• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    على علم عندي
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: أهمية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نصيحتي إلى كل مسحور باختصار
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الحج عبادة العمر: كيف يغيرنا من الداخل؟
    محمد أبو عطية
  •  
    تفسير سورة البلد
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    فضل يوم عرفة
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    خطبة: فضل العشر الأول من ذي الحجة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: اغتنام أيام عشر ذي الحجة والتذكير بيوم عرفة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الأم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة العقيدة: شروط شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

إياك والتسويف! (خطبة)

إياك والتسويف! (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/7/2018 ميلادي - 27/10/1439 هجري

الزيارات: 81527

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إياكَ والتَّسويفَ!

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثاتُها، وَكُلَّ مُحْدثةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وكُلَّ ضَلالةٍ فِي النَّارِ.

 

أيها المسلمونَ: وفَدَ الشاعِرُ الأَعشَى بنُ مَيمُونٍ في آخِرِ أيَّامِهِ علَى الحِجَازِ، بقصيدةٍ في مَدحِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، فخافَ مُشرِكُو قُريشٍ أَن يَزيدَ مَدحُ الأَعشَى للرسولِ في سُرعةِ انتشارِ الإِسلامِ بين قَبائلِ العَربِ لِمَا لَه مِن مكانةٍ وصِيتٍ، فتعرَّضتْ لَه تَمنَعُه، وكان ممَّا قاله لَه أبو سفيانَ بنُ حَربٍ: إنَّه يَنهاكَ عَن خِلالٍ ويُحرِّمُها عَليكَ، قالَ: ومَا هُنَّ؟ فقال أبو سفيانَ: الزِّنا والقمَارُ والرِّبا والخَمرُ؛ فعدَلَ عن وِجهتِه، وأهدَتْه قُريشٌ مائةً مِن الإبلِ، فأخذَهَا، فقالَ: أَتمتَّعُ بهَا سَنةً ثُمَّ أُسلِمُ، فرجعَ إلى قَومِهِ ولكنَّه لَم يَكدْ يَصِلُ إلى دِيارِ قَومِهِ حتَّى تُوفِّيَ إثرَ سُقوطِهِ عنَ نَاقتِهِ.

 

عبادَ اللهِ:

مِن أَخطرِ الأمراضِ الَّتي تُواجِهُ الإنسانَ في عَملِهِ وحَياتِهِ، هو آفَةُ التَّسوِيفِ. والتَّسويفُ هو الممَاطَلةُ، هو مَرضُ تَأجيلِ الأَعمالِ، وتَأجيلِ أَداءِ الواجباتِ والحقوقِ. هو أُسلوبٌ يتعلَّقُ بالعَملِ والحَركةِ والإنتاجِ والسَّعيِ. وعَكسُهُ المبادرةُ والمسارعةُ والإتمامُ للمُهمَّاتِ وإنجَازُهَا.

 

والتَّسويفُ هو من أَلد أعداءِ الإنسانِ، فهو هَادمٌ للعُمُرِ بلا فائدةٍ، مُضيِّعٌ للوقتِ الثَّمينِ بلا منفعةٍ، ومُفوِّتٌ لمصالحِ الإنسانِ بلا ثَمرةٍ.

التسويفُ، هو المسؤولُ الأولُ عن الإِخفاقاتِ، والقُصُورِ عَن المعَالِي والإِنجَازاتِ.

 

عبادَ اللهِ:

كثيرةٌ هِيَ الأسبابُ التي تَقفُ وراءَ وُقوعِ كَثيرٍ مَن النَّاسِ في فَخِّ هذه العَادةِ السيئةِ، لعلَّ أَبرزَهَا الخَوفُ مِن الفشلِ والخشيةُ من عدمِ النجاحِ، وضَعفُ الإرادةِ وغيابُ العَزيمةِ والهمةِ، والركونُ إلى الكسلِ والدَّعةِ والرَّاحةِ، معَ طُولِ الأَملِ والغَفلةِ عَن قِصَرِ الحياةِ وسُرعةِ انقضَائِهَا، ونِسيانِ الموتِ الذي قَد يَأتِي بَغتةً كمَا ذَكرَ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَزيزِ.

 

أيهَا الإِخوةُ: وأمَّا عَن أَخطرِ أَنواعِ التَّسويفِ وأَعظَمِهِ، فهُو التَّسويفُ في عَلاقةِ الإنسانِ مَعَ ربِّهِ وخالِقِه، فيؤجِّلُ أوامِرهُ التي أَمَرَه بهَا، فتَفتُرُ هِمَّتُهُ ويَظلُّ يُؤجِّلُ في الطَّاعاتِ، بَل رُبَّمَا في الفَرائِضِ حتَّى يُضيِّعُهَا، فإذَا مَا هَمَّ العبدُ بأداءِ الصلاةِ وَسوَسَ لَه الشيطانُ الرجيمُ بأنْ يُؤجِّلُهَا قَليلًا حتَّى يَنتهِي ممَّا هو فيهِ، ولا يَزالُ الشيطانُ به، حتى يَقطَعَ صِلتَهُ بربِّهِ.

 

أيها المؤمنونَ: إنَّ المُطَّلِعَ على كتابِ اللهِ تعَالى يُدرِكُ سَريعاً كَثرةَ الآياتِ التي تَحُثُّ على المسارعةِ إلى الأعمالِ الصالحةِ وعدمِ تَأجِيلِهَا أو تَسوِيفِهَا، قالَ تعَالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133] وقالَ تعَالَى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد: 21].

 

كمَا أنَّه سَيَلْحَظُ التحذيرَ المتكَرِّرَ مِن عَاقبةِ التَّسويفِ والتَّأجيلِ في وقتٍ لا يَنفعُ فيهِ النَّدمُ، قالَ تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] وقالَ جل شأنُه: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].

 

قالَ ابنُ كَثيرٍ رحمه اللهُ: "ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَةَ، فَلَا يُجَابُونَ، عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَيَوْمَ النُّشُورِ وَوَقْتَ الْعَرْضِ عَلَى الْجَبَّارِ، وَحِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ، وَهُمْ فِي غَمَرَاتِ عَذَابِ الْجَحِيمِ".

 

وأما السُّنةُ النبويةُ فهي زاخِرةٌ بالتحذيرِ مِنَ التَّسويفِ والتَّحريضِ علَى المبَادرةِ إلى الخَيراتِ والمسارعةِ إلى الطاعاتِ والأَعمالِ الصالحةِ قبلَ تَعذُّرِهَا والاشتغالِ عَنهَا بما يَحدثُ للإنسانِ في قَادمِ أيَّامهِ.

 

قال صلى اللهُ عليه وسلم: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا" رواهُ مُسلمٌ، وقالَ صلى اللهُ عليه وسلم: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ" رواه مسلمٌ.

 

أيها المؤمنونَ: كَم هِيَ رَسائلُ التذكيرِ والوَعظِ والتَّحذيرِ؟! لأجلِ أنْ نتقَرَّبَ إلى ربِّنَا أَكثرَ وأَكثرَ ومَعَ هذَا نِجدُ الإِحجامَ والتقصيرَ. نَجدُ الأمَانِيَ والتَّسويفَ، يُمنِي المرءُ نفسَه بأنَّ العُمُرَ طَويلٌ، والوقتَ فيه فُسحَةٌ. وفي قَادمِ الأَيامِ مُتَّسعٌ لكنَّ المشكِلَةَ أنَّه يَكبُرُ ويَكبُرُ مَعهُ تَشَبُّثُهُ بدُنيَاهُ. يَكبُرُ ويُكثُرُ مَعهُ تَسويفُ التوبةِ وتَأخِيرُ الإِنابةِ، وتَصغُرُ مَعهُ هِمَّتُهُ لآخِرَتِهِ، إنَّكَ ربَّمَا تَجدُ أُناسًا في السبعينَ أو في الثمانينَ مِن أَعمَارِهِمْ، وهُم هُم علَى تَقصِيرِهِمْ وضَعفِ عَلاقَتِهِم باللهِ تعالى.

إِنْ أَنتَ لَم تَزْرعْ وأَبصَرتَ حَاصِدًا ♦♦♦ نَدِمْتَ علَى التَّفرِيطِ في زَمنِ الْبَذْرِ

 

ومِنَ التسويفِ، التسويفُ في ردِّ المظالمِ والحقوقِ إلى الخلقِ، وسيِّدُ المسارعينَ إلى الخَيراتِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ... الحديث" رواه البخاريُّ.

 

وقَد قرَّرَ أهلُ العلمِ أنَّ حُقوقَ العبادِ لا تَسقُطُ بالتوبةِ، بل لا تَسقطُ حقوقُ العبادِ حتى بالشَّهادةِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، قال الإمامُ النوويُّ: "وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إلاَّ الدَّيْنَ" فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَمِيعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَأَنَّ الْجِهَادَ وَالشَّهَادَةَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، لَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى".

 

أيهَا النَّاسُ.. لا تَقتصِرُ آثارُ التَّسويفِ وتَأجيلِ الأَعمالِ علَى الحياةِ الدُّنيا بتَراكُمِ الأعمالِ حتى تُصبِحَ كالجبالِ، وبالعيشِ في هَامشِ الحياةِ، وعَدمِ تَذَوُّقِ طَعمِ ولذَّةِ النَّجاحِ، والنَّدمِ على ما فَاتَ في وقتٍ لا يَنفَعُ فيه النَّدمُ، فهِيَ مُقارنةٌ بآثَارِ التَّسويفِ العَظيمةِ في كلِّ ما يَتعلَّقُ بالدارِ الآخِرةِ أَهونُ وأقلُّ شَأناً.

 

فإذَا كانَ عِقابُ مَن يُسوِّفُ أعمَالَهُ الدنيويةَ هو ضَياعُ بَعضِ الفُرصِ الذهبيةِ وفُقدانِ ثِقةِ الناسِ بهِ وبأقوالِهِ التي لا يُترجِمُهَا لأعمالٍ، وبالهمِّ وكثرة تأنيب الضمير والقلق، فإنَّ عاقبةَ مَن يُؤخِّرُ المبادرةَ بالتوبةِ والإنابةِ إلى اللهِ ويَتَّبعُ أَهواءَ نفسِه ووساوسِ الشيطانِ الذي يُغرِيهِ بطُولِ الحياةِ ويخدَعُه بأوهامِ تَسويفِ الإقلاعِ عن الكبائرِ والإصرارِ على الصغائرِ إلى أجلٍ غيرِ مسمَّى، هِيَ خَسارةُ دُخولِ الجنَّةِ والتمَتُّعِ بنعِيمِهَا الخالدِ، وتَعريضُ النَّفسِ لأهوالِ نَارِ جهنَّمَ، عياذًا باللهِ .

 

لقَد حذَّرَ ابنُ القَيمِ مِن تَأخيرِ التوبةِ والتسويفِ فيها فقالَ: "إنَّ الْمُبَادَرَةَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، فَمَتَى أَخَّرَهَا عَصَى بِالتَّأْخِيرِ، فَإِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ بَقِيَ عَلَيْهِ تَوْبَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ تَوْبَتُهُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَقَلَّ أَنْ تَخْطُرَ هَذِهِ بِبَالِ التَّائِبِ، بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَلَا يُنْجِي مِنْ هَذَا إِلَّا تَوْبَةٌ عَامَّةٌ، مِمَّا يَعْلَمُ مِنْ ذُنُوبِهِ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُ التوبة" .اهـ.

 

فاتَّقوا اللهَ - عبادَ اللهِ -، واعمَلُوا بجِدٍّ وتَفَانٍ، فالعُمُرُ كلُّهُ دَقائقٌ وثَوانٍ، والحياةُ لا تُصفِّقُ إلا للمبادِرينَ والناجحينَ فقَط.

أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أما بعد:

فأَفضلُ طَريقةٍ لمحاربةِ التَّسويفِ - عبدَ اللهِ - هو أَن تَتذكَّرَ مَحدُودِيَّةَ عُمرِكَ، وأنك لا تَدرِي متى سَتمُوتُ؟ وأنَّ الفلاحَ في الآخرةِ، ونَيلَ التَّقدمِ والنجاحِ في الدنيا لَن تَحوزَهُ إلاَّ بأداءِ الأعمالِ في أوقَاتِهَا، والجدِّ والاجتهادِ والنشاطِ واقتناصِ الفُرصِ، وأَن تَهتَمَّ بمصاحبةِ المُجِدِّينَ في حياتِهِم، وأَن تَنظُر في أحوالِ الناجحينَ والعظماءِ؛ فإنهم لَم يَصلِوا إلى مَا وَصلُوا إليه إلاَّ بالنشاطِ والفَاعليةِ والجدِّ والعملِ الدائمِ وإنجازِ الأعمالِ في أوقَاتِهَا.

 

ومِمَّا يُؤثرُ عَن سيدِنا عمرَ بنِ الخطَّابِ رضي اللهُ عنه: "مِنَ القُوةِ ألاَّ تُؤخِّرَ عملَ اليومِ إلى الغَدِ".

ولا أُؤخِّرُ شُغلَ اليَومِ عن كَسلٍ ♦♦♦ إلى غَدٍ إنَّ يَومَ العَاجِزينَ غَدُ

 

أخي الكريمُ: قِفْ معَ نَفسِكَ وَقفةً حَازِمةً، وحَاسِبْ نَفسَكَ واتَّخِذِ القَرارَ الشُّجاعَ وأَعلِنِ الرَّجعةَ والتوبةَ والإنابةَ إلى ربِّكَ، وإياكَ ثم إياكَ ثم إياكَ مِن التَّسويفِ.

 

اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بكَ أَن نَكونَ مِن الغافلينَ، أو أَن نُكتَبَ في ديوانِ المغرورينَ، ونَعوذُ بكَ مِن أَملٍ يُنسِي ويُلهِي، يَا أرحمَ الراحمينَ.

صلُّوا وسلِّمُوا...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيف تتخلص من التسويف؟
  • احذروا التسويف
  • التسويف
  • النزعة التسويفية من منظور اقتصادي
  • كيف تتخلص من التسويف؟

مختارات من الشبكة

  • إياك إياك (مقطوعة شعرية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • إياك إياك والتفريط فيها!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إياك نعبد وإياك نستعين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إياك والكسل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين للإمام العلامة ابن قيم الجوزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهم ما ترشد إليه آية (إياك نعبد وإياك نستعين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إياك والحسد (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إياك والظلم (بطاقة)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • إياك والقلق، لماذا القلق من المضمون؟ (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • {إياك نعبد وإياك نستعين}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب