• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أقسام المشهود عليه
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تحريم النذر لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك 1446هـ (من وضع ثقته في ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الثابتون على الحق (7) خباب بن الأرت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    { فلا اقتحم العقبة }
    ماهر غازي القسي
  •  
    خطبة العيد بين التكبير والتحميد
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    تفسير: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات صحة القلب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    علو الهمة
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    المرأة في القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    خواتيم الأعمال.. وانتظار الآجال (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    مع العيد... يتجدد الأمل
    افتتان أحمد
  •  
    وانتهى موسم عشر ذي الحجة (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

إلى المتنزهين في البوادي

إلى المتنزهين في البوادي
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2018 ميلادي - 9/3/1440 هجري

الزيارات: 8250

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إلى المتنزهين في البوادي

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - يَرحَمْكُم، فَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن آثَارِ رَحمَةِ اللهِ الوَلِيِّ الحَمِيدِ، أَن تُرَى الوُجُوهُ في هَذِهِ الأَيَّامِ مُسفِرَةً مُستَبشِرَةً، وَقَد كَانَت مِن قَبلُ عَابِسَةً بَاسِرَةً، بِسَبَبِ جَدبِ الأَرضِ وَكَونِ البِلادِ مُقفِرَةً.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَدِ استَبشَرنَا جَمِيعًا وَكَانَ بَعضُنَا مِن قَبلُ مُبلِسِينَ، فَللهِ الحَمدُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ وَأَنزَلَهُ مِن هَذَا الغَيثِ العَمِيمِ، وَنَسأَلُهُ البَرَكَةَ فِيهِ وَالزِّيَادَةَ مِن فَضلِهِ، ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 48 - 50].

 

وَفي مِثلِ هَذِهِ الأَيَّامِ الجَمِيلَةِ، وَلِمَا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى النَّاسِ مِن نِعمَةِ الفَرَاغِ وَقِلَّةِ الشَّوَاغِلِ، فَقَدِ اعتَادُوا الخُرُوجَ إِلى البَوَادِي في أَثنَاءِ نُزُولِ المَطَرِ أَو بَعدَ نزولِهِ، لِلتَّنَزُّهِ وَالتَّمَتُّعِ بِحُسنِ الرَّبِيعِ، وَتَكحِيلِ أَعيُنِهِم بِجَمَالِ الخُضرَةِ، وَهُوَ أَمرٌ مُرَخَّصٌ فِيهِ شَرعًا، وَلا لَومَ عَلَى مَن فَعلَهُ، وَخَاصَّةً مَن جَعَلَهُ فُرصَةً لِتَأَمُّلِ بَدِيعِ صُنعِ اللهِ، وَالتَّفَكُّرِ في عَظِيمِ خَلقِهِ، وَشُكرِهِ عَلَى آلائِهِ وَنِعَمِهِ. وَالمُؤمِنُ وَإِن كَانَ الأَصلُ في حَيَاتِهِ الجِدَّ وَالنَّشَاطَ وَالاشتِغَالَ بِمَا يَنفَعُهُ في دُنيَاهُ وَأُخرَاهُ، إِلاَّ أَنَّهُ لا يَمنَعُ نَفسَهُ مِن فُسحَةٍ وَرَاحَةٍ وَإِجمَامٍ؛ لِتَعُودَ إِلى سَابِقِ نَشَاطِهَا وَمَاضِي جِدِّهَا، فَعَن شُرَيحٍ الحَارِثِيِّ قَالَ: قُلتُ لِعَائِشَةَ: هَل كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَبدُو؟ قَالَت: نَعَم، كَانَ يَبدُو إِلى هَذِهِ التِّلَاعِ. رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَالتِّلاعُ جَمعُ تَلعَةٍ، وَهِيَ مَا ارتَفَعَ مِنَ الأَرضِ وَغَلُظَ، وَمِنهَا يَجرِي السَّيلُ إِلى بُطُونِ الأَودِيَةِ. وَفي الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ أَنَّ حَنظَلَةَ الأُسَيدِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: نَافَقَ حَنظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَمَا ذَاكَ؟ " قالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِندَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَينٍ، فَإِذَا خَرَجنَا مِن عِندِكَ عَافَسْنَا الأَزوَاجَ وَالأَولادَ وَالضَّيعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنْ لَو تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِندِي وَفي الذِّكرِ، لَصَافَحَتكُمُ المَلائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُم وَفي طُرُقِكُم، وَلَكِنْ يَا حَنظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً " ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

 

أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ المُسلِمَ يُجِمُّ نَفسَهُ في ثَنَايَا الجِدِّ، وَيُمَتِّعُهَا في بَعضِ الأَوقَاتِ بِبَعضِ اللَّهوِ، لَكِنَّهُ لا يَتَجَاوَزُ المُبَاحَ وَالمَشرُوعَ إِلى المُحَرَّمِ أَوِ المَمنُوعِ ؛ لِعِلمِهِ أَنَّهُ مَهمَا تَفَسَّحَ وَوَسَّعَ عَلَى نَفسِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لا يَزَالُ عَبدًا لِرَبِّهِ وَفي قَبضَةِ مَولاهُ، وَلا يَخرُجُ عَن مِلكِهِ طَرفَةَ عَينٍ وَلا قِيدَ أَنمُلَةٍ، وَكَمَا أَنَّ عَلَيهِ في أَوقَاتِ الحَضَرِ وَالجِدِّ وَاجِبَاتٍ، وَمَطلُوبٌ مِنهُ الإِتيَانُ بِفُرُوضٍ مُحتَمَّاتٍ، فَإِنَّ عَلَيهِ في السَّفَرِ وَأَوقَاتِ المُتعَةِ مِثلَهَا، وَاللهُ - تَعَالى - مَعَهُ يَرَاهُ وَيَسمَعُهُ، وَيَعلَمُ مَا يَأتِي مِن أَمرِهِ وَمَا يَذَرُ ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].

 

وَمِن هُنَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ أَن يَلتَزِمَ بِدِينِهِ وَيَستَقِيمَ عَلَى أَمرِ رَبِّهِ في كُلِّ حَالٍ، وَيَتَعَلَّمَ مِنَ الأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ مَا يُشرَعُ لَهُ في الحِلِّ وَالتَّرحَالِ، لِئَلاَّ يَقَعَ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ كَثِيرُونَ مِن تَركِ الأَوَامِرِ وَالوُقُوعِ في النَّواهِي، وَمُخَالَفَةِ السُّنَنِ وَالوُقُوعِ في المَكرُوهَاتِ، فَيَكتَسِبُونَ بِذَلِكَ آثَامًا وَسَيِّئَاتٍ، وَيُضِيعُونَ أُجُورًا وَحَسَنَاتٍ. أَلا وَإِنَّ مِن أَهَمِّ مَا يَلزَمُ المُسلِمَ في حَضَرِهِ وَسَفَرِهِ مِن أَعمَالِ دِينِهِ صَلاتَهُ، الَّتي هِيَ صِلَتُهُ بِرَبِّهِ، وَلَيسَ سَفَرُهُ أَو كَونُهُ في البَادِيَةِ بِعُذرٍ لَهُ لِيُقصِّرَ فِيهَا، أَو يَترُكَ الأَذَانَ لَهَا وَإِقَامَتَهَا في جَمَاعَةٍ، في صَحِيحِ البُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لأَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: " إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنتَ في غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ، فَأَذَّنتَ بِالصَّلاةِ، فَارفَع صَوتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ لا يَسمَعُ مَدَى صَوتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلا إِنسٌ وَلا شَيءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ... وَمِمَّا يُنَبَّهُ عَلَيهِ في هَذَا الشَّأنِ صَلاةُ الجُمُعَةِ، حَيثُ وُجِدَ في هَذِهِ الأَزمَانِ مَن يَكثُرُ خُرُوجُهُم إِلى البَرَارِي في هَذَا اليَومِ المُبَارَكِ، بِحُكمِ كَونِهِ يَومَ إِجَازَةٍ، وَقَد تَتَوَالى عَلَى بَعضِهِم عِدَّةُ جُمَعٍ وَهُوَ لم يَشهَدْهَا مَعَ المُسلِمِينَ، بِحُجَّةِ كَونِهِ مُسَافِرًا وَالجُمُعَةُ لا تَلزَمُهُ، وَهَذَا في الحَقِيقَةِ تَقصِيرٌ وَحِرمَانٌ لِلنَّفسِ مِن فَضلٍ كَبِيرٍ، وَقَد يَدخُلُ مُتَعَمِّدُهُ في الوَعِيدِ الوَارِدِ في المُتَهَاوِنِينَ بِالجُمُعَةِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَن تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلبِهِ " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن أَعظَمِ مَا يَجِبُ عَلَى قَاصِدِ البَوَادِي وَالبَرَارِيِّ أَن تَكُونَ رِحلَتُهُ وَسِيَاحَتُهُ في الأَرضِ شُكرًا للهِ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ، وَتَفَكُّرًا في خَلقِهِ، وَاعتِبَارًا بِمَا جَرَى وَيَجرِي عَلَى هَذِهِ الأَرضِ مِمَّن وُجِدُوا عَلَيهَا يَومًا مَا ثُمَّ دَرَجُوا وَمَضَوا، فَبِالشُّكرِ تَدُومُ النِّعَمُ وَتُقَيَّدُ وَتُحفَظُ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7] وَإِنَّ مِمَّا يُعَابُ عَلَى بَعضِ النَّاسِ وَخَاصَّةً الشَّبَابَ، وَهُوَ دَاخِلٌ في عَدَمِ شُكرِ النِّعَمِ، رَفعَ أَصوَاتِ الغِنَاءِ وَالمَزَامِيرِ، وَهُوَ مَعَ تَحرِيمِهِ في كُلِّ وَقتٍ، إِلاَّ أَنَّهُ عِندَ النِّعَمِ أَشَدُّ تَحرِيمًا وَأَعظَمُ إِثمًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " صَوتَانِ مَلعُونَانِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ: مِزمَارٌ عِندَ نِعمَةٍ، وَرَنَّةٌ عِندَ مُصِيبَةٍ " رَوَاهُ البَزَّارُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَمِمَّا يَدخُلُ في عَدَمِ شُكرِ النِّعَمِ أَيضًا، اعتِدَاءُ بَعضِ المُتَنَزِّهِينَ عَلَى الأَمكِنَةِ الَّتي يَرتَادُونَهَا، إِمَّا بَعَدَمِ المُحَافَظَةِ عَلَى نَظَافَتِهَا، وَإِمَّا بِقَطعِ الأَشجَارِ الَّتي يُستَظَلُّ بِهَا بِلا حَاجَةٍ، وَإِمَّا بِقَضَاءِ الحَاجَةِ تَحتَهَا أَو في الأَمَاكِنِ الَّتي يَجلِسُ النَّاسُ عَادَةً فِيهَا، وَإِمَّا بِإِثَارَةِ الغُبَارِ عَلَى النَّاسِ في الطُّرُقِ، وَإِمَّا بِإِفسَادِهَا بِالاعتِدَاءِ عَلَى العَلامَاتِ المَوضُوعَةِ فِيهَا لِهِدَايَةِ النَّاسِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن قَطَعَ سِدرَةً صَوَّبَ اللهُ رَأسَهُ في النَّارِ " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَهُوَ وَعِيدٌ لِمَن قَطَعَ سِدرَةً في فَلاةٍ يَستَظِلُّ بِهَا ابنُ السَّبِيلِ أَوِ البَهَائِمُ، عَبَثًا وَظُلمًا بِغَيرِ حَقٍّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن آذَى المُسلِمِينَ في طُرُقِهِم وَجَبَت عَلَيهِ لَعنَتُهُم " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَعَنَ اللهُ مَن غَيَّرَ مَنَارَ الأَرضِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِمَّا يَدخُلُ في تَغيِيرِ مَنَارِ الأَرضِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - العَبَثُ في الأَعلامِ وَاللَّوحَاتِ الَّتِي يَهتَدِي بِهَا المُسَافِرُونَ في الطُّرُقِ، مِمَّا يُضِلُّهُم عَن طَرِيقِهِم وَمَقَاصِدِهِم، وَكَفَى بِذَلِكَ إِيذَاءً وَاعتِدَاءً. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اِتَّقُوا اللَّعَّانَينِ " قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " الَّذِي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ أَو في ظِلِّهِم " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " اِتَّقُوا المَلاعِنَ الثَّلاثَةَ: البَرازَ في المَوَارِدِ، وقارِعَةِ الطَريقِ، والظِّلِّ " رَوَاهُ أَبُودَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحذَرِ الإِفسَادَ في الأَرضِ وَقَد أَصلَحَهَا اللهُ لَنَا وَلِدَوَّابِنَا وَزُرُوعِنَا وَمَعَاشِنَا ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 55، 56]

♦     ♦    ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ لِلسَّفَرِ وَالتَّنَزُّهِ آدَابًا كَثِيرَةً، يَحسُنُ بِالمُسلِمِ تَعَلُّمُهَا وَالعَمَلُ بِهَا، لِيَنالَ بِذَلِكَ أَجرًا وَيَأتيَ بِهِ خَيرًا، وَيَكُفَّ عَن نَفسِهِ وَعَنِ المُسلِمِينَ شَرًّا، فَمِن تِلكَ الآدَابِ أَن يَختَارَ المُسَافِرُ مَكَانَ نُزُولِهِ، وَيَحذَرَ مِمَّا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ أَو يَمنَعُهُم مِن حَقِّهِم في الطَّرِيقِ، أَو يُسَبِّبُ لَهُ أَذًى في نَفسِهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِيَّاكُم وَالتَّعرِيسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ وَالصَّلاةَ عَلَيهَا، فَإِنَّهَا مَأوَى الحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ لِغَيرِهِ.

 

وَمِنَ الآدَابِ أَن يَحرِصَ المُسَافِرُ عَلَى دُعَاءِ النُّزُولِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن نَزَلَ مَنزِلاً ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ، لم يَضُرَّهُ شَيءٌ حَتَّى يَرتَحِلَ مِن مَنزِلِهِ ذَلِكَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَمِنَ الآدَابِ اجتِمَاعُ الرُّفقَةِ وَتَقَارُبُهُم، قَالَ أَبُو ثعلَبَةَ الخُشَنِيُّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مَنزِلاً تَفَرَّقُوا في الشِّعَابِ وَالأَودِيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إنَّ تَفَرُّقَكُم في هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَودِيَةِ إِنَّمَا ذَلِكُمُ مِنَ الشَّيطَانِ " فَلَم يَنزِلْ بَعدَ ذَلِكَ مَنزِلاً إِلاَّ انضَمَّ بَعضُهُم إِلى بَعضٍ، حَتى يُقَال: لَو بُسِطَ عَلَيهِم ثَوبٌ لَعَمَّهُم. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَحرِصْ عَلَى امتِثَالِ الأَوَامِرِ وَاجتِنَابِ النَّوَاهِي، وَالتَّقَيُّدِ بِالسُّنَنِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا، لِتَكُونَ رِحلاتُنَا وَنُزهَاتُنَا سَعِيدَةً، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن تَنتَهِيَ بِمَآسٍ وَمَصَائِبَ، كَحَالِ مَن يَخُوضُونَ في الأَودِيَةِ وَالشِّعَابِ في أَثنَاءِ جَرَيَانِهَا، فَتَتلَفُ سَيَّارَاتُهُم، وَقَد يَفقِدُونَ أَروَاحَهُم، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصيدة لامية ختم بها العلامة السيوطي كتابه (النكت على الألفية والكافية والشافية والشذور والنزهة)
  • وانتهت الإجازة الطويلة (خطبة)
  • الاسترواح بالنزهة

مختارات من الشبكة

  • بريطانيا: متنزه ألعاب مائية يخصص وقتا للنساء المسلمات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رحلة إلى أبها ( متنزه السودة )(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • أيرلندا: منع مسلمتين بمتنزه من الصلاة تحت تهديد حارس الأمن(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: النازيون الجدد يهددون يوم المرح العائلي الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: بريطانيتان تعتديان على مسلمة بدوافع عنصرية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إسبانيا: اكتشاف منزل من الحقبة الإسلامية وبرج من القرون الوسطى(مقالة - المسلمون في العالم)
  • العقاب وسيلة للتهذيب أم التعذيب؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شرح بعض الأسماء الحسنى (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذئب البوادي (قصة قصيرة)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • رمضان جباه ساجدة وأيد منفقة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 0:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب