• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

تحفة العمال بثمرات إتقان الأعمال

تحفة العمال بثمرات إتقان الأعمال
السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/2/2021 ميلادي - 19/6/1442 هجري

الزيارات: 16794

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحفة العمال بثمرات إتقان الأعمال

 

الخطبة الأولى

أما بعد:

فيا أيها الآباء، أيها الإخوة الأعزاء، حديثنا اليوم عن (تحفة العمال بثمرات إتقان الأعمال)، فما هي الثمرات التي تعود على الفرد والمجتمع بإتقان أعمالهم؟

 

أعيروني القلوب والأسماع أيها الأحباب:

العنصر الأول: تعريف الإتقان:

أمة الإسلام، إتقان العمل هو: أداء العمل دون خللٍ فيه والالتزام بمتطلبات ذلك العمل من التقيد بضوابط وتقنيات معينة، وأداؤه في الوقت المحدد دون تأخير.

 

العنصر الثاني ثمرات إتقان العمل في الدنيا:

أولًا: إن الله يحب المتقنين:

اعلموا أمة الإسلام أن الله تعالى حثَّكم على الإتقان، فقال عز وجل: ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].


هذا الإحسان هو الإتقان والإحكام، وهذه القضية وهي تجويد شيء وإحسانه وإتقانه، من المطالب الشرعية العظيمة في ديننا، والمتأمل في التكاليف والفرائض والأوامر، يجدها مبنية على أساس محكم ألا وهو الإتقان الذي هو سمة أهل الإيمان؛ عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: شَهدت مَعَ أَبِي جَنَازَة شَهِدَهَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا غُلاَمٌ أَعْقِلُ وَأَفْهَمُ، فَانتُهي بِالْجَنَازَةِ إِلَى الْقَبْرِ وَلَمْ يمكَّن لَهَا، قَالَ: فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((سَوُّوا لَحْدَ هَذَا))، حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ سُنَّة، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِم، فَقَالَ: ((أَمَا إِنَّ هَذَا لاَ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَلاَ يَضُرُّهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ الْعَامِلِ إِذَا عَمِلَ أَنْ يُحْسِن))، وفي لفظٍ: ((ولكن أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يُتقنه))؛ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.

 

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» [1].

 

ولقد أحسن من قال:

إذا عمل المرءُ المكلف مرةً
عملًا فإنَّ العيبَ ألَّا يُحسنه
فقدْ ذكرَ المختارُ أنَّ إلهنَا
يُحبُّ لعبدٍ خافَهُ أنْ يُتقنَه


ثانيًا: أن إتقان العمل اتصاف بصفة من صفات الله جل جلاله وعظم سلطانه:

الإتقان أيها الآباء صفة من صفات رب الأرض والسماء، فهو الذي أتقن كل شيء خلقة وأحسن كل شيء أبدعه؛ قال الله تعالى: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88]، فأحسَنه وجوَّده وأتقنه، والذي يتأمل إتقان الله تعالى لمخلوقاته، وكيف أنه أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، لَهَتَف: لا إله إلا الله.

 

♦ قصة: يحكى أن رجلًا وابنه كانا تحت نخلة في بستان، فأراد الولد أن يجادل أباه، فقال له: يا أبت، انظر إلى هذه النبتة الصغيرة، نبتة البِطيخ، تثمر ثمرة كبيرة جدًّا بينما هذه النخلة على طولها ثمرتها صغيرة، ولا نسبة بينها وبين البِطيخة، وكان المفروض أو المعقول أن تكون ثمرة النخلة في عِظَمِ البطيخة لتتناسب مع حجم الشجرة، بينما تكون ثمرة نبات البطيخ في حجم التمرة، فقال له: يا بني لعل لله حكمة لا نعرِفها.

 

ثم استلقى الفتى على ظهره ليستريح، واستلقى أبوه إلى جواره، وما إن غفت عين الفتى قليلًا حتى سقطت من أعلى النخلة تمرة فأصابَت وجهَه وآلَمتْه، وصاح من أثر ذلك، فقال له أبوه: ماذا بك؟ فقال: تمرة من فوق النخلة أصابتني، فقال الوالد: يا بني، احْمَد الله أنها لم تكن بطيخة.

 

♦ انظر حولك ترَ إتقان الرحيم الرحمن؛ يقول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا * وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾ [النبأ: 6- 16]، ﴿ ألم نجعل الأرض مهادًا ﴾ [النبأ: 6].


فحري بك أيها المسلم أن تتَّصف بصفة الإتقان، وأن تكون داعيًا لأخلاق الإسلام بأفعالك قبل أقوالك.

 

ثالثًا: إن الإتقان ثمرة من ثمرات المراقبة لله تعالى:

واعلموا أن الإتقان ثمرة من ثمرات المراقبة لله تعالى، وأن ما نقوم به من عمل، فإن الله تعالى مطلع عليه إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، فالمسلم الحق هو الذي لا يراقب مديرة ولا رئيسه في العمل، بل يراقب الله تعالى، وتلك هي المراقبة الذاتية: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].


رابعًا: إن إتقان العمل سبب من أسباب رُقي الأمم والتمكين للأمة في الارض:

أيها الإخوة الأعزاء، إن إتقان العمل سبب من أعظم أسباب الرقي والتمكين في الأرض، فالمنهج الصحيح مع الأخلاق الفاضلة، والقوَّة المادية والعلمية الممكنة، والتوكُّل على الله عزَّ وجلَّ، ذو القرنين يصل إلى منطقةٍ بين السدَّين، ويلتقي بقومٍ متخلِّفين حضاريًّا، يعانون من عدوان يأجوج ومأجوج وطغيانهم وفسادهم، هؤلاء القوم المتخلِّفون الضعفاء يطلبون من الملك الصالح القوي أن يجدَ لهم الحل الأمثل لمنع عدوان المعتدين المفسدين في الأرض (يأجوج ومأجوج): ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف:94].


ويرفض الملك الصالح أي مالٍ أجرًا على بناء السد الذي سيحمي القومَ من المفسدين الطغاة؛ لأنه صاحب رسالة، وسبق أن أعلن أنه يسير على منهج الله عزَّ وجلَّ في إحقاق الحق وإبطال الباطل، فهذا واجبه، بل فرضٌ من الله عليه، ومهمة أوكَلها سبحانه وتعالى إليه، هي تحقيق العدل بين الناس، وتحريرهم من الخوف والاستعباد والعبودية لغير الله، وانتزاع حقوقهم، ومعاقبة المعتدين المتجبِّرين عليهم وصدُّ أذاهم وطغيانهم، فهو لا يجاهد في سبيل أحدٍ من البشر، بل في سبيل الله وحده لا شريك له، لذلك فالأجر لا يُستوفى إلا من الذي كلَّفه بمهمة الجهاد والعمل الهادف، وهو الله سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ [الكهف:95].


فالتمكين هو من الله عز وجل أولًا وآخرًا، وكذلك الأجر منه أيضًا وليس من أحدٍ سواه.

 

نلاحظ هنا أن الملك الصالح ذا القرنين استخدم وسائل علميةً متقدمةً للتغلب على العدو المفسد، ومن ذلك أنه استخدم النحاس المذاب مع الحديد، وقد اكتشف الخبراء في عصرنا هذا أن هذه الطريقة تُضاعف من صلابة الحديد ومقاومته إلى درجةٍ كبيرة، فهل نتعلَّم ونتَّخذ العبرة؟![2].

 

وقال الله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].


﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60]،من القُوَّةِ النفسيةِ الباطنةِ والقوةِ العسكريةِ الظاهرة.


نصرهم الله تعالى؛ لأنهم قامُوا بنصر دينِه: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ [الحج: 40 -41].


خامسًا: إن إتقان الأعمال سبب من أسباب معية الكبير المتعال:

يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].


يقول ربنا عز وجل بسورة المائدة:﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12].


أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا، أما بعد:


فالعنصر الثالث: ثمرات إتقان العمل في الآخرة:

أولًا: إن إتقان الأعمال سبب من أسباب قبول الأعمال:

أيها الآباء والإخوة الأعزاء، إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا أحسنه وأتَمَّه، لذا حثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على إتقان العمل، وتوعَّد الذين لا يتقنون بالعذاب؛ فعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا، وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ من النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا [3].

 

أيها الأحباب من ذلك الحيث يُعلَمُ أن عملك مرهون بالإتقان، فإن أتقنت تقبل الله تعالى عملك وإلا رُدَّ عليك، وكذلك الأمر بالنسبة للصلاة، فنجد أنه يأمر ذلك الأعرابي أن يُعيد الصلاة ثلاث مرات؛ لأنه لم يتقن أداءها، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: ((ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ))، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((ارْجِعْ فَصَلِّ فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)) ثَلَاثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثَكَ بِالْحَقِّ نَبيًّا مَا أُحسِنُ غَيرَهُ فَعَلِّمْنِي، قَالَ: ((إِذا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْبغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآن، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، [ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا]، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا) [4].

 

ثانيًا: إن إتقان الأعمال سبيل إلى الرقي في الجنان:

عباد الله، اعلَموا أن عملكم معروض على الخالقِ سُبحانه وتعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105].


قال ابن كثير وغيره: قال مجاهد: هذا وعيد - يعني من الله تعالى – للمخالفين أوامره، بأن أعمالهم ستُعرض عليه، وعلى الرسول والمؤمنين، وهذا كائن لا محالة يوم القيامة، وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا، والرؤية هنا شاملة للعلمية والبصرية.

 

قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].


يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّن اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 15 - 19].


وقال الله تعالى: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7].

 

عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ - وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ - لَهُ أَجَرَانِ) [5].

 

وهكذا في سائر العبادات، الإحسان أمر مرغوب، والإتقان جميل ومطلوب، فمن أتقن عمله رفع الله درجته يوم القيامة.



[1] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (4 /334، رقم 5312)، وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (7 /349، رقم 4386).

[2] التمكين في الرؤية الإسلامية د. محمد بسام يوسف.

[3] أخرجه البخاري (165)، ومسلم (242 - 29).

[4] أخرجه: أحمد 2/ 437، والبخاري 1/ 192 (757)، ومسلم 2/ 10 (397).

[5] البخاري (4 /1882، رقم 4653)، ومسلم (1 /549، رقم 798).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أرجوزة تحفة الأجيال في نظم ما يقال بالواو والياء من الأفعال
  • تحفة الأنام بعالمية وخصوصيات الإسلام
  • فوائد من تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم
  • التعليق على التحفة المدنية في العقيدة السلفية للشيخ عبد العزيز الراجحي
  • حقوق العمال والتحذير من ظلمهم

مختارات من الشبكة

  • فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال للجمزوري (المتوفى سنة 1227 هـ) ومعه منظومة تحفة الأطفال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التحفة السنية في ضبط متني تحفة الأطفال والمقدمة الجزرية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • همم الرجال في شرح تحفة الأطفال ويليه منظومة تحفة الأطفال للإمام سليمان الجمزوري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • متن تحفة الأطفال المسمى تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن للشيخ سليمان بن حسين الجمزوري(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة تحفة الأطفال في علم التجويد (التحفة في تجويد القرآن)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تذكير أولي الأفهام بثمرات صلة الأرحام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عرض رسالة (التحفة العراقية في الأعمال القلبية) لشيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحفة الأنام بمظاهر اليسر في فريضة الصيام (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة تحفة ‌المريد على جوهرة التوحيد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تحفة الأحباب ببعض معجزات النبي الأواب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/11/1446هـ - الساعة: 21:31
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب