• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حكم كتابة اسم الميت وتاريخ وفاته على قبره

حكم كتابة اسم الميت وتاريخ وفاته على قبره
عبدالله بن عبده نعمان العواضي


تاريخ الإضافة: 30/8/2022 ميلادي - 2/2/1444 هجري

الزيارات: 71313

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حكم كتابة اسم الميت وتاريخ وفاته على قبره

 

إن من المظاهر التي غدت في مرأى الناس في عصرنا وقبله أن نرى على كثير من القبور كتابةَ اسمِ الميت وتاريخ وفاته، ونقش آيات من القرآن، والدعاء له، وذِكْرِ بيت أو أبيات شعرية، وذلك إما على حجر من رخام، وإما على الإسمنت قبل أن يجف.

 

فما حكم هذا في الشريعة الإسلامية؟

سنبين - بعون الله - حكمَ كتابة الاسم وتاريخ الوفاة على القبر، وسنُعرِّج على بقية الأمور في أثناء البحث.

 

اختلف العلماء حكم كتابة اسم الميت وتاريخ وفاته على قبره إلى خمسة أقوال:

القول الأول: كراهة الكتابة على القبر مطلقًا.

وهذا مذهب جمهور العلماء، ومنهم: المالكية والشافعية والحنابلة، وأبو يوسف من الحنفية.

 

وهذه أقوالهم:

1- قال الحطاب الرعيني (المتوفى: 954هـ): "وكرَّه ابن القاسم أن يجعل على القبر بلاطة ويُكتب فيها، ولم يرَ بأسًا بالحجر والعود والخشبة ما لم يُكتب في ذلك؛ يعرف الرجل قبر وليه، وقال ابن رشد: كره مالك البناء على القبر، وأن يجعل عليه البلاطة المكتوبة؛ لأن ذلك من البدع التي أحدثها أهل الطول من إرادة الفخر والمباهاة والسمعة، وذلك مما لا اختلاف في كراهته؛ [انتهى]، وقال ابن العربي في العارضة: وأما الكتابة عليها فأمرٌ قد عمَّ الأرض، وإن كان النهي قد ورد عنه، ولكنه لما لم يكن من طريق صحيح تسامح الناس فيه، وليس له فائدة إلا التعليم للقبر لئلا يدثر"[1].

 

وقال خليل (المتوفى: 776هـ): "وجاز للتمييز: كحجر أو خشبة بلا نقش"[2].

 

قال شارحه عليش (المتوفى: 1299هـ): "(بلا نقش) لاسمه أو تاريخ موته على الحجر أو الخشبة، وإلا كُرِّه، وإن بُوهي به حُرم، وينبغي حرمة نقش القرآن، وأسماء الله تعالى مطلقًا؛ لتأديته إلى الامتهان"[3].

 

وقال الدردير (المتوفى: 1201ه): "النقش مكروه، ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه"[4].

 

وقال النووي (المتوفى: 676هـ): "ويكره تجصيص القبر والكتابة والبناء عليه"[5].

 

وقال أيضًا: "قال الشافعي والأصحاب: يكره أن يجصص القبر، وأن يُكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك، وأن يُبنى عليه، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال مالك وأحمد وداود، وجماهير العلماء... قال أصحابنا: وسواء كان المكتوب على القبر في لوح عند رأسه كما جرت عادة بعض الناس، أم في غيره، فكله مكروه؛ لعموم الحديث"[6].

 

وقال ابن قدامة (المتوفى: 620هـ): "ويُكره البناء على القبر وتجصيصه والكتابة عليه"[7].

 

وقال ابن مفلح (المتوفى: 763هـ): "وتُكره الكتابة عليه"[8].

 

وقال العيني (المتوفى: 855هـ): "وكرَّه أبو يوسف أن يُكتب عليه"[9].

 

وهو ظاهر عبارات بعض الحنفية من غير تقييد بالحاجة:

قال السُّغْدي (المتوفى: 461هـ): "وأما المكروه: فأولها تربيع القبر... والرابع: أن يُنقش عليه، والخامس: أن يُكتب عليه اسم صاحبه"[10].

 

حجة هذا القول:

واستدلوا على ذلك بحديث جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ))[11].

 

وزاد النسائي[12]، وأبو داود[13]، والترمذي[14]، والحاكم [15]، والبيهقي[16]: ((أَوْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ))، وهي زيادة صحيحة، على الراجح[17].

 

قال الجزيري (المتوفى: 1360هـ): "فهذه نصوص المذاهب الرابعة، فلعل الناس يرجعون إلى دينهم ويتركون التفاخر بكتابة النقوش المذهبة، ونحوها على القبور؛ فإن المقام مقام عظة واعتبار، لا مقام مباهاة وافتخار"[18].

 

القول الثاني: كراهة كتابة ذلك إلا إن احتيج إليها.

وهذا قول الحنفية، والسبكي من الشافعية.

 

قال ابن نجيم (المتوفى: 970هـ): "وفي الظهيرية: ولو وضع عليه شيء من الأشجار أو كُتب عليه شيء فلا بأس به عند البعض؛ ا.هـ، والحديث المتقدم يمنع الكتابة، فليكن المعول عليه، لكن فصل في المحيط فقال: وإن احتيج إلى الكتابة حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن، فلا بأس به، فأما الكتابة من غير عذر فلا؛ ا.هـ"[19].

 

وقال الزيلعي (المتوفى: 743 هـ): "لا بأس بالكتابة أو وضع الحجر؛ ليكون علامة"[20].

 

وقال العيني: "وفي (قاضي خان): ولا بأس بكتابة شيء، أو بوضع الأحجار؛ ليكون علامة، وفي (المحيط): لا بأس بالكتابة عند العذر"[21].

 

وقال حسن بن عمار (المتوفى: 1069هـ): "ولا بأس بالكتابة عليه لئلا يذهب الأثر ولا يمتهن"[22].

 

وقال ابن عابدين (المتوفى: 1252هـ) معللًا: "لأن النهي عنها - وإن صح - فقد وجد الإجماع العملي بها، فقد أخرج الحاكم النهي عنها من طرق، ثم قال: هذه الأسانيد صحيحة وليس العمل عليها؛ فإن أئمة المسلمين من المشرق إلى المغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف"[23].

 

وقال ابن حجر الهيتمي (المتوفى: 974هـ): "وبحث السبكي والأذرعي تقييد ذلك بالقدر الزائد عما يحصل به الإعلام بالميت، وعبارة السبكي: وسيأتي قريبًا أنَّ وضعَ شيء يُعرف به القبر مستحب، فإذا كانت الكتابة طريقًا فيه فينبغي ألَّا تكره إذا كتب بقدر الحاجة إلى الإعلام.

 

وعبارة الأذرعي: وأما الكتابة فمكروهة، سواء كان المكتوب اسم الميت على لوح عند رأسه أو غيره، هكذا أطلقوه، والقياس الظاهر تحريم كتابة القرآن سواء في ذلك جميع جوانبه؛ لما فيه من تعريضه للأذى بالدوس والنجاسة، والتلويث بصديد الموتى عند تكرار النبش في المقبرة المسبلة، وأما غيره من النظم والنثر، فيحتمل الكراهة والتحريم للنهي، وأما كتابة اسم الميت فقد قالوا: إن وضع ما يُعرف به القبور مستحب، فإذا كان ذلك طريقًا في ذلك فيظهر استحبابه بقدر الحاجة إلى الإعلام بلا كراهة، ولا سيما قبور الأولياء والصالحين فإنها لا تعرف إلا بذلك عند تطاول السنين، ثم ذكر ما مرَّ عن الحاكم، وقال عقبه: فإن أراد كتابة اسم الميت للتعريف فظاهر، ويحمل النهي على ما قصد به المباهاة والزينة والصفات الكاذبة، أو كتابة القرآن وغير ذلك؛ ا.هـ.

 

وما بحثه السبكي من عدم الكراهة في كتابة اسم الميت للتعريف، والأذرعي من استحبابها ظاهرٌ إن تعذر تمييزه إلا بها، لو كان عالمًا أو صالحًا، وخُشِيَ من طول السنين اندراسُ قبره والجهل به لو لم يكتب اسمه على قبره، ويُحمل النهي على غير ذلك؛ لأنه يجوز أن يُستنبط من النص معنى يخصصه، وهو هنا الحاجة إلى التمييز، فهو بالقياس على ندب وضع شيء يُعرف به القبر، بل هو داخل فيه أو إلى بقاء ذكر هذا العالم أو الصالح؛ ليكثر الترحم عليه أو عود بركته على من زاره[24]، وما ذكره الأذرعي من تحريم كتابة القرآن قريب، وإن كان الدَّوس والنجاسة غير محققين؛ لأنهما وإن لم يكونا محققين في الحال هما محققان في الاستقبال بمقتضى العادة المطردة من نبش تلك المقبرة واندراس هذا القبر.

 

ويلحق بالقرآن في ذلك كل اسم معظَّم بخلاف غيره من النظم والنثر؛ فإنه مكروه لا حرام، وإن تردد فيه، وقوله: ويحمل النهي...؛ إلخ، قد علمت أنه تارة يُحمل على الكراهة، وتارة يُحمل على الحرمة، وهو ما لو كتب القرآن أو اسمًا معظمًا دون غيرهما، وإن قصد المباهاة والزينة"[25].

 

حجة هذا القول:

عَنِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: ((لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي))[26].

 

قال ابن عابدين معلقًا على هذا الحديث عقب كلامه السالف الذكر: "فإن الكتابة طريق إلى تعرُّف القبر بها، نعم، يظهر أن محل هذا الإجماع العملي على الرخصة فيها ما إذا كانت الحاجة داعية إليه في الجملة كما أشار إليه في المحيط بقوله: وإن احتيج إلى الكتابة، حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن فلا بأس به، فأما الكتابة بغير عذر فلا؛ ا.هـ، حتى إنه يُكرَه كتابة شيء عليه من القرآن أو الشعر أو إطراء مدح له ونحو ذلك؛ حلية ملخصًا.

 

قلت: لكن نازع بعض المحققين من الشافعية في هذا الإجماع بأنه أكثري، وإن سلِم فمحل حجيته عند صلاح الأزمنة بحيث ينفذ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تعطل ذلك منذ أزمنة؛ ألا ترى أن البناء على قبورهم في المقابر المسبلة أكثر من الكتابة عليها كما هو مشاهد، وقد علموا بالنهي عنه فكذا الكتابة؛ ا.هـ؛ فالأحسن التمسك بما يفيد حمل النهي على عدم الحاجة كما مر"[27].

 

القول الثالث: تحريم الكتابة مطلقًا.

وقال بهذا بعض العلماء؛ منهم: محمد بن الحسن الشيباني، والذهبي، والشوكاني، والسندي، وظاهر قول العراقي، وقول ابن الحاج المالكي، وابن باز، واللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة:

• قال الألباني (المتوفى: 1420هـ): "وأما الكتابة، فظاهر الحديث تحريمها، وهو ظاهر كلام الإمام محمد"[28].

 

• وقال الحاكم (المتوفى: 405ه) عقب حديث جابر السابق: "هذه الأسانيد صحيحة، وليس العمل عليها؛ فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف"[29].

 

عقب عليه الذهبي (المتوفى: 748هـ) قائلًا: "قلت: ما قلت طائلًا، ولا نعلم صحابيًّا فعل ذلك، وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم ولم يبلغهم النهي"[30].

 

• وقال الشوكاني (المتوفى: 1250هـ): "قوله: ((وأن يُكتب عليها)) فيه تحريم الكتابة على القبور، وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيرها، وقد استثنت الهادوية رسم الاسم فجوَّزوه لا على وجه الزخرفة؛ قياسًا على وضعه صلى الله عليه وسلم الحجر على قبر عثمان كما تقدم، وهو من التخصيص بالقياس، وقد قال به الجمهور، لا أنه قياس في مقابلة النص كما قال: في ضوء النهار، ولكن الشأن في صحة هذا القياس"[31].

 

قال الألباني معلقًا على هذا: "والذي أراه - والله أعلم - أن القول بصحة هذا القياس على إطلاقه بعيد"[32].

 

• وقال السيوطي (المتوفى: 911ه) عند حديث جابر: "قال العراقي: يُحتمل أن المراد مطلق الكتابة كتابة اسم صاحب القبر عليه أو تاريخ وفاته، أو المراد كتابة شيء من القرآن، وأسماء الله تعالى للتبرك؛ لاحتمال أن يوطأ أو يسقط على الأرض فيصير تحت الأرجل"[33].

 

• ونقل كلامَ العراقي (المتوفى: 806هـ) السنديُّ (المتوفى: 1138هـ)، بدون نسبة[34].

 

وقال ابن الحاج (المتوفى: 737هـ): "وليحذر مما يفعله بعضهم من نقش اسم الميت وتاريخ موته على القبر، سواء كان ذلك عند رأس الميت في الحجر المعلَّم به قبره، وإن كان الحجر من السُّنة على الصفة المتقدمة، أو كان النقش على البناء الذي اعتادوه على القبر، مع كون البناء على القبر ممنوعًا كما تقدم، أو كان في بلاطة منقوشة أو في لوح من خشب، وأشد من ذلك أن يكون على عمود كان رخًاما أو غيره، والرخام أشد كراهة، وكذلك لو كان العمود من خشب فيُمنع أيضًا، ثم انظر - رحمنا الله وإياك - إلى البدعة كيف تجر إلى المحرم؛ ألا ترى أن بعضهم لما أن ارتكب بدعة النقش، وفي ذلك آيات من القرآن واحتوت مع ذلك على اسم من أسماء الله تعالى، أو على اسم النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك مما له حرمة في الشرع الشريف، ثم تندثر تلك التربة ويندثر أهلها ومعارفها فيقع ذلك في الأرض إن سلم من السرقة، وقد يبيعه السارق لمن يجعله في مواضع لا تليق به؛ مثل: عتبة باب أو في موضع مرحاض، ويجعل ناحية الكتابة إلى الأرض إن كان مسلمًا، ولا يشعر بما عليه من الإثم فيه، وأما إن باعه لنصراني أو يهودي فذلك أعظم؛ لأنهم يقصدون امتهان ما تعظمه الشريعة المطهرة المحمدية، وإن سلم من السرقة فيبقى موطوءًا بالأقدام ممتهنًا حتى كأنه لا حرمة له، وذلك ممنوع في الشرع الشريف، فليحذر من ذلك جهده"[35].

 

وقال ابن باز (المتوفى: 1420هـ): "لا يجوز أن يُكتب على قبر الميت لا آيات قرآنية ولا غيرها، لا في حديدة ولا في لوح ولا في غيرهما؛ لِما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم: ((نهى أن يُجصَّص القبر، وأن يُقعد عليه، وأن يُبنى عليه))؛ [رواه الإمام مسلم في صحيحه، زاد الترمذي والنسائي بإسناد صحيح: ((وأن يُكتب عليه))]"[36].

 

وقال أيضًا: "وهكذا لا تجوز الكتابة على القبور ولا البناء عليها ولا تجصيصها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك"[37].

 

وقال كذلك: "الكتابة على القبور منهيٌّ عنها ولا تجوز؛ لما يُخشى في ذلك من الفتنة لبعض من يكتب على قبره"[38].

 

• وقالت اللجنة الدائمة: "وتحرم كتابة آية أو آيات من القرآن أو جملة منه على جدران القبور؛ لما في ذلك من امتهان القرآن وانتهاك حرمته، واستعماله في غير ما أُنزل من أجله، من التعبد بتلاوته، وتدبره، واستنباط الأحكام منه، والتحاكم إليه، كما تحرم الكتابة على القبور مطلقًا ولو غير القرآن؛ لعموم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكتابة عليها"[39].

 

وقالوا كذلك: "لا يجوز الكتابة على القبور؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولأن الكتابة عليها وسيلة إلى الشرك؛ لأن ذلك يدعو إلى تعظيمها والغلو فيها، واعتقاد أنها تنفع وتضر من دون الله"[40].

 

وقالوا أيضًا: "وأما وضع الأرقام على القبور فلا يجوز؛ لأنه من الكتابة على القبور التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم"[41].

 

ويمكن تلخيص عِللَ هذا القول بالتحريم في الآتي:

أ‌- نهي رسول الله عن الكتابة، وهو نهي عام غير مقيد.

 

ب‌- الكتابة إعلام بالمقبور - خاصة إذا كان عالمًا أو صالحًا - وهذا قد يكون ذريعة لتعظيم المقبور وحصول الشرك والبدع عند قبره.

 

ج- امتهان القرآن وانتهاك حرمته.

 

القول الرابع: عدم الكراهة مطلقًا.

وهذا قول ابن حزم (المتوفى: 456ه)؛ حيث قال: "ولا يحل أن يُبنى القبر، ولا أن يُجصص، ولا أن يُزاد على ترابه شيء، ويُهدم كل ذلك، فإن بُني عليه بيت أو قائم، لم يُكره ذلك، وكذلك لو نُقش اسمه في حجر، لم نكره ذلك"[42].

 

القول الخامس: استحباب الكتابة على القبر إذا كان لا يُعرف إلا بذلك.

وهذا قول الأذرعي (المتوفى: 783ه) من الشافعية، فقد نقل عنه ابن حجر الهيتمي قوله: "وأما كتابة اسم الميت، فقد قالوا: إن وضع ما يعرف به القبور مستحب، فإذا كان ذلك طريقًا في ذلك فيظهر استحبابه بقدر الحاجة إلى الإعلام بلا كراهة، ولا سيما قبور الأولياء والصالحين؛ فإنها لا تُعرَف إلا بذلك عند تطاول السنين"[43].

 

الخلاصة:

مما يتقدم يتبين لنا الآتي:

1- أن كتابة غير اسم الميت ككتابة آيات قرآنية، أو أبيات شعرية، مما اتفق هؤلاء الأعلام رحمهم الله على المنع منه؛ تحريمًا أو كراهة.

 

ففي زماننا كثيرًا ما نجد على القبور كتابة سورة الفاتحة، أو قوله تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].

 

وفي الأزمنة السالفة أيام عز العربية وكثرة الأدب في أهلها كان يكثر كتابة القصائد والأبيات على القبور، وقد ذكرت طرفًا صالحًا مما دونته كتب الأدب في كتابي "فصول أدبية"[44].

 

2- أن حكم كتابة اسم الميت قد اختلف فيه الفقهاء إلى: التحريم مطلقًا، عدم الكراهة مطلقًا، الكراهة مطلقًا، الجواز للحاجة، الاستحباب.

 

3- الذين جوزوا كتابة الاسم للحاجة قيدوا ذلك بما ليس فيه مباهاة ولا إسراف.

 

الترجيح:

والذي يبدو راجحًا - والله أعلم - أن الكتابة على القبر إذا كانت لحاجة؛ ككثرة القبور وإرادة معرفة صاحب القبر، فإنها تجوز؛ استدلالًا بقصة قبر عثمان بن مظعون.

 

وأما إذا كانت الكتابة لغير حاجة؛ ككتابة آيات قرآنية أو شعر رثاء، أو مدح شعري أو نثري، أو غير ذلك فلا تجوز؛ استدلالًا بحديث جابر.

 

وأما إذا كان يُخشى من معرفة صاحب القبر بالكتابة عليه أن يُستغاث ويتبرك به؛ لصلاحه أو علمه، فالصواب ترك الكتابة على قبره، بل لو أُخفي قبره جملة فلا يدرى أين هو، لكان أولى؛ كما صنع بعض السلف بقبور بعض الأنبياء وبعض الصحابة وبعض الصالحين.

والعلم عند الله تعالى.

 

والقول بجواز كتابة اسم الميت وتاريخ وفاته إذا أُمِنَتِ الفتنة، وليس فيه مغالاة، رجحه بعض أهل العلم؛ ومنهم: ابن سعدي، وابن عثيمين والألباني، ودار الإفتاء المصرية بإجابة الشيخ: عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر.

 

قال ابن عثيمين (المتوفى: 1421هـ): "قوله: (والكتابة)؛ أي: على القبر، سواء كُتب على الحجر المنصوب عليه، أو كُتب على نفس القبر؛ لأن ذلك يؤدي إلى تعظيمه، وتعظيم القبور يخشى أن يوصل صاحبه إلى الشرك.

 

وظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أن الكتابة مكروهة، ولو كانت بقدر الحاجة؛ أي: حاجة بيان صاحب القبر؛ درءًا للمفسدة.

 

وقال شيخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله: "المراد بالكتابة: ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من كتابات المدح والثناء؛ لأن هذه هي التي يكون بها المحظور، أما التي بقدر الإعلام، فإنها لا تكره"[45].

 

وقال أيضًا: "الصحيح: جواز كتابة الاسم، كما اختاره شيخنا عبدالرحمن السعدي، وعندنا قبور مكتوب عليها أسماء المقبورين ولم يقع فيها غلو"[46].

 

وقال كذلك: "وأما الكتابة عليه فقد نهى النبي عليه السلام عن الكتابة على القبر، لكن بعض أهل العلم خفف فيما إذا كانت الكتابة لمجرد الإعلام فقط، ليس فيها مدح ولا ثناء، وحُمل النهي على الكتابة التي يكون فيها تعظيم لصاحب القبر، وقال بدليل أنه - أي: النهي عن الكتابة - قُرِن بالنهي عن تجصيص القبور والبناء عليها"[47].

 

وقال الألباني عقب كلام الشوكاني السابق: "والذي أراه - والله أعلم - أن القول بصحة هذا القياس على إطلاقه بعيد، والصواب تقييده بما إذا كان الحجر لا يحقق الغاية التي من أجلها وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر؛ ألا وهي التعرف عليه، وذلك بسبب كثرة القبور مثلًا وكثرة الأحجار المعرفة، فحينئذٍ يجوز كتابة الاسم بقدر ما تتحقق به الغاية المذكورة، والله أعلم"[48].

 

وقالت دار الإفتاء المصرية بفتوى الشيخ صقر: "وكل ذلك يعتمد فيه إلى حد كبير على النية الباعثة للكتابة، فإن كانت لمجرد التعرف على صاحب القبر فلا بأس بذلك مطلقًا"[49].

 

والله أعلم.



[1] مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 247).

[2] مختصر خليل (ص: 51).

[3] منح الجليل شرح مختصر خليل (1/ 517).

[4] الشرح الكبير للشيخ الدردير (1/ 425).

[5] روضة الطالبين (2/ 136).

[6] المجموع شرح المهذب (5/ 298).

[7] المغني (2/ 382).

[8] الفروع وتصحيح الفروع (3/ 380).

[9] البناية شرح الهداية (3/ 259).

[10] النتف في الفتاوى للسغدي (1/ 130).

[11] رواه مسلم (970).

[12] (2165).

[13] (3226).

[14] (1052).

[15] (1369).

[16] (6763).

[17] قال الألباني: "صحح إسنادها - أي: الحاكم - ووافقه الذهبي، وأعلها المنذري (4/ 341) وغيره بالانقطاع بين سليمان بن موسى وجابر، لكن هذا بالنظر لطريق أبي داود وغيره، وإلا فقد أخرجها الحاكم من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، وهذا سند على شرط مسلم، وقد صرح ابن جريج عنده بسماعه من أبي الزبير وهذا من جابر، فزال بذلك شبهة تدليسهما"؛ [أحكام الجنائز (1/ 204)].

[18] الفقه على المذاهب الأربعة (1/ 486).

[19] البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (2/ 209).

[20] تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/ 246).

[21] البناية شرح الهداية (3/ 259).

[22] مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص: 226).

[23] الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (2/ 237).

[24] المقبور هو الذي ينتفع بالزائر بدعائه وترحمه عليه، وأما انتفاع الحي بالميت ببركة أو غيرها فهذا غير صحيح، ولسنا بصدد تفصيل هذه المسألة.

[25] الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 12).

[26] رواه أبو داود (3206)، والبيهقي في الكبرى والصغرى (6744) (1121)، وحسنه النووي وابن الملقن وابن حجر والألباني، خلاصة الأحكام (2/ 1010)، البدر المنير (5/ 325)، التلخيص الحبير (2/ 307)، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 161).

[27] الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (2/ 237).

[28] أحكام الجنائز (1/ 206).

[29] المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 525).

[30] مختصر تلخيص الذهبي (1/ 291).

[31] نيل الأوطار (4/ 104).

[32] أحكام الجنائز (1/ 206).

[33] حاشية السيوطي على سنن النسائي (4/ 87).

[34] حاشية السندي على سنن النسائي (4/ 87).

[35] المدخل لابن الحاج (3/ 272).

[36] مجموع فتاوى ابن باز (4/ 337).

[37] مجموع فتاوى ابن باز (13/ 317).

[38] مجموع فتاوى ابن باز (13/ 200).

[39] فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (9/ 106).

[40] فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (7/ 355).

[41] فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (7/ 364).

[42] المحلى بالآثار (3/ 356).

[43] الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 12).

[44] (ص: 358).

[45] الشرح الممتع على زاد المستقنع (5/ 366).

[46] الكنز الثمين في سؤالات ابن سنيد لابن عثيمين (ص: 72).

[47] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (17/ 189).

[48] أحكام الجنائز (1/ 206).

[49] فتاوى دار الإفتاء المصرية (8/ 278).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • ماهية عمليات الكتابة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صناعة الكتابة: فوائد مهمة وتوجيهات نافعة في كتابة الرسائل وتأليف الكتب (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتابة في الكتابة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حلية الأطفال في الكتابة: الجزء الأخير (دروس مهمة للرقي بمستوى الكتابة بخط النسخ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حلية الأطفال في الكتابة: الجزء الثاني (تعلم كتابة حروف الهجاء مركبة بخط النسخ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حلية الأطفال في الكتابة: الجزء الأول (تعلم كتابة حروف الهجاء مفردة) بخط النسخ (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدعوة بالكتابة (وسيلة الكتابة الدعوية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكتابة الكونية والكتابة الشرعية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دعوة للمشاركة وإثراء الإنترنت والألوكة بكتابات تفنيد للكتابات الهدامة(مقالة - ملفات خاصة)
  • التصالح مع الكتابة (نقد الكتابات الحداثية)(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب