• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

مناجم الأسرار في فضل الاستغفار

مناجم الأسرار في فضل الاستغفار
محمد مهدي بن نذير قشلان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2017 ميلادي - 21/2/1439 هجري

الزيارات: 154657

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مناجم الأسرار في فضل الاستغفار

 

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً...

 

وأشهد أن لا إله إلا الله: يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويقول: "يَا عِبَادِي إَنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُوني أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئاً، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً، يَا عِبَادي إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلاّ نَفْسَهُ[1]" إلهي:

ما زلت أُعرفُ بالإِسَاءة دائمًا
ويكون منك العفو والغفرانُ.
لم تنتقصني إن أَسَأْتُ وزدتني
حتى كأنَّ إساءتي إحسانُ
منك التفضُّل والتَّكرُّم والرِّضا
أنت الإلهُ المنعم المنَّانُ

 

وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله: يقول مبشراً ومذكراً: «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا[2]» وطوبى.. أي: فرحةٌ وقرة عين لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا يوم القيامة، وقد سئل أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن معنى طوبى! فقال: طوبى شجرة في الجنة لها غصن في كل دار منها[3]:

يا صاحب الحوض الشهيِّ مذاقُهُ
أنت البشيرُ بواسع الجناتِ
أنت الرسولُ فلستَ تنطق عن هوىً
وشفيعنا في الحشر والميقاتِ

 

أما بعد فيا أحباب رسول الله: كلما اشتدت الكروب وتعاظمت الخطوب في الأمة، وكلما اشتدت المحن والبلايا وحلّت بنا الأزمات والرزايا, كلما كانت حاجتنا إلى التوبة والاستغفار أشد وأعظم.. فما نزل البلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة واستغفار.. حقيقة قد نغفل عنها..!!.

 

نعم أيها الأحبة:

ما من مصيبة تقع في الأمة على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي إلا بسبب الذنوب والمعاصي بداية من كبائرها إلى صغائرها.. أما الدليل على ذلك فأَرْعِنِي سمع قلبك وأذنيك واسمع قول الله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41] وقال جل من قائل: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30 ] وقال الله عز وجل: ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران: 11] والباء هنا للسببية أي: أخذهم بسبب ما اجترحوه من ذنوب ومعاصي ومن ترك للأوامر وارتكاب للمناهي.. ما أوضح وما أصرح هذه الآيات في دلالاتها وتوجيهاتها فقد كفتنا مؤنة البحث عن تفسيرها وبيانها...وخلاصة مرادها: أن البلاء لا يقع إلا بذنب ولا يُرفع إلا بتوبة وأوبة واستغفار إلى الله جل وعلا.

 

ومعنى الاستغفار: طلب المغفرة من الله بالمقال والفعال[4]، فالسين والتاء في اللغة للطلب، فإذا قال العبد: أستغفر الله، أي أطلب منك يا ربِّ المغفرة بستر العيب ومحو الذنب. ولماذا جُعِلَ طلب العفو عن الذنب بلفظ الاستغفار بالذات؟؟! انظروا إلى جمال لغتنا العربية القرآنية، قال: لأن أصل لفظ الاستغفار في اللُّغة من غَفَرَ؛ والغَفْرُ والمَغْفِرَةُ التغطية والستر[5]، فكأن المستغفر يدعو الله أولاً: بستر ذنبه ثم بمحوه ومغفرته، ولذلك كان من أسمائه تعالى (الغفور)؛ أي: الذي يستر عيوب عباده فلا يفضحهم ويَتجاوز عن ذنوبهم.

 

معاشر الأحبة:

إن ملازمة الاستغفار من أجل العبادات والقربات إلى المتعال جل جلاله، فمهما جدَّ المؤمنُ فينا واجتهدَ، لا بدَّ أن يُلَّم بذنبٍ صغير أو كبير فالمعاصي تحيطُ بنا، والمغرياتُ تتجاذُبنا، وعواملُ الشرورِ ودواعيهِ عنا يمينةً ويسرةً، إن سلمت من الأعيُن، وقعت الآذانُ، وإن نجتِ الآذانُ أو العينُ، وقعت اليدُ أو وقع اللسانُ، ولا ملاذَ لنا نلوذُ به، ولا حصنَ نلتجئُ إليه ونعتمدُ عليه في تطهيرنَا مما قد نقعُ فيه من الذنوبِ والآثام إلا الاستغفار والتوبة النصوح، فيا من وقعت في شرك المعصية، يامن ضاقت بك أحوال وقلت بيدك بركة الأرزاق، يامن تعاني من ضيق في الصدر.. هلا جربت هذا الدواء الإلهي النبوي الناجع.. ألم نسمع قول رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ[6]» قال حفاظ الحديث لما سمع الصحابي الجليل  أبو هريرة - رضي الله عنه - هذا الحديث قال: "إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة [7]" فما بالنا نقع بالذنوب والمصائب والبلايا والنكبات وأحدنا ربما يعجز عن الاستغفار في اليوم ولو مائة مرة.

 

أيها الأحبة: وسريعاً أوجز لحضراتكم أهم ثمار الاستغفار وفوائده العظيمة الجمة على الفرد والمجتمع

أولاً: في المداومة على الاستغفار "مغفرة للذنوب، وتكفير للسيئات" قال تعالى: ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [النساء: 110] ودققوا في هذا التعبير القرآني" يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً" لماذا التعبير بالوجدان هنا؟! قال: لأن التائب المستغفر يجد أثر المغفرة في نفسه أولاً بكراهة الذنب وذهاب داعيته، ثم يجد بعد ذلك أثر الرحمة بالرغبة في الأعمال الصالحة التي تطهر النفس وتزيل الدّرن منها[8]. إذن الاستغفار هو دواؤك الناجع وعلاجك الناجح من الذنوب والخطايا، لذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستغفار دائماً وأبداً بقوله:  «يا أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه فإني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة[9]» كلما وقعت في ذنب بادر إلى التوبة والاستغفار واجعل لنفسك ورداً يومياً أقله في اليوم مائة مرة كما فعل رسول... قالَ رياح القيسيُّ وكان من السلف الصالح وهو من أقران مالك بن دينار. قال: "لي نيف وأربعونَ ذنبًا، قدِ استغفرتُ لكل ذنب مائةَ ألفِ مرَّةٍ[10]" وكان عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما يصلِّي من الليل. ثم يقول لخادمه نافع: (يا نافع، هل جاء السَّحَر؟) فإذا قال: نعم، أقبَل على الدعاء والاستغفارِ حتى يصبح[11].

 

ثانياً: في المداومة على الاستغفار أمان من العقوبة والعذاب، وسبب لدفع البلاء والنقم عن العباد والبلاد، ورفع الفتن والمحن عن الأمم والأفراد، لاسيما إذا صدر ذلك من قلوب موقنة مؤمنة. مخلصة خالصة ألم يقل الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال33] قال أَبو مُوسَى الأشعري رضي الله عنه: " أَمَانَانِ كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رُفِعَ أَحَدُهُمَا - وهو النبي صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ وَبَقِي الآخَرُ: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [12].

 

ثالثاً: في المداومة على الاستغفار: تفريج للهموم، وجلب للأرزاق وخروج من الضوائق والعوارض. مِن أينَ لك ذلك؟! اسمع معي إلى قول رسول الله في الحديث الذي رواه الإمام أبو داود وابن ماجة وأحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ[13]». يا من يعاني عدم البركة في رزقه هلا جربت الحلول التي وضعها رسول الله بين يديك... لذا قال لقمان الحكيم لابنه ذات يوم: "يا بُنيَّ؛ عوِّد لسانَكَ: اللهَمَّ اغفرْ لِي، فإنَّ للَّهِ ساعاتٍ لا يَردُّ فيهنَّ سائلاً[14]".

 

رابعاً: في المداومة على الاستغفار إيذان بنزول الغيث المدرار من السماء، وحصول البركة في الأرزاق والثمار والأنْسَال، كما قال سبحانه حكاية عن نبيه نوح عليه السلام: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا * مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ [سورة نوح: 10-14].

 

ولقد ذكر الإمام القرطبي - رحمه الله-[15]:أن رجلاً جاء إلى التابعي الجليل الحسن البصري يشكو إليه الجدب والقحط فأجابه قائلاً يا هذا: "استغفر الله "، ثم جاءه رجلُ آخر يشكو الحاجة والفقر فقال له يا هذا: "استغفر الله"، ثم جاءه ثالثُ يشكو قلة الولد فقال له:" استغفر الله"، فعجب القوم من إجابته...وقالوا: لقد أتاك رجال يشكون أنواعاً من البلاء فأمرتهم كلهم بالاستغفار.. كيف ذلك. فقال لهم وهو يرشدهم إلى الفقه الإيماني والفهم القرآني والهدي النبوي.. ألم تقرؤوا قول الله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ [نوح: 10 - 14]

 

خامساً: من ثمار المداومة الاستغفار: أن المستغفرين يمتعهم ربهم متاعاً حسناً، فيبدِّل خوفهم أمناً، وفقرهم غنىً، وشقاءهم سعادةً، فيهنئون بطيب العيش، وينعمون بالسعادة في الحياة، ويسبغ عليهم سبحانه المزيدَ المزيد من خيره وإنعامه. اقرأ معي قول الله تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3] ووصف المتاع بالحسن؛ ليدل على أنه عطاء ليس مشوباً بالمكدرات والمنغصات التي تقلق الإنسان في دنياه، وإنما هو عطاء يجعل المؤمن يتمتع بنعم الله التي أسبغها عليه، مع المداومة على شكره- سبحانه- على هذه النعم[16].

 

وكان وصايا الحسن البصري- رحمه الله -: "لا تملُّوا من الاستغفارِ. واكثِرُوا مِنه في بُيُوتِكم، وعَلَى موائِدِكم، وفي طُرُقِكم، وفي أسواقِكُم، فإنَّكم ما تدرُون متى تَنْزِلُ المغفرةُ". وقال التابعي الجليل بكر المُزَنيُّ: "إنَّ أعمال بني آدمَ ترفعُ فإذا رفعت صحيفة فيها استغفار رُفعت بيضاءُ، وإذا رُفعتْ ليس فيها استغفارٌ رفعت سوداء"[17]. وَقِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ: "كَيْفَ أَنْتَ فِي دِينِك ؟ قَالَ: أُمَزِّقُهُ بِالْمَعَاصِي وَأُرَقِّعُهُ بِالِاسْتِغْفَارِ"[18].

 

وننبه هنا إلى مسألة في غاية الأهمية: وهي أن الاستغفار باللسان لابد أن يصاحبه استشعار بالقلب. فمَنْ قَالَ بِلِسَانِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَقَلْبُهُ مُصِرٌّ عَلَى مَعْصِيَتِهِ فَاسْتِغْفَارُهُ هذا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ، وَصَغِيرَتُهُ لَاحِقَةٌ بِالْكَبَائِرِ. كما نقل الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره[19].ونقل الإمام ابن رجب الحنبلي عن بعض العارفينَ أنه قال: "من لم يكنْ ثمرة استغفاره تصحيحَ توبتِهِ، فهوَ كاذب في استغفاره[20]".

 

معاشر الأحبة:

الوقت يمر بنا مسرعاً وعقارب الساعة تضيق عليَّ الخناق ولا أريد أن أطيل على حضراتكم.. اللهم اجعلنا  من عبادك المستغفرين الذاكرين الحامدين الشاكرين التائبين المقبولين، واجعلنا من أوليائك المقربين برحمتك يا أرحم الراحمين، الله اجعلنا ممن عمروا أوقاتهم بالاستغفار والذكر...إنك سميع قريب مجيب عليم.

 

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين..[21].



[1] صحيح مسلم 4/ 1994.برقم (2577). تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت-.

[2] سنن ابن ماجه 2/ 1254.برقم (3818) قال الحافظ المنذري: رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والبيهقي..

[3] الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي 9/ 316.

[4] الموسوعة الفقهية الكويتية 4/ 34. مصطلح "استغفار".

[5] تاج العروس من جواهر القاموس 7/ 314. مادة [غفر].

[6] صحيح مسلم 4/ 2075.برقم (2702)..

[7] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/ 383 لأبي نعيم الأصبهاني.

[8] تفسير المراغي 5/ 150 بتصرف.

[9] أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، والطبراني، وابن مردويه عن أبى بردة عن رجل من المهاجرين، الحكيم عن أبي بردة عن الأغر).

[10] صفة الصفوة 2/ 218.

[11] تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/ 23.

[12] مسند الإمام أحمد بن حنبل 32/ 264.

[13] قال المنذري: رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، والحاكم والبيهقي، كلهم من رواية الحكم بن مصعب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد 2/ 468. وقد صحح إسناده العلامة أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم (2234) بناء على أنه ثقة عند البخاري لأنه لم يذكر فيه جرحاً فانظره.

[14] لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص: (214) لابن رجب الحنبلي.

[15] الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي 18/ 302.

[16] التفسير الوسيط للقرآن الكريم 7/ 159.

[17] روائع التفسير(الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي) 2/ 653.

[18] غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب 2/ 378. السفاريني الحنبلي (المتوفى: 1188هـ).

[19] الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي 4/ 210.

[20] روائع التفسير(الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي) 2/ 152.

[21] ألقيت هذه الخطبة في أحد مسجد عمان عام 1439هـ2017 م. كما ألقيت في بعض المراكز الإسلامية الدعوية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الاستغفار
  • فضل الاستغفار
  • إظهار فضل الاستغفار
  • فضل الاستغفار
  • الاستغفار وأفضاله في حياة المسلم
  • استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة
  • فضل الاستغفار
  • فضل الاستغفار (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الهند: مطالب بتحقيق العدالة على إثر مقتل عمال مناجم مسلمين على يد مجهولين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مخطوطة سر الأسرار وسير الأبرار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حل أسرار الأخبار على إعراب إظهار الأسرار(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • التحذير من إفشاء الأسرار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسرار المجالس وأماناتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتمان الأسرار الشخصية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار وحفظ الأسرار في بيت الزوجية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دور الأسرة في علاج وتدريب الطفل المعاق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مخطوطة زبدة الأسرار في شرح مختصر المنار(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب