• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

بعض صفات أجسام أهل الجنة دار الأبرار وأهل النار دار الأشرار

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/3/2017 ميلادي - 10/6/1438 هجري

الزيارات: 278305

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بعض صفات أجسام أهل الجنة دار الأبرار

وأهل النار دار الأشرار


إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1]

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70، 71].

 

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

عباد الله؛ الإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى أوَّلَ ما خلقه روحا بعد أن كان طينا وترابا وصلصالا كالفخار، ونفخت فيه الروح فكان آدم، ثم كانت النطفة، ثم كانت العلقة والمضغة، ثم أنشأه الله خلقا آخر، فطور الإنسان، كلُّ طور فيه يختلف عن الآخر، ثم صار جنينا في بطن أمه، ثم بعد ذلك خرج طفلا وغلاما، ومراهقا وفتى شابا، وكهلا وشيخا عجوزا هرما، ثم مات، هل انتهت مسألته؟


في نظرنا أنها انتهت، فلو بحثنا عنه في قبره بعد ثلاثة أيام أو أكثر؛ يختلف حاله عما كان قبل ذلك عندا كان حيًّا على وجه الأرض، وخطبة اليوم هي وعظ وتذكير، أن نتذكر حالنا نحن المسلمين إن شاء الله، وحال غيرنا من الكفار، نعوذ بالله:

كيف تكون الأجسام عند رب الأرباب، يوم القيامة في الحشر، في الجنة أو في النار؟ نسأل الله الجنة ونعوذ بالله من النار، فإذن نظرنا إلى حياتنا الدنيا التي نعيشها، نجد حديثا يصف أجسام الخلق وأكثر من حديث!!

 

لكن نأخذ هذا الحديث الذي فيه يصف النبي صلى الله عليه وسلم الرجل السمين الغليظ، الكبير الضخم، ويوم القيامة يوضع في الميزان لا يزن جناح بعوضة والعياذ بالله، هذا هو الكافر، وهو أقبل على الله بجسم عظيم، أكل من نِعم الله، وشرب من نِعم الله، ولم يعبد الله ولم يشكر الله.

 

وإليكم بعضَ صفاتِ أجسامِ أهلِ النار فقد جاء في صحيح البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ"، وَقَالَ: اقْرَءُوا: ﴿فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: 105] [1].

 

فلو تكلَّمنا أو بدأنا بأهل الشرِّ، وأهل الكفر؛ كيف تكون أجسامهم يوم القيامة؟ لو جدنا وصفًا مخيفا مهينا في ضخامة أجسامهم، وكبرها وعظمها؛ ليزداد عذابها وألمها.

فانظر إلى ضَخَامَة أَحْجَامِ أَهْلِ النَّار؛ روى الإمام مسلم والترمذي والإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ الْكَافِرِ فِي النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ]، [وَغِلَظ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا]، [بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ"] -[الجبار]: مَلِك باليمن له ذراع معروف المقدار.- ["وَضِرْسهُ مِثْلُ أُحُدٍ]، [وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ"] -[َالْبَيْضَاءُ]: جَبَلٌ مِثْلُ أُحُدٍ.- ["وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ]؛ [كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ"] [2].

يعني طرفي كتفيه، عاتقه الأيمن والأيسر، هذه المنطقة ما بينها مسيرة ثلاثة أيام!

سُمْكُ جلده اثنان وأربعون ذراعا، -أي واحد وعشرون مترا- بذراع الجبار؛ وهو ملك من ملوك اليمن، كان يضرب المثل بذراعه؛ لأن ذراعه كبير.

وضرسه مثل أحد، الضرس مثل الجبل! فكيف الرأس؟ وكيف الجثة؟

وفَخِذُه مثل البيضاء، قالوا: البيضاء أيضا مثل جبل أحد، اسم جبل يساوي جبل أحد، جبل أحد يا عباد الله طوله أكثر من سبعة كيلو مترات طولا، وارتفاعه حوالي ثلاثمائة متر، يحد المدينة من جهة الشمال.

ومقعده من النار؛ كما بين مكة والمدينة، المكان الذي يجلس فيه يملأ ما بين مكة والمدينة، مسيرة نحو خمس أو ست ساعات بالحافلة.

 

وعند الإمام أحمد، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله -تعالى- عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَيَعْظُمُ لِلنَّارِ، حَتَّى يَكُونَ الضِّرْسُ مِنْ أَضْرَاسِهِ كَأُحُدٍ" [3].

 

وعند الإمام أحمد عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله -تعالى- عنهما: [أَتَدْرِي مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ؟!] قُلْتُ: [لَا!] قَالَ: [أَجَلْ وَاللهِ مَا تَدْرِي؛ إنَّ بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ عَاتِقِهِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا، تَجْرِي فِيهَا أَوْدِيَةُ الْقَيْحِ وَالدَّمِ]، قُلْتُ: [أَنْهَارًا؟!] قَالَ: [لَا! بَلْ أَوْدِيَةً]، ثُمَّ قَالَ: [أَتَدْرُونَ مَا سِعَةُ جَهَنَّمَ؟! حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رضي الله عنها، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾]؟ [سورة الزمر: 67]، قَالَتْ: [فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟!] فَقَالَ: "هُمْ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ" [4].


إذا نظرنا ما بين المنكبين مسيرة ثلاثة أيام، وما بين شحمة أذنه إلى عاتقه سبعين خريفا، سبعين سنة، كيف يكون ذلك، وغِلَظ الجلد اثنان وأربعون ذراعا، والضِّرس وما شابه ذلك، الظاهر أن فيها اختلاف؟

نعم! الكفار في العذاب ليسوا سواء، منهم الغليظ جدًّا جدًّا، ومنهم أقلّ من ذلك، ومنهم من يحشر كأمثال الذرِّ إهانة له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالُ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ". والحديث رواه الترمذي، يقول ابن حجر رحمه الله: [وَكَأَنَّ اخْتِلَافَ هَذِهِ الْمَقَادِيرِ -في الطول والعرض والضخامة- مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ تَعْذِيبِ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ -في شرح مسلم-: إِنَّمَا عَظُمَ -أي كبر وضخم- خَلْقُ الْكَافِرِ فِي النَّارِ لِيَعْظُمَ عَذَابُهُ، وَيُضَاعَفُ أَلَمُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْبَعْضِ؛ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ -الذي ذكرناه آنفا- "إِنَّ الْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالُ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: بُولَسُ". [5] قَالَ: وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْكُفَّارَ متفاوتون فِي الْعَذَاب، كَمَا عُلِمَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ] [6].

 

واعلموا أن الكفار -عافانا الله وإياكم منهم، ومن أعمالهم، ومن كفرهم- ينغمسون انغماسًا في النار مع عذابٍ في الأعضاء، يعني النار كبَحْرٍ يدخله الكافر، ويصلُ إليه عذابٌ على قدر كفره في الدنيا، وبقية الجسم يعذب بأنواع أخرى من العذاب، روى البخاري والإمام ومسلم وأحمد، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ"]، -[الأَخْمَص]: مَا لَا يَصِل إِلَى الْأَرْض مِنْ بَاطِن الْقَدَم عِنْد الْمَشْيِ.- ["يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ"]، -[الْمِرْجَلُ]: الْإِنَاء الَّذِي يُغْلَى فِيهِ الْمَاء وَغَيْره.- ["مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا، وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا]، [وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى كَعْبَيْهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى صَدْرِهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ إِلَى أَرْنَبَتِهِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ اغْتُمِرَ فِي النَّارِ مَعَ إِجْرَاءِ الْعَذَابِ"]. [7].

عافانا الله وإياكم من جهنم ومن عذابها، اللهم آمين.

 

أهل جهنم هل يتنفَّسون؟ نعم! نفس -والعياذ بالله- كما قال الله عز وجل لهم فيها شهيق وزفير، يصدر أصواتا كصوت الحمار، عندما يخرج نفسه أو يرجعه إلى جوفه، لكن نَفَسُ الكافر الواحد من أهل النار صوَّره النبي صلى الله عليه وسلم؛ تقريبا للأفهام والأبدان، بأنه يحرق ما يزيد على مائة ألف إنسان لو وصل إلى أهل الأرض، فقد أورد أبو يعلى في مسنده، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَفِيهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَتَنَفَّسَ فَأَصَابَهُمْ نَفَسُهُ، لَاحْتَرَقَ الْمَسْجِدُ وَمَنْ فِيهِ". [8]، نسأل الله السلامة.

 

هؤلاء الناس يتضايقون في جهنم ويقعون في كرب شديد، ويريدون الخروج منها، فيخرجون إلى ما هو أشدّ شرًّا منها، فيتمنون الرجوع مرة أخرى إلى النار؛ لأنها أرحم لهم مما تمنوا ورجوا فيه خِفَّة العذاب، يدلُّ على ذلك ما كان وسيكون هناك؛ بأن يجعل الله عزّ وجلّ عند خروجهم عن النار؛ إلى ساحلها الهوامَّ والحشراتِ، والحياتِ والعقاربَ ونحو ذلك، فإذا خرجوا من النار تناولتهم، فتذهب إلى وجوههم، وتنفث فيها السم، فتتقلَّص وتتلاشى لحوم الوجوه، يذهب لحمها، ويبقى العظم، وتصبح وجوها كالحةً، كما قال الله عز وجل: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾، فلا تبقى لهم شفاه ولا وجوه إلا تقلصت، يؤيد ذلك ما رواه الحاكم بإسناده، عن مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ الرَّهَاوِيِّ -وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الشَّامِ- وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْجُيُوشِ، فَخَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: ["إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَاحِلًا كَسَاحِلِ الْبَحْرِ، فِيهِ هَوَامٌّ"]، -[الهَوامّ]: جمع هامَّة، وهي كل ذات سُمٍّ يقتل، وأيضا هي كل ما يدب من الحشرات وإن لم يقتل، لكن يؤذي.- ["إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَاحِلًا كَسَاحِلِ الْبَحْرِ، فِيهِ هَوَامٌّ، وَحَيَّاتٌ كَالنَّخْلِ، وَعَقَارِبٌ كَالْبِغَالِ، فَإِذَا اسْتَغَاثَ أَهْلُ جَهَنَّمَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمْ، قِيلَ: اخْرُجُوا إِلَى السَّاحِلِ، فَيَخْرُجُونَ، فَيَأخُذُ الْهَوَامُّ بِشِفَاهِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ وَمَا شَاءَ اللهُ، فَيَكْشِفُهُمْ"، -تذهب بها كلها، فتبقى بلا لحم- "فَيَسْتَغِيثُونَ فِرَارًا مِنْهَا إِلَى النَّارِ، وَيُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ الْجَرَبَ، فَيَحَكُّ وَاحِدٌ جِلْدَهُ حَتَّى يَبْدُوَ الْعَظْمُ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: يَا فُلَانُ! هَلْ يُؤْذِيكَ هَذَا؟! فَيَقُولُ: نَعَمْ! فَيَقُولُ: ذَلِكَ بِمَا كُنْتَ تُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ"] [9].

 

الذين يؤذون المؤمنين في الدنيا بغير ما اكتسبوا له يوم القيامة هذا العذاب يحكُّ جلده، وكم ممن آذى المؤمنين في أعراضهم وفي أموالهم وفي دمائهم، ويؤذي ويستمر في إيذائه ويبرر ذلك بتبريرات باطلة.

واليوم أيضا يؤذي المؤمنين أيضا بلسانه، وبإصبعه على الفسبكة، والشبكات العنكبوتية بالطعن في الوقوع في الأعراض وما شابه ذلك.

 

هؤلاء الكفار والعياذ بالله يصيحون ويصطرخون، ويبحثون عن صوت يخرجونه فلا يستطيعون، تنقطع أصواتهم، قال الله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [فاطر: 36، 37].

 

ورد عند ابن ماجة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ" [10].

 

ما يبقى دمع، في رواية أخرى عند الحاكم، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ". -يَعْنِي مَكَانَ الدَّمْعِ-. [11]، مكان الدمع يأتي الدم، نسأل الله السلامة.

 

في هذه الحال؛ ما هي أمانيُّهم وما هي طلباتهم؟ يا عباد الله! أمنياتهم ما ورد عند الطبراني في معجمه الكبير، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: [إنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَدْعُونَ مَالِكًا] -يعني ينادون خازن جهنم-: ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّك﴾. [الزخرف: 77]، فَلَا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا، ثُمَّ يَقُولُ: ﴿إنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾، ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: 107]، قَالَ: فَلَا يُجِيبُهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا، -يعني مثل عمر الدنيا ما في إجابة- ثُمَّ يَقُولُ -بعد مضي هذا العمر الطويل-: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: 108]، ثُمَّ يَيْأَسْ الْقَوْمُ، فَمَا هُوَ إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ، تُشْبِهُ أَصْواتُهُم أَصْوَاتَ الْحَمِيرِ، أَوَّلُهَا شَهِيقٌ، وَآخِرُهُا زَفيرٌ] [12].

هذه بعض النقاط وبعض المواصفات والصفات لأجسامهم وأعمالهم والعياذ بالله.

 

أما صفات أهل الجنة نسأل الله أن نكون منهم، فنأخذ بعضا من صفاتهم، وبعضا من صفات وجوههم، ومنها ما رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي] [أَوَّلُ زُمْرَةٍ"] [الزُّمرة]: الجماعة من الناس-، ["سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ]، [مُتَمَاسِكُونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ]، [تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ]، [ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً"]. -[الدُّرِّيّ]: النَّجْم الشَّدِيد الْإِضَاءَة -في السماء-، وَقَالَ الْفَرَّاء: هُوَ النَّجْم الْعَظِيم الْمِقْدَار، كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الدُّرّ لِبَيَاضِهِ وَضِيَائِهِ. [فتح الباري].- [ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ"]. [13]، هذه بعض صفاتهم.

توبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة مهداة للعالمين كافة، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

أهل الجنة نسأل الله أن نكون من أهلها؛ ما هي أعمارهم؟ وما هي أطوالهم وأجسامهم؟ وما هي أشكالهم وصورهم؟ وما هي أخلاقهم وقلوبهم؟ فلنستمع إلى ما رواه الطبراني في الكبير، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ سِقْطًا" -يعني يموت قبل الولادة، يخرج جنينا لم يكتمل التسعة أشهر مات- "وَلَا هَرِمًا" -مات كبيرا في السن، تجاوز المائة- "-وَإِنَّمَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ-؛ إِلَّا بُعِثَ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ كَانَ عَلَى مِسْحَةِ آدَمَ، وصُورَةِ يُوسُفَ، وَقَلَبِ أَيُّوبَ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، عُظِّمُوا وَفُخِّمُوا كَالْجِبَالِ". [14].

 

ألا واعلموا عباد الله أنّ الجنة أهلها شباب، فلا مكان للعجائز وكبار السن في الجنة! فليس لهم مكان، الكلّ هناك يكونون شابًّا ما بين سبط إلى الهرم، ورد في [الشمائل]، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: [دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي عَجُوزٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ]، فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ الْعَجُوزُ؟!" فَقُلْتُ: [مِنْ خَالَاتِي]، فَقَالَتْ: [يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ]، فَقَالَ: "يَا أُمَّ فُلَانٍ! إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَدْخُلُهَا عَجُوزٌ"، فَوَلَّتْ تَبْكِي، فَقَالَ: "أَخْبِرُوهَا؛ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّا أَنْشَأنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا﴾ [الواقعة: 35- 37]. [15].

هذه حالهم في الآخرة؛ يشِبُّوا فلا يهرموا أبدا، نسأل الله ذلك.

 

أما صفاتهم التي في الدنيا فتتغير؛ تتغير أطوالُهم ولا يحتاجون إلى إخراج بول أو مخاط، أو بصاق ونحو ذلك، نعمةٌ ما بعدها نعمة، هناك لا تنغيضَ فيها، لا ببولة ولا بمخاط، راحةٌ أبديّة سرمديّة، روى البخاري ومسلم والترمذي والإمام أحمد، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ["يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي] [أَوَّلُ زُمْرَةٍ] [سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ]، [مُتَمَاسِكُونَ، آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ]، [تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ]، [ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً"]، ["ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ]، [وَيُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 43]؛ ["لَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ]، [وَلَا يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلَا يَمْتَخِطُونَ]، [وَلَا يَبُولُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ] [وَيَكُونُ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءً"]. -[الجُشاء]: صوت يخرج من الفم عند امتلاء المعدة.- ["آنِيَتُهُمْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ]، [وَأَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ"]. -أَيْ: رَائِحَةُ عَرَقِهِمْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ. [16]- ["وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ"].

• الْمَجَامِرُ: جَمْعُ مِجْمَرٍ، وَالْمِجْمَرُ: هُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ النَّارُ لِلْبَخُورِ. [17]، [الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ]: الْعُودُ الْهِنْدِيُّ الْجَيِّدُ، يُتَبَخَّر بِهِ.- وهو من أطيب أنواع الطيب الهندي في زماننا هذا، هناك يخلق من عند الله مباشرة. ["يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ"] -وَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ تَنَفُّسَ الْإِنْسَانِ لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، فَجُعِلَ تَنَفُّسُهُمْ تَسْبِيحًا، وَسَبَبُهُ أَنَّ قُلُوبَهُمْ تَنَوَّرَتْ بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَامْتَلَأَتْ بِحُبِّهِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ. [18]- ["أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ]، [قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ]. -أَيْ: فِي الِاتِّفَاقِ وَالْمَحَبَّةِ. [19]- ["لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ"] -قَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾. [20]

 

[أَبْنَاءُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ]، [عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ]، -حوالي ثلاثون مترا في السماء، ليس كأولئك الكفار الذين ضرس الواحد فيهم كالجبل، ليس كذلك، هذا طول الواحد منهم- [سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ، فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ عَرْضًا، جُرْدٌ مُرْدٌ] -[الأجرد]: هو الذي لَا شعر على جسده. و[الأمرد]: هو الذي لم يبلغ سن إنبات شعر لحيته، وهذه هي صفات أهل الجنة يوم القيامة، والمقصود هنا أن أهل الجنة، ليس على وجوههم ولا على أجسادهم شعر، كشعر الرِّجْلين والعانة والإبط، أما شعر الرأس والحاجبين والرموش فموجود، أما غيره مما هو شعر زائد فمفقود والله تعالى أعلم.

 

["مُكَحَّلُونَ]، [بِيضٌ جِعَادٌ"] -ألوانهم بيضاء، وجِعاد الشعر- –[الْجَعْدُ]: هُوَ مَا فِيهِ الْتِوَاءٌ في شعره وَانْقِبَاضٌ، لَا كَمُفَلْفَلِ السُّودَانِ، وَفِيهِ جَمَالٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ. [21]- شعورهم جميلة بل في غاية من الجمال.

 

["أَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ]، [لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ]، [عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً]، [يَرَى مُخَّ سُوقِهِمَا]، [مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ] [وَالثِّيَابِ] [مِنْ الْحُسْنِ]، -[الْمُخّ]: مَا فِي دَاخِل الْعَظْم، وَالْمُرَاد بِهِ وَصْفهَا بِالصَّفَاءِ الْبَالِغ، وَأَنَّ مَا فِي دَاخِل الْعَظْم لَا يَسْتَتِر بِالْعَظْمِ وَاللَّحْم وَالْجِلْد. [22].

 

["كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ]، -لا يمنع رؤية مخ السيقان وما باخلها عظمٌ ولا الثياب-، [وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ]، [يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا"] -أَيْ: قَدْرَهمَا، وأن هناك ليس شمس فيها الغروب والشروق لنرى ذلك، لكن بالمقدار- والْإِبْكَارُ: أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِيُّ: مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ. [23]

 

فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ رضي الله عنه، فَقَالَ: [يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ لِي أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ؟] فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ"، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: [يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ]، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: "قَدْ سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ"]. [24].

 

وهنا لفتة حسنة! لماذا أجاب الأوَّلَ ودعا له، ولم يجب الثاني ولم يدع له؟

أقوال كثيرة للعلماء أولاها وأفضلها ما قاله ابن الجوزي رحمه الله.

• قَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوَّلَ سَأَلَ عَنْ صِدْقِ قَلْبٍ فَأُجِيبَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ حَسْمُ الْمَادَّةِ، -يعني يمكن أن يكون صادقا هذا الثاني، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يقطع على ما بعده من ثان وثالث- فَلَوْ قَالَ للثَّانِي: نَعَمْ؛ لَأَوْشَكَ أَنْ يَقُومَ ثَالِثٌ وَرَابِعٌ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَصْلُحُ لِذَلِكَ... [25]

وروى مسلم في صحيحه عن قلوب أهل الجنة يوم القيامة، قلوب من هم في الدنيا ما هي صفاتهم؟

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ". [26]


أفئدتهم مثل أفئدة الطير، في معناه عدة معان:

• قِيلَ: مِثْلُهَا فِي رِقَّتهَا وَضَعْفهَا، كَالْحَدِيثِ الْآخَر: "أَهْلُ الْيَمَنِ أَرَقُّ قُلُوبًا وَأَضْعَفُ أَفْئِدَة".

• وَقِيلَ -معناها-: فِي الْخَوْفِ وَالْهَيْبَةِ، وَالطَّيْرُ أَكْثَرُ الْحَيَوَان خَوْفًا وَفَزَعًا، كَمَا قَالَ اللهُ -سبحانه و- تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء﴾، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ: قَوْمٌ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْخَوْفُ، كَمَا جَاءَ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ السَّلَفِ -الصالح- فِي شِدَّةِ خَوْفِهِمْ -من الله جل جلاله ويبكون في الليل والنهار.-

• وَقِيلَ: الْمُرَاد -في الذين أفئدتهم كأفئدة الطير أولئك الـ- مُتَوَكِّلُونَ -على الله-. وَالله أَعْلَم. [27].

فنسأل الله أن نكون من المتوكلين على الله، ونسأل الله رضاه وجنته، ونعوذ بالله من عذابه ومن النار.

 

ألا وصلوا على المصطفى الهادي، البشير النذير، كما أمركم العلي القدير، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم إنا نسألك قلوبا خاشعة، وعلوما نافعة، وأرزاقا واسعة، وشفاء من كل مرض وداء، ومعافاةً من كل هم وفتنة وبلاء.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغلّ والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

وأنت يا مؤذن أقم الصلاة؛ ﴿... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].



[1] [خ] [4729]، [م] [2785].

[2] [م] [2851]، [2852]، [خ] [6551]، [ت] [2577]، [2578]، [حم] [10944]، انظر صَحِيح الْجَامِع [3888]، والصَّحِيحَة [1105].

[3] [حم] [19285]، انظر صَحِيح الْجَامِع [1628]، الصَّحِيحَة [1601].

[4] [حم] [24900]، [م] [2791]، [ت] [3121]، انظر الصَّحِيحَة [561].

[5] [ت] 2492].

[6] فتح الباري لابن حجر [11/ 423].

[7] [خ] [6194]، [6193]، [م] [213]، [حم] [11115]، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ [3686]، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

[8] [يع] [6670]، انظر الصَّحِيحَة [2509].

[9] [ك] [6087]، [هق في البعث والنشور] [562]، [الزهد لابن المبارك] [2/ 95]، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ [3677].

[10] [جة] [4324]، انظر صَحِيح الْجَامِع [8083].

[11] [ك] [8791]، انظر صَحِيح الْجَامِع [2032]، الصَّحِيحَة [1679].

[12] [طب] [13/ 352] ح [14171]، [ك] [3492]، [8770]، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ [3691].

[13] [خ] [3073]، [3149]، [5474]، [6187]، [م] [216]، [2834].

[14] [طب] [663]، انظر الصَّحِيحَة: [2512]، صَحِيح التَّرْغِيبِ [3701].

[15] الشمائل المحمدية [238]، الصَّحِيحَة: [2987]، مختصر الشمائل [205]، وهداية الرواة [4814].

[16] تحفة الأحوذي [6/ 328].

[17] تحفة الأحوذي [6/ 328].

[18] تحفة الأحوذي [6/ 328].

[19] تحفة الأحوذي [6/ 328].

[20] تحفة الأحوذي [6/ 328].

[21] تحفة المحتاج.

[22] فتح الباري.

[23] فتح الباري.

[24] [خ] [3073]، [3074]، [3081]، [3149]، [5474]، [6176]، [6187]، [م] [216]، [2834]، [2835]، [2836]، [2837]، [ت] [2539]، [حم] [7920]، [8523]، [15157]، قال الأرناؤوط: إسناده صحيح. [طب] [8864]، [ش] [35248]، انظر صَحِيح الْجَامِع [8072]، صحيح الترغيب [3700]، [3745]، الصَّحِيحَة تحت حديث [1736].

[25] تحفة الأحوذي [6/ 238].

[26] [م] [2840]، [حم] [8364].

[27] النووي: 9/ 223.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في أهل الجنة
  • أهل الجنة
  • استقبال الأرواح في بلاد الأفراح
  • الجنة دار الطيبين (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)
  • شرار الناس

مختارات من الشبكة

  • صفات أهل الجنة وأهل النار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات أهل الجنة ( مطوية )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة خطب الدار الآخرة (22) الأخيرة: أعمال أهل الجنة وصفاتهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفات أصحاب غرف الجنة(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • اعتقاد أهل السنة والجماعة في الصفات الثبوتية والصفات السلبية(المنفية)(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أقسام صفات الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث المختار في وصف الجنة والنار: وصف للجنة وأهلها والنار وأهلها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • إفراد أحاديث أسماء الله وصفاته - غير صفات الأفعال - في الكتب والسنة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • العظمة صفة من صفات الله(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
طه عبد الفتاح العليوي - سوريا 20-05-2022 04:54 AM

بسم الله والصلاة على رسول الله.
كلام عظيم ومهيب وجميل ومرعب اللهم اجعلني أنا وأهلي وكل المسلمين وكاتب هذا المنشور من أهل الجنة

1- ممتاز
محمد - España 01-10-2019 01:08 AM

جزاكم الله خيرا على الموضوع الرائع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب