوْصِنَا. فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهَرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ »؛ أخرجه البخاري.

 

وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ »؛ رواه مسلم في صحيحه.

 

وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا »؛ رواه البخاري.

 

وعن أبي هريرة أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ، فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا، فقالَ: « ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟ » قالَ: أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: « أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي »؛ أخرجه مسلم.

 

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَها يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ »؛ أخرجه البخاري.

 

واعلموا - رحمكم الله وغفر لكم - أن من صور المعاملات المحرمة الميسر الذي قال الله تعالى عنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90 – 91].

 

قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى موضِّحًا بعض صور الميسر: "لا يجوز للإنسان أن يستقدم عمالًا، أو تجارًا، أو أن يتفق مع شخص من أهل البلد على أن يتجر في هذا الدكان، ويعطيه كل شهر كذا وكذا، ويكون بقية الربح لهم، فإن هذا من الميسر؛ لأنه قد يربح الدكان ربحًا كثيرًا تكون النسبة التي اتفقوا عليها قليلة بالنسبة إلى هذا الربح، وقد لا يربح إلا قليلًا فتكون النسبة كثيرة، وقد لا يربح شيئًا أبدًا وقد يخسر فهذا العقد متضمن للقاعدة الميسرية، وهي: إما غانم وإما غارم، فلا يحل ولا يجوز". انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

 

صدق ربنا سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

معاشر الأحبة الكرام:

ما أجمل أن يسير المسلم في حياته على نور من الله، يعلم الحلال فيأتيه، ويذر الحرام ويتركه، ويتقي الشبهات ويجتنبها، ويسأل أهل العلم عما يشكل عليه عملا بقول الله تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].

 

وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ - «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»؛ أخرجه مسلم.

 

وعَنْ ‌أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ: قُلْتُ ‌لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: «مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ »؛ أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

 

فاحذر - أخي الحبيب - من كل كسب محرم خبيث، ولا تغرنك الدنيا الفانية، فإنها سراب خادع ولذة عابرة، والمال فيها ظل زائل وعارية مستردة.

 

واعلم - وفقك الله وسددك - أنك إن اتقيت الله رزقك من حيث لا تحتسب، كما وعد ربنا سبحانه بقوله: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنَّك لن تدع شيئًا اتقاءَ الله تبارك وتعالى، إلا آتاك الله خيرًا منه »؛ رواه أحمد وصحَّحه الألباني.

 

وأعلم - بوركت - أن القليل الحلال خير من الكثير الحرام، ولا تغتر بمن استدرجه الله، فأغدق عليه الأموال وهو لا يتورع عن الحرام، فإن الله يُمهل ولا يهمل، وليس كثرة المال دليلًا على رضا الله عن العبد؛ فالغنى الحقيقي غنى النفس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ليس الغِنَى عن كثرة العَرَض، ولكن الغِنَى غِنى النَّفْس »؛ أخرجه البخاري.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ»؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ: «اتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ»؛ أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

 

وعن أبي أمامة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ»؛ أخرجه أبو نعيم وصححه الألباني.

 

ونختم بقول ربنا سبحانه في سورة الحديد: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 20 – 21].

 

نسأل الله أن يصلح أحوالنا، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه، ويغنينا بفضله عمن سواه، ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

 

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وانصر عبادك المجاهدين، يا رب وحد صفوف المسلمين، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.

 

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

اللهم ارحم عبادك المستضعفين المظلومين في كل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم ردنا إليك ردًّا جميلا، ورد المسجد الأقصى للمسلمين يا رب العالمين.

 

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

 

اللهم وفق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنبهم كل معصية وطغيان وكفران.

 

يا رب ول على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.

 

اللهم اهدنا، واهد بنا، واجعلنا سببًا لمن اهتدى، "اللَّهمَّ زيِّنَّا بزينةِ الإيمانِ واجعَلنا هداةً مُهتدين".

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].



[1] يمكن الاستماع للخطبة على قناة الكاتب على اليوتيوب على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=vV2nN775tTY

[2] المرجع الأساسي لهذه الخطبة "الكسب المحرم" لعبدالهادي الربيعي على الرابط التالي:

https://www.alukah.net/sharia/0/141067/





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سنغافورة تستضيف مؤتمرًا لمجلس الهيئات المالية الإسلامية
  • هيئة التنمية الإسلامية الماليزية تنظم مجلس حفظ القرآن الكريم
  • سفير المالديف يقدم أوراق اعتماده لدى منظمة المؤتمر الإسلامي
  • ماليزيا: الجامعة الماليزية تنظم مهرجان اللغة العربية
  • الأزمة المالية: أسبابها وعلاجها
  • المصادر الرسمية لأهل الصفة (بيت المال والزكاة)
  • حق الرجل والمرأة في التملك والتصرفات المالية
  • بعض قواعد المال وفن إدارته وحفظه من الضياع
  • من أحكام المعاملات المالية
  • مقاصد السنة النبوية (5) حفظ المال
  • بركة المال الصالح على الزوجين

مختارات من الشبكة

  • بركة المال الحلال، وتلف المال الحرام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل السعادة في المال أم المال طريق إلى السعادة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مخطوطة الفوز في المآل بالوصية بما جمع من المال(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • إنفاق المال طلبا لمرضاة الله تعالى(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • قراءات اقتصادية (47) صعود المال(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • خطبة: وعن ماله فيم أنفقه (إنفاق المال في المحرمات)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشر صور للاعتداء على المال العام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فليحذر أرباب الأموال إذا ضنوا بها من صولة المال غدا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم على المال في الحال والمآل (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • زكاة مال المضاربة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب