• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بطلان القول بعرض السنة على القرآن
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    بيان ما يتعلق بعلوم بعض الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم التوكل على غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: أهمية العمل التطوعي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: تجديد الحياة مع تجدد الأعوام
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب ذكر الله لك في الملأ الأعلى
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    المرأة بين حضارتين (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    رجل يداين ويسامح (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (25) «ذهب أهل ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    من فضائل لا إله إلا الله
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أصول الفقه مفهومه وفوائده وأهميته في الدين
    د. ربيع أحمد
  •  
    خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ...
    د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
  •  
    شموع (111)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة / العلم والدعوة
علامة باركود

يا بني اركب معنا (خطبة)

يا بني اركب معنا (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/4/2016 ميلادي - 16/7/1437 هجري

الزيارات: 31255

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا بني اركب معنا

 

الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَتَعَدَّدُ الآرَاءُ وَتَتَشَعَّبُ الأَهوَاءُ، وَتَختَلِفُ الأَعمَالُ وَتَكثُرُ الأَقوَالُ، وَتَحدُثُ في الدُّوَلِ وَالمُجتَمَعَاتِ تَغَيُّرَاتٌ وَتَحَوُّلاتٌ، وَقَد يُصبِحُ صَدِيقَ الأَمسِ عَدُوَّ اليَومِ وَبِالعَكسِ، وَقَد يُغَيِّرُ أَقوَامٌ اتِّجَاهَاتِهِم وَتَنقَلِبُ نَوَايَاهُم، وَلَكِنَّ كُلَّ مَا يَحصُلُ لا يُخرِجُ الحَقَّ عَن أَن يَبقَى حَقًّا، وَلا البَاطِلَ عَن أَن يَظَلَّ بَاطِلاً، قَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 32] وَإِنَّهُ وَمُنذُ أَن خَلَقَ اللهُ الإِنسَانَ، فَقَد حَذَّرَهُ عَدَاوَةَ الشَّيطَانِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ﴾ [طه: 117].

 

وَلَم يَكُنْ هُبُوطُ آدَمَ عَلَيهِ السَّلامُ مِنَ السَّمَاءِ لَمَّا ضَعُفَ وَعَصَى وَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ، إِلاَّ انتِقَالٌ لِمَيدَانِ الصِّرَاعِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ إِلى هَذِهِ الأَرضِ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ﴾ [طه: 123 - 125].

 

وَيَشَاءُ اللهُ أَن تَظَلَّ الخُصُومَةُ بَينَ الرُّسُلِ عَلَيهِمُ السَّلامُ وَأَتبَاعِهِم مِن جِهَةٍ، وَبَينَ أَعدَائِهِم مِنَ الشَّيَاطِينِ وَأَتبَاعِهِم مِن جِهَةٍ أُخرَى، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الفرقان: 31] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ﴾ [الأنعام: 112، 113].

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الصَّرَاعَ وَإِن تَعَدَّدَت أَسمَاءُ الأَعدَاءِ وَتَشَعَّبَت مَذَاهِبُهُم، إِنَّمَا هُوَ بَينَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ، وَهُدًى وَضَلالٍ، وَصَوَابٍ وَخَطَأٍ؛ صَحِيحٌ أَنَّ مُؤَامَرَاتِ أَهلِ البَاطِلِ عَلَى أَهلِ الحَقِّ قَد تَكُونُ اتَّخَذَت أَشكَالاً جَدِيدَةً وَصُوَرًا مُتَعَدِّدَةً، أَو لَبِسَت مَلابِسَ مُختَلِفَةً أَوِ انتَهَجَت أَسالِيبَ مُتَغَايِرَةً، وَرَكِبَت مَوجَاتٍ مُتَبَايِنَةً وَاعتَمَدَت وَسَائِلَ مَاكِرَةً، لَكِنَّ أَهلَ البَاطِلِ كَانُوا وَمَازَالُوا هُم إِيَّاهُم، وَالمُسلِمُونَ بِعَامَّةٍ وَأَهلُ السُّنَّةِ بِخَاصَّةٍ، كَانُوا وَمَا يَزَالُونَ غَرَضًا لِسَهَامِ العَدُوِّ الغَادِرَةِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾ [إبراهيم: 13] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [المائدة: 51] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ ﴾ [آل عمران: 69] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 109] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120] وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 67].

 

وَمَعَ مَا تَعَرَّضَ لَهُ الحَقُّ عَلَى مَرِّ العُصُورِ وَتَوَالي الدُّهُورِ مِن نَكَبَاتٍ، إِلاَّ أَنَّ ثَبَاتَهُ وَرُسُوخَهُ وَانتِصَارَهُ، وَطَيَشَانَ البَاطِلِ وَزَوَالَهُ وَمَحقَهُ، سُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ الَّتي لا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَغَيَّرُ، وَهُوَ تَعَالى يَنصُرُ المُهتَدِينَ وَيُؤَيِّدُهُم وَيَحفَظُهُم، كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 31] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 24 - 27]

 

أَجَل - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - إِنَّ الحَقَّ ثَابِتٌ وَأَهلَهُ مَهدِيُّونَ مَنصُورُونَ، وَالبَاطِلَ زَائِلٌ وَأَهلَهُ مَخذُولُونَ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لأَنَّ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ﴾ [النساء: 76] قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33] وَلَو شَاءَ اللهُ وَهُوَ القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ لَنَصَرَ عِبَادَهُ وَأَظهَرَ دِينَ الحَقِّ بِقَضَاءٍ مِنهُ وَقَدَرٍ، بِلا عَمَلٍ وَلا جُهدٍ مِن بَشَرٍ، وَلَكِنَّ حِكمَتَهُ اقتَضَتِ الابتِلاءَ وَالمُدَافَعَةَ، قَالَ تَعَالى: ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 250، 251].

 

نَعَم - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - لَقَد جَعَلَ رَبُّكُمُ الخُصُومَةَ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ مُستَمِرَّةً إِلى أَن يَرِثَ الأَرضُ وَمَن عَلَيهَا ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119] وَمِن ثَمَّ فَلا يَظُنَّنَ ظَانٌّ أَنَّ الطَّرِيقَ مَفرُوشَةٌ بِالوُرُودِ وَالرَّيَاحِينَ، بَل هِيَ طَرِيقٌ لا تَخلُو مِن مَشَقَّةٍ ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3] لَقَد لاقى الأَنبِيَاءُ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ في سَبِيلِ الحَقِّ مَا لاقَوا، فَمِنهُم مَن أُخرِجَ مِن دِيَارِهِ، وَمِنهُم مَن طُرِدَ مِن أَرضِهِ، وَمِنهُم مِن حُوصِرَ وَمِنهُم مَن قُتِلَ، وَمَعَ هَذَا فَقَد تَكُونُ الدَّائِرَةُ في وَقتٍ مِنَ الأَوقَاتِ أَو جِهَةٍ مِنَ الجِهَاتِ لأَهلِ البَاطِلِ وَيَغلِبُونَ، وَلَكِنَّ المُؤمِنِينَ يَبقَونَ صَابِرِينَ ثَابِتِينَ، وَيُجَاهِدُونَ بِكُلِّ مَا أُوتُوا مِن قُوَّةٍ؛ لأَنَّهُم مَنهِيُّونَ عَنِ الضَّعفِ وَالجَزَعِ، قَالَ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾ [النساء: 104] وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّهُ لَوَاجِبٌ عَلَى المُؤمِنِينَ وَهُم عَلَى الحَقِّ أَن يُدَافِعُوا البَاطِلَ وَيَستَدفِعُوا كَيدَ الشَّيطَانِ وَجُندِهِ، ولا يَتَخَاذَلُوا لأَنَّ لِوَاءَ البَاطِلِ في زَمَنٍ كَزَمَانِنَا حَمَلَتهُ دُوَلٌ وَحُكُومَاتٌ، أَو رَفَعَتهُ هَيئَاتٌ وَمُنَظَّمَاتٌ، فَهَذَا شَأنُ البَاطِلِ وَتِلكَ عَادَتُهُ، قَد يَحتَدِمُ في حِينٍ وَتَكُونُ لَهُ صَولَةٌ، إِلاَّ أَنَّهُ كُلَّمَا احتَدَمَ وَقَوِيَ وَتَعَاظَمَ، كَانَ هَذَا مُبَشِّرًا بِتَمَيُّزِ الخَيرِ عَنِ الشَّرِّ، وَحِينَهَا يُعرَفُ مَن يَحمِلُ هَمَّ الإِسلامِ وَيَرفَعُ لِوَاءَهُ بِصِدقٍ، وَمَن هُوَ قَائِمٌ بِوَاجِبِ الدَّعوَةِ إِلى اللهِ بِحَقٍّ، وَمَن لم يَكُنْ تَلَبُّسُهُ بِالحَقِّ في الظَّاهِرِ سِوَى سُلَّمٍ لِنَيلِ حَظٍّ مِنَ الدُّنيَا قَلِيلٍ ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227] أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَكُنْ مِن حِزبِهِ المُفلِحِينَ، وَلْنَكُنْ صَفًّا في مُوَاجَهَةِ البَاطِلِ وَمُدَافَعَتِهِ؛ فَذَلِكَ سَبَبٌ لِمَحَبَّةِ اللهِ لَنَا، وَإِذَا أَحَبَّنَا تَعَالى نَصَرَنَا وَأَيَّدَنَا، وَهُوَ القَائِلُ سُبحَانَهُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4] ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ * لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة:20، 22].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عِندَمَا تَشتَدُّ الأَزَمَاتُ وَيَحتَدِمُ الصِّرَاعُ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَتَتَمَايَزُ الصُّفُوفُ وَلا يُبقِي الطُّوفَانُ مَجَالاً لِلتَّفكِيرِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى المُؤمِنِ الرُّكُوبُ في سَفِينَةِ النَّجَاةِ مَعَ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ، وَعَدَمُ التَّشَبُّثِ بِما يَظُنُّ فِيهِ نَجَاةً غَيرَ الدِّينِ، وَلا يَغتَرَّنَّ أَحَدٌ بِبَاطِلٍ وَإِن عَلا شَأنُهُ وَارتَفَعَ بُنيَانُهُ، فَلَيسَ وَرَاءَ اللهِ مُنتَهَى، وَهَذَا نُوحٌ - عَلَيهِ السَّلامُ - لَمَّا عَلا الطُّوفَانُ، وَالسَّفِينَةُ ﴿ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ [هود: 42] دَعَا ابنَهُ إِلى الطَّرِيقِ الوَحِيدِ لِلنَّجَاةِ ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42] وَلَمَّا انخَدَعَ ابنُهُ بِعُلُوِّ الجِبَالِ وَظَنَّ أَنَّهَا سَتَمنَعُهُ مِن عَذَابِ اللهِ وَتُنجِيهِ مِن بَأسِهِ، وَ ﴿ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ﴾ [هود: 43] أَجَابَهُ الأَبُ الرَّؤُوفُ بِهِ العَالِمُ بِرَبِّهِ ﴿ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 43].

 

إِنَّ العَالَمَ اليَومَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - يَشهَدُ طُوفَانًا لِلشَّرِّ طَاغِيًا، وَزَحفًا لِلبَاطِلِ عَادِيًا، وَزَهوًا لَهُ وَانتِفَاشًا وَتَعَالِيًا، وَسَيَنجَرِفُ مَعَ هَذَا البَاطِلِ مَن يَنجَرِفُ، وَسَيَنحَرِفُ إِلَيهِ مَن يَنحَرِفُ، وَلَن يَنجُوَ إِلاَّ مَن عَصَمَهُ اللهُ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ المَتِينِ، فَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً وَلا تَختَلِفُوا، اُثبُتُوا في طَرِيقِ الهُدَى، وَادعُوا إِلى سَبِيلِ رَبِّكُم بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ، اُنشُرُوا الحَقَّ وَأَعلُوهُ وَارفَعُوهُ، وَكُونُوا مِن أَنصَارِهِ وَادعَمُوهُ وَادفَعُوهُ، جَاهِدُوا بِأَلسِنَتِكُم وَأَموَالِكُم، أَصلِحُوا أَنفُسَكُم وَأُسَرَكُم وَأَبنَاءَكُم، وَكُونُوا قُدوَاتٍ حَسَنَةً في الخَيرِ لأَجيَالِكُم، وَمُرُوا بِالمَعرُوفِ وَانهُوا عَنِ المُنكَرِ.

 

إِنَّكُم إِلى رَبِّكُم صَائِرُونَ، وَعَمَّا جَاءَكُم مِنَ الحَقِّ مَسؤُولُونَ " كُلُّكُم رَاعٍ وَكُلُّكُم مَسؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ " وَ" إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا استَرَعَاهُ حَفِظَ أَم ضَيَّعَ " وَلَيسَ ضَلالُ كَبِيرٍ أَو تَهَاوُنُ زَعِيمٍ بِمُسَوِّغٍ لِلتَّخَلِّي عَنِ العُبُودِيَّةِ الحَقَّةِ، وَالَّتِي مِن أَجلِهَا خُلِقَ العِبَادُ، فـَ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38] ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164] وَلا طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ في مَعصِيَةِ الخَالِقِ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 27 - 30].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يا بني اركب معنا
  • يعظكم لعلكم تذكرون (خطبة)
  • اركب معنا
  • يا بني.. أتعبتنا الحياة

مختارات من الشبكة

  • يا بني اركب معنا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا أحب الآفلين.. اركب معنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أول مرة أركب الطائرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أركب مع السائق وحدي رغما عني(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • تفسير: (أن أرسل معنا بني إسرائيل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث في فضل بناء المساجد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في بناء المساجد(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/1/1447هـ - الساعة: 0:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب