• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القران الكريم في أيدينا، فليكن في القلوب
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    مقام العبودية الحقة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الصدقات والطاعات سبب السعادة في الدنيا والآخرة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الخشوع المتخيل! الخشوع بين الأسطورة والواقع
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    الانقياد لأوامر الشرع (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الوقت في الكتاب والسنة ومكانته وحفظه وإدارته ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تفسير سورة العلق
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    النهي عن الوفاء بنذر المعصية
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الدرس السادس والعشرون: الزكاة
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخلاصة في تفسير آية الجلابيب وآية الزينة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    خطبة: وقفة محاسبة في زمن الفتن
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التبكير إلى صلاة الجمعة والتحذير من التخلف ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    مختصر رسالة إلى القضاة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    كيف أكون سعيدة؟
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

هل صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير وضوء؟

علي عيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/4/2013 ميلادي - 22/5/1434 هجري

الزيارات: 58438

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير وضوء؟‏


شغلَنا يومًا تساؤلٌ اضطرَّنا للبحث عنه، ومعرفة الرأي فيه، هو إذا كانت الصلاة ‏فُرِضتْ بمكة ليلة الإسراء، وفُرِض الوضوء والتيمم بالمدينة؛ نظرًا لأن سورة ‏النساء والمائدة مدنيتان نزَلتا بالمدينة، ولا شك أن بين فرض الصلاة وفرض ‏الوضوء زمنًا غير قليلٍ، فهل يُفهم من هذا أن المسلمين قد صلَّوا ولو صلاةً واحدة ‏بغير وضوءٍ؟!‏

 

قلت: جاء في كتاب "الإتقان"؛ للحافظ السيوطي، بابٌ نافع ومفيد لدارس القرآن ‏حول أحكام نزول القرآن، قوله - رحمه الله -: "النوع الثاني عشر: ما تأخَّر حُكمه ‏عن نزوله، وما تأخَّر نزوله عن حكمه".‏

 

قال الزركشي في "البرهان": "قد يكون النزول سابقًا على الحكم؛ كقوله: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 14، 15].

 

فقد روى ‏البيهقي وغيره عن ابن عمر: أنها نزلت في زكاة الفطر، وأخرج البزَّار نحوه ‏مرفوعًا، وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؛ لأن السورة مكيَّة، ولم يكن ‏بمكةَ عيد ولا زكاة ولا صوم، وأجاب البغوي بأنه يجوز أن يكون النزول سابقًا ‏على الحكم؛ كما قال: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1، 2].

 

فالسورة مكيَّة، وقد ظهر أثر الحِل يوم فتح مكة، حتى قال - ‏عليه السلام - أُحِلَّت لي ساعة من نهارٍ، وكذلك نزلت بمكة: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45].

 

قال عمر بن الخطاب: ‏فقلت: أيُّ جمعٍ؟ فلما كان يوم بدر وانهزَمت قريش، نظرَت إلى رسول الله - صلى الله ‏عليه وسلم - في آثارهم مُصْلِتًا بالسيف يقول: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45]، فكانت ليوم بدر؛ أخرَجه ‏الطبراني في الأوسط.

 

وكذلك قوله: ﴿ جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ ﴾ [ص: 11]، قال قتادة: "وعَده الله وهو يومئذٍ بمكة أنه سيَهزم ‏جندًا من المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر"؛ أخرجه ابن أبي حاتم.

 

ومثله أيضًا قوله ‏تعالى: ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ [سبأ: 49].

 

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله: ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ ﴾، قال: السيف، والآية ‏مكية متقدمة على فرْض القتال، ويؤيد تفسيرَ ابن مسعود ما أخرجه الشيخان من ‏حديثه أيضًا، قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح وحول الكعبة ‏ثلاثمائة وستون نُصُبًا، فجعل يَطعنها بعود كان في يده ويقول: ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81]، ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ [سبأ: 49].

 

وقال ابن ‏الحصَّار:

قد ذكر الله الزكاة في السور المكيَّات كثيرًا، تصريحًا وتعريضًا بأن الله سيُنجز ‏وعده لرسوله، ويُقيم دينه ويُظهره؛ حتى يَفرِض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع، ولم ‏تُؤخَذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلافٍ، وأورد من ذلك قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141]، وقوله في سورة ‏المزمل: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 43]، ومن ذلك قوله فيها: ﴿ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20]، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ [فصلت: 33].

 

فقد ‏قالت عائشة وابن عمر وعكرمة وجماعة: إنها نزَلت في المُؤذِّنين، والآيةُ مكية ولم ‏يُشرع الأذان إلا بالمدينة.

 

ومن أمثلة ما تأخَّر نزوله عن حكمه: آية الوضوء؛ ففي ‏صحيح البخاري عن عائشة، قالت: سقَطت قِلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، ‏فأناخَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزَل، فثنَى رأسه في حجري راقدًا، وأقبل أبو ‏بكر، فلكَزني لَكزةً شديدة، وقال: حبَست الناس في قِلادة، ثم إن النبي - صلى الله عليه ‏وسلم - استيقَظ وحضَرت الصُّبح، فالتمَس الماء، فلم يَجده، فنزلت: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6]. فالآية مدنية ‏إجماعًا وفرْض الوضوء كان بمكة مع فرْض الصلاة؛ قال ابن عبدالبر: معلوم عند ‏جميع أهل المغازي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلِّ منذ فُرِضت عليه الصلاة، إلا ‏بوضوءٍ، ولا يَدفع ذلك إلا جاهلٌ أو معاند.

 

وقال: والحكمة في نزول آية الوضوء مع ‏تقدُّم العمل به؛ ليكون فرضُه متلوًّا بالتنزيل.

 

وقال غيره: يُحتمل أن يكون أول الآية ‏نزل مقدَّمًا مع فرْض الوضوء، ثم نزَل بقيَّتها، وهو ذِكر التيمُّم في القصة.

 

قلت - أي: ‏السيوطي -: يردُّه الإجماع على أن الآية مدنية.

 

ومن أمثلته أيضًا: آية الجمعة؛ ‏فإنها مدنية، والجمعة فُرِضت بمكة، وقول ابن الفَرَس: إن إقامة الجمعة لم تكن ‏بمكة قطُّ، يردُّه ما أخرجه ابن ماجه عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، قال: كنت ‏قائد أبي حين ذهَب بصرُه، فكنت إذا خرَجت به إلى الجمعة، فسمِع الأذان، يَستغفر ‏لأبي أُمامة: أسعد بن زُرارة، فقلت: يا أبتاه، أرأيت صلاتك على أسعد بن زرارة كلما ‏سمِعت النداء بالجمعة، لِم هذا؟ قال: أيْ بُني، كان أول من صلَّى بنا الجمعة قبل ‏َمقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة.

 

ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ.... ﴾ [التوبة: 60] الآية، ‏فإنها نزلت سنة تِسعٍ، وقد فُرِضت الزكاة قبلها في أوائل الهجرة؛ قال ابن الحَصَّار: ‏فقد يكون مَصرفها قبل ذلك معلومًا، ولم يكن فيه قرآن مُتلوٌّ؛ كما كان الوضوء معلومًا ‏قبل نزول الآية، ثم نزَلت تلاوة القرآن به تأكيدًا. ‏

 

فهذا باب من أبواب العلم بالقرآن، يستفيد منه الطالب والمعلم - إن شاء الله.

 

وذلك ‏مُجمع عليه من العلماء؛ ففي صحيح البخاري، باب التيمُّم، أو كتاب التيمم، بدأ ‏البخاري بقوله: قول الله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾ [المائدة: 6].

 

حدَّثنا عبدالله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك عن ‏عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ‏خرَجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو ‏بذات الجيش، انقطع عِقد لي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الْتِماسه، ‏وأقام الناس معه وليسوا على ماءٍ، فأتى الناس إلى أبي بكر الصدِّيق، فقالوا: ألا ترى ما ‏صنَعتْ عائشة، أقامت برسول الله والناسِ وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ، فجاء ‏أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه على فَخِذي قد نام، فقال: حبَستِ ‏رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - والناس وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماء؟! فقالت ‏عائشة: فعاتَبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعَل يَطعُنني بيده في خاصِرتي، ‏فلا يَمنعني من التحرُّك إلا مكانُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على فَخِذي.

 

فقام ‏رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماءٍ، فأنزل الله آية التيمُّم، ‏فتيمَّموا، فقال أُسيد بن الحضير: ما هي بأوَّل بَركتكم يا آلَ أبي بكر، قالت: فبعَثْنا ‏البعير الذي كنت عليه، فأصَبت العِقد".

 

ففي هذا الحديث أنهم كانوا يتطهَّرون ‏للصلاة، بدليل التماسهم للماء، وذلك قبل نزول الآية، وهذا رأي الشرَّاح، ومنهم ‏ابن بطَّال الذي قال: "وفيه دليلٌ على أن الوضوء قد كان لازمًا لهم قبل ذلك، وأنهم ‏لم يكونوا يصلُّون بغير وضوءٍ قبل نزول آية التيمُّم، وفيه أن الذي طرَأ عليهم من ‏العلم في ذلك، حُكم التيمُّم لا حكم الوضوء، وذلك رِفْقٌ من الله تعالى بعباده، أن أباح ‏لهم التيمم بالصعيد الطيِّب عند عدم الماء؛ ولذلك قال أُسيد: ما هي بأوَّل بَركتكم".‏

 

قال أبو عبدالله القرطبي: الخامسة والثلاثون: لفظ التيمُّم، ذكَره الله تعالى في ‏كتابه في (البقرة)، وفي هذه السورة، و(المائدة)، والتي في هذه السورة (النساء) هي ‏آية التيمُّم، والله أعلم.

 

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: ه

ذه مُعضلة ما وجَدت ‏لدائها من دواءٍ عند أحدٍ، هما آيتان فيهما ذِكر التيمُّم: إحداهما في (النساء)، ‏والأخرى في (المائدة)، فلا نعلم أيَّة آيةٍ عنَت عائشة بقولها: "فأنزَل الله آية التيمُّم"، ثم قال: وحديثها يدلُّ على أن التيمم قبل ذلك لم يكن معلومًا ولا مفعولاً لهم.‏

 

قلتُ (أي: القرطبي):

أما قوله: فلا نعلم أيَّة آيةٍ عنَت عائشة، فهي هذه الآية ‏على ما ذكَرنا والله أعلم، وقوله: وحديثها يدل على أن التيمُّم قبل ذلك لم يكن ‏معلومًا ولا مفعولاً لهم، فصحيح ولا خلاف فيه بين أهل السِّيَر؛ لأنه معلوم أن ‏غُسل الجَنابة لم يُفترَض قبل الوضوء، كما أنه معلوم عند جميع أهل السير أن ‏النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ افتُرِضت عليه الصلاة بمكة، لم يُصلِّ إلا بوضوء مثل ‏وضوئنا اليوم، فدل على أن آية الوضوء إنما نزَلت؛ ليكون فرضها المُتقدِّم متلوًّا في ‏التنزيل، وفي قوله: "فنزَلت آية التيمم"، ولم يقل: آية الوضوء - ما يُبيِّن أن الذي طرأ ‏لهم من العلم في ذلك الوقت، حُكمُ التيمُّم، لا حكم الوضوء، وهذا لا إشكالَ فيه.‏

 

وهذا الذي ذكره القرطبي لا خلاف عليه بين أكابر العلماء والمفسرين، وإذا كانت ‏هناك روايات تقرِّر سبْق فرضية الصلاة على المعراج، فلا يمنع أن يكون الوضوء ‏سابقًا على فرْضه بنزول الآيات بالمدينة؛ يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ‏‏"خاتم النبيين": "عندما نزل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر: 1 - 7]، كان التكليف لتبليغ الرسالة ‏والدعوة إلى أمر الله ودينه، ولا دينَ بغير صلاة، بل لا بد لكل دين من صلاة؛ لأنه ‏لا بد لكل دينٍ من عبادة، ولا عبادةَ من غير الصلاة، فهي عمود الدين، ورُكنه ‏الركين؛ ولذلك اقترَن التبليغ بفرضية الصلاة اقترانًا زمنيًّا؛ لأن الصلاة مقترنة بكل دينٍ ‏اقترانًا عمليًّا.‏

 

ولقد قال الرُّواة: إن الصلاة فُرِضت ركعتين بمجرَّد البعثة المحمدية، وكانت تُصلَّى ‏مرتين، أُولاهما في الصباح، والثانية في المساء، وفُرِضت ركعتين في كلٍّ منهما، ولقد ‏قال في ذلك المُزني من أصحاب الشافعي - رضي الله عنه -: إن الصلاة كانت مفروضة ‏قبل الإسراء، كانت صلاةً قبل غروب الشمس، وصلاةً قبل طلوعها، ويشهد لهذا ‏قول الله تعالى: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [غافر: 55].‏

 

ولقد قالت عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - فيما رواه ابن أُختها عُروة بن الزبير: فُرِضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم أيَّد الله تعالى أنها في الحضَر أربع، وأقرَّها ‏على فرْضها في السفر ركعتين، وبهذا يتبيَّن أن الصلاة كانت مفروضة من أول ‏الإسلام، وظاهر المَروي أنها فُرِضت ركعتين، وفي وقتين اثنين، وهما في العَشي ‏والإبكار، قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.‏

 

هذا هو المفروض على الكافة ممن يُسلمون، أما التطوع، فبابه مفتوح، والنبي مأمور ‏بكثرة الصلاة، وقد قال تعالى مشيرًا إلى طلب الصلاة الكثيرة من النبي - صلى الله ‏عليه وسلم -: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 7]. ‏

 

وذكَر الرواة أن جبريل رُوح القُدُس، هو الذي علَّم النبي - عليه السلام - الوضوء، فقد ‏ذكروا أن جبريل - عليه السلام - نزَل عليه، وهو بأعلى مكة، فهمَز له بعقبه في ناحية ‏الوادي، فنبَع الماء، فتوضَّأ جبريل، وعلَّم النبي - عليه السلام - بذلك الوضوء قبل ‏الصلاة.‏

 

وقد روى كُتَّاب السيرة ذلك الخبر بسند غير متَّصلٍ، ولكن رُوي متَّصلاً عن زيد بن ‏حارثة - رضي الله عنه.‏

 

وبهذا يتبيَّن أن الوضوء فُرِض لكل صلاة، وكانت فرضيَّته وهو - عليه السلام - بمكة، ‏وقد استمرَّ من بعد ذلك، وكان والصلاة ركعتان، واستمرَّ وقد صارت أربعًا في الظهر ‏والعصر والعشاء، وثلاثًا في المغرب، وركعتان في الصُّبح، وذلك غير السُّنن على ما ‏هو مُبيَّن في فقه العبادات.‏

 

وفي كتاب "معاني القرآن" للفرَّاء حول تفسير قوله تعالى: ﴿ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 2] يريد: الثُّلث ‏الآخر، ثم قال: نِصفه، والمعنى: أو نصفه، ثم رخَّص له، فقال: ﴿ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 3] من النصف إلى ‏الثُّلث، أو زِدْ على النصف إلى الثُّلثين، وكان هذا قبل أن تُفرض الصلوات الخمس، ‏فلما فُرِضت الصلاة، نسَخت هذا، كما نسَخت الزكاةُ كلَّ صدقة، وشهرُ رمضان كلَّ ‏صوم؛ انتهى.

 

هذا، وبالله التوفيق.‏





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوضوء؛ أحكامه وفضله
  • الوضوء.. فضله وأحكامه
  • مسائل فى الوضوء
  • ملخص أحكام الوضوء من تمام المنة

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانة أتباعه في شعر الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • النبي معلما (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا؟ ولماذا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علاقة محمد صلى الله عليه وسلم، بجبريل عليه السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقدار القراءة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)

 


تعليقات الزوار
1- تعقيب
غزوان الحيالي ابو يوسف - العراق 04-03-2015 02:40 PM

جاء في الخبر من قصة إسلام الفاروق عمر .. أن فاطمة بنت الخطاب وسعيد بن زيد أمروا عمر أن يغتسل قبل أن يمس القرآن ( الصحيفة ) ليقرأ ما فيها . والتطهر للصلاة من باب أولى .... والله اعلم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/12/1446هـ - الساعة: 10:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب